الخميس، 4 مايو 2023

معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا الجُزْءُ الخامس

معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا ( -395)

الجُزْءُ الخامس

كتاب القاف:

(باب القاف وما بعدها في الثلاثي الذي يقال له المضاعف والمطابق)

ـ (باب القاف واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والألف وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب القاف والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)‏

كتاب الكاف:

ـ (باب الكاف وما بعدها في الثنائي أو المطابق)‏

ـ (باب الكاف واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والألف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الكاف والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)‏

كتاب اللاّم:

ـ (باب اللام وما بعدها في المضاعف والمطابق( ))‏

ـ (باب اللام والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والألف وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والباء وما يثلثهما)‏

- (باب اللام والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب اللام والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله لام)‏

كتاب الميم:

ـ (باب الميم وما بعدها في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب الميم والنون وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب المبم والياء ومايثلثهما)‏

ـ (باب الميم والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والذال وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب الميم واللام وما يثلثهما)‏

ـ (باب ماجاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم)‏

كتاب النون:

ـ (باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق)‏

ـ (باب النون والهاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والواو وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والياء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والهمزة وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والباء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والتاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والثاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والجيم وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والحاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والخاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والدال وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والراء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والزاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والسين وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والشين وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والصاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والضاد وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والطاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والظاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والعين وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والغين وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والفاء وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والقاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والكاف وما يثلثهما)‏

ـ (باب النون والميم وما يثلثهما)‏

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون)‏

مراجع التحقيق والضبط‏

 

كتاب القاف :

ـ (باب القاف وما بعدها في الثلاثي الذي يقال له المضاعف والمطابق)

(قل)  القاف واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على نَزَارة الشيء، والآخرُ على خلاف الاستقرارِ، وهو الانزعاج.

فالأوَّل قولهم: قلَّ الشَّيءُ يقلُّ قلَّة فهو قليل، والقُلُّ: القِلَّة، وذلك كالذُّل والذِّلّة. وفي الحديثِ في الرِّبا: "إنْ كَثُرَ فإنَّه إلى قُلٍّ". وأمَّا القُلََّة التي جاءت في الحديث([1])، فيقولون: إن القُلَّة ما أقلَّهُ الإنسان من جَرّةٍ أو حُبٍّ، وليس في ذلك عند أهل اللُّغة حدٌّ محدود قال:

فَظَلِلْنا بنَعْمةٍ واتّكأْنا *** وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ([2])

ويقال: استقلَّ القومُ، إذا مضَوا لمسيرِهم، وذلك من الإقلال أيضاً، كأنهم استخفُّوا السَّير واستقلُّوه. والمعنى في ذلك كلِّه واحد. وقولنا في القُلَّة ما أقلَّه الإنسان فهو من القِلَّة أيضاً، لأنَّه يقلُّ عنده.

وأمّا الأصل الآخَر فقال: تَقَلقلَ الرَّجُل وغيرُه، إذا لم يثبُتْ في مكانٍ. وتقلقَل المِسمارُ: قَلِقَ في موضعه. ومنه فرسٌ قُلقُلٌ: سريع. ومنه قولهم: أخَذَه قِلٌّ من الغضب، وهو شِبه الرِّعْدة.

(قم)  القاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على جَمع الشيء. من ذلك: قَمْقَمَ الله عَصَبه، أي* جَمَعه، والقَمْقام: البحر، لأنَّه مُجتَمَع للماء. والقَمقام: العدد الكثير، ثمَّ يشبَّه به السيِّد الجامع لِلسِّيادة الواسعُ الخير.

ومن ذلك قُمَّ البيتُ، أي كُنِس. والقُمَامة: ما يُكنَس؛ وهو يُجمَع. ويقال من هذا: أقمَّ الفَحلُ الإبلَ، إذا ألقَحَها كلَّها. ومِقَمَّة الشّاة: مِرَمَّتها([3])، وسميِّت بذلك لأنها تقمُّ بها النَّباتَ في فيها. ويقال لأعلى كلِّ شيءٍ: القِمَّة، وذلك لأنَّه مُجتَمعُه الذي به قِوَامُه.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَمقام: صغار القِرْدان.

(قن)  القاف والنون بابٌ لم يُوضَع على قياسٍ، وكلماتُه متباينة. فمن كلماته القِِنُّ، وهو العَبْد الذي مُلِك هو وأبوه. والقُنَّة: أعلَى الجبل. والقُنَان: رِيح الإبِطِ أشَدَّ ما يكون([4]). والقُناقِن: الدليل الهادي، البصيرُ بالماء تحتَ الأرض، والجمع قَنَاقِن([5]).

(قه)  القاف والهاء ليس فيه إلا حكاية القَهْقَهة: الإغراب في الضحك. يقال: قَهٌّ وقهقَهةٌ، وقد يخفَّف. قال:

* فهنَّ في تَهَانُفٍ وفي قَهِ([6]) *

ويقولون: القَهقهة: قَرَبُ الوِرد([7]).

(قب)  القاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك القُبَّة، وهي معروفة، وسمِّيت لتجمُّعها. والقَبقَب: البطن، لأنَّه مُجتَمع الطَّعام. والقَبُّ في البَكَرة([8]). وأمَّا قولُهم: إنَّ القَبَب: دِقَّة الخَصْرِ فإنما معناه تجمُّعُه حتَّى يُرَى أنّه دقيق. وكذلك الخيلُ القُبّ: هي الضَّوامر، وليس ذلك [إلاَّ] لذهابِ لُحُومِها والصَّلابةِ التي فيها. وأمَّا القابّة فقال ابن السِّكِّيت: القَابّة: القَطْرة من المَطَر. قال: وكان الأصمعيّ يصحِّف ويقول: هي الرَّعد. والذي قاله ابنُ السِّكيت أصحُّ وأقْيَس؛ لأنَّها تَقُبُّ التُّرْبَ أي تجمعه.

ومما شذَّ عن هذا الباب تسميتُهم العام الثالث القُبَاقِب، فيقولون عامٌ، وقابلٌ، وقُبَاقِب([9]).

ومما شذَّ أيضاً قولُهم:   اقتبَّ يدَه، إذا قَطَعها.

(قت)  القاف والتاء فيه كلمتانِ متباينتان، إحداهما القَتُّ، وهو نَمُّ الحديث. وجاء في الأثر: "لا يدخُلُ الجنة قَتَّاتٌ"، وهو النَّمّام. والقَتُّ: نَباتٌ. والقَتُّ والتَّقتِيتُ([10]): تطييبُ الدُّهن بالرَّياحين.

(قث)  القاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على الجمع. يقال: جاء فلانٌ يقُثُّ مالاً ودنيا عريضة.

(قح)  القاف والحاء ليس هو عندنا أصلاً، ولكنهم يقولون: القُحّ: الجافي من الناس والأشياء، حتى يقولون للبطِّيخة التي لم تَنْضَج: إنّها لَقحٌّ.

(قد)  القاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعِ الشيء طولاً، ثم يستعار. يقولون: قَدَدْتُ الشَّيء قدَّاً، إذا قطعتَه طولاً أقُدُّه، ويقولون: هو حسَنُ القَدّ، أي التقطيع، في امتدادِ قامته. والقِدُّ: سيرٌ يقَدُّ من جلدٍ غيرِ مدبوغ. واشتقاق القَدِيد منه. والقِدَّة: الطريقةُ والفِرقة من الناس، إذا كان هوَى كلِّ واحدٍ غيرَ هوى صاحِبِه. ثمَّ يستعيرون هذا فيقولون: اقتدَّ فلانٌ الأمورَ، إذا دَبَّرَها ومَيَّزها. وقَدَّ المسافرُ المَفازةَ. والقَيْدُود: النَّاقة الطَّويلة الظَّهر على الأرض. والقَدُّ: جِلد السَّخلة، الماعزة. ويقولون في المثَل: "ما يَجعَلُ قَدَّك إلى أديمك". ويقولون القُدَاد: وجَعٌ في البطن.

(قذ)  القاف والذال قريبٌ من الذي قبلَه، يدلُّ على قطعٍ وتسويةٍ طولاً وغيرَ طُول. من ذلك القُذَذ: ريش السَّهم، الواحدة قُذَّة. قالوا: والقَذُّ: قطعها. يقال: أُذُنٌ([11]) مقذوذة، كأنّها بُرِيَتْ بَرْيا. قال:

* مَقْذُوذةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ([12]) *

وزعم بعضهم أن القُذَاذات: قِطَعُ الذَّهب، والجُذَاذات: قِطَع الفِضّة. وأمَّا السهم الأقَذُّ فهو الذي لا قُذَذَ عليه. والمَقَذُّ: ما بين الأذُنين من خَلْف. وسمِّي لأنَّ شعره يُقَذ قَذَّاً.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم: إنّ القِذَّانَ: البَرَاغيث.

(قر)  القاف والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على *برد، والآخر على تمكُّن.

فالأوَّل القُرُّ، وهو البَرْد، ويومٌ قارٌّ وقَرٌّ. قال امرؤ القيس:

إذا ركِبُوا الخيلَ واستلأَمُوا *** تحَرَّقت الأرضُ واليومُ قَرّْ([13])

وليلة قَرَّةٌ وقارَّة. وقد قَرَّ يومُنا يَقَرُّ. والقِرَّة: قِرَّة الحُمَّى حين يجد لها فَترةً([14]) وتكسيراً. يقولون: "حِرَّةٌ تحت قِرَّة"، فالحِرّة: العَطَش، والقِرَّة: قِرَّة الحُمَّى. وقولهم: أقَرَّ اللهُ عينَه، زعم قومٌ أنَّه من هذا الباب، وأنّ للسُّرور دَمعةً باردة، وللغمِّ دمعةً حارّة، ولذلك يقال لمن يُدعَى عليه: أسخَنَ الله عينه. والقَرور: الماء البارد يُغتسَل به؛ يقال منه اقْتَرَرْت.

والأصل الآخَر التمكُّن، يقال قَرَّ وَاستقرَّ. والقَرُّ: مركبٌ من مراكب النِّساء. وقال:

* على حَرَجٍ كالقَرِّ تَخفقُ أكفانِي([15]) *

ومن الباب [القَرُّ([16])]: صَبُّ الماءِ في الشَّيء، يقال قَرَرتُ الماء. والقَرُّ: صبُّ الكلامِ في الأُذُن.

ومن الباب: القَرقَر: القاع الأملس. ومنه القُرارة: ما يلتزِق بأسفلِ القِدْر، كأنَّه شيءٌ استقرَّ في القِدْر.

ومن الباب عندنا – وهو قياسٌ صحيح- الإقرار: ضدُّ الجحود، وذلك أنَّه إذا أقَرَّ بحقٍّ فقد أقرَّهُ قرارَهُ. وقال قومٌ في الدُّعاء: أقرّ الله عينه: أي أعطاه حتى تَقِرَّ عينُه فلا تطمَحَ إلى من هو فوقه. ويوم القَرِّ: يومَ يستقرُّ الناسُ بمنىً، وذلك غداةَ يومِ النَّحر.

قلنا: وهذه مقاييسُ صحيحةٌ كما ترى في البابين معاً، فأمَّا أنْ نتعدَّى ونتحمّل الكلامَ كما بلغنا عن بعضهم أنَّه قال: سمِّيت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيرِه، فليس هذا من مذهبنا. وقد قلنا إنَّ كلامَ العرب ضربان: منه ما هو قياسٌ، وقد ذكرناه، ومنها ما وُضِع وضعاً، وقد أثبَتنا ذلك كلَّه. والله أعلم.

فأمَّا الأصواتُ فقد تكون قياساً، وأكثرُها حكاياتٌ. فيقولون: قَرقَرت الحمامةُ قَرقرةً وقَرْقَرِيراً.

(قز)  القاف والزاء كلمةٌ واحدة، تدلُّ على قِلَّةِ سُكونٍ إلى الشّيء([17]). من ذلك القزّ، وهو الوَثْب. ومنه التقزُّز، وهو التنطُّس. ورجلٌ قَزٌّ، وهو لا يسكن إلى كلِّ شيء.

(قس)  القاف والسين مُعظَمُ بابه تتبُّع الشَّيء، وقد يشذُّ عنه ما يقاربُه في اللَّفظ.

قال علماؤنا: القَسُّ: تتَبُّع الشَّيء وطلبُه، قالوا: وقولهم إنَّ القَسَّ النَّميمة، هو من هذا لأنه يتتبَّع الكلامَ ثمَّ ينُمُّه([18]). ويقال للدَّليل الهادِي: القَسْقاس، وسمِّي بذلك لعلمه بالطَّريق وحُسْنِ طلَبِه واتِّباعه له. يقال قَسَّ يَقُسّ. وتَقَسَّسْتُ أصواتَ القومِ بالليل، إذا تتبَّعتَها. وقولهم: قَسَسْتُ القومَ: آذيْتُهم بالكلام القبيح، كلامٌ غير ملخَّص، وإنَّما معناه ما ذكرناه من القَسّ أي النَّميمة([19]). ويقولون: قَرَبٌ قَسقاسٌ، وسيرٌ قَسِيس([20]): دائبٌ. وهو ذلك القياس، لأنَّه يقُسُّ الأرضَ ويتتبَّعُها.

ومما شذَّ عن الباب قولهم: [ليلةٌ] قسقاسة: مُظْلمة، وربَّما قالوا لِلَّيلةِ الباردة: قَسِيَّة([21]). وقُسَاسٌ: بلدٌ تُنسَب إليه السُّيوف القُسَاسيَّة.

وذكر ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ القَسْقَاس: الجُوع. وأنشَدُوا عنه:

أتانَا به القَسقاسُ ليلاً ودُونَه *** جراثيمُ رَمْلٍ بينهنَّ نفانِفُ([22])

وإنْ صحَّ هذا فهو شاذٌّ، وإن كان على القياس فإنما أراد به الشّاعِرُ القَسقاس([23])، وما أدري ما الجُوعُ هاهنا. وأمّا قولهم: دِرهمٌ قَسِيٌّ، أي رديء، فقال قومٌ: هو إعراب قاس([24])، وهي فارسيَّة. والثِّياب القَسِّيَّة يقال إنَّها ثيابٌ يؤتى [بها] من اليَمَن. ويقولون: قَسْقَسْتُ([25]) بالكلب: صحتُ به([26]).

(قش)  القاف والشين كلماتٌ على غير قياس. فالقَشُّ: القشْر([27]). يقال تقشقش الشَّيء، إذا تقشَّر. وكان يقال لسورتي: "قُلْ يا أيُّهَا الكَافِرُونَ" و"قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ": المقَشْقِشَتان، لأنَّهما يُخرِجان قارئهما مُؤمناً بهما من الكُفر.

ومما ليس من هذا الجِنْس: القِشَّة: القِرْدَة، والصَّبِيَّة الصغيرة. ويقولون: التَّقشقُش: تطلُّب الأكلِ من هاهنا وهنا، وهذا إنْ صحَّ فلعلَّهُ من باب الإبدال* والأصلُ فيه السين، وقد مضى ذكره. ويقال: قَشَّ القَوْمُ: إذا أحْيَوْا بعدَ هُزَال.

(قص)  القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّيء. من ذلك قولهم: اقتصَصْتُ الأثَر، إذا تتبَّعتَه([28]). ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص في الجِراح، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلهِ بالأوّل، فكأنَّه اقتصَّ أثره. ومن الباب القِصَّة والقَصَص، كلُّ ذلك يُتَتَبَّع فيذكر. وأمَّا الصَّدر فهو القَصُّ، وهو عندنا قياسُ الباب، لأنَّه متساوي العِظام، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر.

ومن الباب: قَصَصت الشّعر، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بينَ كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها في طريقها. وقُصَاص الشَّعر: نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ([29])، وقياسُه صحيح. والقُصَّة: النَّاصية.

[و] القَصِيصية من الإبل: البعير يقُصُّ أثَرَ الرِّكاب. وقولهم: ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه، أي أدناه من الموت. وهذا معناه أنَّه يقُصُّ أثَرَ المنيَّة. وأقصَّ فلاناً السُّلطانُ [من فلان([30])]، إذا قتله قَوَدا.

وأمَّا قولُهم: أقَصَّت الشّاةُ: استبانَ حَمْلُها، فليس من ذلك. وكذلك القَصْقاص، يقولون: إنَّه الأسد، والقُصقُصَة: الرَّجل القصير، والقَصِيص: نبتٌ. كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور([31]).

(قض)  القاف والضاد أصول ثلاثة: أحدُها هُوِيُّ الشَّيء، والآخَر خُشونةٌ في الشَّيء، والآخِر ثَقْبٌ في الشَّيء.

فالأوّل قولُهم: انقَضَّ الحائطُ: وقع، ومنه انقضاضُ الطّائر: هُوِيُّه في طَيَرانه.

والثاني قولهم: دِرع قَضّاءُ: خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ. وأصلُه القِضّة، وهي أرضٌ منخفضةٌ ترابُها رملٌ، وإلى جانبها مَتْن. والقَضَضُ: كِسَرُ الحِجارة. ومنه القَضْقَضة: كَسْرُ العِظام. يقال أسدٌ قضقاضٌ. والقَضُّ([32]): ترابٌ يعلو الفِراش. يقال أقضَّ عليه مضجَعُه، قال أبو ذُؤيب:

أم ما لِجسمِكَ لا يلائمُ مَضجعاً *** إلا أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع([33])

ويقال لحمٌ قَضٌّ، إذا تَرِبَ عند الشَّيِّ. ومن الباب عندي قولُهم: جاؤوا بقَضِّهم وقضيضهم([34])، أي بالجماعة الكثيرة الخشِنة، قال أوس:

وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضها *** كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا([35])

والأصل الثالث قولهم: قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضَّاً، إذا ثقَبْتَها. ومنه اقتِضاض البِكْر. قاله الشّيباني.

(قط)  القاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع الشّيء بسُرعةٍ عَرْضاً. يقال: قَطَطت الشّيءَ أَقُطُّه قَطَّاً. والقَطَّاط: الخَرّاط الذي يَعمل الحُقَق، كأنه يقْطَعها. قال:

* مِثْلَ تقطِيط الحُقَق([36]) *

والقِطْقِط: الرَّذَاذ من المطر، لأنّه من قِلّتهِ كأنّه متقطِّع. ومن الباب الشعَْر القَطَط([37])، وهو الذي ينْزَوي، خلافُ السَّبْط، كأنَّه قُطّ قَطَّاً. يقال: قَطِطَ شَعْرُه، وهو من الكلمات النَّادرة في إظهار تضعيفها.

وأمَّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة. فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التقطيع الذي في المكتوب عليه. قال الأعشى:

ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه *** بِغبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ([38])

وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى: {وقالُوا ربَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ} [ص 16] كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التي يُعطَوْنها من الأجْر في الآخرة.

ومما شذّ عن هذا الباب القِطّةُ: السِّنّورة: يقال [هو] نعتٌ لها دونَ الذَّكَر.

فأمَّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب، إنما ذاك من الإبدال، والأصل قدْ، قال طَرَفَة:

أخِي ثِقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ *** إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ([39])

لكنَّهم أبدَلُوا الدّال طاءً فيقال: قَطِي وقَطْكَ وقَطْني. وأنشدوا:

امتلأ الحَوْضُ وقال قَطني *** حَسْبي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي([40])

ويقولون قَطَاطِ، بمعنى حسبي([41]). وقولهم: ما رأيتُ مثلَه قطّ، أي أقطع الكلامَ في هذا([42])، بقوله على جهة الإمكان. ولا يقال ذلك* إلا في الشَّيء الماضي.

(قع)  القاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على حكاياتِ صوتٍ. من ذلك القَعقعة: حكايةُ أصوات التِّرَسةِ وغيرها. والمُقَعقِع: الذي يُجيل القِداح، ويكون للقِداح عند ذلك أدنى صوت. ويقال رجلٌ قَعقعانيٌّ، إذا مَشَى سمِعتَ لمفاصله قَعقَعةً. قال:

* قَعْقَعةُ المِحوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ([43]) *

وحِمارٌ قَعقعانيٌّ، وهو الذي إذا حَمَلَ على العانة صَكَّ لَحْييه. ويقال: قَرَبٌ قَعْقاعٌ: حثيث، سمِّي بذلك لما يكون عندهُ من حركات السَّير وقَعْقَعته. وطريقٌ قعقاعٌ: لا يُسلَك إلاَّ بمشقَّة. فأمَّا القُعَاعُ فالماء المُرُّ الغليظ. قال: أَقَعُّوا، إذا أنْبَطُوا قُعَاعاً. فهذا ممكنٌ أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، وممكن أن يكون مقلوباً من عَقَّ، وقد مضى ذِكره، ويقولون: قَعْقَع في الأرض: ذَهَب.

وهذا من قياس الباب، لما يكون له عند سيَرِه من حركةٍ وقَعقعة.

(قف)  القاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وتقبُّض. من ذلك القُفَّة: شيءٌ كهيئة اليقطينة تتَّخَذ من خُوط أو خُوص. يقال للشَّيخ([44]) إذا تقبَّضَ من هَرَمه: كأنَّه قُفَّة. وقد استَقفّ، إذا تشنَّج. ومنه أقَفَّتِ الدَّجاجةُ، إذا كَفَّت عن البَيض. والقَفُّ: جنسٌ من الاعتراض للسَّرَق، وقيل ذلك لأنّه يقفُّ الشَّيءَ إلى نفسه. فأمَّا قولُهم: قَفْقَف الصَّرِدُ، إذا ارتَعَد، فذلك عندنا من التقبُّض الذي يأخذُه عند البرد. قال:

نِعْمَ شِعارُ الفَتَى إذا بَرَدَ الـ *** ـليلُ سُحيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ([45])

ولا يكون هذا من الارتعاد وحدَه.

ومن الباب القُفّ، وهو شيءٌ يرتفع من مَتْن الأرض كأنّه متجمِّع، والجمع قِفاف. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) منه: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجساً" ومنه في ذكر الجنة وصفة سدرة المنتهى: "ونبقها مثل قلال هجر".

([2]) لجميل بن معمر، كما في اللسان (قلل).

([3]) المقمة والمرمة، كلاهما بكسر الميم وفتحها.

([4]) في الأصل: "أشط ما يكون"، صوابه في المجمل واللسان.

([5]) في اللسان: "وأصلها بالفارسية، وهو معرب مشتق من الحفر، من قولهم بالفارسية كِنْ كِنْ، أي احفر احفر".

([6]) قبله في اللسان: * نشأن في ظل النعيم الأرفه *

([7]) زاد في اللسان: "مشتق من اصطدام الأحمال لعجلة السير، كأنهم توهموا لجرس ذلك جرس نغمة فضاعفوه".

([8]) هو الثقب الذي في وسط البكرة.

([9]) في المجمل: "وتقول: لا آتيك العام، ولا قابلاً، ولا قباقبا".

([10]) اقتصر في المجمل على "القت"، وفي اللسان والقاموس على "التقتيت".

([11]) في الأصل: "إذا"، صوابه في المجمل.

([12]) البيت لرؤبة في ديوانه 104 وأراجيز العرب للسيد البكري 25.

([13]) ديوان امرئ القيس 5.

([14]) في الأصل: "قرة".

([15]) لامرئ القيس في ديوانه 126: واللسان (حرج، قرر). وقد سبق في (حرج). وصدره: * فإما تريني في رحالة جابر *

([16]) التكملة من المجمل.

([17]) في الأصل: "قلة وسكون إلى الشيء".

([18]) ينمه، أي ينقله على جهة الإفساد والشر. وفي الأصل: "ينميه"، تحريف.

([19]) في الأصل: "إلى النميمة".

([20]) وكذا في المجمل. ولم تذكر الكلمة في المعاجم المتداولة. وبدلها في اللسان: "قِسْقيس".

([21]) الحق أنها من المعتل، وقد تنبه لذلك في المجمل، قال: "ودرهم قسي: رديء، وليلة قسية باردة، ولعل هاتين من كلمات المعتل".

([22]) وكذا ورد إنشاده في المجمل. والبيت لأبي جهيمة الذهلي، كما في اللسان (قسس). وصواب إنشاده: "بينهن قفاف"، كما نص ابن بري، وبعده:

فأطعمته حتى غدا وكأنه *** أسير يداني منكبيه كتاف

([23]) كذا ولعله يريد "القرب القسقاس".

([24]) في المعرب للجواليقي 257: "قاش"، وفي اللسان: "قاشي".

([25]) في الأصل: "قسست" صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

([26]) زاد في اللسان: "وقلت له: قُوس قُوس".

([27]) كذا. ولعل صوابها: "فالتقشقش: التقشر".

([28]) في الأصل: "إذا تبعد".

([29]) من قُدم أي قدام، وكذا وردت في المجمل، وفي الأصل: "قدوم"، تحريف.

([30]) تكملة ضرورية ليستقيم الكلام. والعبارة في المجمل محرفة كعبارة الأصل، ففيه: "وأقاد فلان فلاناً وأقصه، إذا قتله قوداً"، صوابه "أقاد فلان فلاناً من فلان".

([31]) في اللسان عند الكلام على القصيص: "قال أبو حنيفة: زعم بعض الناس أنه إنما سمي قصيصاً لدلالته على الكمأة كما يقتصُّ الأثر".

([32]) وكذا ورد في المجمل. وفي القاموس: "والقضض، محركة: التراب يعلو الفراش"، ونحوه في اللسان.

([33]) ديوان الهذليين (1 : 2) والمفضليات (2: 221) واللسان (قضض).

([34]) ويقال أيضاً "قضُّهم بقضيضهم"، و "قضَّهم بقضيضهم".

([35]) ديوان أوس بن حجر 11 واللسان (قضض). وانظر لمثله الخزانة (1: 525) وسيبويه (1: 188). ورواية الديوان واللسان: "بأكثر ما كانوا".

([36]) كذا.وإنشاد البيت كما في ديوان رؤبة 106 واللسان (قطط) والمخصص(12: 133/ 15: 101): * سوى مساحيهن تقطيط الحقق *

([37]) يقال شعر قطط وقط أيضاً بفتح القاف فيهما.

([38]) ديوان الأعشى 146 واللسان (قطط، أفق). وقد سبق في (أفق). فوجه التكملة هناك: "بغبطته" لا "بإمته".

([39]) من معلقته. والرواية المشهورة "قال حاجزه".

([40]) كذا ورد البيت، والرواية المشهورة: "سلا رويداً"، أو "مهلاً رويداً" انظر اللسان (قطط، قطن)، والمخصص (14: 62) ومجالس ثعلب 189 والإنصاف 83 وإصلاح للمنطق 67، 377.

([41]) وشاهده قول عمرو بن معد يكرب، في اللسان:

أطلت فراطهم حتى إذا ما *** قتلت سراتهم قالت قطاط

([42]) في الأصل: "فيه هذا".

([43]) لرؤبة في ديوانه 106 واللسان (قعع).

([44]) في الأصل: "قال الشيخ".

([45]) سبق إنشاد البيت في (صرد)، ونسب إلى عمر بن أبي ربيعة في تهذيب الألفاظ 121،212 والجمهرة (1: 161). وقد أثبت في ملحقات ديوان عمر طبع ليبسك ص 333. وهو بدون نسبة في المخصص (5: 71) وأمالي المرتضى (4: 81). وأنشده في الكامل 136 ليبسك واللسان (قفف) وعيون الأخبار (3: 95): "نعم ضجيع الفتى". وفي اللسان: "فقفقف الصرد"، وفي الكامل: "وقرقف".

 

ـ (باب القاف واللام وما يثلثهما)

(قلم)  القاف واللام والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تسويةِ شيء عند بَرْيه وإصلاحه. من ذلك: قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته. ويقال للضَّعيف: هو مَقلُوم الأظفار. والقُلاَمَة: ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم. ومن هذا الباب سمِّي القلمُ قَلماً، قالوا: سمِّي به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ من الظُّفر، ثمَّ شُبِّه القِدْح به فقيل: قلم. ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّي قلماً لما ذكرناه من تسويته وبَرْيه. قال الله تعالى: {ومَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ} [آل عمران 44]. ومن الباب المِقْلَم: طَرَف قُنْب البعير، كأنَّه قد قُلِم، ويقال إنّ مَقَالم الرُّمح: كُعوبه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القُلاَّم، وهو نبتٌ. قال:

أتَوْني بِقُلاَّمٍ فقالوا تَعَشّهُ *** وهل يأكلُ القُلاَّمَ إلا الأباعرُ([1])

(قله)  القاف واللام والهاء لا أحفَظُ فيه شيئاً، غير أنّ غَديرَ قَلَهَى: موضع.

(قلو)  القاف واللام والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة. من ذلك القِلْو: الحِمار الخفيف. [و] يقال: قَلَت النَّاقةُ براكبها قَلْواً، إذا تقدَّمَت به. واقلوْلَت الحُمْر في سرعتها. والمُقلَوْلي: المتجافي عن فِراشه. وكلُّ نابٍ عن شيء متجافٍ عنه: مُقْلَوْلٍ. قال:

أقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأقْرَدَتْ *** ألاَ هَلْ أخو عيشٍ لذيذٍ بدائمِ([2])

والمُنْكمش مُقْلَوْلٍ، وفي الحديث: "لو رأيتَ ابنَ عُمَرَ لرأيتَه مُقلولياً"، أي متجافِياً عن الأرض، كأنّه يريد كَثْرةَ الصَّلاة. ومن الباب قَلاَ العَيْرُ آتُنَه قَلْواً. ومن الباب القِلَى، وهو البُغض. يقال منه: قَلَيْتُه أقلِيه قِلىً. وقد قالوا: قَلَيتُهُ أَقلاه([3]). والقِلَى تجافٍ عن الشّيء وذَهابٌ عنه والقَلْي: قَلْيُ الشَيء علَى المِقْلَى. يقال: قَلَيْت وقَلْوت. [و] القَلاَّء: الذي يَقْلي. وهو القياس، لأن الحَبَّة تُستَخَفُّ بالقلْي وتَخِفُّ أيضاً.

(قلب)  القاف واللام والباء أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلّ على خالِص شَيءٍ وشَريفِه، والآخَرُ على رَدِّ شيءٍ من جهةٍ إلى جهة.

فالأوَّل القَلْبُ: قلب الإنسان وغيره، *سمِّي لأنَّه أخْلصُ شيء فيه وأرفَعُه. وخالِصُ كلِّ شيءٍ وأشرفُه قَلْبُه. ويقولون: عربيٌّ قَُلْبٌ([4]). قال:

[فلا] تُكثِروا فيها الضَّجَاجَ فإنَّني *** تخيَّرتُها منهم زُبيرِيّةً قَُلْبَا

والقُلاَب: داء يصيب البعير فيَشْتَكِي قَلْبَه. والقُلْبُ من الأَسورة: ما كان قُلْباً واحداً لا يُلوَى عليه غيرُه. وهو تشبيهٌ بقُلْب النَّخْلة. ثم شبِّه الحَيَّة بالقُلْب من الحَلْي فسمِّي قُلْباً. والقَلْب: نجمٌ يقولون إنه قَلْبُ العَقرب. [و] قَلَبْتُ النَّخلةَ: نَزَعت قَلْبها.

والأصل الآخر قَلَبْتُ الثَّوبَ قَلْباً. والقَلَب: انقلابُ الشَّفَة، وهي قَلْباءُ وصاحبُها أَقْلَب. وقَلَبْتُ الشَّيء: كبَبتُه، وقلَّبته بيديَّ تقليباً. ويقال: أقْلَبَتِ الخُبْزةُ، إذا حان لها أن تُقْلَب. وقولهم: ما به قَلبَةٌ، قالوا: معناه ليست به عِلّة يُقْلب لها فيُنْظَر إليه. وأنشدوا:

ولم يقلِّب أرضَها بيطارُ *** ولا لحبلَيْهِ بها حُبَارُ([5])

أي لم يقلِّب قوائمها من عِلَّةٍ بها. والقَلِيب: البئرُ قبل أنْ تُطوَى؛ وإنّما سمِّيت قليباً لأنَّها كالشَّيء يقلَب من جهةٍ إلى جهة، وكانت أرضاً فلما حُفِرت صار ترابُها كأنَّه قُلِب. فإذا طُوِيت فهي الطَّوِيّ. ولفظ القليب مذكَّر([6]). والحُوَّلُ القُلَّب: الذي يقلِّب الأمور ويحتال لها. والقياس في جميع ما ذكرناه واحد. فأمَّا القِلِّيب والقِلّوْب([7]) فيقال إنَّه الذئب. ويمكن أن يُحمَل على هذا القياس فيقال سمِّي بذلك لتقلُّبه في طلب مأكله. قال:

أَيَا جَحْمَتَا بَكِّي على أمِّ عامرٍ  *** أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ([8])

(قلت)  القاف واللام والتاء أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على هَزْمَةٍ في شَيء، والآخَر على ذَهابِ شيء وهَلاكِه.

فالأوّل القَلْت، وهو النُّقرة في الصَّخرة، والجمع قِلاتٌ. وقال:

وعينان كالماويَّتَينِ استَكَنَّتا *** بكهفَيْ حِجَاجَيْ صَخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ([9])

وقَلْتُ العَين: نُقْرتها. وقَلْتُ الإبهام: النُّقرة تحتَها. وقَلْتُ الثّريدة: الهَزْمة وسْطَها.

والأصل الآخر القَلَت، وهو الهلاك. يقال: قَلِت قَلَتاً. وفي الحديث: "إن المسافِرَ ومتاعَهُ على قَلَتٍ إلاَّ ما وَقَى اللهُ تعالى". والمِقْلاَتُ من النوق: التي لا يعيش لها ولد، وكذلك من النِّساء، والجمع مقاليت. قال:

يَظَلُّ مَقاليتُ النِّساء يطأْنَهُ *** يقُلْنَ ألا يُلقَى على المرءِ مئزرُ([10])

وقال:

لا تَلُمْها إنّها من نِسوةٍ *** رُقُدِ الصَّيفِ مَقَاليتٍ نُزُرْ

(قلح)  القاف واللام والحاء كلمةٌ واحدة، وهي القَلَح: صُفْرَةٌ في الأسنان. رجلٌ أقْلَحُ. قال:

قد بَنَى اللُّوم عليهم بيتَه *** وفشَا فيهم مع اللُّومِ القَلَحْ([11])

ويقال إنَّ الأقْلَح: الجُعَل.

(قلخ)  القاف واللام والخاء كلمة واحدةٌ، يقولون: إنَّ القَلْخ: هَدير الجمل.

(قلد)  القاف واللام والدال أصلانِ صحيحانِ، يدلُّ أحدهما على تعليق شيءٍ على شيء وليِّه به، والآخَر على حظٍ ونصيب. فالأوَّل التقليد: تَقليد البَدَنة، وذلك أن يعلَّق في عُنُقها شيءٌ ليُعْلَم أنَّها هَدْيٌ. وأصل القَلْد: الفتل، يقال قَلَدْتُ الحبلَ أقلِدُه قَلْداً، إذا فتَلْتَه. وحبلٌ قليدٌ ومقلود. وتَقَلَّدْتُ السَّيف. ومُقَلَّدُ الرَّجُل: موضِعُ نِجاد السَّيف على مَنْكِبه. ويقال: قلَّدَ فلانٌ فلاناً قِلادةَ سَوءٍ، إذا هجاه بما يَبْقَى عليه وَسْمُه. فإذا أكَّدوه قالوا: قلَّدَهُ طَوْقَ الحمامة، أي لا يفارقُه كما لا يُفارِق الحمامةَ طوقُها. قال بِشْر:

حَبَاكَ بها مولاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ *** وقُلِّدَها طوقَ الحمامة جَعْفَرُ([12])

والمِقْلَد: عصاً في رأسها عَوَج يُقْلَدُ بها الكَلأ، كما يُقْلَدُ القَتُّ إذا جُعِل حِبالاً. ومن الباب القِلد: السِّوار([13]). وهو قياس صحيح لأنَّ اليدَ كأنَّها تتقلَّدُه. ويقولون: إنَّ الإقليد: [البُرَة([14])] التي يشدُّ بها زِمام الناقة.

والأصل الآخر: القِلْد: الحَظُّ من الماء. يقال: سقَينا أرضَنا قِلْدَها، أي حظّها. وسقَتْنا السَّماءُ قِلْداً كذلك، أراد حظَّاً. وفي الحديث "فَقلَدَتْنَا السَّماءُ قِلْداً في كلِّ أسبوع".

فأمّا *المقاليد، فيقال: هي الخزائن. قال الله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمواتِ والأرْضِ} [الزمر 63، الشورى 12]. ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها تُحْصِنُ الأشياء، أي تَحفظُها وتَحوزُها. والعرب تقول: أقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير، إذا أحْصَنَهُم في جَوفه.

ومما شذَّ عن الباب القِلْدة والقِشْدة: تمر وسَويقٌ يخلط بهما سَمْن.

(قلز)  القاف واللام والزاء. يقولون: إنَّ التقَلُّز([15]): النَّشاط.

(قلس)  القاف واللام والسين كلمتان: أحدهما رَمْيُ السَّحابة النَّدَى من غير مطر، ومنه قَلَس الإنسانُ، إذا قاءَ، فهو قالس. وأمَّا التَّقليس فيقال: هو الضَّرب ببعض الملاهي([16]). وهي الكلمة الأخرى([17]).

وقال أبو بكر ابنُ دريد: القَلْس من الحِبال([18])، ما أدري ما صحّتُه.

(قلص)  القاف واللام والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انضمامِ شيء بعضِه إلى بعض. يقال: تقلَّصَ الشَّيءُ، إذا انضمَّ. وشَفَةٌ قالِصَة. وظلٌّ قالصٌ، إذا نَقَصَ، وكأنَّه تضامَّ. قال تعالى([19]): {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} [الفرقان 46]. وأمَّا قَلَصَةُ الماء فهو الذي يَجِمُّ في البئر منه حتى يرتفع، كأنه تقلّص من جوانبه. وهو ماء قليص. وجَمْعُ القَلَصَة قَلَصَات. ويقولون: قَلَصَتْ نَفْسُه: غَثَتْ. وقياسُه قريب. فأمَّا القَلُوصُ، فهي الأُنثى من رِئال النَّعام. وعندي أنَّها سُمِّيت قَلوصاً لتجمُّع خَلْقِها، كأنَّها تقلَّصَتْ من أطرافها حتَّى تجمَّعت. وكذلك أنثى الحُبارَى. وبها سمِّيَت القَلُوصُ من الإبل، وهي الفتيَّة المجتمعة الخَلْق. ويقال: قَلَصَ الغدير([20])، إذا ذهَبَ أكثرُ مائهِ.

 

(قلط)  القاف واللام والطاء ليس فيه شيء يصح. غير أنَّ ابن دريد قال: رجُلٌ قُلاَطٌ: قَصير([21]). ولعلَّ هذا من قولهم رجلٌ قَلَطِيٌّ.

(قلع)  القاف واللام والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انتزاعِ شيءٍ من شيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه. تقول: قلَعْتُ الشّيءَ قَلعاً، فأنا قالعٌ وهو مقلوع. ويقال للرَّجُل الذي يتقلَّع عن سَرْجِهِ لسوءِ فروسَتِه: قُلْعةَ([22]). ويقال هذا منزِلُ قُلْعةٍ، إذا لم يكن موضعَ استيطانٍ. والقَوْم على قُلْعَةٍ، أي رِحلة.

والمقلوع: الأمير المعزول. والقَلَعة: صخرةٌ تتقلَّع عن جبلٍ منفردةً يَصعُب مَرامُها. وبه تشبَّه السحابة العظيمة، فيقال قلَعَةٌ، والجمع قَلَع. قال:

تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّوَارِي *** وجُنَّ الخازبازِ به جُنونا([23])

والقُلاَع: الطِّين يتشقَّقُ إذا نَضَب عنه الماء. وسمِّي قُلاَعاً لأنَّه يتقلَّع. [وأقلَعَ([24])] عن الأمر، إذا كَفَّ. ورماهُ بقُلاَعة، إذا اقتَلَع قطعةً من الأرض فرماه بها. والمِقْلاع معروف. والقَلاّع: الشُّرطِيّ فيما يقال. وروي في حديث: "لا يدخل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع". قالوا: الدَّيبوب: الذي يدِبُّ بالنّمائم حتَّى يفرِّق بين الناس. والقَلاّع: الرّجُل يَرَى الرّجُلَ [قد ارتفعَ] مكانهُ عند آخَرَ فلا يزال يَشِي بينهما حتَّى يَقلَعَه. وأقلعَتْ عنه الحُمَّى. ويقال: تركتُ فلاناً في قَلَعٍ من حُمَّى؛ أي في إقلاع. ويقال قَلِعَ قَلَعاً. والقِلْع: شِراع السَّفينة؛ وذلك لأنَّه إذا رُفِعَ قَلَعَ السّفينةَ من مكانها.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَلع والقِلْع. فأمَّا القَلْع([25]) فالكِنْف، يقولون في أمثالهم:"شَحْمَتِي في قَلْعِي". وأمَّا القِلْع فيقال: إنّها صُدَيِّرٌ يلبَسُه الرّجلُ على صَدره([26]). قال:

مُسْتَأْبِطَاً في قِلْعِهِ سِكِّينَا([27])

(قلف)  القاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْط شيء عن شيء. يقال: قَلَفْت الشَّجرةَ، إذا نحَّيْتَ عنها لِحاءها. وقَلَفْتَ الدَّنَّ: فَضضتُ عنه طِينَه. وقَلَفَ الخاتنُ غرْلة الصبيِّ، وهي القُلْفة، إذا قَطَعَها.

(قلق)  القاف واللام والقاف كلمةٌ تدلُّ على الانزعاج. يقال: قَلِق يَقْلَق قلَقَاً.

ـــــــــــــــ

([1]) أنشده في المجمل واللسان (قلم).

([2]) للفرزدق في ديوانه 863 برواية "يقول"، وفي اللسان (قرد، قلا): "تقول".

([3]) في اللسان أنها لغة طيئ، وأنشد ثعلب:

أيام أم الغمر لا نقلاها *** ولو تشاء قبلت عيناها

([4]) يقال بفتح القاف وضمها، ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، وإن شئت ثنيت وجمعت.

([5]) لحميد الأرقط، كما في اللسان (قلب، حبر، أرض). وقد سبق في (حبر).

([6]) في الأصل: "والقليب بلفظ القليب مذكر".

([7]) بوزن سفود، وعِجَّول، ورَسُول.

([8]) البيت في اللسان (حجم، قلب). وقد سبق في (حجم).

([9]) البيت لطرفة في معلقته.

([10]) البيت لبشر بن أبي خازم، كما في إصلاح المنطق 87 واللسان (قلت). وأنشده ثعلب في مجالسه 71. وانظر المخصص (6: 128/ 16: 99).

([11]) للأعشى في ديوانه 164 واللسان (قلح).

([12]) في الأصل: "حبال بها".

([13]) في المجمل: "السوار من الفضة".

([14]) التكملة من المجمل واللسان.

([15]) ومثله "القلز"، كما في القاموس.

([16]) في المجمل: "التقليس: الضرب بالدف. ويقال إن التقليس: وضع اليدين على الصدر خضوعاً".

([17]) في الأصل: "وهي كلمة الأخرى".

([18]) في الأصل: "القليس من الجبال"، صوابه في المجمل والجمهرة (3: 41). وفسره في اللسان بأنه: حبل غليظ من حبال السفن.

([19]) في الأصل: "قوله تعالى".

([20]) في الأصل: "قلص البعير الغدير"، صوابه في المجمل واللسان.

([21]) الجمهرة (3: 113).

([22]) كذا ضبط في الأصل واللسان. وفي المجمل بفتح القاف واللام، وليس بشيء. وضبط في القاموس بالضم، وبضم ففتح، وبضمتين.

([23]) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (قلع، خوز) وإصلاح المنطق 51 والحيوان (3: 109/ 6: 186). وانظر المخصص (14: 96) وأمثال الميداني (1: 227).

([24]) التكملة من المجمل.

([25]) الحق أنه بفتح القاف وكسرها، كما في اللسان والقاموس.

([26]) هذا المعنى مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.

([27]) وكذا ورد إنشاده في المجمل. ولم يرد الاستئباط في المعاجم بمعنى التأبط. وفيها استأبط: حفر حفرة ضيق رأسها ووسع أسفلها.

 

ـ (باب القاف والميم وما يثلثهما)

(قمن)  القاف والميم والنون كلمةٌ واحدة. يقال: هو قَمَنٌ أنْ يفعَل كذا، لا يثنى* ولا يُجمَع إذا فتحتَ ميمه، فإن كَسَرتَ أو قُلْت قَمينٌ ثنَّيت وجَمعت. ومعنى قَمِينٍ: خَليقٌ.

(قمه)  القاف والميم والهاء فيه كلماتٌ ليست بأصليَّة. يقولون: قَمَه الشّيء، إذا انْغَمَس في الماء فارتفعَ حيناً وغابَ حيناً. وقِفاف قُمَّه. تَغيبُ في السَّرابِ وتظهر. وهذا في الإبدال، وأصله قُمَّس. ويقولون: قَمَهَ البعيرُ مثل قَمَحَ، إذا رَفَعَ رأسَه ولم يشرب الماءَ، هو من الإبدال.

وكلمةٌ أخرى من المقلوب، قال ابن دُرَيْد([1]): القَمَه مثل القَهَم، وهو قِلَّةُ الشَّهوة للطّعام، قَهِمَ وقَمِه.

(قما)  القاف والميم والحرف المعتلُّ كلمةٌ تدلُّ على حقارة وذُلّ. يقال: هو قَمِيٌّ بيّن القَماءة، أي الحقارة. وأقْمَيْته أنا: أذللته.

وإذا هُمِز كان لـه معنىً آخر، وذلك قولهم: تقمَّأْت الشَّيء، إذا طلبتَه، تَقَمُّؤاً. وزعم ناسٌ أنَّ هذا من باب الإعجاب، يقال أقمأَني الشَّيءُ: أعجبني. وأقْمَأَتِ الإبِلُ: سَمِنَتْ. وتَقَمَّأْتُ الشَّيء: جمعته شيئاً بعد شيء. قال:

لقد قَضَيْتُ فلا تَستهزئا سَفَهاً *** ممَّا تقمَّأْتُه من لذّةٍ وطَرِي([2])

(قمح)  القاف والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صفةٍ تكون عند شُرب الماء من الشَّارب، وهو رَفْعُهُ رأسَه. من ذلك القامح، وهو الرَّافع رأسَه من الإبل عند الشُّرب امتناعاً منه. وإبلٌ قِماح. قال:

ونحنُ على جوانبِها قُعودٌ *** نَغضُّ الطَّرفَ كالإبلِ القِمَاحِ([3])

ويقولون: رَوِيَتْ حَتَّى انقَمَحَتْ، أي تركت الشُّرب رِيَّاً. وشَهْرا قُِمَاحٍ:

أشدُّ ما يكون من البَرْدِ، وسمِّيا بذلك لأنَّ الإبلَ إذا وردت آذاها بَردُ الماء فقَامَحَتْ، أي رفَعَتْ رؤوسَها.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَمْح، وهو البُرّ. ويقولون –ولعله أن يكون صحيحاً: اقتَمَحْتُ السَّويقَ وقَمَحْتُه، إذا ألقيتَه في فمك براحَتِك. قال ابن دريد([4]): القُمْحة من الماء: ما ملأَ فاكَ منه. والقُمَّحات: الوَرْس، أو الزَّعفران، أو الذَّرِيرة، كلُّ ذلك يُقال.

(قمد)  القاف والميم والدال أصَيلٌ يدلُّ على طُولٍ وقُوّة وشِدّة. من ذلك القُمُدُّ: القويُّ الشَّديد. قال ابن دريد([5]): "القَمْد أصل بناء القُمُدّ. [و] الأقمد: الطَّويل، رجلٌ أَقْمدُ وامرأةٌ قمداء، وقُمُدّ وقُمُدَّة".

(قمر)  القاف والميم والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على بَياضٍ في شيء، ثم يفرّع منه. من ذلك القَمَر: قَمَر السَّماء، سمِّي قمراً لبياضه. وحمارٌ أقمر، أي أبيض. وتصغير القَمَر قُمَيْر: قال:

وقميرٍ بدا ابن خمسٍ وعشريـ *** ـنَ فقالت له الفتاتان قُوما([6])

ويقال: تقمَّرتُه: أتيتُه في القَمْراء. ويقولون: قَمِرَ التَّمْر: وأقْمَرَ، إذا ضَرَبَهُ البردُ فذهبت حلاوتُه قبل أن يَنضَج. ويقال: تَقَمَّر الأسدُ، إذا خَرَجَ يطلبُ الصيد في القَمْرَاء، قال:

سَقَط العِشاءُ به على مُتَقمِّرٍ *** ثَبْتِ الجَنَانِ مُعَاوِدِ التَّطْعانِ([7])

وقمَرَ القومُ الطّيرَ، إذا عَشَّوْها ليلاً فصادُوها. فأمَّا قول الأعشى:

تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً فأصبحتْ *** قُضاعِيَّةً تَأْتي الكواهنَ ناشِصا([8])

فقيل: معناه كما يتقمَّر الأسدُ الصْيدَ. وقال آخرون: تقمّرها: خدَعها كما يُعَشَّى الطّائرُ ليلاً فيُصَاد.

ومن الباب: قَمِرَ الرّجُل، إذا لم يُبصِر في الثَّلج. وهذا على قولهم: قَمِرَت القِربة: وهو شيءٌ يُصِيبُها كالاحتراق من القَمَر.

فأمّا قولُهم: قَمَرَ يَقْمِرُ قَمْراً، والقِمار من المقامرة، فقال قومٌ: هو شاذ عن الأصل الذي ذكرناه، وقال آخرون: بل هو منه. وذلك أنَّ المُقامِرَ يزيد مالُه ولا يَبْقَى على حال. وهذا شيءٌ قد سَمِعناه. واللهُ أعلمُ بصحَّتِه.

قال ابن دريد: تَقَمَّرَ الرّجُل: إذا طَلَبَ من يقامره([9]). ويقال: قَمَرْتُ الرّجُلَ أقمُره وأقمِرُه.

(قمس)  القاف والميم والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غَمْسِ شيءٍ في الماء، والماء نفسُه يسمَّى بذلك. من ذلك قَمَسْت الشيءَ في الماء: غَمَسْتُه. ويقال: إنّ قاموس البحرِ: مُعظَمه. وقالوا في ذكر المَدِّ والجزر: إنَّ مَلَكاً قد وُكِّل بقاموس البحر، كلَّما وَضَعَ رجلَه فاض، فإذا رفَعَها غاضَ. ويقولون*: قَمَسَ الولدُ في بطن أمِّه: اضطرب. والقَمَّاس: الغَوَّاص. وانْقَمَسَ النّجم: انحطَّ في المَغْرِب. وتقول العربُ للإنسان إذا خاصم مَنْ هو أجرأ منه: "إنما يُقَامِسُ حُوتاً".

(قمش)  القاف والميم والشين. يقولون: القَمْش: جَمْعُ الشيء من ها هنا [وهُنَا([10])].

(قمص)  القاف والميم والصاد أصلان: أحدهما يدل على لُبس شيء والانشِيامِ فيه، والآخَر على نَزْوِ شيءٍ وحركة.

فالأوَّل القَميص للإنسان([11]) معروف. يقال: تَقَمَّصَه، إذا لَبِسه. ثم يُستعار ذلك في كلِّ شيء دخل فيه الإنسان، فيقال: تقمَّصَ الإمارَةَ، وتقمَّص الوِلاية. وجَمْع القميص أقمصةٌ، وقُمُص.

والأصل الآخر القَمْص، من قولهم: قمص البعير ويقمُص قمصاً وقِمَاصاً، وهو أن يرفع يدَيه ثم يطرحَهما معاً ويَعجِنَ برجليه. وفي الحديث([12])ذكر القامصة، وهو من هذا. يقال قَمَص البحر بالسَّفينة، إذا حَرّكَها بالموج، فكأنَّها بعيرٌ يقمِصُ.

(قمط)  القاف والميم والطاء أُصَيْلٌ يدلُّ على جمع وتجمُّع. من ذلك القَمْط: شدُّ أعصابِ الصبيِّ بقماطِهِ. ومنه قُمِطَ الأسير، إذا جُمع بين يديه ورجليه بِحبل. ووقعت على قِماطِهِ، معناه، على عَقْدِ أمرِهِ كيف عَقْدُه، وكذلك إذا فَطِنْتَ له. ومرَّ بنا حولٌ قَميطٌ، أي تامٌّ جميع. وسِفادُ الطَّائرِ قَمْطٌ أيضاً، لجمعه ماءه في أُنثاه.

(قمع)  القاف والميم والعين أصولٌ ثلاثة صحيحة: أحدها نزولُ شيءٍ مائعٍ في أداةٍ تُعْمَل له، والآخَر إذلالٌ وقهر، والثالث جنسٌ من الحيوان.

فالأوَّل القِمَعُ معروف، يقال قِمَعٌ وقِمْع. وفي الحديث: "وَيلٌ لأقماع القول"، وهم الذين يَسمَعون ولا يَعُون، فكأنَّ آذانَهم كالأقماع التي لا يَبْقَى فيها شيء. ويقولون: اقتَمَعْتُ ما في السِّقاء، إذا شربتَه كلَّه، ومعناه أنك صِرْت([13]) له كالقِمَع.

والأصل الآخَر، وقد يمكنُ أنْ يُجمَعَ بينه وبين الأوَّل بمعنىً لطيف، وذلك قولُهم: قمَعْتُه: أذلَلْتُهُ. ومنه قَمَعْتُه، إذا ضربته بالمِقْمَع. قال الله تعالى: {ولهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج 21]. وسمِّي قَمَعَة بن الياس لأنَّ أباه أمره بأمرٍ فانقمع في بيته، فسمِّي قَمَعة. والقياس في هذا والأوَّلِ متقارِب؛ لأنَّ فيه الوُلوجَ في بيته وكذلك الماءُ ينقمع في القِمَع. والأصل الآخَر القَمَع: الذُّباب الأزرق العظيم. يقال: تركناه يتَقَمَّع الذِّبَّانُ من الفَرَاغ، أي يذُبُّها كما يتقمَّع الحِمار. وتُسمَّى تلك الذِّبَّانُ: القَمَعُ. قال أوس:

ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ نصرَه *** وعُفْرُ الظِّباء في الكِناسِ تَقَمَّعُ([14])

ويقال: أقْمَعتُ الرّجل عنِّي، إذا ردَدتَه عنك. وهو من هذا، كأنَّه طردَه. ومما حُمِل على التَّشبيه بهذا، القَمَعُ: ما فوق السَّناسِن من سَنام البعيرِ من أعلاه. ومنه القَمَع: غِلَظٌ في إحدى رُكبتَي الفَرَس. والقَمَع: بَثْرَةٌ تكون في المُوق من زيادةِ اللَّحم.

ومما شَذَّ عن هذه الأصولِ قولُهم: إنَّ قمعة مالِ القومِ: خيارُه([15]).

(قمل)  القاف والميم واللام كلماتٌ تدلُّ على حَقارةٍ وقماءة. رجلٌ قَمَليٌّ، أي حقير، والقُمَّل: صِغار الدَّبا. وأقْمَلَ الرِّمْث، إذا بدا ورقُه صغاراً، كأنَّ ذلك شبِّه بالقُمَّل.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 167).

([2]) لابن مقبل، كما في المجمل واللسان (قمأ).

([3]) لبشر بن أبي خازم، كما في اللسان (قمح) ومختارات ابن الشجري 80.

([4]) الجمهرة (2: 182).

([5]) الجمهرة (2: 294).

([6]) لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 50 والأزمنة والأمكنة للمرزوقي 50. ورواية الديوان: "له قالت الفتاتان". وفي الأزمنة:

وقمير بدا لخمس وعشريـ *** ـن لـه قالت الفتاتان قوما

قال المرزوقي: "يريد قومَنْ".

([7]) لعبد الله عنمة الضبي، كما في اللسان (قمر) برواية: "حامي الذمار معاود الأقران". وقبله:

أبلغ عثيمة أن راعي إبله *** سقط العشاء به على سرحان

وانظر أمثال الميداني (1: 300).

([8]) ديوان الأعشى 108 واللسان (قمر، نشص).

([9]) في الجمهرة (2: 406): "إذا غلب من يقامره"، وما هنا صوابه.

([10]) في المجمل: "من هنا وهنا".

([11]) في الأصل: "الإنسان".

([12]) هو حديث علي كرم الله وجهه أنه "قضى في القارصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثاً".

([13]) في الأصل: "صوت".

([14]) كذا وصواب الرواية: "أرسل مزنة"، كما في المجمل واللسان وإصلاح المنطق 49 والمخصص (8: 183). وأما رواية المقاييس فهي في بيت آخر لرجل إسلامي أنشده ياقوت في رسم القادسية، وهو:

ألم تر أن الله أنزل نصره *** وسعد بباب القادسية معصم

([15]) في الأصل: "خيارهم"، صوابه في المجمل.

 

ـ (باب القاف والنون وما يثلثهما)

(قنا)  القاف والنون والحرف المعتلُّ أصلان يدلُّ أحدهُما على ملازمة ومُخالَطَة، والآخرَ على ارتفاعٍ في شيء.

فالأوَّلُ قولهم: قاناه، إذا خالَطَه، كاللَّونِ يُقانِي لوناً آخرَ غيرَه. وقال الأصمعيّ: قانيتُ الشَّيءَ: خَلَطته. قال امرؤ القيس:

كبكر المُقاناةِ البياضَُِ بصُفْرَةٍ ***غَذَاها نَمِيرُ الماء غَيْرَ مُحَلَّلِ([1])

ومن ذلك قولهم: ما يُعَانِيني هذا، أي ما يوافِقُني. ومعناه أنَّه ينْبُو عنه فلا يخالطُه.

ومن الباب: قَنَى الشَّيءَ واقتناه، إذا كان ذلك مُعَدَّاً له لا للتِّجارة. ومالٌ قُِنْيانٌ: يتَّخَذ قُِنْيةً. ومنه: قَنَيْتُ حيائي: لزِمْتُه. واشتقاقُه من القُِنْية.

قال الشاعر([2])

*فاقْنَيْ حياءَكِ لا أبا لَكِ واعلَمِي *** أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ

والقِنْو: العِذْقُ بما عليه، لأنَّه ملازِمٌ لشجرته.

ومن الباب المَقْنَاة من الظِّلِّ فيمَنْ لا يَهمِزُها، وهو مكانٌ لا تُصيبه الشَّمس. وإنَّما سمِّي بذلك لأنَّ الظلَّ مُلازِمُه لا يكادُ يُفارِقُه. ويقول أهلُ العلم بالقُرآن: إنَّ كهفَ أصحابِ الكهف في مَقْناةٍ من جبل.

والأصل الآخر: القَنَا: احديدابٌ في الأنْف. والفعل قَنِيَ قَنىً. ويمكن أن تكون القَناة من هذا، لأنَّها تُنْصَب وتُرْفَع؛ وألِفُها واو لأنَّها تُجمَع قَناً وقَنَوات. وقناةُ الماء عندنا مشبَّهةٌ بهذه القناة إنْ كانتْ قناةُ الماء عربيَّة. والتشبيهُ بها ليس من جهةِ ارتفاعٍ، ولكن هي كظائِمُ وآبارٌ فكأنَّها هذه القناة، لأنَّها كعوبٌ وأنابيب.

وإذا هُمِزَ خَرَجَ عن هذا القياس، فيقال: قَنَأَ، إذا اشتدتْ حُمرتُه وهو قانئ. وربَّما همزوا مَقْنَأة الظّلّ، والأوَّل أشْبَهُ بالقِياسِ الذي ذكرناه.

(قنب)  القاف والنون والباء أصلٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع. من ذلك المِقنَب: القِطْعةُ من الخَيْل، يقال هي نحوُ الأربعينَ. والقَنِيب: الجماعةُ من النَّاس.

قال ابن دُريد([3]): قنَّب الزَّرعُ تقنيباً، إذا أعْصَفَ. قال: وتسمَّى العَصِيفة: القُنَّابَة. والعصيفة: الوَرَق المجتمعُ الذي يكون فيه السُّنبُل.

ومن الباب: القُنْب، وهو وعاء ثِيلِ الفَرَس، وسمِّي بذلك لأنَّه يَجمع ما فيه. وأمّا القُِنَّب فزعم [قومٌ] أنّها عربية. فإنْ كان كذا فهو من قَنَّب الزَّرعُ، إذا أعْصَف. وهو شيء لا يتَّخذ من بعض ذلك.

(قنت)  القاف والنون والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دين، لا يعدو هذا الباب. والأصل فيه الطَّاعة، يقال: قَنَتَ يَقْنُتُ قُنوتاً. ثمَّ سمِّي كلُّ استقامةٍ في طريقِ الدِّين قُنُوتاً، وقيل لطُولِ القِيام في الصَّلاةِ قُنُوت، وسمِّي السُّكوتُ في الصَّلاة والإقبالُ عليها قُنوتاً. قال الله تعالى: {وقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} [البقرة 238].

(قنح)  القاف والنون والحاء ليس هو عندنا أصلاً. على أنَّهم يقولون: قَنَحَ الشَّارِبُ، إذا رَوِيَ فرَفَعَ رأسَه رِيَّا. وهذا من قَمَحَ من باب الإبدال، وقد مرَّ ذِكرُه.

ومن طرائف ابن دُريد([4]): قَنَحْتُ العُود قَنْحاً: عطفتُه. قال: والقُنَّاح: المِحجَن بلغة أهل اليمن.

(قند)  القاف والنون والدال كلمتانِ زعَمُوا أنهما صحيحتان. قالوا: القَنْد عربيٌّ. يقولون: سَوِيقٌ مقنود ومُقَنَّد. والكلمةُ الأخرى القِنْدأوَة، قالوا: هو السَّيئ الخُلُقُ.

(قنر)  القاف والنون والراء كلمة: القَنَوَّر: الضَّخْم الرَّأْس.

(قنس)  القاف والنون والسين أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثَبَاتِ شيء. من ذلك: القَِنس: مَنْبِتُ كلِّ شيءٍ وأصلُه. قال:

* في قِنْسِ مجدٍ فاتَ كُلَّ قَِنسِ([5]) *

قالوا: وكلُّ شيءٍ ثَبَت في شيءٍ فذلك الشّيء قَِنْسٌ له. قالوا: والقَوْنَس في البَيْضة: أعلاها، وقَوْنَسُ ناصيةِ الفَرَس: ما فوقَها؛ وهي ثابتة. قال:

اطرُدَ عَنْكَ الهُمُومَ طارِقَها *** ضَرْبَكَ بالسَّيْفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ([6])

(قنص)  القاف والنون والصاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الصَّيد قَطْ. فالقانِص: الصَّائد. والقَنَص: الصَّيد. والقَنْص: فِعْل القانص. قال ابن دُريد: القَنيص: الصائد([7]). وبنُو قَنَص بن مَعدّ: قومٌ دَرَجُوا.

(قنط)  القاف والنون والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على اليأس من الشَّيء. يقال: قَنَط يَقْنِط، وقَنِطَ يقْنَط. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَِطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إلاَّ الضَّالُّون([8])} [الحجر 56].

(قنع)  القاف والنون والعين أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على الإقبال على الشيء، ثمَّ تَختلفُ معانيه مع اتِّفاق القياس؛ والآخَر يدلُّ على استدارة في شيء.

فالأوَّل الإقناع: الإقبال بالوجه على الشَّيء. يقال: أقْنَعَ لهُ يُقنِع إقناعاً.

والإقناع: مَدُّ اليدِ عند الدُّعاء. وسمِّي بذلك عند إقباله على الجهة التي يمدُّ يدَه إليها. والإقناع: إمالةُ الإناء* للماء المنحدِر.

ومن الباب: قَنَع الرَّجُل يَقْنَعُ قُنوعاً، إذا سَألَ. قال الله سبحانه: {وَأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ} [الحج 36]. فالقانع: السَّائل؛ وسمِّي قانعاً لإقبالهِ على مَنْ يسألُه، قال:

لَمَالُ المرءِ يُصلِحُه فيُغنِي *** مفاقِرَه أعفُّ من القُنوعِ([9])

ويقولون: قَنِعَ قَنَاعةً، إذا رَضِيَ. وسمِّيتْ قناعةً لأنَّهُ يُقْبِلُ على الشَّيء الذي لهُ راضياً. والإقناع: مَدُّ البَعيرِ رأسَه إلى الماء للشّرْب. قال ابنُ السِّكَِّيت: قَنَعت الإبلُ والغَنَمُ للمرتع، إذا مالَتْ لـه. وفلانٌ شاهدٌ مَقْنَعٌ؛ وهذا من قَنِعْتُ بالشَّيء، إذا رَضِيتَ به؛ وجمعه مَقَانع. تقول: إنه رضَىً يُقْنَع به. قال:

وعاقَدْتُ ليلَى في الخَلاءِ ولم تَكُنْ *** شُهودِي على لَيْلَى شهودٌ مَقَانعُ([10])

وأما الآخر فالقِنع، وهو مستديرٌ من الرَّمل. والقِنْع والقِنَاع: شِبْهُ طَبَقٍ تُهدَى عليه الهديَّة. وقِناعُ المرأةِ معروفٌ، لأنَّها تُدِيرهُ برأسها. ومما اشتُقَّ من هذا القِناع قولُهم: قَنَّع رَأْسَه بالسَّوطِ ضَرباً، كأنَّه جَعَلَه كالقِناعِ له.

ومما شَذَّ عن هذا الأصل الإقناع: ارتِفاعُ الشَّيء ليس فيه تصَوُّبٌ. وقد يُمكنُ أن يُجعَلَ هذا أصلاً ثالثاً، ويُحتَجَّ فيه بقوله تعالى: {مُهْطعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} [إبراهيم 43]. قال أهلُ التَّفسير: رافعي رؤوسِهِم.

(قنف)  القاف والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في شيء. من ذلك القَنِيف: الجَمَاعة من النَّاس. والقَنِيف، فيما ذكره ابن دريد([11]): القِطعة من اللَّيل. يقال: مرَّ قَنِيفٌ من اللَّيل.

ومن الباب: القَنَف: صِغَرُ الأُذُنَين وغِلَظُهما. وهو ذلك القياس، وكذلك القُِنَاف، وهو الغليظ الأَنْف.

(قنم)  القاف والنون والميم كلمةٌ واحدة. يقولونَ: قَنِمَ الشيء قَنَما، إذا نَدِيَ ثم رَكِبَه غُبارٌ فتوسَّخَ. ويكونُ ذلك في شُعور الخَيْلِ والإبل.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت من معلقته المشهورة. و "البياض" تروى بالوجوه الثلاثة.

([2]) هو عنترة بن شداد . ديوانه 180 واللسان (قنا).

([3]) في الجمهرة: (1: 323).

([4]) في الجمهرة: (2: 183).

([5]) للعجاج في ملحقات ديوانه 78 واللسان (قنس).

([6]) البيت يروى لطرفة بن العبد، وقال ابن بري: إنه مصنوع عليه. انظر شرح شواهد المغنى للسيوطي 315. قلت: وليس في ديوانه. وهو بدون نسبة في اللسان (قنس). والإنصاف لابن الأنباري 233. والرواية: "اضرب عنك الهموم"، أراد: اضربن فحذف النون وبقيت الفتحة دالة عليها.

([7]) في المجمل: "قال ابن دريد: الصيد قنيص والصائد قنيص". وهذا النقل مطابق لما في الجمهرة

(3: 85).

([8]) قرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف بكسر النون، ووافقهم اليزيدي والحسن والأعمش. والباقون بفتحها كعلم يعلم. والأول كضرب يضرب لغة أهل الحجاز وأسد، وهي الأكثر، ولذا أجمعوا على الفتح في الماضي في قوله تعالى: {من بعد ما قنطوا} [الشورى 28]. إتحاف فضلاء البشر 275.

([9]) للشماخ في ديوانه 56 واللسان (فقر، قنع) والأضداد لابن الأنباري 55. وانظر المخصص(12: 287).

([10]) كذا ورد ضبطه في المجمل واللسان على تقديم الخير. ونسب في اللسان إلى البعيث.

([11]) الجمهرة (3: 155).

 

ـ (باب القاف والهاء وما يثلثهما)

(قهو)  القاف والهاء والحرف المعتلُّ أصلٌ يدلُّ على خِصْب وكثرة. يقال للرَّجُل المُخصِب الرَّحْلِ: قاهٍ. يقال: إنَّه لَفِي عَيْشٍ قاهٍ. فأمَّا قولُهم: أقْهَى الرَّجلُ من طَعَامٍ، إذا اجْتَوَاهُ، فليس ذلك من جهةِ اجتوائِهِ إيّاه، وإنّما هو من كثرته عنده حَتَّى يتملأ عنده فيجتَوِيَه. وأمَّا القهوة فالخمر، قالوا: وسمِّيت قَهْوَةً أنَّها تُقْهِي عن الطَّعام؛ والقياس واحد.

(قهب)  القاف والهاء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان.  يقولون: القُهْبَةُ: بياضٌ تعلوه حُمْرة. والقَهْبُ من ولد البقرة ما يكون لونُه كذا. والقَهْب: الجَبَل العظيم. والأقهبان: الفيلُ والجاموس، وكلُّ ذلك متقارِب.

(قهد)  القاف والهاء والدال كلمةٌ واحدة. يقولون: القَهْد من ولد الضَّأن يضرب لونه إلى البَيَاض.

(قهر)  القاف والهاء والراء كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على غَلَبة وعُلُوّ. يقال: قَهَرَه يَقهره قَهْراً. والقاهر: الغالب. وأقْهَرَ الرّجُل، إذا صُيِّر في حالٍ يذلُّ فيها. قال:

تَمَنّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جذاعَهُ *** فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأقْهَرا([1])

وقُهِر، إذا غُلِبَ. ومن الباب: قُهِرَ اللَّحمُ: طبِخ حَتَّى يسيل ماؤُه. والقهقر: فيما يقال: التَّيْس([2]). فإنْ كان صحيحاً فلعلَّه من القياس الذي ذكرناه. والقَهْقَر([3]): الحجر الصُّلب. وليس يبعد عن الأصل الذي بُنيَ عليه الباب.

ومما شذَّ عن ذلك: [رَجَع([4])] القَهْقَرَى، إذا رجع إلى خَلْفِه.

(قهز)  القاف والهاء والزاء كلمةٌ. يقولون: القَِهْزُ([5]): ثيابُ مِرْعِزَّى يُخالِطُها حرير، وبها يشبَّه الشَّعر الليِّن. قال:

* من القَِهْز والقُوهِيّ([6]) *

(قهس)  القاف والهاء والسين كلماتٌ إن صَحَّت. يقولون: جاء يَتَقَهْوَس، إذا جاء مُنْحَنِياً([7]) يَضْطرب. وهذا ممكنٌ أن يكون هاؤه زائدة، كأنَّه يَتقوس. ويقولون: القَهْوَسة: السُّرعة. والقَهْوَس: الرَّجُل الطويل.

(قهل)  القاف والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على قَشَف وسُوءِ حال. من ذلك القَهَلُ، وهو التقشُّف. ورجلٌ متقهِّلٌ: لا يتعهَّد جَسدَه بنظافةٍ. ومن الباب أو قريبٍ منه: القَهْل: كُفران الإحسان واستقلالُ النِّعمة. وأقْهَلَ الرَّجلُ نَفْسَهُ: دَنَّسها بما لا يَعْنِيه. والتقَهُّل: شَكْوَى الحاجة. قال:

* لَعْواً متى لاقَيتَه تَقَهَّلاَ([8]) *

ويقولون: انقَهَلَ، إذا سَقَط وضَعُف. ويقولون: قَهَلْتُ الرّجُلَ قَهْلاً، إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً.

ومما شذَّ عن هذا وما أدري كيف صحَّتُه، يقولون: القَيْهَلة: الطَّلْعة. يقال: حَيَّا الله قَيْهَلَتَه. وليست بكلمةٍ عَذْبة.

- (باب القاف والواو وما يثلثهما)

(قوي)  القاف والواو والياء أصلانِ متباينان، يدلُّ أحدُهما على شِدَّة وخِلافِ ضَعْف، والآخَر على خلافِ هذا وعلى قِلّة خَيْر.

فالأوَّل القُوّة، والقوِيّ: خلاف الضّعيف. وأصل ذلك من القُوَى، وهي جَمْعُ قوةٍ من قُوَى الحبل. والمُقْوِي: الذي أصحابُه وإبلُه أقوياء. والمُقْوِي: الذي يُقْوِي وَتَرَه، إذا لم يُجِدْ إغارتَه فتراكبَتْ قُواه. ورجلٌ شديد القُوى، أي شديدُ أسْرِ الخَلْق.

فأمَّا قولهم: أقوى الرّجُلُ في شِعره، فهو أن يَنْقُص من عروضه قُوّة. كقوله:

أفَبَعْدَ مقتلِ مالكِ بن زُهَيْرٍ *** يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ([9])

والأصل الآخر: القَوَاء([10]): الأرض لا أهلَ بها. ويقال: أقْوَت الدّارُ: خلت. وأقوى القومُ: صاروا بالقَوَاء والقِيِّ. ويقولون: باتَ فلانٌ القَوَاءَ وبات القَفْرَ، إذا بات على غير طُعْم. والمُقْوِي: الرّجُل الذي لا زَادَ معه. وهو من هذا، كأنَّه قد نزل بأرضٍ قِيٍّ.

ومما شذَّ عن هذا الأصلِ كلمةٌ يقولونها: يقولون: اشتَرَى الشُّركاءُ الشَّيءَ ثم اقتَوَوْه، إذا تزايدُوه حَتَّى بلغ غايةَ ثَمنِه.

(قوب)  القاف والواو والباء أصلٌ صحيح، وهو شِبْه حَفْرٍ مُقَوَّر في الشَّيء. يقال: قُبْتُ الأرضَ أقُوبُها قَوْباً، وكذلك إذا حَفَرتَ فيها حُفْرةً مقوَّرة. تقول: قُبْتُها فانقابت. وقَوَّبْتُ الأرضَ، إذا أثّرتَ فيها. وتقوَّب الشيء: انْقَلَع من أصلِه. وكأنَّ القُوَباءَ من هذا، وهي عربيّة، قال:

يا عجبا لهذه الفَليقَهْ *** هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ([11])

وقد تسكن واوها فيقال قُوبَاء. ويقولون: "تخلَّصَتْ قائِبةٌ من قُوب" أي بيضة من فَرْخ؛ يضرب مثلاً للرّجُل يفارِقُ صاحبَه.

(قوت)  القاف والواو والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ وحفظٍ وقُدرةٍ على الشَّيء. من ذلك قولُه تعالى: {وكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقِيتاً} [النساء 85]، أي حافظاً له شاهداً عليه، وقادراً على ما أراد. وقال:

وذي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه *** وكنتُ على إساءته مُقِيتَا([12])

ومن الباب: القُوت ما يُمْسِكُ الرَّمَق؛ وإنَّما سُمِّي قُوتاً لأنَّه مِساكُ البَدَن وقُوَّتُه. والقَوْت: العَوْل. يقال: قُتُّه قَوْتاً، والاسم القُوت. ويقال: اقتَتْ لنارك قِيتةً، أي أطعِمْها الحَطَب. قال ذو الرُّمَّة:

فقلتُ له ارْفَعْهَا إليكَ وأَحْيِها *** برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا([13])

(قود)  القاف والواو والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء، ويكون ذلك امتداداً على وجه الأرض وفي الهواء. من ذلك القُود: جمع قَوْداء، وهي النَّاقة الطويلة العُنُق. والقَوْدَاء: الثَّنِيَّة الطَّويلة في السماء. وأفراسٌ قُودٌ: طِوالُ الأعناق. قال النَّابغة:

قُودٌ براها [قِيادُ الشُّعبِ فانهدمت *** تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَمَا([14])]

ويفرّع من هذا فيقال: قُدْتُ الفَرَسَ قَوْداً، وذلك أن تمدَّه إليك؛ وهو القياس، ثمَّ يسمُّون الخَيلَ قَوْداً، فيقال: مرَّ بنا قَوْدٌ. وفرسٌ قَؤُودٌ: سلسٌ مُنْقاد([15]). والقائد من الجَبَل: أنْفُهُ([16]). والأقْوَد من النّاس: الذي إذا أقْبَلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ ينصرف. والقَوَدُ: قَتْلُ القاتل بالقتيل، وسمِّي قَوَداً لأنَّه يُقادُ إليه.

(قور)  القاف والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ في شيء. من ذلك الشيء* المُقَوَّر. وقُوَّارَةُ القَمِيصِ معروفة. والقُور: جمع قَارَةٍ، وهي الأَكَمة؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها مستديرة. فأمَّا الدَّبَّة([17]) فيقول ناسٌ: إنَّها تسمَّى القَارَة، وذلك على معنى التشبيه بقارَة الأَكَم. ويقولون: دارٌ قَوْراءُ، وهو هذا القياس، وإنما هذا موضوعٌ على ما كانت عليه مساكنُ العرب من خيَمِهم وقبابِهم. واقورَّ الجِلْدُ: تَشَانَّ([18]). وهو من الباب، لأنَّه يتجمَّع ويدورُ بعضُه على بعض.

ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم: لَقِيتُ منه الأقْوَرِينَ والأقْوَرِيَّاتِ، وهي الشَّدائد.

(قوز)  القاف والواو والزاء كلمةٌ واحدة، وهي القَوز: الكثيب، وجمعه أقوازٌ وقِيزان. قال:

وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفَاعِ لَعلَّني *** أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها([19])

(قوس)  القاف والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدير شيءٍ بشيء، ثم يُصَرَّف فتقلبُ واوهُ ياءً، والمعنى في جميعِهِ واحد. فالقوْس: الذِّراع، وسمِّيت بذلك لأنَّه يقدر بها المَذْرُوع([20]). [وبها سمِّيت القَوسُ] التي يُرمَى عنها. قال الله تعالى: {فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدْنَى} [النجم 9]. قال أهلُ التفسير: أراد: ذِرَاعَين. والأقْوَس: المُنْحنِي الظَّهر. وقد قَوَّسَ الشَّيخُ، أي انحَنى كأنَّه قوسٌ. قال امرؤ القيس:

أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَن قلَّ مالُه *** ولا مَنْ رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا([21])

وتقلب الواوُ لبعض العِلَل ياءً فيقال: بيني وبينه قِيسُ رُمْح، أي قَدْرُه. ومنه القِياسُ، وهو تَقديرُ الشَّيء بالشيء، والمقدار مِقْياسٌ. تقول: قَايَسْتُ الأَمْرَينِ مُقايَسَةً وقياساً. قال:

يخزَى الوَشيظُ إذا قال الصَّريحُ لهم *** عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس([22])

وجمعُ القَوْسِ قِسِيٌّ، وأقواس، [وقِياس([23])]. قال:

* ووتَّر الأساوِرُ القياسَا([24]) *

وحكى بَعضُهم أنَّ القوسَ: السَّبْق، وأنَّ أصل القياسِ منه؛ يقال: قاسَ بنو فلانٍ بني فلان، إذا سَبَقُوهم، وأنشد:

لَعَمْرِي لقد قاسَ الجميعَ أبوكُم *** فَهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا

وأصل ذلك كلِّه الواو، وقد ذَكَرْناه.

ومما شذّ عن هذا الباب القَوْس: ما يَبقَى في الجُلَّة من التَّمر. والقَوْس: نَجْمٌ. والمِقْوَس: المكانُ تُجرَى منه الخيلُ، يُمَدُّ في صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى، ثمَّ تُرْسَل. فأمَّا القُوسُ فصَومعةُ الرَّاهب، وما أُراها عربيَّة، وقد جاءت في الشِّعر. قال:

………… كأنّها *** عَصا قَسِّ قُوسٍ لينُها واعتدالُها([25])

وقال جرير:

……… ولو وقَفَتْ *** لاستَفْتَنَتْنِي وذَا المِسْحَينِ في القُوسِ([26])

(قوض)  القاف والواو والضاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء. يقال: قَوَّضْت البناء: نقضْتُه من غير هَدْم. وتقوَّضَتِ الصُّفوف: انتَقَضَتْ.

(قوط)  القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون: القَوْط: اليسير من الغَنَم، والجمع أقْواط.

(قوع)  القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط في مكانٍ. من ذلك القاع: الأرض المَلْساء. والألِفُ في الأصل واو، يقال في التصغير قَوَيْعٌ. قال ابن دريد([27]): القَوْع: المِسْطح الذي يُبسَط فيه التَّمر، والجمع أقواع. فأمّا القَوْع، وهو ضِرابُ الفحلِ الناقةَ، فليس من هذا الباب، لأنَّه من المقلوب. وأصله قَعْو؛ وقد ذُكِر.

وممّا شَذَّ عن هذا الباب قولُهم: إنَّ القُوَاعَ: الذَّكَر من الأرانب.

(قوف)  القاف والواو والفاء كلمةٌ، وهي من باب القَلْب وليست أصلاً. يقولون: هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنى يقفو. ويقولون: أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه([28])، وهو الشَّعَْر المتدلِّي في نُقْرة القَفا.

(قوق)  القاف والواو والقاف كلمةٌ، يقولون: القُوق([29]): الرَّجُل الطويل.

(قول)  القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمهُ، وهو القَول من النُّطق. يُقال: قَالَ يقول قَولاً. والمِقْوَل: اللِّسان. ورجل قُوَلةٌ وقَوَّالٌ: كثير القَول. وأمّا أقوال([30])………………… ([31]).

(قوم)  القاف والواو* والميم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على جماعةِ ناسٍ، وربِّما استعير في غيرهمْ. والآخَر على انتصابٍ أو عَزْم.

فالأوّل: القوم، يقولون: جمع امرئٍ، ولا يكون ذلك إلاّ للرِّجال. قال الله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات 11]، ثمَّ قال: {وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات 11].

وقال زُهير:

وما أدرِي وسَوْف إخالُ أدْري *** أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ([32])

ويقولون: قومٌ وأقوامٌ، وأقاوِمُ جمعُ جمعٍ. وأمَّا الاستعارة فقولُ القائل:

إذا أقْبَلَ الدِّيْكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ *** عِنْد الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ([33])

فجمع وسَمَّاها قوماً.

وأمّا الآخر فقولُهم: قامَ قياماً، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة، إذا انتصب. ويكون قامَ بمعنى العَزيمة، كما يقال: قامَ بهذا الأمر، إذا اعتنَقَه. وهم يقولون في الأوَّل: قيامٌ حتم، وفي الآخر: قيامٌ عَزْم.

ومن الباب: قوَّمْتُ الشَّيء تقويماً. وأصل القِيمة الواو، وأصلُه أنَّك تُقيم هذا مكانَ ذاك.

وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون: استَقَمْتُ المَتاعَ، أي قوَّمْتُه.

ومن الباب: هذا قِوام الدين والحقّ، أي به يقوم. وأمَّا القَوَام فالطُّول الحَسَن. والقُومِيَّة: القَوام والقامة. قال:

* أيَّامَ كُنتُ حسَنَ القُومِيَّهْ([34]) *

ـــــــــــــــ

([1]) للمخبل السعدي، كما في اللسان (قهر، جذع). وحصين: اسم الزبرقان بن بدر، كما في اللسان (قهر). ورواه الأصمعي بالبناء للمجهول في الفعلين.

([2]) في الأصل: "الشين"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس. والقهقر بهذا المعنى مشدد الراء في القاموس، مخففها في المجمل واللسان.

([3]) يقال بتخفيف الراء وتثقيلها، كما في اللسان، وضبط في المجمل بالتخفيف فقط.

([4]) التكملة من المجمل.

([5]) في اللسان أن أصله بالفارسية "كهزانه".

([6]) قطعة من بيت لذي الرمة في ديوانه 360 واللسان (قهز). وهو بتمامه:

من الزرق أو صقع كأن رؤوسها *** من القهز والقوهي بيض المقانع

([7]) في الأصل: "منجياً"، صوابه في المجمل واللسان.

([8]) الرجز في المجمل (قهل)، وأنشده في اللسان (قهل، لعا).

([9]) للربيع بن زياد، كما في اللسان (قوى) وشروح سقط الزند 1146. وأنشده في العمدة (1: 94) بدون نسبة.

([10]) في الأصل: "القوى"، صوابه في المجمل.

([11]) الرجز لابن قنان، كما في اللسان (قوب). وأنشده ابن السكيت في إصلاح المنطق 378، 390 بدون نسبة. وذكر في اللسان أنه يروى: "عجبا" بالألف المنقلبة عن ياء المتكلم، وبالتنوين على تأويل: يا قوم اعجبوا عجبا.

([12]) لأبي قيس بن رفاعة، أو الزبير بن عبد المطلب، كما في اللسان (قوت). وأنشده في إصلاح المنطق 307 والمخصص (2: 91) بدون نسبة.

([13]) ديوان ذي الرمة 176 واللسان (قوت، روح).

([14]) ورد البيت مبتوراً في الأصل، وعثرت عليه تاماً في شرح ابن السكيت لديوان النابغة (مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا) الورقة 72. وفيه: "ويروى فانهدمت واندمجت" و "روى الأصمعي: قياد الغزو".

([15]) في الأصل: "وسلس مقتاد"، صوابه في المجمل.

([16]) أنف الجبل: مقدمه. وفي الأصل: "أنفد"، صوابه في المجمل.

([17]) الدية، بالفتح: الكثيب من الرمل، أو الأرض المستوية.

([18]) في الأصل: "والقوراء الجلد نشان"، صوابه في المجمل.

([19]) البيت لتوبة بن الحمير، أمالي القالي (1: 88، 131)، برواية: "بالقور" بالراء المهملة. والقوز، ضبطت في المجمل في البيت والكلام قبله بضم القاف، وقد أثبت ضبط اللسان والقاموس.

([20]) في الأصل: "بالمزروع وبها المذروع".

([21]) في الديوان 141 واللسان (قوس): "الشيب فيه".

([22]) في الأصل: "يجزي"، صوابه في المخصص (3، 92).

([23]) التكملة من المجمل.

([24]) في الأصل: "القسيا"، صوابه في المجمل (قيس) واللسان (قوس) والجمهرة (3: 44) والمخصص  (4: 46/ 17: 9). والرجز للقلاخ بن حزن، كما في اللسان. وفي الموضع الأخير من المخصص: "ووتر القساور".

([25]) أنشد هذه القطعة كذلك في المجمل. وأنشد الجواليقي عجز البيت في المعرب 278.

([26]) تمام صدره كما في الديوان 321 واللسان (قوس):

* لا وصل إذا صرفت هند ولو وقفت *

([27]) في الجمهرة (3: 134).

([28]) وبقوفها أيضاً، بطرح التاء.

([29]) والقاق أيضاً والقواق، كغراب.

([30]) كذا. ولعله: "ابن أقوال".

([31]) بياض في الأصل. وفي اللسان: "وهو ابن أقوال وابن قوال، أي جيد الكلام فصيح".

([32]) ديوان زهير 73 واللسان والمجمل (قوم) والمخصص (3: 119) وشرح شواهد المغني 48، 141.

([33]) البيت لعبدة بن الطبيب كما في الحيوان (2: 254) والمفضليات (1: 141).

([34]) الرجز للعجاج، كما في اللسان (قوم). وأرجوزته في ديوانه 72 وليس فيها هذا الشطر.

 

ـ (باب القاف والياء وما يثلثهما)

(قيأ)  القاف والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. قاءَ يَقيء قَيْئاً، واستَقَاء استفعل من القَيء. ويقولون للثَّوب المُشْبَع الصِّبغ: هو يَقِيء الصِّبْغ.

(قيح)  القاف والياء والحاء كلمة. قاح [الجُرحُ([1])] يَقِيح، وهو مِدّةٌ لا يخالطها دمٌ.

(قيد)  القاف والياء والدال كلمةٌ واحدة، وهي القَيْد، وهو معروفٌ، ثُمَّ يستعارُ في كل شيءٍ يَحْبِس. يقال: قيَّدْتُه أُقََيِّده تقييداً. ويقال: فرَسٌ قَيْدُ الأَوَابِدِ، أي فكأنَّ الوحشَ من سُرعةِ إدراكه لها مُقيَّدة. قال:

وقَدْ أَغْتدِي والطَّيْرُ في وُكْنَاتِها *** بمُنجرِدٍ قَيْدِ الأوابدِ هيكلِ([2])

والمُقيَّد: موضعُ القَيْدِ من الفَرَس.

(قيل)  القاف والياء واللام أصلُ كَلِمِهِ الواو، وإنّما كُتِب هاهنا للَّفْظ. فالقَيْل: الملكُ من مُلوكِ حِمْيرَ، وجَمْعُه أقيال. ومَن جَمَعه على الأقوال فواحدهم قَيِّل بتشديد الياء. والقيلُ والقَال، قال ابن السِّكِّيت: هما اسمانِ لا مصدران. واقْتَالَ على فُلانٍ([3])؛ إذا تَحَكَّم. ومعناه عندنا أنَّه يُشبَّه بالملك الذي هو قَيْلٌ. قال:

وماءُ سَماء كانَ غَيْرَ مَحَمَّةٍ *** وما اقتالَ في حُكْمٍ عليَّ طبيبُ([4])

ومما شَذَّ عن هذا الأصل القَيْل: شُرْبُ نصفِ النَّهار. والقائلة: نومُ نِصف النهار. وقولهم: تقيَّلَ فلانٌ أباه: أشْبَهَه، إنما الأصل تَقَيَّضَ، واللام مُبدَلةٌ من ضاد، ومعناه أنَّهما كانا في الشَّبَه قَيْضَيْنِ.

(قين)  القاف والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على إصلاحٍ وتزيين. من ذلك القَيْن: الحَدَّاد، لأنَّهُ يُصلِحُ الأشياء ويَلُمُّها؛ وجمعه قُيُون. وقِنْتُ الشَّيءَ أقِينُه قَيْناً: لمَمْتُه. قال:

ولي كبدٌ مقروحةٌ قد بَدا بِها *** صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها([5])

ويقولون: التَّقيين: التَّزيين. واقْتَانَتِ الرَّوضةُ: أخذَتْ زُخْرُفَها. ومنه يقال للمرأة مُقَيِّنة، وهي التي تُزيِّن النِّساء. ويقال: إنَّ القَيْنةَ: الأَمةُ، مغنِّيةً كانت أو غَيْرَها. وقال قومٌ: إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها قد تُعَدُّ للغِناء. وهذا جيِّد. والقَيْنُ: العَبْد.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَيْنُ: عَظْم السَّاق، وهما قَيْنانِ. قال ذو الرُّمَّة:

* قَيْنَيْهِ وانحسَرَتْ عنه الأناعيم([6]) *

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل.

([2]) البيت لامرئ القيس في معلقته.

([3]) في المجمل: "واقتال فلان على فلان".

([4]) البيت لكعب بن سعد الغنوي، من قصيدة في الأصمعيات. وأنشده في اللسان (قول) والمخصص (3: 135).

([5]) وأنشده كذلك في المجمل. والبيت من أبيات لشاعر حجازي، اللسان (قين) وإصلاح المنطق 411 ومعجم ما استعجم 451.

([6]) صدره كما في الديوان 570 واللسان (قين) وإصلاح المنطق 441:

* دانى له القيد في ديمومة قذف *

 

ـ (باب القاف والألف وما يثلثهما)

والألف فيه منقلبةٌ، وربَّما كانت همزةً.

(قاب)  القاف والألف والباء. القابُ: القَدْر. وعندنا أنّ الكلمةَ فيها معنيان: إبدالٌ، وقَلْبٌ. فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال، والألف منقلبة من ياء، والأصل* القِيدُ. قال الله تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} [النجم 9]. ويقال: القَابُ: ما بين المَقْبِض والسِّيَة. ولكلِّ قوسٍ قابَانِ.

ومما ليس من هذا الباب ولكنَّه مهموز، قولهم: قَئِبَ من الشَّراب، إذا امتلأ.

(قاق)  القاف والألف والقاف كلمةٌ واحدة، وهي القَاقُ: الرّجُل الطَّويل.

(قام)  القاف والألف والميم قد مضى ذِكرُ ذلك، والأصل في جميعه الواو. والقامَة: البَكَرة بأداتِها. قال:

لمَّا رأيتُ أنَّها لا قامَهْ ***

وأنَّني مُوف على السَّآمهْ

نزعتُ نزعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ([1])

 

(قاه)  القاف والألف والهاء كلمةٌ. يقولون: القَاهُ: الطاعةُ والجاه. ويُنشدون:

* لَمَا رأَيْنَا لأمير قَاهَا([2]) *

ـــــــــــــــ

([1]) الرجز في اللسان (قوم). وأنشده في كتاب المداخل لغلام ثعلب مخطوطة دار الكتب، في باب (اللوأص).

([2]) الرجز للزفيان في ديوانه الملحق بديوان العجاج 92. وأنشده في اللسان قيه). وإنشاده في المجمل واللسان: "لما سمعنا". وفي الديوان: "لما عرفنا".

 

ـ (باب القاف والباء وما يثلثهما)

(قبح)  القاف والباء والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلاف الحُسْن، وهو القُبْح. يقال قَبحَه الله، وهذا مقبوحٌ وقَبيح. وزعم ناسٌ أنَّ المعنى في قَبَحه: نحّاهُ وأبعدَه. [ومنه] قولُه تعالى: {وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ[القصص 42].

ومما شذَّ عن الأصل وأحسَبُه من الكلام الذي ذَهَبَ مَن كان يُحْسِنُه، قولُهم كِسْرُ قَبيحٍ، وهو عَظْمُ السَّاعد، النِّصف الذي يلي المِرْفَق. قال:

لو كنتَ عَيْراً كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ  *** ولو كنتَ كِسْراً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيحِ

(قبر)  القاف والباء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غموضٍ في شيء وتطامُن. من ذلك القَبْر: قَبْر الميِّت. يقال قَبَرْتُه أقْبُرُه. قال الأعشى:

لو أسندَتْ ميتاً إلى نَحْرِِها *** عاشَ ولم يُنقَلْ إلى قَابِرِ([1])

فإن جعلتَ لـه مكاناً يُقْبَرُ فيه قلتَ: أقْبَرْتُهُ، قال الله تعالى: {ثُمَّ أمَاتَهُ فأَقْبَرَهُ} [عبس 21]. قلنا: ولولا أنَّ العلماءَ تجوَّزُوا في هذا لمَا رأينا أنْ يُجمَعَ بين قَوْلِ الله وبين الشِّعْرِ في كتابٍ، فكيف في وَرَقَةٍ أو صفحة. ولكنَّا اقتدَيْنَا بهم، والله تعالى يَغفر لنا، ويعفو عَنَّا وعنهم([2]).

وقال ناسٌ من أهل التَّفسير في قوله تعالى: {ثُمَّ أمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس 21]. ألهمَ كيف يُدْفَن. قال ابنُ دُرَيد: أرض قَبُورٌ: غامضة. ونَخْلَةٌ قَبُور [وكَبُوسٌ([3])]: يكون حَمْلُها في سَعَفها. ومكانُ القبور مَقْبَرَة ومَقْبُرَة.

(قبس)  القاف والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صفةٍ من صفات النَّار، ثمَّ يستعار. من ذلك القَبَس: شُعْلَةُ النَّار. قال الله تعالى في قِصَّة موسى عليه السلام: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} [طه 10]. ويقولون: أقْبَسْتُ الرّجُلَ عِلماً، وقَبَسْتُه ناراً.

قال ابنُ دريد([4]): قَبَسْتُ من فلانٍ ناراً، واقتَبَسْتُ منه علماً، وأَقْبَسَنِي قَبَساً.

ومن هذا القياس قولهم: فَحْلٌ قَبِيسٌ، وذلك إذا كان سريعَ الإلقاح، كأنَّهُ شُبِّهَ بِشُعْلَةِ النّار. قال:

* فَأُمٌّ لَِقْوَةٌ وأبٌ قَبِيسُ([5]) *

فأمَّا القِبْس فيقال إنَّه الأصل.

(قبص)  القاف والباء والصاد أصلانِ يَدُلُّ أحدهما على خِفّةٍ وسُرعة، والآخَر على تجمُّع.

فالأوَّل القَبَص، وهو الخِفَّة والنَّشاط. والقَبُوص: الذي إذا جَرَى لم يُصِبِ الأرضَ منهُ إلاّ أطرافُ سَنابِكه. ومن ذلك القَبْصُ، وهو تناوُلُ الشَّيءِ بأطراف الأصابع، ولا يكون ذلك إلاَّ عن خِفَّة وعَجَلة. وقرئت: {فَقَبَصْتُ قَبْصَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ([6])} [طه 96]، بالصَّاد. وذلك المأخوذُ قَبْصة.

والأصل الآخر القِبْص، وهو العَدَد الكثير. قال:

لكم مَسجدَا اللهِ المَزُورَانِ والحَصَى  لكُمْ قِبْصُه من بينِ أثْرَى وأَقتَرَا([7])

ومن هذا الباب القَبَص في الرَّأس: الضَّخَم، ويقال منه هامَةٌ قَبْصاء. قال أبو النجم:

* [قَبْصَاءَ لَم تُفطَحْ ولم تُكَتَّلِ([8])] *

ومما شذَّ عن هذين الأصلين: القَبْصَ، وهو وجعٌ عن أكْل الزَّبيب. قال:

* أرفقة تشكو الجُحافَ والقَبَصْ([9]) *

(قبض)  القاف والباء والضاد أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على شيء مأخوذٍ، وتجمُّع في شيء.

تقول: قَبَضْتُ الشَّيءَ من المال وغيرهِ قَبْضاً. ومَقْبِض السَّيف ومَقْبَضُه: حيث تَقبِضُ* عليه. والقَبَض، بفتح الباء: ما جُمِعَ من الغنائم وحُصِّل. يقال: اطرَحْ هذا في القَبَض، أي في سائر ما قُبِض من المغْنَم. وأمَّا القَبْض الذي هو الإسراع، فمن هذا أيضاً، لأنَّه إذا أسرَع جَمَع([10]) نَفْسَهُ وأطرافَه. قال الله تعالى: {أوَلَمْ يَرَوْا إلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمسِكُهُنَّ} [الملك 19]، قالوا: يُسْرِعْن في الطَّيَران. وهذه اللّفظَةُ من قولهم: راعٍ قُبَضةٌ، إذا كان لا يتفسَّح في مَرعى غَنَمه. يقال: هو قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ، أي يَقبِضُها حَتَّى إذا بَلَغَ المكانَ يؤُمُّه رَفَضها. ويقولون للسَّائق العنيف: قبَّاضةٌ وقابض. قال رؤبة:

* قبّاضَةٌ بينَ العنيفِ واللَّبِقْ([11]) *

ومن الباب: انقبَضَ عن الأمر وتقبّض، إذا اشمأَزَّ([12]).

(قبط)  القاف والباء والطاء أصلٌ صحيح. قال ابن دريد([13]): القَبْط: جَمْعُكَ الشَّيءَ بيدِك. يقال: قَبَطْتُه أقْبِطُهُ قَبْطاً. قال: وبه سُمِّيَ القُبَّاط([14])، هذا النَّاطف، عربيٌّ صحيح.

ومما ليس من هذا الباب القِبط: أهلُ مصر، والنِّسبة إليهم قِبطيٌّ، والثِّياب القُبطيّةُ لعلَّها منسوبةٌ إلى هؤلاء، إلاَّ أنَّ القافَ ضُمَّت للفَرْق.

قال زهير:

لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذَعٌ *** باقٍ كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ([15])

وتجمع قَباطيّ.

(قبع)  القاف والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شبه أنْ يَخْتَبئ الإنسانُ أو غيرُه. يقال: [قَبَع] الخنزيرُ والقنفذُ، إذا أدْخَلَ رأسَهُ في عُنقه، قَبْعاً. وجارية قُبَعَة طُلَعة، إذا تخبَّأت تارةً وتطلَّعَتْ تارة. والقُبَعة: خِرقة كالبُرنُس، تسمِّيها العامة: القُنْبُعَة([16]). والقُبَاع: مكيالٌ واسعٌ، كأَنَّه سمِّي قُباعاً لما يَقْبَعُ فيه من شيء. وقَبَع الرّجُلُ: أعيا وانبهَرَ. وسُمِّي قابعاً لأنَّه يَتقبض عند إعيائه عن الحركة.

ومما شذَّ عن هذا الباب قَبِيعةُ السَّيف، وهي التي على طَرَف قائِمِهِ من حديدٍ أو فِضَّة.

(قبل)  القاف والباء واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ تدلُّ كلمهُ كلُّها على مواجهةِ الشَّيء للشَّيء، ويتفرع بعد ذلك.

فالقُبُل من كلِّ شيء: خلافُ دُبُره، وذلك أنَّ مُقْدِمَه يُقْبِلُ على الشَّيء. والقَبيل: ما أقبَلَتْ به المرأةُ من غَزْلها حين تَفتِله. والدَّبير: ما أدبرَتْ به. وذلك معنَى قولهم: "ما يَعْرِف قبيلاً من دَبِير". والقِبلةُ سُمِّيت قِبلةً لإقبال النَّاس عليها في صَلاتِهِم، وهي مُقْبِلةٌ عليهم أيضاً. ويقال: فَعَل ذلك قِبَلاً، أي مُواجَهَة. وهذا من قِبَل فلانٍ، أي من عنده، كأنَّه هو الذي أقْبَلَ به عليك. والقِبَال: زمام البَعيرِ والنَّعل. وقابَلْتُها: جَعَلْتُ لها قِبالَينِ، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يُقْبِلُ على الآخَر. وشاةٌ مُقابَلة: قُطِعَت من أذنها قِطعةٌ لم تَبِنْ وتُرِكَتْ مُعلَّقة من قُدُم. [فإن كانت([17])] من أُخُرٍ فهي مُدابَرة. والقابلة: الليلة المقْبلة. والعامُ القابل: المُقْبل. ولا يقال منه فَعَلَ. والقابلة: التي تَقْبَلُ الولدُ عند الوِلادِ. والقَبُول من الرِّياح: الصَّبا، لأنَّها تُقابِل الدَّبور أو البيتَ([18]). وقَبِلْتُ الشَّيءَ قَبولاً. والقَبَل في العين: إقبال السَّوادِ على المَحْجِر، ويقال بل هو إقبالهُ على الأنف. والقَبَل: النَّشَْزُ من الأرض يستقبِلُك. تقول: رأيتُ بذلك القَبَل شخصاً. والقبيل: الكفيل؛ يقال قَبِل به قَبالةً([19])، وذلك أنَّهُ يُقْبِل على الشَّيء يَضْمنُه. وافعَلْ ذلك إلى عشرٍ من ذي قَبَل([20])، أي فيما يُستَأنف من الزَّمان. ويقال: أقبَلْنا على الإبل، إذا استقينا على رؤوسها وهي تشرب. [و] ذلك هو القَبَل. وفلانٌ مُقْتَبَل الشَّباب: لم يَبِنْ فيه أثر كِبَرٍ ولم يُولِّ شبابُه. وقال:

ليس بِعَلٍّ كبيرٍ لا شبابَ به *** لكن أُثَيْلةُ صافي اللَّونِ مُقْتَبَلُ([21])

والقابل: الذي يَقْبَل دَلْوَ السّانيَة. قال:

وقابلٌ يتغنَّى كلَّما قَبضتْ *** على العَراقي يداه قائماً دَفَقَا([22])

قال ابن دريد: القَبَلة: [خرزة شبيهة بالفَلْكَة تُعَلَّق في أعناق الخيل([23])]، ويقال القَبَلة: شيءٌ تتخذه السَّاحرة تقبل بوجه الإنسان على الآخَر([24]). وقبائل الرَّأس: شُعَبُه التي تَصل بينها الشُّؤون؛ وسمِّيت ذلك لإقبال كلِّ واحدةٍ منها على الأخرى؛ و*بذلك سمِّيت قبائلُ العرب. وقَبِيل القوم: عَرِيفُهم. وسمِّي بذلك لأنَّه يُقبِل عليهم يتعرَّف أمورَهم. قال:

أوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلة *** بَعثوا إليَّ قبيلَهم يتوسَّمُ([25])

ونحن في قَبَالة([26]) فلانٍ، أي عِرافته، وما لفلانٍ قِبلةٌ، أي جهةٌ يتوجَّه إليها ويُقبِل عليها. ويقولون: القَبِيل: جماعةٌ من قبائلَ شتَّى، والقبيلة: بنو أبٍ واحد. وهذا عندنا قد قيل، وقد يقال لبني أبٍ واحدٍ قبيل. قال لبيد:

* وقَبِيلٌ من عُقَيلٍ صادقٌ([27]) *

فأمّا قولهم: لا قِبَلَ لي به([28])، أي لا طاقَة، فهو من الباب، أي ليس هو كما يمكِّنني الإقبال. فأمَّا قَبْلُ الذي هو خلافُ بعد، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، وقد يُتَمحَّل له بأن يقال هو مقبلٌ على الزّمان. وهو عندنا إلى الشُّذوذ أقرب.

(قبن)  القاف والباء والنون. يقولون: قَبَن في الأرض: ذهب. وحمار قَبَّان: دويْبّة.

(قبو)  القاف والباء والواو كلمةٌ صحيحة، تدلُّ على ضمٍّ وجمع. يقال: قَبَوْت الشَّيءَ: جمعتُه وضَممتُه. وأهلُ المدينة يسمُّون الرّفعَ في الحركات قَبْواً. وهذا حرفٌ مقْبُوّ. ويقال: إنَّ القَبَاء مشتقٌّ منه، لأنَّ الإنسانَ يجمعُه على نفْسه.

ـــــــــــــــ

([1]) ديوان الأعشى 105.

([2]) هذا نموذج صادق من ورع ابن فارس.

([3]) التكملة من الجمهرة (1: 271).

([4]) الجمهرة (1: 287).

([5]) أنشد هذا العجز في مجالس ثعلب 640. وصدره كما في اللسان (لقو، قبس): * حملت ثلاثة فوضعت تما *

وفي الألفاظ لابن السكيت 345:

* حملت ثلاثة فولدت تما *

([6]) قرأ الجمهور: (فقبضت قبضة) بالضاد المعجمة، وقرأ عبد الله وأبي وابن الزبير وحميد والحسن: (فقبصت قبصة) بفتح قاف (قبصة). وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف. تفسير أبي حيان (6: 273). وانظر إتحاف فضلاء البشر 307.

([7]) البيت للكميت، كما في اللسان (قبص). والبيت من شواهد النحويين، استشهد به في الإنصاف 427 على حذف الموصول وإبقاء صلته، وفي شرح الأشموني للألفية على حذف المنعوت الذي ليس بعض مجرور قبله بمن أو في.

([8]) موضعه بياض في الأصل. وأنشده في اللسان منسوباً لأبي النجم في (فطح)، وفي (قبص) بدون نسبة. ونجد البيت محرفاً في أرجوزة أبي النجم التي نشرها العلامة بهجة الأثري في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، أغسطس سنة 1928 ص 474. وقبله:

* تحت حجاجي هامة لم تعجل *

([9]) أنشده في اللسان (جحف، قبص) ومجالس ثعلب 221.

([10]) في الأصل: "لأنه إذا ساغ وجمع".

([11]) ديوان رؤبة 105 واللسان (قبض).

([12]) بعده الأصل: "قال رؤبة أيضاً: قباضة بين العنيف واللبق".

([13]) الجمهرة (1: 307).

([14]) هذا يطابق نص الجمهرة. وفي المجمل عن ابن دريد: "القبيطي"، وهي لغة فيه.

([15]) ديوان زهير 183 واللسان (قبط، قذع).

([16]) كذا في الأصل واللسان (قنبع). وفي المجمل: "قبيعة".

([17]) التكملة من المجمل.

([18]) هذا التعريف لأهل العراق، إذ أن القبول أو الصبا هي التي تهب من ناحية الشرق، والبيت في مغرب أهل العراق، فهي تقابله.

([19]) هي بالفتح كما في المجمل واللسان والقاموس. وأما بالكسر فمصدر لقبلت القابلة المرأة عند الولادة.

([20]) في الأصل: "عشرين ذي قبل"، صوابه في اللسان والقاموس. و "قبل" تقال بالتحريك وكعنب.

([21]) البيت للمتنخل الهذلي، كما سبق في (عل).

([22]) لزهير في ديوانه 40 واللسان (قبل) وبرواية: "كلما قدرت". وقبله:

لها أداة وأعوان غدون لها *** قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا

([23]) التكملة من الجمهرة (1: 321)، وهي ثابتة في المجمل بدون عزو إلى ابن دريد.

([24]) في الأصل: "يتخذه الساحر يقبل" إلخ. ووجهه من المجمل. وفي اللسان والجمهرة: "والقبلة خرزة من خرز نساء الأعراب يؤخذن بها الرجال، يقلن في كلامهن: يا قبلة اقبليه "ويا كرار كريه".

([25]) وكذا ورد إنشاده في المجمل. والرواية المشهورة: "عريفهم". اللسان (عرف) والأصمعيات 67 ليبسك ومعاهد التنصيص (1: 70) والعقد وكامل ابن الأثير (يوم مبايض). والبيت من أبيات لطريف بن مالك العنبري.

([26]) كذا ضبط في اللسان والقاموس، وضبط في المجمل بكسر القاف.

([27]) تمامه كما سبق في (عصل)، حيث سبق التخريج:

* كليوث بين غارب وعصل *

([28]) في الأصل: "لا قبل له بي"، والتفسير بعده يقتضي ما أثبت.

 

ـ (باب القاف والتاء وما يثلثهما)

(قتد)  القاف والتاء والدال أصلٌ صحيح، وهو كلمتان: القَتَد: خَشَبُ الرَّحْل، وجمعه أقتادٌ وقُتود. والكلمة الأخرى القَتَاد: ضربٌ من العِضاهِ، ليس فيه غير هذا. ويقولون: قُتَائد([1]): مكان.

(قتر)  القاف والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجميعٍ وتضييقٍ. من ذلك القُتْرة: بيت الصَّائد؛ وسمِّي قُترةً لضيقِهِ وتجمُّع الصَّائد فيه؛ والجمع قُتَر. والإقْتار: التَّضييق. يقال: قَتَرَ الرجلُ على أهله يَقتُر، وأقْتَر وقَتَّر. قال الله تعالى: {والذَّينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان 67]. ومن الباب: القَتَر: ما يَغْشى الوجهَ من كَرْب. قال الله تعالى: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّة[ [يونس 26].والقَتَر: الغُبار. والقاتر من الرحال: الحسَنُ الوقوعِ على ظَهْر البعير. وهو من الباب، لأنَّه إذا وقع وُقوعاً حَسَناً ضَمَّ السَّنام. فأمَّا القُتَار فالأصل عندنا أنَّ صيادَ الأسدِ كان يُقتِّر في قُتْرتِه بلحمٍ يَجِدُ الأسدُ ريحَهُ فيُقْبِل إلى الزُّبْية، ثمَّ سمِّيت ريحُ اللَّحمِ المشويِّ كيف كان قُتَاراً. قال طرَفة:

وتَنادَى القومُ في نادِيهِمُ *** أقُتَارٌ ذاكَ أم رِيحُ قُطُرْ([2])

وقَتَّرت للأسد، إذا وضعتَ له لحماً يجد قُتارَه. قال ابن السِّكِّيت: قتَر اللَّحمُ. يَقْتُر: ارتفَع دخانُه، وهو قاتر.

ومن الباب القتير، وهو رؤوس الحَلَق في السَّردِ. والشَّيبُ يسمَّى قتيراً تشبيهاً برؤوس المسامير في البياضِ والإضاءة. وأمَّا القُتْر فالجانب، وليس من هذا لأنَّه من الإبدال، وهو القُطْر، وقد ذُكر.

ومما شذَّ عن هذا الباب: ابنِ قِتْرة: حيّةٌ خبيثةٌ، إلى الصِّغر ما هُو. كذا قال الفراء. قال: كأنَّه إنما سمِّي بالسَّهم الذي لا حديدة فيه، يقال له قِترَة، والجمع قِتْر.

(قتع)  القاف والتاء والعين كلمةٌ. يقال: إنَّ القَتَع. دودٌ حُمرٌ([3]) يأكل الخشَب، واحدتها قَتعَة قال:

* خُشْبٌ تَقَصَّعُ في أجوافها القَتَعُ([4]) *

وحكى ابنُ دريد([5]): قَتَعَ الرّجُل قُتُوعاً، إذا انقمَعَ من ذُلّ.

(قتل)  القاف والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إذلالٍ وإماتةٍ. يقال: قتَلَهُ قَتْلاً. والقِتْلَة: الحالُ يُقْتَلُ عليها. يقال قَتَله قِتلةَ سَوء. والقَتْلة: المرّة الواحدة. ومَقاتِلُ الإنسان: المواضع التي إذا أُصِيبت قَتَله ذلك. ومن ذلك: قتلتُ الشيءَ خُبراً وعِلْماً. قال الله سبحانه: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً[النساء 157]. [ويقال: تقتَّلت الجاريةُ للرّجُل حتَّى عَشِقَها، كأنَّها خَضَعَتْ له. قال([6])]:

تقَتَّلتِ لي حتَّى إذا ما قتلتِني *** تنسَّكْتِ، ما هذا بفعل النواسِكِ([7])

وأقتَلتُ فلاناً: عرَّضْته للقَتل. وقلبٌ مُقَتَّلٌ، إذا قَتَّلَهُ العِشْق. قال امرؤ القيس:

وما ذَرَفَتْ عيناك* إلاّ لتَضرِبي *** بسهميكِ في أعشارِ قلبٍ مقتَّلِ([8])

قال أهلُ اللُّغة: يقال قتِلَ الرّجل، فإنْ كان من عشقٍ قيل: اقْتُتِل، وكذلك إذا قَتَلَهُ الجِنّ: قال ذو الرُّمَّة:

إذا ما امرؤٌ حاوَلْنَ أن يَقتَتِلنَه *** بلا إحنَةٍ بين النُّفوس ولا ذَحلِ([9])

وقُتِلت الخمرُ بالماء، إذا مُزِجَت؛ وهذه من حَسَن الاستعارة. قال:

إنّ التي عاطَيتَني فرددتُها *** قُتِلَتْ قُتِلْتَ فهاتها لم تُقتَلِ([10])

ومما شَذَّ عن هذا الباب ويمكنُ أن يقاسَ عليه بلُطف نَظَرٍ: القِتْل: العدوّ، وجمعه أقتال. قال:

واغترابِي عن عامرِ بن لؤيٍّ ***    في بلادٍ كثيرةِ الأقتالِ([11])

ووجهُ قياسِه أن يجعل القِتل هو الذي يقاتِل كالسِّبِّ الذي [يُسَابُّ([12])]. وليس هذا ببعيد. وقولُهم: هما قِتْلانِ، أي مثلان، وهو من هذا. فأمّا القَتَال فيقال هي النَّفْس([13])، يقال: ناقةٌ ذات قَتَالٍ، إذا كَانتْ وثيقةً. وقال بعضُ أهلِ العلم: هذا إبدالٌ، والأصل الكَتَال. وهو يدلُّ على تجمُّع الجسم، يقال: تكتَّلَ الشَّيءُ، إذا تجمَّع. وهذا وجهٌ جَيِّد.

(قتم)  القاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غُبْرَةٍ وسَواد. وكلُّ لونٍ يعلوه سوادٌ فهو أقْتَمُ. ويقال: القَتَام: الغُبار الأسود، ومنه بازٍ أقتمُ الرِّيش.ومكانٌ قاتِمٌ، مُغْبَرٌّ مظلمُ النَّواحي. قال رؤبة:

* وقاتِم الأعماقِ خاوِي المخْترَقْ([14]) *

(قتن)  القاف والتاء والنون كلمة صحيحة. يقولون. القَتِين: المرأةُ القليلة الطُّعم، وقد قَتُنَتْ قَتانةً. قال الشّماخ:

وقد عَرقَتْ مغابِنُها فجادَتْ *** بدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ([15])

أراد به القُرَادَ القليلَ الدّم.

(قتو)  القاف والتاء والواو. يقولون: القَتْو: حُسْنُ الخدمة. وفلان يَقتُو الملوكَ: يخدُمهم. قال:

…………...……لا *** أُحسِنُ قَتْوَ الملوكِ والخَببا([16])

فأمَّا المَقْتوِيُّ والمَقْتَوِينُ…([17]).

(قتب)  القاف والتاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على آلة من آلات الرِّحال أو غيرها. فالقَتَب للجمل معروفٌ. ويقال للإبل تُوضَع عليها أحمالها: قَتُوبة. قال ابنُ دريد: [القَتَب([18])]: قَتَب البعير، إذا كان ممَّا يحمل عليه، فإنْ كان من آلة السّانية فهو قِتْب بكسر القاف. وأمَّا الأقتابُ فهي الأمعاء، واحدها قتب([19])، وتصغيرها قُتَيْبة، وذلك على معنى التّشبيهِ بأقتاب الرِّحال.

ـــــــــــــــ

([1]) كذا في الأصل، وفي المجمل: "قتائدة"، وكل منهما اسم موضع، كما في معجم البلدان. أما شاهد "قتائدة" فهو قول عبد مناف بن ربع الهذلي:

حتى إذا أسلكوهم في قتائدة *** شلا كما تطرد الجمالة الشردا

([2]) ديوان طرفة 68 واللسان (قتر). والرواية فيهما:

* حين قال الناس في مجلسهم *

([3]) في المجمل: "أحمر".

([4]) في اللسان (قتع): "دود تقصف". ورواية المجمل مطابقة للمقاييس. وصدره في اللسان:

* غداة غادرتهم قتلى كأنهم *

ورواية الجمهرة:

غادرتهم باللوى قتلى كأنهم *** خشب تنقب في أجوافها القتع

([5]) الجمهرة (2: 21).

([6]) التكملة من المجمل.

([7]) أنشده في المجمل واللسان (قتل).

([8]) من معلقته المشهورة.

([9]) ديوان ذي الرمة 487 واللسان (قتل) وأمالي القالي (2: 264) والأضداد 220.

([10]) البيت لحسان بن ثابت في ديوانه 311 واللسان (قتل).

([11]) البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه 208 واللسان (قتل) وإصلاح المنطق 19.

([12]) تكملة يقتضيها الكلام، وفي المعاجم المتداولة: "السّب: الذي يسابك".

([13]) في اللسان: "القتال: النفس، وقيل بقيتها".

([14]) ديوان رؤبة 104 وأراجيز العرب للسيد البكري 22 حيث شرح الأرجوزة واللسان (قتم).

([15]) ديوان الشماخ 95 واللسان (جحن، حجن، قتن)، وسبق إنشاده في (جحن).

([16]) أنشد عجزه في اللسان (خبب)، وأنشده كاملاً في (قتا). وصدره فيه:

* إني امرؤ من بني خزيمة لا *

وصدره في مجالس ثعلب 524:

* إني امرؤ عاكب القتامة لا *

([17]) كذا ورد الكلام مبتوراً. وفي المجمل: "والمقتوي الخادم". وفي اللسان: "والمقاتية هم الخدام، الواحد مقتويّ بفتح الميم وتشديد الياء، كأنه منسوب إلى المقتي، وهو مصدر…. ويجوز تخفيف ياء النسبة… وإذا جمعت بالنون خففت الياء مقتوون، وفي الخفض والنصب مقتوين، كما قالوا أشعرين… ويروى عن المفضل وأبي زيد أن أبا عون الحرمازي قال: رجل مقتوين ورجلان مقتوين ورجال مقتوين، كله سواء".

([18]) التكملة من المجمل والجمهرة (1: 196).

([19]) يقال بالكسر وبالتحريك أيضاً، وكذلك القتبة بالكسر.

 

ـ (باب القاف والثاء وما يثلثهما)

(قثد)  القاف والثاء والدال ليس بشيء، غير أنَّه يقال: القَثَد: نبتٌ.

(قثم)  القاف والثاء والميم أصلٌ يدلُّ على جمعٍ وإعطاء. من ذلك قولهم: قَثَمَ مِن مالِهِ، إذا أعطاه. ورجلٌ قُثَمٌ: مِعْطاء. والقَثُوم: الرّجُل الجَموع للخير. قال:

فللكُبَراءِ أكلٌ كيف شاؤوا *** وللصُّغَراء أكلٌ واقتِثامُ([1])

(قثا)  القاف والثاء والألف الممدودة. القِثَّاءُ معروف.

ـــــــــــــــ

([1]) أنشده في المجمل، وأنشده في اللسان (قثم) وقبله:

لأصبح بطن مكة مقشعرا *** كأن الأرض ليس بها هشام

يظل كأنه أثناء سرط *** وفوق جفانه شحم ركام

والشعر للحارث بن خالد بن العاص كما في الاشتقاق 101 والأغاني (15: 18).

 

ـ (باب القاف والحاء وما يثلثهما)

(قحد)  القاف والحاء والدال كلمةٌ واحدة هي القَحَدَة: أصلُ السَّنام، والجمع قِحادٌ. وناقة مِقْحادٌ: ضخمة السَّنام.

(قحر)  القاف والحاء والراء كلمةٌ واحدة، وهي القَحْر، يقال إنَّه الفحلُ المُسِنُّ على بقيّةٍ فيه وجَلَد. وقد يقال للرَّجُل. والقُحارِيَةُ مثل القَحْر.وامرأة قَحْرةٌ: مُسِنَّة.

(قحز)  القاف والحاء والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قَلَقٍ أو إقلاقٍ وإزعاج. من ذلك القَحْزُ، وهو الوَثَبَانُ والقَلَقُ. والقاحِزَات: الشدائد المُزعجات من الأمور.

قال ابنُ دريد([1]): القَحْزُ: أن يَرمِيَ الرّامي السّهمَ فيسقطَ بين يدَيه. قَحَزَ السَّهم قَحْزاً. قال:

* إذا تَنَزَّى قاحِزاتُ القَحْزِ([2]) *

والقُحازُ: داء يصيبُ الغَنَم.

(قحط)  القاف والحاء والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على احتباسِ الخير، ثمّ يستعار. فالقَحْط: احتباس المطَر؛ أقَحطَ النّاسُ، إذا وقعوا في القَحْط. وأقْحَطَ الرّجلُ، إذا خالط أهلَه ولم يُنْزِل. وقَحْطانُ: أبو اليَمَن.

(قحف)  القاف والحاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ في شيء وصلابة. يقال: القَحْف. شِدَّةُ الشُّرب. ويقولون: "اليومَ قِحافٌ وغَداً نِقافٌ([3])". والقاحف من المطر: الشَّديد يَقْحَفُ كلَّ شيء. ومن الباب القِحْف: العظم فوقَ الدِّماغ، والجمع أقحاف. وقحفتُه: ضرَبْتُ قِحفَه.

(قحل)  القاف والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على يُبْسٍ في الشيء وجفَاف. فالقَحَل: اليُبْس. والقاحل: اليابس، قَحَل يَقْحَل، وقَحِلَ يَقْحَل. وقَحَِلَ الشَّيخُ: يَبِس جلدُه على عَظْمِه. ورجلٌ قَحْلٌ وإنْقَحْلٌ. والقُحال: داءٌ يُصيب الغَنَمَ فتجفُّ جلودُها.

(قحم)  القاف والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تورُّدِ الشيءِ بأدنى جفاءٍ وإقدام. يقال: قَحَمَ في الأمور قُحُوماً: رمَى بنفسه فيها من غير دُرْبة. وقُحَمُ [الطَّرِيق([4])]: مصاعبه. ويقال: إنَّ المَقاحِيمَ من الإبل: التي تقتحم الشَّوْلَ من غير إرسال. والقَحْم: البَعير يُثْنِي ويُرْبِعُ في سنةٍ واحدة، فيُقْحِم سِنَّاً على سنّ. وقَحَّم الفَرَسُ فارسَه على وجهه، إذا رَماه. ويقولون: "إنَّ للخُصومة قُحَماً" أي إنَّها تقحِّم بصاحبها على ما لا يَهواه. والقُحْمة: السَّنة تُقحِم الأعرابَ بلادَ الرِّيف.

(قحو)  القاف والحاء والواو كلمةٌ واحدة. يقولون: القَحْو تأسيس الأُقحوان، وتقديره أُفْعُلاَن، ولو جعل في دواءٍ لقيل مَقْحُوٌّ، وجمعه الأقاحِي([5]).

والأُقحوانة: موضع.

(قحب)  القاف والحاء والباء كلمةٌ تدلُّ على سُعَال الخيل والإبل، وربما جُعِل للنَّاس.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (2: 148).

([2]) البيت لرؤبة في ديوانه 64 والجمهرة واللسان (قحز).

([3]) النقاف، بكسر النون: القتال. وفي المجمل: "ثقاف"، صوابه في المقاييس واللسان (قحف، نقف) قال في (نقف): "ومن رواه: وغداً ثقاف فقد صحف".

([4]) التكملة من المجمل.

([5]) يقال بتشديد الياء وتخفيفها.

 

ـ (باب القاف والدال وما يثلثهما)

(قدر)  القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. والقَدْر: قضاء الله تعالى الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القَدَرُ أيضاً. قال في القَدَر:

خَلِّ الطَّريقَ لمن يبنِي المَنَارَ به *** وابْرُزْ بِبَرْزَةَ حيثُ اضطرَّكَ القَدَرُ([1])

وقال في القَدْر بسكون الدال:

[وما صبَّ رِجلِي في حديدِ مجاشعٍ *** مع القَدْرِ إلاَّ حاجةٌ لي أريدُها([2])]

ومن الباب الأَقْدَرُ من الخيل، وهو الذي تقعُ رِجلاهُ مَوَاقِعَ يَدَيْه، كأن ذلك قدَّرَه تقديراً. قال:

وأقْدَرُ مُشرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ *** كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئيتُ([3])

وقوله تعالى: {ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام 91]، قال المفسرون: ما عظَّموا اللهَ حقَّ عظمته. وهذا صحيحٌ، وتلخيصهُ أنَّهم لم يصفوه بصِفَته التي تَنْبَغِي له تعالى.

وقولـه تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق 7] فمعناه قُتِر. وقياسه أنَّه أُعْطِيَ ذلك بِقَدْر يسير. وقُدْرَةُ الله تعالى على خليقته: إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده، والقياس فيه وفي الذي قبلَه سواء. ويقولون: رجلٌ ذو قُدرةٍ وذو مَقدِرة، أي يسار. ومعناه أنه يبلُغُ بيسارِه وغِنائِه من الأُمور المبلغَ الذي يوافق إرادتَه. ويقولون: الأقدر من الرِّجال: القصير العنُق؛ وهو القياسُ كأنَّ عُنقَه قد قُدِرت.

ومما شذَّ أيضاً عن هذا القياس القِدر، وهي معروفةٌ. والقَدِير: اللَّحمُ يُطبخ في القِدر. والقُدَار فيما يقولون: الجَزّار، ويقال الطَّباخ، وهو أشْبَه.

ومما شذَّ أيضاً قولُهم: القُدَار: الثُّعبان العظيم وفيه نظر.

(قدس)  القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميّ، وهو يدلُّ على الطهْر.

ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة. وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس، أي الطُّهر. وجَبْرَئيلُ عليه السلامُ رُوح القُدُس. وكلُّ ذلك معناه واحد. وفي صِفَة الله تعالى: القُدُّوس*، وهو ذلك المعنى، لأنّه منزَّهٌ عن الأضداد والأنداد، والصّاحبةِ والولد، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً. ويقال: إنَّ القادسيَّة سمِّيت بذلك وإنَّ إبراهيم عليه السلام دعا لها بالقُدْس، وأن تكون مَحَلّة الحاجّ. وقُدْسٌ: جبل. ويقولون: إنَّ القُدَاس: شيءٌ كالجُمانِ يُعمَل من فِضّة. قال:

* كنَظْمِ قُدَاسٍ سِلكُه متقطِّعُ([4]) *

(قدع)  القاف والدال والعين أصلانِ صحيحانِ متباينان، أحدهما يدلُّ على الكَفِّ عن الشيء، ويدلُّ الآخَر على التهافُتِ في الشَّيء. فالأوَّل القَدْع، من قدعتُه عن الشيء: كفَفْتُه. وقَدَعْت الذُّبابَ: طردتُه عنِّي. قال:

قياماً تقَدعُ الذِّبَّانَ عنها *** بأذنابٍ كأجنحة النُّسُورِ

وامرأةٌ قَدِعَةٌ: قليلةُ الكلام حَيِيَّة، كأنَّها كفَّت نفسَها عن الكلام. وقَدَعْتُ الفَرَسَ باللِّجام: كبحتُه. والمِقدعة: العصا تَقْدَعُ بها عن نَفْسك.

قال ابن دُريد([5]): تقادَعَ القومُ بالرماح: تطاعَنُوا. وقياس ذلك كلِّه واحد.

والأصل الآخر: التهافت([6]). قالوا: القَدوع: المنصَبُّ على الشيء. يقال: تقادَعَ الفَراشُ في النَّار، إذا تهافَتَ. وتقادَعَ القومُ بعضُهم في إثرِ بعضٍ: تساقطُوا. وفي الحديث في ذكر الصِّراط: "فيتقادَعُون تَقادُعَ الفَراشِ في النّار".

(قدف)  القاف والدال والفاء. يقولون: القَدْف: غَرفُ الماء من الحوض. وقيل القُدَاف: جَرَّةٌ من فَخَّار.

(قدم)  القاف والدال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَبْق ورَعْف([7]) ثم يفرَّع منه ما يقاربُه: يقولون: القِدَم: خلاف الحُدوث. ويقال: شيءٌ قديم، إذا كان زمانُهُ سالفاً. وأصله قولُهم: مضَى فُلاَنٌ قُدُماً: لم يعرِّج ولم ينْثَنِ. وربما صغَّروا القُدّام قُدَيْدِيماً([8]) وقُدَيْدِيمةٌ. قال القُطاميُّ:

قُدَيديمَةُ التَّحريبِ والحِلْم إنَّني  *** أرى غَفَلات العيشِ قَبْلَ التَّجَارِبِ([9])

ويقال: ضُرِب فرَكِب مقاديمَه، إذا وقَع على وجهه. وقادِمَة الرَّحْلِ: خلاف آخِرَته. والقادمة من أطْبَاء النَّاقة: ما وَلِيَ السُّرَّة. ولفلانٍ قدمُ صدقٍ، أي شيءٌ متقدِّم من أثَر حسَن.

ومن الباب: قَدِم من سفره قُدوماً، وأقْدَم على الشيء إقداماً.

قال ابن دريد([10]): وقادِمُ الإنسان: رأسُه، والجمع قوادم. قال: ولا يكادون يتكلَّمون بالواحد. وقوادم الطَّير: مقاديم الرِّيش، عشرٌ في كلِّ جَناحٍ، الواحدةُ قدو

قادمة، وهي القُدَامى. ومُقدِّمَة([11]) الجيش: أوّله: وأقْدِمْ([12]): زجرٌ للفَرس، كأنّه يؤمر بالإقدام. ومضَى القوم في الحرب اليقدُمِيَّة، إذا تقدَّموا. قال:

الضَّاربين اليقدمِيَّةَ بالمُهَنَّدَةِ الصفائحْ([13])

وقَيدُوم الجبلِ: أنفٌ يتقدَّم منه وقوله:

إنَّا لنَضرِب بالسُّيوف رؤوسَهم *** ضَرْبَ القُدَارِ نَقيعةَ القُدّامِ([14])

فقال قوم: القُدَّام: الملك. وهذا قياسٌ صحيح، لأنَّ الملِك هو المُقدَّم. ويقال: القُدَّام: القادمون من سَفَر. وقَدَمُ الإنسان معروفةٌ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها آلة للتقدُّم والسَّبْق.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَدُوم: الحديدة يُنحَتُ بها، وهي معروفة. والقَدُوم: مكان. وفي الحديث: "اختتن إبراهيمُ عليه السَّلام بالقَدُوم".

(قدو)  القاف والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على اقتباسٍ بالشَّيء واهتداء، ومُقادَرة في الشيء حتى يأتي به مساوياً لغيره.

من ذلك قولهم: هذا قِدَى رُمْحٍ، أي قيسُه. وفلان قُِدوةٌ([15]): يُقتدَى به.

ويقولون: إنَّ القَدْوَ: الأصل الذي يتشعَّب منه الفروع.

ومن الباب: فلانٌ يَقْدُو به فرسُه، إذا لزم سَنَن السِّيرة. وإنما سمِّي قدْواً لأنَّه تقديرٌ في السَّير. وتقدَّى فلانٌ على دابَّته، إذا سار سِيرةً على استقامة. ويقال: أتتْنا قاديةٌ من النَّاس، وهم أوَّل مَن يطرأ* عليك. وقد قدَتْ تَقدِي. وكلُّ ذلك من تقدير السَّير.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَدْو: مصدر قَدَا اللَّحْمُ يَقْدُو [قَدْواً([16])] ويَقْدِي قَدْيَاً، إذا شمِمتَ له رائحةً طيّبة. ويقولون: رجلٌ قِنْدَأْوٌ: شديد الظَّهر قصير العُنق.

(قدح)  القاف والدّال والحاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على شيءٍ كالهَزْم في الشيء، والآخر يدلُّ على غَرْفِ شيء.

فالأوَّل القَدْح: فِعْلُك إذا قَدَحْت الشيء. والقَدْح: تأكُّلٌ يقع في الشَّجرِ والأسنان. والقادحة: الدُّودة تأكل الشَّجرة. ومنه قولهُم: قدَحَ في نَسَبه: طَعَن. وقال في تأكُّل الأسنان:

رمَى الله في عينَيْ بُثينةَ بالقَذَى *** وفي الغُرِّ من أنيابها بالقوادحِ([17])

ومن الباب القِدْح، وهو السَّهْم بلا نَصلٍ ولا قُذَذ؛ وكأنَّه سمِّي بذلك يُقْدح به أو يمكنُ القَدْح به. والقِدح: الواحدُ من قِداح الميسر، وهذا على التَّشبيه ومن الباب: قُدِّح الفرسُ تقديحاً، إذا ضمِّر حتى يصير مثل القدح. ومن الباب: قَدَّحَتِ العينُ: غارت. ويقال قَدَحَتْ. وقَدَحْتُ النَّار، وقَدحتُ العين: أخرجتُ ماءَها الفاسد.

والأصل الآخر القَدِيح: ما يبقى في أسفل القِدْر فيُغرَف بجُهْد. قال:

فظلَّ الإماء يبتدِرْن قديحَها *** كما ابتدرتْ كلبٌ مياهَ قُرَاقِرِ([18])

وقَدَحْتُ القِدر: غرفتُ ما فيها. وركيٌّ قَدُوح([19]): تُغْرَف باليد. والقَدَح من الآنية من هذا، لأنّ به يُغرَف الشيء.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لجرير في ديوانه 284 واللسان (برز). وبرزة، بفتح الباء: اسم أم عمر بن لجأ التيمي، الذي هجاه جرير بقصيدة البيت.

([2]) موضع البيت بياض في الأصل، وإثباته من اللسان (قدر) وإصلاح المنطق 109. والبيت للفرزدق، وليس في ديوانه، ورواه جامع الديوان عن اللسان.

([3]) البيت لعدي بن خرشة الخطمي، كما في اللسان (شأت، حقق، سطا) وقد سبق في (حق، شأت).

([4]) أنشده هذا العجز في المجمل. وصدره في اللسان (قدس):

* تحدر دمع العين منها فخلته *

([5]) الجمهرة (2: 279).

([6]) في الأصل: "التقاعد".

([7]) الرعف: السبق، رعفه يرعفه: سبقه وتقدمه.

([8]) في الأصل: "قديدما"، صوابه في اللسان. ويقال في تصغيرها أيضاً: "قديدمة" بياء واحدة.

([9]) ديوان القطامي 50 واللسان (قدم). وقد سبق إنشاده في (2: 341).

([10]) في الجمهرة (2: 293).

([11]) ضبط في المجمل بكسر الدال، وهو المشهور فيه. وفي اللسان: "قال البطليوسي: ولو فتحت الدال لم يكن لحناً؛ لأن غيره قدمه".

([12]) ويقال أيضاً "أقدم" بضم الدال، كما في اللسان.

([13]) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 21 والسيرة 532. وأنشده في اللسان (قدم) بدون نسبة. والرواية في جميعها: "التقدمية"، وهي بالتاء لغة في "اليقدمية".

([14]) لمهلهل، في اللسان (قدر، نقع، قدم) وقد نبه في (نقع) على رواية المقاييس. وروى: "إنا لنضرب بالصوارم هامهم"، وفي (قدم): "بالصوارم هامها".

([15]) يقال بكسر القاف وضمها.

([16]) التكملة من المجمل واللسان.

([17]) البيت لجميل، في ديوانه، واللسان والتاج (قدح) وأمالي القالي (2: 109) وفي الأصل: "وفى الله في عيني ثنية".

([18]) البيت للنابغة الذبياني، كما في اللسان والتاج (قدح)، وليس في ديوانه. وهذا البيت أورده الجوهري: "فظل الإماء" كما في رواية ابن فارس، قال ابن فارس: وصوابه "يظل"؛ لأن قبله:

بقية قدر من قدور توورثت *** لآل الجلاح كابرا بعد كابر

([19]) في الأصل: "قديح"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

 

 

ـ (باب القاف والذال وما يثلثهما)

(قذع)  القاف والذال والعين كلمةٌ تدل على الفُحْش. من ذلك القَذَع: الخَنا والرَّفَث. وقد أقْذَعَ فلانٌ: أتَى بالقَذَع. وفي الحديث: "من قال في الإسلام شعراً مُقْذِعاً فلسانُهُ هَدَرٌ". وقذَعتُ فلاناً وأقذَعتُه: رميتُهُ بالفُحْش. وقد أقذَعْتُ: أتيتُ بفُحْش.

(قذف)  القاف والذال والفاء أصلٌ يدلُّ على الرَّمي والطَّرح. يقال: قَذَفَ الشَّيءَ يقذِفُه قذْفاً، إذا رمى به. وبلدةٌ قَذوف، أي طَرُوحٌ لبُعدها تَترامى بالسَّفْر. ومنزلٌ قَذَفٌ وقذيف، أي بعيد. وناقةٌ مقذوفة باللَّحم، كأنها رُمِيت به. والقِذاف: سرعة السَّير. وفرسٌ [متقاذفٌ([1])] سريع العَدْو، كأنَّه يَترامَى في عَدْوه.

ومن الباب أقذافُ الجبلِ: نواحِيه، الواحد قَذَف. والقَذيفة: الشيءُ يُرمَى به. قال:

قذيفةُ شيطانٍ رجيمٍ رمَى بها *** فصارت ضَواةً في لهازِمِ ضِرزِمِ([2])

الضَّواة: السِّلْعة. والضِّرْزِم. الناقة المسِنَّة. وقَذَفَ: قاءَ، كأنَّه رمَى به.

(قذل)  القاف والذال واللام كلمةٌ واحدة، وهي القَذَل: جِمَاعُ مؤخَّر الرّأْس. ويقال: قذَلْتُه: ضربت قَذَالَه. ويقولون: إنَّ القَذْل: المَيل والجَور.

(قذم)  القاف والذال والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على سَعَة وكثْرة. من ذلك القَذْم: العَطاء الكثير، يقال قَذَم له. ومن الباب القِذَمُّ: الفرس السَّريع. ورجل قُذَم: كثير الأخْذ من الشيء إذا تمكَّنَ([3])منه.

(قذي)  القاف والذال والحرف المعتل كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلافِ الصَّفاءِ والخُلوص. من ذلك القَذَى في الشَّراب: ما وَقَع فيه فأفسَدَه. والقَذَى في العين، يقال: قَذَتْ عينُه تَقْذِي، إذا ألقت القَذَى، وقذِيَت تَقْذَى، إذا صار فيها القَذَى. وقَذَّيتُها: أخرجتُ منها القَذَى.

(قذر)  القاف والذال والراء كلمةٌ تدلُّ على خِلاف النَّظافة. يقال: شيء قذِرٌ، بيِّن القَذَر. وقَذِرت الشيء، واستقذرته، فإذا وجدتَه كذلك قلت: أقذَرْتُه. وقذِرْتُ الشّيءَ: كرهتُه قَذَراً قال:

* وقَذَرِي ما ليس بالمقذُورِ([4]) *

ورجل قاذورة: لا يخالُّ ولا ينازِلُ الناس. وناقةٌ قَذورٌ: عزيزة النَّفْس لا تَرْعَى مع الإبل. ورجل مقذورٌ، كالمُقْذَر. قال* الكلابيّ: رجلٌ قُذَرَة: يتنَزَّه عن الملائم.

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

([2]) في الأصل: "به"، صوابه في المجمل واللسان. والبيت لمزرد بن ضرار أخي الشماخ. اللسان (قذف، ضوا، ضرزم) وإصلاح المنطق 448. وقد سبق عجزه في (ضوى).

([3]) هذا المعنى لم يرد في المعاجم المتداولة، ويطابقه ما في المجمل والذي في المعاجم أن "القذم" كزفر، و"القذم" كهجف، هو الكثير العطاء.

([4]) العجاج في ديوانه 26 والمجمل واللسان (قذر). وقبله:

جاري لا تستنكري عذيري *** سيري وإشفاقي على بعيري

* وحذري ما ليس بالمحذور *

 


ـ (باب القاف والراء وما يثلثهما)

(قرس)  القاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على برد. من ذلك القَرْس: البَرد. وقَرِس الإنسانُ قَرَساً، إذا لم يستطع أن يعمل بيديه من شِدّة البَرد. قال أبو زُبَيد:

وقد تصَلَّيت حَرَّ حربِهِمُ ***  كما تَصَلّى المقرورُ من قَرسِ

يقال أقرسَه البرد. ومما ليس من هذا الباب القُرَاسِية: الجملُ الضَّخم.

(قرش)  القاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع والتجمُّع. فالقَرْش: الجمع، يقال تَقَرَّشُوا، إذا تجمَّعوا. ويقولون: إنَّ قُريشاً سمِّيت بذلك. والمُقَرِّشة: السَّنة المَحْل، لأنَّ النّاسَ يضمُّون مواشِيَهم. ويقال: تقارَشَت الرِّماح في الحَرْب، إذا تداخَلَ بعضُها في بعض. ويقولون: إنَّ قريشاً: دابَّةٌ تسكن البحر تغلبُ سائرَ الدَّوابّ. قال:

وقريشٌ هي التي تَسْكُن البحـ *** ـرَ بها سمِّيت قريشٌ قريشا([1])

(قرص)  القاف والراء والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على قبضِ شيء بأطراف الأصابع مع نبْرٍ([2]) يكون. من ذلك: قَرَصتُه أقرُصُه قَرْصاً. والقُرْص معروفٌ، لأنّه عجينٌ يُقرَص قَرْصاً. وقرَّصت المرأةُ العجين: قَطَّعته قُرصةً قُرصة. ولَبَن قارصٌ: يَحذِي اللِّسان، كأنَّه يقرُصه قرصاً. ومن الباب: القوارص، وهي الشَّتائم، كأنَّ العِرْضَ يُقرَص قرصاً إذا قيل فيه ما لا يَحسُن. قال:

 

قوارصُ تأتِيني وتَحتقرونها *** وقد يملأُ القطرُ الإناءَ فيُفعِمُ([3])

قال ابن دُريد: "حُلِيٌّ مقرَّص، أي مرصَّع بالجواهر([4])"، وكأنَّ ذلك يكون مستديراً على صُورة القُرص.

ومما ليس من هذا الباب القُرَّاص: نبات([5]).

(قرض)  القاف والراء والضاد أصلٌ صحيحٌ، وهو يدلُّ على القطع. يقال: قَرَضت الشيءَ بالمقراض. والقَرْض: ما تُعطيه الإنسانَ من مالك لتُقْضَاه، وكأنَّه شيء قد قطعتَه من مالك. والقِراض في التِّجارة، هو من هذا، وكأنَّ صاحب المال قد قَطَع من ماله طائفةً وأعطاها مُقارِضَهُ ليتّجر فيها. ويقولون: [القريض([6])]: الجرة، في قولهم: "حالَ الجريضُ دُونَ القريض"؛ [والظاهر أنه أريد به([7])] الشِّعر، وهو أصح. ويقال: إنَّ فلاناً وفلاناً يتقارضان الثَّناء، إذا أثنَى كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه. وكأنَّ معنى هذا أنَّ كلَّ واحدٍ منهما أقْرَضَ صاحبَه ثناءً كقَرضِ المال. وهو يَرْجع إلى القياس الذي ذكرناه.

(قرط)  القاف والراء والطاء ثلاثُ كلماتٍ عن غير قياس.

فالأولَى القُرْط، وهو معروفٌ، وقَرَّطَ فلانٌ فرسَه العنانَ، إذا طَرحَ اللِّجام في رأسه.

والثانية القُِرْطانُ والقُِرطاطُ للسَّرج، بمنْزلة الوَلِيَّة للرَّحْل. وربما استُعمل للرَّحل.

ويقال: ما جادَ فلانٌ بِقرْطيطةٍ، أي بشيءٍ يسير.

(قرع)  القاف والراء والعين معظمُ البابِ ضربُ الشيء. يقال قَرَعْتُ الشيءَ أقرَعُه: ضربتُه. ومُقارَعة الأبطال: قَرعُ بعضِهم بعضاً. والقَريع: الفَحْل، لأنَّه يَقرع الناقة. والإقراع والمُقارَعة: هي المساهمَة. وسمِّيت بذلك لأنَّها شيءٌ كأنَّه يُضرَب. وقارعتُ فلاناً فقرعتُه، أي أصابتني القُرعةُ دونَه. والقارعة: الشَّديدة من شدائد الدهر؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها تقرع الناس، أي تضربُهم بشدَّتها. والقارعة: القِيامةُ، لأنَّها تَضرِبُ وتُصيب النَّاسَ بإقراعها. وقوارِعُ القرآن: الآياتُ التي مَن قَرأها لم يُصِبْه فزَع. وكأنها –واللهُ أعلمُ- سمِّيت بذلك لأنَّها تَقْرَع الجِنّ: والشَّاربُ يَقرَعُ بالإناء جبهته، إذا اشتفَّ ما فيه. ويقال* أقرَعَ الدَّابةَ بلجامِهِ، إذا كَبَحه.

ومن الباب: قولهم: رجلٌ قَرِعٌ، إذا كان يَقبل مشورةَ المُشير. ومعنى هذا أنَّه قُرِع بكلامٍ في ذلك فقبِله. فإنْ كان لا يقبلُها قيل: فلانٌ لا يُقرَع. ويقولون: أقرَعْتُ إلى الحقِّ إقراعاً: رجَعت.

ومن الباب القَرِيع، وهو السيِّد، سمِّي بذلك لأنه يعوَّلُ عليه في الأمور، فكأنَّهُ يقرَع بكثرةِ ما يُسأل ويستعان بهِ فيه. والدَّليل على هذا أنَّهم يسمُّونه مقروعاً أيضاً.

ثم يُحمَل على هذا ويستعار، فقالوا: أقرَعَ فلانٌ فلاناً: أعطاه خيرَ مالِه.

وخيارُ المال: قُرعتُه، وسمِّي لأنَّه يعَوَّل عليه في النَّوائب كما قلناه في القَرِيع.

وممّا اتّسعوا فيه والأصل ما ذكرناه: القَريعة، وهو خير بيتٍ في الرّبع، إن كان بَرْدٌ فخيارُ كِنِّهِ، وإن كان حرٌّ فخِيارُ ظلِّه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القَرَع، وفَصِيلٌ مقرَّع. قال أوس:

لدى كلِّ أُخدودٍ يغادرنَ دارعاً ***  يُجَرُّ كما جُرَّ الفصيلُ المقرَّعُ([8])

والقَرَع أيضاً: ذَهابُ الشَّعَْر([9]) من الرأس.

(قرف)  القاف والراء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مخالطةِ الشيء والالتباس به وادِّراعِه. وأصل ذلك القَرْف، وهو كلُّ قَشْر. ومنه قِرْفُ الخُبْز، وسمِّي قِرفاً وقَرْفاً([10]) لأنه لباسُ ما عليه.

ومن الباب القَرْف: شيءٌ يُعمَل من جلودٍ يعمل فيه الخَلْع. والخلْع: أن يُؤخذ اللحمُ فيُطبخَ ويجعلَ فيه توابل، ثم يُفرَغ في هذا الخَلْع. قال:

وذُبْيانيَّةٍ وَصَّتْ بَنِيها ***  بأنْ كَذَب القراطفُ والقُروف([11])

ومن الباب: اقترفْتُ الشيء: اكتسبتُه، وكأنه لابَسَه وادَّرَعه. وكذلك قولهم: فلانٌ يُقرَف بكذا، أي يُرمَى به. ويقال للَّذِي يُتَّهم بالأمر: القِرْفةُ، يقول الرّجلُ إذا ضاع لـه شيءٌ: فلانٌ قِرْفَتي، أي الذي أتَّهِمُه، كأنَّه قد ألبسه الظِّنَّة. و [بنو([12])] فلانٍ قِرْفَتِي، أي الذي عندهم أظنُّ طَلِبَتي وبُغيتي. ويقولون: سَلْ بني فلانٍ عن ناقتك فإنَّهم قِرْفةٌ، أي تجدُ خَبَرها عنْدهم. وقياسُه ما قد ذكرناه. والفَرسُ المُقْرِف: المُدانِي الهُجْنة. يقولون: إن الْمُقرِف: الذي أبوهُ هجينٌ وأمُّه عربيّة. قال الشاعر([13]):

فإنْ نُتِجَتْ مُهراً كريماً فبالحَرَى *** وإن يكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحلِ([14])

وقارفَ فلانٌ الخطيئةَ: خالَطَها. وقارفَ امرأتَه: جامَعَها؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لباسُ صاحبِهِ. والقَرَفُ: الوَباء يكون بالبلد، كأنَّه شيء يصير مرضاً لأهله كاللِّباس. وفي الحديث أنَّ قوماً [شَكَوْا إليه([15])] وَبأَ أرضِهم فقال: "تَحوَّلُوا فإنَّ مِن القَرَف التَّلَفَ".

(قرق)  القاف والراء والقاف كلمةٌ واحدة. يقولون: القَرِق: القاع الأملس. قال:

كأنَّ أيديهنَّ بالقاعِ القَرِقْ *** أيدي جوَارٍ يتعاطَيْنَ الوَرِقْ([16])

(قرم)  القاف والراء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حزٍّ أو قطعٍ في شيء. من ذلك القَرْم: قَرْم أنفِ البعير، وهو قطعُ جُليدةٍ منه للسِّمة والعلامةِ، وتلك القُطَيعة القُرامة. وقولهم: القَرْم: السيِّد، وكذلك المُقْرَم، فهو الذي ذكرناه، إنما يُقرَم لكرمه عندهم حتَّى يصير فحلاً، ثم يسمَّى بالقَرْم الذي يُقرَم به. وقال أوس:

 

إذا مُقْرَمٌ منا ذَرَا حدُّ نابِه ***  تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقرَمِ([17])

ويقولون: إنَّ القُرَامةَ شيءٌ  يُقطَع من كِركرة البعير، يُنتفَعُ به عند القحط ويؤكل. ومنه القُرَامة، وهو ما لَزِق بالتَنُّور من الخبز. وسمِّي بذلك لأنَّه يُقرَم من التَّنُّور، أي ينحَّى عنه.

ومن الباب القَرْم، وهو تناوُلُ الحَمَلِ الحشيشَ أولَ ما يقْرِمُ أطرافَ الشَّجَر. والقِرام: السِّتْر: الرّقيق، وهو من قياس الباب، كأنَّه شيءٌ قد غُشِّيَ به الباب، فهو كالقُرمة التي تُقرَم من أنف البعير.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَرَم: شدَّةُ شهوةِ اللَّحم.

(قرن)  القاف والراء والنون* أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على جَمعِ شيءٍ إلى شيء، والآخَر شيءٌ ينْتَأ بقُوّة وشِدّة.

فالأوّل: قارنتُ بين الشَّيئين. والقِران: الحبلُ يُقرَن به شيئانِ. والقَرَن: الحَبْل أيضاً. قال جرير:

بلِّغْ خليفَتَنا إنْ كنتَ لاقِيَه *** أنِّي لدَى البابِ كالمشدود في قَرَنِ([18])

والقَرَن: جُعَيْبَةٌ صغيرة تُضَمُّ إلى الجَعبة الكبيرة. قال:

* فكلُّهمْ يَمشِي بقَوسٍ وقَرَنْ([19]) *

والقَرَن في الحاجبين، إذا التقَيا. وهو مقرونُ الحاجِبين بيِّنُ القَرَن. والقِرْن: قِرنُك في الشَّجاعة. والقَرْن: مثلُك في السِّنِّ. وقياسُهما واحد، وإنَّما فُرِق بينهما بالكسر والفتح لاختلاف الصِّفتين. والقِرَان: أن تقرن بين تَمرتين تأكلهما. والقِرانُ: أن تَقْرِن حَجَّةً بعُمرة. والقَرُون من النُّوق: المُقرَّنة القادِمَين والآخِرَين من أخلافها. والقَرون: التي إذا جَرَتْ وضعت يديها ورجليها معاً. وقولهم: فلان مُقْرِنٌ لكذا، أي مطيقٌ لـه. قال الله تعالى: ]سُبْحَانَ الَّذي سَخَّرَ لنا هذا وما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ[ [الزخرف 13]؛ وهو القياس، لأنَّ معناه أنَّه يجوز أن يكون قِرناً له. والقَرِينة: نَفْس الإنسان، كأنهما قد تقارَنَا. ومن كلامهم: فلانٌ إذا جاذبَتْه قَرينةٌ بَهَرَها، أي إذا قُرِنت به الشَّديدة أطاقَها. وقَرِينةُ الرَّجُلِ: امرأتُه. ويقولون: سامحته قَرِينته وقَرُونته وقَرُونه، أي نفسه. والقارِنُ: الذي معه سَيفٌ ونَبْل.

والأصلُ الآخر: القَرْن للشّاةِ وغيرها، وهو ناتئ قويّ، وبه يسمَّى على معنى التشبيه الذَّوائبُ قروناً. ومن ذلك قول أبي سفيان في الرُّوم: "ذات القُرون([20])". كان الأصمعيُّ يقول: أراد قرونَ شُعورِهم، وكانوا يطوِّلون ذلك يُعرَفون به. قال مُرقِّش:

لات هَنَّا وليتني طَرَفَ الزُّ *** جِّ وأهلي بالشَّام ذاتِ القُرونِ([21])

ومن هذا الباب: القَرْن: عَفَلة الشَّاة تخرج من ثَفْرها. والقَرْن: جُبَيْلٌ صغيرٌ منفرد. ويقولون: قد أقرَنَ رُمحَهُ([22])، إذا رفَعَه. ومما شذَّ عن هذين البابين: القَرْن: الأمَّة من الناس، والجمع قُرون. قال الله سبحانه: ]وَقُرُوناً بَيْنَ ذلكَ كَثِيراً([23])[ [الفرقان 38].

والقَرْن: الدُّفعة من العَرَق، والجمع قُرون. قال زُهَير:

نعوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يومٍ *** يُسَنُّ على سنابِكها قُرونُ([24])

ومن النَّبات: القَرْنُوَة، والجلد المُقَرْنَى: المدبوغُ بها.

(قره)  القاف والراء والهاء كلمةٌ إن صحَّت. يقولون: القَرَه في الجلد كالقَلَح في الأسنان، وهو الوَسَخ. يقال: رجلٌ أقْرَهُ وامرأةٌ قرهاء.

(قري)  القاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جمعٍ واجتماعٍ. من لك القَرْية، سمِّيت قريةً لاجتماع النَّاس فيها. ويقولون: قَرَيت الماء في المِقْراةِ: جمعتُه، وذلك الماءُ المجموع قَرِيٌّ. وجمع القَرية قُرىً، جاءت على كُسْوةٍ وكُسىً. والمِقْراة: الجفْنة، سمِّيت لاجتماع الضَّيف عليها، أو لما جُمع فيها من طعام.

ومن الباب القَرْو، وهو كالمِعْصَرة([25]). قال:

أرمِي بها البَيداءَ إذْ أعرَضَتْ *** وأنت بين القَرْوِ والعاصر([26])

والقرو: حوضٌ معروفٌ ممدودٌ عند الحوض العظيم، تَرِدُه الإبل. ومن الباب القَرْو، وهو كلُّ شيءٍ على طريقةٍ واحدة. تقول: رأيت القوم على قَرْوٍ واحد. وقولهم إنَّ القَرْو: القصدُ؛ تقول: قروتُ وقرَيْت، إذا سلكت. وقال النابغة:

* يَقْرُوا الدَّكادِكَ من ذنبان([27]) والأكَما *

 

وهذا عندنا من الأوّل، كأنه يتبعها قريةً قرية. ومن الباب القَرَى: الظَّهر، وسمِّي قرىً لما اجتمع فيه من العِظام. وناقةٌ قَرْواءُ: شديدة الظَّهر. قال:

* مضبورةٍ قَرواء هِرْجابٍ فُنُقْ([28]) *

و*لا يقال للبعير أقْرَى.

وإذا هُمِز هذا الباب كان هو والأوّلُ سواءً. يقولون: ما قرأَتْ هذه النّاقةُ سَلَىً، كأنَّه يُراد أنَّها ما حَملَتْ قطُّ. قال:

ذِراعَيْ عَيطلٍ أدماءَ بِكرٍ *** هجانِ اللَّونِ لم تَقرأْ جنينا([29])

قالوا: ومنه القُرآن، كأنَّه سمِّي بذلك لجَمعِه ما فيه من الأحكام والقِصَص وغيرِ ذلك. فأمَّا أقْرأَتِ المرأةُ فيقال إنَّها من هذا أيضاً. وذكروا أنَّها تكون كذا في حال طُهرها، كأنَّها قد جَمَعَتْ دمها في جوفها فلم تُرْخِه. وناسٌ يقولون: إنما إقراؤها: خروجُها من طُهرٍ إلى حيض، أو حيضٍ إلى طُهْر. قالوا: والقُرْء: وقْتٌ، يكونُ للطُّهر مرَّةً وللحيض مرة. ويقولون: هبَّت الرِّياح لقارئها: لوقتِها. وينشدون:

شَنِئت العَقْرَ عَقْرَ بنِي شُليلٍ *** إذا هبَّت لقارِئها الرِّياحُ([30])

وجملة هذه الكلمة أنَّها مشكلة. وزعم ناسٌ من الفقهاء أنها لا تكون إلا في الطُّهر فقالوا:([31])...............................................................................................................................................

......................................................................................................................................................

......................................................................................................................................................

......................................................................................................................................................

وهو من الباب الأول: القارئة، وهو الشَّاهد. ويقولون: الناس قواري الله تعالى في الأرض، هم الشُّهود. وممكنٌ أنْ يُحمَل هذا على ذلك القياس، أي إنَّهم يَقْرُون الأشياءَ حتَّى يجمعوها علماً ثمَّ يشهدون بها.

 

ومن الباب القِرةُ([32]): المال، من الإبل والغنم. والقِرَة: العِيال. وأنشدَ في القرة التي هي المال:

ما إنْ رأينا ملكاً أغارا *** أكثرَ منه قِرَةً وقارا([33])

ومما شذَّ عن هذا الباب القارية، طرف السِّنان. وحدُّ كلِّ شيءٍ: قارِيَتُه.

(قرب)  القاف والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خلاف البُعد. يقال قَرُبَ يَقْرُبُ قُرباً. وفلانٌ ذو قرابتي، وهو من يَقْرُبُ منك رحِماً. وفلانٌ قَرِيبِي، وذو قَرابتي. والقُرْبة والقُرْبَى: القَرابة. والقِراب: مُقارَبة الأمر. وتقول: ما قَرِبْتُ هذا الأمرَ ولا أقْرَبُه، إذا لم تُشَامَّهُ([34]) ولم تلتَبِسْ به. ومن الباب القَرَب، وهي ليلةُ ورودِ الإبلِ الماءَ؛ وذلك أنَّ القومَ يُسِيمون([35]) الإبلَ وهم في ذلك

يسيرونَ نحو الماء، فإذا بقيَ بينهم وبين الماء عشِيَّةٌ عجَّلوا نحوه، فتلك اللَّيلة ليلةُ القَرَب. والقارِب: الطَّالب الماءَ ليلاً. قال الخليل: ولا يقال ذلك لطالبهِ نهاراً. وقد صرَّفوا الفعلَ من القَرَب فقالوا: قَرَبْت الماء أقرُبهُ قَرَباً. وذلك على مثال طَلْبتُ أطْلُبُ طَلَباً، وحَلَبْتُ أحلُب حَلَباً. ويقولون: إنّ القارِب: سفينةٌ صغيرة تكون مع أصحاب السُّفن البَحْرية، تستَخَفُّ لحوائجهم؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لقُرْبِها منهم. والقُرْبانُ: ما قُرِّب إلى الله تعالى من نَسِيكةٍ أو غيرها.

ومن الباب: قُربانُ الملِك وقَرابِينه: وزراؤه وجُلساؤه. وفرسٌ مُقْرَبة، وهي التي تُرْتَادُ([36]) وتقرَّب ولا تُترَك أن تَرُود. قال ابنُ دريد: إنَّما يُفعَل ذلك بالإناث لئلاَّ يقرعَها فحلٌ لئيمٌ.

ويقال: قَرَّبَ الفرسُ تقريباً، وهو دون الحُضْر، وقيل تقريبٌ لأنَّه إذا أحْضَرَ كان أبعدَ لمداه. وله فيما يقالُ تقريبان: أدنى وأعلى. ويقال: أقرَبت الشَّاة، دنا نِتاجُها. قال ابن السِّكِّيت: ثوب مُقارِبٌ، إذا لم يكن جيِّداً. وهذا على معنى أنَّه مقارِبٌ في ثَمَنِه غيرُ بعيدٍ ولا غالٍ. وحكى غيرُه: ثوبٌ مُقارِبٌ: غير جيد، وثوب مقاربٌ: رخيص، والقياس في كلِّه واحد. وأمَّا الخاصرة فهي القُرْب، سمِّيت لقُرْبها من الجنب. وقال* قوم: سمِّيت تشبيهاً لها بالقِرْبة. قالوا: وهذا قياسٌ آخر، إنما هو من أن يضُمَّ الشيءَ ويحويَه. قالوا: ومنه القِراب: قرابُ السَّيف، والجمع قُرُب. قال الشّاعر([37]):

يا ربَّةَ البيتِ قُومِي غيرَ صاغرةٍ *** ضُمي إليكِ رِحالَ القومِ والقُرُبا

وقال الشاعر([38]) في القُرْب، وهي الخاصرة:

وكنتُ إذا ما قُرِّبَ الزّادُ مولعاً *** بكلِّ كميتٍ جَلْدةٍ لم تُوَسَّفِ([39])

مُدَاخَلةِ الأقرابِ غيرِ ضئيلةٍ *** كُميتٍ كأنَّها مزادةُ مُخْلِفِ

(قرت)  القاف والراء والتاء أُصَيلٌ يدلُّ على قُبْح في سَحْنة([40]). يقولون: قرِت وجه الرجل: تغيّر من حُزْن. وأصل ذلك من قَرَِت الدَّم، إذا يَبِس بين الجلد واللّحم. وهو دمٌ قارت. وقَرِتَ الجلدُ، إذا ضُرِبَ فاسودَّ.

(قرح)  القاف والراء والحاء ثلاثةُ أصولٍ صحيحةٍ: أحدُها يدلُّ على ألمٍ بجراحٍ أو ما أشبَهها، والآخَر يدلُّ على شيءٍ من شَوْب، والآخِر على استنباطِ شيء.

فالأوَّل القَرْح: قَرْح الجِلد يُجرَح([41]). والقَرْح: ما يخرُجُ به من قُروحٍ تؤلمه. قال الله تعالى: ]إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمُ قَرْحٌ مِثْلُه[ [آل عمران 140]. يقال قَرَحَه، إذا جَرحَه، والقريح: الجريح. والقَرِح([42]): الذي خَرَجَتْ به القُروح.

والأصل الثاني: الماء القَرَاح: الذي لا يشُوبُه غيره. قال:

بِتْنا عُذوباً وباتَ البقُّ يَلسَِبُنا *** نَشْوِي القَراحَ كأَنْ لا حيَّ بالوادِي([43])

والأرض القَرَاح: الطيِّبة التُّربة: التي لا يَخْلِطُ ترابَها شيءٌ. ومن الباب: رجل قُرْحانٌ وقومٌ قُرْحانونَ، إذا لم يُصِبْهم جُدَريٌّ ولا مرض. وهذا من الماء القَراح والأرضِ القَراح. والقِرْواحُ مثل القَراح. ويقال: القِرواح: الواسعةُ. وهو قريبٌ من الأوّل، لأنَّه تشوبها حُزُونة.

والأصل الثالث القريحة، وهو أوّل ما يُستنبَطُ من البِئر، ولذلك يقال: فلانٌ جيِّد القريحة؛ يراد به استنباط العِلم. ومنه اقترحت الجَمَل: ركبتُه قبل أن يُرْكِب([44]). واقترحتُ الشيءَ: استنبطتُه عن غير سَماعٍ.

ومما شذَّ عن هذه الأصولِ الثلاثة: القارح من الدَّوابِّ: ما انتهى سنُّه. قال الفرَّاء: قَرَحَ يَقْرُح قُرُوحاً، من خيل قُرحٍ([45]). وكلُّ الأسنانِ بالألف، مثل أَثْنَى وأرْبَعَ، إلا قرَح.

ومن الشاذّ القُرحة: ما دون الغُرَّة من البياض بوجه الفَرَس. قال: وروضةٌ قرحاء: في وسطها نَورٌ أبيض. قال ذو الرُّمّة:

 

حَوّاءُ قَرحاءُ أشراطيّةٌ وَكَفَتْ ***بها الذِّهابُ وحَفَّتْها البراعيمُ([46])

ويقولون: قَرَحَ فلانٌ فلاناً بالحقِّ، إذا استقبَله به. وهذا ممكنٌ أن يكون من باب الإبدال، والأصل قرَعه. وممكنٌ أن يكون كأنَّه جرحه بذلك.

(قرد)  القاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّعٍ في شيءٍ مع تقطُّع. من ذلك السحابُ القَرِد: المتقطِّع في أقطار السماء يركبُ بعضُه بعضاً.

والصُّوف القَرِد: المتداخِلُ بعضُه في بعض. و [الأرض] القَرْدَدُ إذا ارتفعت إلى جنب وَهْدة([47]). وقُرْدُودةُ الظَّهْر: ما ارتفع من ثَبَجِه. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وممكنٌ أن يكون القُرَادُ من هذا، لتجمُّع خَلْقِه.

وممَّا يشتقُّونه من لفظ القُراد: أقْرَدَ الرّجُل: لَصِقَ بالأرض من فزعٍ أو ذُلّ([48]). وقرِدَ: سَكَت([49]). ومنه قرَّدْتُ الرّجلَ تقريداً، إذا خدَعتَه لتُوقِعَه في مكروه.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت للمشمرخ بن عمرو الحميري، كما في الخزانة (1: 98) حيث تجد جملة الأقوال في تعليل تسمية قريش. وأنشده في المجمل واللسان (قرش) بدون نسبة. وانظر صبح الأعشى (1: 35).

([2]) نبر، أي ارتفاع، وفي الأصل: "نتر".

([3]) الفرزدق في ديوانه 657 واللسان (قرص). وقبله:

تصرم عني ود بكر بن وائل *** وما كاد عني ودهم يتصرم

([4]) الجمهرة (2: 357).

([5]) قيل إنه "البابونج".

([6]) التكملة من المجمل.

([7]) التكملة من المجمل.

([8]) ديوان أوس 11 واللسان (قرع).

([9]) في الأصل: "الشيء"، صوابه في المجمل.

([10]) كذا في الأصل. وفي المجمل وسائر المعاجم: "القرف" بالكسر فقط.

([11]) البيت لمعقر بن حمار البارقيّ، كما في اللسان (قرف، كذب) وإصلاح المنطق 17، 77، 324.

([12]) التكملة من اللسان.

([13]) هو حميدة بنت النعمان بن بشير، زوج روح بن زنباع. الأغاني (14: 125) وتنبيه البكري 31. وفي اللسان (سلل، هجن) أنها هند بنت النعمان بن بشير تقوله لزوجها روح بن زنباع.

([14]) كذا على الإقواء، ويطابقه ما في اللسان (هجن) وروى البكري: "فما أنجب الفحل" بلا إقواء، وقبله:

وما هند إلا مهرة عربية *** سليلة أفراس تجللها بغل

([15]) التكملة من المجمل.

([16]) الرجز في اللسان (قرق) وإصلاح المنطق 464.

([17]) ديوان أوس 27 واللسان (قرم، ذرا، خمط)؛ وقد سبق في (ذرا).

([18]) ديوان جرير 588 واللسان (قرن) والبيان (1: 329). بقوله لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في الديوان والبيان. وفي اللسان: "أبلغ أبا مسمع".

([19]) قبله في الصحاح واللسان والتاج (قرن) وتنبيه السكري 19 والبيان (3: 107): * يا ابن هشام أهلك الناس اللبن *

([20]) في اللسان: "وقال أبو سفيان بن حرب للعباس بن عبد المطلب، حين رأى المسلمين وطاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعهم إياه حين صلى بهم: ما رأيت كاليوم طاعة قوم ولا فارس الأكارم، ولا الروم ذات القرون".

([21]) المفضليات (2: 8) واللسان (قرن) ومعجم البلدان (الزج).

([22]) في الأصل: "ريحه"، صوابه في المجمل.

([23]) في الأصل: "بين ذلك سبيلا"، تحريف.

([24]) ديوان زهير 187 واللسان (قرن). ويروى: "تضمر بالأصائل كل يوم".

([25]) ويقال أيضاً لمسيل المعصرة ومثعبها، كما في اللسان والقاموس.

([26]) البيت للأعشى في ديوانه 245 واللسان (قرا).

([27]) كذا وردت الكلمة في الأصل. وفي الديوان 69: "من لبنان والأكما". وصدره: * حتى غدا مثل نصل السيف منصلتا *

([28]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 104 واللسان (غلا، قرا، هرجب، فنق) وقبله: * تنشطته كل مغلاة الوهق *

([29]) البيت لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.

([30]) لمالك بن الحارث الهذلي في ديوان الهذليين (3: 83) واللسان (قرأ). وشليل، بهيئة التصغير: جد جرير بن عبد الله البجلي. الاشتقاق 302 وشرح الديوان.

([31]) بعده بياض في الأصل بمقدار أربعة أسطر.

([32]) الحق أن الكلمة من مادة (وقر)، وهي كالعدة من وعد. ومنه الوقير للغنم.

([33]) الرجز للأغلب العجلي، كما في اللسان (وقر، قور). وأنشده في المخصص (7: 133/ 8: 13).

([34]) شاممته مشامة: قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف.

([35]) يسيمونها: يرعونها. وفي الأصل: "يسمون".

([36]) وكذا وردت العبارة في المجمل، وصوابه "التي تدنى"، كما في الجمهرة (1: 272) واللسان والقاموس.

([37]) هو مرة بن محكان السعدي. الحماسة (2: 253) والحيوان (2: 352) والأغاني (20: 10) ومعجم المرزباني 383.

([38]) هو الأسود بن يعفر، كما في اللسان والتاج (وسف).

([39]) أنشده في اللسان (جلد) بدون نسبة.

([40]) السحنة، بالفتح، اللون. وفي الأصل: "سمجة"، تحريف.

([41]) في المجمل: "بجراح".

([42]) والقريح أيضاً.

([43]) أنشده في اللسان (لسب، شوا). وانظر مثيل هذا البيت في (عذب).

([44]) يركب، من قولهم أركب أي حان له أن يركب. وضبط في المجمل بفتح الكاف خطأ.

([45]) ويقال قُرَّح أيضاً بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة.

([46]) ديوان ذي الرمة 53 واللسان (قرح، شرط، ذهب). وقد سبق في (ذهب).

([47]) في المجمل: "وأرض قردد إذا ارتفعت إلى جنب وهدة".

([48]) في الأصل: "وذل"، صوابه في المجمل.

([49]) في المجمل: "سكت من عي".

 

ـ (باب القاف والزاء وما يثلثهما)

(قزع) القاف والزاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفَّة في شيءٍ وتفرُّق. من ذلك القَزَع: قِطَع السَّحاب المتفرِّقة، الواحدة قَزَعَة. قال:‏

تَرَى عُصَبَ القَطا هَمَلاً عليه *** كأنَّ رِعالَه قَزَع الجَهَامِ(1)‏

ومن الباب القَزَعُ المنهيُّ عنه، وهو أن يُحلَق رأسُ الصبيّ ويترك في مواضعَ منه شعرٌ متفرِّق. ورجلٌ مقزَّع: لا يُرَى على رأسه إلاَّ شعيرات. وفرسٌ مقزَّع: رقَّت ناصيتُه.‏

ومن الباب في الخِفّة: تقزَّعَ الفرسُ: تهيَّأَ للرَّكض. والظَّبيُ* يَقزَع، إذا أسرَعَ. والقَزَع: صِغار الإبل(2).‏

(قزل) القاف والزاء واللام كلمةٌ واحدةٌ، وهي القَزَل(3)، وهو أسوأ العَرَج. يقال منه قَزِل يَقْزَل.‏

(قزم) القاف والزاء والميم كلمةٌ تدلُّ على دناءةٍ ولؤم. فالقَزَم: الدَّناءة واللُّؤم. والرجل قَزَم، يقال ذلك للأنثى والذَّكر، والواحد والجمع.‏

(قزب) القاف والزاء والباء، فيه من طرائف ابن دريد(4): القَزَب الصَّلاَبة والشِّدَّة. قَزِب الشيءُ: صَلُب.‏

(قزح) القاف والزاء والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على اختلاطِ ألوانٍ مختلفة وتشعُّب في الشَّيء. من ذلك القَزْح: التَّابَلُ من توابل القِدر. يقال: قَزِّحْ قِدْرَك. قال ابن دريد(5): ومنه قولهم: مليح قَزِيحٌ. ويقال: إنَّ القُزَح: الطَّرَائق، في التي يقال لها: قَوْسُ قُزَح، الواحدة قُزْحَة. ويقال: تقزَّحَ النبتُ، إذا انشَعَب شُعَباً. وشجرةٌ متقزِّحة. وقَزَح الكلبُ ببوله. وقال ابن دريد(6): يقال إنَّ القَزْح: بَوْلُ الكلب. والله أعلم.‏

ـــــــــــــــ

(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 597 واللسان (قزع). وفي الأصل: "سملا عليه"، تحريف.‏

(2) ترتيب المواد من الباقية إلى آخر هذا الباب كان في أصله على هذا النظام: (قزب، قزم، قزل؛ قزح) فأعدته إلى نصابه الطبيعي. ومن عجب أنه في المجمل جرى كذلك على نظامه في المقاييس، وهو سهو من ابن فارس.‏

(3) الجمهرة (1: 282).‏

(4) في الأصل: "اللبث"، صوابه في المجمل واللسان.‏

(5) الجمهرة: (2: 148).‏

(6) الجمهرة (2: 149).‏

 

ـ (باب القاف والسين وما يثلثهما)

(قسط)  القاف والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على معنَيَين متضادَّين والبناءُ واحد. فالقِسط: العَدل. ويقال منه أقْسَطَ يُقْسِط. قال الله تعالى: {إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقْسِطِين} [المائدة 42، الحجرات 9، الممتحنة8]. والقَسْط بفتح القاف: الجَور. والقُسوط: العُدول عن الحق. يقال قَسَطَ، إذا جار، يَقْسِطُ قَسْطاً. والقَسَط: اعوجاجٌ في الرِّجلين، وهو خلاف الفَحَج.

ومن الباب الأوّل القِسْط: النَّصيب، وتَقَسَّطْنا الشَّيءَ بيننا. والقِسْطَاس: المِيزان. قال الله سبحانه: {وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُستَقِيم} [الإسراء 35، الشعراء 182].

ومما ليس من هذا القُسْط: شيءٌ يُتَبَخَّرُ به، عربيٌّ.

(قسم)  القاف والسين والميم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على جمالٍ وحُسن والآخر على تجزئة شيء.

فالأوّل القَسَام، وهو الحُسْن والجمال، وفلانٌ مُقَسَّم الوجه، أي ذو جمالٍ. والقَسِمة: الوجه، وهو أحسن ما في الإنسان. قال:

كأنَّ دنانيراً على قَسِماتهِمْ *** وإنْ كان قد شفَّ الوجوهَ لقاءُ([1])

والقَسام، في شعر النابغة([2]): [شِدة الحَرّ([3])].

والأصل الآخر القَسْم: مصدر قَسَمت الشّيءَ قَسْماً. والنَّصيب قِسمٌ بكسر القاف. فأمَّا اليمين فالقَسَم. قال أهلُ اللغة: أصل ذلك من القَسَامة، وهي الأيمان تُقْسَم على أولياء المقتول إذا ادَّعَوْا دمَ مقتولهم على ناسٍ اتَّهموهم به([4]). وأمسى فلانٌ متقسَّماً، أي كأنَّ خواطرَ الهموم تقسَّمَتْه.

ومما شذَّ عن هذا الباب: القَسَاميّ، وهو الذي يَطْوِي الثِّيابَ أوّل طيِّها، ثم تُطْوَى على طَيِّه. قال:

* طيَّ القَسَامِيّ بُرودَ العَصَّابْ([5]) *

يقال إنَّ العصّاب: الغَزَّال.

(قسن)  القاف والسين والنون كلمةٌ تدلُّ على شِدّة. يقال: اقسأَنَّ اللَّيلُ: اشتدَّ ظلامُه. والمقسَئنُّ: الصُّلب من الرجال، ويكون كبيرَ السِّنّ. قال:

إنْ تكُ لَدْناً ليِّناً فإنّي *** ما شئتَ من أشْمَطَ مقسَئِنِّ([6])

(قسي)  القاف والسين والحرف المعتل يدلُّ على شِدَّة وصلابة. من ذلك الحجر القاسي. والقَسْوة: غِلَظ القَلْب، وهي من قسوة الحَجَر. قال الله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كالحِجَارَةِ أوْ أَشَدُّ قَسْوةً[البقرة 74]. [و] القاسية: اللَّيلة الباردة. ومن الباب المُقاساة: معالجَة الأمر الشَّديد. وهذا من القَسوة، لأنَّهُ يُظهِر أنّه أقسَى من الأمر الذي يُعالِجهُ. وهو على طريقة المُفاعَلة.

(قسب)  القاف والسين والباء يدلُّ على مِثْل ما دلَّ عليه الذي قبله. يقولون: [القَسْب]: التَّمر اليابس. قال:

وأسمَرَ خَطِّيّاً كأنَّ كعوبَه *** نَوَى القَسبِ عَرَّاصاً مُزَجّاً منصّلا([7])

والقَسْب: الصُّلب من كلِّ شيء. والقَسِيب: الطَّويل الشَّديد. ومن* الباب القَسِيب، وهو صوتُ الماءِ في جرَيانه، ولا يكون صوتٌ إلاّ كان بقوة. قال عَبِيد:

* للماء مِن تحتِهِ قَسيبُ([8]) *

(قسر)  القاف والسين والراء يدلُّ على قَهرٍ وغلَبَة بشدة. من ذلك القَسْر: الغَلَبة والقَهْر. يقال: قْسَرتهُ قسراً، واقتسرتُه اقتِساراً. وبعيرٌ قَيْسَرِيٌّ: صُلْب. والقَسْوَرة: الأسد، لقُوّته وغلَبته.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لمحرز بن المكعبر الضبي، كما في اللسان (قسم) وحماسة أبي تمام (2: 193).

([2]) هو قوله، وأنشده في اللسان (قسم):

تسف بريره وترود فيه *** إلى دبر النهار من القسام

([3]) التكملة من المجمل.

([4]) في اللسان عن ابن الأثير: "وحقيقتها أن يقسم من أولياء المقتول خمسون نفراً على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يميناً، لا يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد".

([5]) البيت لرؤبة، كما سبق في حواشي (عصب).

([6]) أنشده في اللسان (قسن).

([7]) صواب إنشاده، كما في الديوان 20 واللسان (زجج): "أصم ردينيا"، لأن قبله:

وإني امرؤ أعددت للحرب بعدما *** رأيت لها ناباً من الشر أعصلا

وأما البيت الذي يشتبه بهذا في الإنشاد، فهو بيت حاتم في ديوانه ص 121:

وأسمر خطيا كأن كعوبه *** نوى القسب قد أرمى ذراعاً على العشر

([8]) صدره كما في الديوان 6 وشرح القصائد العشر 305 واللسان (قسب):

* أو جدول في ظلال نخل *

 

ـ (باب القاف والشين وما يثلثهما)

(قشع)  القاف والشين والعين أصل صحيحٌ واحِد، أومأ إلى قياسِه أبو بكر فقال: "كلُّ شيءٍ خَفَّ فقد قَشِع وقَشَع يقْشَع قَشَعاً، مثل اللحم يجفف([1])". وهذا الذي قاله صحيح. ومنه انقشَعَ الغَيم وأقشع وتَقَشَّع([2])، والقِشْعة: القطعة من السَّحاب تَبقَى بعد انكشاف الغَيم. وذكر بعضُهم أنَّ الكُناسة قَُِشع([3]).

قال الكِسائيّ، قَشَعت الرِّيح السحابَ وانقشَعَ هو. وأقْشَعَ القومُ عن الماء، إذا أقلعوا. ويقال إنَّ القِشَعَ: ما يُرمى به عن الصَّدر من نُخَاعَة([4]). والقَشْع: ما قُشِع عن وجه الأرض. وكَلأٌ قشِيعٌ: متفرِّق. وشاةٌ قَشِعَةٌ: غَثَّةٌ، كأنَّ السِّمَن قد انقشَعَ عنها. ورجلٌ قَشِعٌ: لا يثبت على أمر. فأمّا القَشْع فيقال: بيتٌ من أَدَم، والجمع قُشُوع. قال:

* إذا القَشْعُ من رِيح الشِّتاء تَقعقَعا([5]) *

وهو القياس، لأنَّهم إذا سارُوا قَشَعوه. ويقال: القَشْع: النِّطْع. وهو ذلك القياس.

(قشف)  القاف والشين والفاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي قولهم: قَشِف يَقْشَفُ، إذا لوَّحته الشمس فتغيَّر، ثمَّ قِيل لكلِّ من لا يتصنَّع للتجمُّل قَشِف، وهو يتقشَّف.

(قشب)  القاف والشين والباء أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خَلْط شيءٍ بشيء، والآخَر على جِدَّةٍ في الشيء.

فالأوَّل: القَشْب، وهو خَلْط الشَّيء بالطَّعام، ولا يكاد يكون إلاّ مكروها.

من ذلك القِشْب([6])، هو السمُّ القاتل. قال الهُذَليّ([7]):

فَعَمَّا قليلٍ سقاها معاً *** بذِيفان مُذْعِفِ قِشْبٍ ثُمالِ([8])

ويقال: قَشَب فلانٌ فلاناً بسُوءٍ، ذكَره به أو نسَبَه إليه. وقَشَبَه بقبيحٍ: لَطَخَه به. ورجل مُقشَّب الحسَب، إذا مُزِج حسبُه. قال ابن دريد([9]): القِشْبَة: الخسيس من النّاس، لغة يمانِيَة.

والأصل الآخَر: القَشِيب: الجديد من الثِّياب وغيرِها. والقَشيب: السَّيف الحديث العهد بالجِلاء.

(قشر)  القاف والشين والراء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على تنحيةِ الشّيء ويكونُ الشيءُ كاللِّباس ونحوه. من ذلك قولك: قشَرت الشَّيء أقشره. والقِشْرة: الجلدة المقشورة. [والقِشْر([10])]: لباس الإنسان، قال الشاعر:

[مُنِعَتْ حنيفةُ واللهازمُ منكمُ *** قِشرَ العراقِ وما يَلَذُّ الحنجرُ([11])]

وفي [حديث([12])] قَيْلَةَ: "كنت إذا رأيتُ رجلاً ذا رُواء وذا قِشْرٍ طمَحَ بصري إليه". والمَطْرة القاشرة: التي تَقشِر وجهَ الأرض. وسنةٌ قاشورة: مُجْدبة تَقْشِر أموالَ القوم. قال:

فابعَثْ عليهم سنةً قاشورهْ *** تحتلق المالَ احتلاقَ النُّورهْ([13])

ثم سمِّي كلُّ شيءٍ يَفْعَل ذلك قاشوراً، فيقولون للشُّؤم: قاشور. ويقولون في المثل: "أشأَم مِن قاشِر([14])"، وهو فحلٌ له حديث. ولهذا سُمِّي الفِسْكِل([15]) من الخيل الذي يَجيء في الحَلْبة آخِرَها قاشُوراً. وقولهم إنَّ الأقْشَر: الشَّديد الحُمرة، وإنَّما ذلك للشَّديد حُمرةِ الوجه، الذي يُرَى وجهُه كأنَّه يتقشّر. وقُشَيرٌ: [أبو قبيلة([16])] من العرب.

(قشم)  القاف والشين والميم أُصَيلٌ إن صحّ فهو من الأكل وما ضاهاه من المأكول. قالوا: القَشْم: الأكل. والقُشَام: ما يُؤكَل. وقال ابن دريد: "قُشَام المائدة: ما نُفِض منها من باقي خُبز وغيرهِ([17])". ويقال: ما أصابت الإبِلُ مَقْشَماً، أي لم تُصِب ما ترعاه.

ومما شذَّ من هذا الباب إنْ صحَّ قولُهم: قَشَمت الخُوصَ، إذا شقَقتَه، لتَسفَّهُ. وكلُّ ما شُقَّ منه فهو قُشَام.

ـــــــــــــــ

([1]) إشارة إلى لغتي الكسر والفتح. والفتح لم يرد إلا هنا وفي اللسان، قال: "والقشع أن تيبس أطراف الذرة قبل إناها، يقال قشعت الذرة تقشع قشعاً". والذي في المجمل عن الجمهرة: "فقد قشع يقشع قشعاً"، بكسر عين الماضي. على أن الذي في الجمهرة (3: 61): "فقد قشع، مثل اللحم إذا جفف" فلم يرد فيها المضارع ولا المصدر.

([2]) في الأصل: "وقشع"، صوابه في المجمل واللسان.

([3]) بتثليث القاف، كما في القاموس. وفي اللسان: "والقَشع والقُِشع: كناسة الحمام والحجام، والفتح أعلى".

([4]) النخاعة، بالضم: ما تفله الإنسان، كالنخامة. وكذا وردت العبارة في المجمل. وفي اللسان والقاموس: "نخامة".

([5]) لمتمم بن نويرة، يرثي أخاه مالكاً. وصدره كما في المفضليات (2: 65) واللسان (قشع، برم) والأمالي (1: 19) وسمط اللآلئ 87 والعقد (3: 263):

* ولا برما تهدي النساء لعرسه *

([6]) يقال قشب، بالكسر، وقشب بالتحريك.

([7]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 186).

([8]) المزعف والمذعف: القاتل. ورواية الديوان: "بمزعف ذيفان".

([9]) الجمهرة (1: 293).

([10]) التكملة من المجمل واللسان.

([11]) التكملة من اللسان (قشر).

([12]) التكملة من اللسان. وفي المجمل: "وفي الحديث". وانظر حديث قيلة في مجمع الزوائد للهيثمي

(6: 9) طبع القدسي 1356، وهو في الإصابة مع تحريف شديد في ترجمة (قيلة بنت مخرمة).

([13]) الرجز للكذاب الحرمازي، كما في البيان والتبيين (3: 276)، وهو بدون نسبة في اللسان (تلب، قشر، حلق).

([14]) في الأصل: "قاشور"، صوابه في المجمل واللسان وأمثال الميداني (1: 346).

([15]) في الأصل: "ألف كل".

([16]) بمثلها يلتئم الكلام.

([17]) بعده في الجمهرة (3: 66): "وأحسبها مولدة".

 

ـ (باب القاف والصاد وما يثلثهما)

(قصع)  القاف والصاد والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُنٍ في شيء أو مطامَنةٍ له. من ذلك القَصْعَة، وهي معروفة، سمِّيت بذلك للهَزْمة. والقاصِعاء: أوَّل جِحَرة اليَربوع، وقياسُها ما ذكرناه. وقد تقَصَّع، إذا دخلَ قاصِعاءَه. قال:

فوَدَّ أبو ليلى طُفيلُ بنُ مالكٍ *** بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ([1])

فأمَّا قَصْع النّاقة بجِرّتها فقالوا: هو أن ترُدَّها في جوفها. والماء يَقْصَعُ العطش: يقتلُه ويذهبُ به. قال:

* فانصاعَتِ الحُقْبُ لم تُقْصَع صَرائِرُها([2]) *

وقصَعتُ ببُسْط كَفِّي هامتَه: ضربْتُها. وقَصَعَ الله به، إذا بَقِيَ قمِيَّاً لا يَشِبُّ ولا يزداد، وهو مقصوعٌ وقصيعٌ.

(قصف)  القاف والصاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على كسرٍ لشيء. ولا يُخْلِف هذا القياسُ. يقال: قصَفت الرِّيحُ السفينةَ في البحر. وريحٌ قاصف([3]). والقَصِف: السَّريع الانكِسار. والقَصِيف: هشيم الشَّجر. ومنه قولُهم: انقصفوا عنه، إذا تركوه. وهو مستعار. والأقْصَف: الذي انكسرت ثَنِيَّتُه من النِّصف. ورعدٌ قاصف، أي شديد. وقياس ذلك كأنَّه يكاد يَقصِف الأشياءَ بشدَّته. يقولون: بَعثَ الله تعالى عليهم الرِّيحَ العاصف، والرّعدَ القاصف. ومنه القَصْف: صَرِيف البَعير بأسنانه. فأمَّا القَصْف في اللَّهو واللَّعِب فقال ابنُ دريد([4]): لا أحسبه عربيَّاً. وليس القَصْف الذي أنكَرَه ببعيدٍ من القياس الذي ذكرناه، وهو من الأصوات والجَلَبة. وقياسه في الرَّعد القاصف، وفي صَريف البَعير بأسنانِه.

(قصل)  القاف والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قطعِ الشيء. فالقَصْل: القَطْع. يقال قَصَله، إذا قطَعَه. والقَصِيل معروف، وسمِّي بذلك لسُرعة اقتصاله([5])، لأنَّه رَخْص. وسيف مِقْصَلٌ: قطّاع، وكذلك القَصَّال. ولسانٌ مِقْصَل على التشبيه. والقِصْل: الرَّجْل الضّعيف، لأنَّه منقطِع. فأمَّا القُصَالة فما يُعْزَل من البُرِّ ليُداسَ ثانيةً، فإن كان صحيحاً فقياسُه قريب.

(قصم)  القاف والصاد والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الكسر. يقال: قصَمْت الشيء قَصْماً. والقُصَم: الرّجُل يَحطِم ما لَقي. وقال الله تعالى:{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظالِمَةً} [الأنبياء 11] أراد –والله أعلمُ- إهلاكَه إيّاهم، فعبَّر عنه بالكسر. والقَصِيمة والقَيْصوم: نبتان.

(قصو/ي)  القاف والصاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على بُعدٍ وإبعاد. من ذلك القَصَا: البُعْد. وهو بالمكان الأقصَى والنَّاحيةِ القُصوَى. وذهبتُ قَصا فلانٍ، أي ناحيته. ويقال: أحاطُونا القَصَا. أي وقفوا منّا بين البعيد والقريب غير أنَّهم مُحِيطون بنا كالشَّيءِ يَحُوط الشَّيءَ يحفظه. قال:

فحَاطُونا القَصَا ولقد رأونا *** قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ([6])

وأقصَيتُه: أبعدتُه. والقَصِيّةُ من الإبل: المودوعة الكريمة لا تُجهَد ولا تُرْكَب، أي تُقصَى إكراماً لها. فأمَّا النّاقةُ القَصْواء فالمقطوعة الأذُن.

وقد يمكن هذا على أنَّ أذنَها أُبعِدَت عنها حين قُطعت. ويقولون: قصَوتُ البعيرَ فهو مقصُوٌّ: قطعت أذنَه. وناقةٌ قَصْواء، ولا يقال بعيرٌ أقصَى.

(قصب)  القاف والصاد والباء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدهما على قَطْع الشّيء، ويدلُّ الآخَر على امتدادٍ في أشياءَ مجوَّفة.

فالأوّل القَصْب: القَطْع؛ يقال قَصَبْته قَصْباً. وسمِّي القصَّابُ قصّاباً لذلك. وسيف قَصَّابٌ، أي قاطع. ويقال: قَصَبْتُ الدّابةَ، إذا قطعتَ عليه شُربَه قبل أن يَرْوَى. ومن الباب: قَصَبت الرّجُل: إذا عبتَه، وذلك على معنى الاستعارة.

والأصل الآخر: الأقصاب: الأمعاء، واحدها قُصْب. والقَصَب معروف، الواحدة قَصَبة. والقَصْباء: جمع قَصَبة أيضاً. والقَصَب: أنابيبُ من جوهر. وفي الحديث: "بَشِّرْ خَدِيجةَ ببيتٍ في الجَنّة من قَصَب، لا صَخَب فيه ولا نَصَب".

والقَصَب: عُروق الرّئة. والقَصَب. مخارِجُ الماء من العيون؛ وهذا على معنى التشبيه. والقُصّاب: المَزَامير. قال:

وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِيـ *** ـنُ والمُسمِعاتُ بقُصَّابِها([7])

ومن الباب القَصائِب: الذوائب، واحدتها قَصِيبة. ويقال القُصَّابة: الخُصْلة من الشَّعر.

(قصد)  القاف والصاد والدال أصولٌ ثلاثة، يدلُّ أحدها على إتيانِ شيءٍ وأَمِّه، والآخَر على اكتنازٍ في الشيء.

فالأصل: قصَدته قَصْداً ومَقْصَداً. ومن الباب: أقْصَدَه السَّهمُ، إذا أصابه فقُتِل مَكانَه، وكأنّه قيلَ ذلك لأنَّه لم يَحِد عنه([8]). قال الأعشى:

فأقْصَدها [سهمي] وقد كان قبلها *** لأمثالها من نِسوَةِ الحيِّ قانِصَا([9])

ومنه: أقْصَدَتْه حَيَّةٌ، إذا قتلَتْه.

والأصل الآخر: قَصَدْت الشيءَ كسرته. والقِصْدَة: القِطْعة من الشيء إذا تكسَّر، والجمع قِصَدٌ. [ومنه قِصَدُ] الرِّماح. ورمحٌ قَصِد، وقد انقَصَد. قال:

ترى قِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى كأنَّها *** تذرُّعُ خُِرصانٍ بأيدِي الشَّواطبِ([10])

والأصل الثالث: الناقة القصيد: المكتنِزة الممتلِئة لحماً. قال الأعشى:

قطعتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ *** كرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد([11])

ولذلك سمِّيت القصيدةُ من الشِّعر قصيدةً لتقصيد أبياتها، ولا تكون أبياتُها إلاَّ تامَّة الأبنية.

(قصر)  القاف والصاد والراء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على ألا يبلُغَ الشّيءُ مدَاه ونهايتَه، والآخر على الحَبْس. والأصلان متقاربان.

فالأوّل القِصَر: خلافُ الطُّول. يقول: هو قَصيرٌ بيِّن القِصَر. ويقال: قصَّرتُ الثَّوبَ والحبلَ تَقصيراً. والقَصْر: قَصْر الصّلاة: وهو ألاَّ يُتِمّ لأجل السّفَر. قال الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ} [النساء 101]. والقُصَيْرى: أسفل الأضلاع، وهي الواهنة. والقُصَيْرى: أفْعَى، سمِّيت لقِصَرها. ويقال أقْصَرت الشَّاةُ، إذا أسنَّتْ حتَّى تقصُرَ أطرافُ أسنانها. وأقصَرت المرأة: ولدت أولاداً قِصاراً. ويقال: قصَّرتُ في الأمرِ تقصيراً، إذا توانيت، وقصَرْت عنه قُصوراً: عَجَزت. وأقصرت عنه إذا نزعتَ عنه وأنت قادرٌ عليه. قال:

لولا علائقُ من نُعْمٍ عَلِقْتُ بها *** لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَّ إقصارِ([12])

وكل هذا قياسُه واحد، وهو ألاّ يبلُغَ مدَى الشّيء ونهايتَه.

والأصل الآخر، وقد قلنا إنهما متقاربان: القَصْر: الحبس، يقال: قَصَرْتُه، إذا حبستَه، وهو مقصور، أي محبوس، قال الله تعالى: {حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيَامِ} [الرحمن 72]. وامرأةٌ قاصِرَة الطَّرف: لا تمدُّه إلى غيرِ بَعلِها، كأنَّها تحبِس طرْفَها حَبْساً. قال الله سبحانه: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الرحمن 56]. ومن الباب: قُصارَاك أن تفعَلَ كذا وقَصْرُكَ، كأنَّه يراد ما اقتصرت عليه وحَبَسْتَ نفسَك عليه. والمقاصر: جمع مقصورة، وكلُّ ناحيةٍ من الدار الكبيرة إذا أحيط عليها فهي مقصورة. وهذا جائزٌ أن يكون من القياس الأوَّل. ويقولون: فرسٌ قَصِيرٌ: مقرَّبة مُدْناةٌ لا تُترك تَرود، لنَفاستها عند أهلها. قال:

تراها عند قُبَّتِنا قصيراً *** ونبذُلُها إذا بَاقَتْ بَؤُوقُ([13])

وجارية قَصِيرةٌ وقَصُورةٌ من هذا. والتِّقصار: قلادةٌ شبيهة بالمِخْنَقة، وكأنَّها حُبِست في العُنق. قال:

ولها ظبيٌ يؤرِّثها *** جاعلٌ في الجِيد تِقصارَا([14])

ومن الباب: قَصْر الظَّلامِ، وهو اختلاطُه. وقد أقبلَتْ مَقاصر الظَّلام، وذلك عند العشيّ. وقد يمكن أنْ يُحمَل هذا على القياس فيقال: إنَّ الظَّلامَ يَحبِس عن التصرُّف. ويقال: أقصَرْنا، إذا دخلْنا في ذلك الوقت. ويقال لذلك الوقت المَقْصَرة([15])، والجمع مَقاصر. قال:

فبعثتُها تَقِص المَقاصِر بعدما *** كَرَبتْ حياةُ النّار للمتنوِّرِ([16])

ومما شذَّ عن هذا الباب القَصَر: جمع قَصَرة، وهي* أصلُ العُنق، وأصل الشجرة، ومُستغلَظُها. وقرئت: {إنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالْقَصَرِ([17])} [المرسلات 32]. والقَصَر: داءٌ يأخذ في القصَر. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) لأوس بن حجر في ديوانه 11.

([2]) لذي الرمة كما سبق في حواشي (صر). وعجزه:

* وقد نشحن فلا ري ولا هيم *

([3]) في المجمل: "وهي ريح قاصف".

([4]) الجمهرة (3: 81).

([5]) في الأصل: "انفصاله"، صوابه في اللسان.

([6]) لبشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 141) واللسان (قصا).

([7]) البيت للأعشى في ديوانه 121 واللسان (قصب، جلل).

([8]) في الأصل: "فكأنه قد قبل ذلك لأنه لم يجد عنه".

([9]) ديوان الأعشى 109.

([10]) لقيس بن الخطيم في ديوانه 13 واللسان (قصد، ذرع، خرص، شطب). وقد سبق في (ذرع، شطب).

([11]) ديوان الأعشى 216. وهو في اللسان (قصد) بدون نسبة.

([12]) للنابغة الذبياني، من قصيدته التي مطلعها:

عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار *** ماذا تحيون من نؤى وأحجار

وقد عدها أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، في جمهرة أشعار العرب، من المعلقات.

([13]) البيت لزغبة الباهلي أو مالك بن زغبة الباهلي، أو جزء بن رباح الباهلي. اللسان (قصر، بوق).

([14]) في الأصل: "يؤرقها"، تحريف، صوابه في اللسان (قصر، أرث) حيث نسب البيت إلى عدي بن زيد العبادي.

([15]) هو كمرحلة ومقعد ومنزل، كما في القاموس.

([16]) لابن أحمر، كما سبق في (بعث). ونسب في اللسان (قصر، وقص) إلى ابن مقبل.

([17]) هي قراءة ابن عباس وابن جبير ومجاهد والحسن وابن مقسم. تفسير أبي حيان (8: 407) في سورة المرسلات.

 

ـ (باب القاف والضاد وما يثلثهما)

(قضع)  القاف والضاد والعين أصلٌ صحيح، وقياسه القهر والغلَبة. قالوا: القَضْع: القَهْر. قال الخليل: وبذلك سمِّيت قُضاعة. وذكر ناسٌ أنّ قَضاعة سمِّي بذلك لأنَّه انقضع عن قومِه، أي انقطع. فإن كان هذا صحيحاً فهو من باب الإبدال، تكون الضّاد مبدلةً من طاء. وقال ابن دريد: "تقضَّع القومُ: تفرّقوا([1])". وهذا من الإبدال أيضاً.

(قضف)  القاف والضاد والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على دِقَّة ولطافة. فالقَضَف: الدِّقَّة؛ يقال عُودٌ قَضِف وقَضِيفٌ. وجمع قضيف قِضاف. ومنه القَضَفة، والجمع قُِضْفان: قطعةٌ من رمل تنْقضِفُ([2]) من معظمه، أي تنكسر.

(قضم)  القاف والضاد والميم كلمتانِ متباينتان لا مناسبةَ بينهما: إحداهما القَضْم: قَضْم الدَّابَّة شعيرَها؛ يقال قَضِمَتْ تَقْضَم. ويقولون: ما ذُقتُ قَضَاما. ويقال: القَضْم: الأكل بأطراف الأسنان، والخَضْم بالفم كلِّه.

والكلمة الأخرى: القضيم، يقال إنَّه الجِلدُ الأبيض، أو الصَّحيفة البيضاء. قال النابغة:

كأنَّ مَجرَّ الرامساتِ ذُيولَها *** عليه قَضِيمٌ نمَّقتهُ الصَّوانعُ([3])

(قضي)  القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانهِ وإنفاذه لجهته، قال الله تعالى: {فقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ في يَوْمَيْنِ} [فصلت 12] أي أحكَمَ خَلْقَهنّ. ثم قال أبو ذؤيب:

وعَليهما مَسرودتانِ قَضاهما *** داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ([4])

والقضاء: الحُكم. قال الله سبحانه في ذكر من قال: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ

قَاضٍ} [طه 72] أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيَّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرهِ من الخَلْق. قال الحارث ابن حِلِّزة:

وثمانونَ من تميمٍ بأيديـ *** ـهِمْ رماحٌ صُدورهنَّ القضاءُ([5])

أي المنيّة. وكلُّ كلمةٍ في الباب فإنَّها تجري على القياس الذي ذكرناه، فإذا هُمِز تغيَّر المعنى. يقولون: القَـُضْأة: العيب، يقال ما عليك منه قُضأةٌ وفي عينه قـَُضْأةٌ، أي فَساد.

(قضب)  القاف والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قطْعِ الشَّيء. يقال: قَضَبْتُ الشيءَ قَضْبا. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا رأى التَّصليب في ثوبٍ قَضَبَه، أي قطعه. وانقضَب النَّجمُ من مكانه. قال ذو الرُّمَّة:

كأنَّه كوكبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَةٍ *** مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب([6])

والقضيب: الغُصْن. والقَضْب: الرَّطْبة، سمِّيت لأنَّها تُقْضَب. والمَقَاضب: الأرَضُون تنبت القَضْب. وقَضَبت الكرم: قطعتُ أغصانَه أيّامَ الرَّبيع. وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب: قطّاع. ورجلٌ قَضّابةٌ: قطَّاعٌ للأمور مقتدِرٌ عليها. وقُضَابة الكرم: ما يتساقط من أطرافه إذا قُضِب.

ومن الباب: اقتَضَبَ فلان الحديثَ، إذا ارتَجَله، وكأنَّه كلامٌ اقتطعَهُ منْ غير روِيّة ولا فِكْر. ويستعارُ هذا فيقال: ناقةٌ قضيب، إذا رُكِبَتْ قبلَ أن تُراض. وقد اقتضبتها. وقَضيب: واد. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 93).

([2]) في الأصل: "يتقضف"، وأثبت صوابه من القاموس.

([3]) ديوان النابغة 50 واللسان (قضم).

([4]) ديوان الهذليين (1: 19) والمفضليات (2: 228) واللسان (صنع، قضي).

([5]) البيت من معلقته المشهورة.

([6]) ديوان ذي الرمة ص1 واللسان (عفر، قضب).

 

ـ (باب القاف والطاء وما يثلثهما)

(قطع)  القاف والطاء والعين أصلٌ صحيحٌ واحد، يدل على صَرْمٍ وإبانة شيءٍ من شيء. يقال: قطعتُ الشيءَ أقطعه قَطْعاً. والقطيعة: الهِجران.

يقال: تقاطَعَ الرّجُلان، إذا تصارما. وبعثَتْ فلانةُ إلى فلانةَ بأُقطوعةٍ، وهي شيءٌ تبعثُه إليها علامةً للصَّريمة. والقِطْع، بكسر القاف، الطَّائفة من اللَّيل، كأنَّه قِطعةٌ. ويقال: قطعت قَطْعاً.*وقطعتِ الطير قُطوعاً، إذا خَرَجَتْ من بلاد [البرد إلى بلاد([1])] الحرِّ، أو من تلك إلى هذه. والقَطِيع: السَّوط. قال الأعشى:

* تراقِبُ كفِّي والقَطِيعَ المحرَّما([2]) *

وأقطعتُ الرّجُلَ إقطاعاً، كأنَّه طائفةٌ قد قُطِعت من بلَد. ويقولون لليائس من الشيء: قد قُطِعَ به، كأنَّه أملٌ أمّله فانقطع. وقَطعتُ النهرَ قُطوعاً([3])، إذا عبرتَه. وأقطعتُ فلاناً قُضباناً من الكَرْم، إذا أذِنْتَ له في قطعها. والقضيب: القطيع من الشجرة تُبْرَى منه السِّهام، والجمع أقْطُع. قال الهُذليّ([4]):

ونميمةً من قانصٍ متلبِّبٍ *** في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ

وهذا الثَّوبُ يُقطِعُك قميصاً. ويقال: إنَّ مقطِّعة النِّياط: الأرنب، فيقال إنما سمِّيت بذلك لأنَّها تَقطَع نِياطَ ما يتْبعها من الجوارح في طلبها. ويقال: النِّياط: بُعْد المفازة. ومن الباب: قطَّع الفرسُ الخيلَ تقطيعاً: خلّفها ومضَى، وهو تفسير الذي ذكرناه في مقطِّعة النِّياط، إذا أُريد نياط الجارح.

ويُزاد في بنائه فيقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ، أي سراعاً. ويقولون: جاريةٌ قطيعُ القِيام. كأنَّها من سِمَنها تنقطع عنه. وفلانٌ منقطِعُ القَرين في سَخاءٍ أو غيره. وفي بعض التَّفسير في قوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ بسَبَبٍ إلى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحج 15]. إنَّه الاختناق، والقياس فيه صحيح. ومُنْقَطَع الرَّمل ومَقْطَعُه: حيثُ ينقطع. والقَطِيع: القِطعة من الغَنَم. والمقطَّعات: الثِّيَاب([5]) القِصار. وفي الحديث: "أنَّ رجلاً أتاه وعليه مقطَّعات له"، وكذلك مقطَّعات أبيات الشِّعر. والقُطْع: البُهرْ. ومقاطع الأودية: مآخيرها. وأصاب بئرَ فُلانٍ قُطْع، إذا نَقَص ماؤُها. والقِطع بكسر القاف: الطِّنْفِسَة تُلقى على الرَّحل؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لأنَّ ناسجَها يقطعُها من غيرها عند الفَرَاغ، كما يسمَّى الثَّوب جديداً كأنَّ ناسجَه جَدَّه الآن. والجمع قُطُوع. قال:

أتَتْكَ العِيسُ تنفُخُ في بُراها *** تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ([6])

والقِطْع: النَّصل من السِّهام العَريض، كأنَّه لما بُرِيَ قُطِع.

ومما شَذَّ عن هذا الباب القُطَيعاء: [ضربٌ من التَّمر. قال([7])]:

[باتوا يعشُّون القُطيعاءَ] ضيفَهم *** وعندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ([8])

 (قطف)  القاف والطاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ ثمرةٍ من شجرة، ثم يستعار ذلك، فتقول: قَطَفت الثمرة أقْطِفُها قَطْفاً. والقِطْف: العُنقود. ويقال: أقطَفَ الكَرْم: دنا قِطافُه. والقُطَافة: ما يسقُط من القُطوف. ويستعار ذلك فيقال: قَطَف الدّابَّةُ يَقطِف قَطْفاً، وهو قَطوفٌ، كأنَّه من سرعة نَقْلهِ قوائمَه يقطِفُ من الأرض شيئاً. وقد يقال للخَدْشِ: قَطْف؛ والمعنى قريب. [قال]:

* ولكن وجْهَ مولاك تقطِفُ([9]) *

(قطل)  القاف والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قطع الشّيء. يقال: قَطَله قَطْلاً، وهو قَطِيلٌ ومقطول. ونخلةٌ قطيل، إذا قُطعت من أصلها فسقطَتْ. ويقال: إنَّ القَطِيلة: القطعة من الكساء والثَّوبِ يُنْشف بها الماء. والمِقْطَلة: حديدة يُقطَعُ بها، والجمع مَقاطل، ويقال إنَّ أبا ذؤيبٍ الهذليَّ كان يلقَّب "القطيل".

(قطم)  القاف والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع الشيء، وعلى شهوة. فالقَطْع يعبَّر عنه بالقَطْم. يقولون: قَطَم الفصيلُ الحشيشَ بأدنى فمه يَقطِمه. وقطَامِ: اسمٌ معدول، يقولون إنَّه من القَطْم. وهو القَطْع.

وأمَّا الشَّهوةُ فالقَطَم. والرَّجُل الشَّهوانُ اللَّحم قَطِم. والقُطَامِيُّ: الصَّقر، ولعلَّه سمِّي بذلك لحِرصه على اللحم. وفحلٌ قَطِم: مشتَهٍ للضِّرابِ.

(قطن)  القاف والطاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استقرارٍ بمكان وسكون. يقال: قَطَن بالمكان: أقام به. وسَكَنُ الدّارِ: قطينُهُ. ومن الباب قَطِينُ المَلِك، يقال هم تُبّاعه، وذلك أنّهم يسكنون حيثُ يسكن. وحَشَمُ الرّجل: قَطِينُه أيضاً*. والقُطْن عندنا مشتقٌّ من هذا لأنَّه لأهل المَدَرِ والقاطنين بالقُرى. وكذلك القِطْنيَّة واحدة القَطَانيّ كالعَدَس وشبهِه، لا تكون إلاَّ لقُطّان الدُّور. ويقال للكَرْم إذا بدَتْ زَمَعاتُه: قد قَطَّن؛ كأنَّ زَمَعَاتهِ شُبِّهَتْ بالقُطْن. ويقال إنَّ القَطِنة، والجمع القَطِن: لحمة بين الوَرِكين. قال:

* حتَّى أتى عارِي الجآجِي والقَطِنْ([10]) *

وسُمِّيت قَطِنة للزومها ذلك الموضع، وكذلك القَطِنة، وهي شِبْه الرُّمَّانة في جَوْفِ البقرة.

(قطو)  القاف والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مقاربَةٍ في المشي. يقال: القَطْو: مُقارَبَة الخطو، وبه سمِّيت القطاة، وجمعها قطاً.

والعرب تقول: "ليس قَطَاً مثلَ قُطَيّ"، أي ليس الأكابرُ مثل الأصاغر. قال:

ليسَ قَطاً مثلَ قُطَيٍّ ولا الـ ***ـمَرْعيُّ في الأقوام كالرَّاعي([11])

وسمِّيت قطاةً لأنَّها تَقْطُو في المِشْية. ويقولون: اقطَوْطَى الرَّجلُ في مشيته؛ استدار.

ومما استُعير من هذا الباب القطاة: مَقعَد الرَّدِيف من ظَهْر الفَرَس.

(قطب)  القاف والطاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع. يقال: جاءت العربُ قاطبةً، إذا جاءت بأجمعِها. ويقال قطَبْتُ الكأسَ أقطِبُها قطباً، إذا مزجتَها. والقِطَاب: المِزاج. ومنه قولهم: قَطَب الرّجُلُ ما بين عينَيه. والقطِيبة: ألوان الإبل والغنم يُخلَطان.

ومن الباب القُطب: قُطب الرَّحَى، لأنَّه يجمع أمرَها إذْ كان دَوْرُه عليها. ومنه قُطْبُ السَّماء، ويقال إنَّه نجمٌ يدور عليه الفَلَك. ويستعار هذا فيقال: فلانٌ قطبُ بني فلانٍ، أي سيِّدُهم الذي يلوذون به.

ومما شذَّ عن هذا الباب القُطْبة: نَصْلٌ صغير تُرمَى به الأغراض، فأمَّا قولُهم: قَطَبت الشَّيءَ، إذا قطعتَه، فليس من هذا، إنَّما هو من باب الإبدال، والأصل الضّادُ قضبت، وقد فسّرناه.

(قطر)  القاف والطاء والراء هذا بابٌ غير موضوع على قياس، وكلمهُ متباينةُ الأصول، وقد كتبناها. فالقُطر: النّاحية. والأقطار: الجوانب، ويقال: طعَنَه فقطَّره، أي ألقاه على أحد قُطْرَيه، وهما جانباه. قال:

قد علِمَتْ سلمى وجاراتُها *** ما قَطَّرَ الفارسَ إلاَّ أنا([12])

والقُطُرْ: العُود. قال طَرفة:

وتنادَى القومُ في نادِيهمُ *** أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ([13])

والقَطْر: قَطْر الماءِ وغيرهِ. وهذا بابٌ ينقاس في هذا الموضع، لأنَّ معناه التتابُع. ومن ذلك قِطَار الإبل. وَتَقاطرَ القومُ، إذا جاؤوا أرسالاً، مأخوذٌ من قِطار الإبل. والبعيرُ القاطرُ: الذي لا يزالُ بَوْلُه يقطُر. ومن أمثالهم: "الإنْفاض يُقَطِّر الجَلَبَ([14])"، يقول: إذا أنْفَضَ القومُ أي قلّت أزوادهم وما عِندَهم قَطَّرُوا الإبلَ فجلبوها للبيع. والقَطِرانُ، ممكنٌ أنْ يسمَّى بذلك لأنَّه مما يَقطُر، وهو فَعِلان. ويقال: قَطَرت البعيرَ بالهِناء أقطُرُهُ. قال:

* كما قَطَر المَهْنُوءةَ الرّجلُ الطَّالي([15]) *

ومما ليس من هذا القياس، القِطْر: النُّحاس. وقولهم: قَطَرَ في الأرض، أي ذهَبَ. واقطَارَّ النَّباتُ، إذا قاربَ اليُبْس.

ـــــــــــــــ

([1]) تكملة يقتضيها الكلام. وفي المجمل: "إذا خرجت من بلد البرد إلى بلد الحر".

([2]) سبق في (حرم). وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم، قطع):

* ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *

([3]) وقطعا كذلك.

([4]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين (1: 7) والمفضليات (2: 244) واللسان (قطع، نمم، جشأ، جشش). وقد سبق في (جشأ).

([5]) في الأصل: "النياط" تحريف.

([6]) البيت لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي، وقيل لزياد الأعجم، وينسب كذلك للأعشى. اللسان (قطع) وتهذيب إصلاح المنطق، وإصلاح المنطق 10.

([7]) الكلمة الأخيرة مما اقترحته للتكملة. وما قبلها تفسير من المجمل.

([8]) تكملة صدر البيت مما سبق في (ثجل).

([9]) قطعة من بيت لحاتم الطائي ليس في ديوانه. وهو في اللسان (قطف) وإصلاح المنطق 457. وهو:

سلاحك مرقي فما أنت ضائر *** عدواً ولكن وجه مولاك تقطف

([10]) في اللسان (قطن) أن البيت من حديث سطيح، ولعله من كلام عبد المسيح. انظر أوائل سيرة ابن هشام وحياة الحيوان للدميري في رسم (شق) وبلوغ الأرب (3: 282).

([11]) البيت لأبي قيس بن الأسلت في المفضليات (2: 85) واللسان (رعى، قطا). وقد سبق في (رعى).

([12]) أنشده في اللسان (قطر).

([13]) سبق إنشاده وتخريجه في (قتر).

([14]) ويروى أيضاً: "النفاض" بالنون المضمومة.

([15]) لامرئ القيس في ديوانه 61 واللسان (قطر). وصدره:

* أيقتلني أني شغفت فؤادها * ويروى: "وقد قطرت"، ويروى: "وقد شغفت".

 

ـ (باب القاف والعين وما يثلثهما)

(قعل)  القاف والعين واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ متجانسةٍ ولا قياسَ لها.

فالأولى القُعَال: ما تناثَر من نَور العِنَب. والثانية: القَواعل: رؤوس الجبال، واحدتُها قاعلة. والثالثة القَعْوَلَى: مِشيةٌ يَسفِي ماشِيها التُّرابَ بصُدور قدمَيه.

(قعم)  القاف والعين والميم كلماتٌ لا ترْجِع إلى قياسٍ واحد، لكنَّها متباينة. يقولون: أُقْعِم الرّجلُ، إذا أصابَه داءٌ فقتَلَه. وأقْعَمَتْه الحيّة. والقَعَم: مَيَلٌ في الأنف. ويقال إنَّ القَعَم في الأَليتينِ: ارتفاعُهما، لا تكونان مُسترخِيتين. ويقولون: القَيعَم: السِّنَّور.

(قعن)  القاف والعين والنون ليس فيه إلاَّ قُعَين: قبيلةٌ من العرب.

(قعو)  القاف والعين والحرف المعتل فيه كلماتٌ لا قياسَ لها. يقولون: قَعَا الفحلُ النّاقةَ قُعُوَّاً([1]). والقَعْو: خشبتانِ في البَكْرةِ فيهما المِحْور([2]).*قال:

مَقذوفةٍ بدَخيسِ اللّحمِ بازِلُها *** له صريفٌ صَرِيفَُ القَعْوِ بالمَسدِ([3])

وأقْعَى الرَّجلُ في مَجلِسه، إذا تسانَدَ كما يُقعِي الكلِب. ونُهِيَ عن الإقعاء في الصلاة. وذكر ابنُ دُريد: امرأةٌ قعواء: دقيقةُ السّاقَين([4]).

(قعث)  القاف والعين والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على كثرة. يقولون: القَعِيث: المطر الكثير، والسَّيْب([5]) الكثير، وأقْعَثَ له العطيَّة: أجزلَهَا.

(قعد)  القاف والعين والدال أصلٌ مطّرِدٌ منقاسٌ لا يُخلِف، وهو يُضاهِي الجلُوسَ وإن كان يُتكلَّمُ في مواضعَ لا يتكلَّم فيها بالجُلوس. يقال: قَعَد الرَّجلُ يقعُد قعوداً. والقَعْدة: المرَّة الواحدة. والقِعدة: الحالُ حسنةً أو قبيحة في القعود. ورجلٌ ضُجَعةٌ قُعَدة: كثيرُ القعودِ والاضطجاع. والقَعِيدة: قَعِيدة الرَّجُل: امرأتُه. قال:

لكنْ قعيدةُ بيتها مجفوةٌ *** بادٍ جناجنُ صدرِها وبها جَنَا([6])

وامرأة قاعدةٌ، إن أردتَ القعود، وقاعدٌ عن الحيض والأزواج، والجمع قواعد. قال الله تعالى: {وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً} [النور 60].

والمقْعَدات: الضَّفادع([7]). والقُعْدُد: اللّئيم، وزِيدَ في بنائه لقعوده عن المكارم. وأمَّا القُعْدَد والقُعدُد فهو أقربُ القوم إلى الأب الأكبر. وفلانٌ أقْعَدُ نَسَباً، إذا كان أقربَ إلى الأب الأكبر، وقياسُهُ صحيحٌ لأنَّه قاعد مع الأب الأكبر. والقَعيد من الوحش: ما يأتيك من ورائك، وهو خِلافُ النَّطيح مُستقبِلك. والقَعَد: القَومُ لا ديوانَ لهم، فكأنَّهم أُقعِدُوا عن الغَزْو. والثَّدي المُقْعَد على النّهد: النّاهد، كأنّه أُقْعِد في ذلك المكان. وذو القَعْدة: شهرٌ كانت العربُ تَقعُد فيه عن الأسفار([8]). والقُعْدة: الدَّابّة تُقتَعَد للرُّكوب خاصة. والقَعُود من الإبل كذلك. ويقال القَعِيدة: الغِرارة، لأنَّها تُملأُ وتُقعَد. والقَعِيد: الجرادُ الذي لم يَستو جناحُه. وقواعد البيت: آساسُه. وقواعد الهَوْدَج: خشباتٌ أربع مُعترِضاتٌ في أسفله. والإقعادُ والقُعَاد: داء يأخذ الإبلَ في أوراكها فيُمِيلها إلى الأرض. والمُقْعَدة من الآبار: التي أُقعِدَتْ فلم يُنْتَهَ بها إلى الماء وتُرِكَت. والمُقْعَد: فَرْخُ النَّسر. وقَعَدَتِ الرَّخَمة، إذا جَثَمت. والمَقاعِد: موضع قُعودِ النّاسِ في أسواقهم. والقُعُدات: السُّروج والرِّحال. فأمَّا قولهم: قَعِيدَكَ الله، وقَعْدَكَ الله، في معنى القَسَم.......…([9]).

(قعر)  القاف والعين والراء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء ذاهبٍ سُفْلاً. يقال: هذا قَعر البئر، وقَعر الإناء، وهذه قصعةٌ قَعِيرةٌ. وقَعَّر الرّجلُ في كلامه: شَدَّق. وامرأة قَعِرة: نعتُ سَوءٍ في الجِماع. وانقَعَرت الشّجرة من أرومتِها: انقلعَتْ.

(قعز)  القاف والعين والزاء ليس فيه إلا طريفةُ ابن دريد([10])، قال: قَعَزْتُ الإناءَ: ملأتُه. وقَعَزْتُ في الماء: عبَبْتُ.

(قعس)  القاف والعين والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على ثباتٍ وقوّة، ويتوسَّعون في ذلك على معنى الاستعارة، فيقال للرّجل المنيع العزيز: أَقْعَس، وللغليظ العُنق قَوْعَس. [و] الأقعسانِ: جبلان طويلان. وليلٌ أقعَسُ، أي طويلٌ ثابت، كأنه لا يكاد يَبْرَح. والإقعاس: الغِنى والإكثار. وعِزّةٌ قَعساء: ثابتةٌ لا تزول أبداً. [قال]:

* وعزّةٌ قَعساءُ لَن تُناصَى([11]) *

والعزُّ الأقعس في المذكَّر.

ومما حُمِل على هذا: القَعَس: دُخولُ العنقِ في الصّدر حتَّى يَصير خلافَ الحَدَب، لأنَّ صدرَهُ كأنَّه يرتفع. يقال: تقاعَسَ تقاعُساً، واقعَنْسَسَ اقعنساساً. قال:

بئسَ مُقامُ الشّيخِ أمرِسْ أمرِسِ *** إمَّا على قَعْوٍ وإمَّا اقعَنْسِسِ([12])

(قعش)  القاف والعين والشين أُصَيلٌ يدلُّ على انحناء في شَيء. يقال قَعشْتُ رأسَ الخشبة كيما([13]) تُعطَف إليك*. وقَعَشت الشّيءَ: جمعتُه. وهو ذلك القياس، لأنَّك تَعطِفُ بعضَه على بعض، وتَقَعْوَشَ الرّجلُ، إذا انحنَى. وكذلك الجِذع. والقُعُوشُ: مراكب النساء، الواحد قَعْشٌ.

(قعص)  القاف والعين والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على داءٍ يدعو إلى الموت. يقال: ضربَه فأقْعَصَه: أي قَتَله مكانَه. والقَعَصْ: الموت الوَحيّ. ومات فلانٌ قَعَْصا. والقُعَاص: داءٌ يأخذ في الصَّدر كأنَّه يكسِر العنُق، يقال قُعِصت فهي مقعوصة.

(قعض)  القاف والعين والضاد كلمةٌ تدلُّ على عَطْف شيءٍ وحَنْيِه. من ذلك القَعْض: عطفُك رأسَ الخشبة، كما تُعطَف عروش الكَرْم. وهو قولُه:

* أطرَ الصَّناعَين [العريشَ] القَعْضا([14]) *

(قعط)  القاف والعين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شَدِّ شيء، وعلى شِدَّة في شيء. من ذلك الاقتِعاط، وهو شدُّ العِصابة والعمامة. يقال: اقتعطتُ العمامةَ، وذلك أن يشدَّها برأسه ولا يجعلَها تحتَ حنكِه. وفي الحديث: "أمَرَ بالتلحِّي ونَهَى عن الاقتعاط". ويقولون: القَعَط([15]): الغضب وشدّة الصياح. والقَعْط: الضِّيق. يقال: قَعّط على غريمه: ضَيَّق. ومما شذَّ عن هذا القَعْط: الشاء الكثير([16]).

(قعف)  القاف والعين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اجتراف([17]) شيءٍ وأخْذِهِ أجمع. من ذلك القَعْف، وهو شدة الوطء واجتراف التّرابِ بالقوائم. والقاعف: المطر الشديد يَجْرُف وجهَ الأرض. وسيلٌ قُعَافٌ، مثل الجُراف. وقَعَفْتُ النّخلةَ، إذا قلعتَها من أصلها. والقَعْف: اشتِفافُكَ ما في الإناء أجْمَعَ.

ـــــــــــــــ

([1]) وفي المجمل: "قعوا، وربما قالوا قعوا، حكاهما الخليل. وأنكر بعضهم القعو –يعني بفتح القاف- وكان يقول: هو القعو".

([2]) وكذا في اللسان. وفي المجمل: "والمحور يكون بينهما".

([3]) للنابغة الذبياني في ديوانه 18 واللسان (قذف، دخس، قعا).

([4]) وكذا في المجمل عن الجمهرة. وفي الجمهرة (3: 134): "دقيقة الفخذين".

([5]) السيب: العطاء. وفي الأصل: "السبب" صوابه في المجمل.

([6]) البيت للأسعر الجعفي في الأصمعيات ص1 ليبسك، واللسان (قعد) والرواية فيهما: "بيتنا" و "ولها غنى".

([7]) جاءت في قول الشماخ:

توجسن واستيقن أن ليس حاضراً *** على الماء إلا المقعدات القوافز

([8]) وفي المجمل: "عن الغزو". وفي اللسان: "عن الغزو والميرة وطلب الكلأ".

([9]) بياض في الأصل.

([10]) الجمهرة (2: 6).

([11]) كذا ضبط في المجمل. وضبط في اللسان بنصب "عزة قعساء". وقبله في اللسان (نصا):

* قلال مجد فرعت أصاصاً *

([12]) أنشده في اللسان (مرس) وإصلاح المنطق 95، 220 ومجالس ثعلب 256 وشرح الحماسة للمرزوقي 1725.

([13]) في الأصل : "كما". وفي المجمل: "والقعش: عطفك رأس الخشبة إليك".

([14]) لرؤبة. والتكملة من ديوانه 80 والمجمل واللسان (قعض).

([15]) كذا ضبط في الأصل والمجمل، وضبط في القاموس بإسكان العين.

([16]) ورد هذا المعنى في القاموس ولم يرد في اللسان.

([17]) في الأصل: "احتراف" في هذا الموضع وتاليه، تحريف.

 

ـ (باب القاف والفاء وما يثلثهما)

(قفل)  القاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ أحدهما على أوبةٍ من سفر، والآخر على صَلاَبةٍ وشِدَّةٍ في شيء.

فالأوَّل القُفول، وهو الرُّجوع من السَّفَر، ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا.

وأمَّا الأصل الآخَر فالقَفِيل، وهو الخشب اليابس. ومنه القُفْل: سمِّي بذلك لأنَّ فيه شدّاً وشِدَّة. يقال أقفَلتُ البابَ فهو مُقْفَل. ويقال للبخيل: هو مُقْفَل اليدين. وقَفَِلَ الشّيء: يَبِس. وخيلٌ قَوَافِلُ: ضَوَامِر. ويقال: أقْفَلَه الصّومُ: أيبَسَه.

(قفن)  القاف والفاء والنون ليس بأصلٍ، لكنَّهم يقولون: القَفَن: لغةٌ في القَفا. والقفِينةَ: الشَّاة تُذبَح من قَفاها. ويقال: إنَّ القَفَّانَ: طَريقةُ الشّيء ومُنتهَى عملِه. وجاء في حديث عمر: "ثمَّ أكون على قَفّانِه".

(قفي)  القاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إتْباعِ شيءٍ لشيء. من ذلك القَفْو، يقال قَفوت أثَرَه. وقَفَّيتُ فلاناً بفلانٍ، إذا أتْبَعتَه إيّاه. وسمِّيت قافيةُ البيت قافيةً لأنَّها تقفو سائرَ الكلام، أي تتلوه وتَتْبعه. والقَفَا: مُؤْخِر الرّأس والعُنُق، كأنَّه شيءٌ يَقفو الوجه. والقافية: القفا. وفي الحديث: "يقعدُ الشّيطانُ على قافية رأسِ أحدهم".

قال ابن دريد([1]): يقال فلانٌ قِفْوتي: أي تُهمتي، وقِفْوَتي، أي خِيرَتي.

قال: فكأنَّه من الأضداد. وهذا الذي قاله فإنَّ المعنى فيه إذا اتَّهمه: قفاه أي تَبِعه يطلب سيّئةً عنده، وإذا كان خِيرَتَه قَفاه أيضاً أي تَبِعه يرجو خَيْره. وليس ذلك عندنا من طريقة الأضداد في شيء. والقَفِيُّ والقَفاوة: ما يُدَّخر من لبنٍ أو غيرِه لمن يُراد تكرمتُه به. وهو من القياس، كأنَّه يُرادَ [و] يتبَع به إذا أُهديَ له. قال سلامة:

ليس بأسفَى ولا أقنَى ولا سَغِلٍ *** يُسقَى دواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ([2])

وقولهم: قَفَوت الرَّجُل، إذا قذفْتَه بفُجورٍ([3]) هو من هذا، كأنَّه أتْبَعَه كلاماً قبيحاً. وفي الحديث: "لا نَقْفُو أمَّنا([4])".

(قفح)  القاف والفاء والحاء، قال ابنُ دريد([5]): قَفَحت نفسُه عن الشّيء إذا كرهَتْه. قال: وهو في شِعر الطرِمّاح([6]).

(قفخ)  القاف والفاء والخاء كلمةٌ واحدةٌ* وهو ضربُ الشَّيءِ اليابس على مِثله. يقال قَفَخ هامتَه. قال:

* قَفخاً على الهامِ وبَجَّاً وَخْضا([7]) *

(قفد)  القاف والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على التواءٍ في شيء. من ذلك القَفَد: التواءُ رسغِ اليد الوحشيّ؛ رجلٌ أقفدُ وامرأةٌ قفداء. وكذلك الفرس. ويقولون: القَفْداء: جنس من الاعتمام.

(قفر)  القاف والفاء والراء أصلٌ يدلُّ على خُلوٍّ من خير. من ذلك القَفْر: الأرض الخالية. ومنه القَفَار: الطَّعام ولا أُدْمَ معه. وفي الحديث: "ما أقْفَرَ بيتٌ فيه خَلّ". وامرأةٌ قَفرة: قليلةُ اللّحم.

ومما شذَّ عن هذا الأصل، وهو من باب الإبدال، يقولون: اقتفرت الأثَرَ واقتفيتُه، وتفقَّر مثلُه. قال صخر([8]):

* فإنِّي عن تفقُّركم مكيثُ([9]) *

وأمَّا القَفُّور فنَبت. قال ابنُ أحمر:

تَرعَى القَطاةُ الخِمسَ قَفُّورَها([10]) *** ثم تَعُرُّ الماءَ فيمن يَعُرّْ

ومن القياس الأوّل قولهم: نزلْنا ببني فلانٍ فبتْنا القَفْرَ، إذا لم يَقرُونا وقال ابن دريد([11]) -وليس من البابين-: القفَر: الشَّعر. وأنشد:

قد عَلِمَتْ خَودٌ بساقَيْها القَفَر *** لتُروَين أو لتُبيدَنَّ الشُّجُرْ([12])

جمع شِجار وهو خَشَب البِئر.

(قفز)  القاف والفاء والزاء أصلانِ يدلُّ [أحدهما] على شبه الوَثْب، والآخر على شيءٍ يُلبَس.

فالأوَّل القَفَزان: مصدر قَفَز. ويقال للضَّفادع: القَوافز. والآخر القُفَّاز: وهو ضربٌ من الحَلْي تَتَّخذه المرأةُ في يديها ورجليها. ويقولون على التشبيه بهذا: فرسٌ مقفَّز، إذا استدار تحجيلُه بقوائمه ولم يجاوز الأشاعر نَحْوَ المنَعَّل. فأمَّا القَفِيز فمعرَّب.

(قفس)  القاف والفاء والسين. يقولون: القَفَس: الغضب.

(قفش)  القاف والفاء والشين. فيه طريفَة ابنِ دريد([13]): قفش: جمع.

(قفص)  القاف والفاء والصاد كلماتٌ تدلُّ على جمعٍ واجتماع. يقولون: تقفّص، إذا تجمَّع، وقَفَّصتُ الظّبْيَ، إذا شددتَ قوائمَه جميعاً. وقولهم: إن القَفْصَ: الوَثْب، من هذا، وذلك تجمُّع.

(قفط)  القاف والفاء والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون: قَفَط الطَّائرُ، إذا سَفِد.

(قفع)  القاف والفاء والعين كلماتٌ تدلُّ على تجمُّع في شيء. يقال: أذنٌ قَفْعاءُ، كأنَّها أصابَتْها نار فانزَوَتْ. والرِّجْل القَفْعاء: التي ارتدَّتْ أصابعُها إلى القَدَم من البرد. والقَفْعة: شيءٌ يتَّخَذ من خُوص يُجتَنَى فيه الرُّطَب. وفي الحديث في ذكر الجراد: "ليْتَ عندنا منه قَفْعَةً أو قفعتين". والله تعالى أعلمُ وأحكم.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 156).

([2]) ديوان سلامة بن جندل 8 والمفضليات (1: 119) واللسان (قفا).

([3]) في الأصل: "بعجوز"، صوابه في المجمل واللسان.

([4]) في اللسان: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن بنو النضر بن كنانة لا نقذف أبانا ولا نقفو أمنا".

([5]) الجمهرة (2: 175).

([6]) وكذا ورد الكلام في المجمل والجمهرة. يشير إلى قول الطرماح في ملحقات ديوانه 189:

يسف خراطة مكر الجنا *** ب حتى ترى نفسه قافحه

([7]) لرؤبة في ديوانه 81 واللسان (قفخ، بجج)، وقد سبق في (بج).

([8]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "وقال أبو الملثم صخر"، وصواب "الملثم" "المثلم" وهو رجل هذلي يناقض بشعره صخر الغي الهذلي، وليس الشعر لصخر، بل هو لأبي المثلم. انظر ديوان الهذليين (2: 224).

([9]) صدره كما في الديوان: * أنسل بني شغارة من لصخر *

([10]) البيت في اللسان (عرر، قفر) وفي الأصل: "تقفرها".

([11]) الجمهرة (2: 400).

([12]) أنشدهما في الجمهرة. وأنشد الأول في اللسان (قفر).

([13]) الجمهرة (3: 65).

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)

ومنه ما له أدنى قياس، ومنه ما وضع وضعاً.

من ذلك (القَفَنْدر): الشَّيخ. والقفندر: اللَّئيم الفاحش. وهذا مما زيدت فيه النون، ثم يكون منحوتاً من القَفْد والقَفْر: الخلاءِ من الأرض، والقَفْد من قَفَدْتُه، كأنَّه ذليل مَهِين.

ومن ذلك (القلمَّس): السيِّد. وهذا مما زيدت فيه اللام، وهو من القَمْس والقاموس، وهو مُعظَم الماء، شبِّه بقاموس البحر.

ومن ذلك (القَلَهْذَم)، يقال هو صفةٌ للماء الكثير. وهذا مما زيدت فيه اللام والهاء، وهو من القَذْم وهو الكثرة، وقد فسَّرناه.

ومن ذلك (القَصَنْصَع)، وهو القصير، وهو ممَّا زيدت فيه النون وكرِّرت صاده، وهو من القَصْع. وقد قلنا إنَّ القصع يدلُّ على مُطامَنةٍ في شيء وهَزْم فيه، كأنَّه قُصِع.

ومن ذلك (القُرْشُوم) وهو القُراد، وقد زيدت فيه الميم، وأصله القرش، وهو الجمع، سمي قرشوماً لتجمُّع خلقه.

ومن ذلك الحسب (القُدْموس): القديم، وهو مما زيدت فيه السين وأصله من القِدَم. ورجلٌ قُدمُوس: سيِّد، وهو ذلك المعنى.

ومن ذلك (القُرضوب) هو اللصّ. قال الأصمعيّ: وأصله قطع الشيء. يقال: قرضَبْتُه: قطعته. والذي ذكره* الأصمعيّ صحيح، والكلمة منحوتة من كلمتين: من قرض وقَضَب، ومعناهما جميعاً: القطع.

ومن ذلك (القِنْعاس) وهو الشَّديد. وهذا مما زيدت فيه النون، وأصله من الأقْعَس والقعساء، وقد فسَّرناه.

ومنه رجل (قُناعِسٌ): مجتمِع الخَلْق.

ومن ذلك (القَمْطَرِير): الشَّديد، وهذا مما زيدت فيه الراء وكرّرت تأكيداً للمعنى، والأصل قَمَط وقد ذكرناه، وأنَّ معناه الجمع، ومنه قولهم بعير قِمَطرٌ: مجتمع الخَلقِ. والقياسُ كلُّه واحد.

ومن ذلك (اقْفَعَلَّت) يدهُ: تقبّضت. وهذا مما زيدت فيه اللام، وهو من تقَفَّعَ الشّيء، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (القَلْفَع)، وهو ما يَبِس من الطِّين على الأرض فيتقلّف. وهذه منحوتةٌ من ثلاث كلمات: من قفع، وقلع، وقلف، وقد فُسِّر.

ومن ذلك (القَرَقُوس)، وهو القاع الأملس، وأصله من القَرَق، والسين فيه زائدة، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (القَنَازِع) من الشَّعر، وهو ما ارتَفَع وطال، وأصله من القزع، والنون زائدة، وقد ذكَرْناه.

ومن ذلك (القرْفُصاء)، وهو أن يقعد الرجل قِعدةَ المحتبِي ثمَّ يضع يديه على ساقَيه كأنَّه محتَبٍ بهما. ويقال: قرفَصْتُ الرَّجُلَ: شدَدتُه. وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله من القَفْص، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (أمّ قَشْعَم): المنيّة والدَّاهية. وهذا مما زيدت فيه الميم، والأصل القَشْع.

ومن ذلك (قُرموص) الصَّائد: بيته. وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله القمص وقد مَرّ.

ومن ذلك شيءٌ ذكره ابنُ دريد([1]): بعير (قُرامِلٌ): عَظيم الخَلْق. وهذا مما زيدت لامُه، وأصلُه القرم.

ومن ذلك (القُطْرُب)، وهو دويْبَّة تسعى نهارَها دائباً. وهذا مما زِيدت فيه القاف، والأصل الطَّرَب: خفّةٌ تُصِيب الإنسان؛ فسمِّي قُطرباً لخفّته في سَعْيِه. ويقولون: القُطْرب: الجُنون([2]). والقُطرب: الكلب الصغير، وقياسُه واحد.

ومما وضع وضعاً (القَلَهْبَسَة): الهامة المُدوَّرة. و(القِطْمِير): الحبّة في بَطن النواة. و(القِرميد): الآجُرّ. ويقولون: (القُرْقُوف): الجَوَّال. ويقولون (اقرنْبَع) في جِلْسته: تقبَّض. و(اقْمَعَدَّ): عسُر. و(اقْذَعَلّ): عَسُر. و(القَبَعْثَر) العظيم الخَلْق. و(القَرَبوس) للسَّرج. و(القِنْدَأوة): العظيم. ويقولون: ما عليه (قِرطَعْبَةٌ)، أي خِرْقة. وما عليه (قُذَعْمِلَةٌ). والله أعلم بالصواب.

(تم كتاب القاف والله أعلم بالصواب)

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 341).

([2]) في القاموس: "نوع من الماليخوليا".

 

كتاب الكاف:

ـ (باب الكاف وما بعدها في الثنائي أو المطابق)

(كل)  الكاف واللام أصولٌ ثلاثةٌ صِحاح. فالأول يدلُّ على خلاف الحِدّة، والثاني يدلُّ على إطافة شيء بشيء، والثالث عضوٌ من الأعضاء.

فالأول كَلَّ السَّيف يكِلُّ كُلُولاً وكَلّةً([1]). والكليل: السيف يكِلُّ حَدُّه. وربما قالوا في المصدر كَلالةً أيضاً. وكذلك اللِّسان والطَّرف الكليلان. ويقال: أكَلَّ القومُ، إذا كَلَّت إبلُهم. وكَلَّلَ فلانٌ مثل نَكَل، وقال قومٌ: كَلَّلَ: حَمَل؛ وهذا خلاف الأوّل، ولعله أنْ يكون من المتضادّات. ومن الباب الكَلُّ: العِيالُ، قال الله تعالى: {وهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ} [النحل 76]. ويقال: الكَلُّ: اليتيم؛ وسمِّي بذلك لإدارته. والإكليل: منزلٌ من منازل القمر، وهذا على التَّشبيه. والإكليل: السَّحابُ يدور بالمكان. قال محمد بن يزيد: سمِّي الإكليل لإطافته بالرَّأس. فأمَّا الكَلالة فقال محمد: الكلالةُ هم الرِّجالُ الوَرَثة، كما قال أعرابيّ: "مالي كثير([2])، ويَرِثُنِي كلالَةٌ مُتَرَاخٍ نسبُهم". قال: وهو مصدرٌ من تَكَلَّلَه النّسبُ، أي* تعطَّفَ عليه، فسمَّوا بالمصدر. والعلماء يقولون في الكلالةِ أقوالاً متقارِبة. قالوا: الكلالة: بنو العَمِّ الأباعدُ، كذا قال ابنُ الأعرابيّ: فأمَّا غيرُه من أهل العلم فروى زُهير عن جابر بن عامر، قال: لما قال أبو بكر: "مَن ماتَ وليس له ولدٌ ولا والد فورثَتُه كَلالة" ضَجَّ([3]) عليٌّ منها، ثم رجع إلى قوله. قال المبرّد: والولد خارجٌ من الكلالة. قال: والعرب تقول: لم يرِثه كلالةً، أي لم يرثه عن عُرْضٍ بل عن قُرْبٍ واستحقاق، كما قال الفرزدق:

ورِثتم قناةَ المُلك غيرَ كلالةٍ *** عن ابْنَيْ منافٍ عبدِ شمس وهاشمِ([4])

وأمَّا الآخَر فالكَلكَل: الصدر. ومحتملٌ أن يكون هذا محمولاً على الذي قبله، كأنَّ الصدر معطوفٌ على ما تحته.

ومما شذَّ عن الباب الكُلْكُل: القصير. وانكلّتِ المرأة، إذا ضحكت تَنْكَلُّ. فأمَّا كُلّ فهو اسمٌ موضوع للإحاطة مضافٌ أبداً إلى ما بعده. وقولهم الكُلّ وقام الكُلّ فخطأ، والعربُ لا تعرفه.

(كم)  الكاف والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غِشاء وغِطاء. من ذلك الكُمَّة، وهي القلنسوة، ويقال منها: تكمَّمَ الرَّجل، وتكمكم. ومن ذلك الحديث: "أنَّ عمر رأى جاريةً مُتَكَمْكِمَةً". والكُمّ: كُمّ القميص، يقال منه كَمَمْتُهُ([5])، أي جعلت له كُمَّيْن. والكِمُّ: وِعاء الطَّلع، والجمع الأكمام. قال الله سبحانه: {والنَّخْلُ ذاتُ الأكْمام} [الرحمن 11]. قال أبو عبيد: وأكِمَّةٌ وأكامِيم. ويقال: كَمّ الفَسيلَ، إذا أشفَقَ عليه فَسُتِرَ حتى يَقْوَى. والأكاميم: أغطيةُ النَّور. ومن الباب: الكَمكام: المجتمِع الخَلْق.

(كن)  الكاف والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَتْرٍ أو صون. يقال كنَنْتُ الشيءَ في كِنِّهِ، إذا جعلتَه فيه وصُنتَه. وأكننتُ الشّيءَ: أخفيتُه. والكِنانة المعروفة، وهي القياس. ومن الباب الكُنَّة، كالجناح يُخرِجه الرّجل من حائطِهِ، وهو كالسُّتْرة. ومن الباب الكانون، لأنَّه يستُر ما تحتَه. وربما سمَّوا الرَّجُلَ الثقيلَ كانوناً. قال الحطيئة:

أغِرْبالاً إذا استُودِعْتِ سِرَّاً *** وكانوناً على المتحدِّثينا([6])

فأمَّا الكَنَّةُ فشاذّةٌ عن هذا الأصل، ويقال إنَّها امرأة الابن. قال:

إن لنا لَكَنَّهْ *** سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ([7])

(كه)  الكاف والهاء ليس فيه من اللغة شيءٌ إلا ما يُشبه الحكاية، يقال كَهَّ السَّكرانُ، إذا استنكَهْتَه فكَهَّ في وجهك. وليس هذا بشيء. ويقولون: كهكه الأسدُ في زئيره. ثم يقولون: الكَهَكاهُ من الرِّجال: الضعيف. وينشدون:

ولا كَهْكَاهة بَرَمٌ *** إذا ما اشتدَّتِ الحِقَبُ([8])

ولا معنى عندي لقولهم إنَّه الضعيف. وهذا كالتجوُّز، وإنما يراد أنَّه يَكُهُّ في وجه سائِله. والباب كلُّه واحد.

(كو)  الكاف والحرف المعتل قريبٌ من الباب قبله، [وليس فيه] إلاّ قولُهم: كواه بالنّار يَكويه. ويستعيرون هذا فيقولون: كواه بعينه، إذا أحدَّ النَّظرَ إليه. وإنِّي لأتكَوَّى بالجارية، أي أتدَفَّأُ بها. والكوَّة معروفة.

والكَأْكَأَة: النُّكوص، ويقال التجمُّع.

(كب)  الكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جَمع وتجمع، لا يَشِذّ منه [شيء]. يقال لما تجمَّع من الرَّمل كُباب. قال:

* يُثِيرُ الكُبابَ الجَعْدَ عن مَتْن مَحْمِلِ([9]) *

ومنه: كَبَبْتُ الشَّيءَ لوجهه أكُبُّه كَبَّاً. وأكَبَّ فلانٌ على الأمر يفعلُه. وتكبَّبتِ الإبلُ، إذا صُرِعَت من هُزال أو داء. والكَبكبةُ: أن يتدهْوَر الشّيء إذا أُلقِيَ في هُوَّة حتى يستقرَّ، فكأنَّه([10]) [تردّد([11])] في الكبِّ. ويقال: جاء متكبكِباً في ثيابِهِ، أي متزمِّلاً. ومن ذلك الكُبَّة من الغَزْل. ومن الباب كوكب الماء، وهو مُعظَمه. والكبكبة: الجماعة من الخيل. والكوكب يسمَّى كوكباً من هذا القياس.

قال أبو عبيدة: ذهب القومُ تحتَ كلِّ كوكب، إذا تفرَّقوا. ويقال للصبيّ إذا قارَبَ المراهقَة: كوكبٌ، وذلك لتجمُّع خَلْقه. *والكَبَّةُ: الزِّحام. فأمَّا قولُهم لنَوْر الرَّوضة كوكب، فذاك على التّشبيه من باب الضياء. قال الأعشى:

يُضَاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكب شَرِقٌ *** مُؤزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مكتهلُ([12])

وكذلك قولهم لبَريق الكَتِيبة: كوكب.

(كت)  الكاف والتاء ليست فيه لغةٌ أصلية، ويجري البابُ مَجرى الحكاية. فالكتيت: صوتُ البَكْر، كالكَشِيش. يقال: كَتَّ يَكِتّ، وكَتّ الرّجُل من الغضب. وكَتِيت القِدر: صوتُ غَلَيانها. ويقولون: كتَتُّ الكلامَ في أذنه. وكتكت في الضَّحِك: أغرَبَ. وهذه كلماتٌ يُشبِهُ بعضُها بعضاً. وما أبعدَهَا من الصّحّة. فأمَّا الكَتَّان فلعلَّه معرَّب. وخفَّفه الأعشى فقال:

* بينَ الحريرِ وبينَ الكَتَنْ([13]) *

(كث)  الكاف والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّعٍ، وفروعُه تقلُّ. فالكَثَّةُ نعتٌ لِلِّحْية المجتمعة، [وهي] بيِّنة الكَثَث والكثَاثة. ومنه الكثْكَث: مجتمعٌ من دُقاق التُّرْب. وهو الكِثكِثُ أيضاً.

(كح)  الكاف والحاء ليس بشيء، وربما قالوا الكُِحْكُِح من الشَّاه: المسِنُّ. ويقولون: أعرابيٌّ كُحٌّ، مثل قُحّ.

(كد)  الكاف والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شِدَّةٍ وصَلابة. من ذلك الكَديد: وهو التُّراب الدَّقيق المكدود المركَّل بالقوائم؛ ثم يُقاس على ذلك الكدُّ، وهو الشِّدَّةُ في العمل وطلب الكسب، والإلحاحُ في الطَّلَب. ويقال: كَدَدْتُ فلاناً بالمسألة، إذا ألْحَحْتَ عليه بها وبالإشارة إليه عند الحاجة. قال:

* عَفَفْتُ ولم أكْدُدْكُمُ بالأصابع([14]) *

ومن الباب: الكَدْكَدَةُ: ضربُ الصَّيقلِ([15]) المِدْوَسَ على السَّيف إذا جَلاَه. والكُدَادة: ما يُكَدُّ من أسفل القِدْرِ من المَرَق. وبئرٌ كَدُودٌ، إذا لم يُنَلْ ماؤُها إلاَّ بجَهد. والكدكدة: تثاقلٌ في العَدْو. والكَدُّ: شيءٌ تُدَقُّ فيه الأشياء كالهاوُن. والكُدَاد: حِمَارٌ ينسب إليه الحُمُر فيقال: بَنات كُداد.

(كذ)  الكاف والذال كلمةٌ واحدة، وهي الكَذَّانُ: حجارةٌ رِخوة كأنَّها مَدَر.

(كر)  الكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وترديد. من ذلك كَرَرت، وذلك رجُوعك إليه بعد المرّة الأولى، فهو الترديد الذي ذكرناه. والكرير: كالحَشْرجةِ في الحَلْق، سمِّي بذلك لأنَّه يردِّدها. قال:

فَنفسِي فداؤُك يومَ النِّزالِ *** إذا كانَ دعوَى الرِّجال الكريرا([16])

والكَرُّ: حبلٌ، سمِّي بذلك لتجمُّع قَواه. والكُرُّ: الْحِسْيُ من الماء، وجمعه كِرار. قال:

على كالخَنِيفِ السَّحقِ يدعو به الصَّدى *** له قُلُبٌ عاديَّةٌ وكِرارُ([17])

ومن الباب الكِركِرة: رَحَى زَوْرِ البعير. والكِركِرة: الجماعةُ من النّاس. والكَركرة: تصريف الرِّياحِ السَّحابَ وجمعُها إيّاه بعدَ تفرُّق. فأمَّا قولُ النَّابغة:

عُلِينَ بكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّة ***فهنَّ إضاءٌ ضَافياتُ الغلائلِ([18])

فأظُنُّهُ فارسياً قد ضمّنَه شِعْرَه، وقد يفعلون هذا. ويقولون أن الكُرَّة: رَماد تُجلَى به الدُّروع، ويقال هو فُتَات البَعْر. وربَّما قالوا: كَركرتُه عن الشَّيء: حبَسْته. وإنَّما المعنى أنَّك رددته ولم تَقضِ حاجتَه أوّلَ وهلة. وكركرتُ بالدَّجاجة: صحتُ بها، وذلك لأنَّك تردِّد الصِّياح بها. ويقولون الكَرِك([19]): الأحمق أو الأحمر. وهو كلام.

(كز)  الكاف والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَبضٍ وتقبُّض. من ذلك الكَزازة: الانقباض واليُبْس. رجلٌ كَزٌّ، أي بخيل([20]). ويقال: كَزَزْتُ الشَّيءَ، إذا ضيَّقتَه، فهو مكزوز. والكُزَاز: داءٌ يأخذُه من شِدَّة البَرْد. وأحسبه من تقبُّض الأطراف. وبَكرة كزة، أي قصيرة([21]).

(كس)  الكاف والسين صحيح، إلاَّ أنَّه قليلُ الألفاظ. والصحيح منه الكَسَس: خروج الأسنان السُّفْلى مع الحنك الأسفل. رجلٌ أكَسُّ. كذا في كتاب الخليل. وقال غيره: الكَسَس: قِصَر الأسنان. وما بعد هذا فكلامٌ. يقولون الكَسِيس: لحمٌ يُجَفَّفُ على الحجارة *ثم يُدَقُّ ويُتَزَوَّد. وممَّا يصحُّ في هذا: الكَسِيس، وهو شرابٌ يُتَّخَذ من ذُرة. وينشدون:

فإنْ تُسْقَ من أعشابِ وَجّ فإنّنا *** لنا العينُ تَجرِي من كَسِيسٍ ومن سَكَرْ([22])

والشِّعر صحيح، ولعلَّ الكلمةَ من بعض اللُّغات التي استعارتها العرب في كلامها. وأمَّا الكسكسة فكلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل في كلامه الكاف سيناً.

(كش)  الكاف والشين ليس بشيء، وفيه كلمةٌ تَجري مَجرى الحكاية، يقال لهدير البَكْر: الكشيش. والكَشكشَة: كلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل الكافَ في كلامه شيناً.

(كص)  الكاف والصاد كلمةٌ تدل على التواءٍ من الجَهد. ويقال للرِّعدة: كَصيص. والكَصيصة: حِبالة الصَّائد.

(كض)  الكاف والضاد. يقولون: إنَّ الكَضكضة: سرعةُ المَشْي.

(كظ)  الكاف والظاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على تمرُّسٍ وشِدَّةٍ وامتلاء. من ذلك المُكَاظَّةُ في الحرب: الممارسة الشَّديدة. وكظَّني هذا الأمرُ.

ومن الباب الكَظْكظة امتلاء السِّقاء. ومنه الكِظَّة التي تعتري عن الطَّعام. ويقال: اكتظَّ الوادِي بالماء، إذا امتلأَ بسَيْله. وتكاظَّ القومُ كِظاظاً: تجاوزوا القَدْرَ في التمرُّس والتعادي. قال:

* إذْ سئِمَتْ ربيعةُ الكِظاظا([23]) *

(كع)  الكاف والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبسٍ واحتباس. يقال رجلٌ كَعٌّ، وكاعٌّ، أي جبانٌ. وقد أكَعَّه الفَرَق عن الأمر. [قال ابن دريد: لا يقال كاعَ، وإنْ كانت العامّة تقوله([24])]، إنما يقال كَعَّ. قال:

*  كعكعهُ حائره عن الدَّقَقْ([25]) *

(كف)  الكاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قبض وانقباض. من ذلك الكَفُّ للإنسان، سمِّيت بذلك لأنَّها تَقبِض الشّيءَ. ثمَّ تقول: كففت فلاناً عن الأمر وكفكَفتُه([26]). ويقال للرجل يَسأل النّاسَ: هو يَستكِفُّ ويتكفَّف. الأصل هذا، ثم يَفرِقون بين الكلمات تختلف في بعض المعنَى والقياسُ واحد: كان الأصمعيُّ يقول: كلُّ ما استطالَ فهو كُفّة بضم الكاف([27]) [نحو كُفّة([28])] الثَّوبِ ونحوه وهو حاشيته، وإنَّما [قيل لها] كفّة لأنَّها مكفوفة، وكذلك كُفّة الرَّمل([29]). قال: وكلُّ ما استدارَ فهو كِفّة، نحو كِفَّة الميزان وكِفَّة الصَّائد، وهي حِبالتُه. والكلمتان وإن اختلفتا في الذي قاله الأصمعيُّ فقياسهما واحد. والمكفوف: الأعمى. فأمَّا الكِفَف في الوَشْم، فهي داراتٌ تكون فيه. ويقال: استكفَّ القومُ حولَ الشيء، إذا دارُوا به ناظِرِينَ إليه. قال ابن مقبل:

* بَدَا والعيونُ المستكِفَّةُ تلمحُ([30]) *

فأما قول حُميَد:

* إلى مستكِفَّاتٍ لهنّ غُروبُ([31]) *

فقال قوم: هي العُيون. وقال قوم: هي إبلٌ مجتمعة. والغُروب: الظِّلال. واستكففتُ الشَّيءَ، وهو أن تضَعَ يدَك على حاجِبيك كالذي يَستظِلُّ من الشَّمس ينظرُ إلى شيءٍ هل يَراه، وإنَّما سُمِّيَ استكفافاً لوَضْعِه كفَّهُ على حاجبه. ويقولون: لقيتُه كَفَّةً كَفَّةً، إذا فاجأتَه، كأنَّ كفُّكَ مسَّتْ كَفَّه. والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) الذي في المجمل واللسان والقاموس: "كلا".

([2]) في الأصل: "قال كثير"، صوابه في المجمل واللسان.

([3]) في الأصل: "صح".

([4]) ديوان الفرزدق 852 واللسان (كلل).

([5]) كذا ورد ضبطه في المجمل. والذي في اللسان والقاموس: "أكممته" من الرباعي.

([6]) ديوان الحطيئة 61 واللسان (كنن).

([7]) أنشده في اللسان (سمع).

([8]) البيت لأبي العيال الهذلي. ديوان الهذليين (2: 242) واللسان (كهه). ورواية الديوان: "ولا بكهامة".

([9]) لذي الرمة في ديوانه 505 واللسان (كبب، عرق، حمل). وصدره:

* توخاه بالأظلاف حتى كأنما *

([10]) في الأصل: "مكانه". وفي المجمل: "كأنه".

([11]) التكملة من المجمل.

([12]) ديوان الأعشى 43 واللسان (شرق).

([13]) البيت بتمامه كما في الديوان 19 واللسان (كتن):

هو الواهب المسمعات الشرو *** ب بين الحرير وبين الكتن

([14]) صواب إنشاده: "وحجت" بدل "عففت" كما في اللسان، وكما سبق في (حوج). وهو للكميت في اللسان (حوج، كدد). وصدره:

* غنيت فلم أرددكم عند بغية *

([15]) في الأصل: "ضرب من الصيقل"، صوابه في المجمل.

([16]) للأعشى في ديوانه 71 واللسان (كرر). وفي الديوان: "وأهلي فداؤك عند النّزال" وفي اللسان: "فأهلي الفداء غداة".

([17]) البيت ملفق من بيتين، أحدهما في اللسان (خنف)، وسبق أيضاً في (خنف) وهو:

على كالخنيف السحق يدعو به الصدى *** له قلب عفى الحياض أجون

والآخر لكثير، وأنشده في اللسان (كرر). وعجزه في إصلاح المنطق 104، 145 وهو:

ومادام غيث من تهامة طيب *** به قلب عادية وكرار

([18]) ديوان النابغة 64 واللسان (كدن، كرر، أضا). ويروى: "وأشعرن"، ويروى: "صافيات" بالصاد المهملة.

([19]) كذا أورد هذه الكلمة في غير مادتها، وصنع كذلك في المجمل، وحقها مادة (كرك).

([20]) في الأصل: "أي فعيل".

([21]) في المجمل: "وبكرة كزة: شديدة الصرير. وفرس كزة: قصيرة".

([22]) كذا ورد إنشاده. والسكر، بالتحريك: الخمر، أو النبيذ، أو شراب يتخذ من التمر والكشوت والآس. ورواية اللسان (كسس): "ومن خمر". والبيت لأبي الهندي.

([23]) لرؤبة في اللسان (كظظ)، وليس في ديوانه. وقبله:

* إنا أناس نلزم الحفاظا *

([24]) التكملة من المجمل. وانظر الجمهرة (1: 113).

([25]) كذا ورد في الأصل. والذي في ديوان رؤبة 106:

قد كف عن حائره بعد الدفق *** في حاجر كعكعه عن البثق

([26]) في الأصل: "وكففته"، صوابه في المجمل.

([27]) بعده في الأصل: "لأنها مكفوفة"، كلام مقحم.

([28]) تكملة يقتضيها الكلام. وفي المجمل: "نحو كفة الرمل والثوب".

([29]) في الأصل: "الرمث".

([30]) صدره كما في اللسان (كفف):

* إذا رمقته من معد عمارة *

([31]) صدره كما في ديوان حميد 56، واللسان (كفف):

* ظللنا إلى كهف وظلَّت ركابنا *

 

ـ (باب الكاف واللام وما يثلثهما)

(كلم)  الكاف واللام والميم أصلانِ: أحدهما يدلُّ على نطقٍ مُفهِم، والآخَر على جراح.

فالأوّل الكَلام. تقول: كلّمته أُكلّمه تكليماً؛ وهو كَليمِي إذا كلّمك أو كلَّمتَه. ثمَّ يتَّسِعون فيسمُّون اللفظةَ الواحدة المُفهِمَةَ كلمة، والقِصَّةَ كلمة، والقصيدةَ بطولها كلمة. ويجمعون الكلمةَ كلماتٍ وكَلِماً. قال الله تعالى: {يُحرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء 46، المائدة 13].

والأصل الآخر الكَلْم، وهو الجُرْح؛ والكِلام: الجراحات، وجمع الكَلْم كلومٌ أيضاً. ورجل كليمٌ وقومٌ كَلْمَى، أي جرحى، فأمَّا الكُلام، فيقال: هي أرضٌ غليظةٌ([1]). وفي ذلك نَظَر.

(كلأ)  الكاف واللام والحرف المعتلّ أو الهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على مراقبةٍ ونَظَر، وأصلٌ *آخر يدلُّ على نباتٍ، والثالث عضوٌ من الأعضاء ثم يُستعار.

فأمَّا النظر والمراقَبة فالكِلاءَة([2])، وهي الحِفْظ، تقول: كلأه الله، أي حَفِظه. قال الله عزّ وعلا: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمنِ} [الأنبياء 42]، أي يحفظُكم منه، بمعنى لا يَحميكم أحدٌ منه، وهو الباب الذي ذكرناه أنّه المراقَبة، لأنَّه إذا حفظه نَظَر إليه ورَقَبه. ومن هذا القياس قولُ العرب: تكلأْت كُلأةً، أي استنسأْت نَسِيئَة؛ وذلك من التأخير. ومنه الحديث: "نَهَى عن الكالئ بالكالئ" بمعنى النَّسيئة بالنسيئة. وقول القائل:

* وعينُه كالكالِئ الضِّمارِ([3]) *

فمعناه أنَّ حاضرَه وشاهده كالضِّمار، وهو الغائب([4]) الذي لا يُرجَى. وإنما قلنا إنّ هذا البابَ من الكُلأَة لأنَّ صاحبَ الدِّين يرقُب ويَحفَظ متى يحُلُّ دَينُه. فالقياسُ الذي قِسناه صحيحٌ. [و] يقال: اكتلأْت من القوم، أي احترستُ منهم. وقال:

أنَختُ بعيرِي واكتَلأْتُ بعَينِه *** وآمرتُ نفسي أيَّ أَمْرَيَّ أفْعَلُ([5])

ويقال: أكلأت بصرِي في الشَّيء، إذا ردَّدته فيه. والمُكلأُ([6]): موضع تُرفأُ فيه السُّفُن وتُستَر من الرِّيح. ويقال إنّ كَلاَّءَ البَصرة سمِّيت بذلك.

والأصل الآخر الكلأ، وهو العُشب؛ يقال أرضٌ مُكْلِئة: ذات كلأ، وسواءٌ يابسُه ورطبُه. ومكانٌ كالئ مثل مُكْلِئ.

والأصل الثالث الكُلْيةُ، وهي معروفة، وتستعار فيقال الكُلْية: كُلية المزادة جُليدةٌ مستديرة تحتَ العُروة قد خُرِزَت([7]). ويقال ذلك في القَوس فالكُلْيتان من القَوس: مَعْقِد الحِمَالة من السَّهْم، ما عن يَمين النَّصِل وشِماله. وكُلْية السَّحاب: أسفلُه، والجمع كُلىً.

(كلب)  الكاف واللام والباء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تَعلُّق الشَّيء بالشَّيء في شِدَّة وشدَّة جَذْب. من ذلك الكَلْب، وهو معروف، والجمع كِلابٌ وكَليب. والكَلاَّب والمكلِّب: الذي يعلّم الكلبَ الصَّيد. والكلْبُ الكلِبُ: الذي يَكْلَب بلحوم الناس، يأخُذُه شِبهُ جُنونٍ فإذا عَقَر إنساناً كلِبَ، فيقال رجلٌ كَلِبٌ ورجالٌ كَلْبى. قال:

ولو تَشرب الكلبَى المِراضُ دماءَنا *** شفتها من الدَّاء المَجَنَّةِ والخَبْلِ([8])

ومن الباب كُلْبة الزَّمان وكَلَبُه: شِدَّته. وأرضٌ كَلِبَة، إذا لم يَحِدْ نباتُها رِيَّا فيَبِس، إنّما قيل ذلك لأنَّه إذا يَبِس صار كأنياب الكلاب وبراثِنِها. والكَلْبُ([9]): سيرٌ أحمرُ يُجعَل بين طرَفَي الأديم إذا خُرِز. يقال كَلَبْتُه. قال:

كأنَّ غَرَّ مَتْنِه إذْ نَجْنُبُه *** سَيْرُ صَنَاعٍ في أديمٍ تَكلُبُه([10])

والكَلْب: حديدةٌ عَقْفاء يُعَلِّق عليها المسافرُ الزّادَ من الرَّحل. والكُلاَّب معروف، وهو الكَلّوب. فأمَّا قول طُفَيل:

أبأْنا بِقتلانا من القوم مِِثلَهم *** وما لا يُعَدُّ من أسيرٍ مكلَّبِ([11])

[فإن المكلَّب هو المكَبَّل([12])].

والكَلْب: المسمار في قائم السَّيف، وفيه الذُّؤابة. والكُلاب: موضعٌ. ورأس كلبٍ([13]): جبل.

(كلت)  الكاف واللام والتاء ليس بأصلٍ أصيل، لكنَّهم يقولون: الكَلْت: الجمع، يقال امرأةٌ كَلُّوت([14]). ويقولون: الكِلِّيت([15]) حَجَرٌ يسدُّ به وِجارُ الضَّبع. وكلُّ هذا ليس بشيء.

(كلث)  الكاف واللام والثاء ليس بأصلٍ أصيل، لكنّهم يقولون: إلى بشيء([16]). وربَّما قالوا: انكلث فلانٌ: تقدَّم.

(كلح)  الكاف واللام والحاء أصلٌ يدلُّ على عُبوس وشَتامةٍ في الوجه. من ذلك الكُلوح، وهو العبوس. يقال كَلَح الرَّجُل، [و] دهرٌ كالِحٌ.

قال الله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون 104]. وربما قالوا للسَّنَة المُجْدِبة: كَلاَحِ. وما أقْبَح كَلَحَته، أي إذا كلَحَ فقَبُح فمُه وما حوالَيه.

(كلد)  الكاف واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على الصَّلابة في الشيء. فالكَلَدَةُ: القطعة من الأرض الغليظة، ومنه الحارث بن كَلَدة.

قال ابن دريد([17]): تكلَّد الإنسانُ: غَلُظَ لحمُه.

(كلز)  الكاف واللام والزاء يقولون إنَّه صحيح، وإنَّ الكَلْز: الجمع. يقال: كَلَزْت الشيء وكلَّزته، إذا جمعتَه. وقد رُوِيَتْ كلمةٌ فيه صحيحة لا يُرْتابُ بها، يقولون: اكلازَّ الرّجُل: تقبَّض.

(كلس)  الكاف واللام والسين يدلُّ على امتلاءٍ في الشيء. يقولون: تَكَلَّسَ([18]) تكلُّساً، إذا رَوِيَ. قال:

* ذو صَولةٍ يُصْبِحُ قد تكلَّسَا *

ويقولون للجادِّ أيضاً: كلَّسَ. قال:

* إذا الفَتَى حكّمَ يوماً كَلَّسَا([19]) *

(كلع)  الكاف واللام والعين كلماتٌ تدلُّ على دَرَن ووسَخ. يقولون للشُّقاقِ والوسَخ بالقدم: كلَعٌ، وقد كَلِعت رجلُه تكْلَعُ كلَعاً. وإناءٌ كَلِعٌ، إذا الْتَبَدَ عليه الوسَخ. وسِقاء كَلِع، إذا تراكبَ عليه التُّراب. و [يقال([20])] إن الكُلْعَة: داءٌ يأخذ البعيرَ في مُؤَخّره.

وممّا يُحمَلُ على هذا من معنىً واحد وهو التّراكُب دونَ الوسخ: الكَلَعة من الغَنَم، سمِّيت بذلك لتجمُّعها.

(كلف)  الكاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إيلاعٍ بالشيء وتعلُّقٍ به. من ذلك الكَلَف، تقول: قد كَلِف بالأمر يَكْلَفُ كَلَفاً. ويقولون: "لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، ولا بُغْضُكَ تَلَفاً". والكُلْفة: ما يُتَكلَّفُ من نائبةٍ أو حقٍّ. والمتكلِّف: العِرِّيض لما لا يَعنيه. قال الله سبحانه: {قُلْ لا أسْأَلُكُمْ علَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} [ص 86]. ومن الباب الكَلَف: شيءٌ يعلو الوجهَ فيغيِّر بشرتَه.

ـــــــــــــــ

([1]) في المجمل واللسان: "قال ابن دريد: لم أدر ما صحته".

([2]) الكلاءة، بكسر الكاف كالحراسة، وقد تخفف همزتها وتقلب ياء، وقد تحذف الهاء للضرورة كما في قول جميل:

فكوني بخير في كلاء وغبطة *** وإن كنت قد أزمعت هجري بغضتي

([3]) وكذا ورد إنشاده في المجمل، وهو الصواب، وفي اللسان (كلأ): "المضمار" تحريف، وجاء على الصواب في اللسان (ضمر) وشرح الحماسة للمرزوقي 1240.

([4]) في الأصل: "الفايت" صوابه في المجمل واللسان (ضمر).

([5]) البيت لكعب بن زهير في ديوانه 55 واللسان (كلأ). وفي الأصل: "واحترست بعينه"، صوابه من الديوان واللسان والمجمل. وفي الديوان: "أنخت قلوصي واكتلأت بعينها".

([6]) في الأصل: "المكلأة"، صوابه في المجمل واللسان، ويقال أيضاً "الكلاء" كشداد كما فيهما.

([7]) في المجمل: "قد درزت".

([8]) البيت ملفق من بيتين كلاهما للفرزدق. فالأول:

ولو تشرب الكلبى المراض دماءنا *** شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف

والآخر قوله:

من الدارميين الذين دماؤهم *** شفاء من الداء المجنة والخبل

انظر الحيوان (2: 6-7) وحواشيهما.

([9]) يقال أيضاً "كلبة" بضم الكاف، وهو ما في المجمل.

([10]) الرجز لدكين بن رجاء الفقيمي في اللسان (كلب، غرر): وأنشده ابن دريد في الاشتقاق 14. وأنشده ابن فارس في المجمل.

([11]) ديوان طفيل الغنوي 14 واللسان (كلب).

([12]) التكملة مقتبسة من المجمل واللسان. ففي الأول: "والأسير المكلب هو المكبل". وفي الثاني: "وقيل هو مقلوب عن مكبل".

([13]) في المجمل: "ورأس الكلب"، وكذا في معجم البلدان. وذهب في اللسان إلى أن "الكلب": جبل باليمامة، قال فيه الأعمش:

* إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا *

([14]) كذا ضبطت في المجمل، وفي اللسان بفتح الكاف وضم اللام الخفيفة، ولم ترد في القاموس.

([15]) ضبط في القاموس واللسان كأمير وسكيت.

([16]) كذا وردت، ولم ترد المادة في اللسان، وهي من مواد القاموس.

([17]) الجمهرة: (2: 296).

([18]) في الأصل: "كلس". والفعل وشاهده مما لم يرد في اللسان. وأنشد الشاهد في المجمل أيضاً.

([19]) كذا ورد ضبطه في المجمل. وفي الأصل: "مكلسا" تحريفه.

([20]) التكملة من المجمل.

 

ـ (باب الكاف والميم وما يثلثهما)

(كمن)  الكاف والميم والنون أصيلٌ يدلُّ على استخفاءٍ. يقال: كَمَنَ الشَّيء كُموناً. واشتقاقُ الكَمِين في الحرب من هذا. وزعم ناسٌ أنَّ النّاقةَ الكَمُونَ: الكَتُومُ اللِّقاح، وهي إذا لَقِحَت لم تَشُل بذَنبها. وحُزْنٌ مُكتمِنٌ في القَلب كأنَّه مُستَخفٍ. والكُمْنة: داءٌ في العين من بَقِيَّة رمَد.

(كمه)  الكاف والميم والهاء كلمةٌ واحدة، وهو الكَمَه، وهو العَمَى يُولَدُ به الإنسان، وقد يكون من عَرَض يَعرِضُ. قال سُويد:

كَمِهَتْ عيناهُ حتى ابيضَّتا *** وهو يَلْحَى  نَفسَه لمّا نَزَعْ([1])

(كمي)  الكاف والميم والحرف المعتلُّ يدلُّ على خفاءِ شيء. وقد يدخل فيه بعضُ المهموز. من ذلك كمَى فلانٌ الشّهادةَ، إذا كَتَمها. ولذلك سُمِّي الشُّجاعُ الكميّ. قالوا: هو الذي يتكمَّى في سِلاحِه، أي يتغطَّى به. يقال تكَمَّتِ الفتنةُ الناسَ، إذا غَشيتْهم.

وأمّا المهموز فذكروا أنّ العرب تقول: كمِئت عن الأخبار أكْمأُ عنها، إذا جَهِلتَها.

وأمَّا المهموز فليس من هذا الباب وإنَّما هو نَبتٌ. وقد قُلنا إنَّ ذلك لا ينقاسُ أكثَرُه. فالكمأة معروفةٌ، والواحد كَمْءٌ. وهذا نادرٌ أن تكونَ في الجمع هاءٌ ولا تكونَ في الواحدة. ويقال: كَمَأْتُ القوم: أطعمتهم الكَمْأة. ومما يجوز أن يُقاسَ على هذا قولُهم: كمِئَتْ رِجْلي: تَشقَّقَتْ. ولعلَّ الكَمأة تُسمَّى لانشقاق الأرض عنها. ويقولون: أكْمَأَت فلاناً السِّنُّ: شيَّخَتْه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل أكْمَأَ على الأمر، إذا عَزَم عليه.

(كمت)  الكاف والميم والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على لونٍ من الألوان من ذلك الكُمْتَة، وهي لونٌ ليس بأشقَرَ ولا أدهم. يقال: فرسٌ كُمَيْت. ولم يجئْ إلا كذا على صورة المصغَّر. والكميت: الخمر فيها سوادٌ وحُمرة.

(كمح)  الكاف والميم والحاء كلماتٌ لا تنقاس، وفي بعضها شكّ، غير أنَّا ذكرنا ما ذكروه. قالوا: أكْمَحَ الكَرْمُ، إذا تحرّك للإيراق. وقالوا: رجلٌ كَوْمَح: عظيم الأليَتَين. ويقولون: كَمَح الفرسَ، إذا كبَحَه.

(كمر)  الكاف والميم والراء كلمةٌ، يقولون: رجلٌ مكمور، وهو الذي يُصِيب الخاتِنُ طرَف كَمَرتِه.

(كمز)  الكاف والميم والزاء ليس بشيء. ويقولون: الكُمْزة: الكُتْلة من التَّمر.

(كمش)  الكاف والميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لَطافةٍ وصِغَر. يقولون *للشّاة الصَّغيرة الضَّرع كَمْشَة. وفرسٌ كَمِيشٌ: صغير الجُرْدان. ثمَّ يقال للرَّجُل العَزُومِ الماضي: كَمْشٌ، ينسَبُ في ذلك إلى لطافةٍ وخِفّة. يقال كَمُشَ كَماشَةً([2]). وربَّما قالوا: كَمَشه بالسَّيف، إذا قَطع أطرافه([3]).

(كمع)  الكاف والميم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنان وسكون. زعموا أنَّ الكِمْع: البيت؛ يقال هو في كِمْعه أي بَيتِه. وسُمِّي كمعاً لأنَّه يُسكَن. ومن الباب الكميع، وهو الضَّجيع، يقال كامَعَها، إذا ضاجَعَها. والمُكامَعة التي في الحديث، وقد نُهيَ عنها: أن يُضاجِع الرّجُلُ الرّجُلَ لا سِتْرَ بينهما([4]).

وقال في الكميع:

وَهَبَّت الشَّمْأَلُ البليلُ وإذْ *** باتَ كميعُ الفَتاة مُلتفِِعا([5])

والكِمْع: المطمئنُّ من الأرض.

(كمل)  الكاف والميم واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تمام الشيء. يقال: كَمَل الشيءُ وكَمُل فهو كاملٌ، أي تامّ. وأكملتُه أنا. قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة 3].

ـــــــــــــــ

([1]) أنشده في المجمل واللسان (كمه) والمفضليات (1: 198).

([2]) ويقال أيضاً: كمش كمشا، من باب فرح.

([3]) هذا مما ورد في القاموس، ولم يرد في اللسان.

([4]) في اللسان: "وفي الحديث نهى عن المكامعة والمكاعمة. فالمكامعة أن ينام الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة في إزار واحد تماس جلودهما لا حاجز بينهما".

([5]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 13 واللسان (كمع).

 

ـ (باب الكاف والنون وما يثلثهما)

(كنه)  الكاف والنون والهاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على غايةِ الشَّيء ونهايةِ وقتِه. يقال: بلغْتُ كُنْهَ هذا الأمرِ، أي غايتَه وحِينَه الذي هُوَ له.

(كنو)  الكاف والنون والحرف المعتل يدلُّ على توريةٍ عن اسمٍ بغيره. يقال: كنيت عن كذا. إذا تكلَّمت بغيره مما يُستَدَلُّ به عليه. وكَنَوْتُ أيضاً. ومِمَّا يوضِّح هذا قول القائل:

وإنِّي لأكنو عن قَذُورَ بغيرِها *** وأُعرِبُ أحياناً بها فأُصارِحُ([1])

ألا تراه جعلَ الكِنايةَ مقابِلة للمصارحة. ولذلك تسمَّى الكُنْية كُنيةً، كأنَّها توريةٌ عن اسمه. وفي كتاب الخليل أنَّ الصَّواب أن يقال يُكْنَى بأبي عبد الله، ولا يقال يكنى بعبد الله. وكُنَى الرُّؤيا هي الأمثالُ التي يَضربُها مَلَكُ الرُّؤيا، يكْنِي بها عن أعيان([2]) الأمور.

(كنب)  الكاف والنون والباء كلمةٌ واحدةٌ لا تُفرّع. قالوا: الكَنَب: غِلَظٌ يعلو اليدينِ من العَمَل إذا مَجِلَتَا. قال:

* قد أكنَبَتْ يدايَ بعدَ لينِ([3]) *

قال الأصمعيّ: أكنبَتْ يدُه، ولا يقال كَنِبت. وممّا ليس من هذا. الكَنِب، وهو نبتٌ. قال الطرِمَّاح:

مُعاليات عن الأرياف مسكنُها *** أطرافُ نجدٍ بأرض الطَّلح والكَنِبِ([4])

(كنت)  الكاف والنون والتاء كلمةٌ إن صحّتْ. يقولون: كَنَتَ، واكْتَنَتَ([5])، إذا لزِمَ وقَنِع. وقال عديّ([6]).

(كند)  الكاف والنون والدال أصل صحيحٌ واحد يدلُّ على القَطْع. يقال كَنَدَ الحبْلَ يكنُده كَنْداً. والكَنُود: الكفور للنِّعمة. وهو من الأوَّل، لأنَّه يكنُد الشكر، أي يقطعُه. ومن الباب: الأرضُ الكَنود، وهي التي لا تُنبِت. وقال الأعشى:

أَمِيطِي تُمِيطي بصُلْبِ الفُؤاد *** وَصُولِ حِبالٍ وكنَّادِها([7])

وسمِّي كِندةُ فيما زعموا لأنَّه كَنَد أباه، أي فارَقَه ولحِق بأخواله ورأَسَهُم([8]) فقال له أبوه: كَندْتَ.

(كنر)  الكاف والنون والراء ليس هو عندنا أصلاً، وفيه كلمتان أظنُّهما فارسيَّتين. يقال الكِنَّار: الشُّقَّة من الثِّيَابِ الكَتَّانِ. ويقولون: الكِنَّارات: العِيدان أو الدُّفوف، تفتح كافها وتكسر.

(كنز)  الكاف والنون والزاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع في شيء. من ذلك ناقة كِنَازُ اللَّحم، أي مجتمِعة. وكَنَزت التَّمْرَ في وعائه أكنِزُه. وكنَزت الكنْزَ أكنِزه. ويقولون في كَنْز التَّمر: هو زمن الكَنَاز. قال ابن السِّكِّيت: لم يُسمَع هذا إلاَّ بالفتح، أي إنَّه ليس هذا مما جاء على فِعال وفَعال كجِداد وجَداد.

(كنس)  الكاف والنون والسين أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على سَفْر شيءٍ عن وجهِ شيء، وهو كَشْفُه. والأصل الآخر يدلُّ على استخفاء.

فالأوَّل: كَنْس البيتِ، وهو سَفْرُ التُّرَابِ عن وجه أرضه. والمِكْنسة: آلة الكنْس. والكُناسَة: ما يكنَس.

والأصل الآخر: الكِناس: بيتُ الظَّبي. والكانس: الظبي يَدْخُل كِناسَه.

والكُنَّس: الكواكب تَكْنِسُ في بُروجها كما تَدخُل الظِّباءُ في كِناسها. قال أبو* عبيدة: تَكنِس في المَغيب.

(كنع)  الكاف والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تشنُّجٍ وتقبّض وتجمُّع. من ذلك الكَنَع في الأصابع، وهو تشنُّج وتقبُّض. يقال: كَنِعَتْ أصابعُه تَكنع كَنَعاً. ومنه تكنَّع فلانٌ بفلانٍ، إذا ضَبِث به. وكَنَعَت العُقاب إذا ضمَّت جناحَها للانقضاض. واكتَنَعَ القومُ، إذا مالوا([9]). [و] كَنَع الأمرُ: قرُب. ويقولون: كَنَع الرّجلُ وأكنَع، إذا لان. وهذا من الباب لأنه يتقبَّض ويتجمَّع. وفي الحديث: "أعوذُ بك من الكُنُوع([10])". فهذا من كَنَع.

(كنف)  الكاف والنون والفاء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على سَتْر. من ذلك الكَنِيف، هو السَّاتر. وزعم ناسٌ أنَّ الترسَ يسمَّى كنيفاً لأنّه ساتر. وكلُّ حظيرةٍ ساترةٍ عند العرب كَنِيف. قال عُروة:

أقولُ لقومٍ في الكنيف تَروَّحُوا *** عشِيَّةَ بتنا عند ماوَانَ، رُزَّحِ([11])

ومن الباب كَنَفْتُ فلاناً وأكنفتُه. وكَنَفَا الطّائرِ: جناحاه، لأنَّهما يستُرانِه. ومنه الكِنْف، لأنَّه يستُر ما فيه. وفي قول عمر لعبد الله بن مسعود: "كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلماً"، أراد به تصغير كِنْف. وناقةٌ كَنوفٌ: يصيبها البردُ، فهي تَسَتَّرُ بسائر الإبل. ويقال: حظَرت للإبل حظيرةً، وكنَفْتُ لها وكَنَفْتُها أكنُفها. فأمَّا قولُهم: كَنَفتُ عن الشَّيء: عدلت، وإنشادُهم:

* ليُعْلَم ما فينا عن البَيع كانفُ([12]) *

فليس ذلك بملخَّص على القياس الذي ذكرناه، وإنما المعنى عدلت عنه متوارياً ومتستِّراً بغيره.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت في اللسان (قذر، كنى). وأنشده في إصلاح المنطق 157. وقذور: اسم امرأة والقذور من النساء: التي تتنَزه عن الأقذار.

([2]) وكذا في اللسان. وفي المجمل: "عن أعنان". والأعنان: الأطراف والنواحِي.

([3]) أنشده في مجالس ثعلب 525 واللسان (كنب) برواية: "كفاك".

([4]) ديوان الطرماح 128 واللسان (كنب). ورواية الديوان: "معاليات عن الخنزير" وفي شرحه: "معاليات: مرتفعات عن أكل لحم الخنزير".

([5]) في الأصل: "وأكنت" صوابه في المجمل والقاموس. ولم ترد المادة في اللسان.

([6]) كذا في الأصل، وفي المجمل: "وهو في شعر عدي"، ولم أعثر على شاهده بعد.

([7]) ديوان الأعشى 500 واللسان (كند).

([8]) في الأصل: "وأسهم"، صوابه في المجمل.

([9]) في الأصل: "قالوا". وفي اللسان: "واكتنع عليه: تعطف، والاكتناع: التعطف" وفي المجمل: "واكتنع القوم، إذا تجمعوا"، ومثله في موضع آخر من اللسان.

([10]) في اللسان: "الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول في دعائه: رب أعوذ بك من الخنوع والكنوع".

([11]) البيت في ديوان عروة 88 ومعجم البلدان (ماوان). وقد استشهد به السيوطي في همع الهوامع (2: 116) على الفصل بين الصفة والموصوف بمباين محض.

([12]) للقطامي في ديوانه 25 واللسان (كنف). وصدره:

* فصالوا وصلنا واتقونا بماكر *

 

ـ (باب الكاف والهاء وما يثلثهما)

(كها)  الكاف والهاء والحرف المعتل كلمةٌ واحدة لا تنقاس ولا يُفرَّع عنها. ويقولون للنَّاقة الضَّخمة: كَهَاةٌ. قال:

إذَا عَرَِضَتْ منها كَهَاةٌ سمينةٌ *** فلا تُهدِ منها واتَّشِقْ وتجَبْجَبِ([1])

(كهب)  الكاف والهاء والباء كلمةٌ. يقولون للغُبرة المَشُوبةِ سواداً في الإبل كُهْبَةٌ.

(كهد)  الكاف والهاء والدال، يقولون فيه شيئاً يدلُّ على تحرُّكٍ إلى فوق. يقولون: كَهَدَ الحِمارُ، إذا رَقَص في مِشْيته. وأكهدتُه: أرقصتُه، في شِعر الفرزدق:

* يُكْهِدُون الحُمُرْ([2]) *

ويقولون: اكْوَهَدَّ الفَرْخُ، إذا تحرَّك ليرتفع.

(كهر)  الكاف والهاء والراء كلمتانِ متباعدتانِ جداً: الأولى الانتهار، يقال كَهَرَهْ يَكْهَرُه كَهْراً. وفي الحديث: "بأبي وأمي ما كَهَرَني ولا شَتَمنِي". وقرأ ناسٌ: {فأمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَكْهَرْ([3])} [الضحى 9].

والأصل الآخَر: كَهْرُ النَّهارِ، وهو ارتفاعُه، يقال كَهَرَ يَكْهَرُ. قال:

* وإذا العانة في كَهْر الضُّحى([4]) *

(كهف)  الكاف والهاء والفاء كلمةٌ واحدة، وهي غارٌ في جَبَل، وجمعه كُهوف.

(كهل)  الكاف والهاء واللام أصلٌ يدلُّ على قُوَّة في الشَّيء أو اجتماع جِبِلَّة. من ذلك الكَاهل: ما بين الكتِفين: سمِّي بذلك لقُوّته. ويقولون للرَّجُل المجتمِع إذا وَخَطه الشَّيب: كَهْل، وامرأة كَهْلة. قال:

ولا أعود بعدَها كَرِيَّا *** أُمارِسُ الكَهلة والصَّبِيَّا([5])

وأمَّا قولُهم للنَّبات: اكتَهَلَ، فإنما [هو] تشبيه بالرّجل الكهل. واكتهالُ الروضة: أن يعمَّها النَّوْر. قال الأعشى:

* مُؤزَّر بعَميم النبتِ مكتهلُ([6]) *

(كهم)  الكاف والهاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على كَلالٍ وبُطْء. من ذلك الفَرس الكَهَام: البَطيء. والسَّيف الكَهام: الكليل. واللِّسان الكَهام:العييّ. ثم يقولون للمُسِنّ كَهْكَمٌ. ويقولون: أكْهَمَ بَصرُه، إذا رَقَّ.

(كهن)  الكاف والهاء والنون كلمةٌ واحدة. وهي الكاهن، وقد تكهَّنَ يَتَكهَّن. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لخمام بن زيد مناة اليربوعي، كما في اللسان (جبب)، وفي (كها، وشق) بدون نسبة. وقد سبق في (عرض).

([2]) في المجمل: "الحمير".

([3]) هي قراءة ابن مسعود وإبراهيم التيمي. تفسير أبي حيان (8: 486).

([4]) صدر بيت لعدي بن زيد، كما في اللسان (كهر). وعجزه:

* دونها أحقب ذو لحم زيم *

([5]) الرجز لعذافر الكندي، كما في (كرا). وأنشده في (كهل) بدون نسبة.

([6]) صدره كما في ديوانه 43 واللسان (كهل):

* يضاحك الشمس منها كوكب شرق *

 

ـ (باب الكاف والواو وما يثلثهما)

(كوي)  الكاف والواو والياء أصلٌ صحيح، وهو كَوَيْتُ بالنَّار. وقد ذكرناه.

(كوب)  الكاف والواو والباء كلمةٌ واحدة. وهي الكُوب: القَدَح لا عُروةَ ـله؛ والجمع أكواب. قال الله تعالى: {وأَكْوَابٌ مَوْضوعَةٌ} [الغاشية14]. ويقولون: الكُوبةُ: الطَّبلُ لِلَّعب.

(كود)  الكاف والواو والدال كلمةٌ كأنَّها تدلُّ على التماسِ شيءٍ ببعض العَناء. يقولون: كادَ يكُود كَوْداً ومَكاداً. ويقولون لمن يَطلُب منك الشَيءَ فلا تُريد إعطاءَه: لا ولا مَكادة. فأمَّا قولهم في المقارَبة: كاد، فمعناها قارب. وإذا وقعت كادَ مجرَّدَةً فلم يقع ذلك الشيء تقول: كادَ يَفْعل، فهذا لم يُفعل، وإذا قُرِنَتْ بِجَحد فقد وقع، إذا قلت ما كاد يَفعلُه فقد فعله. قال الله سبحانه: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة 71].

(كور)  الكاف والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلّ على دُوْرٍ وتجمُّع. من ذلك الكوْر: الدَّور. يقال كار يَكُورُ، إذا دار. وكَوْرُ العمامة: دَوْرُها. والكُورَةُ: الصُّقْع، لأنَّه يدُور على ما فيه من قُرىً. ويقال طعَنَه فكَوَّرَه، إذا ألقاه مجتمِعاً. ومنه قولُه تعالى: {إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير 1]، كأنَّها جُمِعَت جَمْعاً، والكُور: الرَّحْل؛ لأنَّه يدور بغارِب البَعير؛ والجمع أكوار. فأمّا قولهم: "الحَوْر بَعْدَ الكَور"، فالصحيح عندهم: "الحَوْر بعد الكَوْن"، ومعناه حار، أي رجع ونَقَص بعدما كان. ومن قال بالراء فليس يبعُد، أي كان أمرُه متجمِّعاً، ثم حار ونَقَص. وقوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ علَى النَّهَارِ} [الزمر 5]، أي يُدير هذا على ذاك، ويُدير ذاك على هذا. كما جاء في التفسير: زِيد في هذا من ذلك، وفي ذاك [من هذا]. والكَوْر: قِطعةٌ من الإبل كأنَّها خمسون ومائة. وليس قياسُه بعيداً، لأنها إذا اجتمعت استدارت في مَبْرَكها. وكُوَّارة النَّحْل معروفة.

ومما يشِذُّ عن هذا الباب قولهم: اكتارَ الفَرسُ، إذا رفَعَ ذَنبَه في حُضْرِه.

(كوز)  الكاف والواو والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع. قال أبو بكر([1]): تكوَّزَ القومُ: تجمّعوا. قال: ومنه اشتقاق بني كُوزٍ من ضَبَّة. والكُوز للماء من هذا، لأنَّه يجمع الماء. واكتاز الماء: اغتَرَفَه.

(كوس)  الكاف والواو والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على صَرْعٍ أو ما يقاربه. يقال: كاسَه يَكُوسُه، إذا صرعه. ومنه كاسَتِ الناقةُ تكوسُ، إذا عُقِرت فقامت على ثلاث. وإنَّما قيل لها ذلك لأنَّها قد قاربت أن تُصرَع. قال:

ولو عند غَسَّانَ السَّلِيطيِّ عَرَّسَتْ *** رَغَا قَرَنٌ منها وكاس عَقِيرُ([2])

وربَّما قالوا للفَرَس القَصير الدَّوارجِ: كُوسِيٌّ. وعُشْبٌ مُتَكاوِسٌ، إذا كثُر وكثُف، وهو من قياس الباب لأنَّه يتصرَّعُ بعضُه على بعض. فأمَّا الكأس، فيقال هو الإناء بما فيه من خمر، وهو من غير الباب.

(كوع)  الكاف والواو والعين كلمةٌ واحدة، وهي الكُوع، وهو طرَف الزَّنْد مما يلي الإبهام. والكَوَعُ: خُروجُه ونُتوُّه وعِظَمُه. رجلٌ أكوعُ([3]). ويقال الكَوَع: إقبال الرُّسغين على المنكِبين. وكوَّعَه بالسَّيف: ضَربَه. ولعلّه بمعنى أن يُصِيبَ كُوعَه.

(كوف)  الكاف والواو والفاء أصيل يقولون: إنَّه يدلُّ على استدارةٍ في شيء. قالوا: تكوَّفَ الرّملُ: استدارَ. قالوا: ولذلك سمّيت الكُوفةُ. ويقولون: وقعنا في كُوفَان وكَـُـوَّفان([4])، أي عناءٍ ومشقّة، كأنَّهم اشتقُّوا ذلك من الرَّمل المتكَوِّف، لأن المشيَ فيه يُعَنِّي.

(كون([5]))  الكاف والواو والنون أصلٌ يدلُّ على الإخبار عن حدوث شيء، إمَّا في زمانٍ ماضٍ أو زمان راهن. يقولون: كان الشيءُ يكونُ كَوناً، إذا وقَعَ وحضر. قال الله تعالى: {وَإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة 280]، أي  حَضَر وجاء. ويقولون: قد كان الشِّتاءُ، أي جاء وحضر. وأمَّا الماضي فقولنا: كان زيدٌ أميراً، يريد أنَّ ذلك كان في زمان سالف. وقال قوم: المكانُ اشتقاقه مِن كان يكون، فلمّا كثُر* تُوُهِّمت الميمُ أصليّةً فقيل تمكّن، كما قالوا من المِسكين تَمَسْكَنَ.

وفي الباب كلمةٌ لعلَّها أن تكون من الكلام الذي دَرَج بدُروج مَن عَلِمه.

يقولون: كُنْت على فلان أكون عليه، وذلك إذا كَفَلت به. واكتَنْت أيضاً اكتياناً. وهي غَرِيبة.

(كوم([6]))  الكاف والواو والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع في شيء مع ارتفاع فيه. من ذلك الكَوْماء، وهي النَّاقة الطَّويلة السنام. والكَوْم: القِطعة من الإبل، والكَوْمة: الصُّبْرة من الطَّعام وغيرِه. وربّما قالوا: كامَ الفرسُ أنثاه يَكُومها، وذاك نَفْس التجمُّع.

(كول)  الكاف والواو واللام كلمةٌ إن صحَّت. يقولون: تكوَّلَ القومُ على فلانٍ، إذا تجمَّعوا عليه.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 17).

([2]) البيت للأعور النبهاني، يهجو جريراً ويمدح غسان السليطي. اللسان (كوس، قرن). وعجزه في إصلاح المنطق 63. وقبله:

أقول لها أمي سليطاً بأرضها    *** فبئس مناخ النازلين جرير

([3]) وكذا في المجمل، لم يذكر: امرأة كوعاء، على ما هو مألوف عبارته.

([4]) يقال بضم الكاف وفتحها مع سكون الواو وتشديدها، أربع لغات، وأنشد ابن بري:

فما أضحى وما أمسيت إلا *** وإني منكم في كوفان

([5]) كذا وردت هذه المادة في غير ترتيبها في الأصل والمجمل أيضاً، فتركتها عليه، إبقاء على أرقام صفحات الأصل.

([6]) وكذا وردت هذه المادة متقدمة على التي تليها، وحقها أن تتأخر، وآثرت إبقاءها لما أنها وردت كذلك في المجمل.

 

ـ (باب الكاف والياء وما يثلثهما)

(كيد)  الكاف والياء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على معالجةٍ لشيء بشدّة، ثم يتّسع الباب، وكلّه راجعٌ إلى هذا الأصل. قال أهلُ اللُّغة: الكيد: المعالجة. قالوا: وكلُّ شيءٍ تُعالِجُه فأنت تَكِيدُه. هذا هو الأصل في الباب، ثم يسمُّون المَكر كيداً. قال الله تعالى: {أمْ يُرِيدُونَ كَيْداً} [الطور 42]. ويقولون: هو يَكيدُ بِنَفسهِ، أي يجودُ بها، كأنَّه يُعالِجها لتخرُج. والكَيْد: صِياح الغراب بجَهْدٍ. والكَيد: أن يُخرِج الزّندُ النّار ببطءٍ وشدة، والكَيد: القَيء، وربّما سمَّوا الحَيض كيداً. والكَيد: الحرب، يقال: خرجوا ولم يلقَوْا كيداً، أي حرباً.

(كير)  الكاف والياء والراء كلمةٌ، وهي كِيرُ الحَدّاد. قال أبو عمرو: الكُور: المبنيُّ من الطِّين، والكِير: الزِّقّ. قال بشر:

كأنَّ حَفيف مَنْخَرِه إذا ما *** كَتَمْنَ الرّبْوَ كِيرٌ مُستعارُ([1])

(كيس)  الكاف والياء والسين أصل يدلُّ على ضمٍّ وجمع. من ذلك الكِيس، سمِّي لِمَا أنَّه يَضُمُّ الشيء ويجمعُه. ومن بابه الكَيْس في الإنسان: خلاف الخُرْق، لأنَّه مجتمَع الرّأي والعقل، يقال رجلٌ كَيِّس ورجالٌ أكياس. وأكْيَسَ الرّجلُ وأكاسَ، إذا وُلِد له أكياسٌ من الوَلَد. قال:

فلو كُنْتم لكَيِّسةٍ أكَاست *** وَكَيْسُ الأمِّ أَكْيَسُ للبنينا([2])

ولعلَّ كَيسان فَعلان من أكْيَس. وكانت بنو فَهمٍ تسمِّي الغَدْرَ كيسان. قال:

إذا ما دَعَوا كيسان كانت كهولُهم *** إلى الغدر أدنى من شَبابهم المُرْدِ([3])

(كيص)  الكاف والياء والصاد إنْ صحَّ فهو يدلُّ على انقباضٍ وضيق. ويقولون: كاصَ يَكيص، مثل كَاعَ([4]). ويقولون: إنَّ الكِيصَ: الرجُل الضيِّق الخُلُق. وحُكِيت كلمةٌ أنا أرتاب بها، يقولون: كِصْنا عند فُلانٍ ما شِئْنا، [أي] أكلنا.

(كيف)  الكاف والياء والفاء كلمةٌ. يقولون: الكِيفة: الكِسْفة من الثّوب. فأمَّا كيفَ فكلمةٌ موضوعة يُستفهَم بها عن حالِ الإنسان فيقال: كيف هو؟ فيقال: صالح.

(كيل)  الكاف والياء واللام ثلاثُ كلماتٍ لا يُشْبِهُ بعضُها بعضاً. فالأولى: الكَيل: كيل الطعام. يقال: كِلْتُ فلاناً أعطيته. واكتلْتُ عليه: أخَذْتُ منه. قال الله سبحانه: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إذَا اكتَالُوا علَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وإذَا كالوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين 1، 2، 3].

والكلمة الثانية: كالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ؛ إذا لم يُخرِجْ ناراً.

والكلمة الثالثة: الكَيُّول: مُؤَخَّر الصَّفِّ في الحرب. قال:

إنِّي امرُؤٌ عاهَدَني خليلي *** ألاَّ أقُومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ([5])

(كين)  الكاف والياء والنون شيء يقولون إنه في عضوٍ من أعضاء المرأة يَضِيق به، والجمع كُيون. قال جرير:

غَمَزَ ابنُ مرَّةَ يا فرزدقُ كَيْنَها *** غَمْزَ الطبيبِ نَغانِغَ المعذورِ([6])

فأمّا الكِينة، في قولهم: بات فُلانٌ بكِينةِ سَوْءٍ، أي بحال سوء، فأصله الكَوْن فِعلَة من الكون.

(كيت)  الكاف والياء والتاء كلمةٌ إن صحَّت، يقولون: التكييت تيسير الجَهاز. قال:

كَيِّت جهازك إمّا كنتَ مرتحِلاً *** إنِّي أخاف على أذوادِك السَّبُعا([7])

 (كيح)  الكاف والياء والحاء* كلمةٌ واحدة. يقولون: الكِيح: سَنَد الجَبَل. قال الشَّنْفرَى:

ويركُضْنَ بالآصالِ حَولي كأنَّني *** من العُصْمِ أدفى يَنْتحِي الكِيحَ أعْقَلُ([8])

ـــــــــــــــ

([1]) البيت في المفضليات (2: 144).

([2]) لرافع بن هريم في اللسان (كيس) والبيان (1: 185/ 4: 57).

([3]) للنمر بن تولب في أخواله بني سعد، كما في المجمل واللسان (كيس) والبيان (2: 134)، وروي في اللسان أيضاً لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن.

([4]) في الأصل: "كع"، صوابه في المجمل.

([5]) الرجز لأبي دجانة سماك بن خرشة الصحابي، يقول في غزوة أحد. السيرة 563 جونتجن واللسان (كيل).

([6]) ديوان جرير 194 واللسان (كين، نغغ، عذر). وقد سبق في (دغر، عذر).

([7]) أنشده في المجمل واللسان (كيت).

([8]) البيت من لاميته المشهورة التي يسمونها "لامية العرب".

 

ـ (باب الكاف والألف وما يثلثهما)

وقد تكون الألف منقلبة وتكتب هاهنا للَّفظ، وقد تكون مهموزة.‏

(كاذ) الكاف والألف والذال كلمة، وهي الكَاذَة: لحمُ أعالي الفَخِذين.‏

(كار) الكاف والألف والراء. يقولون: الكَأْر: أن يَكْأر الرّجُل من الطّعام، أي يصيب منه أخْذاً وأكلا.‏

(كان) الكاف والألف والنون. يقولون: كَأَن، أي اشتدَّ، وكأنتُ: اشتددت.‏

(كأب) الكاف والهمزة والباء كلمةٌ تدلُّ على انكسارٍ وسوءِ حال. من ذلك الكآبة. يقال كَأْبة وكَآبة، ورجلُ كئيب.‏

(كأد) الكاف والألف والدال يدلُّ على شِدَّة ومَشَقّة. يقولون: تكَاءَده الأمرُ، إذا صعُب عليه. والعَقَبة الكَؤُود: الصَّعبة.‏

 

ـ (باب الكاف والباء وما يثلثهما)

(كبت)  الكاف والباء والتاء كلمة واحدة، وهي من الإذلال والصَّرفِ عن الشيء. يقال: كَبَتَ اللهُ العدُوَّ يَكْبِتُه، إذا صَرَفَهُ وأذلَّهُ. قال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ ورَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [المجادلة 5].

(كبث)  الكاف والباء والثاء كلمةٌ، وهي الكَبَاث، يقال: إنَّه حَمْل الأراك. وحَكَوْا عن الشَّيباني: كَبِثَ اللَّحمُ: تغيَّرَ وأرْوَحَ. قال:

أصبَحَ عمّارٌ نَشِيطاً أَبِثَا *** يأكُلُ لحماً بائتاً قد كَبِثَا([1])

(كبح)  الكاف والباء والحاء كلمة. يقال: كَبَحْت الفرس بلجامه أكْبَحُه.

(كبد)  الكاف والباء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّة في شيء وقُوّة. من ذلك الكَبَد، وهي المشقّة. يقال: لَقِيَ فلانٌ من هذا الأمر كَبَداً، أي مشَقة. قال تعالى: {لَقَدْ خَلقْنَا الإنسانَ في كَبَدٍ} [البلد 4]. وكابدتُ الأمر: قاسيتُه في مشقّة. ومن الباب الكَبِد، وهي معروفة، سمِّيت كَبِداً لتكبُّدِها. والأكبد: الذي نَهَدَ موضعُ كَبِده. وكَبَدْتُ الرّجُل: أصبتُ كَبِدَه. وكَبِدُ القوسِ: مستعارٌ من كَبِد الإنسان، وهو مَقْبِضُها. وقوسٌ كَبْداء: إذا مَلأ مَقْبِضُها الكفّ. ومن الاستعارة: كَبِد السَّماء: وسطها. ويقولون: كُبَيْدَاء السَّماء، كأنَّهُم صغّروها، وجمعوها على كُبَيدات([2]). ويقال: تكبَّدَتِ الشّمس، إذا صارت في كَبِد السماء. والكُبَادُ: وجَعُ الكَبِد. وتَكَبَّدَ اللَّبنُ: غَلُظَ وخَثُر.

(كبر)  الكاف والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِلاف الصِّغَر. يقال: هو كَبيرٌ، وكُبَار، وكُبَّار. قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً} [نوح 22]. والكِبْرُ: مُعظَم الأمر، قولـه عزّ وعلاَ: {والَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ} [النور 11]، أي مُعظَم أمرِه. ويقولون: كِبْرُ سياسةِ القوم في المال. فأمَّا الكُبْر بضم الكاف فهو القُعدد. يقال: الوَلاء للكُبْر، يراد به أقْعَد القَوم في النَّسَب، وهو الأقربُ إلى الأب الأكبر.

ومن الباب الكِبَر، وهو الهَرَم. والكِبْر: العظَمة، وكذلك الكِبرياء. ويقال: وَرِثُوا المجدَ كابِراً عن كابر، أي كبيراً عن كبيرٍ في الشَّرفِ والعِزّ. وعلَتْ فلاناً كَبْرَةٌ، إذا كَبِر. ويقال: أكبَرْتُ الشّيءَ: استعظمتُه.

(كبس)  الكاف والباء والسين أصلٌ صحيح، وهو من الشَّيء يُعْلَى بالشَّيء الرَّزين، ثم يقاس على هذا ما يكونُ في معناه. من ذلك الكَبْس: طَمُّك الحُفَيرةَ بالتُّراب. والتُّراب كِبْسٌ. ثمَّ يتَّسعون فيقولون: كَبَس فلانٌ رأسَه في ثوبه، إذا أدخَلَه فيه. والأرنبةُ الكابسة، هي المقبلةُ على الجَبْهة في غِلَظٍ وارتفاع. يقال منه كَبَسَتْ. ومن الباب الكِباسَة: العِذْق التامُّ الحمل. [و] الكبيس: التمرُ يُكبَس. والكابوس: ما يَقَع على الإنسان باللَّيل. قال ابن دريد([3]): أحسبه مولَّداً. والكَبِيس: حَلْيٌ يُصاغ مجوَّفاً* ثمَ يُحشَى طيناً. والكُباس والأكبَس: العظيم الرَّأس.

(كبش)  الكاف والباء والشين كلمةٌ واحدة، وهي الكَبْش، وهو معروف. وكبْشُ الكتيبةِ: عظيمُها ورئيسُها. قال:

 

ثمَّ ما هابُوا ولكن قدّموا *** سكبشَ غاراتٍ إذا لاقى نَطَحْ([4])

(كبع)  الكاف والباء والعين. قالوا - والله أعلم بصحَّته- إنَّ الكَبْع: نقد الدِّرهم والدِّينار. قال:

قالوا لِيَ اكْبَعْ قلتُ لَسْتُ كابِعاً *** وقُلتُ لا آتِي الأميرَ طائعا([5])

(كبل)  الكاف والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبْسٍ ومنع. من ذلك الكَِبْل: القَيد الضَّخم. يقال: كَبَلْتُ الأسيرَ وكَبَّلتُه. ويقولون: إنَّ الكابول: حِبالةُ الصَّائد. فأمَّا المكابَلة فهو من هذا أيضاً، وهو التَّأخير في الدَّين، يقال: كَبَلتُك دينَك، وذلك من الحبس أيضاً. ومن الباب أيضاً المكابَلة: أن تُباعَ الدَّارُ إلى جنب دارِك وأنت محتاجٌ إليها فتؤخر شراءها ليشتريَها غيرُك ثم تأخذَها بالشُّفعة. وقد كُرِه ذلك.

(كبن)  الكاف والباء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على قَبْضٍ وتقبُّض. يقال للبخيل: الكُبُـنَّة: وقد اكبَأَنَّ، إذا تَقبَّض حين سئل. ويقال: كبَن الدَّلوَ، إذا ثَنَى فَمَها وخَرزَه ويقال له الكَبْن. ومن الباب كَبَن عن الشيء: عَدَل، وكَنَب أيضاً. والمكبون من الخيل: القصير القوائم.

ومما قيس على هذا قولُهم: تَكبَّن([6])، إذا سَمِن. ولا يكون ذلك إلاَّ في تجمُّع لحم. ويقولون: كَبَن كُبُوناً، إذا عَدا في لِينٍ واسترسالٍ.

(كبو)  الكاف والباء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوطٍ وتزيُّل. يقال: كبا لوجهه يَكبُو، وهو كابٍ، إذا سَقَط. قال:

فكَبَا كما يكبُو فنِيقٌ تَارِزٌ *** بالخَبْتِ إلاّ أنَّه هو أبْرَعُ([7])

ويقال: كبا الزّندُ يكبُو، إذا لم يُخرِجْ نارَه. ويقال: كَبَوْتُ الكُوزَ وغيرَه، إذا صبَبْتَ ما فيه. والتُّراب الكابي: الذي لا يستقرُّ على وَجْه الأرض.

ويقال: هو كابِي الرَّماد، أي عظيمُه، ينهال. ومن الباب الكِبا([8]): الكُنَاسة؛ والجمع الأكباء.

ومما شذَّ من هذا الأصل الكِبَاء ممدود، وهو ضربٌ من العُود. يقال كَبُّوا ثيابَكم، أي بَخِّروها. قال:

* ورنداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرَا([9]) *

ـــــــــــــــ

([1]) الرجز لأبي زرارة النصري، كما سبق في حواشي (أبث).

([2]) الحق أن هذه جمع "كبيدة" تصغير كبد.

([3]) الجمهرة (1: 287).

([4]) للأعشى في ديوانه 160 برواية: "ثم ما كاءوا".

([5]) الرجز في اللسان (كبع).

([6]) في الأصل "كمن"، وأثبت ما في المجمل على أن الكلمة لم ترد في اللسان أو القاموس.

([7]) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 15) واللسان (كبا، ترز) والمفضليات (2: 227).

([8]) وكذا في اللسان. وفي اللسان أيضاً: "الكبا: الكناسة والزبل، يكون مكسوراً ومضموماً، فالمكسور: جمع كبة –أي بالكسر- والمضموم جمع كبة- أي بالضم".

([9]) لامرئ القيس في ديوانه 94 واللسان (كبا). وصدره:

* وبانا وألويا من الهند ذاكيا *

 

ـ (باب الكاف والتاء وما يثلثهما)

(كتد)  الكاف والتاء والدال حرفٌ واحد، وهو الكَتَد: ما بين الكاهل إلى الظَّهر. والكَتَد: نجمٌ.

(كتر)  الكاف والتاء والراء. يقولون: الكَتْر. وسط كلِّ شيء. وقال: الكَِتْر: السَّنام نفسُه. قال:

* كِتْرٌ كحافَة كِير القَيْنِ ملمومُ([1]) *

قال الأصمعيّ: لم أسمع بالكِتْر إلاَّ في هذا البيت. ويقولون: الكَتْر: الحَسَب والقَدْر.

(كتع)  الكاف والتاء والعين كلماتٌ غير موضوعةٍ على قياس، وليست من الكلام الأصيل. يقولون الكُتَع: الرّجُل اللَّئيم. ويقولون كَتَع بالشيء: ذهب به. وما بالدّارِ كتيعٌ، أي ما فيها أحد. وكَتَع فلانٌ في أمره: شَمَّر. وجاء القومُ أجمعون أكتَعُون على الإتباع.

(كتل)  الكاف والتاء واللام أصيلٌ يدلُّ على تجمُّع. يقال: هذه كُتْلةٌ من شَيء، أي قطعةٌ مجتمعةٌ. قال ابنُ دريد([2]) يقال ألقى فلان عليَّ كَتالَهُ، أي ثِقْله. وذكر في شِعر [ابن] الطَّثْريّة([3]).

(كتم)  الكاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إخفاء وسَتر. من ذلك كَتَمت الحديثَ كَتْماً وكِتماناً. قال الله تعالى: {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً} [النساء 42]. ويقال: ناقةٌ كَتومٌ: لا تَرغُو إذا رُكبت، قُوَّةً وصَبراً. قال:

* وكانت بقيّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ([4]) *

وسحابٌ مُكْتَتِم: لا رعد فيه. وخَرْزٌ كَتِيمٌ: لا يَنْضَح الماء. وقوسٌ كَتوم: لا تُرِنُّ. وأمّا الكَتَم، فنباتٌ يُختَضَب به.

(كتن)  الكاف والتاء والنون أصلٌ يدلُّ على لطخٍ ودَرَن. يقال الكَتَن: لَطْخ الدُّخانِ البيتَ. ويقال: كَتِنَتْ جَحافِل الدّابة: اسوَدَّت من أكل الدَّرِين. وكَتن السِّقاءُ، إذا لَصِق به اللَّبَنُ من خارج فَغَلُظ. والكَتَّان معروف، وزعموا أنَّ نُونَه أصليّة. وسَمَّاه الأعشى الكَتَن([5]). قال ابن دريد: هو عربيٌّ* معروف، وإنَّما سمي بذلك لأنه يلقَى بعضُه على بعضٍ([6]) حَتَّى يَكْتِن.

(كتو)  الكاف والتاء والواو. الكَتْو: مُقارَبة الخَطْو. يقال: كتا يَكتُو كَتواً. حكاه ابنُ دريدٍ عن أبي مالك([7]).

(كتب)  الكاف والتاء والباء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جمع شيءٍ إلى شيءٍ. من ذلك الكِتَابُ والكتابة. يقال: كتبت الكتابَ أكْتبه كَتْباً. ويقولون: كتبتُ البَغلَة، إذا جمعتُ شُفرَي رَحِمها بحَلْقة. قال:

لا تأمنَنَّ فَزارِيَّا حَلَلتَ به *** على قَلُوصِك واكتُبْهَا بأسيار([8])

والكُتْبَةُ: الخُرْزَة، وإنَّما سمِّيت بذلك لجمعها المخروز. والكُتَب: الخُرَز. قال ذو الرُّمَّة:

وَفْرَاءَ غَرْفِيَّةٍ أثأَى خوارِزَها *** مُشَلشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بينَها الكُتَب([9])

ومن الباب الكِتَابُ وهو الفَرْضُ. قال الله تعالى: {كُتِبَ علَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة 183]، ويقال للحُكْم: الكتاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَا لأَقْضِيَنَّ بينكما بكتاب الله تعالى"، أراد بحُكْمِه. وقال تعالى: {يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة2، 3]، أي أحكامٌ مستقيمة. ويقال للقَدَر: الكِتاب. قال الجعديّ:

يا ابنةَ عمِّي كتابُ الله أخَرَجَنِي *** عنكم وهل أمنعَنَّ الله ما فَعَلا([10])

ومن الباب كتائب الخيل، يقال: تكتَّبُوا. قال:

* بألفٍ تكتَّبَ أو مِقْنَبِ *

قال ابنُ الأعرابيّ: الكاتب عند العرب: العالم، واحتجَّ بقوله تعالى: {أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور 41، القلم 47].

والمُكاتَب: العبدُ يكاتبه سيِّده على نفسه. قالوا: وأصله من الكِتاب، يراد بذلك الشَّرْطُ الذي يكتب بينهما.

(كتف)  الكاف والتاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عِرَضٍ في حديدة أو عَظْم. من ذلك الكَتِيفة، وهي الحديدة التي يُضَبُّ بها. ومنه الكَتِف وهي معروفة، سمِّيت بذلك لما ذكرناه. ويقال: رجلٌ أكتَفُ: عظيم الكَتِف. وقولهم: كَتف البعيرُ في المَشْي فإنما ذلك إذا بَسَط يديه بَسْطاً شديداً، ولا يكون ذلك إلاَّ ببسطه موضِعَيْ كتِفَيْه. والكَتْف: أن يُشَدَّ حِنْوا الرَّحْلِ أحدُهما إلى الآخر بالكِتاف، وذلك كبعض ما ذكرناه. وكَتَفْتُ اللّحم، كأنَّك قَطعته على تقدير

الكَتِف أو الكَتِيفة([11]). وكذلك كَتَفت الثّوب إذا قَطَعته. وأما قولهم للضِّغن والحِقد كَتِيفة، فذلك من الباب أيضاً، وهو من عجيب كلامهم: أن يحملوا الشيء على محمول غيره. والمعنى في هذا أنَّهم يسمُّون الضِّغْن ضبَّاً، لأنَّه يُضِبُّ على القَلْب. فلما كانت الضَّبَّة في هذا القياس بمعنى أنَّها تُضَبُّ على الشَّيء وكانت تسمَّى كَتيفةً، سمَّوا الضِّغن ضَبَّاً وكتيفة، والجمع كتائف. [قال]:

أخوكَ الذي لا يَمْلِكُ الحسَّ نفسُه *** وتَرفَضُّ عند المُحْفِظات الكتائفُ([12])

وأما الكُِتْفان من الجَرَاد فهو أوّلُ ما يطير منه. وهو شاذٌّ عن هذا الأصل.

(كتو)  الكاف والتاء والواو فيه كلمةٌ لا معنَى لها، ولا يُعرَّج على مِثلها. يقولون: اكْتَوْتَى الرّجلُ، إذا بالَغَ في صفة نَفْسِه من غير عمل. واكْتَوْتَى تعتع. وليس هذا بشيء.

ـــــــــــــــ

([1]) لعلقمة بن عبدة في ديوانه 130 واللسان (كتر) والمفضليات (2: 198). وصدره:

* قد عريت زمناً حتى استظف لها *

([2]) الجمهرة (2: 27).

([3]) التكملة من المجمل: ويعنى بذلك قوله:

أقول وقد أيقنت أني مواجه *** من الصرم بابات شديداً كتالها

([4]) للأعشى في ديوانه 29 واللسان (كتم). وصدره:

* كتوم الرغاء إذا هجرت *

([5]) انظر ما سبق في مادة (كت).

([6]) في الجمهرة (2: 28): "لأنه يخيس ويلقى بعضه على بعض".

([7]) الجمهرة (2: 28).

([8]) البيت لسالم بن دارة كما في الكامل 481 ليبسك والشعر والشعراء 363. وأنشده في اللسان (كتب) وعيون الأخبار (2: 203) بدون نسبة. والرواية المشهورة: "خلوت به".

([9]) ديوان ذي الرمة ص1 واللسان (وفر، غرف، ثأي، شلل، كتب).

([10]) أنشده في المجمل واللسان (كتب).

([11]) في المجمل: "كتفت اللحم: قطعته صغارا".

([12]) البيت للقطامي في ديوانه 27 واللسان (حس، رفض، حفظ، كتف).

 

ـ (باب الكاف والثاء وما يثلثهما)

(كثر)  الكاف والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ خِلاف القِلّة. من ذلك الشَّيء الكثير، وقد كَثُر. ثم يُزَاد فيه للزِّيادة في النّعت فيقال: الكوثر: الرّجلُ المِعطاء. وهو فَوْعلٌ من الكَثْرة. قال:

وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مروانَ طيِّبٌ *** وكان أبوك ابنُ العقائل كَوْثرا([1])

والكَوثَر: نهرٌ في الجَنّة. قال الله تعالى: {إنَّا أعْطَينَاكَ الكَوثَرَ} [الكوثر 1] قالوا هذا وقالوا: أراد الخير الكثير. والكَوْثَر: الغُبار، سمِّي بذلك لكََثْرَته وثوَرَانه. قال:

* حَمْحَمَ في كَوْثرٍ كالجَلاَلِ([2]) *

ويقال: كاثَرَ بنو فلان [بني فلانٍ([3])] فكَثَرُوهم، أي كانوا أكثَرَ منهم. وعَدَدٌ كاثِرٌ، أي كثير. قال الأعشى:

ولستَ بالأكثَرِ منهم حَصىً *** وإنَّما العِزَّةُ للكاثِرِ([4])

(كثف)  الكاف والثاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تراكُبِ شيءٍ على شيءٍ وتجمّع. يقال: هذا شيءٌ كثيف. وسحابٌ كثيف* وشجر كثيف.

(كثع)  الكاف والثاء والعين قريبُ المعنى من الذي قبله. يقال شَفةٌ كاثِعةٌ، إذا كَثُر دَمُها. وكَثَع اللّبنُ([5]): علا دَسَمُه. وكَثَّعَتْ لحيتُه: طالت وكَثُرت.

(كثم)  الكاف والثاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على امتلاءٍ وسَعة. يقال للشَّبعان: الأكثم. ويقال للعظيم البطن: أكْثَم. ويقولون: أكْثَمَ قِربتَه، إذا مَلأَها. والأكثم: الطَّريق الواسع. ويقال أكْثَمَ فَمَه([6])، إذا أدْخَلَ فيه القِثّاء، ونحوَه ثمّ كَسَره.

(كثو)  الكاف والثاء والواو كلمةٌ واحدة وهي الكَوْثَلُ للسَّفينة، وربَّما شُدِّد.

(كثا)  الكاف والثاء والحرف المعتلّ أو المهموز أصلٌ صحيح، وَصفٌ من صِفات اللبن ثم يُشَبّه به. ويقولون: الكُثْوة: القليل من اللّبن الحليب. ومنه اشتقاق كُثْوةَ([7]) الشَّاعر، وقالوا أيضاً: لبنٌ مُكْثٍ، إذا كانت له رِغوةٌ.

وربَّما حَمَلوا المهموز عليه، فيقال: كَثَأَت القِدرُ، إذا أزْبَدَت للغَلْي. وكَثأَ النَّبتُ: طَلَع. وكَثَأت اللِّحيةُ من هذا.

(كثب)  الكاف والثاء والباء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على تجمُّع([8]) وعلى قُرْب. من ذلك الكُثْبة، وهي القِطعة من اللَّبَن ومن التَّمر. قالوا: سمِّيت بذلك لاجتماعها. ومنه كثيب الرَّمل. والكاثب: الجامع. والكاثِبةُ: ما ارتفَعَ من مِنْسَج الفَرَس؛ والجمع كواثب. قال النابغة:

* إذا عَرَضُوا الخطِّيِّ فوقَ الكواثِبِ([9]) *

وأكثبَ الصّيدُ، إذا أمكَنَ من نفسه، وهذا من الكَثَب وهو القُرْب. فأما قوله:

لأصبَحَ رَتْماً دُقَاقَ الحَصَى *** مَكَانَ النَّبيِّ من الكاثبِ([10])

فيقال إنّه جبلٌ معروف. قال ابن دريدٍ وغيرهُ: الكُثَّاب: سهم صغيرٌ يُرمَى به. وأنشدوا:

رمَتْ من كَثَبٍ قَلبي *** ولم تَرمِ بكُثَّابِ

وهذا إذا صح فلعلَّه سمِّي لقِصَره وقُربِ ما بين طرَفيه.

ـــــــــــــــ

([1]) للكميت في اللسان (كثر). وأنشده في المجمل.

([2]) لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان الهذليين (2: 181) واللسان (كثر). وهو بتمامه:

يحامي الحقيق إذا ما احتدمـ *** ـن حمحم في كوثر كالجلال

وفي اللسان: "إذا ما احتدمن وحمحمن".

([3]) التكملة من المجمل.

([4]) ديوان الأعشى 106 واللسان (حصى، كثر). والبيت من شواهد النحو في أفعل التفضيل.

وفي الأصل: "منه حصى"، تحريف.

([5]) يقال كثع وكثع بالتشديد أيضاً.

([6]) الذي في المعاجم: "كثم القثاء ونحوه: أدخله في فيه".

([7]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "وأبو كثوة شاعر. الجوهري: وكثوة بالفتح: اسم أم شاعر، وهو زيد بن كثوة".

([8]) في الأصل: "تجرد".

([9]) صدره في ديوان النابغة (5) واللسان (كثب):

* لهن عليهم عادة قد عرفنها *

([10]) لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (رتم، نبا، كثب).

 


ـ (باب الكاف والحاء وما يثلثهما)

(كحل) الكاف والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ من الألوان. والكَحَلُ: سوادُ هُدْب العَين خِلقةً. يقال كَحِلَت عينُه كَحَلاً، وهي كَحِيل، والرّجُل أكْحَلُ. ويقال للمُلْمُول الذي يُكتحلْ به: المِكْحال.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب: الكُحَيْل: الخضخاض الذي يُهنأ به، بني على التَّصغير. والمِكحالان: عظما الوَرِكين منَ الفَرَس، ويقال بل هما عظْما الذِّراعين. والأكحَل: عرقٌ. وكَحْلُ: اسمٌ للسَّنة المجدِبة. ومن أمثالهم: "باءت عَرارِ بكَحْل"، إذا قتِل القاتل بمقتولِه. ويقال: كانتا بقرتَينِ قتلت إحداهما الأخرى فقُتِلَتْ بها.‏

(كحم) الكاف والحاء والميم ليس بشيء، إلاَّ أنَّ ابن دريدٍ زعم أن الكَحْمَ: الحِصْرِم. وذكر أنَّه يقال بالباء أيضاً(1).‏

ـــــــــــــــ

(1) الجمهرة (2: 186).‏

 

ـ (باب الكاف والدال وما يثلثهما)

(كدر)  الكاف والدال والراء أصلٌ يدلُّ على خلاف الصَّفو، والآخَر يدلُّ على حركة.

فالأول الكَدَر: خلاف الصَّفْو، يقال كَدِر الماءُ وكَدُر. ويقولون: "خُذْ ما صَفَا ودع ما كَدَُر". ويُستعار هذا فيقال: كَدِر عيشه. والكُدْرِيُّ: القَطا؛ لأنَّه نُسِب إلى معظم القطا، وهي كُدْر. وهذا من الأوّل، لأنَّ في ذلك اللَّون كُدرة. ومنه الكُدَيْرَاء: لبنٌ حليب يُنقَع فيه تمرٌ. وبناتُ أكدَرَ: حُمُر وحشٍ نسبَت إلى فحل، ولعلَّ ذلك اللَّون أكدر.

وأمَّا الأصل الآخر فيقال: انكدَرَ، إذا أسْرَع، قال الله تعالى: {وإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير 2].

(كدس)  الكاف والدال والسين ثلاثُ كلماتٍ لا يشبه بعضها بعضاً. فالأولى: كُدْس الطَّعام. والثانية التكَدُّس، وهو مَشيُ الفَرَس كأنَّه مُثقَل. قال:

وخيل تَكَدَّسُ بالدارِعِينَ *** كمشي الوُعول على الظَّاهِره([1])

والثالثة: الكوادس: ما تَطيَّرُ منه، كالفأل والعُطاسِ ونحوِه. قال:

* ولم تحبِسك عَنِّي الكوادِسُ([2]) *

(كدش)  الكاف والدال والشين ليس بناءً يشبه* كلام العرب، لعلّه أن يكون شيئاً يقارب الإبدال. يقال كَدَس وخَدَش بمعنىً. وكَدَشَ وكَدَح أي كَسَبَ. وكَدَش الشّيءَ بأسنانه: قطعه. وكلُّ هذا شيء واحدٌ في الضَّعف.

(كدع)  الكاف والدال والعين ليس بشيءٍ، غير أنَّ ابن دريد ذكر أن الكَدْع: الدَّفْع الشَّديد([3]).

(كدم)  الكاف والدال والميم أصلٌ صحيح فيه كلمةٌ واحدة. يقال كَدَمَ، إذا عَضَّ بأدنَى فيه، كما يَكدِم الحمار. ويقال أيضاً إنّ الكَدَمة: الحَرَكة. قال:

لما تَمَشَّيْتُ بُعَيدَ العَتَمه([4]) *** سَمِعتُ من فوقِ البُيوتِ كَدَمَهْ

(كدن)  الكاف والدال والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على توطئةٍ في شيءٍ متجمِّع. من ذلك الكُدُون: شيءٌ توطِّئ به المرأة لنفسها في الهوْدَج. ثم يقال امرأةٌ كَدِنةٌ: ذاتُ لحمٍ كثير. وبعير ذو كُدْنةٍ، إذا عظُمَ سَنامُه. واشتقاق الكَوْدَن([5])من هذا، لأنَّه يكون ذا لحمٍ وغِلَظ جِسم. يقولون: ما أبْيَنَ الكَدَانة فيه، أي الهُجْنة. والكَدَنُ: ما يبقى في أسفل الماء من الطِّين المتلجِّن. وهو من هذا القياس. فأمَّا الكِدْيَوْن فيقال إنّه دُقاق التُّراب والسِّرجينِ يُجمعانِ ويُجلَى به الدُّروع. قال النابغة:

عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً *** فهُنَّ إضاءٌ ضافياتُ الغلائل([6])

(كده)  الكاف والدال والهاء ليس بشيء. على أنّهم يقولون: الكَدْه: الصَّكُّ بالحجَر. يقال: كَدَهَ يَكْدَهُ. وسقَطَ الشَّيءُ فتكَدَّه، أي انكسر([7]).

(كدي)  الكاف والدال والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على صلابةٍ في شيء، ثم يقاس عليه. فالكُدْيَةُ: صَلابةٌ تكون في الأرض، يقال: حَفَر فأكْدَى، إذا وَصَلَ إلى الكُدْية. ثم يقال للرجُل إذا أعطَى يسيراً ثم قَطَع: أكْدَى، شُبِّه بالحافر يَحفِر فيُكدِي فيُمسِك عن الحَفْر. قال الله تعالى: {أعْطَى قَلِيلاً وأكْدَى([8])} [النجم 34]. والكُداية، هي الكُدْية. ويقال: أرض كادية، أي بطيئة، وهو من هذا. وربَّما همز هذا فيكون من الباب الذي يُهمز وليس أصله الهمز. زعم الخليل أنَّه يقال: أصابت زروعَهم كادئة، وهو البرد. وأصاب الزَّرع بردٌ وكَدَّأه، أي رَدَّه في الأرض. وقال الفَراء: كَدِي الكلبُ([9]) كَدىً، إذا شَرِب اللبن ففسَد جوفُه. ويقال أكديتهُ أكدِيه إكداءً، إذا رددته عن الشَّيء، والقياس في جميع ما ذكرناه واحد. وكَدَاء: مكان، ولعلّه أن يكون من الكُدْية.

(كدب)  الكاف والدال والباء، يقال فيه كلمة. قالوا: إنَّ الكَدِبَ: الدّم الطريّ. وروي أنَّ بعضهم قرأ: {وَجَاؤُوا علَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَدِبٍ([10])} [يوسف 18].

(كدح)  الكاف والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تأثيرٍ في شيء. يقال كَدَحه وكدّحه، إذا خَدَشَه. وحمار مُكَدَّح: قد عضَّضَتْه الحُمُر. ومن هذا القياس كدَح إذا كَسَبَ، يكدَح كَدْحاً فهو كادح. قال الله عزّ وعلا:{إنَّكَ كَادِحٌ} [الانشقاق 6]، أي كاسِب.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لمهلهل، كما في اللسان (ظهر، كدس) أو عبيد بن الأبرص، كما في تهذيب الألفاظ 279 واللسان (كدس). وأنشده في الحيوان (4: 353/ 6: 300).

([2]) قطعة من بيت لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 160) واللسان (كدس) وهو بتمامه:

فلو أنني كنت السليم لعدتني *** سريعاً ولم تحبسك عني الكوادس

([3]) الجمهرة (2: 280).

([4]) في الأصل: "بعد العتمة"، صوابه في المجمل واللسان (كدم).

([5]) الكودن: البرذون الهجين، وقيل البغل.

([6]) ديوان النابغة 64 واللسان (كدن، كرر، أضا). وقد سبق في (كر).

([7]) في المجمل: "تكسر".

([8]) التلاوة: "وأعطى قليلاً" والاستشهاد بترك مثل الواو والفاء جائز، له نظير في رسالة الشافعي (الفقرة 643، 974، 975) والحيوان (4: 57، 276).

([9]) في المجمل واللسان والقاموس: "الفصيل" بدل "الكلب". وفي اللسان أيضاً: "كدي الكلب كدى، إذا نشب العظم في حلقه".

([10]) هذه قراءة عائشة والحسن. وقراءة الجمهور بالذال المعجمة. وقرأ زيد بن علي: "كذباً" بالذال المعجمة والنصب. تفسير أبي حيان (5، 289).

 

ـ (باب الكاف والذال وما يثلثهما)

(كذب)  الكاف والذال والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الصِّدق. وتلخيصه أنَّه لا يبلُغ نهايةَ الكلامِ في الصِّدق. من ذلك الكَذِب خِلاف الصِّدق. كَذَب كَذِباً([1]). وكذّبت فلانا:ً نسبته إلى الكذب، وأكذبتُه: وجدتُه كاذباً. ورجل كَذّابٌ وكُذَبَةٌ. ثم يقال: حَمَلَ فلانٌ ثم كَذَبَ وكذّب، أي لم يصدُق في الحَمْلة. وقال أبو دُواد:

قلتُ لَمَّا نَصَلاَ من قُنَّةٍ *** كَذَب العَيْرُ وإن كان بَرَحْ([2])

 وزعموا أنَّه يقال كَذَب لبنُ الناقة: ذهب. وفيه نظر، وقياسُه صحيح. ويقولون ما كذَّبَ فلانٌ أن فَعَل كذا، أي ما لبث، وكلُّ هذا من أصلٍ واحد. فأمّا قول العرب: كَذَبَ عليكَ كذا، وكذبَكَ كذا، بمعنى الإغراء، أي عليك به، أو قد وجب عليك، كما جاء في الحديث: "كَذَبَ عليكم الحَجُّ"، أي وجب فكذا جاء عن العرب. ويُنشِدون في ذلك شعراً* كثيراً منه قوله:

وذُبْيانيَّةٍ وصَّتْ بنيها *** بأن كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف([3])

وقول الآخر([4]):

كذَبتُ عليكم أَوعِدُوني وعلِّلوا *** بي الأرضَ والأقوامَ قِردانَ مَوظَبا

وما أحسِب ملخَّصَ هذا وأظنُّه [إلاّ] من الكلام الذي درجَ ودرجَ أهلُه ومن كان يعلمه.

ـــــــــــــــ

([1]) ويقال كذلك كذباً، بالكسر، وكذابا وكذابا. بالكسر فيهما وتخفيف الذال وتشديدها.

([2]) أنشده في اللسان (كذب).

([3]) لمعقر بن حمار البارقي، كما سبق في حواشي (قرف).

([4]) هو خداش بن زهير. اللسان (كذب، وظب) وإصلاح المنطق 324.

 

ـ (باب الكاف والراء وما يثلثهما)

(كرز)  الكاف والراء والزاء أصل صحيحٌ يدل على اختباءٍ وتستُّر ولِوَاذ، يقال: كارَزَ إلى المكان، إذا مال إليه واختبأ فيه. وأنشد:

* إلى جَنْب الشَّريعة كارزُ([1]) *

وكارَزَ [عن([2])] فلانٍ، إذا فرّ عنه واختبأ منه. وأمَّا الكُرْز فهو الجُوالِق؛ وسمِّي بذلك لأنَّه يُخْبأ فيه الشيء. وقول رؤبة:

* كَالكُرَّزِ المربوطِ بينَ الأوتادْ([3]) *

فهذا فارسيٌّ معرب. يقولون: الكُرَّز: البازِي في سنته الثانية. والكَرّاز: كبشٌ يعلِّق عليه الراعي كُرْزَه، وهو شيءٌ له كالجُوالِق. فأمَّا الكَرِيز([4]) وهو الأَقِط، فليس من الباب، لأنه من الإبدال والأصل فيه الصاد.

(كرس)  الكاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تلبُّدِ شيءٍ فوقَ شيء وتجمُّعه. فالكِرْس: ما تلبَّدَ من الأبعار والأبوال في الدِّيار. واشتقت الكُرَّاسَة من هذا، لأنَّها ورقٌ بعضُه فوقَ بعض([5]). وقال:

يا صاحِ هل تعرفُ رسماً مُكْرَسَا *** قال نَعَم أعرفُه، وأَبْلَسَا([6])

والكَرَوَّس: العظيم الرَّأس، وهو من هذا كأنَّه شيء كُرِّس، أي جُمِع جمعاً كثيفاً. ومن الباب الكَرْكَسةُ: ترديد الشيء. ويقال للذي ولدته إماءٌ: مُكَرْكَس، أي هو مردَّد في وِلادِهنَّ له.

(كرش)  الكاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجمُّع وجَمْع. من ذلك الكَرِش. سمِّيت لجَمْعها ما فيها. ثم يُشتقّ من ذلك، فيقال للجماعة من الناس كَرِش. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الأنصارُ كَرِشِي وعَيْبتي". وكَرِش الرجُل: عيالُه وصغارُ ولدهِ. ويقال للأَتَان الضَّخمة الخاصِرَتَين: كرشاء. وتكرَّشَ وجههُ: تَقَبَّض فصار كالكرش. والكَرْشاء: القدم التي قَصُرَتْ واستوى أخمَصُها.

(كرص)  الكاف والراء والصاد كلمة واحدة. يقولون: الكَرِيص: الأَقِط.

(كرض)  الكاف والراء والضاد كلمةٌ واحدةٌ صحيحة مُختلف في تأويلها، وهي الكِرَاض. قال قوم: هو ماء الفحل تُلقِيه النَّاقةُ بعد ما قَبِلته. يقال: كرَضَتِ الناقةُ ماءَ الفحل تَكْرُضُه. ويقولون: الكِرَاضُ: مَنِيُّ الرّجُل. قال الطرِمَّاح:

سوفَ تُدنيك من لَمِيسَ سَبَنْتاةٌ *** أمَارتْ بالبَول ماءَ الكِرَضِ([7])

وقال ابن دريد([8]): الكِراض: حَلَقُ الرَّحِم([9]). قال الأصمعي: لا واحدَ لها. وقال غيره: واحدها كَرْض([10]).

(كرع)  الكاف والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على دِقَّةٍ في بعض أعضاء الحيوان. من ذلك الكُرَاع، وهو من الإنسان ما دونَ الرُّكبة، ومن الدوابِّ: ما دون الكَعب. قال الخليل: تكَرَّعَ الرّجُل إذا توضَّأ للصلاة لأنَّه يَغسِل أكارِعَه. قال: وكُرَاع كلِّ شيءٍ: طرَفُه. قال: والكُرَاع من الحَرّة: ما استطالَ منها، قال مُهلهل:

لما تَوَقّلَ في الكُرَاعِ هجينُهم *** هَلْهَلْتُ أثأرُ جابراً أو صِنْبِلا([11])

فأمَّا تسميتُهم الخَيْل كُراعاً فإنَّ العرب قد تعبِّر عن الجسم ببعض أعضائِه، كما يقال: أعتَقَ رقبةً، ووَجْهِي إليك. فيمكنُ أن يكون الخيلُ سمِّيت كُرَاعاً لأكارعها، والكَرَع: دِقّة السّاقَين. فأمّا الكَرَع فهو ماء السَّماء، وسمِّي به لأنه يُكْرَع فيه، وقيل لأنَّ الإنسان يُكْرِع فيه أكارِعَه([12])، أو يأخذه بيديه، وهما بمعنى الكُراعين، إذا كانا طرَفَين.

(كرف)  الكاف والراء والفاء كلمتان* متباينتان جداً، فالأولى الكَرْف،  وهو تشمُّم الحِمار البولَ ورفعُه رأسَه. والثانية الكِرفئ: السَّحاب المرتفع الذي يُرى بعضُه فوقَ بعض.

(كرم)  الكاف والراء والميم أصلٌ صحيح له بابان: أحدهما شَرَفٌ في الشَّيء في نفسِه أو شرفٌ في خُلُق من الأخلاق. يقال رجلٌ كريم، وفرسٌ كريم، ونبات كريم. وأكرَمَ الرّجلُ، إذا أتَى بأولادٍ كرام. واستَكْرَم: اتَّخَذَ عِلْقاً كريماً. وكَرُم السّحابُ: أتَى بالغَيث. وأرضٌ مَكرَُمةٌ للنَّبات، إذا كانت جيِّدة النبات. والكَرَم في الخُلْق يقال هو الصَّفح عن ذنبِ المُذنب. قال عبدُ الله بنُ مسلِم بن قُتيبة: الكريم: الصَّفوح. والله تعالى هو الكريم الصَّفوح عن ذنوب عبادِه المؤمنين.

والأصل الآخر الكَرْم، وهي القِلادة. قال:

* عَدُوسِ السُّرَى لا يَعرِف الكَرْمَ جيدُها([13]) *

وأمّا الكَرْم فالعِنَب أيضاً لأنَّه مجتَمِع الشُّعَب منظومُ الحبّ.

(كرن)  الكاف والراء والنون كلمةٌ واحدة في الملاهي. يقال: إنَّ الكِرَان: الصَّنْج. قال امرؤ القيس:

...... فيا رُبَّ قينةٍ *** منعَّمة أعملتُها بِكرَانِ([14])

والقَينة: كَرِينةٌ.

(كره)  الكاف والراء والهاء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على خلاف الرِّضا والمحبّة. يقال: كرِهتُ الشَّيء أكرَهُه كَرْهاً. والكُرْه الاسم. ويقال: بل الكُرْه: المشقّة، والكَرْه: أن تكلَّف الشيءَ فتعملَه كارهاً. ويقال من الكُره الكَرَاهِيَة والكَرَاهيّة. والكَرِيهة: الشِّدة في الحرب([15]). ويقال للسَّيف الماضي في الضّرائب: ذُو الكريهة([16]). ويقولون: إنَّ الكَرْه: الجَمَل الشَّديد الرأس، كأنّه يكره الانقياد.

(كري)  الكاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشيء وسُهولة، وربما دلَّ على تأخير.

فاللِّين والسهولة الكَرَى، وهو النُّعاس. ومن بابه السَّيْر المُكَرِّي: اللَّيِّن الرقيق. ومنها المُكَارِي وهو الظِّلُّ الذي يُكاري الشّيءَ، أي هو معه لا يفارقُه. وهو أليَنُ ما يكونُ وألطفَهُ. قال جرير:

لَحِقتُ وأصحابي على كُلِّ حُرَّةٍ ***مَرُوح تُبارِي الأحمسيَّ المُكارِيا([17])

 أي إنّها تُبارِي ظِلَّها كأنَّها تُساير([18]). ومن الباب الكَرْوُ: أنْ يَخْبِط الفرسُ في عَدْوه بيديه في استقامةٍ لا يُقبِل بهما نحوَ بطنِه. وكَرَت المرأةُ في مَشْيها تَكْرُو كَرْواً. والكُرَة ناقصة، نقصت واواً، سمِّيت بذلك لأنَّه يُكْرَى بها إذا رُمِيَ بها. يقال كَرَا الكرةَ يَكرُوها كَرْواً وأمَّا المُكارِي الذي يُكْري الجمال وغيرَها، فذاك مشتقٌّ من السَّير أيضاً، لأنَّه يُسايِر المكترِي منه. ثمَّ اتسعوا في ذلك فسمَّوا الأَجْرَ كِراءَ، ونقلوه أيضاً إلى ما لا يُسايَرُ به، كالدَّار ونحوها، والأصل ما ذكرناه. وأمَّا الذي ذكرنا من التأخير فقولُهم: أكرَيْتُ الحديثَ: أخَّرتُه. قال الحطيئة:

وأكْرَيتُ العِشاءَ إلى سُهَيلٍ *** أو الشِّعرَى فطال بيَ الأَنَاء([19])

فأما الكَرَوان فطائر يقال لذكَرهِ الكَرَى، يقال إذا صِيدَ:

أطرِقْ كَرَا أَطْرِق كرا *** إنَّ النّعامةَ في القُرَى

ويقال سمِّي بذلك لدِقّة ساقَيه. ويقولون: امرأةُ كَرْوَاء: دقيقة السَّاقين. وهذا إن صحَّ فهو شاذٌّ عن القياس الذي ذكرناه.

(كرب)  الكاف والراء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ وقُوّة. يقال: مَفاصِلُ مُكْرَبَةٌ، أي شديدةٌ قوية. وأصلُه الكَرَب، وهو عَقْدٌ غليظ في رِشَاء الدَّلو يُجعَل طرفُه في عرقوة الدَّلو ثم يشدّ ثِنَايتُه([20]) رِبَاطاً وثيقاً. يقال منه أكربْت الدَّلو. ومن ذلك قولُ الحطيئة:

قومٌ إذا عَقَدُوا عَقداً لجارِهم *** شَدُّوا العِناجَ وشدُّوا فوقه الكَرَبا([21])

 ومن الباب الكرْب، وهو الغَمُّ الشَّديد. والكريبة: الشَّديدة من الشَّدائد. قال:

* إلى الموت خَوّاضاً إليه كرائبا([22]) *

والإكراب: الشِّدَّة في العَدْو؛ يقال أكْرَبَ فهو مُكْرِب. فأمَّا كَرَبَ الشَّيء: دنا، فليس من الباب، لأنَّ هذا من الإبدال، وإنَّما هو من القُرْب، لكنهم قالوا بالقاف قَرُب بضم الراء، وقالوا في الكاف كَرَب بفتحها، والمعنى واحد. والملائكة الكَرُوبِيُّون فعُوليُّون من الكُروب([23])، وهم المقَرَّبون. يقال كَربت الشمسُ: دنَت للمَغيب([24]). وإناءٌ كَرْبانُ: كَرَبَ أن يمتلئ.

ومن الباب الأوَّل: كَرَبُ النَّخلِ، ممكنٌ أن يسمَّى كَرَبا لقُوَّته. والكُرَابةَ([25]): ما سقط من النَّخْل في أصول الكَرَب. وَأمَّا كِرَابُ الأرض، وهو قَلْبُها للحرث فليس هو عندي عربيّاً. وقولُهم: "الكِرَابُ على البَقَر"، من هذا، والأصحُّ فيه أنْ يقال: "الكِلابَ على البقَر"، وكذا سمعناه. ومعناه خَلِّ أمْراً وصِناعتَه([26]). ويقولون: الكِرَاب: مَجارِي الماء، الواحدة كَرَبة. فإنْ كان صحيحاً فهو مشبَّهٌ بكرَبِ النَّخل. لامتدادِه وقُوَّته([27]).

(كرت)  الكاف والراء والتاء، ليس فيه إلاّ قولهم: عامٌ كَرِيت.

(كرث)  الكاف والراء والثاء، ليس فيه إلاَّ كَرَثَهُ الأمرُ، إذا بلغ منه المَشَقَّة. والكُـَرَّاثُ والكَرَاثُ نَبتانِ.

(كرج)  الكاف والراء والجيم ليس بشيء، إنّما هو الكُرَّج، وهو الذي ذكرناه في الكُرَّة. وذكره جريرٌ فقال:

لَبِستُ سِلاحي والفَرزدقُ لُعبةٌ *** عليه وِشاحاً كُرَّجٍ وجلاجلُه([28])

(كرد)  الكاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على مُدافَعةٍ وإطْراد. يقال: هو يَكرُدُهم، أي يدفعهم ويطردُهم. ويزعمون أنّ الكُرْدَ، هؤلاء القوم، مشتقٌّ من المُكارَدَة، وهي المطاردة. قال:

* ألا إنَّ أهل الغَدْرِ آباؤك الكُرْدُ *

فأمَّا الكَرْد فالعُنْق، قالوا: هو معرَّب.

ومِمَّا فيه ولا يُعلَم صحّته، قولُهم: إنَّ الكِرْدِيدة: القطعة من التَّمر. وينشدون:

طُوبَى لمن كانت لـه كِرْدِيدهْ *** يأكلُ منها وهو ثانٍ جيدَهْ([29])

وما أبْعَدَ هذا وشِبهَهُ من الصحّة. والله أعلم.

 

ـ (باب الكاف والزاء وما يثلثهما)

(كزم)  الكاف والزاء والميم أصيلٌ يدلُّ على قِصَرٍ وقَماءة. فالكَزَم: القِصَر في الأنْف، وكذلك في الأصابع. يقال أنف أكزَمُ ويد كَزْماء. والكَزْم([30]): الرّجُل الهَيَّبان، وسمِّي لانقباضِه عن الإقدام، والكَزُوم: التي لم يَبْقَ فيها سِنٌّ من الهَرَم. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وذكر أنَّ الكَزْم كالكَدْم بمقدَّم الفم. وهذا من باب الإبدال، والله بصحتّها أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) كذا في الأصل والمجمل. وهو للشماخ في ديوانه 50. واللسان (كرز). وروايته فيهما:

فلما رأين الماء قد حال دونه ***  ذعاف لدى جنب الشريعة كارز

([2]) تكملة يقتضيها الكلام. وفي اللسان: "ويقال كارزت عن فلان، إذا فررت منه وعاجزته".

([3]) ديوان رؤبة 38 واللسان (كرز) والمعرب للجواليقي 280 والجمهرة (2: 325).

([4]) في الأصل: "الكرزين"، صوابه في المجمل واللسان.

([5]) شاهده قول الكميت: في اللسان (كرس، جوز):

حتى كأن عراص الدار أردية *** من التجايز أو كراس أسفار

جمع سفر بالكسر، وهو الكتاب. والكراس: جمع كراسة.

([6]) للعجاج في ديوانه 31 واللسان (كرس).

([7]) ديوان الطرماح 81 واللسان (كرض).

([8]) الجمهرة (2: 366).

([9]) في تفسير الكلمة خلاف طويل. انظر له اللسان.

([10]) كذا ضبط في المجمل بالفتح. وضبط في الجمهرة بكسر الكاف.

([11]) في اللسان: (هلل) "لما توعر"، وأنشده الجوهري: "لما توغل". والتوقل: الصعود، أو الإسراع فيه.

([12]) نحو هذا ما في اللسان: "والمكرعات أيضاً من النخل: التي أكرعت في الماء".

([13]) لجرير في ديوانه 127 واللسان (ثلب، عدس، كرم)، وقد سبق في (ثلب). وصدره:

* لقد ولدت غسان ثالبة الشوى *

([14]) تمام صدره من الديوان 121:

* وإن أمس مكروبا فيا رب قينة *

([15]) في الأصل: "الشديدة الحرب"، صوابه في المجمل واللسان.

([16]) في الأصل والمجمل: "دون الكريهة"، صوابه في اللسان والقاموس.

([17]) ديوان جرير 604 واللسان (كرا).

([18]) في الأصل: "تسائده".

([19]) ديوان الحطيئة 25 واللسان (أنى، كرا). ويروى: "وآنيت".

([20]) في الأصل: "ثناية".

([21]) ديوان الحطيئة 7 واللسان (كرب، عنج). وقد سبق في (عنج).

([22]) في الأصل: "كريبا"، تحريف. وفي اللسان: "الكرائبا"، والبيت لسعد بن ناشب من مقطوعة في أوائل حماسة أبي تمام. وصدره في الحماسة واللسان:

* فيال رزام رشحوا بي مقدما *

([23]) في الأصل: "الكرب"، وإنما هو "الكروب" مصدر كرب.

([24]) في الأصل: "دانت الغيب"، وصوابه في المجمل.

([25]) بفتح الكاف وضمها، والضم أعلى.

([26]) في الأصل: "وضياعته".

([27]) شاهده قول أبي ذؤيب:

جوارسها تأرى الشعوف دوائبا *** وتنصب ألهاباً مصيفا كرابها

([28]) ديوان جرير 482 واللسان (كرج) والمعرب 292.

([29]) الرجز في المجمل واللسان (كرر).

([30]) وكذا ضبط في المجمل بسكون الزاي، وضبط في القاموس ككتف، والكلمة مما فات صاحب اللسان.

 

ـ (باب الكاف والسين وما يثلثهما)

(كسع)  الكاف والسين والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على نوع من الضَّرب. يقال: كسعه، إذا ضَربَ برِجله على مؤخَّرِه أو بيده. ويقال: اتَّبَعَ أدبارَهم يَكسَعُهم بسَيفه. وكَسَعْت الرّجُل بما سَاءه، إذا تكلَّمْت في أثره. وكَسعتُ النّاقةَ بغُبْرها، إذا تركتَ بقيَّةً من اللَّبن في خِلْفها تريد تعزيرها. ومعنى هذا أنَّه يخلِّيها بعد أن يُحلَب بعضُ لبنِها ويضربُ بيدِه على مؤخّرها لتمضِيَ. قال:

لا تَكْسَع الشَّولَ بأَغْبارِها *** إنك لا تَدرِي مَن النَّاتجُ([1])

ومن الباب رجلٌ مكَسَّعٌ بغُبْرِه، إذا لم يتزوَّج، كأنَّ ماءه قد تبقَّى كما تَبقَّى لبنُ الشّاةِ المكَسَّعة. قال:

والله لا يخرجُها من قَعرِه *** إلاّ فتىً مكسَّع بغُبْره([2])

والكُسْعَة: الحمير، سمِّيت لأنَّها تُضرَب أبداً على مؤخّرها في السَّوْق.

(كسف)  الكاف والسين والفاء أصلٌ يدلُّ على تغيُّر في حالِ الشيء إلى ما لا يُحَبّ، وعلى قطع شيءٍ من شيء. من ذلك كُسُوف القَمر، وهو زوالُ ضوئه. ويقال: رجلٌ كاسِفُ الوجه، إذا كان عابساً. وهو كاسف البال، أي سيِّئُ الحال.

وأمَّا القَطْع فيقال: كَسَفَ العُرقوبَ بالسّيف كَسْفاً يكسِفُهُ. والكِسْفة: الطَّائفة من الثَّوب، يقال: أعطِنِي كِسفةً من ثوبك. والكِسْفة: القِطعة من الغَيم. قال الله* تعالى: {وإنْ يَرَوْا كِسْفاً مِن السَّماءِ ساقِطاً} [الطور 44].

(كسل)  الكاف والسين واللام أصلٌ صحيح، وهو التَّثاقُل عن الشَّيء والقُعود عن إتمامه أو عنه. من ذلك الكَسَل. والإكسال: أن يُخالِط الرّجلُ أهلَه ولا ينزِل. ويقال ذلك في فَحل الإبل أيضاً. وامرأةٌ مِكسالٌ: لا تكاد تَبرَحُ بيتها.

(كسم)  الكاف والسين والميم أصيلٌ يدلُّ على تلبُّدٍ في شيء وتجمّع. من ذلك الكَيْسُوم: الحَشِيش الكثير. ويقال إنَّ الأكاسم: الخَيل المجتمِعة يكاد يركبُ بعضُها بعضاً. قال:

أبا مالكٍ لَطَّ الحُضَين وراءنا *** رجالاً عدَاناتٍ وخيلاً أكاسِما([3])

(كسا)  الكاف والسين والحرف المعتل……([4])

أما ما ليس بمهموزٍ فمنه الكُسْوة والكِساء معروف. قال الشَّاعر([5]):

فباتَ لـه دون الصَّبَا وهي قَرَّةٌ *** لحافٌ ومصقولُ الكساءِ رقيقُ

أراد في هذا الموضع بمصقول الكِساء لبَناً قد علته دُوَاية. ومثله:

وهو إذا ما اهْتَافَ أو تَهيَّفا *** يَنفِي الدُّواياتِ إذا ترشَّفَا

عن كلِّ مصقولِ الكِساء قد صَفَا([6])

اهتاف: عَطِش. وعنى بالكساء الدُّواية.

(كسب)  الكاف والسين والباء أصلٌ صحيحٌ، وهو يدلُّ على ابتغاء وطلبٍ وإصابة. فالكَسب من ذلك. ويقال كَسَب أهْلَه خيراً، وكسَبْت الرّجلَ مالاً فكَسَبه. وهذا مما جاء على فَعَلْته فَفَعل. وكَسَابِ: اسمُ كَلْبة.

(كسح)  الكاف والسين والحاء له معنيانِ صحيحان: أحدهما تنقيةُ الشيء، والمعنى الآخر عَيْب في الخِلْقة.

فالأوَّل الكَسْح. يقال: كَسَحْتُ البيتَ، وكَسَحَتِ الرِّيحُ الأرضَ: قَشَرت عنها التّراب. والكُسَاحة: ما يُكسَح. ويقال: أغارُوا على بني فلانٍ فاكتَسَحوهم، أي أخَذوا مالَهم كلَّه.

والثاني الكَسَح، وهو العَرَج. والأكْسَح: الأعرج. قال الأعشى:

* وخَذُولِ الرِّجلِ من غير كَسَحْ([7]) *

وجمع الأكسح كُسْحان. وفي الحديث: "الصَّدَقة مال الكُسْحانِ والعُوران([8])".

(كسد)  الكاف والسين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على الشَّيء الدُّون لا يُرغَب فيه. من ذلك: كَسَد الشَّيءُ كَساداً فهو كاسد وكَسِيد. وكلُّ دونٍ كَسِيد. قال:

* فماجدٌ وكسيدُ([9]) *

(كسر)  الكاف والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على هَشْم الشيء وهَضْمه. من ذلك قولُك كَسَرْت الشيءَ أكْسِره كَسْراً. والكِسرة: القطعة من المكسور. ويقال: عُودٌ صُلْب المَكْسِر، إذا عُرِفت جوْدتُه بكسْرِه. وكَسَر الطائرُ جناحَيه كَسراً، إذا ضمَّهما وهو يريد الوُقوع، ومنه عُقاب كاسِر. والكِسْر: العظم ليس عليه كبيرُ لحم. قال الشَّاعر:

* وفي يَدِها كِسرٌ أبَحُّ رَذومُ([10]) *

ويقال لا يكون كذا إلا وهو مكسور. ويقال لعظم السّاعد الذي يلي المرفَق، وهو نصف العظم: كِسرُ قبيح. أنشدنا عليُّ بنُ إبراهيمَ، عن عليِّ بنِ عبد العزيز، عن أبي عُبيد:

فلو كنتَ عَيراً كنتَ عيرَ مَذَلَّةٍ *** ولو كنت كِسراً كنتَ كِسرَ قبيح([11])

ويقال: أرضٌ ذات كسور، أي ذات صَعُود وهَبُوط، وكأنَّها قد كسِرت كَسْراً. والكِسر: الشُّقة السُّفلى من الخِباء تُرفَع أحياناً وتُرخَى أحياناً. وهو جارِي مُكاسِرِي، أي كِسرُ بيتِه إلى كِسرِ بيتي. فأمَّا كِسْرى فاسمٌ عجميّ، وليس من هذا، وهو معرَّب. قال أبو عمرو: يُنسَب إلى كسرى- وكان يقولـه بكسر الكاف([12])- كِسْرِيّ وكِسرَوِيّ. وقال الأمويّ: كِسريّ بالكسر أيضاً.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت للحارث بن حلزة في اللسان (كسع، غبر).

([2]) الرجز في المجمل واللسان (كسع).

([3]) أنشده في اللسان (عدن) برواية: "لد" بدل "لط". وفي الأصل: "الحصير" صوابه في اللسان.

([4]) بياض في الأصل.

([5]) هو عمرو بن الأهتم. اللسان (كسا). ومقطوعته في الحماسة (2: 300-301). وقصيدته في المفضليات (1: 123-125).

([6]) الرجز في اللسان (صقل). وأنشده في المجمل (كسو/ي).

([7]) ديوان الأعشى 163. وصدره في اللسان (كسح):

* كل وضاح كريم جده *

([8]) في اللسان: "وفي حديث ابن عمر: سئل عن مال الصدقة فقال: إنها شر مال، إنما هي مال الكسحان والعوران".

([9]) في الأصل: "فمنهم ماجد"، والصواب ما أثبت من المجمل مطابقاً للسان (كسد). والبيت بتمامه:

إذا كل حي نابت بأرومة *** نبت العضاه فماجد وكسيد

([10]) في الأصل: "وفي يديه"، صوابه في المجمل. وفي اللسان (كسر) والمقاييس (بح): "وفي كفها". وصدر البيت:

* وعاذلة هبت بليل تلومني *

([11]) سبق البيت في (حسن، قبح). وأنشده في اللسان (قبح، كسر) وكذا ورد إنشاده "فلو كنت عيراً" في المجمل، وروي بالخرم فيما سبق.

([12]) في الأصل: "بكسر الراء"، صوابه في المجمل، وفي اللسان والقاموس أنه يقال بكسر الكاف وفتحها.

 

ـ (باب الكاف والشين وما يثلثهما)

(كشف)  الكاف والشين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْوِ الشّيء عن الشَّيء، كالثَّوب يُسْرَى عن البدن. ويقال كَشَفْتُ الثوب وغيرَه أكْشِفه. والكَشَف: دائرةٌ في قُصَاص النّاصية، كأنَّ بعضَ ذلك الشَّعْر ينكشف عن مَغْرِزِهِ([1]) وَمَنْبتِه. وذلك يكون في الخيل التواءً يكون في عَسيب الذَّنب. والأكشف: الرجل الذي لا تُرْسَ معه في الحرب. ويقال: تكشَّفَ البرقُ، إذا  مَلأ* السَّماء. والمعنى صحيحٌ، لأنَّ المتكشِّف بارز. والكِشَاف: نِتاج في [إثر]([2]) نتاج. [قال ابن دريد: الكِشاف([3])]: أن تبقى الأنثى سنتين أو ثلاثاً لا يُحمَل عليها. قال الشاعر([4]):

...................                                 .................

(كشم)  الكاف والشين والميم أصيلٌ يدلُّ على قَطْع شيء أو قِصره، من ذلك الأكشم: النَّاقص الخَلْق، ويكون ذلك في الحسب الناقص أيضاً. قال:

* له جانبٌ وافٍ وآخرُ أكشمُ([5]) *

والكَشْم: قَطع الأنف باستئصال.

(كشي)  الكاف والشين والحرف المعتلّ أو المهموز. أمّا ما ليس بمهموز فكلمة واحدة، وهي شحمةٌ مستطيلة في عُنق الضّبّ إلى فخذه، والجمع الكُشَى. قال:

وأنتَ لو ذُقتَ الكُشَى بالأكبادْ *** لمَا تَركتَ الضَّبَّ يَعدُو بالوادْ([6])

وأمّا المهموز فكلماتٌ لعلَّها أن تكون صحيحة. يقولون: يتكشَّأُ اللحمَ، أي يأكله وهو يابس. وكشَأْتُ وجهَه بالسَّيف، أي ضربته. وكَشِئَ من الطعام: امتلأَ.

(كشح)  الكاف والشين والحاء أصلٌ صحيح، وهو بَعْضُ خَلْقِ الحيوان. فالكَشْح: الخصر. والكَشَح: داء يصيب الإنسانَ في كَشْحِه. قال الأعشى:

* كُلَّ ما يَحْسِمْنَ من داء الكَشَحْ([7]) *

ويُكوَى. ومن ذلك الرَّجُل([8]) مكشوحٌ المُراديّ. وأمَّا الكاشِح فالذي يَطْوِي على العداوة كَشْحَه. ويقال: طويتُ كَشْحِي على الأمر، إذا أضمرتَه وستَرته. قال:

* أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأبَّ ليذهبَا([9]) *

وقال قومٌ: بل الكاشح: الذي يتباعَد عنك، من قولك: كَشَح القومُ عن الماء، إذا تفرَّقوا. قال:

* شِلْوَ حمارٍ كَشَحَتْ عنه الحُمُرْ *

وإنّما يقال للذاهب كَشَح لأنَّه يَمضِي مبدياً كَشْحَه إعراضاً عن المذهوب عنه. ألا تراهم يقولون: طوَى كَشْحَه للبَين والذَّهاب. وهو في شعرِهم كثير.

(كشط)  الكاف والشين والطاء كلمةٌ تدلُّ على تنحية الشَّيء وكَشْفه. يقال: كشَطَ الجِلدَ عن الذَّبيحة. ويقولون: انكشَط رُوعُه، أي ذهَب.

(كشد)  الكاف والشين والدال. يقال الكَشْد: ضرب من الحَلَب([10]). والله أعلمُ بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "مفسره".

([2]) تكملة يفتقر إليها الكلام. وفي المجمل: "الكشوف من الإبل: التي يضربها الفحل وهي حامل فتمكنه. والكشاف أيضاً: أن يحمل عليها كل سنة، وذلك أردأ النتاج".

([3]) التكملة من المجمل. والنص في الجمهرة (3: 65).

([4]) بعده بياض في الأصل. ولعله يعني قول زهير:

فتعرككم عرك الرحى بثفالها *** وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم

([5]) لحسان بن ثابت في ديوانه 399 واللسان (كشم) يهجو ابناً له ولدته له امرأة من أسلم. وصدره:

* غلام أتاه اللؤم من نحو خاله *

فقالت المرأة تجيبه:

غلام أتاه اللؤم من نحو عمه *** ومن خير أعراق ابن حسان أسلم

([6]) الرجز في المجمل واللسان (كشى) والمخصص (15: 178/ 16: 112) والحيوان (6: 100،  353) وعيون الأخبار (3: 211). وفي محاضرات الراغب (2: 303) أن الرجز قاله رجل يعارض به قول القائل:

ومكن الضباب طعام العريب *** ولا تشتهيه نفوس العجم

([7]) رسمت في الأصل والديوان: "كلما". وصدره كما في ديوانه 164:

* ولقد أمنح من عاديته *

([8]) كلمة "ومن" ليست في الأصل. وفي الأصل: "فالرجل" وفي المجمل: "فيقال كشح فهو مكشوح، إذا كوي من ذلك الداء. وبه سمي المكشوح المرادي".

([9]) للأعشى في ديوانه 89 واللسان والجمهرة (أبب، كشح). وقد سبق في (أب). وصدره:

* صرمت ولم أصرمكم وكصارم *

([10]) في اللسان: "ضرب من الحلب بثلاث أصابع".

 


ـ (باب الكاف والظاء وما يثلثهما)

(كظر) الكاف والظاء والراء كلمة. يقولون: الكُظْر: مَحَزُّ الفُرْضة في سِيَة القَوس.‏

(كظم) الكاف والظاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على معنىً واحد، وهو الإمساك والجمعُ للشَّيء. من ذلك الكَظْم: اجتراع الغَيظ والإمساك عن إبدائه، وكأنَّه يجمعه الكاظمُ في جوفه. قال الله تعالى: {وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ} [آل عمران 134]. والكُظُوم: السُّكوت. [و] الكُظوم: إمساك البعير عن الجِرَّة. والكَظَم: مَخْرج النَّفَس. يقال أخَذَ بكَظَمه. ومعنى ذلك قياسُ ما ذكرناه؛ لأنّه كأنَّه منَعَ نفَسَه أن يخرج. والكظائم: خُروق تُحفَر يجري فيها الماءُ من بئرٍ إلى بئر. وإنَّما سُمِّيت كِظَامةً لإمساكها الماء. والكِظامة أيضاً: الحَلْقة التي تجمع خيوطَ حديدةِ الميزان؛ وذلك من الإمساك أيضاً. والكِظَامة: سَير يُوصَل بوَتَرِ القَوس العربيّة ثم يُدار بطرف السِّيَة العُليا. والقياس في جميع ذلك واحد.‏

(كظا) الكاف والظاء والحرف المعتل كلمةٌ من الإبدال. يقولون كَظَا لحمُه، مثلُ خَظَا، وهو يَكظُو.‏

 

ـ (باب الكاف والعين وما يثلثهما)

(كعم)  الكاف والعين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على سَدِّ شيءٍ بشيءٍ وإمساك. فالكِعَام: شيءٌ يُجعَل في فم البعير فلا يَرغُو. ويقال: كَعَمه فهو مكعوم. وتقول: كعَمه الخَوفُ فلا يَنطِق. قال ذو الرُّمَّة:

* يَهْمَاءَ خابطها بالخَوْف مكعومُ([1]) *

ومن الباب: كَعَم الرّجلُ المرأةَ، إذا قبَّلَها ملتقماً فاهاً، كأنَّه سدَّ فاها بفيه. والكِعْم: وعاء من الأوعية([2]).

(كعظ)  الكاف والعين والظاء. يقولون: الكَعِيظ: الرّجل القصير الضَّخْم.

(كعب)  الكاف والعين والباء أصل صحيح* يدلُّ على نتوٍّ وارتفاعٍ في الشيء. من ذلك الكَعْب: كعب الرّجل، وهو عَظْم طرَفَيِ السّاق عند ملتقَى القدمِ والسّاق. والكعبة: بيتُ الله تعالى، يقال سمِّي لنتوِّه وتربيعه. وذو الكعَبَات: بيتٌ لربيعة، وكانوا يطوفون به. ويقال إنَّ الكَعْبة: الغُرْفة. وكَعَبَتِ المرأةُ كعَابةً، وهي كاعِبٌ، إذا نتأ ثَديُها. وثوبٌ مكعَّب: مطويٌّ شديد الإدراج. وبُردٌ مكَعَّب: فيه وَشْيٌ([3]) مربع. والكعْب من القَصَب، أنبوبُ ما بين العُقْدتَين. وكُعوب الرُّمح كذلك. قال عَنترة:

فطعنتُ بالرُّمْح الأصمِّ كُعوبَه *** ليس الكريمُ على القَنا بمحرَّمِ([4])

والكَعْب من السَّمن: قِطعةٌ منه.

(كعت)  الكاف والعين والتاء. يقولون: الكُعَيْت: طائر. ويقولون: أكْعَتَ الرّجُل إكعاتاً، إذا انطلَقَ مُسرِعاً.

(كعد)  الكاف والعين والدال. يقولون: الكَعْد. الجُوالِق([5]).

(كعر)  الكاف والعين والراء. يقولون: الكَعَر: أن يمتلئ البطنُ من الأكل. وأكعَرَ البعيرُ: عظُم سَنامُه.

(كعس)  الكاف والعين والسين. يقولون: الكَعْس: عَظْم في السُّلامَى. والجمع كِعاسٌ.

ـــــــــــــــ

([1]) صدره كما في ديوانه 575 واللسان (كعم، وصى):

* بين الرجا والرجاء من جنب واصية *

واصية: فلاة تتصل بأخرى.

([2]) في اللسان: "وعاء توعى فيه السلاح وغيرها".

([3]) في الأصل: "شيء"، صوابه في المجمل.

([4]) البيت من معلقته المشهورة.

([5]) وردت المادة في القاموس ولم ترد في اللسان، وزاد في القاموس: "وبهاء طبق القارورة".

 

ـ (باب الكاف والفاء وما يثلثهما)

(كفل)  الكاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تضمُّنِ الشَّيء للشيء. من ذلك الكِفْل: كِساءٌ يدار حَولَ سَنام البعير. ويقال هو كساءٌ يُعقَد طَرَفاه على عَجُز البعير ليركبَه الرَّدِيف. وفي الحديث: "لا تَشْرَبوا من ثُلْمةِ الإناء فإنَّه كِفْلُ الشَّيطان"، وإنَّما سمِّي بذلك لما ذكرناه من أنَّه يدور على السَّنام أو العَجُز، فكأنَّه قد ضُمِّنه. فأمَّا قولُهم للرّجل الجَبان كِفْل، وهو الذي يكون في آخِرِ الحرب إنَّما هِمَّتُه الإحجام، فهذا إنَّما شبه بالكِفْل الذي ذكرناه، أي إنَّه محمولٌ لا يَقِدرُ على مَشْيٍ ولا حركة، شَبَّهوه بالكِفْل، كما قال الشَّاعر([1]):

أعْيا فنُطْناه مَنَاط الجَرِّ *** ثم شَدَدْنا فوقه بمَرِّ([2])

وللشُّعراء في هذا كثير. وجميع هذا الكِفْل أكفال. قال الأعشى:

* ولا عُزَّلٍ ولا أكْفالِ([3]) *

ومن الباب - وهو يصحِّح القياس الذي ذكرناه- الكَفِيل، وهو الضامن([4])، تقول: كَفَل به يَكفُل كَفالةً. والكَافل: الذي يكفُل إنساناً يَعُوله. قال الله جلّ جلالُه: {وَكَفَلَها زَكَرِيَّا([5])} [آل عمران 37]، وأكفَلْتُه المالَ: ضمَّنتُه إياه. والكَفَل: العَجُز، سمِّيَ لما يجمع من اللَّحم. والكِفْل في بعض اللُّغات: الضِّعف من الأجر، وأصله ما ذكرناه أوّلاً([6])، كأنَّه شيء يحمله حاملُه على الكِفْل الذي يحملُه البَعير. ويقال ذلك في الإثم. فأمَّا الكَافل فهو الذي لا يأكل، ويقال إنَّه الذي يصل [الصِّيام([7])]، فهو بعيدٌ مما ذكرناه، وما أدري ما أصْلُه، لكنَّه صحيح في الكلام. قال القُطاميّ:

يَلُذْن بأعقار الحِياض كأنَّها *** نساءُ نَصارَى أصبحَتْ وهي كُفَّلُ([8])

(كفا)  الكاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الحَسْب الذي لا مُستَزَادَ فيه. يقال: كفاك الشّيءُ يَكفِيك. وقد كَفَى كِفاية، إذا قام بالأمر. والكُفْيَةُ: القوت الكَافِي، والجمع كُفىً. ويقال حَسْبُك زيدٌ من رجلٍ، وكافيك.

(كفأ)  الكاف والفاء والهمزة أصلانِ يدلُّ أحدُهما على التَّساوِي في الشَّيئين، ويدلُّ الآخر على المَيْل والإمالة والاعوجاج، فالأول: كافأت فلاناً، إذا قابلتَه بمثل صَنيعه. والكفء: المِثْل. قال الله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ} [الإخلاص 4]. والتكافؤ: التَّساوِي. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤُهم"، أي تتساوى. والكِفَاء: شُقَّتان تُنْصَح إحداهما بالأخرى([9])، ثم يُردَحان([10]) في مؤخّر الخباء. وبيت مُكْفَأٌ، وقد أكفأتُه. قال:

* بَيتَ حُتوفٍ مُكْفَأً مَردُوحا([11]) *

وجاء في الحديث في ذكر العَقيقة: "شاتان متكافئتان"، قالوا: معناه متساويتان في القَدْر والسنّ.

وأمَّا الآخر* فقولُهم: أكفأت الشيءَ، إذا أمَلْتَه. ولذلك يقال أكفأتُ القوسَ، إذا أمَلْتَ رأسَهَا ولم تَنْصِبْها حين ترمِي عنها([12]). واكتفأتُ الصحفة، إذا أمَلْتَها إليك. وفي الحديث: "لا تُسْألُ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكتَفئَ ما في صحيفتها([13])". ويقال: أكفأت الشَّيءَ: قلبتُه، وكفأتُ([14]) أيضاً. ويقال للسَّاهِمِ الوجه: مُكفأ الوجه، كأنَّ وجهَه قد أُمِيلَ عما كان عليه من البَشَارة. ومن الباب الإكفاء في الشِّعر، وهي أن ترفع قافية وتخفض أخرى. ويزعمون أنَّ العرب قد كانت تعرف هذا، وأنَّه ليس من الأنباز المولّدة.

ومما شذَّ عن هذين الأصلين الكُفْأة، وهي حَمْل النَّخلة سَنَتَها. ويقال ذلك في نِتاج الإبلِ أيضاً. ويقال: استكفأتُ فلاناً إبلَه، أي سألتُه نِتاجَ إبلهِ سنةً. ويقال: أنا أكْفيكَ هذه النَّاقةَ سنةً، أي تحلبها ولك ولدُها. وقول ذي الرمَّة:

* تَرى كُفْأَتَيْها([15]) *

(كفن)  الكاف والفاء والنون أصلٌ، فيه الكَفَن، وهو معروف.  والكَفْن: غَزْل الصُّوف. يقال كَفَنَ يَكفُنُ([16]). قال الرَّاعي:

* ويكْفُنُ الدَّهرَ إلاَّ ريْثَ يَهتبِدُ([17]) *

(كفت)  الكاف والفاء والتاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على جَمْعٍ وضمّ. من ذلك قولهم: كفَتُّ الشَّيءَ، إذا ضممتَه إليك. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في اللَّيل: "واكفِتُوا صِبْيَانكم"، يعني ضُمُّوهم إليكم واحبسوهم([18]) في البُيوت. وقال عزّ وجلّ: {ألَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً. أحياءً وأمْوَاتاً} [المرسلات 25، 26]. يقول: إنَّهم يَمشُون عليها ما دامُوا أحياءً، فإذا ماتُوا ضمَّتهم إليها في جَوْفها. وقال رؤبة:

* من كَفْتـِ [ـها شَدَّاً كإضرام الحَرَقْ([19])] *

ويقال: جَرِابٌ كَفِيتٌ: لا يُضَيِّعُ شيئاً يُجعَل فيه. وأمَّا قولهم إنّ الكَفْتَ: صرفُكَ الشّيءَ عن وجهه فيَكْفِتُ أي يرجع، فهذا صحيح، لأنّه يضمه عن جانب. والكَفْتُ: السَّوق الشديد، لأنَّه يضم الإبل ضمَّاً ويَسوقُها، كما يقال يَقْبِضُها. وسيرٌ كَفِيتٌ، أي سريع، من هذا.

(كفر)  الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتَّغطية. يقال لمن غطّى دِرعَه بثوبٍ: قد كَفَر دِرعَه. والمُكَفِّر([20]): الرّجل المتغطِّي بسلاحه. فأما قولُه:

حتى إذا ألقَتْ يداً في كَافرٍ *** وأجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها([21])

فيقال: إنَّ الكافر: مَغِيب الشَّمس. ويقال: بل الكافر: البحر. وكذلك فُسِّرَ قولُ الآخَر([22]):

فتذكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بعدما *** ألقَتْ ذُكاءُ يمِينَها في كافِرِ([23])

والنهر العظيم كافر، تشبيهٌ بالبحر. ويقال للزَّارع كافر، لأنَّه يُغطِّي الحبَّ بتُراب الأرض. قال الله تعالى: {أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد 20]. ورَمادٌ مكفور: سَفَت الرِّيحُ الترابَ عليه حتى غطَّتْه. قال:

* قد دَرَسَتْ غَيرَ رمادٍ مكفورْ([24]) *

والكُفْر: ضِدّ الإيمان، سمِّي لأنَّه تَغْطِيَةُ الحقّ. وكذلك كُفْران النِّعمة: جُحودها وسَترُها. والكافور: كِمُّ العِنَب قبل أن يُنوِّر. وسمِّي كافوراً لأنَّه كفَر الوَلِيع، أي غطَّاه. قال:

* كالكَرْمِ إذْ نادَى من الكافورِ([25]) *

ويقال له الكفرَّى([26]). فأمَّا الكَفِرات والكَفَر فالثَّنايا من الجبال، ولعلَّها سمِّيت كَفِرَات، لأنَّها متطامنة، كأنَّ الجبالَ الشوامخَ قد سترَتْها. قال:

* تَطَلَّعُ ريَّاهُ من الكَفِراتِ([27]) *

والكَفْرُ من الأرض: ما بَعُدَ من الناس، لا يكاد ينْزلُه ولا يمرُّ به أحد. ومَن حَلَّ به فهم([28]) أهل الكُفور. ويقال: بل الكُفور: القُرَى. جاء في الحديث "لتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً".

ـــــــــــــــ

([1]) يعني الراجز.

([2]) أنشده في اللسان (جرر، مرر). وقد سبق في (جر).

([3]) البيت بتمامه كما في الديوان 11 واللسان (ميل، عور، عزل، كفل):

غير ميل ولا عوارير في الهيـ *** ـجا ولا عزل ولا أكفال

([4]) والأنثى كفيل أيضاً، وقد يقال للجمع كفيل.

([5]) أي ضمن هو القيام بأمرها. وقراءة التخفيف هذه هي قراءة السبعة ما عدا الكوفيين وهم عاصم وحمزة والكسائي، فهؤلاء قرؤوا بتشديد الفاء، أي جعل الله كافلها والقيم بأمرها زكريا. وقرأ أبي: "أكفلها" وقرأ عبد الله والمزني "وكفلها" بكسر الفاء لغة في كفل كعلم يعلم. وقرأ مجاهد: "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا" بصيغة الأمر في جميعها بمعنى الدعاء مع نصب "ربها" على النداء. تفسير أبي حيان (2: 442). وإتحاف فضلاء البشر 173.

([6]) في الأصل: "وإلا".

([7]) التكملة من المجمل واللسان.

([8]) ديوان القطامي 32 واللسان (عقر، كفل). وقد ورد بعد هذه المادة في المجمل مادة (كفن) على الترتيب الصحيح، لكنها وردت في الأصل في موضع آخر بعد مادة (كفأ) فآثرت إبقاءها في وضعها الآخر هناك محافظة على أرقام صفحات الأصل.

([9]) تنصح، بالصاد بالمهملة، أي تخاط. وفي الأصل: "شفتان ثتضح"، تحريف.

([10]) يردحان: يبسطان. وفي الأصل: "يردان".

([11]) لأبي النجم في المخصص (6: 3). وورد في الأصل محرفاً على هذه الصورة: * بيت صوف مكفا مروحا *

([12]) في الأصل: "حتى يرمي عنها"، وأثبت ما في المجمل. وانظر اللسان (1: 136).

([13]) في نهاية ابن الأثير: "ما في إنائها".

([14]) في الأصل: "وأكفات".

([15]) في الأصل: "كفأتيه" تحريف. والبيت بتمامه كما في الديوان 321 واللسان (كفأ):

ترى كفأتيها تنفضان ولم يجد *** لها ثيل سقب في النتاجين لامس

([16]) كذا ضبط في الأصل والمجمل بضم الفاء في المضارع، لكن ضبط بكسرها في اللسان والقاموس.

([17]) هو بدون نسبة في اللسان (كفن، عمت). وصدره:

* يظل في الشاء يرعاها ويعتمها *

([18]) في الأصل: "واحبسوا".

([19]) في الأصل: "من كفت"، وتصحيحه وإكماله من ديوان رؤبة 106 واللسان (كفت).

([20]) وكذا ضبط في المجمل والقاموس. وضبط في الأصل واللسان بفتح الفاء المشددة.

([21]) البيت للبيد في معلقته المشهورة.

([22]) هو ثعلبة بن صعير المازني، كما في اللسان (كفر، ذكا) والحيوان (5: 131) والمفضليات  (1: 128).

([23]) في الأصل: "فيذكر أهلاً"، صوابه من المراجع السابقة والمخصص (9: 19/ 17: 7). والأمالي (2: 145) وزهر الآداب (4: 115) وإعجاز القرآن 200 والمقصور 44.

([24]) الرجز في اللسان (روح، كفر). وهو لمنظور بن مرثد الأسدي.

([25]) للعجاج في ديوانه 27 واللسان (كفر 465) والمخصص (10: 216).

([26]) بضم الكاف والفاء، وبفتحهما، وبكسرهما، وبضم الكاف وفتح الفاء، كما في اللسان.

([27]) البيت لمحمد بن عبد الله بن نمير الثقفي، المعروف بالنميري، وصدره كما في اللسان (كفر) والأغاني  (6: 24):

* له أرج من مجمر الهند ساطع *

ونسب في اللسان إلى عبد الله بن نمير، وهو خطأ. وانظر مجالس ثعلب 302.

([28]) في الأصل: "فهو"، صوابه في المجمل.

 


ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)

من ذلك (الكَنْفَلِيلة): اللِّحية الضَّخمة. وهذا مما زيدت فيه النون مع الزيادة في حروفه، وهو من الكَفْل، وهو جَمْع الشَّيء، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (الكَرْبَلَة): وهي رَخاوةٌ في القَدَمين. وجاء يمشي مُكَرْبِلاً، كأنَّه يمشِي في الطِّين. وهذهِ منحوتةٌ من كلمتين: من رَبَل وكَبَل. أمَّا ربل فاسترخاء اللَّحم، وقد مرّ. وأمَّا الكَِبْل فالقَيد، فكأنَّه إذا مشى ببطءٍ مقيّدٌ *مسترخِي الرِّجل.

ومن ذلك (الكَلْثَمة): اجتماعُ لحمِ الوَجْه من غير جُهُومة. وهذا مما زيدت فيه اللام، وإنَّما هو من كثم وهو الامتلاء، وقد مرَّ تفسيره.

ومن ذلك (الكَمْثَرة): اجتماعُ الشَّيء. وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من الكَثْرة.

ومن ذلك (تكَنْبَثَ) الشَّيءُ: تقبَّض. ورجلٌ كُنَابِثٌ: جَهم الوجه. وهذا من كَبِث، وقد مرّ، وهو اللحم المتغيِّر.

ومن ذلك (الكُنْدُر) و(الكُنَيدِر) و(الكُنَادِر): الرّجل الغليظ والحِمار الوحشيّ. وهذا مما زيدت فيه النون، والأصل الكَدَر، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (كَرْدَم) الرّجل: أسرَعَ العَدْوَ. وهذا ممَّا زيدت فيه الميم، وهو من كرد، وقد مرَّ.

ومن ذلك (المُكْلَنْدِد): الشَّديد.

ومن ذلك (كَرْسَفْتُ) عُرقوبَ الدّابّة. وهذا مما زيدت فيه الراء، والأصل كَسَفْتُ، وقد مر.

ومن ذلك (الكُرْدُوس)، وهي الخيل العظيمة. وهذه منحوتةٌ من كَلمٍ ثلاث: من كرد، وكرس، وكدس، وكلُّها يدل على التجمُّع. والكَرْد: الطَّرد، ثم اشتُقَّ من ذلك فقيل لكلِّ عظمٍ عَظُمت نَحْضَتُه([1]): كُرْدوس. ومنه كُرْدِس الرّجُل: جُمِعت يداه ورجلاه.

ومما لعلَّه أن يكون موضوعاً وضعاً من غير قياس (الكِرْنافة): أصل السَّعَفَة الملتزقُ بجذع النَّخلة. يقولون: كَرْنَفَه، أي ضَرَبه، كأنَّه ضُرِب بالكِرنافة.

ويقولون: (الكِنْفِيرة): أرنبـة الأنـف. و(الكُرْتُوم): الصَّفاة. و(الكُمَّثْرى) معروف. و(الكِبريت): ليس بعربيّ. و(الكَمْتَرةُ([2])): مِشيةٌ فيها تقارب. و(الكَرْزَم) و(الكَرْزن): فأس. ويقولون إنَّ (الكَرَازِم): شدائد الدَّهر. وأنشد فيه الخليل:

* إنَّ الدُّهورَ علينا ذاتُ كِرزيمِ([3]) *

وأظنُّ هذا مما قد تُجُوِّز فيه، وأنَّه ليس من كلام العرب ومما لا يصلُح قَبولُه بَتَّةً.

وقالوا: (الكُنْدُش): العَقْعَق، يقولون "أخبَثُ من كُندش". وما أدري كيف يقبل العلماء هذا وأشباهَه. وكذلك قولهم: إنَّ (الكِربال): مِنْدَفُ القُطْن. ويُنشِدون:

* كالبُِرس طَيَّرهُ [ضربُ] الكَرابيلِ([4]) *

وكلُّ هذا قريبٌ في البُطلان بعضُه من بعض. والله أعلَم بالصّواب.

(تم كتاب الكاف)

ـــــــــــــــ

([1]) النحضة: القطعة الضخمة من اللحم. وفي الأصل: "لخصته"، وإنما اللخصة شحمة العين ولحم الثدي.

([2]) بالتاء المثناة، ويقال أيضاً "الكمثرة" بالثاء المثلثة.

([3]) صدره كما في اللسان (كرزم): * ماذا يريبك من خل علقت به *

([4]) التكملة من المجمل واللسان (برس، كربل). وصدره:

* ترمي اللثام على هاماتها قزعا *

 

كتاب اللاّم:

ـ (باب اللام وما بعدها في المضاعف والمطابق([1]))

(لم)  اللام والميم أصلُه صحيحٌ يدلُّ على اجتماعٍ ومقارَبَة ومُضامَّة. يقال: لَمَمْتُ شَعَثه، إذا ضممتَ ما كان من حالِهِ متشعِّثاً منتشِراً. ويقال: صخرةٌ ملَمْلَمَةً، أي صُلْبة مستديرة، وملمومة أيضاً. قال:

* ملمومة لَمَّاً كظهر الجُنْبُلِ([2]) *

ومن الباب ألمَمْتُ بالرّجُلِ إلماماً، إذا نزلتَ به وضامَمْتَه. فأمَّا اللَّمَم فيقال: ليس بمواقَعَة الذّنْب، وإنَّما هو مقاربتُه ثم ينحَجِزُ عنه. قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالفَوَاحِشَ إلا اللّمَمَ} [النجم 32]، ويقال: أصابت فلاناً من الجنّ لَمَّة، وذلك كالمَسِّ. قال:

* أُعِيذُه من حادثاتِ اللمَّهْ([3]) *

ومن الباب اللِّمَّة، بكسر اللام: الشَّعَْر إذا جاوَزَ شحمةَ الأذنين، كأنَّه سمِّي  بذلك لأنّه شامَّ المَنكِبَين وقارَبَهما. وكتيبة ملمومة: كَثُر عددُها واجتمع المِقْنَب فيها إلى المِقْنب. والمُلِمَّة: النَّازلة من نَوازِل الدُّنيا. فأمَّا العين اللاَّمَّة([4])، فيقال: الأصل مُلِمَّة، لمّا قُرِنت بالسّامّة قيل لامَّة، وهي التي تُصيب بالسُّوء. وهو ذلك القياس.

فأمَّا "لم" فهي أداةٌ يقال أصلها لا، وهذه الأدواتُ لا قياسَ لها.

(لن)  اللام والنون. كلمةٌ أداة، وهي لن، تنفي الفعل* المستقبل وذكر عن الخليل أنّ أصل لنْ لا أَنْ.

(له)  اللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على رِقَّة في شيءٍ وسَخافة. من ذلك اللَّهْلَه: الثَّوب الرديء النَّسج، وكذلك الكلام والشِّعر. ومن ذلك اللُّهْلُه: السَّراب المطَّرد([5]). قال:

* ومخفِقٍ مِن لُهْلُه ولُهْلُهِ([6]) *

والجمع لهالِهُ.

(لو)  اللام والواو كلمةٌ أداة، وهي لو، يُتمنَّى بها. وأهل العربية يقولون: لو يدلُّ على امتناع الشيء لامتناع غيره، ووقوعهِ لوقوع غيرهِ. نحو قولهم لو خرج زيد لخرجت. فإذا جعلت لو اسماً شدّدت، يقال أكثرتَ من اللَّوِّ. أنشد الخليل:

ليتَ شعري وأين منِّيَ ليتٌ *** إنَّ لَيتاً وإنَّ لَوَّاً عناءُ([7])

([لأ])  وأما اللام والهمزة فيدلُّ على صفاء وبريق. من ذلك تلألأت اللُّؤلؤة، وسمِّيت لأنَّها تَلأْلأ. والعرب تقول: "لا أفعله ما لألأت الفُور بأذنابها" أي ما حرّكَتْها ولَمَعَتْ بها.

(لب)  اللام والباء. أصلٌ صحيح يدلُّ على لزومٍ وثبات، وعلى خلوص وجَوْدة.

فالأوَّل ألَبَّ بالمكان، إذا أقام به، يُلبُّ إلبابا. ورجلٌ لَبٌّ بهذا الأمر، إذا لازَمه وحكى الفرّاء: امرأةٌ لَبَّةٌ: مُحِبَّةٌ لزوجها، ومعناه أنَّها ثابتة على وُدِّه أبداً. ومن الباب التلبية، وهو قوله: لَبَّيْك. قالوا: معناه أنا مقيمٌ على طاعتك. ونُصِب على المصدر، وثنّي على معنى إجابةً بَعْد إجابة. واللّبيب: المُلبِّي. قال الشَّاعر([8]):

فقلت لها فِيئي إليكِ فإنَّني *** حرامٌ وإنِّي بعدَ ذاكِ لبيبُ

أي مُحْرِم مُلَبٍّ، ومن الباب لبْلَبَ من الشَّيء: أشفق، فهو ملبلب. وقال:

* مِنّا المُلَبلِبُ والمشبِلُ([9]) *

ويكون ذلك من الثَّباتِ على الوُدّ.

والمعنى الآخر اللُّب معروف، من كلِّ شيء، وهو خالصه وما يُنتَقَى([10]) منه، ولذلك سمِّيَ العقلُ لُبَّاً. ورجل لبيب، أي عاقل. وقد لَبَّ يلبُّ([11]). وخالصُ كلِّ شيء لُبابُه.

ومن الباب اللَّبَّة، وهو موضعُ القلادة من الصدر، وذلك المكانُ خالص. وكذلك اللَّبَب([12]). يقال: لببتُ الرّجُل: ضربت لَبَّتَه. ويقولون للمتحزِّم: متلبِّب، كأنَّه شدَّ ثوبَه إلى لَبَّتِه مشمِّراً. ولَبَبُ الفرسِ معروف. وعلى معنى التشبيه اللَّبَب من الرَّمل: ما كان قريباً من جبل متّصلاً بسهل. قال:

بَرّاقة الجيدِ واللّباتُِ واضحةٌ *** كأنَّها ظبيةٌ أفضَى بها لَبَبُ([13])

ومما شذَّ عن هذا قولهم: إن اللَّبَاب: الكلأ. واللَّبلاب: نَبْت.

(لت)  اللام والتاء كلمةٌ واحدة. يقال: لتَّ السّويقَ بالسَّمْن يلُتُّه لَتَّاً، والفاعل لاتٌّ. وذُكر عن ابن الأعرابيّ: لُتَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا قُرِن به. فإن صح فهو من باب الإبدال، كأنَّ التاء مبدَلة من زاء.

(لث)  اللام والثاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على إقامةٍ ودوام. يقال: ألثَّ المطر، إذا دام، والإلثاث: الإقامة. ولثلث بمعنى ألَثَّ. قال:

* لا خيرَ في وُدِّ امرئٍ ملثلِث([14]) *

أراد المتردِّدَ الذي لا خير فيه. وهو الذي يُلثلِِِث عن إقامة الودّ. ويقال: لثلثته عن حاجته: حبَستُه. وتَلثلثَ الرّجُلُ في الدَّقعاء([15]): تمرَّغَ.

(لج)  اللام والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّد الشيءِ بعضه على بعض، وترديد الشيء. من ذلك اللَّجاج، يقال لَجَّ يَلَجُّ، وقد لجِجتَ على فَعِلت لَجَجاً ولَجَاجاً. ومن الباب لُجُّ البحر، وهو قاموسُه، وكذلك لُجَّته، لأنَّه يتردَّد بعضُه على بعض. يقال التجَّ البحرُ التجاجاً. وفي الحديث: "مَن ركِب البحر إذا التجَّ فقد بَرِئتْ منه الذّمّة". والسَّيف يسمَّى لُجّاً، وإنَّما هذا على التشبيه، كأنَّه فُخِّم أمره فشبِّه بلُجّ البحر، ومن ذلك حديث طلحة: "فقدَّمُوا فوضعوا اللُّجَّ على قَفيَّ([16])". ويقال: لجلجَ الرّجُل المُضْغَة في فيه، إذا ردَّدها ولم يُسغْها. قال زهير:

يلجلجُ مُضغةً فيها أنيض *** أصَلَّتْ فهي تحت الكشحِ داءُ([17])

واللَّجلاج: الذي يلجلِجُ في كلامه لا يُعرِب. واللَّجَّة: الجَلبَة. قال أبو النَّجم:

* في لَجَّةٍ أمسِكْ فُلاناً عن فُلِ([18]) *

ويقولون: في فؤادِ فلانٍ لَجاجَةٌ، وهو أن يَخْفُِقَ لا يسكن من الجوع. وهو من* اللَّجَاجِ، واللَّجاجُ الظَّلام: اختلاطه، وهو مشبَّه بالتجاج البحر. ويستعار هذا فيقال عين مُلْتجَّة: شديدة السَّواد.

(لح)  اللام والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةٍ ومُلازَّة. يقال: ألَحَّ على الشَّيءِ إلحاحاً، إذا أقبَلَ عليه ولم يَفتُر. ويقال: لَحِحَتْ عينُه، إذا التصقَتْ([19]). ومنه قولهم: هو ابنُ عَمِّه لَحَّاً، أي لاصق النَّسب. والمِلْحاح: القَتَبُ يَعَضُّ على غارب البعير. ويقال ألحّ السّحابُ، إذا دامَ مطرُه. وقال في القَتَب:

* ألَحَّ على أكتافِهِمْ قَتَبٌ عُقَرْ([20]) *

ويقال: تَلحلحَ القومُ، إذا أقاموا مَكانَهم لم يبرحوا. قال:

* أقاموا على أثقالِهِمْ وتلَحْلَحُوا([21]) *

ويقال: مكانٌ لاَحٌّ: ضيِّق. ورَحَىً مِلحاحٌ على ما تطحنه. ويقال: ألحَّ الجمل، كما يقال خَلأت النّاقة، وحَرَن الفرسُ، وذلك إذا لم يكد يَنْبعِثُ.

(لخ)  اللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاطٍ. يقال سكرانُ مُلْتَخٌّ، أي مختلط. والتَخَّ على القوم أمرُهم: اختلَط والتَخَّ عُشْبُ الأرض: اختلَط.

ومن الباب: لَخَّتْ عينُه، إذا دام دمعُها، ويكون ذلك من كِبَر. قال:

* وسال غَرْبُ عَينِه ولَخّا([22]) *

ومن الباب اللَّخْلخانيَّة: العُجْمة في المَنطِق.

(لد)  اللام والدال أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على خِصامٍ، والآخَر يدلُّ على ناحيةٍ وجانب.

فالأول اللَّدَد، وهو شِدّة الخُصومة. يقال رجلٌ ألَدُّ وقَوم لُدٌّ. قال الله تعالى: {وَتُنْذرَ بِهِ قَوْماً لُدَّاً([23])} [مريم 97]. واللَّديدان: جانِبا العُنُق وصَفحتاه. ولَدِيدا الوادي: جانِباه، ولذلك يقال: تَلدَّد، إذا التفتَ يميناً وشِمالاً متحيِّراً. واللَّدُود: ما سُقِيَ الإنسانُ في أحد شِقّي وجهِه من دواء. وقد لُدَّ، والتدَدْتُ أنا. قال ابنُ أحمر:

شرِبتُ الشُّكاعى والتَددْتُ ألِدَّة *** وأقبلتُ أفواهَ العروقِ المَكاوِيا([24])

ومن الباب قولهم: ما أجِدُ دون هذا الأمرِ مُحْتدّاً ولا مُلتدّاً، أي لا أجِدُ عنه مَعْدِلاً. وإذا عَدَل عنه فقد صار في جانبٍ منه. ومن الباب: ما زِلتُ أُلاَدُّ عنك، أي أدافِع، كأنَّه يَعْدِل بالشَّرِّ عنه.

ومما شذَّ عن هذا الباب: اللَّدُّ: الجُوَالِق، كذا قالوا، وأنشدوا:

* كَأنَّ لَدَّيهِ على صَفْحِ جَبَلْ([25]) *

ويمكن أن يقال هذا أيضاً لأنَّه يكون على جنب المحمول عليه إذا كانا عِدْلَين.

(لذ)  اللام والذال أصل صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على طِيبِ طعمٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّذّة واللَّذَاذَة: طيبُ طَعم الشَّيء. قال:

……………………………...............([26]).

واللَّذُّ: النَّوم في قوله:

* ولَذٍّ كَطَعم الصَّرخَدِيِّ([27]) *

قال الفرّاء: رجلٌ لذٌّ: حسنُ الحديث.

(لز)  اللام والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمة ومُلاصَقة. يقال: لُزَّ به، إذا لَصِق به لَزَّاً ولَزَازاً. ولازَزْتُه: لاصقته. ورجلٌ لِزَازُ خَصمٍ، إذا كان يُلازُّه ولا يَكُِعُّ عنه. والملزَّزُ: المجتمِعُ الخَلْق. واللَّزّ: الطَّعن. وهو من قياس الباب. واللَّزائز: ما اجتمع من اللَّحم في الزَّور مما يَلِي المِلاط. قال:

* ذي مِرفقٍ بانَ عن اللزائزِ([28]) *

ومن الباب كَزٌّ لَزٌّ، ويجوز أن يكون لَزٌّ إتباعاً.

(لس)  اللام والسين أصيل يدلُّ على لحس الشَّيء. قال ابنُ الأعرابيّ: اللَّسُّ: اللحس، ويقال: ألَسَّتِ الأرضُ، إذا طلَعَ أوّلُ نباتِها. قال: وسمِّي بذلك لأنَّ المال يَلُسُّه. ولسَّتِ الدابّةُ الخَلاَ بلسانها تَلُسُّه لَسَّاً. قال:

* قد اخضَرَّ من لسِّ الغَميرِ جحافُله([29]) *

ويقال لذلك النَّبات اللُّساسُ أيضاً. قال:

* في باقِلِ الرِّمثِ وفي اللُّساسِ([30]) *

(لص)  اللام والصاد أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَّةٍ ومقاربةٍ . من ذلك اللَّصَص، وهو تقارُب المَنْكِبَين، يكادان يمسَّان الأذُنين. والألَصُّ: المتقارب الأضراس أيضاً. ويقال لُصِّصَ البُنيانُ مثل رُصِّص. ويقال إنَّ الجبهة الضيِّقة اللَّصَّاء. واللَّصَّاء من الغنم: التي أقبلَ أحد قرنَيها على الوجه. ومن الباب اللِّصُّ، لأنَّه يلصَق بالشَّيء يريد أخْذَه. وفِعلُه اللَّصُوصية بفتح اللام([31]) *ويقال أرضٌ مَلَصَّةٌ: كثيرة اللُّصوص.

(لض)  اللام والضاد، ذكر الخليل أنَّ اللَّضْلاضَ: الدَّليل. قال: ولَضلَضَتُهُ: التفاتُه وتحفُّظه.

(لط)  اللام والطاء أُصَيلٌ صحيح، يدلُّ على مقارَبة ومُلازَمَة وإلحاح من ذلك قولهم: ألَطَّ الرّجل، إذا اشتدَّ في الأمر. ويقال لطّ به: لَزِمه. وكلُّ شيءٍ سُتِرَ بشيءٍ فقد لُطَّ به. ولَطَّت النّاقةُ بذَنبِها، إذا جعلَتْه بين فخِذَيْها في مَسِيرها. واللَّطُّ: قِلادةٌ من حَنْظلٍ، وسُمِّيت لَطَّاً لملازمتِها النَّحر. والجمع لِطَاط. واللِّطَاط: حرف الجبل. ومِلطاط البعير: حرفٌ في وسَط رأسِه. والمِلطاط: حافَة الوادِي، وسمِّي كلُّ ذلك لأنَّه ملازِمٌ لا يُفارِق. واللِّطْلِط: العجوز الكبيرة، لأنها ملازمةٌ لمكانها لا تكاد تبرح.

(لظ)  اللام والظاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَمَة. يقال: ألظَّ الرّجلُ بالشَّيء، إذا لازَمَه. وفي الحديث: "ألِظُّوا بياذَا الجلالِ والإكرامِ"، أي الزَموا هذا وأكثِروا منه في دعائكم. ويقال: ألَظَّ المطرُ: دام. ويقولون: الإلظاظ: الإشفاق على الشَّيء؛ وليس ببعيد القياسِ من الباب.

(لع)  اللام والعين أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابٍ وبَصْبصَة([32]). من ذلك اللَّعْلَع: السَّراب؛ ولعلعتُه: بَصبصتُه. وتَلعلع الشَّيء: اضطرَبَ حتَّى تكسَّر. ولَعْلعَ الكلبُ: دَلَع لسانَه. وامرأة لَعَّةٌ: خفيفة. وتلعلع من الجُوع: تضوَّر. واللَّعَاعة: بقلَة ناعمة. وألعَّتِ الأرضُ: أنبتَتَ اللُّعَاع؛ وتلعَّيتُ: أخذتُ اللعاع. وهذه الكلمةُ الأخيرة شاذة.

(لغ)  اللام والغين. ذكر بعضُهم: لَغْلغَ طعامَه: روَّاه بالدَّسَم.

(لف)  اللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تلوِّي شيء على شيء. يقال: لفَفْتُ الشّيءَ بالشّيء لفَّاً. ولففت عِمامَتي على رأسي. ويقال: جاء القومُ ومَن لَفَّ لَفَّهم، أي من تأشَّبَ إليهم، كأنَّه التفَّ بهم. قال الأعشى:

وقد ملأت قيسٌ ومن لَفَّ لَفَّها *** نُبَاكاً فَقوَّاً فالرَّجا فالنَّواعصا([33])

ويقال للعَيِيِّ: أَلَفُّ، كأنَّ لسانَه قد التفَّ، [و] في لسانه لَفَفٌ. والألفاف: الشَّجرُ يلتفُّ بعضه ببعض. قال الله تعالى: {وَجَنَّاتٍ ألْفَافاً} [النبأ 16]. والألَفُّ: الذي تَدانى فَخِذاه من سِمَنه، كأنَّهما التفَّتا؛ وهو اللفَف. قال:

عِِراض القَطَا ملتفّةٌ رَبَلاتُها *** وما اللُّفُّ أفخاذاً بتاركةٍٍ عَقْلا

ويقال للرّجُل الثَّقيل البطيء: ألَفُّ. واللَّفيف: ما اجتمعَ من الناس من قبائلَ شتَّى. وألَفَّ الرّجلُ رأسَه في ثيابه، وألفَّ الطائرُ رأسه تحت جناحِه. وحكى بعضهم: في الأرض تلافيفُ من عُشْب. ولفَفْتُه حقه: منعته.

(لق)  اللام والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياح وجَلَبة. من ذلك اللَّقلقَة: الصِّياح. وكذلك اللَّقلاق. واللَّقلَق: اللِّسان. وفي الحديث: "من وقِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبقَبِه وذَبْذَبِهْ فقد وُقي شِرَّةَ الشَّبابِ كلَّها". ولَقَّ عينَه، إذا ضرَبَها بيده، ولعلَّ ذلك للوَقع([34]) يُسْمَع. وأمَّا اللَّقْلَقة فالاضطراب، وهو قريبٌ من المقلوب، كأنَّه مُقَلقَل، وهو الذي لا يَقَِرُّ مكانَه. قال امرؤ القيس:

* بطرفٍ مُلَقْلَقِ([35]) *

(لك)  اللام والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على تداخُلٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّكِيك: اللَّحم المتداخِلُ في العِظام. واللُّكالِك: البعير المكتنِزُ اللَّحم. ويقال: التكَّ القومُ: ازدحموا. واللُّكِّيُّ: الحادر([36]) اللَّحيم.

ومما شذَّ عن الباب اللَّكيك([37]): شجرةٌ ضعيفة. وقال امرؤ القيس في اللَّحم اللكيك:

فظل صِحابِي يَشتَوُون بنَعْمةٍ *** يصُفُّون غاراً باللَّكِيك الموشَّقِ([38])

 ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "باب اللام والميم وما يثلثهما".

([2]) في الأصل: "الخيل" تحريف، وإنما هو الجنبل، وهو القدح الضخم. وأنشده في اللسان (لمم) منسوباً لأبي النجم العجلي، وفي (جنبل) بدون نسبة.

([3]) قائله عقيل بن أبي طالب، كما في اللسان (لمم). وبعده:

*ومن مريد همه وغمه*

قال في اللسان: "ووافق الرجز من غير قصد".

([4]) هي في حديث تعويذ الحسن والحسين: "أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن شر كل عين لامة".

([5]) في اللسان أن اللهله: الأرض الواسعة يضطرب فيها السراب.

([6]) لرؤبة في ديوانه 166 واللسان (لهله).

([7]) لأبي زبيد الطائي في الخزانة (3: 382) وسيبويه (2: 32) والأغاني (4: 183) ومثله في الأغاني  (19: 158) قول النمر بن تولب:

علقت لوا تكررها *** إن لوا ذاك أعيانا

([8]) هو المضرب بن كعب، كما في الصحاح واللسان (لبب) والتاج (بعد) والقالى (2: 171).

([9]) سبق الاستشهاد بالكلمتين الأخيرتين في (شبل). وهو جزء من بيت للكميت، وهو بتمامه كما في اللسان (لبب، شبل):

ومنا إذا حزبتك الأمور *** عليك الملبلب والمشبل

([10]) في الأصل: "يبتغي".

([11]) يقال من باب فرح وضرب، الأولى لأهل الحجاز والثانية لأهل نجد. ويقال أيضاً لببت تلب بضم باء الماضي وفتح لام المضارع. قال صاحب القاموس: ليس له نظير في كلامهم. قلت: أما قولهم في المضاعف عززت الشاة بضم الزاي، إذا قل لبنها، فليس نظيراً لهذا، لأن ماضيه تعز بضم العين لا فتحها. انظر ليس في كلام العرب لابن خالويه 9 واللسان (عزز).

([12]) في الأصل: "اللبيب"، تحريف.

([13]) لذي الرمة في ديوانه 3 واللسان (لبب).

([14]) لرؤبة في ملحقات ديوانه 171 واللسان (لثث). وليس شاهداً لما قبله، بل لما بعده. فاللثلثة في البيت معناها التردد.

([15]) الدقعاء، بالدال: عامة التراب، وقيل التراب الدقيق. وفي الأصل: "الرقعاء" بالراء، صوابه في المجمل واللسان.

([16]) في اللسان: "وفي حديث طلحة بن عبيد [الله]: إنهم أدخلوني الحش، وقربوا فوضعوا اللج على قفي".

([17]) وكذا ورد إنشاده في اللسان (لجج، أنض) مطابقاً لما مضى في (أنض)، ونبهت هناك على صواب روايته. انظر ديوان زهير 82.

([18]) أنشده في اللسان (لجج، فلن).

([19]) في الأصل: "التفت"، صوابه في المجمل واللسان.

([20]) للبعيث المجاشعي، كما في اللسان (لحح، عقر) وسبق إنشاده في (عقر). وصدره: * ألد إذا لاقيت يوماً بخطة *

([21]) لابن مقبل، في اللسان (لحح) وصدره: * بحي إذا قيل اظعنوا قد أتيتم *

([22]) اللسان (جلخ، لخخ) ومجالس ثعلب 451. وأنشده في أمالي الزجاجي 78 والخزانة (3: 104) رواية عن ثعلب. ونقل البغدادي نسبة الرجز إلى العجاج، وليس في ديوانه بل في ملحقاته 76. وفي الأصل: "وسار"، صوابه في المجمل والمراجع المتقدمة.

([23]) في الأصل: "لتنذر به"، تحريف. وهي الآية 97 من سورة مريم: "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا".

([24]) أنشده في اللسان (شكع، لدد، قبل).

([25]) أنشده في اللسان (لدد)، وكذا في المجمل.

([26]) بياض في الأصل، ولعله يعني قول الربيع بن ضبع، في أمالي القالي (3: 215) والخزانة (3: 106) وسيبويه (1: 106، 293):

إذا عاش الفتى مائتين عاماً *** فقد ذهب اللذاذة والفتاء

وقد سبق إنشاد هذا البيت في (فتي).

([27]) للراعي، وهو بتمامه كما في اللسان (صرخد، لذذ):

ولذ كطعم الصرخدي طرحته *** عشية خمس القوم والعين عاشقه

برفع "عاشقه" لأن قبله:

وسربال كتان لبست جديده *** على الرحل حتى أسلمته بنائقه

وروى في اللسان بيتاً آخر مجهول القائل عنده، وهو:

ولذ كطعم الصرخدي تركته *** بأرض العدى من خشية الحدثان

وأنشد بعده الجاحظ في الحيوان (1: 662) يعني كلباً:

ومبد لي الشحناء بيني وبينه *** دعوت وقد طال السرى فدعاني

([28]) لإهاب بن عمير، في اللسان (لزز). وأنشده في المجمل (لز).

([29]) لزهير في ديوانه 131 واللسان (غمر، لسس) والمخصص (10: 185). وصدره: * ثلاث كأقواس السراء وناشط *

([30]) أنشده في اللسان (لسس، هوس) والمخصص (10: 185).

([31]) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان.

([32]) في الأصل: "وبصبص".

([33]) ديوان الأعشى 109 ومعجم البلدان (نباك، النواعص).

([34]) الوقع: صوت الضرب. وفي الأصل: "للوقوع".

([35]) قطعة من بيت لـه ليس في ديوانه المطبوع. وفي اللسان: "وجلاها بطرف ملقلق". وقد وجدته في مخطوطتي دار الكتب برواية الطوسي، وخرابنداذ، وهو بتمامه:

رأى أرنباً فانقض يهوي أمامه *** إليها وجلاها بطرف ملقلق

([36]) في الأصل: "الحادل"، صوابه في المجمل.

([37]) لم يذكره في اللسان. وفي القاموس: "وكأمير: القطران، وشجرة ضعيفة، وموضع".

([38]) روي في ديوان امرئ القيس في مخطوطتي دار الكتب.

 

 

ـ (باب اللام والميم وما يثلثهما)

(لما)  اللام والميم والحرف المعتل كلمةٌ واحدة، وهي اللَّمَى، وهي سُمرةٌ في باطن الشَّفَة، وهو يُستحسَن([1]). وامرأةٌ لمياءُ. قال ذو الرُّمَّة:

لَمياء في شَفَتيْها حُوَّةٌ لَعَس *** وفي اللِّثاثِ وفي أنيابها شَنبُ([2])

يقال ظلٌّ ألمَى: كثيفٌ أسود. وممّا* شذَّ عن هذا اللُّمَةُ: التِّرْب، ويقال الأصحاب.

(لمأ)  اللام والميم والهمزة كلمتانِ تدُلاَّنِ على الاشتمال. يقولون: ألمأْت بالشَّيء، إذا اشتملتَ عليه فذهبتَ به. ويقال: تلمَّأَتْ عليه الأرضُ، إذا استوَتْ عليه. فأما قولهم: التُمِئَ لونُه، فيمكن أن يكون مِن هذا، ويمكن أن يكون من الإبدال، كأنَّ الهمزة بدل من العين، والأصل التُمِع.

(لمج)  اللام والميم والجيم. يقال: ما ذَاق لمَاجا، أي مَأْكَلا. ولَمَجَ الشَّيءَ: طَعِمَه. قال لبيد:

* يلمجُ البارِضَ([3]) *

(لمح)  اللام والميم والحاء أصلٌ يدلُّ على لَمْع شيء. يقال: لَمَح البرقُ والنّجمُ لَمْحاً، إذا لَمَعا. قال:

أُراقِب لمحاً من سُهيلٍ كأنَّه *** إذا ما بدا من آخِرِ اللَّيل يطرفُ([4])

ورأيت لَمْحة البَرْق. ويقولون: "لأُرِينَّك لمحاً باصراً"، أي أمراً واضِحاً([5]).

(لمز)  اللام والميم والزاء كلمةٌ واحدة، وهي اللَّمْز، وهو العَيب. يقال لَمَزَ يَلمِزُ لَمْزاً. قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ} [التوبة 58]. ورجل لَمَّازٌ ولُمَزَة، أي عَيَّاب.

(لمس)  اللام والميم والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تطلُّبِ شيء ومَسيسِه أيضاً. تقول: تلمّست الشّيءَ، إذا تطلَّبْتَه بيدك. قال أبو بكر بن دريد: اللّمس أصلُه باليد ليُعرَف مَسُّ الشّيء، ثم كثُرَ ذلك حتَّى صار كلُّ طالب مُلتمِساً([6]). ولَمَسْت([7])، إذا مَسِسْتَ. قالوا: وكلُّ مَاسٍّ لامس. قال الله سُبحانه: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء 43، المائدة 6]، قال قومٌ: أُريد به الجماع. وذهَبَ قوم إلى أنَّه المَسيس، وأنَّ اللَّمْس والملامَسة يكون بغير جماع. وأنشدوا([8]):

لَمَسْتُ بكفِّي كفّه أبْتَغِي الغِنَى *** ولم أدرِ أنَّ الجودَ من كفِّه يُعدِي([9])

وهذا شعرٌ لا يحتجُّ به. واللّمَاسَة([10]): الطَّلِبةُ والحاجة. ويقال: "لا يَمنَع يدَ

لامِس"، إذا لم تكن فيه منفعة ولا له دِفاع. قال:

* ولولاهمُ لم تَدفَعُوا كفَّ لامِسِ *

(لمظ)  اللام والميم والظاء أصيلٌ يدلُّ على نُكتةِ بَياض. يقال: به لُمْظة، أي نُكتةُ بياضٍ. وفي الحديث: "إنَّ الإيمانَ يبدو لُمْظَةً في القَلب، كلَّما ازداد الإيمان ازدادت اللُّمْظة". واللُّمْظة بالفَرَس: بياضٌ يكون بإحدى جَحفَلَتَيه. فأمَّا التلمُّظُ فإخراج بعضِ اللِّسان. يقال: تَلَمَّظَ الحيّةُ، إذا أخرج لسانَه كتلمُّظِ الآكلِ. وإنَّما سمِّي تلمُّظاً لأنَّ الذي يبدو من اللسان فيه يسيرٌ، كاللُّمظة. ويقولون: شَرِب الماء لَمَاظاً، إذا ذاقه بطرَف لسانِه.

(لمع)  اللام والميم والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إضاءةِ الشيءِ بسُرعة، ثم يقاس على ذلك ما يَجري مَجراه. من ذلك: لمَعَ البرقُ وغيرُه، إذا أضاء، فهو لامعٌ. ولَمَع السّيفُ وما أشبَهَ ذلك. ويقال للسَّرابِ يَلْمَعٌ. كأنَّه سمِّي بحركته ولمَعانه. ويشبَّه به الرّجُل الكَذَّاب. قال الشَّاعر:

إذا ما شكوت الحُبَّ كَيمَا تثيبَنِي *** بوُدِّيَ قالت إنَّما أنتَ يَلْمَعُ([11])

ويقال: ألْمَعَتِ النّاقةُ، إذا رفعَت ذنبها فعُلم أنَّها لاقح. قال الأعشى:

* مُلْمِعٍ([12]) *

وقال بعضهم: كلُّ حاملٍ اسودَّتْ حلمةُ ثَديِها فهي مُلْمِع. وإنَّما هذا أنَّه يستدَلُّ بذلك على حَمْلها، فكأنَّها قد أبانت عن حالها، كالشيء اللامع. واللِّماع: جمع لُمْعة، وهي البُقعة من الكَلأ. ويقولون - وليس بذلك الصحيح- إنَّ اللُّمعة([13]): الجماعةُ من النّاس. واللَّمَّاعة: الفَلاة. قال:

ولمَّاعةٍ ما بِها من عَلاَمٍ *** ولا أَمَراتٍ ولا نِهْيِ ماءٍ([14])

واللَّمَّاعة: العُقاب، لأنها تُلمِع بأجنحتها. فأمَّا قولهم: التمعتُ الشَّيءَ، إذا اختلستَه، فمحمولٌ على ما قلناه من الخفّة والسُّرعة. وكذلك ألْمَعَتْ به المنيَّةُ: ذهبت به. والألمعيُّ: الرّجُل الذي يظُنُّ الظنَّ فلا يكادُ يَكْذِب. ومعنى ذلك أنَّ الغائبات عن عينه كاللاَّمعة، فهو يراها. قال:

الألمعيُّ الذي يظنّ لكَ الظـ ***   ـنَّ كأنْ قَدْ رأى وقد سَمِعا([15])

(لمق)  اللام والميم والقاف ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس ولا تتقارب. فالأوَّل اللَّمْق، يقال لَمَقَه بيده، إذا ضربَه. والكلمة الثانية اللَّمْق، وهو المَحْو، يقال لَمَقَه، إذا محاه. قال يونس: سمعتُ أعرابياً يذكر مُصدِّقاً لهم قال: "فلَمَقه* بعد ما نَمَقَه"، كأنَّه محا كتاباً قد كان كتبه. والكلمة الثالثة: اللَّمَاق، يقال: ما ذُقت لَمَاقاً. قال:

كبرقٍ لاَحَ يُعجِبُ مَن رآهُ *** وما يُغْني الحوائمَ من لَمَاقِ([16])

(لمك)  اللام والميم والكاف كلمةٌ واحدة. يقال تَلمَّكَ الشَّيءَ، مثل تلمَّجَ، كأنَّه يتذوَّقُه. يقال: ما ذُقت لمَاكاً، أي شيئاً، كقولهم: ما ذقت لمَاجاً، وأصله أن يلوِيَ البعير لَحْيَيه. قال:

فلمَّا رآنِي قد حَمَمتُ ارتحالَه    *** تلَمَّكَ لو يُجدِي عليه التَّلمُّكُ([17])

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "وهي يستحسن"، وأثبت ما في المجمل.

([2]) ديوان ذي الرمة 5 واللسان (حوا، لعس، شنب).

([3]) البيت بتمامه كما في الديوان 15 طبع 1881 واللسان (لمج، برض، رجل):

يلمج البارض لمجا في الندى *** من مرابيع رياض ورجل

([4]) البيت لجران العود في ديوانه 14 والحيوان (3: 52/ 5: 598) والبيان (4: 40).

([5]) وكذا في اللسان، لكن في المجمل: "أي نظراً بتحديق شديد".

([6]) الجمهرة (3: 50).

([7]) يقال لمس يلمس، من بابي ضرب ونصر.

([8]) بدله في المجمل: "واحتج الشافعي بقول القائل".

([9]) البيت مما اختاره أبو تمام في الحماسة (2: 288)، وهو بيتين ثانيهما:

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى *** أفدت وأعداني فأتلفت ما عندي

وفي عيون الأخبار (1: 344): "دخل شاعر على المهدي فامتدحه فأمر له بمال، فلما قبضه فرقه على من حضر، وقال…". وأنشد البيتين، برواية: "وما خلت أن الجود"، و "وأعداني فبددت". وفي الأغاني (18: 94) أن ذلك الشاعر الذي دخل على المهدي هو عبد الله بن سالم الخياط، وأن المهدي أمر له بخمسين ألف درهم.

([10]) اللماسة، بضم اللام وفتحها.

([11]) أنشده في المجمل واللسان (لمع).

([12]) قطعة من بيت له في ديوانه 8 واللسان (لوع)، وهو:

ملمع لاعة الفؤاد إلى جحـ *** ـش فلاه عنها فبئس الفال

([13]) في الأصل: "لأن اللمعة". وفي المجمل: "ويقال اللمعة: الجماعة من الناس".

([14]) العلام: جمع علامة. والأمرات: جمع أمرة، وهي العلم.

([15]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 13 واللسان (لمع).

([16]) لنهشل بن حرى في اللسان (لمق) وإصلاح المنطق 432 برواية: "ولا يشفى".

([17]) أنشده في اللسان (حمم، لمك).

 

ـ (باب اللام والهاء وما يثلثهما)

(لهو)  اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على شُغْل عن شَيءٍ بشيء، والآخر على نَبْذِ شيءٍ من اليد.

فالأوَّل اللَّهْو، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلك عن شيء، فقد ألهاك.  ولَهَوتُ من اللَّهْو. ولَهِيتُ عن الشَّيء، إذا تركتَه لِغيره. والقياسُ واحدٌ وإنْ تَغيَّر اللفظُ أدنَى تغيُّر. ويقولون: إذا استأثَرَ الله تعالى بشيءٍ فالْهَ عنهُ، أي اتركْهُ ولا تشتغل به. وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: "الْهَ عنه". وكان ابنُ الزُّبَيرِ إذا سمِعَ صوتَ الرّعد لَهَىَ عن الحديث الذي يقول: تَرَكه وأعرَض عنه. وقد يُكنَى باللَّهو عن غيره. قال الله تعالى: {لَوْ أرَدْنا أن نَتَّخِذَ لَهْواً} [الأنبياء 17]. وقال الحسن وقَتادةُ: أراد باللَّهو المرأة. وقال قومٌ: أراد به الولد.

وأمَّا الأصل الآخر فاللُّهْوة، وهو ما يَطرحه الطّاحِن في ثُقْبَة الرَّحَى بيده، والجمع لُهىً، وبذلك سمِّي العَطاء لُهْوَة فقيل: هو كثير اللُّهَى. فأمَّا اللّهاة فهي أقصى الفمِ، كأنَّها شُبِّهَتْ بثُقْبةِ الرَّحَى، وسمِّيت لَهاةً لما يُلقَى فيها من الطَّعام.

(لهب)  اللام والهاء والباء أصلٌ صحيح، وهو ارتفاعُ لسان النَّار، ثم يقاسُ عليه ما يقاربه. من ذلك اللَّهب: لَهَب النَّار. تقول: التهبت التهاباً. وكلُّ شيءٍ ارتفع ضوؤُه ولمَعَ لمعاناً شديداً فإنَّه يقال فيه ذلك. قال:

رأيتَ مَهابةً وليوثَ غابٍ *** وتاجَ الملك يلتهبُ التهابا

ويقولون للعَطشان: لَهْبَان، وهذا على جهة الاستعارة، كأنَّ حرارةَ جوفه تَلتهب. ويقولون: اللَّهَب: الغُبار السَّاطع. فإن صحَّ فاستعارةٌ أيضاً. ويقال: فَرَسٌ مُلْهِبٌ، إذا أثارَ الغبار. وللفرس أُلْهُوب، اشتقَّ كلُّ هذا من الأوّل. قال امرؤ القيس:

فللزَّجْرِ ألهوبٌ وللسّاقِ دِرَّةٌ *** وللسَّوط منه وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ([1])

واللَّهَب واللُّهاب: اشتعال النّار، ويستعمل اللُّهاب في العَطَش، فأمَّا اللِّهب، وهو المَضيق بين الجبلين فليس من هذا، وأصله الصَّاد، وإنَّما هو لِصْب، فأُبدلت الصاد هاءً. وبنو لِهْبٍ: بطنٌ من العرب.

(لهث)  اللام والهاء والثاء كلمةٌ واحدة، وهي أنْ يَدْلَعَ الكلبُ لسانَه من العطش. قال الله تعالى: {إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف 176]، واللُّهَاث: حَرُّ العطَش. وهذا إنَّما هو مقيسٌ على ما ذكرناه من شأن الكلب.

(لهج)  اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على المثابرَة على الشَّيء وملازمتِه، وأصلٌ آخر يدلُّ على اختلاطٍ في أمرٍ.

يقال: لَهِجَ بالشَّيء، إذا أُغرِيَ به وثابَرَ عليه، وهو لَهِجٌ. والمُلْهِج: الذي لَهِجتْ فِصالُه برَضاعِ أمَّهاتِها فيَصْنَعُ لذلك أخِلّةً يشدُّها في خِلْفِ أمِّ الفصيل، لئلاَّ يَرتضِعَ الفصيل، لأنّ ذلك يؤلِمُ أنفه. وإيّاهُ أراد القائل([2]):

رَعَى بارِضَ الوَسميِّ حتَّى كأنَّما *** يَرَى بسَفَى البُهْمى أخِّلةَ مُلْهِجِ

وقولهم: هو فصيح اللَّهجة([3]) واللَّهَجَة: اللِّسانِ، بما ينطق به من الكلام. وسمِّيت لهجةً لأنّ كلاًّ يلهَجُ بلُغتِه وكلامه.

والأصل الآخَر قولُهم: لَهْوَجْتُ عليه أمرَه، إذا خلطتَه. وأصلهُ من اللَّبَن المُلْهَاجِّ، وهو الخاثر الذي يكاد يَرُوب. ويقولون: أمْرُهُم مُلْهاجٌّ. ومن الباب: لَهْوَجْتُ اللّحمَ، إذا لم تنضِجْه شيئاً، فكأنَّه مختلِطٌ بين النِّيِّ والنَّضيج. فأمَّا قولهم: لَهَّجْتُ القومَ، مثل لَهَّنْتُهم، فممكنٌ أن يكون من الإبدال، كأنَّ الجيمَ بدلٌ من النُّون.

(لهد)  اللام والهاء والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على إذلال ومُطامَنَة، من  ذلك لَهَّدْتُ الرّجُل، إذا دفَّعْتَه، فهو مُلَهَّدٌ ذَليل. واللَّهِيدُ: البعير يُصِيب جنبه الحِمْلُ الثَّقيل. وألهَدْت الرّجُلَ، إذا أمسكتَه وخلَّيتَ عليه آخَرَ يقاتلُه. وألْهَدْتُ بالرّجُل: أزْرَيتُ به.

(لهز([4]))  اللام والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على دَفْعٍ بيَدٍ أو غيرها أو رمي بوَتَر. قالوا: لهَزْتُ فلاناً: دفعتُه. ويقولون: اللّهْز: الضّرْب بجُمْع اليدِ([5]) في الصَّدر. ويقولون: لهَزَهُ القَتِير: فَشَا فِيه. ولَهزْتُه بالرُّمح في صَدرِه: طعنتُه. ولهَزَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أمِّه، إذا ضَرَبه برأسِه عند الرَّضاع. ويقال: بعيرٌ ملهوزٌ، إذا كان قد وُسِم في لِهزِمَتِه. قال:

مَرَّتْ بِراكبِ مَلهوزٍ فقال لها ***   ضُرِّي الجميحَ ومَسِّيهِ بتعذيبِ([6])

فأمّا قولُهم: فرسٌ ملهوزٌ، أي مُضَبَّر الخَلْق، فهو صحيحٌ على هذا القياس، كأنَّ لحمَه رُفِع مِن جوانبه حتَّى تداخَلَ. ودائرة اللاهِزِ: دائرةٌ في اللِّهزِمَة.

(لهس)  اللام والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على جِنْس من الإطعام. يقولون: لَهَسَ على الطَّعام: زاحَم حِرصاً. وما لَكَ عندي لَهْسَةٌ([7]) من طعام، أي لا كثير ولا قليل. قال ابن دريد: لَهَس الصبيُّ ثديَ أُمِّه: لطَعَه ولم يَمْصَصْه([8]).

(لهط)  اللام والهاء والطاء كلمةٌ. يقولون: لَهَطه بسهمٍ: رماه. ولَهَطَتِ المرأةَ فرجَها بالماء: ضَرَبَتْه.

(لهع)  اللام والهاء والعين كلماتٌ إن صحت تدلُّ على استرخاء وفَترة. من ذلك اللهِع من الرِّجال: المسترسل إلى كُلٍّ. يقال: لَهِعَ لهَاعَةً. وبه سُمِّي لَهِيعة. ويقال: هو الفاتر المُسترخِي. وقال بعضهم: تَلَهْيَعَ في كلامه: أفرَط.

(لهف)  اللام والهاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على تحسُّر. يقال: تلهَّفَ على الشَّيء، ولهِفَ، إذا حزِن وتحسَّر. والملهوف: المظلومُ يستغيث.

(لهق)  اللام والهاء والقاف كلمتانِ متباينتان.

فالأولى اللَّهق([9]): الأبيض؛ والثَّور الأبيضِ لِهَاق. قال الهذليّ:

* لَِهاقٌ تَلأْلُؤهُ كالهِلالِ([10]) *

والكلمة الأخرى قولهم: تَلَهْوَقَ الرّجُل: أظْهَرَ سخاءً وليس بسخِيّ.

(لهم)  اللام والهاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ابتلاعِ شيء، ثم يقاس عليه. تقول العرب: التَهَم الشَّيء: التَقَمه. ومن هذا الباب الإلهام، كأنَّه شيءٌ أُلقِيَ في الرُّوع فالتَهَمَه. قال الله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس 8]. والتَهَم الفصيلُ ما في ضَرع أمِّه: استوفاه. وفرسٌ لهِمٌّ: سَبَّاق، كأنَّه يلتهم الأرض. واللُّهَيْم: الدَّاهية، وكذلك أمُّ اللُّهيْم، وسمِّيت لعِظمها كأنَّها تَلْهَمُ ما تلقى. ويقولون للعظِيم الكافي: اللِّهَمّ ومن الباب اللُّهمُوم: الرّجُل الجَواد. وهذا على العِظَم والسَّعة.

(لهن)  اللام والهاء والنون كلمةٌ واحدة، اللُّهْنَةُ: ما يتعجَّله الرّجُل قبل غَدَائه. وقد تَلهَّن. ويقال بل اللُّهْنة: ما يُهديه الرّجلُ إذا قَدِم من سَفَره.

ـــــــــــــــ

([1]) ديوان امرئ القيس 85 واللسان (لهب).

([2]) البيت للشماخ في ديوانه 14 واللسان (لهج) والمخصص (7: 41). ورواية الديوان: "خلا فارتعى الوسمى".

([3]) في الأصل: "اللهج"، صوابه من  اللسان والقاموس، وفي القاموس: "اللهجة ويحرك: اللسان". واقتصر في المجمل على "اللهجة" بسكون الهاء.

([4]) وردت هذه المادة في الأصل بعد مادة ( لهق) ، ورددتها إلى مكانها هنا طبقاً للترتيب وموافقة لما جاء في المجمل.

([5]) جمع اليد: قبضتها. وفي الأصل: "بجميع"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) للجميح بن الطماح الأسدي. المفضليات (1: 32) واللسان (لهز).

([7]) كذا ضبط في الأصل والمجمل بفتح اللام. وفي اللسان: "لهسة بالضم مثل لحسة، أي شيء"، ونحوه في القاموس.

([8]) في الأصل: "أطعمه ولم يمصعه"، صوابه من الجمهرة (3: 52) وفيها: "إذا لطعه بلسانه ولم يمصصه".

([9]) يقال بفتح الهاء وكسرها. كما أن اللهاق بفتح اللام وكسرها.

([10]) لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان الهذليين (2: 176) واللسان (لهق). وصدره: * حديد القناتين عبل الشوى *

 

ـ (باب اللام والواو وما يثلثهما)

(لوي)  اللام والواو والياء أصلٌ صحيح، يدلُّ على إمالةٍ للشيء. يقال: لوَى يدَه يَلويها. ولوَى برأسِه: أمَالَه. واللَّوِيُّ: ما ذَبَل من البَقْل، وسمِّي لَوِيَّاً لأنَّه إذا ذَبَل التوَى ومال. واللِّواء معروفٌ، وسمِّي لأنَّه يُلوَى على رُمْحه. واللَّوِيَّة: ما ذُخِرَ من طعامٍ لغيرِ الحاضِرين، كأنَّه أُميل عنهم إلى غيرهم. وأَلْوَى بالشَّيء، إذا أشار به كاليد ونحوه. وألْوَى بالشَّيء: ذهبَ به، وكأنه أماله إلى نَفْسه. والألْوَى: الرّجُل المجتنِب المنفرِد، لا يزال كذلك، كأنَّه مالَ عن الجلساء إلى الوُحْدة. واللَّيَّاءُ، الأرض البعيدة من الماء، وسمِّيت بذلك لأنَّها كأنها مالت عن نَهْج الماء. ولواه دَيْنَه يَلوِيه لَيَّاً ولَيَّاناً، وهو الباب. قال:

تُطِيلِينَ لَيَّانِي وأنت مَلِيَّةٌ *** وأُحْسِنُ يا ذاتَ الوشاح التّقاضيا([1])

ولِوَى الرَّمْل: مُنْقَطَعُه. وألوَى القومُ، إذا بلغَوا لِوَى الرّمل. وسمِّي بذلك لأنَّ الريح تَلويه كيف شاءت. ويقولون: *أكثرتَ من الحيِّ واللّيّ([2]). قالوا: فالحيّ: الواضح من الكلام، و[الليّ]: الذي لا يُهتَدى له.

(لوب)  اللام والواو والباء كلمتانِ متباينتان، ويمكن أن يُحمل إحداهما على الأخرى.

فالكلمة الأولى: اللَّوْب واللُّوَاب: العطش، والفعل لابَ يلوب، وهو لائب.

والكلمة الأخرى اللاَّبَة، وهي الحَرَّة، والجمع لُوبٌ([3]). والذي يجمع بين الكلمتين أن الحَرَّة عطشَى، كأنَّها مُحترِقة.

(لوت)  اللام والواو والتاء لست أحُقُّ صحَّتَه، وليس هو من كلامهم عندي، لكنَّ ناساً زعموا أنَّه يقال: لاتَ يَلُوتُ، إذا أخبَرَ بغير ما سُئِل عنه. ويقولون: اللَّوْت: الكِتمان. وفيهما نظر.

(لوث)  اللام والواو والثاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على التواءٍ واسترخاءٍ ولَيِّ الشّيءِ على الشيء. يقال: لاثَ العِمامةَ يَلُوثها لَوثاً، ويقولون: إنَّ اللُّوثة: الاسترخاء، ويقولون: مَسٌّ من الجنون. قال:

إذاً لقَامَ بنصري مَعشرٌ خُشُنٌ ***عند الحفيظة إنْ ذو لُوثةٍ لانا([4])

والمَلاَثُ: الشَّيء الذي يُلاَث عليه الثَّوب. ويقولون: ناقةٌ ذاتُ لَوْثَة، أي كثيرة اللَّحمِ ضخمة الجِسم. وديمةٌ لَوثاءُ، تَلُوث النَّباتَ بعضَه على بعض. وقولهم: التاثَ في عمله: أبطأ، من هذا، كأنَّه التوَى واعوجَّ. والمَلاَثُ: الرّجُل الجليل تُلاثُ به الأمور، والجمع مَلاَوِث. قال:

هلاّ بكيت مَلاوِثاً *** من آلِ عبد مناف([5])

ويقال: إنَّ اللَّويثة: الجماعةُ من الناس من قبائلَ شتَّى، والمعنى([6]) أنَّهم التاثَ بعضُهم إلى بعض، أي مال.

(لوح)  اللام والواو والحاء أصلٌ صحيح، مُعظَمه مقاربةُ بابِ اللَّمعان. يقال: لاحَ الشَّيء يلوح، إذا لمَحَ وَلَمَع. والمصدر اللَّوْح. قال:

أراقِبُ لَوحاً من سُهيلٍ كَأنَّه *** إذا ما بدا من آخِرِ الليل يَطرِفُ([7])

ويقال: ألاحَ بسَيفهِ: لمَعَ به. وألاحَ البرقُ: أومَضَ. واللَّيَاح: الأبيض. قال ابنُ دريد في قول القائل([8]):

تُمسِي كألواح السِّلاح وتُضحي *** كالمهاةِ صبيحةَ القَطْرِ

إنَّ الألواح: ما لاح من السلاح، وأكثر ذلك السُّيوفُ.

ومن الباب لَوّحَهُ الحرُّ، وذلك إذا حرَّقه وسوّدَه حتَّى لاح من بُعدٍ لمن أبصَرَه. ومن الباب اللَّوح: الكَتِف. واللَّوح: الواحد من ألواح السَّفينة؛ وهو أيضاً كلُّ عظمٍ عريض. وسمِّي لَوحاً لأنَّه يلُوح. ومن الباب اللُّوح بالضم([9])، وهو الهواء بينَ السّماء والأرض.

ومن الذي شذَّ عن هذا الباب اللَّوح([10]): العطش: ودابَّةٌ مِلْواح: سريع العَطَش. ومما شذَّ عنه أيضاً قولهم: ألاَحَ من الشَّيء: حاذَرَ.

(لوذ)  اللام والواو والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على إطاقةِ الإنسان بالشيء مستعيذاً به ومتستِّراً. يقال: لاذ به يلوذ لَوْذاً ولاذَ لِياذاً، وذلك إذا عاذَ به من خَوْفٍ أو طَمَع ولاَوَذَ لِوَاذاً قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ

لِوَاذاً} [النور 63]. وكان المنافقون إذا أراد الواحدُ منهم مفارَقَةَ مجلسِ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لاذ بغيرِه متستِّراً ثم نهض. وإنما قال لواذاً لأنه من لاوَذَ وجعل مصدره صحيحاً، ولو كان من لاذ لقال لِياذاً، واللَّوْذ: ما يُطِيف بالجبل، والجمع ألواذ.

(لوز)  اللام والواو الزاء كلمةٌ، وهو اللَّوْز.

(لوس)  اللام والواو والسين كلمةٌ تدلُّ على شيءٍ من التطَعُّم. قالوا: اللَّوْس أن يَتتبَّع([11])الإنسانُ المآكِل. يقال: لاسَ يَلُوسُ لَوْساً. ويقولون: اللُّوَاسة: اللُّقْمَة. قال ابن دريد: لُسْتُ الشَّيءَ في فمي، إذا أدَرْتَه بلسانك([12]).

(لوص)  اللام والواو والصاد. يقولون: اللَّوْص: أن تُطالِع الشَّيءَ من خَلل سترٍ أو باب. يقال: لُصْتُه ألُوصُه لَوْصاً.

(لوط)  اللام والواو والطاء كلمةٌ تدل على اللُّصوق. يقال: لاط الشّيءُ بقلبي، إذا لَصِق. وفي بعض الحديث: "الولد أَلْوَطُ بالقَلْب([13])"، أي ألْصَق. ويقولون: هذا أمرٌ لا يَلْتَاطُ بصَفَرِي، أي لا يَلصَق بقلبي. ولُطتُ الحَوْضَ لَوطاً، إذا مَدَرْتَه بالطِّين.

(لوع)* اللام والواو والعين: اللَّوعة: الحُبّ. [و] يقال: رجلٌ لاعٌ هاعٌ، إذا كان جباناً.

(لوغ)  اللام والواو والغين. ذكر ابن دريد([14]) أن اللوْغ: أن تُدِير الشيءَ في فمك. يقال: لاغَه لَوْغاً.

(لوق)  اللام والواو والقاف كلمةٌ تدلُّ على تطييب شيءٍ. يقال: لَوَّقَ الطّعامَ، إذا طيَّبَه بإِدامه. ويقولون: اللُّوقة: الزُّبْدَة([15])، ويقال للمرأة، إذا لم تَحْظَ عند زوجِها: ما لاقَتْ، أي كَأنَّه لم يَستطِبْ صُحبتَها. ومن الباب: لاَقَتِ الدّواةُ وأَلقْتُها([16]).

(لوك)  اللام والواو والكاف كلمةٌ واحدة. يقال: لُكْتُ اللُّقْمةَ ألُوكُها لَوْكاً. وفلانٌ يَلُوكُ أعراضَ النّاس، إذا كان يغتابُهم.

(لوم)  اللام والواو والميم كلمتانِ تدلُّ إحداهما على العَتْب والعَذْل، والأخرى على الإبطاء.

فالأوَّل اللَّوْم، وهو العَذْل. تقول: لُمْتُه لَوْماً، والرّجلُ مَلوم. والمُلِيم: الذي يستحقُّ اللَّوْم. واللَّوْماء([17]): الملامة، ورجل لُوَمة: يلُوم الناس. ولُومة يُلام.

والكلمة الأخرى التلوُّم، وهو التمكُّث. ويقال: إنَّ اللاَّمَةَ: الأمرُ يُلاَم([18]) عليه الإنسان.

(لون)  اللام والواو والنون كلمةٌ واحدة، وهي سَحْنَة الشَّيء: من ذلك اللَّون: لونُ الشَّيء، كالحمرة والسواد، ويقال: تلوَّن فلانٌ: اختلفت أخلاقُه. واللَّوْن: جنسٌ من التَّمْر. واللِّينَة: النَّخلة، منه، وأصل الياء فيها واو. قال الله تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر 5]. والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لذي الرمة في ديوانه 651 واللسان (لوى) والاشتقاق 16.

([2]) ومثله الحو واللو.

([3]) مثله قارة وقور، وساحة وسوح.

([4]) البيت لقريط بن أنيف العنبري، ومقطوعته في أول حماسة أبي تمام.

([5]) أنشده في اللسان (لوث).

([6]) في الأصل:  "ومعنى".

([7]) البيت لجران العود في ديوانه 14.

([8]) هو ابن أحمر، اللسان (لوح) والجمهرة (2: 194).

([9]) وحكى اللحياني فيه الفتح.

([10]) هذا بالفتح والضم، والضم أعلى.

([11]) في الأصل: "يبيع". وفي اللسان: "لاس يلوس وهو ألوس: تتبع الحلاوات فأكلها".

([12]) الجمهرة (3: 51).

([13]) في المجمل: "وفي الحديث: الولد ألوط، أي ألصق بالكبد". وفي اللسان: "وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: إن عمر لأحب الناس إلي. ثم قال: اللهم أعز، والولد ألوط قال أبو عبيد: قوله والولد ألوط، أي ألصق بالقلب".

([14]) في الجمهرة (3: 150).

([15]) ويقال ألوفة أيضاً بفتح الهمزة. واقتصر عليها في المجمل.

([16]) في الأصل: "وألقيتها"، تحريف. وفي المجمل: "ومنه لاقت الدواة، إذا لصقت"، وهو تفسير مريب. وفي القاموس: "لاق الدواة يليقها ليقة وليقاً وألاقها: جعل لها ليقة وأصلح مدادها، فلاقت الدواة: لصق المداد بصوفها".

([17]) وكذلك اللومى، بالقصر، واللائمة.

([18]) في الأصل: "يدوم"، صوابه في المجمل واللسان.

 

ـ (باب اللام والياء وما يثلثهما)

(ليا)  اللام والياء والألف، يقال إنَّه شيءٌ من النَّبْت. يقولون: اللِّيَاء: شيءٌ كالحِمَّص شديدُ البياض. يقال للمرأة: كأنَّها لِيَاءة.

(ليت)  اللام والياء والتاء كلمتانِ لا تنقاسان([1]): إحداهما: اللِّيت: صَفْحة العُنق، وهما لِيتانِ. والأخرى اللَّيْت، وهو النَّقْص. يقال: لاتَه يَلِيتُه: نَقَصه. قال الله تعالى: {لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً} [الحجرات 14]. واللَّيْت: الصَّرف، يقال لاتَهُ يَلِيته. قال:

وليلةٍ ذاتِ دُجىً سريتُ *** ولم يَلِتْني عن سُراها ليتُ([2])

وليت: كلمة التَّمنِّي.

(ليث)  اللام والياء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قُوَّة خَلْق. من ذلك اللَّيث، قالوا: سمِّي بذلك لقُوّته وشِدّة أخْذِه. ومنه يقال: رجل مُلَيِّثٌ([3]).

واللَّيْث: عنكبوتٌ يَصِيد الذُّباب. فأمَّا اللِّيث بكسر اللام، فموضع. قال الهذليّ([4]):

مستأرِضاً بين بَطْنِ اللِّيثِ أيمنُهُ *** إلى شَمَنْصِيرَ غيثاً مُرْسَلاً مَعِجا

(ليغ)  اللام والياء والغين كلمة، يقولون: الألْيَغ: الذي لا يُبِين الكَلام. وأمّا قولهم: هو سَيِّغٌ ليِّغ، فإتباعٌ، للشَّيء السَّهل المنساغ.

(ليف)  اللام والياء والفاء كلمة، وهي اللِّيف، عربيَّة.

(ليق)  اللام والياء والقاف كلمتان: إحداهُما قولُهم: فلانٌ لا يُلِيق دِرهماً، أي لا يُبقِي. قال:

* كَفَّاك كَفٌّ لا تُليق درهما([5]) *

والأخرى قولهم: لا يَلِيقُ به كذا، كأنَّه لا يصلح له، ولا يلصق به، من لاقَ الدّواة يَلِيقها.

(ليل)  اللام والياء واللام كلمة، وهي اللَّيل: خِلافُ النهار. يقال ليلةٌ ولَيْلات. وأمَّا اللَّيالي… ([6]).

(ليم)  اللام والياء والميم. يقولون: اللِّيم. الصُّلح([7]). وأنشدنا علي بن إبراهيم القطان قال: أنشد ثعلب:

إذا دُعِيَتْ يوماً نُمَيرُ بنُ عامرٍ *** رأيتَ وجوهاً قد تبيَّنَ لِيمُها

(لين)  اللام والياء والنون كلمةٌ واحدة، وهي اللِّين: ضدُّ الخُشُونَة. ويقال: هو في لَيَانٍ من عَيش، أي نَعْمةٍ، وفلانٌ مَلْيَنَة، أي ليِّن الجانب.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "لا ينقاس".

([2]) نسبهما في إصلاح المنطق 153 إلى رؤبة، ونسب الثاني في المخصص (14: 20) إليه أيضاً. ووردا في اللسان (ليت) بدون نسبة. وليسا في ديوان رؤبة، ولم يذكرا في ملحقات ديوانه ولا ديوان العجاج.

([3]) كذا ضبط في الأصل بالكسر، ويوافقه ما في اللسان: "تليث الرجل واستليث وليث: صار كالليث". وفي اللسان أيضاً: "ورجل مليث- بكسر الميم وسكون اللام-: شديد العارضة وقيل شديد قوي". لكن في المجمل: "المليث" بتشديد الياء المفتوحة، وفسره بأنه البطيء، أو شديد الأخذ كالليث.

([4]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. ديوان الهذليين (2: 209) واللسان (معج، شمصر). وقد سبق في (3: 274).

([5]) بعده في اللسان (ليق) والإنصاف 236: *جوداً وأخرى تعط بالسيف الدما*

([6]) بياض في الأصل. وفي اللسان: "وقد جمع على ليال فزادوا فيه الياء على غير قياس. قال: ونظيره أهل وأهال. ويقال: كأن الأصل فيها ليلاة فحذفت". يعني أن مفردها وهو "ليل" أصله "ليلاة"، فحدث فيه الحذف، لكن أُبقي الجمع كما هو.

([7]) في المجمل: "الصلح بين الناس، والصلاح". وأنشد البيت التالي.

 

ـ (باب اللام والألف وما يثلثهما)

ويكون الألف منقلبةً عن ياء أو واو، ويكون أيضاً همزة.

(لاب)  اللام والألف والباء. اللاَّبَة: الحَرَّة، والجمع* لُوب. واللُّواب: العَطَش؛ لاب يلوب.

(لاع)  اللام والألف والعين، اللاَّعُ: الرَّجُل الجَبَان؛ يقال هاعٌ لاعٌ، وهائع لائع، أي جَبان.

(لأم)  اللام والألف والميم أصلان: أحدهما الاتِّفاق والاجتماع، والآخر خُلُق ردِيء.

فالأول قولُهم: لأَمْت الجُرْحَ، ولأَمت الصَّدْع، إذا سَدَدت. وَإذا اتَّفق الشّيئانِ فقد التأَما. وقال:

يظُنُّ الناسُ بالمَلْكَيـ *** ـنِ أنَّهما قد التأَما([1])

فإنْ تسمعْ بلأْمهما *** فإنَّ الأمر قد فَقِما

وأُرَى الذي أنشده ثعلبٌ في اللِّيم هو من هذا، وإنما ليَّن الهمزةَ الشاعرُ. ويقال: ريشٌ لُؤَامٌ، إذا التقى بطنُ قُذَّةٍ وظهرُ أخرى. ويقال إنَّ اللُّؤَمة([2]): جماعة أداةِ الفَدَّان، وإذا زُيِّنَ الرَّحلُ فجميع جَهازِه لُؤَمة.

ومن الباب الَّلأْمة: الدِّرع، وجمعها لُؤَمٌ، وهو على غير قياس. وسمِّيت لأمة لالتئامها. واستلأَمَ الرّجلُ، إذا لبس لأْمة. قال:

واستلأَمُوا وتلبَّبوا *** إنَّ التلبُّبَ للمُغيرِ([3])

والأصل الآخر اللُّؤْم. يقولون: إن اللَّئيم: الشَّحيح المَهينُ النَّفْس، الدَّنيُّ السِّنْخ. يقال: قد لَؤُم. والمِلأَم([4]): الذي يقوم بعُذر اللِّئام. فأمَّا اللام غير مهموزٍ فليس من هذا الباب، يقال إنَّ اللاّمَ: شَخْص الإنسان. قال:

مَهْرِيَّة تَخْطِرُ في زِمامِها *** لم يُبقِ منها السّيرُ غيرَ لامِها([5])

ويقال: اللاَّمُ: السهم، في قول امرئ القيس:

نَطعَنُهمْ سُلْكَى ومخلوجةً *** كَرَّكَ لامَيْنِ على نابلِ([6])

(لاه)  اللام والألف والهاء. لاه اسمُ الله تعالى، ثم أدخلت الألف واللام للتعظيم. قال:

لاَهِ ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ *** عنِّي ولا أنتَ دَيَّانِي فتَخزوني([7])

(لأو)  اللام والهمزة والحرف المعتلّ كلمتان: إحداهما الشِّدَّة، والأخرى حيوان.

فالأُولى: اللأْواء: الشِّدة. [و] في الحديث: "من كان له ثلاثُ بناتٍ فصَبَرَ على لأْوائهنّ كُنَّ له حجاباً من النّار". ويقولون: فعَل ذلك بعد لأْيٍ، أي شِدَّة. والتأَى الرَّجلُ: ساء عَيشُه. ومنه قول الشاعر([8]):

وليس يُغيِّر خِيمَ الكريم *** خُلوقةُ أثوابِهِ والَّـلأَى([9])

قالوا: أراد الَّلأْواء، وهي شِدَّة العَيش.

والآخر: الَّلأَى، يقال إنَّه الثَّور الوحشيّ، في قول الطِرمّاح:

كظهر الَّلأَى لو تُبتغَى رِيَّةٌ بها *** نهاراً لعنَّت في بُطون الشَّواجِنِ([10])

والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) البيتان للأعشى في ديوانه 204 واللسان (لأم). وأنشد ثانيهما في (فقم) بدون نسبة.

([2]) كذا ضبط في المجمل، ويؤيده ضبط القاموس بقوله "كهمزة"، وضبط في اللسان بسكون الهمزة.

([3]) للمتنخل بن الحارث اليشكري، في الحماسة (1: 203).

([4]) ومثله الملآم، بمد الهمزة. وأما الملئم كمحسن فهو اللئيم، والذي يأتي اللئام.

([5]) أنشدهما في اللسان (لوم).

([6]) ديوان امرئ القيس 149 واللسان (سلك، خلج، لأم)، وسبق في (خلج).

([7]) لذي الإصبع العدواني في المفضليات (1: 158، 160) واللسان (لوه، خزا)، وقد سبق في (خزو).

([8]) هو العجير السلولي اللسان (لأى).

([9]) في الأصل: "خلوقات ثوابه واللاأ". صوابه في اللسان والمجمل.

([10]) ديوان الطرماح 165 واللسان (شجن، لأى). وقد سبق في (شجن).

 

ـ (باب اللام والباء وما يثلثهما)

(لبث)  اللام والباء والثاء حرف يدلُّ على تمكُّث. يقال: لَبِثَ بالمكان: أقام. قال الله تعالى: {لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [يونس 45، الأحقاف 35].

(لبج)  اللام والباء والجيم كلمتان لا تنقاسان. فالأولى قولهم: لُبِجَ به، إذا صُرِع: وحَيٌّ لَبِيجٌ، للحيِّ إذا نَزَل واستقرَّ مكانَه. قال:

كأن ثِقالَ المُزْنِ بين تُضارعٍ ***    وشَابَةَ بَرْكٌ من جُذامَ لبيجُ([1])

والأخرى اللُّبْجَة([2]): حديدة ذات شُعَب، كأنَّها كفٌّ بأصابعها.

(لبخ)  اللام والباء والخاء. يقولون: اللُّبَاخِيّة: المرأة التامّة الخَلْق. قال الأعشى:

عَبْهَرة الخَلْق لُباخِيّة *** تَزِينه بالخُلُق الطاهرِ([3])

(لبد)  اللام والباء والدال كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تكرُّسِ الشَّيءِ بعضِه فوقَ بعض. من ذلك اللِّبْد، وهو معروف. وتلبَّدت الأرضُ، ولبَّدها المطر.وصار النَّاس عليه لُبَداً، إذا تجمَّعوا عليه. قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً}([4]) [الجن 19]. و { لُبَداً} أيضاً على وزن فُعَل، من ألبَدَ بالمكان، إذا أقام، والأسدُ ذو لِبْدة، وذلك أنَّ قَطيفَتَه تتلبَّدُ عليه، لكَثْرة الدِّماء التي يَلَغُ فيها. قال الأعشى:

كَسَتْه بَعوضُ القريتين قَطيفةً *** متَى ما تنَلْ من جلدهِ يتَلبَّدِ([5])

ويقولون في المثل: "هو أمْنَعُ من لِبدة الأسَد". ومن الباب: ألْبَدَ بالمكان: أقام به. واللُّبَد: الرّجلُ لا يفارِقُ منْزِلَه. كلُّ ذلك مقيسٌ على الكلمة الأولى.

ويقال: لَبَدَ بالأرض لَبودا. وألبَدَ البعيرُ، إذا ضرب بذنَبه على عجُزه وقد ثَلط عليه، فيصير على عَجُزه كاللِّبدة. ويقولون: ألْبَدَت الإبلُ، إذا تهيَّأت للسِّمَن، وكأنَّه شبِّه ما ظهر من ذلك* باللِّبدة. ويقولون: إنَّ اللَّبِيد: الجُوالق. يقال: ألبَدْتُ القِربةَ، إذا صيَّرتَها فيه.

(لبز)  اللام والباء والزاء كلمتان متقاربتا القياس. فاللبْز: ضربُ النَّاقة بجميع خُفِّها. قال:

* خبطاً بأخفافٍ ثِقالِ اللَّبْزِ([6]) *

واللَّبْز: الأكل الجيِّد.

(لبس)  اللام والباء والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على مخالَطَة ومداخَلة. من ذلك لَبسْتُ الثَّوبَ ألْبَسُه، وهو الأصل، ومنه تتفرَّع الفروع. واللَّبْس: اختلاط الأمر؛ يقال لَبَسْتُ عليه الأمرَ ألْبِسُه بكسرها. قال الله تعالى: {وللَبَسْنَا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ} [الأنعام 9]. وفي الأمر لَبْسَةٌ، أي لَيْسَ بواضح واللَّبْس: اختلاط الظَّلام ويقال: لابست الأمرَ أُلابِسُه. ومن الباب: اللباس، وهي امرأة الرّجُل؛ والزّوجُ لِباسُها. قال الجعديّ:

إذا ما الضَّجيعُ ثَنَى جِيدَها *** تدَاعَتْ فكانت عليه لباسا([7])

واللَّبُوس: كلُّ ما يُلبَس من ثيابٍ [و] دِرع. ولابَسْتُ الرّجلَ حتَّى عَرفْت باطنَه. ويستعار هذا فيقال: فيه مَلْبَسٌ، أي مُستمتَعٌ([8]) وبقيَّة. قال:

ألا إنَّ بعد العُدْم للمرء قُِنْوةً *** وبعدَ المشيب طولَ عُمرٍ وملبَسا([9])

ولِبْسُ الهودج والكعبة: ما عليهما من لِباسٍ، بكسر اللام.

(لبط)  اللام والباء والطاء أصَيلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط وصَرْع. يقال: لُبِط به، إذا صُرِع، ولَبَطَة: اسمُ رجل من هذا. والتَبَطَ الفرسُ، إذا جمَعَ قوائمه. والتَبَط الرّجلُ في أمره وتلبَّط، إذا تحيَّر. قال:

ذو مَناديحَ وذو مُلتَبَطٍ *** ورِكابي حيثُ وَجَّهتُ ذُلُلْ

(لبق)  اللام والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خَلْط شيء لتطييبه. يقال لبَقْتُ الطعام ولبَّقته، إذا ليَّنتَه وطيَّبتَه. ومن الباب اللَّبِق: الحاذِق بالشيء يَعملُه. ورجلٌ لبِقٌ ولبيق. والمصدر اللَّبَاقة. قال الشَّاعر([10]):

* لبيقاً بتصريف القناة بنانيا([11]) *

(لبك)  اللام والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْط شيء بشيء. يقال لَبَكتُ على فلانٍ الأمرَ ألْبِكه، إذا خلَطْتَه عليه. وسأل رجلٌ الحسن عن شيء فلم يبيِّنْ([12]) فقال: "لبَّكت عليَّ". ويقال: [لبكت]([13]) الطعام بعسل وغيره، إذا خلطتَهما. قال:

إلى رُدُح من الشِّيزَى مِلاءٍ *** لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ([14])

ومن الباب: ما ذقت عبَكةً ولا لَبَكة. يقولون: هي اللُّقمة من الحَيْس.

(لبن)  اللام والباء النون أصلٌ صحيح يتفرَّع منه كلمات، وهو اللّبن المشروب. يقال: لبنتُه ألبِنُهُ، إذا سقيته اللَّبن. وفلانٌ لابنٌ، أي عِنده لبن، كما يقال تامر. قال:

وغَرَرتَنِي وزعمتَ أنَّكَ *** لابنٌ بالصَّيفِ تامرْ([15])

والمُلبِنُ: الكثير اللَّبَن. وناقة لَبِنة: غزيرة. وإذا نَزَلَ لبنُها في ضرعها فهي مُلْبِن، وإن كانت ذاتَ لبنٍ فهي لَبُون، غزيرةً كانت أو بكيئة. ورجلٌ مَلبون، إذا سَفِه عن كثرة شُرب اللَّبَن. وأمَّا الفرس الملبون فالذي يُقْفَى باللَّبَن: يُؤثَر به. ويقال: كم لُبْنُ غنمِك ولِبْنُها، أي كم ذوات الدَّرِّ منها.

ومما شذَّ عن هذا الباب [اللَّبن]: وجَع العُنق من الوِساد، يقال رجل لَبِنٌ، إذا كان به ذلك الوجع. ومنه اللَّبِنة من الطِّين. قال ابن السكِّيت: هو أخوه بِلِبَان أمِّه، ولا يقال بلَبَن أمّه، إنَّما اللبن الذي يُشرَب. والذي أنكرَه ابن السِّكِّيتِ فغير مُنكر؛ لأنَّ ذلك مأخوذ من اللَّبن المشروب، كأنَّهما تلابَنا لِباناً، كما يقال تقاتلا قتالاً. وكان ينبغي أن يقول: هو من اللَّبَن، ولكنَّه لا يقال بلبن أمّه إنَّما يقال بِلبان أمِّه.

ومما يقارب هذا اللَّبَان: الصدر، بفتح اللام. واللُّبان: الكُندُرُ، كأنَّه لبنٌ يتحلَّب من شجرةٍ. والقياس فيه واحد. ومنه اللُّبَانة، وهي الحاجة. وقد يمكن أن يُحمل على البابِ بضربٍ من القياس، إلاَّ أنَّه إلى الشُّذوذ أقرب.

(لبأ)  اللام والباء والهمزة كلمتان متباينتان جدّاً. فاللَّبُؤَة: الأنثى من الأُسْد. والكلمة الأخرى اللِّبَأ: الذي يُؤكَل، مقصور مهموز. ويقال: ألْبَأتِ الشّاةُ ولدَها: أرضعته اللِّبأ*، والتبأها ولدُها. ولَبأْتُ القومَ: سقيتهم لِبَأ. وعِشارٌ مَلاَبِئُ، إذا دنا نِتاجُها.

ومما شذَّ عن هذا وهو قليل لبَّأْتُ، مثل لبَّيْت؛ وليس بأصل.

ـــــــــــــــ

([1]) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 55) واللسان (لبج).

([2]) وكذا ضبط في المجمل. ويقال "لبجة" أيضاً بالتحريك.

([3]) ديوان الأعشى 104 برواية: "تشوبه بالخلق".

([4]) هذه هي قراءة الجمهور بكسر ففتح. وقرأ مجاهد وابن محيصن وابن عامر بخلاف عنه. "لبدا" بضم ففتح. وقرأ الحسن والجحدري وأبو حيوة وجماعة عن أبي عمرو بضمتين. وقرأ الحسن والجحدري أيضاً بضم اللام وتشديد الباء المفتوحة. فهن أربع قراءات. تفسير أبي حيان (8: 353) وإتحاف فضلاء البشر 425.

([5]) ديوان الأعشى 132 برواية: "يتزند".

([6]) لرؤبة في ديوانه 64 واللسان (لبز).

([7]) في المجمل واللسان (لبس): "تثنت فكانت".

([8]) في الأصل: "ومستمع"، صوابه في المجمل.

([9]) لامرئ القيس في ديوانه 142. وأنشد عجزه في المجمل واللسان (لبس) بدون نسبة.

([10]) هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، في المفضليات (1: 156).

([11]) صدره:  * وكنت إذا ما الخيل شمصها القنا *

([12]) في المجمل: "سأل رجل الحسن عن شيء ثم أعاده بغير لفظ الأول".

([13]) التكملة من المجمل.

([14]) لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 27 واللسان (رجح، ردح، شيز، لبك، شهد). وقد سبق في (دور، شهد).

([15]) للحطيئة في ديوانه 17 واللسان (لبن). وقد سبق في (تمر).

 

ـ (باب اللام والتاء وما يثلثهما)

(لتج) اللام والتاء والجيم كلمة. يقولون: اللَّتْجان: الجائع. وامراةٌ لتجَى.‏

(لتخ) اللام والتاء والخاء. قال ابن دريد: اللَّتْخ مِثل اللَّطخ(1). والله أعلم.‏

(لتم) اللام والتاء والميم كلمة. يقال: لتَمَها، إذا طعنها في مَنْحَرها بشَفْرة.‏

(لتأ) اللام والتاء والهمزة كلمةٌ إن صحت. يقولون: لَتَأَه بسهم، إذا رماه به. ولَتَأ المرأةَ: نَكَحها. فأمَّا التي فمؤنث الذي. يقولون اللَّتَيَّا: الأمر العظيم، يقال وقع في اللَّتَيا والَّتِي. وهذا مما يقال إنَّ عِلْمَه دَرَج فلا يُعرَف له قياس.‏

(لتب) اللام والتاء والباء كلمةٌ تدلُّ على ملازمةٍ ومخالطة. يقولون: لتَبَ ثوبَه: لَبِسه. واللاتِب: المُلازِم للشَّيء لا يفارقُه. ويقولون: لَتَبَ في سَبلَةِ الناقة، إذا وجأ.‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "اللتخ واللطخ"، وصواب النص من الجمهرة (2: 7) والمجمل.‏

 

ـ (باب اللام والثاء وما يثلثهما)

(لثغ) اللام والثاء والغين. يقولون: اللُّثْغة في اللسان أن يقلب الرّاء غيناً والسِّين ثاء(1).‏

(لثق) اللام والثاء والقاف، كلمةٌ تدلُّ على ترطيب الماء والمطرِ الشَّيءَ. من ذلك اللَّثَق، وقد ألثَقَه المطرُ، إذا بَلَّه.‏

(لثم) اللام والثاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على مُصَاكَّةِ شيءٍ لشيءٍ أو مضامَّته له. من ذلك: لَثَمَ البعيرُ الحجارةَ بِخُفِّهِ، إذا صَكَّها. وخفٌّ مِلْثَمٌ: يصكُّ الحجارة. ومن المضامَّة اللِّثام: ما تُغطَّى به الشَّفةُ من ثوبٍ. وفلانٌ حسنُ اللِّثْمة، أي الالتثام. وخفٌّ ملثوم مثل مرثوم، إذا دَمِي. ومن الباب لَثِمَ الرّجُل المرأةَ(2)، إذا قبَّلها.‏

(لثي) اللام والثاء والحرف المعتل كلماتٌ تدلُّ على تولُّد شيء. من ذلك اللَّثى، وهي صَمغةٌ. ويقال للوسخ اللَّثَى. ويقولون: اللَّثَى: وَطْءُ الأخفاف إذا كان مع ذلك نَدىً من ماءٍ أو دم. قال:‏

* بِهِ مِن لَثى أخفافِهنَّ نجيعُ(3) *‏

ـــــــــــــــ

(1) انظر البيان (1: 34، 71).‏

(2) لثم، هذا، من باب سمع وضرب.‏

(3) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (لثى).‏

 

ـ (باب اللام والجيم وما يثلثهما)

(لجح)  اللام والجيم والحاء كلمة. يقولون: اللُّجْح: مكانٌ منخفِض في الوادي.

(لجذ)  اللام والجيم والذال. يقولون: لَجَِذَ الكلب الإناء: لَحِسَه.

(لجف)  اللام والجيم والفاء كلمةٌ تدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء. يقال: تلجَّفت البِئْرُ، إذا انْخسَفَ أسفلُها. قال: واللَّجَف: سُرّة الوادِي، وتشبَّه الشَّجَّة المنْفَهِقَة بذلك. قال:

* يَحجُّ مأمومةً في قَعْرِها [لَجَفٌ]([1]) *

(لجم)  اللام والجيم والميم كلمةٌ، وهي اللِّجام. يقال: ألجَمْتُ الفَرَس.

(لجن)  اللام والجيم والنون كلمتان: اللُّجَيْن: الفضَّة. واللَّجِينُ: حشيشٌ يُضرَب بالحِجارة حتى يتلجَّن، كأنَّه تغضّن. قال:

وماءٍ قد وردتُ لِوَصلِ أرْوَى *** عليه الطَّيرُ كالوَرَقِ اللَّجِينِ([2])

(لجأ)  اللام والجيم والهمزة كلمة واحدة، وهي اللَّجَأ والملجأ: المكان يُلتجَأ إليه. يقال: لجأت والتجأت. وقال في اللَّجَأ:

جاء الشِّتاءُ ولمَّا أَتَّخِذْ لَجَأَ *** يا حَرَّ كَفَّيَّ من حَفْر القراميصِ([3])

(لجب)  اللام والجيم والباء كلمتان متباينتان جدّاً.

فالأولى اللَّجَب: الجَلَبَة. يقال جيشٌ ذو لَجَب، وبحرٌ ذو لَجَب، إذا سُمِع اضطرابُ أمواجه.

والكلمة الأخرى: عَنْزٌ لَجْبَة، والجمع لِجَابٌ([4])، وهي التي ارتفع لبنُها. قال:

عَجِبَتْ أبناؤُنا من فِعلِنا *** إذ [نَبِيعُ] الخيل بالمعزَى اللِّجابِ([5])

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة مما سبق في (أم، حج) حيث ذكر في الحواشي نسبة البيت وتخريجه وعجزه: * فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *

([2]) البيت للشماخ في ديوانه 91 واللسان (لجن).

([3]) سبق البيت في (ربض) برواية أخرى. وفي الأصل: "ما خر كفي من حفر الكراميص"، تحريف.

([4]) ولجبات أيضاً، بالتحريك، كما في المجمل. وهذا الجمع الأخير غير قياسي، والقياس إسكان الجيم فيه لأنه صفة لا اسم، واعتذر سيبويه بأن من العرب من يقول شاة لجبة بالتحريك فجاء الجمع على قياسه. اللسان (لجب).

([5]) لمهلهل بن ربيعة، كما في اللسان (لجب). وأنشده في المجمل. وانظر الاشتقاق 213.

 

ـ (باب اللام والحاء وما يثلثهما)

(لحد)  اللام والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على ميلٍ عن استقامةٍ. يقال: ألْحَدَ الرّجلُ، إذ مال عن طريقةِ الحقِّ([1]) والإيمان. وسمِّي اللَّحدُ لأنّه مائلٌ في أحد جانِبَيِ الجَدَث. يقال: لحَدْت الميِّتَ وألحدت. والمُلْتَحَد: الملجأ، سمِّي بذلك لأنَّ اللاجئ يميل إليه.

(لحز)  اللام والحاء والزاء كلمةٌ تدلُّ على ضِيقٍ في الشَّيء. من ذلك المَلاَحِز، وهي المَضايق* ويقال: تلاحَزَ القومُ في القول، إذا تعاوصوا([2]). واللَّحِز: الرَّجل الضيِّق الخُلُق. قال:

ترى اللّحِزَ الشّحيحَ إذا أُمِرَّت *** عليه لمالِهِ فيها مُهِينا([3])

(لحس)  اللام والحاء والسين كلمةٌ تدلُّ على أخذِ شيءٍ باللسان. يقال: لَحِسَ الشّيءَ بلسانه لحْساً. ويقولون: ألْحَسَتِ الأرض: أنبتت. وهذا إنما يكون في أوَّل النّبات الذي لا يمكِن السّائمةَ جَزُّه، فكأنها تلْحسُه. ويقولون: رجل مِلْحَسٌ: يأخذ كلَّ ما قَدَر عليه من حِرصه. وفي كلامهم: "ألدُّ ألْيَسُ مِلْحَس([4])". ويقولون: "أسرع مِن لَحْس الكلب أنْفَه". ويقولون: "تركْتُ فلاناً بمَلاحِسِ البقرِ أولادَها([5])".

(لحص)  اللام والحاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على ضيقٍ في شيء. يقال: لَحِصَ يَلْحَصُ لَحَصاً. قال:

قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفا *** لم تلتحصني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ([6])

أي لم أنْشَبْ فيها. ولَحَاصِ فَعَالِ منه. ويقال: التحَصَت الإبرةُ، إذا انسَدَّ سَمُّها.

(لحظ)  اللام والحاء والظاء كلمتان متباينتان.

فاللَّحْظ: لحظُ العَين، ولِحَاظُها: مُؤْخِرُها عند الصُّدْغ.

والكلمة الأخرى اللِّحَاظ: ما يَنْسَحِي مع الرِّيش إذا سُحِي مع الجَنَاح.

(لحف)  اللام والحاء والفاء أصلٌ يدلُّ على اشتمالٍ وملازَمة. يقال: التَحَف باللِّحاف يلتحِف. ولاحَفَه: لازَمَه. وألْحَفَ السّائل: أَلَحَّ.

(لحق)   اللام والحاء والقاف أصلٌ يدلُّ على إدراكِ شيءٍ وبُلوغه إلى غيره. يقال: لَحِقَ فلانٌ فلاناً فهو لاحق. وألْحَقَ بمعناه. وفي الدعاء: "إن عَذَابك بالكُفَّار مُلْحِقٌ([7])"، قالوا: معناه لاحق. وربما قالوا: لَحِقْتُه: اتَّبَعْتُه، وألحقتُه: وصلت إليه. والمُلْحَق: الدعيُّ المُلصَق. واللَّحَق في التَّمرِ: [داءٌ يُصِيبهُ([8])].

(لحك)  اللام والحاء والكاف أصلٌ يدل على مُلاءَمة([9])ومُداخَلة. يقال: لُوحِكَ فَقَار النّاقة، فهو مُلاحَكٌ، إذا دَخَل([10]) بعضُه في بعض. ويقال ذلك في البُنْيان أيضاً.

(لحم)  اللام والحاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخُلٍ، كاللَّحمِ الذي هو متداخِلٌ بعضُه في بعض. من ذلك اللَّحْم. وسمِّيت الحربُ مَلْحَمةً لمعنيين: أحدهما تَلاحُمُ الناس: تداخُلُهم بعضهم في بعض. والآخر أنَّ القتلى كاللَّحْمِ الملْقَى.

واللَّحيم: القتيل. قال الهُذَليّ([11]):

فقالوا تركنا القومَ قد حَصِرُوا به *** فلا ريب أنْ قد كان ثَمَّ لَحِيمُ

ولَحْمة البازِي([12]): ما أُطعم إذا صاد، وهو لُحْمته. ولُحمة الثَّوب بالضم ولَحمتهُ أيضاً. ورجلٌ لَحِيم: كثير اللَّحم؛ ولاحِمٌ، إذا كان عنده لحم، كما يقال تامِر. وألْحَمْتُك عِرضَ فُلانٍ، إذا مكَّنتَه منه بشَتْمِه، كأنَّك جعلتَ له لُحمةً يأكلها. ويقال: لاحَمْتُ بين الشيئين ولاءمت بمعنىً. ورجلٌ لَحِمٌ: مشتهِي اللَّحم؛ ومُلحِمٌ، إذا كان مُطعِمَ اللَّحم. والشَّجَّة المُتَلاحِمَة: التي بلغَت اللَّحم. ويقال للزَّرْعِ إذا خُلِق فيه القَمح. مُلْحِم. ويقال لَحَمْتُ اللَّحمَ عن العظم: قشرتُه. وحَبْلٌ مُلاحَمٌ: شديدُ الفَتل.

(لحن)  اللام والحاء والنون لـه بناءان يدلُّ أحدهما على إمالةِ شيءٍ من جهته، ويدلُّ الآخَر على الفطنة والذَّكاء.

فأمَّا اللَّحْن بسكون الحاء فإمالة الكلامِ عن جهته الصحيحة في العربية. يقال لَحَن لحْنَا. وهذا عندنا من الكلام المولَّد، لأنَّ اللَّحن مُحْدَث لم يكن في العرب العاربة الذين تكلَّموا بطباعهم السَّليمة.

ومن هذا الباب قولهم: هو طيِّب اللحن، وهو يقرأ بالألحان؛ وذلك أنَّه إذا قرأ كذلك أزال الشَّيء عن جهته الصحيحة بالزِّيادة والنُّقصان في ترنُّمه. ومنه أيضاً: اللَّحْن: فَحْوى الكلام ومعناه. قال الله تعالى: {ولَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القَوْلِ} [محمد 30]. وهذا هو الكلام المُوَرَّى به المُزَالُ عن جهة الاستقامة والظُّهور.

والأصل الآخر اللَّحَن، وهي الفِطنة، يقال لَحِنَ يَلْحَنُ لَحْناً، وهو لحن ولاحن. وفي الحديث: "لَعَلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ بحُجّته من بعض".

(لحي)  اللام والحاء والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما عضوٌ من الأعضاء، والآخر قَِشْر شيء.

فالأولى اللَّحْي: العظم الذي تَنبت عليه اللِّحية من الإنسان وغيره، والنِّسبة إليه لَحَوِىّ. واللِّحية: الشعر، وجمعها لِحَىً([13])، وجمع اللَّحْي ألْحٍ([14]).

والأصل الآخر اللِّحاء، وهو قِشْر الشجرة، يقال لَحَيت العصا، إذا قشرتَ لحاءَها، ولَحَوتُها. فأمَّا في اللَّوْم فلحيت. وهو قياسُ ذاك، كأنَّه يريد قشره. والملاحمة كالمشاتمة. قال أوس في لَحَيْت العصا:

لَحَيْنَهم لَحْيَ العصا فطردنَهم ***   إلى سَنَةٍ قِرْدانُها لم تَحَلَّم([15])

(لحج)  اللام والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تضايق ونُشوب. يقال لَحِجَ بالمكان، إذا نَشِبَ فيه ولزِمه. والمَلاَحِج المَضَايق. ومنه لَحْوَجْتُ الخبرَ عليه، إذا خلَطتَه ولَحَّجْته مثل لَحْوجته، وذلك أن يُظهِرَ لـه غير ما في نفسه. ومن الباب المُلْتَحَج: الملجأ. قال الهذليّ([16]):

[حُبَّ الضَّريكِ تلادَ المالِ زرَّمَه *** فقرٌ ولم يتَّخِذْ في الناس مُلْتَحَجا([17])]

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "الحد".

([2]) في الأصل: "تغاوصوا"، صوابه في المجمل والقاموس. وفي اللسان: "إذا تعارضوا الكلام بينهم".

([3]) لعمرو بن كلثوم، في معلقته المشهورة.

([4]) هو في حديث أبي الأسود: "عليكم فلاناً فإنه أهيس أليس ألد ملحس".

([5]) في اللسان: "هو مثل قولهم بمباحث البقر، أي بالمكان القفر بحيث لا يدري أين هو".

([6]) لأمية بن أبي عائذ الهذلي، كما سبق في حواشي (بيص، حيص).

([7]) من القنوت، وكذا الرواية في المجمل واللسان. ويروى: "إن عذابك الجد". وانظر مجالس ثعلب 470 والمغني لابن قدامة (2: 153).

([8]) التكملة من المجمل.

([9]) في الأصل: "ملامة".

([10]) في المجمل: "دوخل".

([11]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي، كما سبق في حواشي (ريب).

([12]) بضم اللام وفتحها.

([13]) يقال بكسر اللام وضمها.

([14]) ويقال أيضاً في جمع اللحى: لحى ولحى بكسر اللام وضمها مع كسر الحاء وتشديد الياء.

([15]) ديوان أوس 27 واللسان (حلم، لحى) وسبق في (حلم).

([16]) في المجمل: "في قول الهذلي". والهذلي هذا هو ساعدة بن جؤية. ديوان الهذليين (1: 208).

([17]) ديوان الهذليين. وفي اللسان (لحج) بدون نسبة.

 

ـ (باب اللام والخاء وما يثلثهما)

(لخص)  اللام والخاء والصاد كلمةٌ واحدة، وهي اللَّخَص، وهو لحم الجَفْن. واللخَص: أن يكون الجَفْنُ الأعلى لَحِيماً. ورجلٌ أَلْخَص، وضَرْعٌ لَخِص: كثير اللَّحم. وقولهم لَخَّصْت الشَّيء، إذا بيَّنتَه، فهو من هذا، كأنَّه اللحم الخالصُ إذا أُبرِز.

(لخع)  اللام والخاء والعين كلمةٌ واحدة. قال ابن دريد: اللَّخَع: استرخاءٌ في الجِسْم([1]).

(لخف)  اللام والخاء والفاء كلمتانِ، إحداهما اللِّخاف، وهي حجارة بيض رقاق، واحدتها لَخْفَة، والأخرى قولهم: لَخَفَه بالسَّيف: ضَرَبه.

(لخم)  اللام والخاء والميم كلمةٌ واحدة، وهي لَخْمٌ: قبيلةٌ من اليمن. قال ابنُ دريد([2]): اشتقاقُه من لَخَُـم وجهُ الرّجُل، إذا كثُر لَحمُه وغلُظ. قال: وهو فعلٌ ممات لا يكادون يتكلَّمون به. واللُّخْم: سمكة.

(لخن)  اللام والخاء والنون كلمةٌ واحدةٌ، وهي اللَّخَن، وهو النَّتْن، يقال: لَخِنَ السِّقاء، إذا أنتَنَ. ومنه قولهم للأَمة: لَخْناء.

(لخي)  اللام والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على اعوجاجٍ في شيءٍ وميل. من ذلك الأَلْخَى، هو المعوجّ. ومنه اللَّخَا: كثرة الكلام في الباطل؛ يقال رجلٌ ألْخَى وامرأةٌ لَخْواء. وقد لَخِيَ لَخَاً، مقصور. ويقولون اللَّخْو([3]) نعت القُبُل المضطرِب. وعُقَابٌ لَخْواءُ، إذا طال مِنقارُها الأعلى الأسْفَلَ. وبعيرٌ ألخَى وناقة لَخْواء، إذا كانت إحدى ركبتيه أعظَمَ من الأخرى، ويقولون اللِّخاء([4]): التحريش، ويكون ذلك ميلاً عن أحد الجانبين. يقال: لَخيْتَ بي عِندَه، إذا حرَّشَه بك فكأنَّه مال عليك. والمِلْخَى: المُسْعُط، يسمَّى بذلك لأنَّه يكون في أحد الجانبين من الأنف([5]). [و] سمِّي غداءُ الصبِيِّ لِخاءً، وهو الخُبز المبلول.

(لخج)  اللام والخاء والجيم. يقولون: لَخِجَتْ عينه، إذا التزقت. واللَّخَج: أسْوأ الغَمَص، وليس هذا عندي مُشْبِهاً كلام العرب.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (2: 235).

([2]) الجمهرة (2: 242). وفي الاشتقاق 225: "واشتقاق لخم من الغلظ والجفاء".

([3]) ويقال أيضاً "اللخى" بالفتح والقصر كما في اللسان، واقتصر عليه في المجمل، كما اقتصر هنا على "اللخو".

([4]) والملاخاة أيضاً.

([5]) في الأصل: "الفم"، وهو سهو.

 

ـ (باب اللام والدال وما يثلثهما)

(لدس)  اللام والدال والسين كلماتٌ تدلُّ على لُصوق شيء بشيءٍ حتَّى يأخذَ منه. يقال: لَدَس المالُ النّباتَ، أي لَحِسه. ويقال لأوَّلِ ما يَطلُع مِن النَّبات اللَّدِيس، لأنَّ المال يلدُسه. ولُدِست النّاقةُ، أي رميت باللَّحم، كأنَّ السِّمَن لَمَّا لزِمَها كان كالشَّيء يَلصَق بالشَّيء. ولَدَسْتُ البعيرَ، إذا أنعَلْتَه. ويقال للفحولِ الشِّداد مَلاَدِس، لأنَّ كلَّ واحد منها يُلدَس بالآخر: يُعرَك([1]). والله أعلم بالصَّواب.

(لدغ)  اللام والدال والغين كلمة واحدة. يقال لُدِغ يُلدَغ، وهو ملدوغ ولديغ. ولدَغْتُه بكلمةٍ، إذا نزَغْتَه([2]) بها.

(لدم)  اللام والدال والميم أصلٌ يدلُّ على إلصاق شيءٍ بشيءٍ، ضرباً أو غيره، فاللدْم: ضرب الحجَر بالحجَرِ. قال:

ولِلفؤادِ وَجِيبٌ تحتَ أبهَرِهِ *** لَدْمَ الغلامِ وراءَ الغيْب بالحجَرِ([3])

والْتَدم النساءُ: ضرَبْنَ وجوهَهنَّ وصُدورهنَّ في المَنَاحة. واللَّدْم: ضربُكَ خُبْز المَلَّة. والملاديم: المرَاضيخُ يرضَخُ بها النَّوَى. والتدَمَتْ عليه الحُمَّى: لازمته. ولذلك يقال للحُمَّى: أمّ مِلْدَم. ويقولون: المُلَدَّم([4]) من الرِّجال: الأحمق. واللام في هذا مبدلةٌ من راء، [كأنَّه] كان متخرِّقاً فرُدِّم، أي رُقِّع.

(لدن)  اللام والدال والنون كلمةٌ واحدة. يقال للَّيِّن من القضبان لَدْنٌ. ولَدُنْ بمعنى لَدَى، أي عِندَ.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "يعتزل".

([2]) النـَّزغ، بالغين المعجمة: الطعن والنخس. وفي الأصل: "نزعته"، تحريف.

([3]) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (بهر، لدم). وأنشده في مجالس ثعلب 743.

([4]) وكذا ضبط في المجمل، وهو ما يقتضيه الكلام بعده. وضبط في القاموس "كمنبر"، وكذا في اللسان.

 

ـ (باب اللام والذال وما يثلثهما)

(لذع)  اللام والذال والعين يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الإحراق والحرارة. من ذلك اللَّذْع: لَذْع النار، وهو إحراقها الشَّيء، ويستعار ذلك فيقال: لذَعْتُه بلسانِي، إذا آذَيتَه أذىً يسيراً. ومنه قولهم جاء فلانٌ يتلذَّع، أي يتلفَّت يميناً وشِمالاً، كأنَّ شيئاً يقلِقُه ويُحرِقه.

ومن الباب اللوذَعِيُّ: الظَّريف، أي كأنَّه من حركته وكَيْسِه يُلْذَع. والتذَعت القَرْحة: فاحت([1])، لأنَّها تَلْتذِع وتلذَعُ صاحبَها.

(لذم)  اللام والذال والميم كلمةٌ تدلُّ على ملازمة شيءٍ لشيء. يقال لذِمْتُ الرّجل لَذْماً: لزمته. والمُلْذَمُ([2]): الرّجل المُولَع بالشَّيء. قال الهذليّ([3]):

 

ـ (باب اللام والزاء وما يثلثهما)

(لزق)  اللام والزاء والقاف ليس بأصلٍ، لأنَّه من باب الإبدال. يقال لَزِق الشّيء، بالشَّيء يلزَق، مثل لَصِق.

([لزك)  اللام والزاء والكاف([4])] ليس هو عندي بشيء. على أنَّهم يقولون: لزِك([5]) الجُرح، إذا استوى نباتُ لحمِهِ ولم([6]) يبرأْ. وهذا لا يشبهُ كلامَ العرب.

(لزم)  اللام والزاء والميم أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على مصاحَبة الشّيء بالشيء دائماً. يقال: لَزِمه الشَّيءُ يَلْزَمُه. واللِّزَام: العذاب الملازم للكُفَّار.

(لزن)  اللام والزاء والنون يدلُّ على ضِيقٍ في شيء أو تضايُقٍ. يقال: عَيْشٌ لَزْنٌ، أي ضيِّق. واللَّزْن: اجتماع القوم على البئر مزدحمين. يقال: مَشْرَبٌ لَزِْنٌ، إذا ازدُحِمَ عليه. والله أعلم بالصَّواب.

(لزأ)  اللام والزاء والهمزة كلمتان لعلّهما أن يكونا صحيحتين. يقولون: لَزَّأَ الإبلَ تَلزِئةً، إذا أحْسَنَ رِعْيتَها. ويقولون: لعَنَ الله أمّاً لزأت به، أي ولدَتْه.

(لزب)  اللام والزاء والباء يدلُّ على ثبوتِ شيءٍ ولُزومه. يقال: للاّزِمِ لازب. وصار هذا الشيءُ ضربةَ لازِبٍ، أي لا يكاد يفارِق، قال النابغة:

ولا يَحسَِبون الخيرَ لا شرَّ بعدَه *** ولا يَحْسَِبون الشَّرَّ ضربةَ لازِب([7])

واللَّزْبة: السّنَة الشديدة، والجمع لَزْبات([8]) كأنَّ القَحْط لَزَب، أي ثبت فيها.

(لزج)  اللام والزاء والجيم قريبٌ من الباب الذي قبله. يقال: لَزِجَ به، إذا غَرِيَ به ولازَمَه. والتلزُّج: تتبُّع البقولِ والرِّعْي القليل.

ـــــــــــــــ

([1]) فاحت: انتشرت، أو نفحت بالدم، وفي المجمل: "تاحت"، تحريف.

([2]) بضم الميم وفتحها.

([3]) المجمل: "وهو في شعر الهذلي". وانظر ديوان الهذليين (6: 228).

([4]) تكملة ضرورية، إذ أن الكلام بعدها إنما هو في (لزك) لا (لزق). وهو المطابق لما في المجمل والمعاجم المتداولة.

([5]) في الأصل: "لصق"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) وكذا في اللسان، وفي المجمل: "ولما".

([7]) ديوان النابغة 9 واللسان (لزب).

([8]) ولزبات على خلاف القياس. إذ أن اللزبة صفة لا اسم. ولم يذكر في القاموس واللسان هذا الجمع، أي بالتحريك، وذكر في المجمل.

 

ـ (باب اللام والسين وما يثلثهما)

(لسع)  اللام والسين والعين كلمةٌ واحدة. يقال: لَسَعتْه الحيّةُ تَلْسَعُه لَسْعاً. ويستعار فيقال: لسَعَه بلسانِه.

(لسم)  اللام والسين والميم ليس بأصلٍ. يقولون في باب الإبدال، ألْسَمْتُ الرّجُل الحُجّة: ألزَمْتُه إيّاها. وألسَمْتُه الطّريقَ: ألزمتُه إيّاه.

(لسن)  اللام والسين والنون أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على طول لطيفٍ غير بائن، في عضوٍ أو غيره. من ذلك اللِّسان، معروف، وهو مذكّر والجمع أَلْسُنٌ، فإذا كثر فهي الألسنة. ويقال لَسَنْتُه، إذا أخَذْتَه بلسانك. قال طرفة:

وإذَا تَلسُنُني ألسُنُها *** إنَّني لستُ بموهون غُمُر([1])

وقد يعبَّر بالرِّسالة عن اللسان فيؤنّث حينئذٍ. قال:

إنِّي أتَتنِي لسانٌ لا أُسَرُّ بها *** من عَلْوَ لا عجبٌ فيها ولا سَخَرُ([2])

واللَّسَنُ: جَودة اللِّسان والفَصاحة. واللِّسْن: اللُّغَة، يقال. لكلِّ قومٍ لِسْنٌ أي لغة. وقرأ ناسٌ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسْنِ قَوْمِهِ([3])} [إبراهيم 4].  ونعلٌ مُلَسَّنَةٌ: على صورة اللِّسان. قال كثير:

لهم أُزُرٌ حُمر الحواشِي يَطَوْنَها *** بأقْدامِهِمْ في الحَضْرميِّ الملَسَّنِ([4])

ويقولون: المَلْسُون: الكذَّاب. وهذا مشتقٌّ من اللِّسان، لأنَّه إذا عُرِفَ بذلك لُسِنَ، أي تكلَّمت فيه الألسِنة، كما قال:

* وإذا تلسُنُني ألسُنُها *

و(التَّلسِين): أن يُعِيرَ الرّجلُ [الرجُلَ([5])] فصيلاً لتدِرّ عليه ناقتُه، فإذا دَرَّت نُحِّيَ الفصيلُ. ومعناه أنَّه ذاق اللَّبنَ بِلسانه*. وقدَمٌ مُلَسَّنَةٌ، إذا كانت فيها لَطافةٌ وطُولٌ يسير.

(لسب)  اللام والسين والباء أصلٌ يدلُّ على إصابةِ شيءٍ لشيء بحِدّة. يقال: لَسَبَتْه العقربُ. ولَسِبْتُ العسلَ، إذا لَعِقْتَه. والقياس واحد، وفرِّق بينهما بالحركات. قال أبو زيد: لَسَبَه أسواطاً: ضربه. ويقولون، وهو من غير هذا. إنَّ اللَّسْبَ: الجَمْع([6]). ويقال لَسِب بالشَّيء، إذا لَزِق، وهو من الكلمة الأولى.

(لسد)  اللام والسين والدال. يقولون: لَسَِدَ العَسلَ: لَعِقَه.

(لسق([7])) اللام والسين والقاف ليس أصلاً، وأصله الصاد. يقال اللَّسَق: اللَّوَى([8]). وإذا التزقت الرِّئة بالجَنْب قيل لَسِقَ لَسَقاً. والأصل لصق.

قال رؤبة:

* وبَلَّ بَردُ الماءِ أعضادَ اللّسَقْ([9]) *

ـــــــــــــــ

([1]) الرواية المشهورة: بموهون فقر". الديوان 65 واللسان (لسن، وهن، فقر).

([2]) البيت لأعشى باهلة في جمهرة أشعار العرب 135 والخزانة (1: 92) والمواهب الفتحية  (2: 19)، واللسان (لسن، سخر).

([3]) هذه قراءة أبي السمال، وأبي الجوزاء، وأبي عمران الجوني، وقرأ أبو رجاء وأبو المتوكل والجحدري: "بلسن" بضم اللام والسين: جمع لسان. وقرئ أيضاً "بلسن" بالضم وسكون اللام. تفسير أبي حيان (5: 405).

([4]) أنشده في اللسان (لسن).

([5]) التكملة من المجمل.

([6]) وكذا في المجمل ولم يرد هذا  المعنى في اللسان ولا في القاموس.

([7]) كذا وردت هذه المادة، وحقها أن تكون بعد مادة (لسع) كما في المجمل، ولكني أبقيتها في موضعها محافظة على أرقام صفحات الأصل.

([8]) اللوى: وجع في الجوف.

([9]) ديوان رؤبة 108 واللسان (لسق). وفي الديوان: (اللزق).

 

ـ (باب اللام والصاد وما يثلثهما)

(لصغ) اللام والصاد والغين ليس بشيء. على أنّهم يقولون لصَِغ الجِلد(1): يَبس على العَظْم عَجَفاً(2).‏

(لصف) اللام والصاد والفاء كلمةٌ تدل على يُبْس وبريق. يقال: لصِفَ جلدُه لصَفاً، إذا لَزِق ويَبِس. ولَصَف يَلصُف، إذا بَرَق. وممَّا ليس من هذا اللَّصَفُ: شيءٌ ينبت في أصول الكَبَرِ، كأنّه خِيار، ولَصَافِ: جبلٌ.‏

(لصق) اللام والصاد والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةِ الشَّيء للشيء. يقال لَصِق به يَلصَق لُصُوقاً(3). والمُلصق: الدّعِيّ. وفلان بِلصْقِ الحائط وبِلزْقه(4). واللَّصَق في البعير كاللَّسَق، وقد فسَّرناه في بيت رؤبة.‏

(لصب) اللام والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضيقٍ وتضايق. فاللِّصْب: مَضِيقُ الوادي. ويقال لَصِبَ الجلدُ باللَّحمِ يَلْصَب، إذا لَزِق به. وفلان لَحِزٌ لَصِبٌ: لا يكادُ يعطِي شيئاً. ولَصِب الخاتَم في الإصبع: ضِدُّ قَلِقَ. ويقال إنَّ اللواصب: الآبار الضيِّقة البعيدة القَعْر. قال كثيِّر:‏

لواصب قد أصبحت وانطَوَتْ *** وقد طَوَّل الحيّ عنها لَبَاثا(5)‏

(لصت) اللام والصاد والتاء. يقولون: اللَّصْتُ: اللِّصّ.‏

ـــــــــــــــ

(1) ضبط في اللسان والقاموس: "كمع". وفي المجمل بكسر الصاد.‏

(2) في الأصل: "عجيفاً"، صوابه من اللسان.‏

(3) في الأصل: "لصقا"، صوابه في اللسان. وأما اللصق بالتحريك، فهو مثل اللسق، وقد تقدم ذكره.‏

(4) أي بجنبه. وفي الأصل: "يلصق الحائط ويلزقه"، تحريف.‏

(5) اللباث، بالفتح: اللبث والمكث.‏

 

ـ (باب اللام والطاء وما يثلثهما)

(لطع)  اللام والطاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على انكشافِ شيءٍ عن شيء، وعلى كَشْفه عنه. يقال: لَطَع الإنسان الشّيءَ بلسانه يَلطَعُه، إذا لَحِسَه.

واللَّطَع: بياضٌ في باطِن الشَّفَة، وذلك انكشافُ اللَّمَى عنها. وأكثر ما يعتري ذلك السُّودان. قال ابن دريد: عجوزٌ لَطْعاء تحاتَّت أسنانها.

قال: واللَّطعاء: القليلة لحم الفَرج([1]).

(لطف)  اللام والطاء والفاء أصلٌ يدلُّ على رِفق ويدلُّ على صغَر في الشيء. فاللُّطف: الرِّفق في العَمل؛ يقال: هو لطيفٌ بعباده، أي رؤوف رفيق. ومن الباب الإلطاف للبعير، إذا لم يَهتدِ لموضع الضِّرابِ فأُلْطِفَ له.

(لطم)  اللام والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاصقة شيءٍ لشيء، بضربٍ أو غيره. من ذلك اللّطم: الضَّرب على الوجه بباطن الرَّاحة. ويقال لطَمه يَلْطِمه. والتطمت الأمواج، إذا ضَرَبَ بعضُها بعضاً. واللطيم من الخيل: الذي يأخذُ البياضُ خَدَّيْه، ويقال هو أنْ يكون البياضُ في أحدِ شِقَّيْ وجهِه، كأنَّه لُطِم بذلك البياضِ لَطْماً. واللَّطيم: الفَصِيل، إذا طلع سهيل أخذه الراعي وقال: أترى سُهيلاً، والله لا تذوق عندي قَطرةً. ثمَّ لطمه ونحّاه. ويقال اللَّطِيم: التاسع من سوابق الخَيل، كأنّه لطم عن السَّبَق. والملَطَّم: الرّجُل اللّئيم، كأنَّه لُطِم حتَّى صُرِف عن المكارم. والمِلْطَم: أديم يفرش تحت العَيْبة لئلاَّ يُصيبَها التُّراب. قال:

*  شقّ المعيث في أديم المِلْطَمِ([2]) *

فأمَّا اللَّطيمة فيقال: السُّوق. قالوا: وهي كلُّ سوقٍ لا تكون لميرَة. وقال آخرون: اللَّطِيمة للعِطْر. وقال بعضهم: اشتقاقُها من اللَّطْم، وذلك أنّه يباع فيها الطِّيب الذي يسمَّى الغالِية. قال: وهي تُلطم، لأنَّها تَضرَب عند الخلط.

(لطا)  اللام والطاء والحرف المعتل كلمةٌ واحدة، وهي المِلْطاة، في الشِّجاج، وهي السِّمحاق التي بلغت القشرة* الرقيقة. قال أبو عُبيد: أخبرني الواقديّ أنَّ السِّمحاق عندهم المِلطاء. قال أبو عبيد: يقال هي المِلطاة بالهاء. فإن كانت على هذا فهي في التقدير مقصورة. وقال تفسير الحديث الذي جاء "إن المِلطاةَ بدمها": معناه حين يُشَجُّ صاحبُها يؤخذ مقدارُها تلك السّاعَة ثم يقضَى فيها بالقِصاص أو الأرْش، لا يُنظَر إلى ما يحدث فيها بعد ذلك من زيادةٍ أو نقصان. قال: وهذا قولهم، وليس قولَ أهل العراق. واللَّطاة: دائرة تكون في جَبْهة الفَرَس.

وإذا همز قيل لَطِئتُ ألطأ([3])

(لطح)  اللام والطاء والحاء كلمةٌ واحدة. اللَّطْح: الضَّرب بباطن الكفّ ليس بالشَّديد([4]). وفي الحديث عن ابن عباس: "فجَعَلَ يَلطَح أفخاذَنا ويقول أُبَيْنِيَّ([5]) لا ترموا جَمرةَ العقبة حتَّى تطلُع الشَّمس".

(لطخ)  اللام والطاء والخاء أُصَيلٌ واحدٌ يدلُّ على عَرِّ شيء بشيء. منه يقال: لَطَخْتُ الشَّيءَ بالشيء. وسَكرانُ مُلْطَخٌّ([6])، أي مختلط. وفي السماء لَطْخٌ من السَّحاب، أي قليل. ولُطِخ فلانٌ بشيءٍ: عِيبَ به. قال ابن دُريد([7]): وهو ملطوخٌ بالشّرّ وملطوخُ العِرْض. والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3: 106).

([2]) كذا في الأصل.

([3]) في الأصل: "لطئت بالطاء"، على أن الفعل يقال من بابي منع وفرح.

([4]) في الأصل: "الشديد".

([5]) كذا بالتصغير في الأصل والمجمل. وفي اللسان: "ومنه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلطح أفخاذ أغلمة بن عبد المطلب ليلة المزدلفة ويقول: أبني لا ترموا جمرة العقبة قبل أن تطلع الشمس". وأبينون: تصغير بنون، قال السفاح بن بكير:

من يك لاساء فقد ساءنى *** ترك أبينيك إلى غير راع

وروى في اللسان (بني) "أبَيني" وتكلم فيه كلاماً. فراجعه.

([6]) الصواب أن مادة هذه الكلمة هي (لخخ)، إذ يقال ملتخ وملطخ بإبدال التاء طاء. ولكن هكذا ورد في الأصل والمجمل.

([7]) الجمهرة (2: 232).

 

ـ (باب اللام والعين وما يثلثهما)

(لعق)  اللام والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على لَسْبِ شيءٍ بإِصبعٍ أو غيرها. يقال: لَعِقْتُ الشيء أَلْعَقُهُ. ولَعَقة الدّمِ: قومٌ تحالَفُوا على حرب ثم نَحرُوا جَزُوراً فَلعِقُوا دمها. واللَّعُوق: اسمُ ما يُلعَق. واللُّعْقة: ما تأخذه المِلعقة. واللَّعْقة المرْةُ الواحدة. واللَّعْوَقة: سرعة الإنسان فيما أخَذَ([1]) فيه من عمل في خِفَّة ونَزَق. ورجل لَعْوَقٌ: خفيف، كأنّه شُبِّهَ بلَعقةٍ واحدةٍ في سُرعتها وخِفّتها. قال بعضهم: يقال ما بالأرض لَعْقَةٌ من ربيع، ليس إلاّ [في([2])] الرُّطْب يلعقها المال. قال ويقال: لَعِقَ فلانٌ إصبَعَه، إذا مات، واللَّعُوقُ: أقلُّ الزاد. يقال: ما مَعَنا إلاَّ لَعُوق. والمِلْعقَة: ما يُلْعَقُ به. قال الخليل: واللُّعَاق: ما بَقِيَ في فيه، بقيَّةً مما ابتَلَع.

(لعن)  اللام والعين والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إبعادٍ وإطرادٍ.

ولَعَنَ اللهُ الشيطانَ: أبعدَه عن الخير والجَنّة. ويقال للذِّئب لعين، والرّجُل الطَّريد لعين. ورجل لُعْنة بالسُّكون: يلعنه النّاس، [ولُعَنة([3])]: كثير اللعن. واللِّعان: الملاعَنَة. وقال في الطَّرِيد:

ذَعرتُ به القَطَا ونفَيتُ عنه *** مَقامَ الذِّئبِ كالرّجُلِ اللّعينِ([4])

(لعو)  اللام والعين والحرف المعتلّ كلماتٌ غير راجعةٍ إلى قياسٍ واحد. وقد كتبت([5]) الكلبة([6]) اللّعوة: الحريصة. والرجُل اللّعْو: السيِّئُ الخُلُق. واللُّعْوة([7]): السَّواد حولَ حَلَمةَ الثَّدي. ويقولون: تَلَعَّى العَسَل: تعَقَّد. ويقولون للعاثر: لعاً لَكَ، دعاء أن ينتعش. قال:

بذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناة إذا عَثَرَتْ *** فالتَّعْسُ أدنَى لها من أن أقولَ لعا([8])

ويقال: ما بها لاَعِي قَرْوٍ، أي مَن يلحَس عُسّاً.

(لعب)  اللام والعين والباء كلمتانِ منهما يتفرَّع كلمات. إحداهما اللَّعِب([9]) معروف. والتِّلْعَابة: الكثير اللَّعِب. والمَلْعب: مكان اللَّعِب. واللِّعبة: اللَّون من اللَّعب. واللَّعْبة: المرّة منها، إلاّ أنهم يقولون: لمن اللُّعْبة. ومُلاعِبُ ظِله: طائر.

والكلمة الأخرى اللُّعاب: ما يَسِيل من فم الصّبيّ. ولعَبَ الغلامُ يَلعَب([10]): سال لُعابه. ولُعاب النَّحل: العَسَل ولُعَاب الشّمس: السَّرَاب، وقيل، هو الذي كأنّه نسْج العنكبوت. وقيل: إنَّ أصل الباب هو الذَّهاب على غير استقامة.

(لعج)  اللام والعين والجيم أصلٌ واحد، هو حَرارَةٌ في القَلْبِ. [و] منه اللَّعْج: حرارة الحُبِّ في الفؤاد. ولَعَج يَلْعَجُ. قال أبو عبيد: لَعَج الضَّربُ الجِلدَ: أحرَقَه. قال الهذليّ([11]):

إذا تَجَرَّدَ نَوحٌ قامتا معه *** ضَرْباً أليماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلدا

ولَعَجه الأمر: اشتدَّ عليه.

(لعس)  اللام والعين والسين كلمتانِ متباينتان: الأولى اللَّعَس*، سواد في باطن الشَّفَة. امرأة لعساءُ. ونباتٌ ألْعَس: كثير، لأنَّه من رِيِّه يضرِب إلى السَّواد.

والأخرى اللَّعْوس: الأكول الحريص، والذئب لَعْوَسٌ. قال الخليل: رجلٌ متلعِّس: شديد الأكْل.

(لعص)  اللام والعين والصاد. يقولون: اللَّعَص: العُسْر. وفلانٌ تلَعَّص علينا: تَعسَّرَ. واللَّعَص. النَّهَم في الأكْل.

(لعط)  اللام والعين والطاء. الصَّحيح منه لونٌ من الألوان، قال ابن دريد: "اللُّعْطَة: خَطٌّ بسواد([12]). ولعْطَةُ الصَّقْرِ: السُّفْعة في وجْهِه".

ويقال اللُّعْطة: سوادٌ في عنق الشاة. وذكر بعضهم: لعطه بحقِّه: اتّقاه به([13])، ومرَّ فلانٌ لاعِطاً، أي مَرَّ معارِضاً إلى جنبِ حائط.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "أخذوا".

([2]) التكملة من المجمل واللسان.

([3]) التكملة من المجمل.

([4]) للشماخ في ديوانه 92 واللسان (لعن).

([5]) كذا وردت هذه العبارة.

([6]) في الأصل: "الكلمة" تحريف. وفي المجمل: "كلبة لعوة".

([7]) بضم اللام وفتحها.

([8]) للأعشى في ديوانه 83 واللسان (لعا). وقد سبق في (عفر).

([9]) ويقال لعِب أيضاً، بالكسر، ولعَب، بالفتح.

([10]) ويقال في هذا المعنى لعب، بالكسر أيضاً، والفتح أعلى. ويقال ألعب أيضاً.

([11]) هو عبد مناف بن ربع الهذلي، ديوان الهذليين (2: 39) واللسان (لعج، جلد).

([12]) بعده في الجمهرة: (تخطه المرأة في خدها).

([13]) وكذا النص في المجمل، وفي اللسان: "ولعطني بحقي، أي لواني به ومطلني".

 

ـ (باب اللام والغين وما يثلثهما)

(لغم)  اللام والغين والميم كلمة واحدة صحيحة، وهي المَلاَغم: ما حَوْلَ الفم. ومنه قولهم: تلغَّمت بالطِّيب([1]): جعلته هناك. قال ابن دريد: تلَغَّم بالطِّيب: تلطّخ([2]). فأمّا قولهم: لَغَمْتُ ألغَم لَغْماً، إذا أخبرتَ صاحبَك بشيء لا يَسْتَيْقِنُهُ، فهو من الإبدال، إنّما هو نَغَمْتُ بالنون. قال الخليل: لغم البعيرُ لُغامَهُ: رَمى به.

(لغو)  اللام والغين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على الشَّيءِ لا يُعتدُّ به، والآخَر على اللَّهَج بالشَّيء.

فالأوَّل اللَّغْو: ما لا يُعتَدُّ به من أولادِ الإبلِ في الدِّيَة. قال العبديّ([3]):

أو مائةٍ تُجعلُ أولادها لَغْواً *** وعُرْضَ المائةِ الجَلمدِ([4])

يقال منه لغَا يلْغُو لَغْواً. وذلك في لَغْو الأيمان. واللَّغا هو اللَّغو([5]) بعينهِ. قال الله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ} [البقرة 225، المائدة 89]، أي ما لَمْ تَعقِدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون: هو قولُ الرّجل لا والله، وبلَى والله. وقوم يقولون: هو قولُ الرّجُل لسوادٍ مُقْبِلاً: والله إنَّ هذا فلانٌ، يظنُّه إياه، ثم لا يكون كما ظنّ. قالوا: فيمينه لغوٌ، لأنَّه لم يتعمَّد الكذِب.

والثاني قولهم: لَغِيَ بالأمر، إذا لَهِجَ به. ويقال إنَّ اشتقاق اللُّغة منه، أي يَلْهَجُ صاحبُها بها.

(لغب)  اللام والغين والباء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على ضعفٍ وتَعَب. تقول: رجلٌ لَغْبٌ بيِّن اللَّغابة واللُّغوبة. وقال الأصمعيّ: قال أبو عمرو: سمِعت أعرابيَّاً([6]) يقول: "فلانٌ لَغوبٌ جاءته كتابي فاحتَقَرها"، فقلت: أتقول جاءته كتابي؟ فقال: أليس صحيفةً. قلت: ما اللَّغُوب؟ قال: الأحمق. وقال: تأبَّطَ شرَّاً في اللَّغب:

ما ولدَتْ أمِّي من القوم عاجزاً *** ولا كان رِيشِي من ذُنابى  ولا لَغْبِ([7])

قال أبو بكر([8]): وسهمٌ لَغْب، إذا كان قُذَذُهُ بُطناناً، وهو رديّ. قال شاعرٌ يصف رجلاً طلبَ أمراً فلم يَنَلْه:

* فَنجا وراشُوه بذِي لَغْبِ([9]) *

واللُّغوب: التَّعَب والإعياء والمَشَقَّة. وأتى ساغباً لاغباً، أي جائعاً تَعِباً. قال الله تعالى: {وَمَا مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ} [ق 38].

(لغد)  اللام والغين والدال كلمةٌ واحدة. اللَّغاديد: لَحمَاتٌ تكون في اللّهَوات، واحدها لُغْدُود؛ ويقال لُغْدٌ وألغاد. وجاء فلانٌ متلغِّداً، أي متغَيِّظاً؛ وهذا كأنَّه بلغ الغَيْظ ألغادَه.

(لغز)  اللام والغين والزاء أصلٌ يدلُّ على التواءٍ في شيءٍ وميل. يقولون: اللُّغز: ميلُك بالشَّيء عن وَجههِ. ويقولون اللُّغَيْزَاء، ممدود: أن يَحفِر اليربوعُ ثم يُمِيل([10]) في حفره ليعمِّيَ على طالبه. والألغاز: طُرقٌ تلتوِي وتُشْكلُ على سالِكِها، الواحد لَغَز ولُغْز([11]). وأَلغَزَ فلانٌ في كلامِه. وفي حديث عمر: "نَهَى عن اللُّغَيْزَى في اليمين".

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "بالطين"، صوابه في المجمل واللسان.

([2]) الجمهرة (3: 149).

([3]) هو المثقب العبدي، كما سبق في حواشي الجزء الأول ص 507.

([4]) أنشده في اللسان (جلمد، عرض).

([5]) في الأصل: "واللغو"، صوابه من المجمل.

([6]) في اللسان والجمهرة (1: 319) أنه أعرابي من أهل اليمن.

([7]) أنشده في اللسان (لغب).

([8]) الجمهرة (1: 318).

([9]) البيت للحارث بن الطفيل الدوسي، كما في الأغاني (12: 54) وحواشي الجمهرة (1: 318). وصدره: * فرميت كبش القوم معتمداً *

([10]) في المجمل: "ثم يميل يميناً وشمالاً".

([11]) ويقال لغز بضم ففتح أيضاً.

 

ـ (باب اللام والفاء وما يثلثهما)

(لفق)  اللام والفاء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على ملاءمة الأمر. يقال: لَفَقتُ الثّوبَ بالثَّوب لَفْقاً. وهذا لِفْقُ هذا، أي يوائمه. وتَلافَقَ أمرهم: تلاءَم.

(لفك)  اللام والفاء والكاف. يقولون: الألْفَك: الأحْمَق.

(لفم)  اللام والفاء والميم كلمة. يقولون: اللِّفام: ما بلَغَ طرف الأنف من اللِّثام. وتلفَّمت المرأة: ردَّتَ قِناعَها على فَمِها.

(لفا)* اللام والفاء والحرف المعتلُّ أصلٌ صحيح، يدلُّ على انكشافِ شيءٍ وكَشْفِه، ويكون مهموزاً وغير مهموز. يقال: لَفَأَتِ الرّيح السحابّ عن وَجه السَّماء. ولَفَأْتُ اللّحمَ عن العَظْم: كَشَطته، ولفوْتُه، حكاهما أبو بكر([1]). واللَّفاء: التُّراب والقُماش على وجه الأرض. يقال مثلاً: "رضِيَ من الوَفاء باللَّفاء"، أي من وافِرِ حقِّه بالقليل. وألْفَيْتُه: لقِيته ووجدتُه، إلفاء. وتلافيتُه: تدارَكْتُه.

(لفت)  اللام والفاء والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على اللَّيِّ وصرف الشيء عن جهتهِ المستقيمةِ. منه لَفَتُّ الشَّيءَ: لوَيْتُه. ولفَتُّ فلاناً عن رأيه: صرفْتُه. والألْفَتُ: الرّجل الأعسَر. وهو قياس الباب: واللَّفِيتة: الغَليظة من العَصائد، لأنَّها تُلفَت، أي تُلْوى. وامرأةٌ لَفوت: لها زوجٌ ولها ولدٌ من غيره فهي تلفتُ إلى ولدِها. ومنه الالتفات، وهو أن تَعدِل بوجهك، وكذا التلفّت. قال أبو بكر: ولفَتُّ اللِّحاء من الشَّجرة: قَشَرته([2]).

(لفج)  اللام والفاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: المُلْفَج بفتح الفاء: الفقير، وماضِي فعله ألْفَجَ. وهو من نادِرِ الكلام([3]). وأنشد:

جارية شَبَّت شَباباً عُسْلُجا *** في حَِجْر مَنْ لم يكُ عنها مُلفَجا([4])

وروي في بعض الحديث مرفوعاً: أيُدالِكُ الرّجلُ المرأةَ؟ قال: نَعَمْ إذا كان مُلفَجاً". والصحيح عن الحسن([5]).

(لفح)  اللام والفاء والحاء كلمةٌ واحدة. يقال: لفَحَتْه النار بحرّها والسَّمومُ، إذا أصابه حَرُّها فتغيَّرَ وجهُهُ. [وأمّا] قولهم: لَفَحَه بالسَّيف لَفْحَةً: ضربه ضربةً خفيفة، فإنّ الأصل فيه النون، هو نَفَحَه.

(لفظ)  اللام والفاء والظاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على طرح الشَّيء؛ وغالب ذلك أن يكون من الفم. تقول: لَفَظَ بالكلام يَلفِظ لَفظاً. ولفظتُ الشّيءَ من فمي. واللاَّفِظَة: الدِّيك، ويقال الرَّحَى، والبحر. وعلى ذلك يُفسَّر قوله:

فأمّا التي سَيْبُها يُرْتجَى *** فأجْوَدُ جُوداً من اللاّفظهْ([6])

وهو شيءٌ ملفوظٌ ولَفيظ.

(لفع)  اللام والفاء والعين أُصَيل صحيح يدلُّ على اشتمالِ شيء. وتلفَّعَت المرأة بمِرْطِها: اشتمَلَتْ عليه. ولَفَّع الشَّيبُ رأسه: شمِلَه. وتَلفع الشَّجَر([7]): تجلَّلَ بالخُضْرة. والتفَعَت الأرضُ بالنّبات: اخضَارَّت، ولَفعتُ المزادة: قلبتُها فجعلتُ أَطِبَّتها([8]) في وسطها.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (2: 160).

([2]) الجمهرة (2: 24).

([3]) ونظيره كلمات ثلاث أوردها ابن خالويه في ليس من كلام العرب. وهي أحصن فهو محصن، وأسهب فهو مسهب، واجرأشت الإبل فهي مجرأشة.

([4]) أنشده في المجمل واللسان (لفج).

([5]) يشير إلى أنه من حديث الحسن حين سئل ذلك السؤال. انظر اللسان (لفج، دلك).

([6]) ذكر العيني (1: 572) أن البيت منسوب إلى طرفة.

([7]) في الأصل: "الرجل"، صوابه في المجمل.

([8]) وكذا في اللسان والقاموس، وفي المجمل: "طبتها"، والطبة بالضم والطبابة بالكسر: الجلدة التي تغطى بها الخرز، وهي معترضة مثنية كالإصبع على موضع الخرز.

 

ـ (باب اللام والقاف وما يثلثهما)

(لقم)  اللام والقاف والميم أصلٌ صحيح، يدلُّ على تناوُلِ طعامٍ باليد للفَم، ثم يقاس عليه. ولَقِمْتُ الطّعامَ ألقَمُه، وتلقّمته والتقَمته. ورجلٌ تِلْقَامةٌ: كثير اللَّقْم([1]). ومن الباب اللَّقَم: مَنْهَج الطَّريق، على التشبيه، كأنَّه لَقِم من مرَّ فيه، كما ذكرناه في السِّراط، وقد مضَى.

(لقن)  اللام والقاف والنون كلمةٌ صحيحة تدلُّ على أخْذِ علمٍ وفَهْمِه. ولَقِن الشَّيءَ لَقنَاً: أخذه وفهمه. ولقَّنْتُه تلقيناً: فهَّمته. وغُلامٌ لقِنٌ: سريع الفَهْم واللَّقانة.

(لقي)  اللام والقاف والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة: أحدها يدلُّ على عوَج، والآخر على توافِي شيئين، والآخر على طَرْحِ شيء.

فالأوَّل اللَّقْوة: داءٌ يأخذ في الوجه يعوَجُّ منه. ورجل مَلْقُوٌّ، ولُقِيَ الإنسانُ. واللَّقْوة: الدَّلو التي إذا أرسلتَها في البِئر وارتفعت أخرى شالت معها([2]). قال:

* شرُّ الدِّلاء اللَّقوة المُلازمهْ([3]) *

والِلَّقْوة: العُقاب، سمِّيت بها لاعوجاجِها في منقارها. واللَِّقْوة: النَّاقة السَّريعة اللِّقاح.

والأصل الآخر اللِّقاء: المُلاقاة وتَوَافِي الاثنين متقابِلَين، ولَقِيتُه لَقْوَةً، أي مرّة واحدة ولِقاءةً. ولقيته لُِقِيَّاً ولُقْياناً([4]). واللُّقْيَة فُعلة من اللِّقاء، والجمع لُقىً قال:

وإنِّي لأَهْوَى النّومَ من غير نَعْسَة *** لعلّ لُقَاكمْ في المنام تَكُونُ

والأصل الآخر: ألقَيْتُه: نبذْتُه* إلقاءً. والشَّيء الطَّريح لَقىً. والأصل أنّ قوماً من العرب كانوا إذا أتَوا البيتَ للطَّواف قالوا: لا نَطُوفُ في ثيابٍ عَصَيْنا الله فيها، فيُلقونَها، فيسمَّى ذلك المُلقَى لَقىً. قال ابن أحمَرَ يصِف فرخ القطاة:

تُؤْوِي لَقىً أُلقِيَ في صفصفٍ  *** تَصْهَرُه الشّمسُ فلا يَنْصَهِرْ([5])

(لقب)  اللام والقاف والباء كلمةٌ واحدة. اللَّقَب: النَّبَزُ، واحدٌ. ولقَّبْته تلقيباً قال الله تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُوا بالألْقَابِ} [الحجرات 11].

(لقح)  اللام والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إحبال ذكرٍ لأنثى، ثم يقاس عليه ما يشبّه. منه لِقاح النَّعَم والشَّجر. أمَّا النَّعَم فتُلقِحها ذُكْرانُها، وأمَّا الشَّجر فتُلْقِحه الرِّياح. ورياحٌ لواقح: تُلقِح السَّحابَ بالماء، وتُلقِح الشَّجَر. والأصل في لواقح مُلْقِحة لكنَّها لا تُلْقِح إلاّ وهي في نفسها لواقح؛ الواحدة لاقحة، وكذلك يقول المفسِّرون. يقال: لَقِحَت النّاقةُ تَلْقَح لَقْحاً ولِقاحاً، والناقة لاقحٌ ولَقُوح. واللَّقْحة: الناقة تُحلَب، والجمع لِقاحٌ ولُقُح. والمَلاَقح: الإناث في بطونها أولادُها. قال أبو بكر: والمَلاقيح([6]) أيضاً ولم يتكلَّموا بها بواحد، والمَلاَقح التي هي في البطون.

ومما شذَّ عن هذا الباب: قومٌ لَقَاح، بفتح اللام، إذا لم يَديِنُوا لملِكٍ، ولم يَمْلِكْهم سُلطان.

(لقس)  اللام والقاف والسين كلمةٌ تدلُّ على نعتٍ غير مرضيّ. ولقِسَت نَفسُه من الشَّيء: غَثَتْ. واللَّقِسُ: الرّجُل السَّيِّئُ الخُلُق، الشَّرِه الحريص. واللَّقَس المصدر. واللاقِس: العَيَّاب. ولَقَسْتُ الرَّجلَ ألقَُسُه: عِبْتُه.

(لقص)  اللام والقاف والصاد قريبٌ في المعنى [من] الذي قبله. ولَقِصَ لَقَصاً، و هو لَقِصٌ، أي ضيِّق الخلق. والتَقَص الشَّيءَ: أخَذَه بِحِرصٍ عليه. قال:

وملتقِصٍ ما ضَاعَ من أَهَراتِِنا *** لعَلَّ الذي أمْلَى لـه سيعاقِبُه([7])

وربَّما قالوا: ألْقَصَه الحرُّ: أحرقَه.

(لقط)  اللام والقاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ شيءٍ من الأرض قد رأيتَه بغتة ولم تُرِدْهُ، وقد يكون عن إرادةٍ وقصدٍ أيضاً. منه لَقطُ الحَصَى وما أشبهه واللُّقْطة: ما التقطه الإنسان من مالٍ ضائع. واللَّقِيط: المنبوذ يُلْقَط. وبنو اللَّقيطة: قومٌ من العرب، سُمُّوا بذلك لأن أمَّهم كان التقطها حذيفة بن بدرٍ في جَوارٍ قد أضرَّتْ بهنَّ السَّنَة، فضَمَّها، ثم أعجبَتْه فخطبها إلى أبيها وتزوجَهَا. واللَّقَط، بفتح القاف: ما التقَطْتَ من شيءٍ. والالتقاط: أن توافِقَ شيئاً بغتة من كلأٍ وغيره. قال:

* ومَنْهلٍ ورَدْتُه التقاطاً([8]) *

ومما يشبّه بهذا اللَّقِيطة: الرّجل المَهين. ويقولون: "لكلِّ ساقطةٍ لاقطة"، أي لكلِّ نادرة([9]) من الكلام من يَسمَعُها ويُذيعها. والألقاط من النَّاس: القَليلُ المتفرِّقون. وبِئر لَقيطٌ: التُقطت التقاطاً، أي وُقِع عليها بَغتة. واللَّقَط: قِطَعٌ من ذهب أو فِضّة تُوجَد في المَعدِن. وتسمَّى القَطِنة([10]) لاقطَة الحصى. ولُقَاطة الزَّرع: ما لُقِط من حبٍّ بعد حَصَاده.

(لقع)  اللام والقاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَمْيِ شيءٍ بشيء وإصابتهِ به. يقال: لَقَعْت الرَّجُل [بالحصَاة، إذا رميتَه بها، ولقعَه ببعرةٍ رماه بها. ولقعَه بعينِه، إذا عانَهُ. واللُّقَّاعة([11])]: الدّاهيةُ التي يتلقَّع بالكلام، يرمي به من أقْصَى حَلْقِه، وكذا التِّلِقَّاعة. وفي كلامه لُقَّاعات، إذا تكلَّم بأقصى حَلْقِه.

ـــــــــــــــ

([1]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "كبير اللقم" و "عظيم". واللقم: جمع لقمة فيهما. ونحوه في القاموس.

([2]) أي ارتفعت. وفي الأصل: "مالت معها"، تحريف. وفي المجمل: "وارتفعت الأخرى رفعتهما معاً". وهذا المعنى لم يذكر في المعاجم المتداولة. وفي اللسان: "ودلو لقوة: لينة لا تنبسط سريعاً لِلِينها".

([3]) أنشده في اللسان (لقا)  وبعده: * والبكرات شرهن الصائمه *

وأنشده في المخصص (9: 165) شاهداً على أن الولغة: الدلو الصغيرة، بلفظ:

* شر الدلاء الولغة الملازمه *

وبهذه الرواية الأخيرة ورد في اللسان (ولغ). ونبه في (لقا) على أنها الصحيحة.

([4]) انظر سائر مصادره في اللسان والقاموس.

([5]) رواية اللسان: "تروي".

([6]) في الأصل: "والملاقح"، وفي الجمهرة (2: 181) بعد ذكر "الملاقح": "وهي الملاقيح": وفي المجمل: "والملاقيح أيضاً التي تكون في البطون".

([7]) الأهرة، بالتحريك: متاع البيت.

([8]) البيت لنقادة الأسدي، كما في اللسان (لقط، قرط).وأنشده سيبويه (1: 186) بدون نسبة.

([9]) في المجمل: "نادة"، وهو الأصوب.

([10]) وكذا جاء النص في المجمل. وفي اللسان والقاموس: لاقطة الحصى: قانصة الطير". والقطنة، بفتح فكسر، وبكسر فسكون، هي ذات الأطباق التي تكون مع الكرش. وأما القانصة فهي هنة كأنها حجير في بطن الطائر، وقيل هي للطير بمنزلة المصارين لغيرها.

([11]) التكملة من المجمل.

 

ـ (باب اللام والكاف وما يثلثهما)

(لكم) اللام والكاف والميم كلمةٌ واحدةٌ، هي اللَّكمْ: الضرب باليد مجموعةً. قالوا: وقياسه من الخُفِّ الملَكَّم، وهو الصُّلْب الشَّديد.‏

(لكن) اللام والكاف والنون كلمةٌ واحدة، هي اللّكْنَة، وهي العِيُّ في اللِّسان. ورجلٌ ألْكَنُ وامرأةٌ لَكْناء، وهو اللَّكَنُ(1) أيضاً.‏

(لكي) اللام والكاف والحرف المعتل أو المهموز، يدلُّ على لزوم مكانٍ وتباطؤ. ولَكِيت بفُلانٍ لَكىً مقصور، إذا لزِمْتَه. وقال أبو بكر: لَكِيَ بالمكان، إذا أقامَ به، يهمز ولا يهمز(2). وتلَكَّأَ الرّجلُ تلكُّؤاً: تباطَأَ عن الشيء ويقال: لَكأْتُ* الرجُلَ لَكْأً: جلَدْتُه بالسَّوط.‏

(لكد) اللام والكاف والدال. يقولون: لكِد الشَّيءُ بالشيء: لازَمَه ولَزِق به. ويقولون: المِلْكَد: شيءٌ يدَق فيه الأشياء. واللَّكَدُ: التزاق الدّم وجُمودُه وأكلتُ الصَّمْغَ فلَكِدَ بفَمِي(3).‏

وقال أبو بكر بن دريد: اللَّكد: الضَّرب باليد. ومَشَى وهو يُلاكِد قَيْدَه، إذا مَشَى فنازعَه القَيدُ خُطَاه(4).‏

(لكع) اللام والكاف والعين أصل يدل على لُؤم ودناءة. منه لَكُعَ الرّجل، إذا لَؤُم، لَكَاعةً، وهو ألْكَع. يقال لـه: يا لُكَع، وللاثنين يا ذَوَيْ لُكَع. ويقولون: بنُو اللَّكِيعة، قالوا: وقياس ذلك اللَّكَع، وهو الوَسَخ. واللُّكَع أيضاً: الجحش الراضع.‏

ومما شذَّ عن هذا الباب اللَّكْع، وهو اللَّسْع. قال:‏

* إذا مُسَّ دَبْرُه لَكعَا(5) *‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "للكت".‏

(2) الجمهرة (3: 171).‏

(3) في الأصل: "والكدت الصمغ فلصق بفمي".‏

(4) الجمهرة (3: 297).‏

(5) البيت لذي الإصبع العدواني، وهو في اللسان (خشش، لكع) وليس في قصيدته التي على هذا الوزن والروي في المفضليات (1: 151)، وقد سبق في (خش). وهو بتمامه:‏

إما ترى نبله فخشرم خشـ *** ـاء إذا مس دبره لكعا‏

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله لام)

وهو قليل. من ذلك (اللّهْجَم)(1): الطَّريق المدَيَّث، وهي منحوتة من لهج وهجم، كأنَّه يُلهَج به حتَّى يهجُم سالكُه على الموضع الذي يَقصِدُه. وقال الخليل: هو الطَّريق الواضِح. ولعلَّ الميم فيه زائدة. وقد يُلهَج بسلوك مثله.‏

ومنه (اللهْذَم): الحادّ، وهو مما زيدت فيه اللام من الهَذم. والهُذَام: السَّيف القاطع الحادّ(2). والله أعلم بحقائقها.‏

(تم كتاب اللام، والله أعلم بالصَّواب)‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "اللجم"، صوابه في المجمل.‏

(2) في الأصل: "الإلحاد".‏

 

كتاب الميم:

ـ (باب الميم وما بعدها في المضاعف والمطابق)

(من)  الميم والنون أصلان. أحدهما يدلُّ على قطع وانقطاع، والآخر على اصطناع خير.

الأوّل [المنّ]: القطع، ومنه يقال: مَنَنْتُ الحبلَ: قطعته. قال الله تعالى: {فلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين 6]. والمَنُون: المنيّة، لأنها تنقص العدد وتقطع المدَد. والمنُّ: الإعياء، وذلك أنَّ المُعْيِيَ ينقطع عن السَّير. قال:

* قلائصاً لا يشتَكين المَنَّا *

والأصل الآخر المَنُّ، تقول([1]): مَنّ يمنّ منَّاً، إذا صنع صُنعاً جميلاً. ومن الباب المُنّة، وهي القُوَّة التي بها قِوام الإنسان، وربما قالوا: مَنَّ بيدٍ أسداها، إذا قَرَّع بها. وهذا يدلُّ على أنّه قطع الإحسان، فهو من الأوّل.

(مه)  الميم والهاء كلمتان تدلُّ إحداهما على زَجْر، والأخرى على مَنْظَرٍ ولَذَّةٍ.

فالأولَى قولهم: مَهْ([2]). ومهمه به: زَجره بقوله له ذلك. والمَهْمَه: الخَرق الأملس الواسع.

والأخرى قولهم: ليس له مَهَهٌ، إذا لم يكن جميلاً. ويقولون: "كل شيء مَهَهٌ ومَهَاهٌ إلاَّ النِّساء وذكرَهُنّ([3])". والمَهاهُ: اللّذَّة. أنشدنا القَطّان عن ثعلب:

وليس لعيشنا هذا مَهَاهٌ *** وليست دارنا الدُّنيا بدارِ([4])

(مت)  الميم والتاء أصيل يدلُّ على مدٍّ ونَزْع في الشيءُ. يقال مَتَتُّ ومدَدْتُ. ومنه قولهم يَمُتّ بكذا، إذا توصَّل بقرابةٍ وما أشبهها. ومنه المَتُّ: النَّزْع من البِئر على غير بَكَرة.

(مث)  الميم والثاء كلمتان. يقولون: مثَّ يدَه: مسحها ومَثَّ الشَّيء، إذا كان يرشَح دَسَماً. وقال ابن دريد([5]): مثَّ شارِبُه، إذا أكل دَسَماً فبقي عليه.

(مج)  الميم والجيم كلمتانِ إحداهما تخليطٌ في شيء، والثانية رَمْيٌ للشيء بسرعة.

فالأولى المجمجة: تخليطٌ فيما يُكتَب. ومَجمَجَ في أخباره: لم يَشْفِ ولم يُفصِح.

والأخرى مَجَّ الشرابَ من فيه: رمى به. والشَّراب مُجَاج العِنَب. والمَطَر مُجَاج المُزْن. والعسل مُجاج النَّحْل. وهو هرِم ماجٌّ: يمجُّ ريقَه ولا يستطيع أن يَحبسه من كِبره. ومن باب السرعة أمَجَّ في البلاد إمجاجاً: ذهب. وأمَجَّ الرّجُل: أسرَعَ في عَدْوِه.

(مح)  الميم والحاء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس على أصلٍ واحد: الأولى مَحَّ الشَّيء وأَمَحَّ، إذا دَرَسَ وَبلِيَ. والمَحُّ: الثَّوْبُ البالي.

والثانية: الرَّجل* المَحَّاح: الكذّاب الذي يُرِي بكلامه ما لا يفعله.

والثالثة المُحُّ: صُفْرة البَيض. ويقال: المَاحُ بياضها([6]).

(مخ)  الميم والخاء كلمةٌ تدلُّ على خالصِ كلِّ شيء. منه مُخُّ العظم، معروف. وأمَخَّتِ الشَّاة: كثُر مخُّها. وربما سمَّوا الدماغ مُخَّاً. قال:

ولا يأكلُ الكلبُ السَّرُوقُ نِعالنا *** ولا يُنتقَى المُخُّ الذي في الجماجمِ([7])

وخالصُ كلِّ شيءٍ مُخُّه.

(مد)  الميم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جَرِّ شيءٍ في طول، واتّصال شيء بشيء في استطالة. تقول: مدَدْت الشيءَ أمدُّه مَدَّاً. ومَدَّ النهرُ، ومَدَّهُ نهرٌ آخر، أي زاد فيه ووَاصله فأطال مدّته. وأمْدَدْتُ الجيشَ بمدَدٍ. ومنه أمَدَّ الجُرْح: صارت فيه مِدَّةٌ، وهي ما يخرج. ومنه مددت الإبل مدّاً: أسقيتها الماء بالدَّقيق أو بشيءٍ تمدّه به([8]). والاسم المَدِيد. ومدُّ النهارِ: ارتفاعُه إذا امتدَّ. والمِداد: ما يكتب به، لأنَّهُ يُمَدُّ بالماء. ومددت الدّواةَ وأمددتها. والمَدَّة: استمدادك من الدَّواة مدَّةً بقلمك. ومن الباب المُدُّ من المكاييل، لأنَّه يمدّ المكيل بالمكيل مثله.

ومما شذّ عن الباب ماءٌ إمِدَّانٌ: شديد المُلوحة.

(مر)  الميم والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على مضيِّ شيءٍ، والآخر على خلاف الحلاوة والطِّيب.

فالأوّل مرّ الشيء يمُرّ، إذا مضَى. ومَرُّ السَّحابِ: انسحابُه ومضيُّه. ولقيته مرّةً ومرتين إنّما هو عبارة عن زمانٍ قد مرّ. ويقولون: لقيته مرّة من المرّ، يجمعون المرّة على المَرّ.

والأصل الآخر أمَرَّ الشَّيءُ يُمِرّ ومَرّ، إذا صار مرّاً. ولقيت منه الأمرَّينِ، أي شدائد غير طيِّبَة. والأمرّان: الهمّ والمرَض([9]). والأمرّ: المصارين يجتمع فيها الفَرث. قال:

ولا تُهْدِي الأمَرَّ وما يليهِ *** ولا تُهدِنَّ معروقَ العِظامِ([10])

وسمِّي الأمرَّ لأنّه غير طيّب. ثم سمِّيت بعد ذلك كلُّ شدّةٍ وشديدة بهذا البناء. يقولون: أمررت الحبلَ: فتَلتُه، وهو مُمَرّ. والمرّ: شِدّة الفَتْل. والمرير: الحبل المفتول. وكذلك المريرة: القُوّة منه. والمَرِيرة: عِزّة النَّفس. وكلُّ هذا قياسُه واحد. والمُرَار: شجرٌ مُرّ.

أمَّا المَرمر فضربٌ من الحجارة أبيض صافٍ. والمَرْمَرَة أيضاً: نَعمة الجِسم وتَرجرُجُه. وامرأة مَرْمارة، إذا كانت تترجرج من نَعمتها.

(مز)  الميم والزاء أصلانِ: أحدهما طعمٌ من الطعوم، والآخر [يدلُّ] على مزيّةٍ وفضل.

فالأول: المُزُّ: الشّيءُ بين الحامض والحُلْو. ويقولون: سمِّيت الخمر مُزَّاءً([11]) من هذا، وقيل بل هو من القياس الآخر.

والأصل الآخر الفضل. وله عليه مِزٌّ([12])، أي فَضْل. والمُزَّاء منه؛ يقولون: هذا الشراب أمزُّ من هذا، أي أفضل. قالوا: والمُزّاء اسم، ولو كان نعتاً لقيل مَزَّاءُ. والتمزُّز: تمصُّص الشَّرابِ قليلاً قليلاً. ويمكن أن يكون هذا من الأوَّل.

(مس)  الميم والسين أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على جَسِّ الشّيء باليد. ومَسِسْتُهُ أَمَسُّهُ. وربما قالوا: مَسَسْتُ أَمُسُّ. والممسُوسُ: الذي به مَسٌّ، كأنَّ الجِنّ مسَّتْه. والمَسُوس من الماء: ما نالته الأيدي. قال:

لو كنت ماءً كنت لا *** عذبَ المذاقِ ولا مَسُوسا([13])

(مش)  الميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشَّيء وسهولةٍ ولُطف. منه المُشَاش، وهي العظام اللَّيِّنة، يقال مششتها أمُشُّها. قال:

لَحَا اللهُ صُعلوكَاً إذا جَنّ ليلُهُ  *** مضى في المُشاشِ آلفاً كلَّ مَجزِرِ([14])

والمشاش: الطِّينة اللَّيِّنة تُغرس فيها النخلة. قال:

* راسِي العُروقِ في المُشاشِ البجباجْ([15]) *

وهو طيِّب المُشاش، إذا كان بَرَّاً طيّباً. ويقولون: فلانٌ يمُشُّ مالَ فلانٍ، إذا أخَذَ منه الشَّيءَ بعد الشَّيء. ومنه مَشُّ اليد، إذا مُسِحت بمنديلٍ، لا يكون ذلك إلاّ بسهولة ولين. والمَشُوش، هو المِنديل. ومَشَشت النّاقَة: حلَبتُها وتركتُ في الضَّرعِ بعضَ اللَّبن. ومَشَّ الشَّيءَ: دافه في ماءٍ حتَّى يلينَ ويذوب. ويقال: مات ابنٌ لأمِّ الهَيثَم([16]) فسألناها فقالت: "ما زلت أَمُشُّ له الأشْفِيَة([17]) ألدُّه تارةً وأُوجِره* أخرى، فأبى قضاءُ الله تعالى". ومن الباب المَشَش: كلُّ ما شخَص من عظمٍ وكان له حَجْم، ويكون ذلك من عيبٍ يُصِيب العَظْم.

(مص)  الميم والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على شِبه التذوُّق للشّيء، وأخْذِ خالِصِه. من ذلك مَصِصْتُ الشيء أمَصُّه، وامتصصته أمتصُّه. والمصمصة: خلاف المَضمضة، لأنّ المصمصة بالصاد يكون بطرف اللِّسان. ومنه مُصاص الشيء: خالصه، وهو مقيسٌ من امتصصت الشيء، فهو الخالص الذي يُمتصّ. وفرس مُصامِصٌ: خالص العربية.

(مض)  الميم والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَغْط الشَّيء للشيء.

منه مضَّنِي الشَّيءُ وأمضَّني: بلغ منِّي المشقّة، كأنّه قد ضغطك. والمضمضة: تحريك الماء في الفَم وضغطه. والكحلُ يمضُّ العين، إذا كانت لـه حُرْقة. ومَضِيضُه: حُرقَته. ويقولون: مِضِّ([18])، وهي حكايةٌ لشيءٍ يفعله الإنسان بشفته إذا أطمَعَ في الشيء([19]). يقولون للرّجُلِ إذا أقرَّ بحقٍّ عليه: مِضِّ. ومثلٌ من أمثالهم: "إنَّ في مِضِّ لطَمَعاً"، قالوا: وذلك إذا سُئِل حاجةً فكسر شفَتَيه.

(مط)  الميم والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مدِّ الشيء. ومَطُّه: مَدُّه. والقياس فيه وفي المُطَيطاء واحدٌ، وهو المشيُ بتبختُر، لأنَّه إذا فعل مَطّ أطرافَه. قال الله تعالى: {ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} [القيامة 33]، قالوا: أصله يتمطَّط، فجعلت الطاء الثالثة ياءً للتخفيف، ومطَّ حاجِبَيه: تكبَّر، وهو منه. ومنه المَطِيطة: الماء المختلِط بالطِّين؛ وهذا يكون إذا مدّ الماءَ مياهُ سيلٍ كدرة.

(مظ)  الميم والظاء كلمةٌ تدلُّ على مشارَّة ومنازعة. وماظَظْتُه مماظّة ومِظاظا: شارَرتُه ونازعته. وفي الحديث: "لا تُمَاظَّ جارك فإنّه يبقى ويذهب النّاس". ومن غير هذا المَظُّ: رمَّان البَرِّ.

(مع)  الميم والعين كلمةٌ تدلُّ على اختلاطٍ وجلبةٍ وما أشبه ذلك. منه المَعْمعة: صوت الحريق وصوت الشُّجعان في الحرب. والمَعمعان: شدّة الحرّ. قال ذو الرمة:

حَتَّى إذا معمعانُ الصيف هَبَّ لهُ *** بأجَّةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ([20])

ومما ليس من هذا الباب "مَعَ"، وهي كلمةُ مصاحبةٍ، يقال: هذا مع ذاك. ويقولون في صفة النساء([21]): "منهنَّ معْمَع، لها شَيْئها أجْمَع"، وهي التي لا تعطي أحداً شيئاً يكون معها أبداً.

(مغ)  الميم والغين يدلُّ على شِبه ما مضى ذكره. يقولون: المغمغة: الاختلاط. قال رؤبة:

* الخُلُقِ المُمَغْمَغِ([22]) *

ويقولون: مغمغ طعامَه، إذا روَّاه دسماً.

(مق)  الميم والقاف أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتجاوُزِ حدّ. والطَّويل البائن أمَقُّ بيَّن المَقَق. والمُقَامِق من الرِّجال: الذي يتكلَّم بأقصى حَلْقه ويتشدَّق. ويقولون: مَققْت الطَّلعةَ: شقَقْتُها.

(مك)  الميم والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على انتقاء العَظْم، ثم يقاس على ذلك. يقولون: تمكَّكت العظم: أخرجت مُخَّه. وامتَكَّ الفصيلُ ما في ضَرع أمِّه: شربه. والتمكّك: الاستقصاء. وفي الحديث: "لا تُمككُوا على غرمائكم([23])". ويقال: سمِّيت مكّة لقلّة الماء بها، كأنَّ ماءها قد امتُكَّ. وقيل سمِّيت لأنها تمُكُّ مَن ظَلَمَ فيها، أي تُهلِكه وتَقْصِمُه كما يمكُّ العظم. وينشدون:

* يا مَكَّةُ الفَاجِرَ مُكِّي مَكَّا([24]) *

(مل)  الميم واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على تقليب شيء، والآخر على غَرَضٍ([25]) من الشَّيء.

فالأوَّل مَلَلْتُ الخُبزة في النّار أمُلُّها مَلاًّ، وذلك تقليبك إيَّاها فيها. والمَلَّة: الرَّماد أو التُّرابُ الحارّ. ويقال: أطعمنا خبزَ ملّةٍ وخبزةً مليلاً. والمُلْمُول: المِيل: لأنَّه يقلّب في العين عند الكَحْل.

ومن الباب طريقٌ مُمَلٌّ: سُلِك حتَّى صار مَعْلماً. قال:

رفعناها ذَمِيلاً في *** مُمَلّ مُعْمَلٍ لَحْبِ([26])

والمَلِيلة: حُمَّى في العِظام: كأنَّها تقلِّب. وباتَ يتملمَلُ على فِراشه، أي يَقْلَق ويتضَوَّر عليه، حتَّى كأنَّه على مَلَّة؛ والأصل يتملّل.

ومن الباب امتلَّ يَعدُو، وذلك إذا أسرَعَ* بعضَ الإسراع.

والباب الآخَر مَللِته أَمَلُّه مَلَلاً ومَلاَلةً: سئِمْتُه. وأملَلْتُ القومَ: شَقَقْتَ عليهم حَتَّى مَلُّوا؛ وكذا أملَلْتُ عليهم.

فأمَّا إملالُ الكتاب وتفسير المَلَّة فقد ذُكِرَتا في الميم واللام والحرف المعتلّ.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "المن من يقول".

([2]) في الأصل: "مكه" تحريف. وبعدها كلام مقحم وهو "إذا زجروه ومهمه به زجروره".

([3]) أي يغار الرجل ويغضب عند ذكر حرمه، والأصوب أن المهه هنا بمعنى اليسير الهين.

([4]) البيت لعمران بن حطان، كما في اللسان (مهه). والأصمعي يرويه: "مهاة".

([5]) الجمهرة (1: 48).

([6]) أي بياض البيضة. والماح بتخفيف الحاء. وكذا وردت في هذه المادة من المجمل واللسان، والصواب أن تذكر في مادة (ميح)، كما في القاموس.

([7]) البيت للنجاشي الشاعر يهجو هند بنت عاصم. البيان (3: 109) (والخزانة 4: 147). وأنشده في اللسان (مخخ، نقا) بدون نسبة.

([8]) في اللسان: "أن تسقيها الماء بالبزر أو الدقيق أو السمسم".

([9]) في المجمل: "الهرم والمرض"، وفي أساس البلاغة "المرض والهرم" وفي اللسان: "الشر والأمر العظيم"، وفي القاموس: "الفقر والهرم، أو الصبر والثفاء"، وهما نبتان. وفي جنى الجنتين: "العري والجوع".

([10]) قبله في اللسان (مرر):

إذا ما كنت مهدية فأهدي *** من المأنات أو فدر السنام

([11]) في المجمل: "والمزة: الخمر اللذيذة الطعم. والمزاء اسم لها".

([12]) المز، هذا بكسر الميم.

([13]) لذي الإصبع العدواني، كما في اللسان (مسس).

([14]) البيت لعروة بن الورد، في ديوانه 93.

([15]) في الأصل: "البجاج"، صوابه في المجمل.

([16]) في الأصول: "الهشم"، صوابه في المجمل واللسان، وانظر بعض أحاديث أم الهيثم في أمالي القالي (3: 96) والمزهر (2: 539، 546).

([17]) وكذا في المجمل، وهو جمع شفاء، وفي اللسان "الشفاء دواء معروف، وهو ما يبرئ من السقم، والجمع أشفية وأشاف". وبدله في اللسان: "الأدوية".

([18]) مض، بكسر الميم والضاد المشددة.

([19]) هي أن يقول الإنسان بطرف لسانه شبه لا، وهي مع ذلك كلمة مطمعة في الإجابة.

([20]) ديوان ذي الرمة 11 واللسان (رطب، نشش). وصدره في (أجج). وقد سبق في (أج).

([21]) هو في حديث أوفى بن دلهم، كما في اللسان (معع).

([22]) وكذا اقتصر على هذا القدر في المجمل. وفي اللسان:

* ما منك خلط الخلق الممغمغ *

وفي الديوان 97:

* ما منك خلط الكذب الممغمغ *

([23]) في الأصل: "لا تمكو"، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "يقول: لا تلحوا عليهم إلحاحاً يضر بمعايشهم، ولا تأخذوهم على عسرة، وارفقوا بهم في الاقتضاء والأخذ". وفي المجمل: "على غير مائكم".

([24]) بعده في اللسان: * ولا تمكي مذحجاً وعكا *

([25]) الغرض، بالتحريك، الضجر والملال.

([26]) لأبي دواد الإيادي، كما في المجمل واللسان (ملل).

 

ـ (باب الميم والنون وما يثلثهما)

(مني)  الميم والنون والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على تقديرِ شيءٍ ونفاذِ القضاءِ به. منه قولهم: مَنَى له المانِي، أي قدَّر المقدِّر. قال الهذليّ:

لا تأمَنَنَّ وإن أمسيْتَ في حَرَمٍ *** حَتَّى تُلاقِيَ ما يَمنِي لك المانِي([1])

والمَنَا: القَدَر. قال:

سأُعْمِلُ نَصَّ العِيسِ حتّى يكفَّني *** غِنَى المال يوماً أو مَنَا الحدثانِ([2])

وماءُ الإنسان مَنِيٌّ، أي يُقَدَّر منه خِلْقَتُه. والمنيَّة: الموت لأنَّها مقدَّرة على كلٍّ. وتمنِّي الإنسانِ كذا قياسه، أملٌ يقدِّرُه([3]). قال قوم لـه ذلك([4]) الشّيء الذي يَرجُو. والأمْنِيَّة: أُفعولةٌ منه. ومِنى([5]): [مِنَى([6])] مكّة، قال قومٌ: سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبَح فيه: من قولك مَنَاه الله.

ومما يَجرِي هذا المجرى المَنَا: الذي يُوزَن به، لأنَّه تقديرٌ يُعمل عليه([7]). وقولنا: تمنَّى الكِتَابَ: قرأه. قال الله تعالى: {إلاَّ إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّتِهِ} [الحج 52]، أي إذا قرأ. وهو ذلك المعنى، لأن القراءة تقديرٌ ووضع كُلِّ آية موضِعَها. قال:

تمنَّى كتابَ الله أوَّلَ لَيلهِ *** وآخِرَهُ لاقى حِمام المقادرِ([8])

ومن الباب: مانَى يُمانِي مماناةً، إذا بارَى غيرَه. وهو في شِعر ابن الطَّثْرِيّة:

سَلِي عَنِّيَ النّدمان حين يقول لي *** أخو الكأسِ ماني القومَ في الخَيرِ أورِدِ([9])

وهذا من التَّقدير، لأنَّه يقدِّر فِعله بِفعل غيرِه يريد أنْ يساوِيَه. وأمَّا مُنيَةُ النّاقة، فهي الأيام التي يُتعرَّف فيها ألاقِحٌ هي أم حامل.

(منح)  الميم والنون و الحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطِيّة. قال الأصمعي: يقال امتُنِحْتُ المالَ، أي رُزِقْتُهُ([10]). قال ذو الرُّمّة:

نَبَتْ عيناكَ عن طللٍ بِحُزْوَى  *** محته الرّيحُ وامتُنِحَ القِطارا([11])

والمنيحة: مَنِيحة اللبن([12])، كالنَّاقة أو الشّاةِ يُعطِيها الرّجلُ آخَرَ يحتلبُها ثم يردُّها. والناقة المُمانِحُ: التي يبقى لبنُها بعد ذهابِ ألبان [الإبل([13])]، وهي المَنُوح أيضاً. والمَنيح: القِدْح([14]) لاحَظَّ له في القَسْم إلاَّ أن يُمنحَ شيئاً، أي يُعطاه. ويقال المنيح أيضاً: الذي لا يُعتدُّ به، وقيل هو الثَّامن من سِهام المَيسِر.

(منع)  الميم والنون والعين أصلٌ واحد هو خلاف الإعطاء. ومنَعتُه الشَيءَ منعاً، وهو مانِعٌ ومَنّاع. ومَكانٌ منيع. وهو في عِزٍّ ومَنْعَة([15]).

ـــــــــــــــ

([1]) البيت لأبي قلابة الهذلي في ديوان الهذليين (3: 39) واللسان (منى). على أن إنشاده فيهما:

ولا تقولن لشيء سوف أفعله *** حتى  تبين ما يمني لك الماني

وابن بري يراه ملفقاً من بيتين لسويد بن عامر المصطلقي، و هما:

لا تأمن الموت في حل ولا حرم *** إن المنايا توافي كل إنسان

واسلك طريقك فيها غير محتشم *** حتى تلاقي ما يمني لك الماني

([2]) البيت من أبيات لأعرابي من باهلة في البيان (1: 234) والكامل 178 ليبسك وعيون الأخبار (1: 239).

([3]) في الأصل: "أمل أن يقدره".

([4]) كذا ولعل وجه الكلام: "وقال قوم أن تحدثه نفسه بذلك".

([5]) في معجم البلدان أنها منونة. وفي القاموس: "ومنى كإلى قرية بمكة، وتصرف". وفي المصباح: "والغالب عليه التذكير فينصرف".

([6]) التكملة من المجمل.

([7]) في المصباح المنير أن المنا: الذي يكال به السمن وغيره، وقيل الذي يوزن به، رطلان. والتثنية منوان، والجمع أمناء. وفي لغة تميم منَّ بالتشديد والجمع أمنان.

([8]) أنشده في اللسان (منى) بدون نسبة. والبيت لحسان بن ثابت في تفسير أبي حيان (6: 382) وليس في ديوانه. ومن مشهور ما قال في عثمان:

ضحوا بأشمط عنوان السجود به *** يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا

([9]) أنشد قطعة من البيت في المجمل.

([10]) لم يرد هذا المعنى في اللسان، وجاء في القاموس. وفي القاموس أيضاً: "امتنح- بالبناء للفاعل في هذا-: أخذ العطاء".

([11]) ديوان ذي الرمة 193، برواية "عفته الريح".

([12]) كذا في الأصل. وفي المجمل واللسان: "متحة اللبن".

([13]) التكملة من اللسان والمجمل.

([14]) القدح، بالكسر: واحد قداح الميسر. وفي الأصل: "القدر"، صوابه في المجمل واللسان.

([15]) المنعة تقال بالفتح وبالتحريك.

ـ (باب الميم والهاء وما يثلثهما)

(مهي)  الميم والهاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على إمهال وإرخاءٍ وسُهولةٍ في الشَّيء. منه أمْهَيْتُ الحَبلَ: أرخيتُهُ، وناسٌ يروُون بيت طرَفة:

لَعَمْرُك إنَّ الموتَ ما أخطَأَ الفَتى *** لَكالطِّوَلِ المُمْهَى وثِنْيَاهُ باليدِ([1])

وأمْهَيْتُ الفَرسَ إمهاءً: أرخيتُ من عِنانه. وكلُّ شيءٍ جَرَى بسهولةٍ فهو مَهْوٌ. ولبنٌ مَهْوٌ: رقيق. وناقةٌ مِمْهاءٌ: رقيقة اللَّبَن. ونُطفةٌ مَهْوة: رقيقة. وسيفٌ مَهوٌ: رقيقُ الحدِّ، كأنه يمرُّ في الضَّريبة مَرَّ الماء([2]). قال:

وصارمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبتُه *** أبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِهِ رُبَدُ([3])

ومن الباب أمهيت الحديدة: سقيتها. يريد به رقّة الماء، والمَهَا: جمع المهاة، وهي البِلَّوْرة؛ سمِّيت بذلك لصفائها كأنَّها ماء. قال الأعشَى:

وتَبْسِمُ عن مَهَاً شَبِمٍ غَرِيٍّ *** إذا يعطى المقبِّلَ يستزيدُ([4])

والجمع مَهَوات ومَهَيات. أمّا البقرة فتسمَّى مَهاةً، وأظنُّها تشبيهاً بالبِلَّورة.

ومما شذَّ عن الباب شيءٌ ذَكره الخليل، أنَّ المَهَاءَ ممدود: عيبٌ وَأوَدٌ يكون في القِدْح ويحتمل أنَّه من الباب أيضاً؛ فإنَّ ذلك يقرب من الإرخاء ونحوِه. والثَّغر إذا ابيضَّ وكُثر ماءه مَهاً. قال الأعشى:

وَمَهَاً ترِِفُّ غُروبُهُ *** يَشفي المتيَّم  ذا الحرارهْ([5])

وفي الحديث: "جَسَدَ رجل مُمَهَّى([6])" أي مُصَفَّىً، يشبِه المها البلّور. *وفي حديث ابن عباس لعُتْبَة بن أبي سفيان، وكان قد أثْنَى عليه وأحسَنَ: "أمْهَيْت أبا الوليد"، أي بالغتَ في الثَّناء واستقصيت. ويقال: أمهَى الحافِرُ وأماهَ، أي حَفَر وأنْبَط. ولعلَّ هذا من باب القلب، وكذلك أخواتها من الباب وربَّما سميت النُّجوم مَهاً تشبيهاً([7]).

(مهج)  الميم والهاء والجيم كلمةٌ تدلُّ على شَيءٍ سائل. من ذلك الأُمْهُجانُ: اللَّبَن الرَّقيق. ولبنٌ ماهج: إذا رقَّ والمُهْجة فيما يقال: دم القلب.

(مهد)  الميم والهاء والدال كلمةٌ تدلُّ على توطئةٍ وتسهيلٍ للشّيء. ومنه المَهْد. ومهَّدْتُ الأمرَ: وطَّأته. وتمَهَّد: تَوطَّأ والمِهاد: الوِطاء من كلِّ شيء. وامْتَهَدَ سَنامُ البعير وغيرِه: ارتفع. قال أبو النَّجم:

* وامتَهَدَ الغاربُ فِعلَ الدُّمَّلِ([8]) *

أي ارتفع وتَسوَّى وصار كالمِهادِ. وجمع المهاد مُهُدٌ.

(مهر)  الميم والهاء والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على أجرٍ في شيءٍ خاص، والآخر شَيء من الحيوان.

فالأوّل المَهْر: مَهرُ المرأةِ أجرُها، تقول: مَهَرْتها بغير ألِفٍ، فإذا زوَّجتَها من رجلٍ على مَهْرٍ قلت: أمْهرتُها. قال:

أُمُّكم ناكحة ضُرَيْسَا *** قد أمهَرُوها أعْنُزاً وتَيسا

وامرأةٌ مَهِيرة ونساء مهائر.

والأصل الآخر المُمْهِر: الفرسُ ذات المهْر. [والمهْر([9])]: عظم في زَوْر الفَرَس، وهذا تشبيهٌ. قال:

* جافي اليدينِ عن مُشَاشِ المُهر([10]) *

(مهش)  الميم والهاء والشين ما أحسبه أصلاً ولا فرعاً، لكنّهم يقولون: ناقةٌ مَهْشاء، أسرَعَ هُزالُها([11]). ويقولون: امتَهَشَت المرأةُ: حَلَقت وجْهَها بمُوسَى.

(مهق)  الميم والهاء والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان. قالوا: الأمْهق: الأبيض. ويقولون: عَينٌ مَهْقَاء، فينبغي أن تَكون الشّديدَةَ بياضِ بياضِها. وقال ابن دريد([12]): هو بياضٌ سمجٌ قبيح لا يخالطُه صفرةٌ ولا حُمرة، إلاّ أنّهم يقولون: المُحْمَرَّة المآقي. ويقولون: المَهَق في قول رؤبة:

* صَفَقْن أيديهِنَّ في الحَوْم المَهَقْ([13]) *

شِدَّة خُضرَة الماء.

(مهك)  الميم والهاء والكاف ليس فيه إلاّ المُمَّهِك، وهو الطَّويل المضطرب. ويقولون للقوس اللَّيِّنة مَهُوك([14]). ويقولون للفرس الذّريع: مُمَّهِك أيضاً، والقياسُ واحد.

(مهل)  الميم والهاء واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على تُؤَدة، والآخر جنسٌ من الذائبات([15]).

فالأول التُّؤدة. تقول: مهلاً يا رجُل، وكذلك للاثنين والجميع. وإذا قال مَهْلاً قالوا: لا مَهْلَ واللهِ، وما مَهْلٌ بمغنيةٍ عنك شيئاً([16]). قال:

* وما مَهلٌ بواعظةِ الجَهُولِ([17]) *

وقال أبو عبيد: التمهّل: التقدُّم. وهذا خلاف الأوّل، ولعلَّه أن يكون من الأضداد. وأمهَله الله: لم يُعاجِلْه. ومشى على مُهْلته، أي على رِسْلِه.

والأصل الآخر المُهْل، وقالوا: هو خُثَارَة الزَّيت([18])، وقالوا: هو النُّحَاس الذَّائب.

(مهن)  الميم والهاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على احتقارٍ وحَقَارةٍ في الشيء. منه قولهم مَهِينٌ، أي حقير. والمَهانة: الحَقَارَة، وهو مَهينٌ بيِّنُ المَهانة. ومن الباب المهْن: الخِدْمة، والمِهْنة. والماهِن: الخادم. ومَهَنْت الثّوْب: جذبته([19]) وثوبٌ مَمْهُون. وربما قالوا: مَهَنْتُ الإبلَ: حلبتُها.

ـــــــــــــــ

([1]) من معلقته، والرواية المشهورة، "لكالطول المرخى".

([2]) في الأصل: "في الضرسة من الماء"، صوابه ما أثبت.

([3]) لصخر الغي الهذلي في ديوان الهذليين (2: 60) وشرح السكري للهذليين 12 واللسان (مها، ربد)، وقد سبق في (ربد).

([4]) وكذا روايته في المجمل، وديوان الأعشى 215 وهو في اللسان (مها) برواية "إذا تعطى المقبل".

([5]) ديوان الأعشى 112 واللسان (مها).

([6]) في اللسان: "وفي حديث ابن عبد العزيز أن رجلاً سأل ربه أن يريه موقع الشيطان من قلب ابن آدم، فرأى فيما يرى النائم جسد رجل ممهى".

([7]) شاهده قول أمية بن أبي الصلت:

رسخ المها فيها فأصبح لونها *** في الوارسات كأنهن الإثمد

([8]) سبق في (دمل) وكذا في (3: 159)، وأنشده في اللسان (مهد، دمل).

([9]) التكملة من المجمل واللسان.

([10]) في الأصل والمجمل: "جاء في اليدين"، صوابه من اللسان (مهر).

([11]) وردت الكلمة في القاموس، وأغفلت في اللسان.

([12]) الجمهرة (3: 167).

([13]) في الديوان 108 : "حتى إذا ما كن"، وفي اللسان: "حتى إذا كرعن".

([14]) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.

([15]) في الأصل: "الذاتيات".

([16]) في الأصل: "لا مهل ولا مهل بمغنية عنك شيئاً"، والوجه ما أثبت من المجمل، ونحوه في اللسان.

([17]) للكميت، كما في اللسان (مهل). وصدره:

* وكنا يا قضاع لكم فمهلاً  *

([18]) في الأصل: "الزبد"، صوابه في المجمل واللسان.

([19]) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان. وفي حواشي اللسان عن التكملة: "مهنت الثوب: حذمته". والحذم: القطع.

 

ـ (باب المبم والياء ومايثلثهما)

(ميد)  الميم والياء والدال أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على حركةٍ في شيء، والآخَر على نفعٍ وعطاء.

فالأوّل المَيْد: التحرُّك. ومادَ يَميدُ. ومادت الأغصان تَمِيد: تمايلَتْ. والمَيْدان على فَعْلان: العيش النّاعم الريّان. قال ابنُ أحمر:

............ وصادَفَتْ *** نَعِيماً وميداناً من العيشِ أخْضَرا([1])

والأصل الآخر المَيْد. ومَادَ يَمِيدُ: أطْعَمَ [و] نَفَع. ومادَنِي يَميدُني: نَعَشَنِي. قالوا: وسمِّيت المائدة منه، وكذا المائد([2]) من هذا القياس: قال:

* وكُنت للمنتجِعينَ مائدا([3]) *

قال أبو بكر([4]): وأصابه مَيْد، أي دُوَارٌ عن ركوب البَحر. ومِدْتُه:  أعطيتُه وأمَدْتُه بخيرٍ. وامْتَدْتُهُ([5]): طلبت خَيره. وذهب بعضُ المحقِّقين [أنّ] أصل مَيْد الحركة. والمائدة: الخِوان لأنها تميد بما عليها، أي تحرِّكه وتُزحِله عن نَضَدِه([6]). ومادَهم: أطعَمهُم على المائدة. وأمّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَيْدَ أَنَّا أُوتِينا الكتابَ مِن بعدهم([7])"، أي غير أنّا، أو على أنّا، فهو لغة في بَيْد أنَّا.

(مير)  الميم والياء والراء أصلٌ صحيح، هو المَيْر، ومِرْت مَيْراً. والمِيَرة: الطعام له إلى بلده([8]). وقالوا: ما عنده خَيْرٌ ولا مَيْر.

(ميز)  الميم والياء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تزيُّلِ شيءٍ من شيء وتَزيِيله. وميَّزته تمييزاً ومِزْتُه مَيْزاً. وامتازُوا: تميَّزَ بعضهم من بعض. ويكاد يَتمَيَّز غيظاً، أي يتقَطَّع. وانمازَ الشَّيء: انفصَلَ عن الشيء. قال يصف حيّة:

قَرَى السُّمَّ حتَّى انمازَ فروةُ رأسِهِ *** عن العَظْمِ صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُ

(ميس)  الميم والياء والسين كلمةٌ تدلُّ على مَيَلان. ومَاسَ مَيَسانَا([9]): تبختر. وماس الغصن أيضاً. والمَيْس: شجرٌ يقال إنّه أجودُ خَشَب.

(ميش)  الميم والياء والشين أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيءٍ بشيءٍ ونَفْشه. وماشَتِ المرأةُ القُطنَ بيدِها بعد الحلج. ومنه قولهم للرّجُل إذا أخبر ببعض الحديث وكَتَمَ بعضاً: قد ماش يَميش. وهو مأخوذٌ من مَيْش النّاقة، أن يَحلُِب بعضَ ما في الضرع ويَدَعَ بعضاً؛ فإذا جاوزَ الحَلب النِّصف فليس بمَيش.

(ميط)  الميم والياء والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على دفع ومدافَعَة. وماطه عنه: دفعَه. ومِطتُ الأذَى عن الطريق. يقال أَمَاطَه إماطَةً. ولذلك يقال: "هم في هِياطٍ ومِياط". الهِياط: الصِّياح: والمِياط: الدَّفْع. وقال الفرّاء: تمايَطُوا: تباعدوا وفَسَدَ ما بينهم، تَمَايُطاً.

(ميع)  الميم والياء والعين كلمةٌ صحيحة تدلُّ على جريانِ شيءٍ واضطرابِ شيءٍ وحركتِه. وماعَ الشّيء يَمِيع: جَرَى على وجه الأرض، والمائع كلُّ شيءٍ ذائب([10]). ومنه المَيْعة والنشاط، وذلك للحركة. والمَيْعة: أوّل الشَّباب، وذلك إذا ترعرعَ وتحرَّك.

(ميل)  الميم والياء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على انحراف في الشيء إلى جانب منه. مال يَميل مَيْلاً. فإنْ كان خِلقةً في الشَّيءٍ فَمَيَلٌ. يقال مال يميل مَيَلاً. والمَيْلاء من الرَّمل: عقدة ضخمة تعتزل وتميل ناحيةً. والمَيْلاء: الشَّجرة الكثيرة الفروع، وهي من قياس الباب. والأمْيَل من الرِّجال، يقال إنَّهُ الذي لا يثبت على الفرس. وإن كان كذا فلأنّه يميل عَن سَرْجِهِ. ويقال الذي لا رُمْح معه. وإن كان كذا فشاذٌّ عن الباب. وجمع الأَمْيَلِ مِيل*. قال:

غَيْرُ مِيلٍ ولا عَواوِيرَ في الهَيْـ *** ـجا ولا عُزّل ولا أكفالِ([11])

(مين)  الميم والياء والنون كلمةٌ واحدة، هي المَيْن: الكَذِب. ومانَ يَمِين. قال:

وزعمتَ أنَّكَ قد قَتَلْـ *** ـتَ سَراتَنا كذِباً ومَيْنا([12])

ـــــــــــــــ

([1]) وكذا ورد الاستشهاد بهذه القطعة في المجمل واللسان (ميد).

([2]) في الأصل: "وكذا المائدة".

([3]) ضبط في المجمل بضم التاء من "كنت".

([4]) الجمهرة (2: 303).

([5]) في الأصل: "أمددته".

([6]) في الأصل: "أي يحركه ويزمله عن نصده".

([7]) أوله كما في اللسان: "نحن الآخرون السابقون" وحديث آخر مشهور: "أنا أفصح العرب ميد أني من قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر."

([8]) كذا. ولعله:"تنقله إلى بلده" أو "تجلبه".

([9]) يقال ماس ميساً، وميسانا.

([10]) في الأصل: "ذائب منه".

([11]) للأعشى في ديوانه 11. وقد سبق في (كفل) مع تخريجه.

([12]) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 27 ومختارات ابن الشجري 90 برواية "أزعمت" فيهما.

 

ـ (باب الميم والهمزة وما يثلثهما)

(مأد)  الميم والهمزة والدال كلمةٌ تدل على حُسنِ حال ورِيٍّ في الشيء. المَأْد في الأغصان: الرَّيَّان الليِّن الناعم الميَّال. ومَئِدَ العرفجُ: اهتزَّ رِيَّا. ومن القياس امْتَأد خَيراً: كَسَبَهُ. ويَمْؤُود: مكان.

(مأر)  الميم والهمزة والراء كلمةٌ تدلُّ على عَداوةٍ وشِدّة. منه المِئرة: العداوة. وماءَرتُه مماءَرةً على فاعلته، من ذلك. وأمرٌ مَئِرٌ: شديد([1]).

(مأق)  الميم والهمزة والقاف أصلٌ يدلُّ على صِفةٍ تعتري بعد البُكاء، [و] على أنَفَة.

فالأوّل المَأق: ما يعتري الإنسانَ بعد البكاء. تقول: مَئِقَ يَمْأَقُ، فهو مَئِقٌ. ويقال إنّ المَأْقة: شِدّة البُكاء.

والآخر قولهم: أمْأَقَ: إذا دَخَل في المَأْقة، وهي الأنفَة. وفي الحديث: "ما لم تُضْمرُوا الإمَاق([2])"، أي لم تُضمِروا أنفةً مما يلزمكم من صَدَقةٍ.

(مأل)  الميم والهمزة واللام. قد ذكروا فيها كلماتٍ ما أحسبها صحيحة، لكنَّني كتبتُها للمعرفة. يقولون: مَألتُ للأمر: استعددت. ويقولون: امرأةٌ مَأْلَةٌ: سمينة. ويقولون: المَأْلة: الرَّوضة، والجمع مِئال. وفي كلِّ ذلك نظر.

(مأن)  الميم والهمزة والنون كلمتانِ متباينتان جداً.

فالأولى المَأْنَة: الطِّفْطِفة، والجمع مَأَنات. قال:

إذا ما كنتِ مُهْديةً فأهدِي *** من المَأَناتِ أو قِطَع السَّنامِ([3])

قال ابن دريد([4]): مأنتُ الرّجلَ: أصبت مَأنَتَه. وقولهم: ما مأنْتُ مأنَهُ، أي لم أشعُر به. قال الأصمعيّ: ماءَنْتُ في الأمر، مثل ماعنت، أي رَوَّأْتُ. أمَّا ما جاء في الحديث: "مَئِنّةٌ من فِقْه الرّجل" فمن باب إنّ، وقد ذكر فيه.

(مأي)  الميم والهمزة والياء كلمةٌ. يقال: المأْي: النَّميمة والإفساد بين القوم. يقال مأيْتُ بينهم. قال:

* ومأي بينهم أخُو نُكَراتٍ([5]) *

وإما المائة فيقولون: أمْأَيْتُ الدّراهِم: جعلتُها مائة.

(مأج)  الميم والهمزة والجيم كلمةٌ واحدة. المَأْج: المِلْح. يقال مَؤُجَ يَمؤجُ فهو مَأجٌ بيِّن المؤُوجَة. قال:

* نأَت عنها المُؤُوجة والبحرُ([6]) *

ـــــــــــــــ

([1]) ويقال "مئير" أيضاً، بالمد.

([2]) في اللسان: "وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الوفود من اليمانيين: ما لم تضمروا الإماق، وتأكلوا الرماق. ترك الهمز من الإماق ليوازن به الرماق".

([3]) أنشده في اللسان (مأن) والاشتقاق 15.

([4]) في الجمهرة (1: 16).

([5]) عجزه في اللسان: * لم يَزَلْ ذا نميمةِ مأْآأا *.

([6]) لذي الرمة في ديوانه 211 واللسان (عذا، مأج) وقد سبق في (عذى) وهو بتمامه:

بأرض هجان الترب وسمية الثرى *** عذاة نأت عنها المؤوجة والبحر

 

ـ (باب الميم والتاء وما يثلثهما)

(متح)  الميم والتاء والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَدِّ الشّيءِ وإطالته. ومَتَح النّهارُ: امتدَّ. وليلٌ مَتَّاح: طويل. ومته المَتْح وهو الاستقاء؛ مَتَح يمتَح مَتْحاً، وهو ماتح ومَتُوحٌ. وإنما قيل ذلك لمدِّ الرشاء. وبِئر مَتوحٌ: قريبةُ المَنزَع.

(متر)  الميم والتاء والراء. يقولون، وما أدري ما هو : مَتَرْتُ الشَّيءَ: قطعته؛ ولعله من الإبدال. وقال ابن دريد([1]): مَتَرْتُه مَتْراً. وامْتَرَّ الحبلُ: امتدَّ.

(متس)  الميم والتاء والسين فيه كلمةٌ حكاها ابن دريد([2])، هي مَتَسه يَمْتِسُه مَتْساً: أراغَه لينتزِعَه من بيتٍ أو غيره.

(متع)  الميم والتاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعة وامتدادِ مُدّةٍ في خيرٍٍ. منه استمتعت بالشَّيء. والمُتْعة والمَتَاع: المنفعة في قوله تعالى: {بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فيها مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور 29].، ومتَّعت المطلَّقة بالشَّيء، لأنَّها تنتفع به. ويقال أمْتَعْتُ بمالِي، بمعنى تمتَّعت. قال:

خليطَينِ من شعبيْنِ شَتَّى تجاورَا *** قديماً وكانا للتفرُّقِ أمتَعَا([3])

ورواه الأصمعي: "بالتفرّق". يقول: لم تكن متعة أحدِهما لصاحبه إلاّ الفِراق. ويقولون: لئن اشتريتَ هذا الغلامَ لَتَمْتَعَنَّ منه بغلامٍ صالح([4]). ويقولون: حبل ماتِعٌ: جيِّد، ومعناهُ أنَّ المدّة تمتدّ به. ويقولون: مَتَع النَّهارُ: طال. ومَتَع النباتُ مُتُوعاً. فأمَّا قول النابغة:

إلى خير دينٍ نُسكه قد علمته *** وميزانُه في سُورة البِرِّ [ماتعُ]([5])

فقالوا: معناه راجحٌ زائد. ومَتَع السّرابُ: طالَ في أوَّل النهار مُتوعاً* أيضاً. قال أبو بكر: والمتعة: ما تمتعت [به([6])]. ونِكاح المُتعة التي كُرِهتْ أحسَبها من هذا([7]). والمتاع من أمتعة البيت: ما يستمتع به الإنسانُ في حوائجه. ومتَّع الله به فلاناً تمتيعاً، وأمتَعَه به إمتاعاً بمعنىً واحد، أي أبقاه ليستمتع به فيما أحب من السرور والمنافع.

وذهب مِن أهل التَّحقيق بعضُهم إلى أنَّ الأصل في الباب التلذُّذ. ومَتَع النَّهارُ لأنهُ يُتَمتَّع بضيائه. ومَتع السّرابُ مشبَّه بتمتُّع النهار. والمتاع: الانتفاع بما فيه لذَّةٌ عاجلة. وذهبَ منهم آخرُ إلى أنَّ الأصلَ الامتدادُ والارتفاع، والمتاع انتفاعٌ ممتدُّ الوقت. وشراب ماتعٌ: أحمر، أي به يُتمتَّع لجودته.

(متك)  الميم والتاء والكاف. يقولون: المُتْك: الأُترُجّ، ويقال الزُّماوَرْد. ويقال: المتْك([8]): ما تُبقِيه الخاتِنة.

(متل)  الميم والتاء واللام. يقولون: مَتَله مَتْلاً: زعزَعَه.

(متن)  الميم والتاء والنون أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على صلابةٍ في الشيء مع امتدادٍ وطول. منه المَتْن: ما صَلُبَ من الأرض وارتفعَ وانقاد، والجمع مِتانٌ.

ورأيته بذلك المَتْن. ومنه شبِّه المتنانِ من الإنسان: مُكتنِفا الصُّلْب من عصَبٍ ولحم. ومَتَنْتُه: ضربت مَتْنَه. ويقولون: مَتْنَةٌ، يذهبون إلى اللَّحمة. قال امرؤ القيس:

لها مَتْنَتَانِ خَظاتَا كَمَا *** أكبَّ على ساعِدَيه النَّمِرْ([9])

ومَتَنَ قوسَه: وَتَّرها بعَقب من عَقَب المَتْن. ومَتَن يومَه: سارَهُ أجمَعَ، وهو على جهة الاستعارة. ومَتَنْتُه بالسَّوط أمْتِنُهُ: ضربتُه. وعندنا أن يكون ضرباً على المَتْن. والمُماتَنة: المباعَدة في الغاية. وسارَ سيراً مُماتِناً: شديداً بعيداً. وماتنه: ماطله. ومن الباب مُماتَنة الشَّاعرَين، إذا قال هذا بيتاً وذلك بيتاً، كأنَّهما يمتدَّان إلى غايةٍ يريدانِها.

ومما شذَّ عن الباب متَنْتُ الدّابةَ: شققت صَفْنَه واستخرجتُ بيضَتَه.

(مته)  الميم والتاء والهاء. يقولون: التمتُّه: الذَّهاب في البَطَالة والغَوَاية. وهو عندنا من باب الإبدال، الهاء من الحاء، كأنَّه التمتُّح، وقد ذكرناه. ومَتَهت الدّلْوَ: متحتُها.

(متي)  الميم والتاء والحرف المعتل فيه ثلاث كلمات:

إحداها يُستفهَم بها عن زمانٍ. تقول: متى يخرُجُ زيد؟

والكلمة الأخرى من باب الإبدال. يقولون: تمتَّى في نَزْع القَوس، وهو من تَمَطَّى وتمطَّطَ، وقد ذُكِرَ. قال امرؤ القيس:

فأتَتْه الوحشُ واردةً *** فتَمتَّى النَّزْعَ في يَسَرِهْ([10])

والثالثة كلمةٌ هذليَّة، يقولون: جعلته متي كُمِّي، أي في وسط كُمِّي. قال أبو ذؤيب:

شربنَ بماءِ البحرِ ثم ترفَّعَتْ    *** متى لُججٍ خُضْرٍ لهنَّ نئيجُ([11])

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (1: 13).

([2]) في الجمهرة (2: 17).

([3]) للراعي كما في اللسان (متع)، وهو في مجالس ثعلب 367.

([4]) بعده في المجمل واللسان: "أي لتذهبن".

([5]) التكملة من المجمل واللسان (متع). وليس في ديوان النابغة.

([6]) التكملة من الجمهرة (2: 22).

([7]) في الجمهرة: "ونكاح المتعة الذي ذكر أحسبه من هذا".

([8]) بفتح الميم وضمها.

([9]) ديوان امرئ القيس 14 واللسان (متن، خظا).

([10]) ديوان امرئ القيس 152 واللسان (متى، يسر). ويسره، أي حذاء وجهه، وأصله التسكين وحرك السين للشعر. ويروى: "يسره" بضم ففتح: جمع يسرى، وكذلك "يسره" بضمتين جمع يسار.

([11]) ديوان الهذليين (1: 52)، واللسان (متى).

 

ـ (باب الميم والثاء وما يثلثهما)

(مثع) الميم والثاء والعين كلمة واحدة. يقولون: المَثْعاء: مِشْيةٌ قبيحة(1). يقال: مَثَعَت الضّبُع تَمثَع. قال الرّاجز(2):‏

* كالضَّبُعِ المثعاءِ عَنّاها السُّدُمْ(3) *‏

(مثل) الميم والثاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مناظرَة الشّيءِ للشيء. وهذا مِثْل هذا، أي نَظِيرُه، والمِثْل والمِثال في معنىً واحد. وربَّما قالوا مَثِيل كشبيه. تقول العرب: أمثَلَ السُّلطان فلاناً: قَتَلَه قَوَداً، والمعنى أنَّه فعل به مِثلَ ما كان فَعَلَه. والمَثَل: المِثْل أيضاً، كشَبَه وشِبْه. والمثَلُ المضروبُ مأخوذٌ من هذا، لأنَّه يُذكَر مورَّىً به عن مِثلِه في المعنى. وقولهم: مَثَّل به، إذا نَكَّل، هو من هذا أيضاً، لأنَّ المعنى فيه أنَّه إذا نُكِّل بِهِ جُعِل ذلك مِثالاً لكلِّ مَن صَنَعَ ذلك الصَّنيعَأو أرادَ صُنْعَه. ويقولون: مَثَل(4) بالقَتيل: جَدَعه. والمَثُلات من هذا أيضاً. قال الله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلات} [الرعد 6]، أي العقوبات التي تَزجُر عن مثل ما وقعت لأجلِه، وواحدها مَثُلَةٌ كسَمُرَة وصَدُقَة. ويحتمل أنَّها التي تَنْزِل بالإنسان فتُجعَل مِثالاً يَنْزجِرُ به ويرتدع غيرُه. ومَثَلَ* الرّجُلُ قائماً: انتصب، والمعنى ذاك، لأنَّه كأنَّه مِثالٌ نُصِب. وجمع المِثال أمثِلةٌ. والمِثالُ: الفِراش والجمع مُثُل، وهو شيء يُماثِلُ ما تحتَهُ أو فوقَه. وفلانٌ أمْثَلُ بني فلانٍ: أدناهم للخير، أي إنَّه مماثِلٌ لأهل الصَّلاح والخير. وهؤلاء أماثل القوم، أي خِيارُهم.‏

ـــــــــــــــ

(1) اعترض صاحب القاموس على "المثعاء" ثم قال: "أو هذه سقطة من ابن فارس".‏

(2) هو المعنى، كما في اللسان (مثع).‏

(3) أنشده في اللسان شاهداً على أن المثعاء: الضبع المنتنة. وأنشد بعده:‏

* نحفره من جانب وينهدم *‏

(4) يقال بتخفيف الثاء وتشديدها.‏

 

ـ (باب الميم والجيم وما يثلثهما)

(مجد) الميم والجيم والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على بلوغ النِّهاية، ولا يكون إلاّ في محمود. منه المَجْد: بلوغ النِّهاية في الكَرَم. والله الماجد والمجيد، لا كَرَمَ فوق كرَمه. وتقول العرب: ماجَدَ فلانٌ فلاناً: فاخَرَه. ويقولون مثلاً: "في كلِّ شَجرٍ نارٌ، واستَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار"، أي استكثَرَا من النار وأخذا منها ما هو حَسبُهما، فهما قد تناهَيَا في ذلك، حتَّى إنَّه يُقْبَس منهما. وأمَّا قولهم: مَجَدتِ الإبلُ مُجوداً، فقالوا: معناه أنَّها نالت قريباً من شِبَعها(1) من الرُّطْبِ وغَيره. وقال قَومٌ: أَمْجَدْتُ الدَّابَّة: علَفْتُها ما كَفَاها. وهذا أشْبَه بقياس الباب.‏

(مجر) الميم والجيم والراء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس.‏

فالأولى المَجْر، وهو الدَّهْم الكَثِير.‏

والثانية المَجْر: أن يُبَاعَ الشّيء بما في بَطْنِ الناقة. ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وآله عن المَجْر. وكانت [العرب] في الجاهلية تفعله.‏

والثالثة المَجَر بفتح الجيم، وهو ما يكون في بطون الإِبل والشّاء من داءٍ. وشاةٌ مُمْجِرٌ ومِمجارٌ، إذا حملت فهُزِلت فلم تستطع القيام إلاَّ بمن يُقِيمها، وقَلَّما تسلمُ منه قال رجلٌ من العرب: "الضأْنُ مالُ صِدْق إذا أفلتَتْ من المجَر".‏

(مجس) الميم والجيم والسين كلمةٌ ما نَعرِفُ لها قياساً، وأظنُّها فارسيَّة، وهي قولنا هؤلاء المجوس. يقال: تَمَجَّسَ الرّجلُ، إذا صارَ منهم.‏

(مجع) الميم والجيم والعين كلمتان متباينتان.‏

فالأولى المَجْع: أكْل التَّمر باللَّبَن، وذلك هو المَجِيع. والمَجَّاعة(2): المُكْثِر منه. ومَجَاعة التَّمر واللَّبن: بقِيَّتُه(3). وشَرِبَ المجَاعَة. والأخرى تدلُّ على رداءةِ الشَّيء وقلة خيره. يقال لكلِّ شيءٍ رديء مِجْع. وربما قالوا للماجن مَجِعٌ. وامرأةٌ مَجِعَةٌ: تَكَلّمُ بالفُحْش. وفي نِساءِ بني فلانٍ مَجَاعةٌ، وهي أن يصرِّحْن بما يُكنَى عنه من الرَّفَث.‏

(مجل) الميم والجيم واللام كلمةٌ واحدة، وهي مَجِلَتْ يدُه تَمْجَلُ ومَجَلَتْ تَمجُلُ: تنفّطت. ويقولون: جاءَت الإبلُ كأنَّها المَجْل، أي ممتلئة كامتلاء المَجْل، وتَمَجَّلَ قَيْحاً: امتلأ.‏

وغَلط ابنُ دريدٍ في هذا البناء في موضعين(4): ذكر أنَّ المَاجِلَ: مستنقَعُ الماء، وهذا من باب (أجل)، وذكر أنّ المجلة: الصَّحيفة، هو من (جَلّ).‏

(مجن) الميم والجيم والنون كلمةٌ واحدة، هي مجن، يقال: إنّ المُجونَ: ألاَّ يُبَالِيَ الإنسانُ ما صَنَع. قالوا: وقياسه مِنَ(5) النَّاقة المُماجِن، وهي التي يَنْزُو عليها غيرُ واحدٍ من الفُحُولة، فلا تكاد تلقح. والمَجَّان، هو عَطِيّة الرّجل شيئاً بلا ثمن.‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "من شعبها"، تحريف.‏

(2) ويقال أيضاً "مجاع" بدون هاء وكذلك "مجاعة" هذه بضم الميم وتخفيف الجيم.‏

(3) في الأصل: "بعينه"، تحريف. و"المجاعة" هذه وردت في اللسان ولم ترد في القاموس، وضبطت في اللسان بفتح الميم، والقياس ضمها، كما هو وزن بقايا الأشياء.‏

(4) انظر الجمهرة (2: 111).‏

(5) في الأصل: "بين".‏

 

ـ (باب الميم والحاء وما يثلثهما)

(محز)  الميم والحاء والزاء ليس بشيء، على أنهم يقولون: المَحْز: النِّكاح، ومَحَزَها مَحْزاً.

(محش)  الميم والحاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إحراق النار شيئاً حتى ينسحِجَ جِلدُه. يقال: مَحَشَت النارُ الشيءَ تَمْحَشُه. وامتَحَشَ الخبزُ: احتَرق. وروى ابنُ السِّكِّيت: أمْحَشَهُ الحَرُّ. ويقال: امتحَشَ، إذا غَضِب؛ ومعناه أنَّ الغضبَ لحرارته بَلَغَ ذلك المبلغ، كأنّه أحرَق. ويقال للسّنَة الجدْب: قد أمْحَشَت كلَّ شيء. فأمّا قولُ النابغة:

جَمِّع مِحَاشَكَ يا يزيدُ، فإنَّني *** أعددت يربوعاً لكم وتميما([1])

فقالوا: معناه جَمِّعْ هذه القبائل، وكانوا قبائلَ تحالَفُوا بالنّار.

ومما قِيس على هذا مَحَشَ وجهَه بالسّيف مَحشَةً: ضربَه فقَشَرَ الجلد([2]). ومرَّتْ غِرَارةٌ فمَحَشَتْني، أي سَحَجَتْنِي.

(محص)  الميم والحاء والصَّاد أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تخليصِ شيء* وتنقيته. ومَحَصه مَحْصاً: خلَّصه من كل عيبٍ. [و] مَحَصَ الله العبدَ من الذَّنْب: طهَّرَه منه ونقّاه، ومَحَّصَهُ([3]). قال الله تعالى: {ولِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران 141]. ومَحّصْتُ الذّهب بالنّار: خلّصته من الشَّوب. وقولهم: فرسٌ مُمَحَّص يقولون: إنّه الشديد الخَلْق وقياسُه عندنا أنّه البرِيء من العيوب، وكذلك المَحِص من الحِبال والأوتار([4]): ما مُحِص حتى ذهب زئِبرهُ ولانَ. قال الهُذَلي([5]):

لها مَحِصٌ غيرُ جافِي القُوَى *** إذا مُطْيَ حنّ بِوَرْكٍٍ حُدَالِ([6])

(محض)  الميم والحاء والضاد كلمةٌ تدلُّ على خُلوص الشّيء. منه اللبن المَحْض: الخالص؛ وعربيٌّ محض. والمَحْض يشتقُّ منه مَحَضْتُهُمْ: سقيتُهم ذلك. وامتَحَضْتُ أنا: شرِبت المَحْض. وأمحضْتُك الحديثَ: صَدَقْتُكَه. وكذا النصيحة [و] الوُدّ. قال:

قُلْ لِلْغَواني أما فيكُنَّ فاتكةٌ *** تَعلُو اللّئيم بضربٍ فيه إمحاضُ([7])

(محق)  الميم والحاء والقاف كلماتٌ تدلُّ على نُقصان. ومَحَقه: نَقصه. وكلُّ شيء نَقَصَ وُصِف بهذا. والمحَاق([8]): آخِر الشَّهر إذا تمحَّق الهِلال. ومَحَقه الله: ذهَب ببَركتِه([9]). وقال قوم: أمْحَقَه؛ وهو رديء. وقال أبو عمرو: الإمحاق أن يَهلِك كمحاقِ الهلال. وقولهم: ماحِقُ الصَّيف: شِدَّة حَرِّه، أي إنّه بشدَّة الحرِّ يمحَق النبات، أي يُوبِسُه، ويذهبُ به، وقال ابن دريد([10])، في قول القائل([11]):

يقلّب صعدةً جرداء فيها *** نَقيع السّمّ أو قَرْنٌ محيقُ

إنه ليس من المحق، إنما هو مفعول من حُقْت أَحُوق وحِقت أَحيق، أي دَلكت وملَّست.

(محك)  الميم والحاء والكاف كلمةٌ واحدة. المَحْكُ: التَّمادي واللَّجاج. وتماحَكَ الخصمانِ: تلاجَّا. وهو مَحِكٌ.

(محل)  الميم والحاء واللام أصلٌ صحيح له معنيانِ: أحدهما قِلّة الخير، والآخَر الوِشاية والسِّعاية.

فالمَحْل: انقطاع المطر ويُبْس الأرضِ من الكلأ. يقال: أرضٌ مُحُول، على فُعُول بالجمع. قال الخليل: يحمل ذلك على المواضع. وأمْحَلَت فهي مُمْحِل. وأمْحَل القوم. وزمانٌ ماحِل.

والمعنى الآخَرَ مَحَل به، إذا سعَى به. وفي الدعاء: "لا تجعل القرآنَ بنا ماحلا"، أي لا تجعله يَشهد عندك علينا بتركنا اتِّباعَه، أي اجعَلْنا ممّن يتبع القرآن ويعَمَل به.

وما يُبايِن هذين المعنيين: لبنٌ مُمَحَّل، محَّله القوم، أي حَقَنوه.

(محن)  الميم والحاء والنون كلماتٌ ثلاثُ على غير قياس.

الأولى المَحْن: الاختبار. ومَحَنَه وامتحنه.

والثانية: أتيتُه فما مَحَنني شيئاً، أي ما أعطانيه.

والثالثة مَحَنه سَوطاً: ضربَه.

(محو)  الميم والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الذَّهاب بالشيء. ومَحَتِ الرِّيحُ السحابَ: ذهبَتْ به. وتسمَّى الشّمالُ مَحْوَة، لأنّها تَمحو السَّحاب. ومَحَوْت الكتابَ([12]) أَمْحُوه مَحْواً. وامَّحَى الشّيءُ: ذهب أثرُه، كذلك امْتَحَى.

(محت)  الميم والحاء والتاء ليس بأصل، إنّما هو مقلوب. يقولون: المَحْت: الشَّديد من كلِّ شيء. ويومٌ مَحْتٌ: شديدُ الحر. والأصل الحَمْتُ.

(محج)  الميم والحاء والجيم. يقولون: مَحَجت الأرضَ الرِّيحُ: مسحت التُّرابَ عنها. ومَحَجْتُ اللَّحمَ: قشَرته. قال الخليل: والمَحْج: مسحُ شيءٍ عن شيء. قال ابن دريد([13]): ومَحَجت الأديمَ والحبْلَ، إذا دلكته لِيَلين. قال: وماحَجْتُه مُماحجةً ومِحاجاً، إذا ماطَلته. وإن صحَّ الباب فأصله المَسْح.

ـــــــــــــــ

([1]) ديوان النابغة 70 واللسان (محش). ويزيد هذا هو يزيد بن أبي حارثة بن سنان، ابن أخي هرم بن سنان. وكان قد تزوج بنت النابغة ثم طلقها. وتميم هذه هي تميم بن ضبة بن عذرة بن سعد بن ذبيان، وليست تميم بن مر، شرح ديوان النابغة للبطليوسي.

([2]) في الأصل: "قشعر الجلد"، صوابه في المجمل.

([3]) أي يقال بتخفيف الحاء وتشديدها أيضاً.

([4]) في الأصل: "الجبال والأوتاد".

([5]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 185). وأنشده في اللسان (ورك، حدل) بدون نسبة.

([6]) روايته في اللسان (حدل): "من الثور حن"، وقال: "أي من عقب الثور".

و "مطي" هي أيضاً رواية المجمل واللسان (ورك)، قال في اللسان: "أراد مطي فأسكن الحركة"، ووراية الديوان: "إذا مط".

([7]) وكذا أنشده في المجمل والجمهرة (2: 169) بدون نسبة.

([8]) المحاق، بتثليث الميم.

([9]) في الأصل: "بتركته".

([10]) الجمهرة (2: 182).

([11]) هو المفضل النكري، كما في اللسان (محق) والأصمعيات 54. والبيت في المجمل والجمهرة بدون نسبة. ورواية الأصمعيات:

يهزهز صعدة جرداء فيها *** سنان الموت أو قرن محيق

([12]) في الأصل: "ومحوت الكتاب أثره".

([13]) الجمهرة (2: 59).

 

ـ (باب الميم والخاء وما يثلثهما)

(مخر) الميم والخاء والراء أصلٌ يدل على شَقٍّ وفَتْح. يقال مَخَرت السّفينةُ الماءَ مخراً: شَقَّته. قال الراجز في نساءٍ يختصمن ويستعنَّ بأيديهنّ، كما يفعل السَّابح:‏

* مقدِّمات أيدِيَ المَوَاخِرِ(1) *‏

ويقال: مَخَرْتُ الأرضَ، إذا أرسلْتَ فيها الماء. ويقال استمخَرْتُ الرِّيحَ، إذا استقبلتَها بأنفِك. وقياسُه صحيح، كأنَّك تشقُّ الرِّيح بأنفك. وقولهم: امتخَرْتُ القومَ، إذا انتقيْتَ خِيارَهم، كأنَّه شقَّ النّاس إليه حتَّى انتخَبَه. قال:‏

* من نُخْبةِ النّاسِ التي كان* امتخَرْ(2) *‏

ومما شذَّ عن هذا الباب اليَمخُور: الرّجل الطَّويل. فأمّا بناتُ مخْرٍ فهي سحابٌ تنشأ في الصَّيف، وليس من الباب، لأنَّه من الإبدال والأصل الباء "بَخْرٌ"، وقد مرَّ.‏

(مخض) الميم والخاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابِ شيء في وعائِه مائعٍ، ثم يستعار. ومَخَضت اللَّبَن أمخضه مَخْضاً. والمَخْض: هدر البَعير، وهو على التَّشبيه، كأنَّه يمخض في شِقْشِقته شيئاً. والماخِض: الحامل إذا ضرَبَها الطَّلْق. وهذا أيضاً على معنى التَّشبيه، كأنَّ الذي في جوفها شيءٌ مائع يتمخَّض. والمَخَاض: النُّوق الحواملُ، واحدتها خَلِفة. ويقال لولد النَّاقة إذا أُرسِل الفحلُ في الإبل التي فيها أمُّه: ابنُ مَخَاضٍ، لَقِحت أُمُّه أمْ لا.‏

(مخط) الميم والخاء والطاء أصيلٌ، يدلُّ على بُروزِ شيءٍ من كِنِّه، صحيحٌ. وامتَخَط السَّيفَ: انتضاه. وأمْخَطَ السَّهمَ(3): أنفَذَه إمخاطاً. وربَّما قالوا: امتخَطَ ما في يده: اختَلَسه.‏

(مخن) الميم والخاء والنون يقولون: المَخْن: الرَّجُل الطَّويل(4).‏

(مخي) الميم والخاء والحرف المعتلّ. يقولون: تمخَّى من الشَّيء وامَّخى منه: تبرَّأ منه وتحرَّج. قال:‏

ولم تُراقِبْ مأثَماً فتَمَّخِهْ *** من ظُلْمِ شيخٍ آضَ من تَشَيُّخِهْ(5)‏

(مخج) الميم والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: مَخَج البئرَ، إذا خَضْخَضَها. قال:‏

* يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما(6) *‏

ويَكنون به عن البِضاع، فيقال: مَخَجَها. والله أعلم بالصَّواب.‏

ـــــــــــــــ

(1) أنشده في اللسان (مخر).‏

(2) للعجاج في ديوانه 19 واللسان (مخر) برواية: "من مخة الناس".‏

(3) في الأصل: "السيف"، صوابه في المجمل واللسان.‏

(4) يقال للطويل وللقصير أيضاً، فهو من الأضداد.‏

(5) بعده في اللسان (مخا):‏  * أشهب مثل النسر بين أفرخه *‏

(6) في الأصل: "الداء اجموما"، صوابه مما سبق في (جم). والرجز في اللسان (جمم، مخج، قلذم).‏

 

ـ (باب الميم والدال وما يثلثهما)

(مدر)  الميم والدال والراء أصل صحيح يدلُّ على طينٍ متحبِّب، ثم يشبَّه [به]. فالمَدَر معروف، والواحدة مَدَرَةٌ، وربَّما قالوا: سمِّيت البلدة مَدَرة. قال:

* لَيْلاً وما نَادَى أذِين المَدَرَه([1]) *

والمَدْر: تطيينُك وجهَ الحَوض بالطِّين، وهو المَدَر المبلول بَلاًّ بالماء([2]). ومكان ذلك الطِّين مَمْدَرةٌ. والأمْدَر من الضِّباع، لونُه لونُ المَدَرِ([3]). ويقال: رجلٌ أمدَرُ: عظيم الجَنْبَين، وأظنُّه من تَراكُم اللَّحم عليه، كأنَّه مَدَرٌ.

(مدس)  الميم والدال والسين. ذكر ابن دريد([4]): المَدْس: الدَّلْك والفَرْك. ومَدَسْتُ الأديمَ مَدْساً.

(مدش)  الميم والدال والشين. يقولون مَدْشاء: لا لحمَ على يدَيْها([5]). وقال أبو بكرٍ([6]): مَدِشَتْ عينُه: أظلَمَتْ، والرجُل مَدِشٌ.

(مدق)  الميم والدال والقاف كلمةٌ واحدة حكاها أبو بكر: مَدَقْتُ الصَّخرَ([7]) وغيره: كسرته.

(مدل)  الميم والدال والميم من كلمات أبي بكر أيضاً([8]): المِدْل: اللَّبَن الخاثر.

(مدن)  الميم والدال والنون ليس فيه إلاّ مدينة، إن كانت على فعيلة، ويجمعونها مُدُناً. ومدَّنْتُ مَدينةً.

(مده)  الميم والدال والهاء ليس بأصلٍ، لأنّ هاءه عن حاء، التَّمَدُّح والتَّمَدُّه. ومَدَهته. قال:

* لِلهِ دَرُّ الغَانياتِ المُدَّهِ([9]) *

قال الخليل: المَدْه يضارع المدح([10])، إلاّ أنّ المَدْه في نَعت الجَمَال والهيئة، والمدح عامٌّ في كلِّ شيء.

(مدي)  الميم والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيء وإمداد([11]). منه المَدَى: الغاية. والمَدِيُّ فيما يقال: الماء المجتمع، والحوضُ الذي يُمِدُّ ماؤه بعضُه بعضاً، والجمع أمدِيَة. قال:

* إذا أُمِيلَ في المَدِيِّ فاضا([12]) *

والمُدْي: مِكيال([13]).

ومما شذَّ عن هذا الباب المدْية([14]): الشَّفرة، وجمعها مُدَىً. ويحتمل أنَّها من الباب أيضاً، فإنه إذا ذُبِحت الذَّبيحة بها كان ذلك مَداهَا. وإلى هذا أشار أبو علي([15]).

(مدح)  الميم والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على وصفِ محاسنَ بكلامٍ جميل. ومَدَحَه يَمْدَحه مَدْحاً: أحسَنَ عليه الثَّناء. والأُمْدُوحة: المَدْح. ويقال المََْقَبة أمْدُوحةٌ أيضاً. قال:

لو كان مِدحةُ حيٍّ مُنْشِراً أحداً *** أحْيَا أباكُنَّ يا ليلى* الأماديحُ([16])

(مدخ)  الميم والدال والخاء. يقولون: المَدْخ: العظمة. والتَّمادُخ: البَغي. قال:

تمادَخُ بالحِمَى جَهْلاً علينا *** فَهَلاَّ بالقَنَانِ تَمادِخِينا([17])

وحكى ابنُ دريد([18]): تمدَّخَت النَّاقة: تلوَّتْ في سَيرِها. وتمدَّخَت: امتلأَتْ شَحماً.

ـــــــــــــــ

([1]) للحصين بن بكير الربعي، يصف حمار وحش. اللسان (أذن). وقبله في اللسان (مدر، أذن): * شد على أمر الورود مئزره *

([2]) في الأصل: "لبلا الماء".

([3]) في المجمل: "والأمدر من الضباع لون له".

([4]) في الجمهرة (2: 266).

([5]) بعده في الأصل: "مدشت الصخرة وغيره كسرته. مدل الميم والدال واللام من كلمات أبي بكر"، تحريف وإقحام لما سيأتي من الكلام.

([6]) الجمهرة (2: 269).

([7]) في الأصل: "الصخرة". على أن نص الجمهرة (2: 294): "ومدقت الصخرة، إذا كسرتها".

([8]) في الجمهرة (2: 299).

([9]) لرؤبة في ديوانه 165 واللسان (مده) والجمهرة (2: 302) وفيها: "ومن روى المزه، أراد المزح".

([10]) وكذا روايته عن الخليل في المجمل. والذي في اللسان: "وقال الخليل بن أحمد: مدهته في وجهه، ومدحته إذا كان غائباً".

([11]) في الأصل: "وامتداد".

([12]) أنشده في المجمل واللسان (مدى).

([13]) هو مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رطلاً، وقيل غير ذلك.

([14]) المدية، مثلثة الميم.

([15]) كذا، ولعلها أبو عبيد.

([16]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 113). وأنشده في اللسان، ونبه ابن بري أن الرواية الصحيحة ما رواه الأصمعي، وهي:

لو أن مدحة حي أنشرت أحداً *** أحيا أبوتك الشم الأماديح

([17]) كذا روايته في المجمل. والقنان: موضع. وفي الأصل: "بالفتان"، وفي اللسان (مدخ): "بالقيان".

([18]) الجمهرة (2: 202).

 

ـ (باب الميم والذال وما يثلثهما)

(مذر) الميم والذال والراء يدلُّ على فسادٍ في شيء. ومَذِرت البيضة: فسدَت. وأمْذَرَتْها الدَّجاجة. والتمذُّر: خُبْث النَّفس. ومَذِرَتْ لـه نفسي. ومَذِرت مَعِدتُه: فَسَدت. والأمْذَر: الكثير الاختلاف إلى الخَلاء، وهو ذلك المعنى.‏

ويجوز أن يقال: إنّ من الباب قولهم تفرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ.‏

(مذع) الميم والذال والعين. يقولون فيه المذَّاع: الكذَّاب، والذي لا يكتُم السِّرَّ أيضاً. ومَذَع ببَوْلِه: رمى ببوله.‏

(مذق) الميم والذال والقاف أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيءٍ لا علَى جهة النَّصاحة.‏

من ذلك مَذَق اللّبَنَ بالماء، وإنَّما يراد بذلك تكثيره. واشتُقَّ منه المذَّاق: الذي يَمذق الوُدّ بملَلٍ يكون فيه. والمَذْق: اللَّبَن الممزوج أيضاً، وكذا المَذِيق.‏

(مذل) الميم والذال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاءٍ وقلّةِ تشدُّدٍ في الشَّيء. منه الامذِلال: الفَتْرة في النَّفس. قال ذُو الرُّمَّة:‏

[وذِكرُ البَينِ يَصدعُ في فؤادي *** ويُعقِبُ في مفاصِلِيَ] امذِلالا(1)‏

والمَذِيلُ: المريضُ(2) الذي لا يتَقَارُّ. وقد يكون من هذا القياسِ المَذِلُ لما عِندَه من مالٍ وسِرٍّ، إذا لم يَقدِرْ على ضبطِ نَفْسِه. ومَذِل من كلامه: قَلِق.‏

(مذي) الميم والذال والحرف المعتلّ يدلُّ على سهولةٍ في جريانِ شيءٍ مائع. منه المَذْي، وهو أرَقُّ ما يكون من النُّطفة، والفِعل منه مَذَيْتُ وَأمْذَيْتُ، [و] فيه الوضوء.‏

ومن هذا القياس المِذَاء: أن يجمع الرّجلُ بين نساءٍ ورجال يُخَلِّيهم يُماذي بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: "الغَيْرَة من الإيمان، والمِذَاء من النِّفاق". ويقولون: إنَّ ماذِيَّ العسل أبيَضُهُ. وقياس الباب أنَّ الماذِيَّ السَّهلُ الجِرية اللَّيِّن. وكذا الدُّروعُ(3) الماذِيَّة: السَّلِسَة. والخَمْر ماذِيَّة، إذا سُهلت في حَلْقِ شارِبِها.‏

(مذح) الميم والذال والحاء. يقولون: المَذَح: أن يمشِيَ الرّجلُ فتسحج إحدى [رجليه] الأخرى.‏

ـــــــــــــــ

(1) لم يرد في الأصل إلا هذه الكلمة، ولم يرو في المجمل واللسان (مذل). وتكملة البيت من ديوان ذي الرمة 430.‏

(2) في الأصل: "والمذبل المرض".‏

(3) في الأصل: "الدرماع".‏

 

ـ (باب الميم والراء وما يثلثهما)

(مرز)  الميم والراء والزاء أصلٌ يدلُّ على تقطيع شيءٍ وخَدْشه. ومرَزَتِ المرأةُ العجينَ: قطّعته، وكلُّ قطعةٍ مَرْزَةٌ. ويقولون في القياس على هذا: امتَرزَ عِرْضَه، إذا نال منه. ومَرز جِلدَه: خَدَشَه.

(مرس)  الميم والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مُضامَّةِ شيءٍ لشيءٍ بشِدّةٍ وقُوّة.

منه المَرَس: الحَبْل، سمِّيَ لتمرُّسِ قُواهُ بعضِها ببعض، والجمع أمراس ومَرِسَ الحبلُ يَمرَسُ مَرَساً: وقع بين الخُطَّاف والبَكْرة، فأنت تُعالِجُه أن تُخرِجَه. ورجلٌ مَرِسٌ: ذو جَلَد. وفحل مَرَّاسٌ: ذو مِرَاسٍ شَديد. يقال: امتَرَستِ الألسُنُ في الخصومات: أخَذَ بعضها بعضاً. ومنه الامتراس: اللُّزوق بالشَّيءِ وملازمتُه. قال:

فنَكِرْنَه فنَفَرن وامتَرَستْ به *** هَوْجاءُ هادِيةٌ وهادٍ جُرْشُعُ([1])

ومنه تمرَّسَ فلانٌ بالشَّيء: احتَكَّ به([2]). والمَرْمريس: الدَّاهية.

(مرش)  الميم والراء والشين. يقولون: المَرْش: خَرْق الجِلد بأطراف الأظافير. والمَرْش أيضاً: الخَدْش الخفيف. والمَرْشُ: الأرض تَسيلُ من أدنَى مطر.

(مرص)  الميم والراء والصاد. يقولون: المَرْص مثل المَرْش. وتمرَّصَ عن السُّلْتِ قِشرُه: طار. وهذا عندنا كلام.

(مرض)  الميم* والراء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ما يخرج به الإنسان عن حدِّ الصّحَّة في أيِّ شيءٍ كان. منه العِلَّة. مَرِض و… يَمْرَض. وجمع المريضِ مَرْضَى. وأمْرَضَه: أعلَّة. ومرَّضَه: أحسَنَ القيامَ عليه في مرَضِهِ. وشمسٌ مريضة، إذا لم تكن مُشرِقة، ويكون ذلك لهَبْوَةٍ في وجهها. والنِّفاق مرضٌ في قوله تعالى: {في قلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة 10] وقال: {فَيَطْمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب 32]، قالوا: أراد القهْر. وقد قلنا: المرضُ: كلُّ شيءٍ خرَجَ به الإنسان عن حدِّ الصحَّة. وقياسُه مطَّرد.

وقالوا: مَرَّضَ في الحاجة: قَصَّرَ ولم يصِحَّ عزْمُه فيها.

وقد شذَّتْ عن هذا القياسِ كلمةٌ، وهي من المشكل عندنا، يقولون: أمرضَ إذا قارَبَ إصابةَ حاجَتِه. قال:

ولكنْ تحت ذاكَ الشَّيبِ حزمٌ *** إذا ما ظَنَّ أمْرَضَ أو أصابا([3])

(مرط)  الميم والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تحاتِّ الشيءِ أو حَتِّه. وتمرَّط الشَّعر: تحاتَّ، ومَرَطتُهُ. والأمرط من السِّهام: الساقط قُذَذُه. والأمْرَط: الفرس لا شَعرَ على أشاعِرِه. والمُرَيْطاء: ما بين الصَّدر إلى العانة من البَطْن، وهي أقَلُّ من ذلك شَعراً. والمَرَطَى: سُرعة العَدْو، كأنَّه من سُرعتِه يتمرَّط عنه شَعرُه. وناقة مِمْرَطةٌ([4]): سريعة.

(مرع)  الميم والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على خِصْب وخَير. ومرَعَ المكانُ. وأمْرَعَ القومُ: أصابوهُ مَرِيعاً. وأمْرَعَ الوادِي: أكلأَ.

(مرغ)  الميم والراء والغين أصلٌ صحيح يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ أو إسالة شيء. والمَرْغ: اللُّعاب. وأمْرَغ الإنسانُ: سال لعابُه. ومَرَّغتُ الشَّيءَ: أشبعتُه دُهْناً. والإمراغ في العَجين: أن يكثَّرَ ماؤُه. ويقولون: أمرَغَ: أكثَرَ الكلامَ في غيرِ صواب، كأنَّه يُسِيلهُ إسالة. ويقال أمْرَغَ عِرْضَه ومَرَّغه، كأنه لَطَخه وأسال عليه قيحاً.

وقريبٌ من هذا القياس مرَّغتُه في التُّراب فتمرّغ، أي قلَّبته فتقلَّبَ.

(مرق)  الميم والراء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خروجِ شيءٍ من شيء. منه المَرَق لأنَّه شيءٌ يَمرُق من اللَّحم. وأمْرَقْتُ القِدرَ ومَرَقْتُها([5]). والمُروق: الخروج من الشيء. ومرق السهمُ من الرَّمِيَّة: نفذ. ومرقت الإهابَ، إذا حلقْتَ عنه صُوفَه، وهو قياسٌ صحيح لأنَّك كأنَّك أبرزتَ الجلدَ عن شعره([6]). وإذا عُطِنَ الإهابُ حَتَّى يُنتِنَ فهو مَرْقٌ. ويقال إن المُرَاقَةَ: الكَلأُ اليسير، ومعناه أنَّ الأرضَ كأنَّها تجرَّدت ومَرِقَت.

(مرن)  الميم والراء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينِ شيءٍ وسُهولة. ومَرَنَ الشيء يَمْرُنُ مُرُوناً: لانَ. والمارنُ: ما لانَ من الأنفِ وفَضَل عن القَصَبة. وأمْرَانُ الذراع: عَصَبٌ تكون فيها، سُمِّيَت لمُرُونها، أي لينِها. والمَرِن([7]): الحال والعادة. يقال: ما زال ذاك مَرِنَه، أي حالَه. وهو في شعر الكميت، وهو الأمرُ يَمرُنُ عليه الإنسان، إذا اعتاده. والمَرْن. فيما يقال: الفِراء؛ إن([8]) كان صحيحاً، وهي([9]) ليِّنة. قال النَّمر:

* كأنَّ جُلُودَهُنَّ ثِيابُ مَرْنِ([10]) *

ومما شذَّ عن هذا الأصل مارَنَت النّاقةُ: انقطَعَ لبنُها. والمرَانَةُ: ناقةُ ابنِ مُقْبِل. قال:

يا دارَ سلمَى خلاءً لا أُكَلِّفُها *** إلاَّ المَرَانَةَ حتى تعرِفَ الدِّينا([11])

(مره)  الميم والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بياضٍ في شيء. سَرَابٌ أو شَرَابٌ([12]) أمْرَه، أي أبيض. والمرأة لا تتعهَّد الكُحلَ مَرْهاء.

(مري)  الميم والراء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان يدلُّ [أحدُهما] على مسحِ شيءٍ واستِدرار، والآخر على صلابةٍ في شيء.

فالأوَّل المَرْيُ: مَرْيُ الناقة، وذلك إذا مُسِحَتْ للحَلْب، يقال مَرَيْتُها أمْرِيها مَرْياً. ومما يشبَّه بهذا: مَرَى الفرسُ بيدِهِ، إذا حرَّكها على الأرض كالعابث، وكأنَّه يشبَّه بمنْ يَمرِي الضَّرْعَ بيدِه. والمَرَايا: العُروق التي تمتلئ وتَدِرُّ باللبن. قال ابن دريد([13]): مُرْيَةُ النّاقة: أن تُستدرَّ بالمَرْيِ، بضمّ الميم هي الفصيحة، وقد يقال بالكسر([14]).

والأصل الآخر* المَرْو: جمع مَرْوَة، وهي حجارةٌ تبرُق. قال:

حتَّى كأنِّي للحوادِثِ مَروةٌ *** بصَفَا المشَرَّقِ كلَّ حينٍ تقرَعُ([15])

وعندنا أنَّ المِراءَ ممّا يتمارَى فيه الرّجُلانِ من هذا، لأنَّه كلامٌ فيه بعضُ الشدّة. ويقال: مارَاهُ مِراءً ومُماراةً.

ومما شذَّ منهما المِرْية: الشَّكّ.

(مرأ)  الميم والراء والهمزة. وإذا هُمِز خرَج عن القياس وصارت فيه كلماتٌ لا تنقاس. يقال امْرُؤٌ وامرآنِ، وقوم امرئٍ. وامرأةٌ تأنيث امرئٍ. والمُرُوَّة: كمال الرُّجُوليّة، وهي مهموزة مشدَّدة، ولا يُبنَى منه فِعل. والمَرَاءة: مصدرُ الشيء المَريء الذي يُستَمرَأ، ويقال مَرَأني الطَّعامُ وامرأني. والمَرِيء: رأس المَعِدة والكَرِش اللازقُ بالحُلْقوم.

(مرت)  الميم والراء والتاء كلمةٌ واحدة، هي المَرْتُ: الفلاةُ القَفْر. ومكانٌ مَرْتٌ: بيِّنُ المُروتةِ، إذا لم يكن فيه خَير. وجَمعُ مَرتٍ أمراتٌ ومُرُوت. وبلَغَنا أنَّ اشتِقاق مَارُوتَ منه. ويقال المَرْت: أرضٌ لا يجفُّ ثَرَاها ولا ينبتُ مَرعاها.

(مرث)  الميم والراء والثاء كلمةٌ ليست بأصل، بل هي من الإبدال. ومَرَثَ الدواءَ يَمْرُِثه مثل مَرَسه يَمرُسُه. ومنه رجل مِمْرَث: صبورٌ على الخُصومات؛ والجمع مَمَارِث، والأصل السين وقد ذُكِرَتَا.

(مرج)  الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيءٍ وذَهابٍ واضطراب.

ومَرِج الخاتَم في الإصبع: قَلِقَ. وقياس البابِ كلِّه منه. ومَرِجَت أماناتُ القوم وعُهودُهم: اضطربت واختلطت. والمَرْج: أصلُه([16]) أرضٌ ذاتُ نباتٍ تَمْرُجُ فيها الدّوابُّ. [و] قولُه تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن 19]، كأنَّه جلّ ثناؤه أرسَلَهما فَمرِجا. وقال: {هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} [الفرقان 53].

(مرح)  الميم والراء والحاء أصلٌ يدلُّ على مَسَرَّةٍ لا يكاد يستقرُّ معها طرباً. ومَرِحَ يَمْرَحُ. وفرسٌ مِمْرَاحٌ ومَرُوح. قال الله تعالى: {وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر 75]، ومنه المِراح، وقد ذكرناه. قال:

يقولُ العاذِلاتُ علاكَ شيبٌ *** أهذا الشَّيب يمنعني مِرَاحِي

وقوسٌ مَرُوحٌ: يمرَح مَن رآها عجباً بها، ويقال بل التي كأنَّ بها مَرَحاً من حسن إرسالها السَّهم. ويقولون: عينٌ مِمْرَاحٌ: غزيرةُ الدَّمع. وهذا بعضُ قياس الباب، لأنَّهم ذهبوا فيه إلى ما قلناه من قِلّةِ الاستقرار. وكذلك مرَّحْتُ المَزَادةَ: ملأتُها لتتسرَّبَ وتسيل. ومَرِحَت العَينُ مَرَحاناً([17]). قال:

كأنَّ قَذَىً في العَين قد مَرِحَتْ بهِ *** وما حاجةُ الأُخرى إلى المَرَحَانِ([18])

ومَرْحَى: كلمةُ تعجُّبٍ وإعجاب. يقال للرَّامي إذا أصابَ: مَرْحَى له. وقال ابنُ دريد([19]): وإذا أخطأ قالوا بَرْحَى. قال:

* مَرْحَى وأَيْحَى إذا ما يُوالِي([20]) *

(مرخ)  الميم والراء والخاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تليينٍ في شيء.([21]) ومَرَخْتُ الجِلْدَ بالدُّهْن وأمرَخْتُه. وأمْرَخْتُ العجينَ: أكثرتُ ماءَه حتى يسترخيَ. والمَرْخ: شجرٌ سريع الوَري. قال:

أمَرْخٌ خيامُهُمْ أم عُشَرْ *** أم القلبُ في إثرهم مُنْحدِرْ([22])

ومما شذَّ عن هذا الباب المِرِّيخ: سهمٌ طويل يُقتَدَرُ به الغِلاء([23])، له أربع قُذَذ؛ وهو نجمٌ أيضاً.

(مرد)  الميم والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجريدِ الشَّيء من قِشْرِه أو ما يعلوه من شَعَرِه. والأمرد: الشّابُّ لم تَبدُ لِحيتُه. ومَرِدَ يَمْرَدُ. ومرَّدَ الغُصن تمريداً: ألقى عنه لِحاءه فتركّهُ أمْرَد، ومنه شجرةٌ مَرْداء. والمَرْداء: رملةٌ منبطِحةٌ لا نَبْتَ فيها، والجمع مَرادَى([24]). والمارد: العاتي، وكذا المَرِيد، كأنَّه تجرّد من الخير. والأمْرد من الخيل: الذي لا شَعر على ثُنَّتِه. والمُمَرَّد: البناء الطَّويل، وهو قياسُ الباب، لأنَّه كأنَّه مجرّد يشبه الشَّجرةَ المَرداء. ويقولون: المَرَاد: العُنق، وهو القياس إن صحّ. وتمرّد فلانٌ زماناً: بقي أمرد. وقولهم: مَرَدَ الطَّعامَ يَمرُدُه مرداً: ماثَهُ حتَّى يَلِين، هو من الإبدال، والأصل مَرَسَ؛ فأقِيمت الدال مقامَ السِّين. وكذا* مَرَدَ الصَّبِيُّ ثديَ أمِّه يَمْرُدُهُ. وكذا المَرِيد: التَّمر يُنقَع في اللَّبَن، كلّ ذلك معناه  واحدٌ، والأصل السين.

ـــــــــــــــ

([1]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 8)، واللسان (مرس، جرشع).

([2]) في الأصل: "اختل به"، صوابه في اللسان.

([3]) البيت لكثير عزة، كما في البيان (4: 67)، وهو في اللسان (مرض) بدون نسبة.

([4]) في الأصل: "مرطة"، صوابه في المجمل واللسان. وما أثبت هو ضبط اللسان، وضبط في المجمل بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد ثالثه مع الفتح. والذي في القاموس: "وهي ممرط وممراط" الأولى كمحسن، والثانية كمهذار.

([5]) أي أكثرت مرقها، وهذا من باب نصر، وضرب.

([6]) بعده في الأصل: "قال: كأن جلودهن ثياب مرن"، وإنما هذا الاستشهاد من شواهد المادة التالية، وسيأتي في موضعه.

([7]) ضبط في الأصل بفتح الراء، والصواب كسرها، كما في المجمل والقاموس.

([8]) في الأصل: "فإن".

([9]) في الأصل: "أي".

([10]) صدره في اللسان (مرن): * خفيفات الشخوص وهن خوص *

([11]) لابن مقبل، كما سبق تخريجه في (دين) وانظر تعليق الجرجاني على هذا البيت في الوساطة 311.

([12]) في الأصل: "سراب أو سراب".

([13]) الجمهرة (2: 419-420).

([14]) في المجمل: "هذا قول ابن دريد. فأما أهل العلم باللغة بعد فإنهم يقولون: مرية"، أي بالكسر.

([15]) لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوان الهذليين (1: 3) والمفضليات (2: 222). وهذه الرواية تطابق ما فيهما. والمشرق: مسجد الخفيف بمنى. وروي: "المشقر"، وهو جبل لهذيل. كما في معجم البلدان عند إنشاده.

([16]) في الأصل: "أصل".

([17]) بعده في المجمل: "إذا نظرت من وراء اليد إلى الشيء". وفي اللسان: "إذا اشتد سيلانها".

([18]) أنشده في اللسان (مرح) منسوباً إلى النابغة الجعدي، وفي أساس البلاغة (مرح) إلى كثير عزة، وقال: "وكان أعور".

([19]) الجمهرة (2: 145).

([20]) لأمية بن أبي عائد الهذلي في ديوان الهذليين (2: 186) واللسان (مرح). وهو بتمامه:

يصيب الفريص وصدقاً يقو *** ل مرحى وأيحى إذا ما يوالي

([21])يقال بتخفيف الراء وتشديدها.

([22]) لامرئ القيس في ديوانه 6.

([23]) الغلاء: المغالاة بالسهم ليعرف كم مدى ذهابه. وفي الأصل: "الفلاء"، تحريف.

([24]) كذا ضبطت في المجمل، وهو نحو عذراء وعذارى، وفي اللسان "مراد".

 


ـ (باب الميم والزاء وما يثلثهما)

(مزع)  الميم والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع وتقَطُّع. والقِطعَة من اللحم مُزْعة، وقد تكسر الميم. والمُزْعة: الجُرعة في الإناء من الماء. وفلان يتمزَّعُ من الغَيظ، أي يكاد يتقطّع. ومنه مَزَع الظّبْي مَزْعاً: أسرع، كأنَّه ينقدُّ من شدة عَدْوِه؛ وقد يقال للفَرَس.

(مزق)  الميم والزاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تخرُّقٍ في شَيء. ومَزَقه يَمْزِقُه، ومَزَّقَه يمزِّقه. والمِزَق: قطاع الثّوب الممزوق. وناقةٌ مِزَاقٌ: سريعةٌ جداً يكاد يتمزَّق عنها جِلدُها. ومَزَقَ الطَّائرُ بذَرْقِهِ: رمى به. ومزَّقت القومَ: فرّقتهم فتمزَّقُوا.

(مزن)  الميم والزاء والنون أصلٌ صحيح فيه ثلاث كلمات متباينةِ القياس:

فالأولى: المُزْن: السَّحاب، والقطعة مُزْنة. ويقال في قول القائل وأظنُّه مصنوعاً:

كأنَّ ابن مُزنتها جانِحاً ***  فَسِيط لدى الأُفق من خِنْصرِ([1])

إنّ ابنَ المُزْنة: الهِلال.

والثانية المازن: بيض النَّمل.

والثالثة: مَزَنَ قِربَته: ملأَها. وهو يتمزَّنُ على أصحابه، أي يتفضّل عليهم، كأنَّه يتشبَّه بالمزنِ سَخاءً. ولعل المُزْن هو الأصل في الباب، وما سواه فمفرَّعٌ عليه.

(مزي)  الميم والزاء والياء. يقولون: المِزيَّة في كلِّ شيء: التمام والكمال. ولك عندي مزِيَّةٌ. ولا يُبنَى منه فِعل.

(مزج)  الميم والزاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْطِ الشيء بغيره. ومَزَجَ الشّرابَ يَمْزُجُه مَزْجاً. وكأنَّ العَسَلَ يسمَّى المَزْج قالوا: لأنَّه كانَ يُمزَج به كلُّ شراب. قال أبو ذؤيب:

فجاءَ بِمَزْجٍ لم يَرَ النّاسُ مِثلَه    *** هو الضَّحْكُ إلاَّ أنَّه عملُ النّحلِ([2])

وكلُّ نوعٍ من شيئينِ مِزاجٌ لصاحبِه.

(مزح)  الميم والزاء والحاء كلمة واحدة. يقولون: مَزَح مَزْحاً ومُزَاحَة([3]): داعَبَ؛ وهي الممازَحَة.

(مزر)  الميم والزاء والراء كلمتان: الأولى المَزير: الرّجُل القوِيّ. قال:

تَرَى الرّجُلَ النَّحِيفَ فتزدريهِ ***  وفي أثوابِهِ أسدٌ مَزِيرُ([4])

والثانية المَزْر: الذوق والشُّرْب القليل، وكذا التمزُّر. وقال:

تكون بَعدَ الحَسْوِ والتمزُّرِ *** في فمِهِ مثلَ عصير السُّكّرِ([5])

ويقولون: المِزْر: نَبيذ الشَّعير. وإن صحَّ فهو من الباب.

ـــــــــــــــ

([1]) لعمرو بن قميئة في اللسان (مزن، فسط). وانظر شروح سقط الزند 657، 1132.

([2]) ديوان الهذليين (1: 42) واللسان (مزج، ضحك)، وقد سبق في (ضحك).

([3]) كذا ضبط بالضم في المجمل والقاموس، وضبطه في المصباح بفتح الميم. ومثله المزاح بضم الميم وكسرها.

([4]) العباس بن مرداس، في الحماسة (2: 20) واللسان (مزر).

([5]) الرجز في اللسان (مزر، سكر).

 

ـ (باب الميم والسين وما يثلثهما)

(مسط)  الميم والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَرْط شيءٍ رطْبٍ([1])، وعلى امتدادِه من تِلقاءِ نَفْسه.

يقال إنَّ المَسيطَةَ([2]): ما يبقى في الحوض من الماء بكُدورةٍ قليلة. قال الأصمعيّ بئر ضَغِيط، وهو الرَّكِيُّ إلى جَنْبِهِ ركيٌّ آخر فيحمأُ فَيُنْتِن فيسيلُ في الماء العذب فلا يُشرب، فالبئر ضَغيط، وذلك الماء مَسِيط. قال:

يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغيطِ *** ولا يَعَفْنَ كَدَر المَسِيط([3])

ومن الباب المَسْط: أن تَخرِطَ في السِّقاء من لبنٍ خاثرٍ بأصابعك ليخثُر.

(مسك)  الميم والسين والكاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على حَبْس الشيء أو تحبُّسه. والبَخِيل مُمسِكٌ. والإمساك: البُخْل؛ وكذا المَسَاك والمِسَاك([4]) والمَسِيك([5]): البخيلُ أيضاً ورجل مُسَكةٌ، إذ كان لا يَعلَق بشيءٍ فيتخلَّص منه. والمَسَك: السِّوار من الذَّبْل: لاستمساكِهِ باليدِ، الواحدةُ مَسَكة. قال:

ترى العَبَسَ الحوليَّ جَوناً بكُوعِها *** لها مَسَكَاً من غير عاج ولا ذَبْلِ([6])

والمَسَكَة من البِئر: المكان الصُّلب الذي لا يحتاج إلى طَيّ. وهو القياس، لأنّه متماسك. والمَسْك: الإهاب، لأنَّه يُمسَك فيه الشَّيءُ إذا جُعِل سِقَاء.

ومما شذَّ عنه المِسْك من الطيب.

(مسل)  الميم والسين واللام. يقولون: المَسَل، والجمع مُسْلاَنٌ: خدٌّ في الأرض ينقاد ويستطيل. وأمّا المسيل فالميم [فيه زائدة، وهو([7])] من باب السين. [ومُسالاَ الرّجُل: جانبا لَحييه، الواحد مُسَال، يكون هذا مِن أسِيل فهو مُسَالٌ. فإن كان كذا فمكانُه غير هذا([8])]. قال:

* فلو كان في الحيِّ النَّجِيِّ سوَادُهُ *** لما مَسَحَت تلك المُسَالاتِ عامرُ([9])

(مسي)  الميم والسين والحرف المعتلّ كلمتانِ متباينتان جداً.

الأولى زمانٌ من الأزمنة، وهو خلاف الإصباح. يقال أصبَحْنا وأمسَيْنا، وأتانا لمُسْي خامسةٍ ومِسْيِ خامسة. والمَسَاء: خِلاف الصَّباح.

والكلمة الأخرى المَسْيُ: أن يُدخِل الرّاعِي يَدَه في رَحِم النّاقة يَمسُطُ ماءَ الفَحل من رحمِها كراهَةَ أن تحمِل. ويقال إن المَاسِيَ: الماجن، وهذا من باب المهموز، يقال مَسَأ، إذا مَجَنَ. وقال ابن دريد([10]) مَسَأَ الرّجلُ: مَرَن على الشّيء.

(مسح)  الميم والسين والحاء أصلٌ صحيح، وهو إمرارُ الشَّيءِ على الشيء بسطاً. ومَسَحْتُه بيدي مسحاً. ثم يستعار فيقولون: مَسَحَها: جَامَعَها. والمَسِيح: الذي أحَدُ شِقَّيْ وجهِهِ ممسوحٌ، لا عينَ له ولا حاجبَ. ومنه سُمِّي الدَّجَّال مَسيحاً، لأنه مَمسوحُ العين. والمَسيح: العرَق، وإنَّما سُمي به لأنه يُمْسَح. والمَسِيح: الدِّرهم الأطلَس، كأنَّ نَقْشه قد مُسِح. والأمْسَح: المكانُ المستوِي كأنَّه قد مُسِح، والمَسْح يكون بالسَّيف أيضاً على جهة الاستعارة. ومَسَحَ يَدَه بالسَّيف: قطَعَها.

ومن الاستعارة: مَسَحت الإبلُ يومَها: سارت. والمَسْحاء: المرأة الرَّسحاء، كأنَّها مُسِح اللحمُ عنها. وعلى فلان مَسْحةٌ من جمال، كأنَّ وجهه مُسِح بالجمال مَسْحاً. ولذلك سمِّي المسيحُ عليه السلام مسيحاً، كأنَّ عليه مَسحةً من جمال، ويقولون: كأنَّ عليه مَسحةَ مَلَك. والمسائح: الذَّوائِب، واحدتها مَسِيحة، لأنّها تُمسَح بالدُّهن. فأمَّا القِسيُّ فهي المسائح، واحدتها مسيحة، لأنَّها [تُمسَح] عند التَّليين. قال:

له مسائِحُ زُورٌ، في مَراكِضِها *** لينٌ، وليس بها وهْيٌ ولا رَقَقُ([11])

ومما شذَّ عن الباب قولهم: رجل تِمْسَحٌ: مارِدٌ خبيث. وممكن أن يكون هذا تشبيهاً بالذي يسمَّى التِّمساح.

(مسخ)  الميم والسين والخاء كلمتانِ: إحداهما المَسخ، وهو يدلُّ على تشويهٍ وقِلّة طَعْم الشَّيء ومَسَخَه الله: شوَّهَ خَلْقَه من صورةٍ حسنةٍ إلى قبيحة. ورجل مَسيخٌ: لا ملاحةَ له. وطعامٌ مَسيخٌ: لا مِلح له ولا طَعم. قال:

وأنت مسيخٌ كلَحْم الحُوارِ *** فَلاَ أنتَ حُلوٌ ولا أنتَ مُرّْ([12])

ويقولون: مَسَخْتُ الناقةَ، إذا أدبَرْتَها بالإنعاب.

والكلمة الأخرى: القِسِيُّ الماسِخيّة، تنسب إلى ماسِخةَ: رجلٍ من الأَسْد. قال:

فقرَّبْتُ مُبْراةً تخالُ ضُلوعَها *** مِن الماسخيّاتِ القِسِيَّ المُوَتَّرا([13])

 (مسد)  الميم والسين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَدْل شَيءٍ وطَيِّه. فالمَسَد: لِيفٌ يُتَّخذ من جريد النَّخل. والمَسَدُ: حبلٌ يتَّخذ من أوبار الإبل. قال:

* ومَسَدٍ أُمِرَّ من أياَنِقِ([14]) *

وامرأةٌ ممسودةٌ: مجدولة الخَلْق، كالحبل الممسود، غير مسترخية. وعبارةُ بعضهم في أصله أنَّه الفَتْل. والمَسَد: اللِّيف، لأنَّ من شأنه أن يفتَلَ للحَبْل.

ـــــــــــــــ

([1]) يقال خرط الدلو في البئر: ألقاها وحدرها. وخرط البازي: أرسله. والخرط، بالتحريك: ضرب من الفساد يصيب اللبن ونحوه، كأن يخرج اللبن منعقداً كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر.

([2]) وكذا "المسيط" بطرح الهاء.

([3]) أنشده في اللسان (ضغط، مسط).

([4]) وكذا المساكة والمساكة بالهاء فيهما، كما في القاموس. واقتصر في اللسان على "المساكة" بفتح الميم.

([5]) ويقال أيضاً "مسيك" كسكير.

([6]) لجرير، كما سبق في (عبس). وهو في ديوانه 463 واللسان (عبس، مسك، ذبل).

([7]) الكلمتان الأوليان في هذه التكملة من المجمل.

([8]) هذه التكملة من المجمل.

([9]) أنشده في المجمل (مسل) واللسان (سيل).

([10]) في الجمهرة (3: 288).

([11]) لأبي الهيثم الثعلبي، في اللسان (مسح، رقق). وكذا ورد إنشاده في المجمل، وفي اللسان: "لها مسائح"، ونبه في (مسح) أن صواب الرواية "لنا".

([12]) للأشعر الرقبان الأسدي، كما في اللسان والتاج والصحاح (مسخ) ونوادر أبي زيد 73. وانظر مجالس ثعلب 239.

([13]) للشماخ، كما سبق في حواشي (برو/ي).

([14]) لعمارة بن طارق، أو عقبة الهجيمي، كما في اللسان (مسد). وقبله:

* فاعجل بغرب مثل غرب طارق *

 

ـ (باب الميم والشين وما يثلثهما)

(مشط)  الميم والشين والطاء كلمةٌ واحدة وهي المُشْط. ومَشَط شَعره مَشْطاً. والمُشَاطة: ما سقَط من الشعر إذا مُشِط. ويقال على معنى التَّشبيه لسُلاَمَيات ظهرِ القدم: مُشْط.

(مشظ)  الميم والشين والظاء كلمةٌ واحدة. مَشِظَت يدُه: دخلت فيها شَظِيَّةٌ من قَصَبة.

(مشع)  الميم والشين والعين فيه كلماتٌ على غير قياس. يقولون المَشْع: ضربٌ من الأكل، كأكلِكَ القِثَّاء إذا مضغتَها. ويقولون التمشُّع: الاستنجاء. وذكروا حديثاً: "لا تَمَشَّعْ بروثٍ ولا عَظْم"، أي لا تَستَنج بهما. وحُكِي عن ابن الأعرابيّ: امتَشَع الرّجُل ثوبَ صاحبِهِ واختَلَسه. وذئب مَشُوعٌ. ويقولون مَشَعْتُ الغَنَم: حَلَبْتُها. ومَشَع: كَسَب وجَمَعَ.

(مشغ)  الميم والشين والغين كلمةٌ واحدة، مَشَّغه بالقبيح، لطّخه. قال:

* أعلُو وعِرضي ليس بالممشَّغِ([1]) *

(مشق)  الميم والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على سُرعة وخِفّة. يقولون: مَشَق، إذا أسرَعَ الكتابة. ومَشَق: طَعَن طَعْناً بسرعة. ومَشَق في أكله: أسرَع واشتدَّ. والمَشْق: جَذْب الشّيءَ ليمتدَّ ويطول. والوتر يُمشَق حتَّى يَلين. وامتشقتُ الشَّيءَ: اقتطعتُه بسرعة. ومشَقْت الثّوْبَ: مزَّقته. وفَرسٌ مَشِيقٌ وممشوق: طويل مُنجرِد خفيف. وجاريةٌ ممشوقة: حسنة القَوَام([2]). والأصل في الجميع واحد. ومَشِق الرَّجل يَمْشَق: اصطكَّت أليتاه حَتَّى تَسحَّجا([3]).

ومما شذَّ عن الباب المَشِْق: المَغْرة. وثوب مُمشَّقٌ: صبغ بها.

(مشن)  الميم والشين والنون أصلٌ يدلُّ على تناوُل الشّيءِ بضربٍ واستلالٍ وما أشبَهَ ذلك. فالمَشْن: الضَّرب بالسَّوط، ومَشَنه. وامتشَنَ السَّيفَ: استلَّه. وامتشَنَ الشَّيء: اقتَطَعه. ومشَنَ الجِلدَ: سلخه. وممّا يحمل على هذا مَشَّنَت النّاقةُ: دَرَّتْ كارهةً.

(مشي)  الميم والشين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على حركة الإنسان وغيره، والآخَر النَّماء والزيادة.

والأوّل مَشَى يَمشِي مَشْياً. وشرِبْتُ مَشُوَّاً ومَشِيَّاً، وهو الدَّواء الذي يُمْشِي.

والآخر المَشَاء، وهو النِّتاج الكثير، وبه سمِّيت الماشية. وامرأةٌ ماشية: كثُر ولدُها. وأمْشَى الرّجُل: كثُرت ماشيتُه.

(مشج)  الميم والشين والجيم أصلٌ صحيح، وهو الخَلْط. ونُطفةٌ أمشاجٌ، وذلك اختلاط الماء والدّم. ويقال إن الواحد مَشْجٌ ومَشَِج([4]) ومَشيج.  قال الشاعر([5]):

كأنَّ النَّصلَ والفُوقَينِ منه *** خلافَ الصَّدر سِيطَ به مشيجُ([6])

 (مشر)  الميم والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تشعُّبٍ في شيء وتفرُّق. يقال: المَشْرة: شبيه خوصةٍ تخرج في العِضاهِ أيّامَ الخَريف لها ورقٌ وأغصان. يقال: أمْشَرَتِ العِضاهُ. ومَشَرتِ([7]) الأرض: أخرجَتْ نَباتَها. ومَشَّرْتُ الشّيءَ. فرَّقتهُ. قال:

فقلتُ أشِيعا مَشِّرَا القِِدْر حَولَنا *** وأيَّ زمانٍ قدرُنا لم تمَشّرِ([8])

وتَمشَّر فُلانٌ، إذا رُئِي([9]) عليه أثر الغِنى، وهو على معنى التّشبيه، كأنّه أوْرَقَ.

ـــــــــــــــ

([1]) لرؤبة في ديوانه 98، وروايته في الديوان والمجمل مطابقة لهذه، لكن في اللسان (مشغ): "أغدو وعرضي".

([2]) في الأصل: "القيام"، صوابه في المجمل واللسان.

([3])في الأصل: "تستحجا"، وفي اللسان: "تشحجا"، كلاهما محرف عما أثبت. وفي المجمل: "تنسحجا".

([4]) هو كسبب وكنف، كما في القاموس واللسان.

([5]) هو عمرو بن الداخل الهذلي، أو هو زهير بن حرام الهذلي، الذي يقال له "الداخل". ديوان الهذليين  (3: 104)، واللسان (مسج)، ونسب أبو الحسن البيت في حواشي الكامل 496 إلى الشماخ. وليس في ديوانه.

([6]) وكذا جاءت روايته في المجمل، ويروى: "كأن المتن والشرخين منه خلال النصل".  كما في الكامل وإحدى روايتي اللسان. وفي الديوان:

كأن الريش والفوقين منه *** خلاف النصل سيط به مشيج

([7]) كذا ورد هنا والذي في المجمل واللسان والقاموس: "أمشرت"، لكن ورد في اللسان: "أرض ماشرة، وهي التي اهتز نباتها واستوت ورويت من المطر".

([8]) للمرار بن سعيد الفقعسي، كما في اللسان (مشر). وأنشده في (شيع) بدون نسبة.

([9]) في الأصل: "رأى". وفي المجمل: "إذا ظهر".

 

ـ (باب الميم والصاد وما يثلثهما)

(مصع)  الميم والصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين: أحدهما لَمعٌ في الشَّيء وحركة، والآخر ذَهاب الشيء وتولِّيه.

فالأوَّل مَصَعَ البرقُ: أومَضَ. ثم يقال: مَصَعَ الرّجل: ضَرَب بالسَّيف. ومنه المُماصَعة: المجالدة. ويُقاس عليه، فيقال رجل مَصِعٌ: شديد. ومَصَعَ ضَرع النّاقةِ بالماء: ضَربَه. ومَصَعَتِ الأمُّ بالولد: رمت به. ويقال: إنَّ المَصْعَ: المشْي. قال:

يَمْصَعُ في قِطعةِ طيلسانْ ***مَصعاً كمصع ذَكَر الوِرْلانْ([1])

والآخر مَصَعَ الشّيء: ولَّى وذَهَب، وذلك في كلِّ شيء، فهو ماصعٌ. ومَصَعتِ الإبلُ: نَقَصَتْ ألبانُها.

ومما شذَّ عن هذين المعنيين المُصَع: ثَمر العَوسج.

(مصل)  الميم والصاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تحلُّب شيءٍ وقَطْره. منه المَصْل: ماء الأقِط. وشاةٌ مُمْصِل، وذلك إذا تَزَيَّلَ لبنُها في العُلبة قبل أن يُحقن: وهي مِمصالٌ أيضاً. ومَصَل الجرحُ: سال منه شيءٌ يسير. ويستعار فيقال أعطاه عطاءً ماصِلاً: قليلاً. والمُمْصِل: المرأة تُلقِي ولدَها وهو مُضْغة. يقال: أمصلَتْ. وأمصَلَ الرّاعي الغَنَم: حلَبها فاستوعَبَ ما فيها. وأمْصَلَ بِضاعَتَه: أهلكَها وصَرَفها فيما لا خيرَ فيه. أنشد ابن السّكِّيت:

* أمْصَلت مالي كلَّه ونقَصْته([2]) *

والمُصَالة: قُطارة الحُبِّ([3]).

(مصو)  الميم والصاد والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة. المَصْواء: المرأة لا لحمَ على فَخِذَيها([4]).

(مصت)  الميم والصاد والتاء. ذكر ابن دريدٍ([5]) المصت مثل المَصْد: الجِماع، سواء.

(مصح)  الميم والصاد والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب الشّيء. تقول: مَصَحَ الشيءُ يَمصَح مُصُوحاً: رسَخَ في الثَّرى* وغيره. والدَّار تَمصَح، أي تدرُس وتذهَب. ومَصَحَ الظِّلُّ: قَصُر. ومَصَح النَّبات: ولّى وذهب لونُ زهره.

(مصخ)  الميم والصاد والخاء كلمةٌ، وهي الأُمصوخ: واحد الأماصيخ، وهي أنابيب الثّمام. وتَمصَّخْتها: أخَذتها. قال أبو بكر([6]): والمَصخ لغة في المسخ.

(مصد)  الميم والصاد والدال أصلٌ صحيح فيه كلمتان غيرُ متقايستين.

فالأولى المَصْد، يقال هو الرَّضاع، ويقال هو الجِماع، مَصَدَها مَصْداً.

والأخرى المُصْدان: أعالي الجِبال، الواحد مَصَاد. قال:

* مَصَادٌ لمن يأوِي إليهم ومَعقِلُ([7]) *

قال ابن دريد: والمَصْد: البرد. وأصابَتْنا العامَ مَصْدَةٌ([8])، أي مطر.

(مصر)  الميم والصاد والراء أصلٌ صحيح له ثلاثة معان.

الأوّل جنسٌ من الحَلْب، والثاني تحديدٌ في شيء، والثالث عُضوٌ من الأعضاء.

فالأوّل: المَصْر: الحَلْب بأطراف الأصابع وناقةٌ مَصورٌ: لبنُها بطيء الخروج لا تُحلَب إلاّ مَصْراً.

قال ابن السكِّيت: المَصْر: حلب ما في الضَّرع. ويقال التمصُّر: حلب بقايا اللَّبَن في الضّرع. وبقيّةُ اللبن: المَصْر([9]). ومصَّرت عليه الشَّيءَ: أعطيتُه إيّاه قليلاً قليلاً.

والثاني: المِصْر، وهو الحدُّ؛ يقال إنَّ أهل هَجَرَ يكتُبون في شُروطهم: "اشترى فلانٌ الدَّارَ بمُصورها"، أي حدودها. قال عديّ([10]):

وجاعل الشَّمس مِصراً لا خفاء به *** بين النَّهار وبين اللَّيل قد فَصَلا([11])

والمِصْر: كلُّ كُورةٍ يقسم فيها الفَيء والصَّدَقات.

والثالث المَصِير، وهو المِعَى، والجمع مُصران ثم مصارين. ومُصْران الفأرة:  ضربٌ من رديّ التَّمر.

ـــــــــــــــ

([1])  أنشده في المجمل واللسان (مصع)، وهكذا جاء رويه مقيداً في المجمل، وأطلق في اللسان بالكسر.

([2]) في المجمل: "مصلت"، وباقي روايته فيه مطابقة لما هنا. والذي في إصلاح المنطق لابن السكيت 310.

لقد أمصلت عفراء مالي كله *** وماسست من شيء فربك ماحقه

وفي اللسان بدون عزو إلى ابن السكيت:

لعمري لقد أمصلت مالي كله *** وماسست من شيء فربك ماحقه

([3]) الحب بالضم: الجرة الضخمة، والخابية. قال ابن دريد: فارسي معرب. قال أبو حاتم: أصله "حنب" فعرب. قلت: صوابه "خنب" بالخاء، كما في معجم استينجاس 476 وفسره بقوله:

An earthen vessel for holding wine or water

أي وعاء من الخزف يحفظ فيه الخمر أو الماء.

([4]) وكذا في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "خديها"، تحريف، وهو من تصرف مصلح نسخة المجمل.

([5]) الجمهرة (2: 275).

([6]) الجمهرة (2: 227).

([7]) صدره كما في اللسان (مصد): * إذا أبرز الروع الكعاب فإنهم *

([8]) الذي في الجمهرة (2: 275): "ما أصابنا العام مصدة".

([9]) هذا مما فات المعاجم المتداولة، وفي اللسان: "والمصر: قلة اللبن".

([10]) وكذا في المجمل، وصححه ابن بري. ويروى لأمية بن أبي الصلت، كما في اللسان. وليس في ديوانه.

([11]) في الأصل: "وجاعل الليل"، صوابه من المجمل واللسان. ونبه في اللسان على أن صواب روايته: "وجعل الشمس". وقبله:

والأرض صوى بساطاً ثم قدرها *** تحت السماء سواء مثل ما ثقلا

 

ـ (باب الميم والضاد وما يثلثهما)

(مضغ) الميم والضاد والغين أصلٌ صحيح، وهو المضغ للطعام. ومضَغَه يمضغه(1). والمَضَاغ: الطعامُ يُمضَغ. والمُضَاغة: ما يبقى في الفم مما يُمضَغ. والمَضْغة: قطعةُ لحم، لأنَّها كالقطعة التي تُؤخذ فتُمضغ. والماضغان: [ما(2)] انضمَّ من الشِّدقَين.‏

ومما شذَّ عن هذه المضائغ: العَقَبات اللَّواتي على أطراف سِيَتي القوس، الواحدة مَضِيغة.‏

(مضي) الميم والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على نفاذٍ ومُرورٍ. ومَضَى يَمضِي مُضِيَّاً. والمَضَاء: النَّفاذ في الأمر. والمُضَوَاء: التقدُّم.‏

قال القطامي:‏

* فإذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوائِهِ(3) *‏

(مضح) الميم والضاد والحاء كلمةٌ واحدة، هي مَضَح عِرضَه يمضَحُه مَضْحاً: عابَهُ وطعن فيه؛ وأمضَحَه أيضاً.‏

(مضر) الميم والضاد والراء أصلٌ صحيح قليلُ الفروعِ. فالمَضْر بناء قولِك لبن مَضِرٌ وماضِر: شديد الحُموضة. ويقال: اشتقاقُ مُضَرَ منه.‏

والتمضُّر: التعصُّب لِمضر. وقولهم: ذهب دَمُه خِضْراً مِضْراً، أي باطلاً، إتْباعٌ وليسَ من الباب.‏

ـــــــــــــــ

(1) بابه منع ونصر.‏

(2) التكملة من المجمل.‏

(3) عجزه كما في ديوان القطامي 18 واللسان (مضى):‏

* وإذا لحقن به أصبن طعانا *‏

 

ـ (باب الميم والطاء وما يثلثهما)

(مطل)  الميم والطاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مدِّ الشَّيء وإطالته. ومَطَلْتُ الحديدةَ أمْطَلها مَطْلاً: مددتُها. والمَطْل في الحاجة والمماطَلَة في الحربِ مِنْه.

(مطو)  الميم والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مدٍّ في الشَّيء وامتداد. ومطَوْتُ بالقوم أمْطُو مَطْواً: مددت بهم في السَّير. قال امرؤ القيس:

مَطَوْتُ بهم حتَّى تَكِلَّ مَطيُّهمْ *** وحَتَّى الجيادُ ما يُقَدنَ بأرْسَانِ([1])

والمطيّة من ذلك القياس، ويقال بل سمِّيت لأنَّه يُركَب مَطَاها، أي ظَهرها. وسمِّي الظّهر المَطَا للامتداد الذي فيه. والمِطْو: الصَّاحب، لأنَّه يمطو معك. قال:

ناديت مِطْوِي وقد مالَ النَّهارُ بهم *** وَعَبْرَةُ العينِ جارٍ دَمْعُها سَجِمُ([2])

قال ابنُ الأعرابيّ([3]): اشتقاقُه من امتَطَيْتُ([4]) البعير. ومما يجوز أن يقاس على هذا المَِطْو([5]): عذْق النخلة، لامتداده.

(مطح)  الميم والطاء والحاء كلمةٌ واحدة، حكاها* ابنُ دريد([6])، هي المَطْح: الضَّرب باليد، وربما كُنِيَ به عن الجماع.

(مطخ)  الميم والطاء والخاء ليس هو بالباب الموثوق بصحته، لكنهم يقولون: مَطَخَ عرضَه، مثل لَطَخَه. ومَطَخ: لَعِق. والمَطْخ: تتابُع السَّقْي.

(مطر)  الميم والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ فيه معنيان: أحدهما الغَيث النّازل من السَّماء والآخر جِنْسٌ من العَدْو.

فالأوَّل المطَر، ومُطِرْنا مَطراً. وقال ناسٌ: لا يقال أُمْطِرَ إلاّ في العَذاب. قال الله تعالى: {أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان 40]. وتَمَطَّرَ([7]) الرَّجُل: تعرَّض للمطَر. ومنه المستمطِر: طالب الخير.

والثاني قولُهم: تمطَّرَ الرَّجُل في الأرض، إذا ذَهَب. والمتمطِّر: الرَّاكب الفرس يجري به. وتمطَّرَتْ به فرسُه: جَرَتْ.

(مطع([8]))  الميم والطاء والعين. قال: هو مَطَعَ([9]) في الأرض مَطْعاً ومُطُوعاً، إذا ذهب فلم يُوجَدْ ذِكْرُه.

(مطق)  الميم والطاء والقاف. التمطُّق: أن يُلصِق الإنسانُ لِسانَه بالغار الأعلى فتَسمع له صوتاً، وذلك إذا استطابَ ما يأكل. قال الأعشى:

تُرِيكَ القَذَى من دونها وهي دُونَه *** إذا ذاقَها مَن ذاقَها يتمطَّقُ([10])

والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) في الأصل: "مطيت"، صوابه في ديوان امرئ القيس 129 واللسان (مطا).

([2]) أنشده في المجمل واللسان (مطا). وضبط "سجم" في المجمل بضم السين والجيم، وبفتحها مع كسر الجيم. وفي اللسان بفتح السين وإهمال ضبط الجيم.

([3]) في الأصل: "لكن الأعرابي".

([4]) في الأصل: "مطيت"، صوابه من المجمل.

([5]) بفتح الميم وكسرها.

([6]) الجمهرة (2: 173).

([7]) في الأصل: "مطر"، صوابه في المجمل واللسان.

([8]) كان من حق هذه المادة وتاليتها أن تردا في أول الباب كما في المجمل، ولكني أبقيت ترتيبها حرصاً على أرقام الأصل.

([9]) في الأصل: "هو مطعك".

([10]) ديوان الأعشى 147. وأنشد عجزه بدون نسبة في اللسان (مطق).

 

ـ (باب الميم والظاء وما يثلثهما)

(مظع) الميم والظاء والعين فيه معنىً واحد. مَظَّعت القَضيب: تركت عليه لحاءَه حتى يتشرَّب ماءَه، فيكون أصلَبَ له. ومظّعت الأديم الدُّهنَ(1): سقَيته. ثم يُتَوسَّع فيه فيقال: مَظَّعَ الرَّجلُ الوَتَر تمظيعاً: مَلَّسَه. ويقال: إن المُظْعة بقيَّة اللّبن. قال الخليل: ولقد تَمَظَّعَ ما عندك، أي تَلَحَّسَه كلَّه. والمُظْعة: [بقيَّةٌ(2)] من الكلأ. قال: والرِّيح تمظَع الخشبَ(3) حتى تَستخرِج نُدُوَّتَه. فعلى هذا يمكن أنَّ أصلَ الباب النَّشف والتشرُّب. قال الخليل: ومَظَع الوَتَر مَظْعاً.‏

ـــــــــــــــ

(1) كذا في الأصل والمجمل. وفي القاموس: "والتمظيع: التمصيع وتسقية الأديم الدهن".‏

(2) التكملة من اللسان.‏

(3) في الأصل: "الخشبة".‏

 

ـ (باب الميم والعين وما يثلثهما)

(معق)  الميم والعين والقاف ليس بأصلٍ وإنما هو من باب القلب. وأرضٌ مَعِيقة كعميقة. والأماعق: أطراف المَفَازة. ويقال: المَعْق: الأرض لا نَبَاتَ بها. وتمعَّقَ الرجُل: ساء خُلُقه.

(معك)  الميم والعين والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَلْك الشيء ولَيِّه. ومَعَكْتُ الأديم مَعْكاً. ثم يسمّون المِطَالَ واللَّيَّ مَعْكاً، والرّجُلَ المَطول مَعِكاً. قال زهير:

.................... لا *** تَمعَكْ بعرضك إنَّ الغادِرَ المَعِكُ([1])

قال الخليل: رجل مَعْكٌ: شديد الخُصومة. وقولهم: وقَعَ في معكوكاء شيء، يجوز أن يكون الإبدال والأصل بعكوكاء.

(معل)  الميم والعين واللام أصلٌ صحيح فيه كلماتٌ تدلُّ على اختلاسِ شيء وسرعةٍ فيه. ومَعَل الشَّيءَ: اختلَسَه. ثمَّ يقولون: مَعَل خُصْيَتَيْ الفَحل: استلَّهما. ومَعَل: سار سيراً سريعاً.

(معن)  الميم والعين والنون أصلٌ يدلُّ على سهولةٍ في جريان أو جري أو غير ذلك. ومَعَن الماءُ: جَرَى. وماءٌ معينٌ. ومجارِي الماء في الوادي مُعْنانٌ، كذا قال أبو بكر([2]). والمَعْنة: ماءٌ قليل يجري. ومن الباب أمعَنَ الفرسُ في عَدْوِه. وأمْعَنَ بحقِّي: ذهَبَ به. ورجل مَعْنٌ في حاجته: سَهْل. وأمعنت الأرضُ: رَوِيَتْ. وكلأ مَمْعونٌ: جَرَى فيه الماء. وقول النَّمْر:

ولا ضيّعْتُه فأُلاَمَ فيه *** فإنَّ ضَيَاعَ مالِكَ غيرُ مَعْنِ([3])

معناه غير سهل. ويقولون: "ماله سَعْنَةٌ ولا مَعْنَةٌ" وهو من الإتباع، ويجوز أن يكون من الباب، أي ماله كثيرٌ ولا قليل يسهل خَطَره. وقولهم للمنزل مَعَانٌ، وزنه فعَال، وجمعه مُعُنٌ. ومَعَن الوادي: كثُر فيه الماء المَعين.

(معو)  الميم والعين والحرف المعتل ثلاثُ كلماتٍ ليس قياسها واحداً.

الأولى: المَعْوُ: الرُّطَب قد أرطب جَميعُه. وقال ابن دريد([4]): هو إذا دخله بعضُ اليُبْس*. وأمْعَى النَّخْل: صار كذلك.

والثانية: مِعَى البطن، والجمع أمعاء.

والثالثة المِعَى: المِذْنَب من مَذَانب الأرض.

(معت)  الميم والعين والتاء. قال أبو بكر([5]): المَعْت: الدَّلْك ومَعتُّ الأديمَ: دلكتُه. وهو عند الخليل مُهمَل.

(معج)  الميم والعين والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تقلُّبٍ وسُرعة في شيء. ومعج الحِمارُ مَعْجاً: تقلَّب في جريه. ويقولون قياساً على هذا: مَعَجَ الفَصِيلُ ضَرعَ أمِّه: ضربه برأسه عند الرَّضاع.

(معد)  الميم والعين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على غِلَظ في الشَّيء. قال ابن دريد([6]) المَعْد: الغِلَظ. قال: ومنه المَعِدَة. وتمَعْدَدَ الصّبِيُّ: غَلُظَ.

ويكون في هذا الباب المَعْدُ دَالاًّ على جَذْب الشَّيءِ وانجذاب. ومَعَدت الشَّيء: جذبتُه. قال:

* هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَك نَزعٌ مَعْدُ([7]) *

ومما شذَّ عن الباب المَعْد، يقولون: الغَضُّ من التَّمْر.

(معر)  الميم والعين والراء أصلٌ يدلُّ على مَلاسة وحَصٍّ وانجراد.

فالأمْعَر والمَعِر: الأمْعَط الذي لا شَعَْر عليه. ومنه أمْعَرَ الرّجلُ: افتَقَر، كأنه تجرَّدَ من ماله. [و] مَعَرَ الظُّفْر: نصل وتمعَّر لَونُه عند غَضَبِه، وذلك أن يتطايَرَ الدّمُ عنه وتَعلُوه صُفرة. قال الخليل: وهو أمْعَر الشَّعر، وبه مُعْرَةٌ، وهو لونٌ يَضرِب إلى الحُمرة والصُّفرة، وهو أقْبحُ الألوان. وأمْعَرَتِ الأرض: لم يكنْ فيها نَبات.

(معز)  الميم والعين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ في الشَّيء وصلابَة. منه الأمْعَز والمَعْزاء: الحَزْن الغَلِيظ من الأماكن. قال أبو بكر([8]): رجلٌ مَاعِزٌ: شَديد عَصْبِ الخَلْق ومنه المَعْز المعروف، والمَعِيز: جماعة كضَئِين([9])، وذلك لشدّةٍ وصَلابةٍ فيها لا تكون في الضَّأْن. ويقال لجماعةِ الأوعال والثَّياتِل مُعُوزٌ.

قال أبو بكر([10]): استمْعَزَ الرّجُل في أمرِه: جَدَّ.

(معس)  الميم والعين والسين أصَيْلٌ يدلُّ على دَلْك شيءٍ. ومَعَسْتُ الأديم في دِباغِهِ أمْعَسُه: أدَرْتُه فيه ودلَكتُه. وربَّما قالوا: مَعَسَ، إذا طَعَنَ ومنه رجلٌ مَعَّاسٌ في الحرب: مِقدام.

(معص)  الميم والعين والصاد ليس بشيءٍ، إلاّ أنَّ ناساً ذكروا مَعَصَ الرّجُل: حَجَل في مِشْيته. وقال ابنُ دُريد([11]): المَعَص: وجعٌ يصيب الإنسان في عَصَبِه من كَثْرة المَشْي.

(معض)  الميم والعين والضاد كلمةٌ. مَعِضَ من الأمر: شَقَّ عليه وأوجَعه.

(معط)  الميم والعين والطاء أصلٌ يدلُّ على تجرُّدِ الشَّيء وتجريده ومَعِطَ تمرَّطَ شَعره. ومَعَطْت السَّيفَ من قِرابِهِ: جَرَّدتُه. ويكون من الباب مَعَطَ في القَوس: نَزَع.

ـــــــــــــــ

([1])  وكذا ورد الاستشهاد به في اللسان (معك)، وهو بتمامه، كما في الديوان 180:

فاردد يساراً ولا تعنف علي ولا *** تمعك بعرضك إن الغادر المعك

([2]) الجمهرة (3: 142).

([3]) المجمل واللسان (معن) ومجالس ثعلب 203 والمخصص (9: 148).

([4]) الجمهرة: (3: 143).

([5]) الجمهرة (2: 22).

([6]) الجمهرة (2: 282).

([7]) لأحمر بن جندل السعدي كما في اللسان (معد). وورد محرفاً فيه باسم "أحمد بن جندل". انظر صوابه في المؤتلف للآمدي 36.

([8]) الجمهرة: (3: 8).

([9]) أي في جمع ضأن، ومثله كليب في جمع كلب.

([10]) الجمهرة: (3: 8).

([11]) الجمهرة: (3: 87).

 

ـ (باب الميم والغين وما يثلثهما)

(مغث(1)) الميم والغين والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَرْسِ شيء ومَرثهِ. يقولون: مَغَثْت الدَّواء في الماء: مَرَثْته. ومَغَثَ بنو فلانٍ فلاناً، إذا ضربوه ضرباً ليس بالشَّديد. ورجل مَغِثٌ(2): مُصارِعٌ شديد العلاج. ومُغِثَتْ أعراضُهم: مُضِغت(3). قال:‏

* مَمغوثةٌ أعراضُهم مُمَرْطَلهْ(4) *‏

وكلأ مَمْغُوث ومَغِيثٌ: أصابه المَطرُ وصَرَعه، والميم أصليّة.‏

(مغد) الميم والغين والدال، يقولون إنّه أصلٌ يدلُّ على نَعْمةٍ في الشَّيء. يقولون: المَغْد: الشَّابُّ الناعم. قال:‏

* وكان قد شَبَّ شَباباً مَغْدا (5) *‏

وأمْغَدَ الرّجُل: أطالَ الشَّرابَ إمغاداً، ومَغَدَ الفصيلُ الضّرعَ مغداً: تناولَه ليشربَ اللَّبَن. واللَّبَنُ أنعَمُ ما يكون من الغِذاء وأليَنُه. والمَغْد في غُرَّةِ الخيل كأنَّها وارمة، وذلك أنَّ الشعر يُنتَف ثم يَنبُتُ فيكون ليِّناً ناعماً. ويقولون المَغْد: الباذَنْجَان.‏

(مغر) الميم والغين والراء* أصلٌ يدلُّ على حُمرةٍ في شّيء، وأصلٌ آخر يدلُّ على ضَربٍ من السَّير.‏

فالأوَّل المَغْرَة: الطِّين الأحمر. والأمْغَر: الرّجُل الأحمر الشَّعر والجِلد. والأمْغَر في الخيل: الأشقر. ومنه أمْغَرَت الشَّاةُ، إذا حُلِبَت فخرَجَ مع لبنها دمٌ، فإن كانت تلك عادتَها فهي مِمْغار.‏

والأخرى روَى ابنُ السِّكِّيت: مَغَر في البلاد: ذَهَبَ وأسْرع: ورأيته يَمْغَرُ به بعيرُه.‏

ومما شذَّ من البابين قولهم: مَغَرَتْ في الأرضِ مَغْرةٌ، وهي مَطْرة صالحة وقولُ عبدِ الملك لجرير: "مغِّرْنا(6) يا جرير"، أي أنشِدْنا كَلِمَةَ ابنِ مَغْراء، أحدِ شعراء مضر(7). ومَغْراء: تأنيثُ أمْغَر.‏

(مغص) الميم والغين والصاد كلمتان متباينتانِ جداً.‏

فالأولى المَغَْصُ: تقطيعٌ في المِعَى ووَجَع. والأخرى المَغَْص يقال هو الخِيار من الإبل. قال:‏

أنت وهبتَ هَجْمةً جُرْجُورا *** أُدْماً وحُمْراً مَغَصاً خُبورا(8)‏

قال ابنُ دريد: إبلٌ أمْغاصٌ وأمْعَاص(9)، وهي خيار الإبل، لا واحد لها ويقال فلان مَغِصٌ، إذا كان ثقيلاً بغيضاً؛ وهو من الأوَّل.‏

(مغط) الميم والغين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ وطُول. والمَغْطُ: المَدّ. ومَغَطْتُه فامتغط. والتَّمغُّط في عَدْو الفَرَس: أن يَمدَّ ضَبْعَيه. وانمَغَطَ النَّهارُ: ارتفعَ والمُمَّغِطْ: الطَّويل المضطرِب. ومَغَطَ الرَّامِي في قوسه: نَزَع فيها فأغرقَ النَّزْع.‏

(مغل) الميم والغين واللام أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على داءٍ وفساد، والآخَر ضربٌ من النِّتاج.‏

الأوَّل المَغَل: وجعُ البطن، ويكون في الدَّوابِّ عن أكلِِ التُّراب وأمْغَلُوا: أصابَ إبلَهم ذلك الدّاء.‏

ومن الباب الإمغال: إفسادٌ بين النّاس، والوِشاية؛ وهو المَغْل أيضاً. ويقال إنَّه صاحب مَغَالَةٍ، إذا فَعَل ذلك.‏

والأصل الآخر الإمغال في الغنم وغيرِها، وهو أن تُنْتَج في السَّنة مرّتين. يقال: عَنْزٌ مَغْلَة من ذلك، وغَنَم مِغال. ويقال المُمْغِل من النِّساء: التي تَحمل قبلَ فِطام الصَّبي. والله أعلم بالصَّواب.‏

ـــــــــــــــ

(1) وردت مادة (مغل) في نهاية هذا الباب، وحقها أن تكون في صدره، وأبقيتها في ترتيبها حرصاً على أرقام الأصل.‏

(2) كذا في المجمل والقاموس. وفي الأصل: "مغيث"، تحريف، وفي اللسان: "مغث" بفتح الميم وسكون الغين.‏

(3) في الأصل: "ومغضت أعراضهم مغضت"، تحريف. وفي المجمل: "ومغث عرضه: مضغ".‏

(4) الرجز لصخر بن عمير كما في اللسان (مغث، مرطل، ثمل).‏

(5) لإياس الخيبري، في اللسان (سمغد، مغد). وقبله:‏

* حتى رأيت العزب السمغدا *‏

(6) وكذا في القاموس، وفي اللسان: "مغر لنا".‏

(7) هو أوس بن مغراء. الشعر والشعراء 668 وابن سلام 27، 111، 120 والاشتقاق 156 والأغاني (4: 130-131) واللآلئ 795-796. وهو من الشعراء المخضرمين، كما في الإصابة.‏

(8) أنشده في المجمل واللسان (مغص).‏

(9) إذ يقال في واحدها مغص ومعص، بالمعجمة والمهملة. الجمهرة (3: 80).‏

 

ـ (باب الميم والقاف وما يثلثهما)

(مقل)  الميم والقاف واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ مُنقاسة. قالوا: مُقْلة العَين. وهي ناظِرُها. ومَقَلْتُه: نظرتُ إليه.

والكلمة الأُخْرى المَقْلة: الحصاة تُلقِيها في الماء تعرِف قَدْرَه. قال:

قَذَفُوا سَيِّدَهُمْ في ورطةٍ *** قذْفَكَ المَقْلةَ وَسْطَ المُعْتَرَكْ([1])

ويقال: هي الحصاة التي يُقْسَم عليها الماءُ في المَفَاوز. ومَقَلهُ في الماء: غَوَّصَه فيه. وتماقَلا: تغَاوَصا.

والكلمة الأخرى المُقْل: حَمْل الدَّوْم.

(مقه)  الميم والقاف والهاء كلمةٌ تدل على لَون. يقولون: المَقَهُ: بياضٌ في زرقة. وامرأة مَقهاءُ وشرَابٌ أمْقَهُ. قال:

إذا خفَقَت بأمْقَه صَحصحانٍ *** رؤوسُ القَوم والتزَموا الرِّحالا([2])

(مقو)  الميم والقاف والحرف المعتلّ. يقال فيه: امْقُ هذا مَقْوكَ مالَك، أي صُنْه صِيانَتَك مالَك. ومَقَوْتُ السَّيف: جَلَوْتُه، وكذا المِرْآة. قال ابن دريد: جاء بهما يُونس وأبو الخَطَّاب([3]).

(مقت)  الميم والقاف والتاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على شَناءةٍ وقُبْح.

ومَقَته مَقْتاً فهو مَقِيتٌ وممقوت. ونِكاح المَقْت كان في الجاهليّة: أن يتزوَّج الرَّجُل امرأة أبِيه.

(مقد)  الميم والقاف والدال لا نَعرِف فيه شيئاً، إلاَّ أنَّ المَقدِّيَّ: شرابٌ منسوبٌ إلى قريةٍ بالشَّام، يتَّخَذُ من العَسَل.

(مقر)  الميم والقاف والراء كلمةٌ واحدة، هي المَقِر([4]): شِبْه الصَّبِر. وأمْقَرَ الشَّيءُ: أمَرَّ. واللَّبنُ الحامضُ مُمْقِر. ومن هذا قولهم: سَمَكٌ مَمْقُورٌ. والمَقْر: إنْقاع([5]) السَّمَك المالح في الماء. وقال ابن دريد([6]): أمقرتُ لفلانٍ الشَّرَابَ: أمْررتُه له.

(مقس)  الميم والقاف والسين كلمةٌ واحدة. يقال مَقِسَتْ نفسُه: غثت. وتمقَّستْ* أيضاً. قال:

* نَفسِي تَمقَّسُ عن سُمَانَى الأقْبُرِ([7]) *

(مقط)  الميم والقاف والطاء كلماتٌ لا تَرجِع إلى قياسٍ واحد، بل هي متباينةٌ جِدَّاً. فالمِقَاط: حبلٌ شديد الإغارة. والمَقْط: ضَرْبك بالكُرة على الأرض ثم تأخذُها إذا نَزَلتْ. قال:

* بكفّي مَاقِطٍ في صاعِ([8]) *

ومَقَطْتُ صاحبي أمْقُطُه، إذا غِظتَه. والماقِط: الحازِي([9]) الذي يتكهّن ويطرُق بالحَصَى.

(مقع)  الميم والقاف والعين كلماتٌ تدلُّ على نوعٍ من الضَّربِ والرَّمْي.

ومُقِع فلانٌ بالشَّيءِ رُمِيَ به. والمَقْع: أشدُّ الشُّرب. والفصيل يمقَع أمَّه، إذا رضِعها. ومن الباب: امتُقِع لونُه: تغيَّر، كأنَّه ضُرِب بشيءٍ حَتَّى يتغيَّر؛ وكذا انتُقِعَ، وسيأتي. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1])  ليزيد بن طعمة الخطمي، في اللسان (مقل) وشروح سقط الزند 1473.

([2])  لذي الرمة في ديوانه 439 واللسان (مقه).

([3])  الذي في الجمهرة (3: 166): "جاء به يونس وأبو الخطاب وغيرهما".

([4]) المقر بفتح فكسر، وربما قيل بالفتح.

([5]) في الأصل: "إيقاع"، تحريف.

([6]) الجمهرة (2: 407).

([7]) في اللسان: "قال أبو زيد: صاد أعرابي هامة فأكلها فقال ما هذا؟ فقيل سمانى. فعثت نفسه فقال....". وأنشد الشعر.

([8]) لعسيب بن علس في المفضليات (1: 60) وهو بتمامه فيها:

مرحت يداها للنجاء كأنما *** تكرو بكفي ماقط في صاع

([9]) في الأصل: "الجاري"، تحريف.

 

 

ـ (باب الميم والكاف وما يثلثهما)

(مكل)  الميم والكاف واللام كلمةٌ تدل على اجتماعِ ماء. ومَكَلَت البئرُ: اجتمعَ ماؤُها في وَسَطها. ومجتمع الماء مَُكْلَة. وبئر مَكُول، والجمع مُكُل.

(مكن)  الميم والكاف والنون كلمةٌ واحدة. المَكْن: بَيض الضَّبّ. وضَبٌّ مَكُونٌ. [قال]:

ومَكْنُ الضِّباب طَعامُ العُرَيبِ *** ولا تَشتهيهِ نفوسُ العَجَمْ([1])

والمكُنات: أوكار الطّير، ويقال مَكِنات([2]).

(مكا)  الميم والكاف والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على معان ثلاثة: أحدها شيءٌ من الأصوات، والآخَر خشونة في الشيء، والآخِر ضربٌ من العَسَل.

فالأوَّل مكا يمكو: صَفَر في يَدِهِ وقد جَمَعها، مُكَاءً([3]). قال عنترة:

* تمكُو فَريصتُه كشِدق الأعلم([4]) *

يصف طعنةً [تسمع] لها صوتاً حين تنفرِج وتنضمّ([5]). والمُكَّاء: طائرٌ، سمِّي لأنه يمكو. قال:

إذا غَرَّدَ المُكَّاءُ في غيرِ روضةٍ *** فوَيلٌ لأهل الشَّاءِ والحُمُراتِ([6])

ويقولون: مَكَتِ اسْتُه تمكُو، إذا حَبَق. وأمَّا المَكَا والمَكْو فمجثِمُ الأرنب. قال الطرِمّاح:

* كم بِهِ من مَكْوِ وحشِيَّةٍ([7]) *

والأخرى قولهم: مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكَىً: غلُظت وخَشُنت.

والثالثة تمكَّى، إذا توضّأ. قال:

* كالمتَمكِّي بدمِ القتيل([8]) *

وأصله قولهم تمكّى الفَرَس: حكَّ عينَه بركبَتِه([9]).

(مكث)  الميم والكاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على توقف وانتظار. ومَكَثَ مَكْثاً ومُكْثاً ورجل مَكِيث: رزينٌ غير عجول. ومَكَثَ ومَكُثَ والتمكُّث: الانتظار.

(مكد)  الميم والكاف والدال كلمةٌ تدلُّ على ثباتٍ. ومَكَدَ بالمكان: أقام. قال أبو عبيد: وهو من قولهم: ناقَةٌ مَكُودٌ، إذا ثَبَت غُزْرُها. ويقال إنَّ البئر الماكدة: التي ثبت ماؤُها على قَرْنٍ واحد لا يتغيَّر. والقَرْن. قرْن القامة.

(مكر)  الميم والكاف والراء كلمتانِ متباينتان: إحداهما المَكْر: الاحتيال والخِداع. ومَكَرَ به يمكُر. والأخرى المَكْر: خَدَالة السَّاق. وامرأةٌ ممكورة السَّاقَين.

(مكس)  الميم والكاف والسين كلمةٌ تدلُّ على جَبْيِ مالٍ وانتقاصٍ من الشيء. ومَكَس، إذا جَبَى. والمَكْسُ: الجِباية قال زُهير([10]):

وفي كلِّ أسواقِ العراقِ إتاوةٌ ***  وفي كلَّ ما باعَ امرؤٌ مَكْسُ دِرهم([11])

والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) لأبي الهندي، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس. اللسان (مكن). وهو من أبيات في الحيوان (6: 88-89) وعيون الأخبار (3: 210) ومحاضرات الراغب (2: 303) والفصول والغايات للمعري 471. وانظر المخصص (16: 83/17: 10).

([2]) ضبطت في اللسان والقاموس بفتح فضم، ثم بفتح فكسر. وأثبت هذين الضبطين من المجمل.

([3]) في اللسان: "مكا يمكو مكواً ومكاء: صفر بفيه. قال بعضهم: هو أن يجمع بين أصابع يديه ثم يدخلها في فمه ثم يصفر فيها".

([4]) من معلقته. وصدره: * وحليل غانية تركت مجدلا *

([5]) في المجمل: "يصف الطعنة حين يسمع صوتها تنفرج وتنضم".

([6]) البيت بدون نسبة في اللسان (مكا) وأمالي القالي (2: 32) والمخصص (16: 39) والصاحبي 210 والاقتضاب 354. وقد سبق بدون نسبة في (حمر).

([7]) استشهد بهذا الصدر في اللسان (مكا). وعجزه كما في ديوان الطرماح 96:

* قيض في منتثل أو شيام *

([8]) لعنترة الطائي في اللسان (مكا). وصدره: * إنك والجور على سبيل *

([9]) في الأصل: "عنه بركبتيه"، صوابه في المجمل واللسان.

([10]) كذا. والصواب أنه جابر بن حني الثعلبي، كما في اللسان (مكس). وقصيدته في المفضليات  (2: 8-12).

([11]) رواية اللسان: "أفي كل".

 

ـ (باب الميم واللام وما يثلثهما)

(ملي([1]))  الميم واللام والحرف المعتل. كلمة واحدةٌ هي الزَّمن([2]) الطّويل. وأقامَ ملِيَّاً، أي دهراً طويلاً. وتَملَّيْتُ الشّيءَ، إذا أقامَ([3]) معك زماناً طويلاً. والمَلَوانِ: طرَفا اللَّيل والنهار. والمُِلاوة: الحِِين.

وإذا هُمِز دلَّ على المساواة والكمال في الشَّيء. ومَلأْتُ الشّيءَ أملَؤُه مَلْئاً. والمِلء: الاسم للمِقدار الذي يُملأ؛ وسمِّي لأنَّه مساوٍ لوِعائه في قَدْره. ويقال: أعطِنِي مِلأَه ومِلأيْهِ وثلاثة أمْلائِه. ومنه أمْلأَ النَّزْعَ في القَوس، إذا بالَغَ. ومنه* المَلأ: الأشْراف من الناس، لأنَّهم مُلِئُوا كرماً. فأمّا قولُ الشَّاعر([4]):

تنادَوْا يالَ بُهْثَةَ إذ لَقُونا *** فقُلْنا أحسني مَلأً جُهَينا([5])

فقال قوم: أراد به الخُلُق. وجاء في الحديث: "أحْسِنُوا أملاءكم" والمعنى فيه أنَّ حسن الخُلُق من سجايا المَلأ، وهم الشِّراف الكِرام.

(مله([6]))  الميم واللام والهاء. يقولون: هو مُمْتَلَه العقلِ: ذاهبُه.

(ملث)  الميم واللام والثاء كلمة. يقال أتيتُه مَلَثَ الظَّلامِ، كما يقال مَلَسَ الظلامِ، وهو اختلاطُه.

(ملج)  الميم واللام والجيم كلمة. يقال: مَلَجَ الصبيُّ: تناولَ الثَّدي لِلرَّضاع بأدنى فمه. وفي الحديث: "لا تُحرِّم الإملاجةُ والإملاجَتان" وهي أن تُمِصَّه لبَنَها مرَّةً أو مرّتين.

(ملح)  الميم واللام والحاء أصلٌ صحيح له فروع تتقاربُ في المعنى وإن كان في ظاهرها([7]) بعضُ التَّفاوت.

فالأصل البَياض، منه المِلح المعروف، وسمِّي لبياضه. قال:

أحْفِزُها عنِّي بذي رونقٍ *** أبْيضَ مِثلِ المِلح قَطَّاعِ([8])

ويقال ماء مِلحٌ، وقد قالوا مالح، ذكره ابنُ الأعرابيِّ واحتجَّ بقوله:

صَبَّحنَ قَوّاً والحَمَامُ واقِعُ([9])ُ *** وماءُ قَوٍّ مالحٌ وناقِعُ([10])

وملح الماءُ([11]). وسَمكٌ مملوحٌ ومَليح. وأملَحْنا: أصبنا ماءً مالحاً. وأملَحَ الماءُ أيضاً. قال نُصَيب:

وقد عاد عَذبُ الماءِ مِلحاً فزادني *** على مَرضي أن أَملَحَ المشرَبُ العذبُ

ومَلَحْتُ القدر: ألقَيْت مِلحَها بقَدَر. وأمْلَحتُها: أفسَدْتُها بالمِلح. ويقال مَلَّحت النّاقةَ تمليحاً، إذا لم تَلقَح فعولِجَتْ داخِلَتُها بشيءٍ مالح. ومَلُح الشَّيءُ مَلاحةً ومِلْحاً. والمُمَالَحة: المُواكلة. ثم يستعار المِلْح فيسمَّى الرَّضاع مِلْحاً. وقالت هَوَازِنُ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كُنَّا مَلَحْنا للحارث بن أبي شَمِر أو للنُّعمان بن المُنذِر لَحفِظ ذلك فينا"، أرادو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مُسترضَعاً فيهم.

ويستعيرون ذلك للشَّحم يسمُّونه المِلْح. يقال املَحْتُ القِدرَ: جعلتُ فيها شيئاً من شَحم. وعليه فُسِّر قوله:

لا تلُمْها إنَّها من نِسْوةٍ *** مِلْحُها موضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ([12])

هَمُّها السِّمَن والشّحم. والمُلْحة في الألوان: بياضٌ، وربَّما خالَطَه سوادٌ. ويقال كَبشٌ أملَحُ. ويقال لبعضِ شُهور الشِّتاء مِلْحان، لبياض ثلجه. والمَلْحاء: كَتيبةٌ كانت لآل المنذر.

والمَلاّح: صاحبُ السفينة، قياسُه عندنا هذا، لأنَّ ماءَ البَحرِ ملحٌ وقال ناسٌ: اشتقاقُهُ من المَلْحِ: سُرعة خَفَقان الطَّيرِ بجَناحَيه. قال:

* مَلْحَ الصُّقورِ تحت دجنٍ مُغْيِنِ([13]) *

ومما شذَّ عن الباب المُلاَّح من نَبات الحمْض، إلاَّ أن يكون في طَعمِهِ مُلوحة. والمَلْحاء: ما انحدر([14]) عن الكاهل والصُّلب. والمَلَح: ورمٌ في عُرقوب الفَرَس.

(ملخ)  الميم واللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إخراج شيء من وعائه أو من غيره. وامتَلَخَت العُقَاب عينه: أخرجَتْها. وامتلَخْتُ اللِّجَامَ من رأس الدابَّة. والمليخ: اللَّحمُ لا طَعمَ له. و [المَلاَّخ: الملاّق([15])] لأنَّه يستخرج الإنسان أو ما عنده بملَقِه. قال رؤبة:

* ملاّخُ المَلَقْ([16]) *

و [منه] قول الحسن: "يَمْلَخُ في الباطل".

(ملد)  الميم واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على نَعْمةٍ ولِين وملاسةٍ. وشاب أمْلَدُ: ناعِمٌ. والملَد المصدر. وامرأةٌ مَلْداءُ: معتدلة الخَلْق حَسنة. وغصنٌ أُمْلُودٌ: ناعم. وملَّدتُ الأديم: مرَّنتُه. والإمليد من الصَّحارى كإمليس: الصَّحصَح([17]). [و] منه المَلَدان.

(ملذ)  الميم واللام والذال ذكروا فيه كلمتين أيضاً. المَلْذ: أن يكون يمُدُّ الفرس ضَبْعَيْه في عَدْوه حتَّى لا يجد مزيداً. ومَلَذَه بالرُّمح: طعَنَه به. قال أبو بكر([18]): المَلْذ: السُّرعة في المجيء والذهاب. وذئبٌ مَلاَّذٌ.

(ملس)  الميم واللام والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تجرُّدٍ في شيء، وألاّ يَعْلَقَ به شيء، فهو أملَسُ. ويقال للرّجُل الذي لا يَلْصَق به ذمٌّ: هو* أملَسُ الجِلد قال:

* فَمُوتَنْ بها حُرَّاً وجلدُك أمْلَسُ([19]) *

وأرضٌ أمالِيسُ: لا نباتَ بها. ويقال في البيع: "المَلَسَى لا عُهْدَةَ له"، أي لا متعلَّق لـه. وقد سبق ذكره ومن الباب المَلْس: سَلُّ الخُصيةِ بعروقها. وكبش مملوسٌ. ومنه المَلْس: السَّوق الشَّديد، أي إنَّه يمضي حتى لا يمكن أن يُتعلَّقَ به. وقولهم: أتيتُه مَلَسَ الظَّلام من باب الثاء، وقد فسَّرْناه ورُمَّانٌ إملِيسيٌّ.

(ملص)  الميم واللام والصاد قريبٌ من ملس، وهو يدلُّ على إفلات الشَّيء بسرعة. وامَّلَص الشيءُ من يدي: أفلَتَ، امِّلاصاً. ومَلِصَ الرِّشاءُ من اليد يَمْلَص. قال:

* فرَّ وأعطانِي رِشَاءً مَلِصا([20]) *

ومنه أمْلَصَت المرأةُ: رمَت بولدها إملاصاً؛ والولد مَلِيص. ومنه سيرٌ إمليص: سريع.

(ملط)  الميم واللام والطاء أُصيلٌ يدلُّ على تسويةِ شيءٍ وتسطيحه. وملَّطت الحائطَ بالمِلاط أُملِّطه تمليطاً: طيَّنته وسويْتُه والمِلاطان: الجَنْبان، كأنَّهما مُلِطا مَلْطاً. وابنا مِلاَطٍ: العضدان. والأمْلَط: الذي لا شَعَْر عليه. ويقاس على هذا فيُقال للرّجُل القليل الخيرِ المتمرِّد: مِلْطٌ. قال أبو بكر([21]): وكلُّ شيءٍ ملّطته فهو مِلاطٌ.

(ملع)  الميم واللام والعين أصلٌ يدلُّ على سرعةٍ وخِفّةٍ. ومَلَعت النّاقةُ في سَيرها وناقةٌ مَيْلَع فَيْعَلٌ منه. والمَلْع: السُّرْعة في المرور والاختطاف. ومن الباب المَلِيع: الأرضُ لا نباتَ بها.

(ملغ)  الميم واللام والغين كلمةٌ. يقولون: المِلْغ: الأحمق. و التملُّغ: التحمُّق.

(ملق)  الميم واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على [تجرُّد] في الشيء ولين. قال ابن السكِّيت: المَلَق من التملُّق، وأصله التَّليين. والمَلَقَة: الصَّفاة المَلْسَاء. ويقال الإملاق: إتلافُ المال حَتَّى يُحوِج. والقياس واحد، كأنَّه تجرَّدَ عن المال. وانْمَلَقَ ساعدُ الرجل: انسحَجَ من حَمْل الأحمال. قال:

وحَوقَلٌ ساعدُه قد انْمَلَقْ *** يقول قَطْباً ونِعمَّا إن سَلَق([22])

والمَلَقَة: الأرض لا يكاد يَبيِن فيها أثر، والجمع المَلق والمَلَقَات. ومَلَقْتُ الثوب: غَسَلتُه، لأنَّك تجرِّده عن الوسَخ.

(ملك)  الميم واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ في الشيء وصحة. يقال: أملَكَ عجِينَه: قوَّى عَجنَه([23]) وشَدَّه. وملّكتُ الشَّيءَ: قوّيتُه قال:

فملّكَ باللِّيط الذي فوق قِشرها *** كَغِرقئِ بيض كنَّه القيضُ من عَلِ([24])

والأصل هذا. ثم قيلَ مَلَكَ الإنسانُ الشَّيء يملِكُه مَلْكاً. والاسم الملْك؛ لأنَّ يدَه فيه قويّةٌ صحيحة. فالمِلْك: ما مُلِك من مالٍ. والمملوك: العبْد. وفلانٌ حَسن المَلَكة، أي حسن الصَّنيع إلى ممالكيه. وعبدُ مَمْلكةٍ: سُبِيَ ولم يُملَك أبواه. وما لفلانٍ مولى مَلاَكةٍ دونَ الله تعالى، أي لم يملكْه إلاّ هو. وَكنّا [في]([25]) إملاكِ فلانٍ، أي أملكناه امرأتَه. وأملكناه مثل ملّكناه. والمَلَك: الماء يكون مع المسافر، لأنَّه إذا كان معه مَلَك أمرَه.

(ملو)  الميم واللام والحرف المعتلّ أصل صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ زمانٍ أو غيره. وأملَيت القيدَ للبعير إملاءً، إذا وسَّعته. وتملّيت عُمْرِي، إذا استمتَعت به. والمَلَوانِ: اللّيل والنهار. والملاوة([26]): ملاوة العيش، أي قد أُمليَ له. ومن الباب إملاء الكتاب.

والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) هذا الموضع موضع مادة (مله)، ولكن هكذا ورد في الأصل فآثرت إبقاء الترتيب حرصاً على أرقام الأصل.

([2]) في الأصل: "الدم".

([3]) في الأصل: "قام".

([4]) هو الجهني: اللسان (ملأ) وإصلاح المنطق 423 وهو عبد الشارق بن عبد العزى، كما في الحماسة.

([5]) في اللسان وإصلاح المنطق: "إذ روأنا".

([6]) في الأصل: "مثل"، تحريف. وقد سبق التنبيه على أن حق هذه المادة أن تتصدر الباب.

([7]) في الأصل: "في ظهرها".

([8]) البيت لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري في المفضليات (2: 84).

([9]) الرجز لأبي زياد الكلابي في اللسان (ملح). وضبطت "الحمام" في اللسان بكسر الحاء، والصواب فتحها كما في المجمل، أي والحمام في مجثمه في أواخر الليل قبل أن يطير.

([10]) في الأصل: "نافع" ، صوابه في المجمل واللسان.

([11]) يقال ملح يملح ملوحة وملاحة، مثل سهل يسهل سهولة، وملح يملح ملوحاً، بفتح لامي الفعلين وضم ميم المصدر.

([12]) البيت لمسكين الدارمي في اللسان (ملح 439) والمخصص (17: 8). وورد بدون نسبة فيه (4: 141/ 13: 125). قال ابن سيده: "أنث، فإما أن يكون جمع ملحة، وإما أن يكون التأنيث في الملح لغة". وقد اختلف اللغويون في تفسير هذا البيت، فقال بعضهم: إنه يقال للرجل الحديد الطبع: ملحه على ركبتيه. وقال: الأصمعي: هذه زنجية، والملح شحمها هنا، وسمن الزنج في أفخاذها. وقال ابن الأعرابي: هذه قليلة الوفاء، والملح هاهنا يعني الملح –أي الملح المعروف- يقال فلان ملحه على ركبتيه، إذا كان قليل الوفاء.

([13]) الرجز في اللسان (ملح) والمخصص (8: 138).

([14]) في الأصل: "ماء انحدر"، صوابه في المجمل واللسان.

([15]) التكملة من المجمل.

([16]) ديوان رؤبة 106 واللسان (ملخ، ملق). وفي الديوان:

إذا تتلاهن صلصال الصعق *** معتزم التجليح ملاخ الملق

([17]) الصحصح: المستوية الجرداء. وفي الأصل: "الصحيح" ولبس به.

([18]) الجمهرة (2: 318).

([19]) البيت للمتلمس في ديوانه 5 نسخة الشنقيطي، والحماسة (1: 268). وصدره:

* فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة *

([20]) أنشده في اللسان (ملص).

([21]) الجمهرة (3: 116).

([22]) أنشده في اللسان (ملق).

([23]) في الأصل: "عجينة".

([24]) لأوس بن حجر في ديوانه 19 واللسان (ملك، ليط).

([25]) التكملة من المجمل.

([26]) هذه مثلثة الميم.

ـ (باب ماجاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم)

…………………................(1)‏

تم كتاب الميم والله أعلم بالصواب‏

ـــــــــــــــ

(1) كذا ورد هذا العنوان بدون كلام بعده. ومكانه في المجمل: "مهيم معناها ما حالك وما شانك".‏

 

كتاب النون:

ـ (باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق)

(نأ)  النون والهمزة أصلٌ يدلُّ على ضَعف في الشيء. فالنَّأنأة: الضَّعف. ورجلٌ نأناءٌ، إذا كان ضعيفاً. قال امرؤ القيس:

لعمركَ ما سعدٌ بِخُلَّة آثمٍ *** ولا نأْنأٍ عِند الحفاظِ ولا حَصِرْ([1])

قال أبو زيد في كتاب الهمز([2]): نأنأت رأيي نأنأةً، إذا خلَّطت فيه([3]).

(نب)  النون والباء كلمتان. نَبَّ التَّيس نبيباً: صوَّتَ عند السِّفاد. والأُنبوب: ما بين كلِّ عُقدتينِ من رُمحٍ وغيرِه.

(نث)  النون والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نَشْر شيءٍ وانتشاره. ونثُّ الحديثِ: إفشاؤُه. وجاء فلانٌ يَنِثُّ سِمَناً، كأنّه يتصبَّب سِمَناً. وفي الحديث: "يجيءُ أحدهم ينِثُّ كما ينِثّ الحَمِيتُ".

(نج)  النون والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تحرُّكٍ واضطرابٍ، وشِبه ذلك. فالنَّجْنَجَة: الجَوْلة عند الفَزَع. يقال نَجْنَجُوا. والنَّجنجة: ترديد الرأي. وتَنَجْنَجوا: أصافُوا([4]) في الموضع الذي أربَعوا فيه ثم عزَموا على تحضُّر المِياه. وتَنَجنَج لحمُه: استرخَى. ونَجَّت القُرحَة: سالت.

(نح)  النون والحاء كلمةٌ يُحكَى بها صوت. فالتَّنحنُح معروف. [و] النَّحيح: صوت يردِّده الإنسان في جَوفه. وحكِيت كلمةٌ ما ندري كيف صِحتها. وليس لها قياس. يقولون: ما أنا بِنَحيح النَّفس عن كذا، أي طيِّب النَّفسِ([5]).

(نخ)  النون والخاء أصلٌ صحيح، غير أنَّه مُخْتَلفٌ في تأويله، وهو النُخَّة في حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم: "ليس في الجَبْهة ولا في النَُّخّة صدقة([6])". قالوا النَّخّة: الرَّقيق. وقال الفرّاء: النخة أن يأخذ المصَدِّق ديناراً بعد فَراغه من الصَّدقةِ لنفسه. واللَّفظ لا يقتضي هذا، ولعلَّ لَفظ الذي رواه الفراء: "ولا نخّة([7])" وأنشد:

عمّي الذي مَنَع الدِّينارَ ضاحيةً *** دينارَ نَخَّةِ كلبٍ وهو مشهودُ([8])

ويقال النخَّة: الحمير، وهي بفتح النون وضمها. وقال أبو بكر([9]): تَنَخْنَخ البعيرُ: بَرك ثم مكَّن لثَفناته في الأرض.

(ند)  النون والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شُرودٍ وفراق. وندَّ البعير نَدَّاً ونُدوداً: ذهَبَ على وجهه شارداً. ومن الباب النِدُّ والنَّديد: الذي ينادُّ في الأمر، أي يأتي برأيٍ غيرِ رأيِ صاحبِه. قال:

لئلاَّ يكونَ السَّندرِيُّ نديدتِي *** وأشْتُمَ أعْماماً عُموماً عَماعِما([10])

والنَّدُّ فيما ذكر ابنُ دريد: التَّلُّ المرتفِع في السماء([11])، ويكون هذا قريباً من قياسه. والنِّدُّ من الطِّيب ليس عربياً.

(نز)  النون والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفَّة وقِلّة. من ذلك الظَّلِيمُ النَّزُّ: الذي لا يكاد يستقرُّ في مكان. والنّزُّ: الرَّجُل الخفيف الذكيّ، وكذا النَّاقة النَّزَّة. ومنه النَّزُّ، وهو ما تحلَّبَ من الأرض من ماء. وأنَزَّت الأرض: صارت ذاتَ نَزّ. وسمِّيَ نَزَّاً لقِلّته وَخِفَّة أمرِه.

(نس)  النون والسين أصلٌ صحيح له معنيان: أحدهما نوعٌ من السَّوْق، والآخر قِلّة في الشيء ويُختصّ به الماء.

فالأوَّل نَسَّ إبلَه ينُسُّها نَسَّاً: ساقها.

والثاني قولهم: نسَّت القطاةُ: عَطِشت. ويقال لمَكَّة النَّاسَّة، لقلّة الماء بها. ونَسَّتِ الخُبْزةُ نَسّاً: يبست. ونسّت الجُمَّة: تشعَّثَت([12])، وذلك لِقلّة الدُّهن فيها. ويقال للبَلَل الذي يكون برأس العود إذا أُوقِدَ: النَّسِيسة، وبه تشَبَّهُ بقيّةُ النّفْس. قال: ويقال له النَّسيس.

(نش)  النون والشين ليس بشيء، وإنَّما يُحكَى به صوتٌ. منه النَّشِيش: صوت الماء وغيرِه إذا غُلِيَ. ومنه أرضٌ نَشِيشَة([13])، *إذا كانت مِلحةً لا تُنبت، وأرض نَشَّاشَة([14]). ومنه نَشَّ الغديرُ: أخَذَ ماؤُه في النُّضوب.

(نص)  النون والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاعٍ وانتهاء في الشّيء. منه قولُهم نَصَّ الحديث إلى فلان: رفَعَه إليه. والنَّصُّ في السَّير أرفَعُه. يقال: نَصْنَصْتُ ناقتي([15]). وسيرٌ نصٌّ ونَصِيص. ومِنَصَّة العروس منه أيضاً. وبات فلانٌ منتَصَّاً على بعيره، أي مُنْتَصِباً. ونصُّ كلِّ شيء: مُنتهاه. وفي حديث عليٍّ عليه السلام: "إذا بلَغَ النساء نَصَّ الحِقاق([16])"، أي إذا بلَغْنَ غايةَ الصِّغَر وصِرنَ في حدِّ البُلوغ. والحِقَاقُ: مصدر المُحاقَّة، وهي أن يقول بعضُ الأولياء: أنا أحقُّ بها، وبعضُهم: أنا أحقّ. ونصَصْت الرّجُل: استقصيتُ مسألتَه عن الشَّيء حتَّى تَستخرِجَ ما عنده. وهو القياس، لأنَّك تبتغي بلوغَ النِّهاية. ومن هذه الكلمة [النَّصنصة]: إثبات البعير رُكبتَيه في الأرض إذا هَمَّ بالنُّهوض. والنَّصنصة: التَّحريك. والنُّصَّة. القُصَّة من شَعر الرّأس، وهي على موضعٍ رفيع.

(نض)  النون والضاد أصلانِ صحيحان أحدُهما يدلُّ على تيسيرِ الشَّيء وظُهورِه، والثاني على جنسٍ من الحركة.

الأوَّل: قولُ العرب: خذ ما نَضَّ لك من دَينٍ، أي تَيسَّر. وفلانٌ يستنضُّ مالَ فلانٍ، أي يأخذه كما تيسَّر. والنَّضيض من الماء: القَليل. فأمّا النَّاضُّ من المال فيقال: هو ما له مادَّةٌ وبقاء، ويقال بل هو ما كانَ عَيناً. وإلى هذا يذهب الفُقهاءُ في الناضّ.

(نط)  النون والطاء. يقولون النّطانِط من الرِّجال: الطِّوال، الواحد نَطْنَاط، ونطنطت الشَّيء: مددتَه.

(نع)  النون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيلٍ واضطراب. ويقال للشَّيء إذا مالَ واضطرب: تنَعنعَ. والنُّعنُع: الهَنُ المسترخي. والنُّعنُعِ: الطَّويل من الرِّجال المضطرِب الخَلْق. ويقولون: تَنَعنَعَ منّا، أي تباعَدَ. قال ذو الرُّمة:

* النازحُ المتنعنِعُ([17]) *

(نغ)  النون والغين كلمةٌ تدلُّ على بَعض الأعضاء. والنَّغانغ: لَحَمَاتٌ تكون في الحَلْق عند اللَّهاة، الواحد نُغْنُغ. قال جرير:

غَمزَ ابنُ مُرّةَ يا فرزدقُ كينَها *** غَمْز الطبيبِ نغانغَ المعذورِ([18])

وقد تسمَّى الزَّوائدُ في باطن الأُذنين النَّغانغ.

(نف)  النون والفاء كلمةٌ واحدة، هي النَّفنَف: الهواء. وكلُّ مهوىً بينَ شيئينِ نَفنف. قال الشَّاعر([19]):

تُعلَّقُ في مثل السَّوارِي سيوفُنا *** وما بينَها والكعِب غَوْطٌ نفانِفُ([20])

(نق)  النون والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. ونقَّت الضَّفادع: صوّتت، وهي النَّقَّاقة. وكذلك الدَّجاجة تُنقنِقُ للبيض. وقد يقال ذلك للنقاقة والنِّقْنِقُ: الظَّليم، لأنه يُنَقنِق.

ومما شذَّ عن الباب نقنقَتِ العينُ: غارت.

(نم)  النون والميم أصلٌ صحيح له معنيان: أحدهما إظهار شيءٍ وإبرازُه، والآخر لونٌ من الألوان.

فالأوَّل ما حكاه الفراء، يقال: إبلٌ نمَّة([21]): لم يَبْقَ في أجوافها الماء والنَّمَّام منه، لأنَّه لا يُبقي الكلام في جوفِه. ورجلٌ نَمَّام. ويقولون: أسْكَتَ الله نَامَّتَه([22]): ما ينمُّ عليه من حركته. والنَّميمة: الصَّوت والهَمْس، لأنَّهما يَنُِمّان على الإنسان. ومنه النَّمَّام: رَيحانٌ يدلُّ عليه رائحتُه. ومنه قولهم: ما بها نُمِّيٌّ، أي أحد، كأنهما يريدون ذو حركة تدلُّ عليه. وقولهم للفلس: نُمِّيٌّ ليس عربيَّاً([23]).

والأصل الآخر النَّمنَمة: مُقارَبَة الخطوط. والنُِّمنُِم: البياض يكون على الأظفار، الواحد نُِمنُِمة.

ـــــــــــــــ

([1]) ديوان امرئ القيس 138 واللسان (نأنأ)، يمدح به سعد بن الضباب الإيادي.

([2]) كتاب الهمز لأبي زيد 5-6.

([3]) في كتاب الهمز: "إذا خلطت فيه تخلطاً فلم تبرمه".

([4]) في الأصل: "أصابوا"، صوابه في المجمل.

([5]) في الأصل: "أي طبت النفس"، تحريف. وفي المجمل: "ويقال ما هو بنحنح النفس عنه" أي لا تطيب نفسه عنه.

([6]) أورد الحديث في اللسان (جبه) وفسر الجبهة بأنها الخيل.

([7]) كذا وردت العبارة في الأصل.

([8]) أنشده في اللسان (نخخ، ضحا). وقد سبق في ضحى.

([9]) الجمهرة (1: 141).

([10]) البيت للبيد في ديوانه 44 طبع فيينا 1881. وأنشده ابن الأنباري في الأضداد 19 وثعلب في مجالسه 635 وصاحب اللسان (سندر، ندد، عمم) والسندري هذا هو السندري بن عيساء، وعيساء أمه. انظر كتاب من نسب إلى أمه من الشعراء في نوادر المخطوطات 85.

([11]) الجمهرة (1: 76) وقال هو وصاحب اللسان: "لغة يمانية".

([12]) في الأصل: "الحمة تشقت"، صوابه في المجمل.

([13]) في الأصل: "نشنشة"، تحريف، صوابه من القاموس.

([14])وكذا في المجمل، ويقال "نشناشة" أيضاً.

([15]) النصنصة: التحريك والقلقلة، وأكثر ما تستعمل في البعير لازمة، يقال نصنص البعير ونصنص الرجل. والمألوف أن يقال نصصت البعير، بالمضاعف لا المطابق.

([16]) تمام الحديث: "فالعصبة أولى"، أي أولى بها من الأم.

([17]) البيت بتمامه كما في الديوان 351 واللسان (نعع):

على مثلها يدنو البعيد ويبعد الـ *** قريب ويطوي النازح المتنعنع

([18]) سبق إنشاد البيت في (دغر، عذر، كين).

([19]) هو مسكين الدارمي، كما في الحيوان (6: 494)، ولم ينسبه غيره.

([20]) استشهد بعجزه في اللسان (غوط 240). والبيت شاهد للنحويين في كثرة العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الجار. ونحوه قوله:

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا *** فاذهب فما بك والأيام من عجب

انظر شرح الأشموني للألفية في (باب العطف) والخزانة (2: 338) والعيني (4: 164) والإنصاف 273. ورواه الجاحظ: "والكعب منا".

([21]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "جلود نمة".

([22]) ويقال ايضاً من المهموز: "نأمته".

([23]) حقق الأب أنستاس في كتابه (النقود العربية وعلم النميات) 161 أنه من الرومي: Nomus وهو مأخوذ من اليوناني: Nomos.

 

ـ (باب النون والهاء وما يثلثهما)

(نهي)  النون والهاء والياء أصلٌ صحيح يدلُّ على غايةٍ وبلوغ. ومنه أنهيت إليه الخَبر: * بلَّغته إياه. ونِهايةُ كلِّ شيءٍ: غايته. ومنه نَهَيته عنه، وذلك لأمرٍ يفعله. فإذا نَهَيته فانتهى عنك فتلك غايةُ ما كان وآخِره. وفلانٌ ناهِيكَ من رجلٍ وَنَهْيُك، كما يقال حسبك، وتأويله أنَّه بِجدِّه وغَنَائه ينهاك عن تطلُّبِ غيره. وناقة نَهِيَّةٌ: تناهَتْ سِمَناً. والنُّهْيَة: العقل، لأنَّه ينهَى عن قبيح الفِعل والجمع نهىً. وطَلَبَ الحاجة حتَّى نَهِيَ عنها([1])، تركها، ظفِر بها أمْ لا، كأنه نَهَى نفسَه عن طلبِها. والنَّهْي والنِّهْي: الغدير، لأنَّ الماء ينتهي إليه. وتَنهِيَةُ الوادي: حيثُ ينتهي إليه السُّيول. ويقال إنَّ نِهاءَ النَّهار: ارتِفاعُه. فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ تلك غايةُ ارتفاعِه.

ومما شذَّ عن هذا الباب إن صح يقولون النُّهاء([2]): القوارير، وليس كذلك عندنا. وينشدون:

تَرُضُّ الحصَى أخفافُهنَّ كأنّما *** يُكسَّر قَيْضٌ بيْنها ونِهاءُ([3])

(نهأ)  النون والهاء والهمزة. إذا همز ففيه كلمةٌ واحدة، وهي من الإبدال، يقول: أنهأْتُ اللَّحم، إذا لم تُنضِجْه. وهذا عندنا في الأصل: أنيأْته([4]) من النِّيِّ، فقلبت الياء هاء([5]).

(نهب)  النون والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على توزُّع شيءٍ في اختلاسٍ لا عن مساواة. منه انتهابُ المالِ وغيرهِ. والنُّهْبى: اسم ما انتُهِب. ومنه المُناهَبة: أنْ يتبارى الفَرَسانِ في حُضْرِهما. يقال: ناهب الفَرسُ [الفرسَ([6])]، كأنهما يتناهبان الحُضْر والسَّبَق ويقال نَهَبَ النّاسُ فلاناً بكلامهم: تناوَلُوه به. والقياسُ واحد.

(نهت)  النون والهاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. فالنّهِيتُ: دُونَ الزَّئير. وأسَدٌّ نَهَّات. ونَهت الرجُل: زحَرَ. وحِمارٌ نهّات.

(نهج)  النون والهاء والجيم أصلانِ متباينان:

الأوَّل النَّهْج، الطّريق. ونَهَج لي الأمْرَ: أوضَحَه. وهو مُستقيم المِنْهاج. والمَنْهج: الطَّريق أيضاً، والجمع المناهج.

والآخر الانقطاع. وأتانَا فلانٌ يَنْهَج([7])، إذا أتى مبهوراً منْقَطِع النَّفس. وضربت فلاناً حتى أُنْهِج، أي سقط.

ومن الباب نَهجَ الثّوبُ([8]) وأنْهَجَ: أخلق ولمّا ينشَقّ. وأنهجَه البِلَى. قال أبو عُبيدٍ: لا يقال نَهج([9]).

(نهد)  النون والهاء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إشراف شيءٍ وارتفاعِه. وفرَسٌ نَهْدٌ: مُشرِفٌ جَسِيم. ونَهَدَ ثَديُ المرأة: أشرَفَ وكَعَب؛ وهي ناهد. ويقولون للزُّبدة الضّخمةِ نَهِيدة.

ومن الباب المناهَدةُ في الحروب، كالمناهَضَة، لأنّ كلاًّ ينْهَد إلى كلّ، قالوا: غير أنَّ النهوضَ يكون عَنْ قعود([10])، والنهود كيف كان. ورجلٌ نَهْدٌ: كريمٌ يَنْهَد إلى معالي الأمور. والنّهْداء: رملة كريمة تُنبت كِرامَ البَقْل. ويقال أنْهَدْتُ الحوضَ: ملأَتُه، وهو حوض نَهدان. ويقولون - وما أدري كيف صِحّته -: إن التّناهُد: إخراجُ كلِّ واحدٍ من الرُّفقَاء نفقةً على قدرِ نَفقةِ صاحِبِهِ.

(نهر)  النون والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُّح شيءٍ أو فتحِه. وأنْهَرْتُ الدَّم: فتحتُه وأرسلْته. وسمِّي النّهرُ لأنَّه يَنْهَر الأرض أي يشقُّها. والمَنْهَرة: فضاءٌ يكون بين بُيوت القَوم يُلقُون فيها كُناسَتَهم. وجمع النَّهر أنهارٌ ونُهُر. واستَنْهَرَ([11]) النّهرُ: أخَذَ مَجراه. وأنْهَر الماءُ([12]): جرى. ونَهرٌ نَهِر: كثير الماء. قال أبو ذؤيب:

أقامَتْ به فأبتنَتْ خَيمةً *** على قَصبٍ وفُراتٍ نَهِرْ([13])

ومنه النَّهار: انفِتاح الظُّلمة عن الضِّياء ما بين طُلوعِ الفجر إلى غروب الشَّمس. ويقولون: إنَّ النّهار يجمع على نُهُر([14]). ورجلٌ نَهِر: صاحب نهارٍ كأنَّه لا ينبعث ليلاً. قال:

* لستُ بِلَيلِيٍّ ولكنِّي نَهِرْ([15]) *

وأمّا قولهم: النهار: فَرخُ بعضِ الطَّير، فهو مما [لا] يعرَّج على مِثله، ولا معنَى له.

(نهز)  النون والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على حركةٍ ونُهوض وتحريكِ الشَّيء. فالنَّهْز: النُّهوضُ لتناوُلِ الشيء؛ ومنه انتهاز الفُرصة. والنُّهْزة: كلُّ ما أمكنَكَ انتهازُه* يقال قد أعْرَض فانتهزْ([16]). ونَهَزَتِ النَّاقةُ بصَدْرِها: نهَضَتْ للسَّير. ونَهَزَت الدّابةُ برأسها: دَفَعَتْ عن نفسها.

ومن الباب ناهَزَ الصبيُّ البُلوغَ، إذا داناه، كأنَّه نَهَضَ له وتحرَّكَ. ونهَزْتُ ضَرْعَ النّاقة عند حَلْبها لتدُرّ، إذا ضربتَه بيدك. ونَهَزْت ماءَ الدَّلو بالماء: ضربتُه لتمتلئ الدّلْو.

(نهس)  النون والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على عضٍّ على شيء. ونهَسَ اللَّحْمَ: قبَضَ عليه ونترَه([17]) عِندَ أكلِه إيّاه. ومنه نَهَسَته([18]) الحية.

(نهش)  النون والهاء والشين أصلٌ صحيح، ومعناه معنى الذي قبله. قال ابن دريد([19]): قال الأصمعيّ النَّهس والنَّهش واحد، وهو أخْذُ اللّحمِ بالفَم. وخالفه أبو زيد فقال: النّهش: بمقدَّم الفم.

(نهض)  النون والهاء والضاد أصلٌ يدلُّ على حركةٍ في عُلُو. ونَهَض من مكانه: قام. وما لـه ناهِضَةٌ، أي قومٌ ينهضون في أمره ويقومون به. ويقولون: ناهضةُ الرّجلِ: بنو أبيه الذي يَغضَبون له. ونَهَضَ النَّبْتُ: استَوَى. والنَّاهض: الطائر الذي وَفَرَ جناحاهُ وتهيَّأ للنُّهُوضِ والطَّيَران. ونِهَاضُ الطُّرُق([20]): صُعُدها وعَتَبها، الواحدة نهضة. وأنْهُض البَعيرِ([21]): ما بين كَتِفِهِ إلى صُلْبه.

(نهط)  النون والهاء والطاء. زعم ابنُ دريد([22]) النَّهْط الطَّعْن. ونَهَطه بالرُّمح: طعنَه به.

(نهع)  النون والهاء والعين ليس بشيء. على أنهم يقولون: نَهَعَ، إذا تَهَوَّعَ من غير قَلْسٍ.

(نهق)  النون والهاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. فالنّهيق والنُّهاق: صوت الحمار. ونَوَاهِقُه: مخارج نُهاقِهِ من حَلْقِه ونَوَاهق الدّابة: عروقٌ اكتنفتْ خياشيمَه، الواحدة ناهقة.

(نهك)  النون والهاء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على إبلاغٍ في عقوبة وأذى. ونَهَكَتْهُ الحُمَّى: نَقَصَتْ لحمه. وأنْهَكهُ السُّلطانُ عقوبةً: بالَغَ.

ومن الباب انتهاكُ الحرمة: تنَاوُلُها بما لا يحِلّ. والنّهِيك: الأسد والشُّجاع، لأنَّهُما يَنْهَكان الأقران.

(نهل)  النون والهاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَرْبٍ من الشُّرْبِ. ونَهِلَ: شرِبَ في أوّل الوِرد. وأنْهلْتُ الدّوابّ. والمَنْهل([23]): المورِد. والنّاهل: الريّان. وربما قالوا للعطشان([24]) ناهل. وهذا لعلَّه أن يكون على معنَى الفأل. قال:

* ينهَلُ منه الأسَلُ النّاهلُ([25]) *

أي تَروى منه الرِّماح العِطاش.

(نهم)  النون والهاء والميم أصلانِ صحيحان، أحدُهما صوتٌ من الأصوات والآخر ولُوع بشيء.

فالأوَّل النَّهيم: صوت الأسد. والنّهيم: زَجْرُك الإبل إذا صِحْتَ بها. تقول: نَهَمْتُها، إذا صِحْتَ بها لتَمضي. قال:

ألاَ انهِمَاها إنَّهَا مَناهيمْ *** وإنما ينْهِمَها القَومُ الهِيمْ([26])

ويقال للحَذْف بالعَصَا والحذف بالحَصَى نَهْمٌ؛ ولا بدَّ من أن يكون لِمَا يُحْذَف به أدنى صوت. قال:

* يَنْهَمْنَ بالدّارِ الحَصَى المنهوما([27]) *

فأمّا الآخر فالنَّهْمة: بلوغ الهِمّة في الشَّيء. وهو منهومٌ بكذا: مُولَعٌ به. ويقال منه نُهِمَ يُنْهَمُ.

ومما شذَّ عن البابين النِّهَامِيّ: الحَدَّاد([28]).

ـــــــــــــــ

([1]) في المجمل: "نهى بها"، وفي السان: "أنهى عنها ونهي عنها بالكسر"

([2]) كذا ورد في الأصل واللسان بضم النون في التفسير والشاهد بعده، فقيل إن هذا لا واحد له من لفظه، وقيل واحدته نهاءة. وفي المجمل بكسر النون في الموضعين.

([3]) البيت مجهول القائل في المجمل واللسان. ويروى أيضاً: "نهاء" بالفتح، كما في المجمل، وقال ابن بري في هذا: إنه جمع نهاة جمع الجنس ومده لضرورة الشعر. ويروى أيضاً "نهاء" بالكسر جمع نهاة بالفتح.

([4])  هذه هي صورته قبل الإعلال، وإنما يقال أنأته إناءة، إذا لم تنضجه.

([5])  في الأصل: "همزة"، تحريف.

([6])  التكملة من المجمل.

([7]) ماضيه نهج بكسر الهاء، ويقال في معناه أيضاً أنهج إنهاجاً.

([8]) هذا مثلث الهاء.

([9]) كذا ضبطت في المجمل. وفي اللسان بدون عزو إلى أبي عبيد: "ولا يقال نهج الثوب –أي بفتح الهاء- ولكن نهج- أي بكسر الهاء".

([10]) في الأصل: "على قعود"، وفي اللسان "قيام غير قعود"، صوابهما في المجمل.

([11]) في الأصل: "انتهر"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.

([12]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "نهر"، ولم يردا في القاموس.

([13]) ديوان الهذليين: (1: 146) والمجمل واللسان (نهر).

([14]) شاهده قوله:

لولا  الثريدان لمتنا بالضمر *** ثريد ليل وثريد بالنَّهر

([15]) أنشده في اللسان (نهر) والمخصص (9: 51) وكتاب سيبويه (2: 91).

([16])  في المجمل: "انتهز فقد أعرض لك".

([17])  النتر: الجذب بجفاء، وفي الأصل: "ونثره"، صوابه في المجمل واللسان.

([18])  في المجمل: "نهسه".

([19])  الجمهرة (3: 73).

([20]) في الأصل: "الطير"، صوابه من المجمل. ومفرده نهض بالفتح.

([21]) جمع نهض بالفتح أيضاً. وأنشدوا في الجمع لهميان بن قحافة:

وقربوا كل جمالي عضه *** أبقى السناف أثراً بأنهضه

([22]) الجمهرة (3: 119).

([23]) في الأصل: "والنهيل"، صوابه في المجمل واللسان وغيرهما.

([24]) في الأصل: "العطشان".

([25]) البيت للنابغة، كما في اللسان (نهل). وكذا وردت روايته في المجمل والمخصص (13: 26). وفي اللسان والأضداد 99: "ينهل منها". وصدره فيهما:

* الطاعن الطعنة يوم الوغى *

([26]) الرجز في اللسان (نهم).

([27]) لرؤبة في ملحقات ديوانه 184 واللسان (نهم).

([28]) ويقال أيضاً للراهب، وهو بهذا المعنى الأخير مقيس، قال في اللسان: "لأنه ينهم، أي يدعو".

 


ـ (باب النون والواو وما يثلثهما)

(نوي)  النون والواو والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين: أحدهما مَقْصَدٌ لشيء، والآخر عَجَمُ شيء.

فالأوَّل النَّوَى. قال أهلُ اللغة: النَّوَى: التَّحَوُّل من دار إلى دار. هذا هو الأصل، ثم حمل عليه البابُ كلُّه فقالوا: [نوَى] الأمرَ يَنوِيه، إذا قَصَدَ له.  وممَّا يصحِّح هذهِ التآويلَ قولُهم: نَوَاه الله، كأنَّه قَصَدَه بالحِفْظِ والحِياطة. قال:

يا عَمرُو أحسِنْ نَواكَ اللهُ بالرَّشَدِ *** واقرأْ سلاماً على الذَّلْفاءِ بالثَّمَدِ([1])

* أي قصَدَك بالرَّشَد. والنِّيَّة: الوجه الذي تَنْوِيه. ونَوِيُّكَ: صاحبُك نيَّتُه نِيَّتُكَ.

والأصل الآخر النَّوَى: نَوَى التَّمْر. وربما عبَّروا به عن بعض الأوزان. ويقال إنَّ النَّوَاة زِنَةُ خمسة دَرَاهم. وتزَوَّجها على نواةٍ من ذهب، أي وزنِ خمسةِ دراهمَ منه.

وبالهمز كلمةٌ تدلُّ على النُّهُوض وناءَ ينوءُ نوءاً: نَهَضَ. قال:

فقلنا لهم تِلْكُمْ إذاً بَعْدَ كرَّةٍ *** نغادر صَرْعَى نوؤُها متخاذِلُ([2])

أي نهوضها ضعيف والنَّوْءُ من أنواءِ المطَر كأنَّه ينهَض بالمطر. وكلُّ ناهض بِثِقْلٍ فقد ناءَ. وناءَ البعيرُ بِحِمْلِهِ. والمرأة تنوء بها عجيزتُها، وهي تَنوءُ بها. فالأولى تُثْقَل بها، والثانية تنهض.

ومن الباب المناوأة تكون بين القوم يقال: ناوَأَه، إذا عاداه. وهو قياسُ ما ذكرناه، لأنها المناهَضة، هذا ينوءُ إلى هذا وهو ينوءُ إليه أي يَنْهَض.

(نوب)  النون والواو والباء كلمةٌ واحدة تدلُّ على اعتياد مكان([3]) ورجوعٍ إليه. وناب يَنُوبُ، وانتاب ينتاب. ويقال إنَّ النُّوبَ: النَّحل، قالوا: وسمِّيَت به لرَعْيها ونَوْبِها إلى مكانها. وقد قيل إنَّه جمع نائب. وقول أبي ذؤيب:

أرِقْتُ لذِكرِهِ من غير نَوْبٍ *** كما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ قَشِيبُ([4])

(نوت)  النون والواو والتاء ليس عندي أصلاً. على أنهم يقولون: ناتَ ينُوت ويَنِيتُ، إذا تمايَلَ من ضَعف. فإنْ صحَّ هذا فلعلَّ النُوتيَّ وهو المَلاّح، منه.

(نوح)  النون والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على مقابَلة الشّيء للشيء. منه تناوَحَ الجَبَلان، إذا تقابَلاَ، وتناوحت الرِّيحانِ: تقابلتا في المَهبّ. وهذه الرِّيح نَيِّحةٌ لتلك، أي مقابِلتُها. ومنه النَّوح والمنَاحة، لتقابُلِ النِّساء عند البُكاء.

(نوخ)  النون والواو والخاء كلمةٌ واحدة، وهي أنَخْتُ الجَمَل. فأمَّا فِعل المطاوَعة منه فقالوا: أنَخْتُه فبَرَك، وقال آخرون: استناخ. وجاء في الحديث: "وإن أُنِيخَ على صخرةٍ استناخ". وقال الأصمعيّ أنختُه فتَنَوَّخ.

(نور)  النون والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إضاءةٍ واضطراب وقِلّة ثبات. منه النور والنار، سمِّيا بذلك من طريقة الإضاءة، ولأنَّ ذلك يكون مضطرِباً سريعَ الحركة. وتنوَّرْتُ النّار: تبصَّرتُها. قال امرؤ القيس:

تنوَّرتُها من أذرعات وأهلُها *** بيثربَ أدنى دارِها نظرٌ عالِي([5])

ومنه النَّور: نَور الشَّجر ونُوّارُهُ. وأنارت الشَّجرةُ: أخرجَتْ النَّوْر. والمَنَارة: مَفعلة من الاستنارة، والأصل مَنْوَرة. ومنه مَنَار الأرض: حُدودها وأعلامها، سمِّيت لبَيَانِها وظُهورها.

والذي قُلناه في قِلّة الثبات امرأةٌ نَوَارٌ، أي عفيفة تنُورُ، أي تَنفِر من القَبيح، والجمع نُورٌ. ونارت: نَفَرت نَوْراً([6i]). قال:

* أنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَروقُ([7]) *

ونُرْت فلاناً: نَفَّرته. والنَِّوار: النِّفار.

ومما شذَّ عن هذا الأصل النّؤُور: دُخَانُ الفَتيلة يتّخذُهُ كُحلاً وَوشْماً. ونَوَّرْت اللِّثة([8]): غَرَزْتها بإبرةٍ ثم جعلت في الغَرز الإثمد.

(نوس)  النون والواو والسين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتذبذُب. وناسَ الشَّيءُ: تذَبْذَب، ينُوس. وسمِّي أبو نُوَاسٍ لذُؤَابتينِ له كانَتَا تنوسانِ. ويقولون: نُسْت الإبلَ: سُقْتُها.

(نوش)  النون والواو والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تناوُل الشيء. ونُشْتُه نَوْشَاً. وتناوَشْتُ: تَنَاوَلْت. قال الله تعالى: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بعِيد} [سبأ 52]. ورَّبما عَدَّوْه بغير ألفٍ فقالوا: نُشْتُه خيراً، إذا أنَلتَه خيراً. وقول القائل([9]):

* باتت تَنُوشُ العَنَق انتياشا([10]) *

(نوص)  النون والواو والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّدٍ ومجيءٍ وذهاب*. وناص عن قرنه يَنُوص نَوْصاً. والمَنَاص المصدر، والمَلْجأ أيضاً. قال سبحانه: {وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص 3]. ويقولون: النَّوْص: الحِمار الوحشيّ لا يزالُ نائصاً: رافعاً رأسَه، يتردَّد كالجامح. وناوَصَ الجَرَّة: مارَسَها. ومرَّ تفسيرُه في باب الجيم([11]).

(نوض)  النون والواو والضاد فيه كلماتٌ متباينة.

الأولى النّوض: وُصْلةٌ ما بين العَجُز والمَتْن. والثانية قولهم: ناض في البِلاد: ذهب. والثالثة الأنواض: الأودية، واحدها نَوْض.

(نوط)  النون والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تعليق شيءٍ بشيء. ونُطْتُه به: علَّقته به. والنَّوْط: ما يَتعلَّق به أيضاً، والجمع أنواط. وفي المثل: "عاطٍ بغير أنواط" أي إنَّه يعطو يتناول الشَّيء وليس له ما يتعلق به. والنِّيَاط: عِرقٌ علّق به القلب، والجمع أنْوطة([12])، وهو النائط أيضاً. قال:

* قَطْعَ الطَّبيب نائطَ المصفورِ([13]) *

ونِياطُ المَفازةِ: بُعدها، سمِّي به لأنَّه كأنّه من بُعدِهِ نِيط أبداً بغيره. والأرنَب مقطِّعة النِّياط، لأنَّها تقطع البعيد. والتُّنَوِّط([14]): طائر؛ وهو قياسُه لأنَّه يَنُوط كالخيوط من الشَّجرة يجعلها وكراً. ونِيطَ فُلانٌ: أصابته نوْطة، وهي وَرَمٌ في الصَّدر. وهو عِندنا من نِياط القَلْب، كأنَّ الوجعَ أصابَ نِياطَه. ويقولون: نَوْطةٌ من طَلْح، كما يقال عِيصٌ من سِدْر. وسمِّيت لتعلُّق بعضِها ببعض. وبئر نَيِّطٌ، إذا كانت قَدْرَ قامة.

(نوع)  النون والواو والعين كلمتانِ، إحداهما تدلُّ على طائفةٍ من الشيء مماثلةٍ له، والثانية ضربٌ من الحَركَة.

الأوَّل النَّوع من الشيء: الضَّرْب منه. وليس هذا من نَوْعِ ذاك.

والثاني: قولهم: ناعَ الغُصن يَنوعُ، إذا تمايَلَ، فهو نائع. وقال بعضهم: لذلك يقال جائع نائع، أي مضطرب من شِدَّة جُوعه مُتمايِل. ويَدْعُون على الإنسان فيقولون: جُوعاً له ونُوعاً له.

(نوف)  النون والواو والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. ونافَ يَنُوف: طالَ وارتفع. والنَّوْف: السَّنام([15])، وجمعه أنواف. وممكنٌ أن يكون قولهم: مائةٌ ونَيِّف([16]) من هذا، وقد ذكرناه في نيف للفْظِه.

(نوق)  النون والواو والقاف أصلٌ يدل على سمّوٍّ وارتفاع. وأرْفَعُ موضعٍ في الجبل نِيقٌ، والأصل الواو، وحوّلت ياءً للكسرة التي قبلها. وممكنٌ أن يكون النَّاقةُ من هذا القياس، لارتفاع خَلْقِها. وناقةٌ ونُوق([17]). و"استَنْوَق الجملُ" تشبيهٌ بها، ويضرب مثلاً لمن ذَلَّ بعد عِزّ. والنّاقة: كواكبُ على هيئة النّاقة([18]). وقولهم: تنوَّقَ في الأمر، إذا بالَغَ فيه، فعندنا أنَّه منه، وهم يشبِّهون الشيءَ بما يستحسنونه، وكأنَّ تنوَّق مقيسٌ على اسم الناقة، وهي عندهم من أحْسَنِ أموالهم. ومن قال تَنَوَّق خطأٌ فقد غَلِط([19])، وقياسه ما ذكرناه. والنِّيقة لا تكون إلاَّ من تَنَوّق. يقولون مثلاً: "خَرْقاءُ ذات نِيقَة"، يُضرَب للجاهل بالشَّيء يدَّعي المعرفة به.

(نوك)  النون والواو والكاف كلمةٌ واحدة، هي النَّوَاكة والنُّوك([20]) وهي الحُمْق. ورجلٌ أنْوَك ومُسْتنوِكٌ، وهم نَوْكَى([21]).

(نول) النون والواو واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إعطاءٍ. ونَوَّلته: أعطيته. والنَّوال: العَطاء. ونُلْتُه نَولاً مثل أنلته. وقولك: ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا؛ فمنه أيضاً، أي ليس ينبغي أن يكون ما تُعطِيناهُ مِنْ نوالِك هذا. وقولُ لبيد:

وقفتُ بهنَّ حتَّى قال صحبي *** جَزِعتَ وليس ذلك بالنَّوالِ([22])

قالوا: النّوال: الصَّواب، وتلخيصه: ليس ذلك بالعطاء الذي [إن] أعطيتَناه كنتَ فيه مصيباً. وكذا قوله:

فدَعِي الملامةَ ويْبَ غيرِكِ إنَّه *** ليس النّوال بلوم كلِّ كريم([23])

والقياس في كلِّه واحد.

ومما شذَّ عن الباب المِنْوال: الخَشَبة* يلُفُّ عليها النَّاسِج الثَّوب.

(نوم)  النون والواو والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على جُمودٍ وسكونِ حركة. منه النَّوم. نامَ ينام نَوْماً ومَناما. وهو نَؤُومٌ ونُوَمَة([24]): كثير النَّوم. ورجل نومةٌ([25]):خاملٌ لا يُؤبَه له. ومنه استَنامَ لي فلانٌ، إذا اطمأنَّ إليه وسَكَنَ. والمَنَامة: القطيفة، لأنَّه ينامُ فيها.

ويستعيرون منه: نامت السُّوق: كَسَدت. ونامَ الثَّوبُ: أخْلَقَ.

(نون)  النون والواو والنون كلمةٌ واحدة. والنُّون: الحُوت. و [ذو([26])] النُّون: سيفٌ لبعض العرب([27])، كأنَّه شُبِّه بالنون.

(نوه)  النون والواو والهاء كلمةٌ تدلُّ على سُموٍّ وارتفاع. وناه النَّبات([28]): ارتفع. وناهَت النّاقةُ: رفعَتْ رأسَها وصاحت. ومنه نُهْتُ بالشَّيء ونوَّهتُ: رفعت ذِكْرَه. ويقولون: ناهَتْ نَفْسُه: قوِيَتْ.

ـــــــــــــــ

([1])  أنشده في اللسان (نوى) ومعجم البلدان (ثمد الروم).

([2]) لجعفر بن علبة الحارثي في الحماسة (1: 10).

([3]) في الأصل: "اعتبار مكان".

([4]) في ديوان الهذليين (1: 92) برواية: "نقيب". وفي اللسان (نوب) برواية: "نقيب". وكلام ابن فارس هنا مبتور، والذي في المجمل: "ويقال إن النوب القرب". وأنشد بعده البيت.

([5]) ديوان امرئ القيس 56 واللسان (نور). وأذرعات يروى بالكسر مع التنوين وعدمه وبالفتح مع منع الصرف.

([6]) ويقال في المصدر "النوار" أيضاً بالفتح، والاسم بالكسر، نوار.

([7]) صدر بيت لزغبة الباهلي، أو لمالك بن زغبة الباهلي، أو لأبي شقيق الباهلي، في اللسان (نور، حذق) وإصلاح المنطق 41، 142. وعجزه:

* وحبل الوصل منتكث حذيق *

([8])  في الأصل: "إليه".

([9])  كذا. وفي المجمل قبل إنشاد البيت التالي: "وناشت الإبل تنوش، إذا أسرعت النهض. قال".

([10])  أنشده في اللسان (نوش).

([11])  في الجزء الأول ص 413.

([12])  ونوط، أيضاً بالضم.

([13]) للعجاج في ديوانه 30 واللسان (نوط، صفر).

([14]) ويقال تنوط بفتح التاء والنون وتشديد الواو المضمومة.

([15]) قيده في اللسان بأنه السنام العالي.

([16]) ويقال نيف أيضاً بالتخفيف، وقيل التخفيف لحن أو لغة رديئة.

([17]) ويقال في جمعه أيضاً ناق ونياق وأنواق وأينق وأنوق وأنؤق وأونق. وجمع الجمع أيانق وأنياقات.

([18])  ذكرت في القاموس. وانظر الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 376).

([19])  في اللسان: "وتنوق في الأمر، أي تأنق فيه. وبعضهم لا يقول تنوق". وشاهده قول ذي الرمة:

كأن عليها سحق لفق تنوقت *** به حضرميات الأكف الحوائك

([20]) بضم النون وفتحها أيضاً، كما في القاموس.

([21]) ونوك أيضاً.

([22]) ديوان لبيد ص110 طبع 1880 واللسان (نول).

([23]) كذا على الصواب في الأصل وديوان لبيد 84. وفي المجمل: "بنول كل كريم".

([24]) ويقال نوم أيضاً كصرد.

([25]) بالضم، وبضم ففتح.

([26]) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

([27]) كان لمالك بن زهير فقتله حمل بن بدر فأخذه منه، ثم قتل الحارث بن زهير حمل بن بدر واستولى منه على ذي النون اللسان (نون). وفي القاموس أن "ذو النونين" سيف معقل ابن خويلد.

([28]) في الأصل: "النياه"، تحريف صوابه في المجمل واللسان.

 


ـ (باب النون والياء وما يثلثهما)

(نيح)  النون والياء والحاء كلمة صحيحة تدل على خَيْرٍ وخيرِ حال. ونَيَّحه الله بخَيرٍ: أعطاه إيّاه. وقال الخليل: النَّيْح: اشتداد العَظْم بعد رُطوبَتِه. ونَاحَ يَنِيح نَيْحاً. ونَيَّحَ اللهُ عِظامَهُ، تدعو له. وذُكِرَتْ كلمةٌ أخرى إنْ صحَّتْ فهي قريبةٌ من هذا الباب، قالوا: ناحَ الغصنُ يَنيح نَيْحاً: تمايَلَ. حكاه أبو بكر عن أبي مالك([1]).

(نير)  النون والياء والراء كلمة تدلُّ على وضوحِ شيءٍ وبُروزه. يقال لأخدود الطَّريقِ الواضحِ منه نِير. قال:

* إلى كلِّ ذِي نِيرَيْنِ بادي الشَّواكلِ *

ثم قيس على هذا نِيرُ الثّوب: عَلَمُه، سمِّي به لبُروزه ووضوحه. ومن هذا القياس النِّير: الخَشَبة على عُنُق الفَدَّانِ بأداتها، والجمع نِيرانٌ وأنْيار. ورجل ذُو نِيرَين، أي شِدَّته ضِعْفُ شِدّة غيرِه. والنِّير: جَبَل([2]).

وما ننكر أن يكون أصل هذا كلِّه الواو فيرجعَ إلى ما ذكرناه في باب النُّور والنار.

(نيط)  النون والياء والطاء. يقولون النَيْط: المَوت. قال الأمويُّ: رَمَاه الله بالنَّيْط.

(نيف)  النون والياء والفاء. قد ذكرنا في باب النون والواو والفاء أنَّه يدلُّ على الارتفاع والزِّيادة. ويجوز أن يكون هذا البابُ راجعاً إلى ذلك الأصل. يقولون: مائة ونيِّف. وأنافت الدَّراهمُ على المائة. قال أبو زيد: كلُّ ما بين العَقْدَينِ نَيِّف. ومما يدلُّ على أنَّ هذا كذا قولُ القائل([3]):

ورَدْتُ برابيةٍ، رأسُها *** على كلِّ رابيةٍ نيّفُ([4])

وناقة نِيافٌ وجملٌ نيافٌ: طويلٌ في ارتفاع. قال أبو بكر([5]): ونيَّفَ على السبعين، زادَ عليها.

(نيم)  النون والياء والميم ثلاثُ كلمات ليست قياساً واحداً.

فالأولى النِّيم([6])، وهو الفَرْو. والثانية النِّيم، وهو شجرٌ. قال ساعدة بن جُؤيَّة الهُذَلي:

ثم ينوش إذا آدَ النَّهارُ له *** بعد التَّرقُّبِ من نِيم ومن كَتَمِ([7])

والكَتَم: شجرٌ أيضاً.

والثالثة النِّيم: الدَّرَج في الرَّمْل إذا جَرَت فيه الرِّيح. قال:

حَتَّى انجلَى اللَّيلُ عنَّا في مُلمَّعةٍ *** مثل الأديم لها في هَبْوةٍ نِيمُ([8])

 (نيأ)  النون والياء والهمزة كلمةٌ هي النِّيُّ([9]) من اللحم: الذي لم ينضج وقد أنأْتُه أنا. والأصل أنيَأْتُهُ.([10]) والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (2: 198).

([2]) جبل لبني غاضرة. أنشد الأصمعي:

أقبلن من نير ومن سواج *** بالقوم قد ملوا من الإدلاج

([3]) هو عدي بن الرقاع، كما في اللسان (نوف).

([4]) كذا على الصواب في الأصل والمجمل. وفي اللسان: "ولدت ترابية"، تحريف.

([5]) الجمهرة (3: 161).

([6]) الحق أن الكلمة معربة من الفارسية "نيم" بمعنى نصف، أي نصف فرو، كما في اللسان والمعرب 339. وفي الألفاظ الفارسية 156 أنه معرب "نيمة" وهو مركب من "نيم"، أي نصف ومن هاء التخصيص، وهو أيضاً: nêma بالسنسكريتية.

([7]) ديوان الهذليين: (1: 196) واللسان (أود، نوم، كتم).

([8]) لذي الرمة في ديوانه 576 واللسان (نوم).

([9]) يقال نيء بالكسر والهمزة في آخره، وني بالكسر مع تسهيل الهمزة.

([10]) انظر ما سبق في (نهأ).

 

ـ (باب النون والهمزة وما يثلثهما)

(نأت)  النون والهمزة والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. يقال: نَأتَ الرّجُل نَئيتاً، مثل نَهَتَ، إذا أنَّ. ورجلٌ نَآّتٌ مثل نهّات.

(نأج)  النون والهمزة والجيم أصلٌ يدلُّ على صوت. ونَأَجَ إلى الله: تضَرَّع في الدعاء. ونائجاتُ الهَامِ: صوائحها. والنَّؤُوج والنّآّجة: الرِّيح تَنْئجُ([1]) في هبوبها، أي تصوِّت. قال ذو الرُّمَّة:

وصَوَّحَ البقلَ* نّآّجٌ تجيء [بِهِ] *** هَيْفٌ يمانِيَةٌ في مرِّها نَكبُ([2])

ونأج الثَّور: صاح. وفي الحديث: "ادع لنا ربَّك بأنْأَجِ ما تقدر"، أي بأضرَعِ ما يمكنُ من الدُّعاء.

(نأد)  النون والهمزة والدال كلمةٌ واحدة. يقولون: النّآدُ والنّآدَى: الدَّاهية. قال الكميت:

وإيّاكم وداهيةً نَآدَى *** أظلَّتكم بعارِضِها المُخِيلِ([3])

(نأش)  النون والهمزة والشين كلمةٌ تدلُّ على أخْذ وبطش. ورجلٌ نَؤُوشٌ([4]): ذو بَطْش.

وقد ذكرت كلمةٌ إنْ صحَّتْ فليست من قياس الأولى، يقولون لمن جاءَ في أواخر النَّاس: جاء نَئِيشاً. قال:

تمَنَّى نئيشاً أن يكون أطاعَنِي  *** وقد حدثَتْ بعد الأُمورِ أمورُ([5])

والذي سمعناه: "تمنَّى أخيراً".

(نأف)  النون والهمزة والفاء. يقولون: نَئِف ينأف، إذا أكَلَ.

(نأل)  النون والهمزة واللام، ليس فيه إلاَّ النَّأَلان: المَشْي السريع. ينهض الماشي برأسه إلى فوق. ورجُلٌ نَؤُول، وضَبُع نَؤُول، إذا فعَلْت ذلك.

(نأم)  النون والهمزة والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على صوت. النئيم: [صوتٌ([6])] فيه ضعفٌ كالأنين. ونَأَم الأسدُ يَنئِمُ([7]). وسمعتُ له نَأْمةً واحدة. ونأمت القوس نئيماً.

(نأي)  النون والهمزة والياء كلمتان: النؤْي والنَّأي. فالنُّؤْي: حَفِيرةٌ حول الخباء، يدفَع ماءَ المطر عن الخباء. يقال أنأيتُ([8]) نُؤْياً. والمنْتأَى([9]): موضعه. وأنشد الخليل في هذا الموضع([10]):

إذا ما التَقيْنا سالَ من عَبَراتنا ***  شآبيبَ يُنأَى سَيْلُها بالأصابع([11])

وأمّا النّأْي فالبُعْد، يقال نأَى ينأى نأْياً؛ وانتأى: افتعَلَ منه. والمُنتأَى: الموضعُ البعيد. قال:

فإنَّك كاللَّيل الذي هُوَ مَدرِكِي *** وإنْ خِلتُ أنَّ المنتأى عنكَ واسعُ([12])

وربَّما أخّروا الهمزة فقالوا ناء، وإنَّما هو نأى. قال:

مَن إنْ رآك غنيَّاً لانَ جانِبُه *** وإن رآك فقيراً ناءَ واغتربا([13])

والله أعلمُ بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1])  يقال نأج ينئج وينأج.

([2])  ديوان ذي الرمة 11. والتكملة منه.

([3])  المجمل واللسان (نأد).

([4])  وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.

([5])  لنهشل بن حري، كما في اللسان (نأش).

([6])  التكملة من المجمل.

([7])  في المجمل: "ينأم"، وهما لغتان.

([8]) في الأصل هنا: "انتاءت" صوابه من المجمل، وهو ما يقتضيه الاستشهاد بعد. على أن هناك لغة أخرى "انتأيت"، وليست مرادة هنا.

([9])  في الأصل: "المستنأى"، صوابه من المجمل واللسان (نأي 171 س17).

([10])  وكذا العبارة في المجمل، وهو شاهد لكلمة "أنأيت"، انظر الحاشية الرابعة.

([11]) أنشده في المجمل واللسان (نأى).

([12]) للنابغة في ديوانه 55 واللسان (نأى).

([13]) البيت لسهم بن حنظلة الغنوي، في اللسان (نيأ). وقصيدته في الأصمعيات 46-50 طبع المعارف. ورواية الأصمعيات:

إذا افتقرت نأى واشتد جانبه *** وإن رآك غنياً لان واقتربا

 

 

ـ (باب النون والباء وما يثلثهما)

(نبت)  النون والباء والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نماءٍ في مزروع، ثم يستعار. فالنَّبت معروفٌ، يقال نَبَت. وأنْبَتَتِ الأرض. ونَبَّتُّ الشَّجرَ: غَرستُه. ويقال: إنَّ [في([1])] بني فلانٍ لنابِتَةَ شرّ. ونبَتَتْ لبني فلانٍ نابتةٌ، إذا نشَأ لهم نَشْءٌ صِغار من الوَلَد. والنَّبيت: حيٌّ من اليمن. وما أحسَنَ نِبتةَ هذا الشَّجر. وهو في مَنبِتِ صدقٍ، أي أصلٍ كريم.

(نبث)  النون والباء والثاء أصلٌ يدلُّ على إبراز شيء. ونَبَثَ التُّرابَ: أخرَجَه من البِئرِ والنَّهر، وذلك المُستخْرَج نَبِيثةٌ، والجمع نبائث. والنَّابث: الحافر. وقَوْلهم: خبيثٌ نبيث، إنّما هو إتباع.

(نبج)  النون والباء والجيم. يقولون: النَّبّاج: الرَّفيع [الصَّوت([2])]، وهي كلمةٌ واحدة.

(نبح)  النون والباء والحاء كلمةٌ واحدة، وهي نُبَاح الكَلْب ونَبِيحه. وربَّما [قالوا] للظَّبْي نَبَح. قال أبو دُواد:

وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا *** ءِ نبّاح من الشُّعْبِ([3])

وفي الحديث: "اقْعُدْ منبوحاً"، أي مشتوماً.

(نبخ)  النون والباء والخاء أصلٌ يدلُّ على عِظَمٍ وتعظُّم. وأصل النَّبْخ ما نَفِخ([4]) من اليد فخَرَج شِبْهَ قَرْح ممتلئ([5]) ماءً. ويقال للمتعظِّم في نفسه: نابخة. قال الشاعر:

يَخْشَى عليهم من الأملاك نَابِخةً *** من النَّوابِخِ مثل الحادر الرُّزَمِ([6])

والنَّبْخاء: الأكَمة، سمِّيت لارتفاعها.

(نبذ)  النون والباء والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على طرحٍ وإلقاء. ونَبَذْتُ الشَّيءَ أنبِذُه نبذاً: ألقيتُه من يدي. والنَّبِيذُ: التَّمر يُلقَى في الآنيةِ ويُصَبُّ عليه الماء. يقال: نبذتُ أَنْبِذُ. والصَّبي المنبوذ: الذي تُلقِيه أمُّه. ويقال: بأرضِ كذا نَبْذٌ من مالٍ، أي شيءٌ يسير. وفي رأسه نَبْذٌ من الشَّيب، أي يسير، كأنَّه الذي يُنْبَذُ لِقلّته وصِغَره. وكذلك النَّبْذُ من المَطَر.

(نبر)  النون والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع وعُلُوّ. ونَبَر الغلامُ: صاحَ* أول ما يترعرع. ورجلٌ نَبَّارٌ: فصيحٌ جهير([7]). وسمِّي المنبرُ لأنَّه مرتفع ويُرفَع الصَّوتُ عليه. والنَّبْرُ في الكلامِ: الهَمْزُ أو قريبٌ منه. وكلُّ مَن رفع شيئاً فقد نَبَره. ومما يقاس على هذا النِّبر: دُوَيْبَّة، والجمع أنبار، لأنَّه إذا دبَّ على الإبل تورَّمت جلودُها وارتفَعت. قال:

كأنها مِنْ سِمَنٍ واستِيقَارْ *** دَبَّتْ عليها ذَرِبَاتُ الأنبارْ([8])

(نبس)  النون والباء والسين كلمةٌ واحدة. يقال: ما نَبَسَ بكلمةٍ، أي ما تكلَّم. وما سمعت لهم نَبْساً ولا نَبْسَة.

(نبش)  النون والباء والشين أصلٌ وكلمةٌ واحدة تدلُّ على إبرازِ شيءٍ مستور. ونَبَشَ القَبْرَ، وهو نَبَّاشٌ يَنْبُشُه([9]). ومن قياسه أنابِيش الكَلأ: القطاع([10]) المتفرِّقة تبرُزُ على وجه الأرض.

(نبص)  النون والباء والصاد. يقولون: نَبَص الغلامُ بالكَلْبِ. ونَبَص الطائر: صَوَّت.

(نبض)  النون والباء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حركةٍ أو تحريك. ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِض، وتلك حركتُه. وما به حَبَضٌ ولا نَبَض. وأنْبَضْتُ عَن([11]) القوس إنباضاً من هذا. ونَبَضْتُ أيضاً. ويقولون: فؤاد نَبِضٌ([12])، كأنَّه من شهامته يَنْبِض، أي يتحرّك، قال:

وإذا أطفْتَ بها أطفتَ بكلكلٍ *** نَبِض الفَرائصِ مُجْفَرِ الأضلاعِ([13])

(نبط)  النون والباء والطاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج شيء. واستنبَطْتُ الماءَ: استخرجتُه، والماء نَفْسُه إذا استُخرِجَ نَبَط. ويقال: إنَّ النَّبَط سُمُّوا به لاستنباطهم المِياه. ومن المحمول على هذا النُّبْطة: بياضٌ يكون تحت إبط الفرس. وفرسٌ أنْبَطُ، كأنَّ ذلك البياضَ مشبَّه بماءٍ نبط.

(نبع)  النون والباء والعين كلمتان:

إحداهُما نُبوع الماء، والموضع الذي يَنْبُع([14]) منه يَنْبُوع. والنَّوابع من البعير: المواضع التي يَسيل منها عرقُه. ومنابع الماء: مَخَارِجُه من الأرض.

والأخرى النَّبْع: شَجَر.

(نبغ)  النون والباء والغين كلمةٌ تدلُّ على بُروزٍ وظُهُور. ونَبغَ الشيءُ ظَهَرَ. والنَّبْغ([15]): ما تطايَرَ من الدَّقيق إذا طُحِن أو نُخل. ونَبَغ الرَّجُل([16])، إذا لم يكنْ في إرث الشِّعر([17]) ثم قال وأجاد. وكذلك سمِّي النابغةُ الشَّاعر. قال([18]):

وحَلّت في بني قيس بن جَسْرٍ *** وقد نبغَتْ لنا منهمْ شؤونُ

(نبق)  النون والباء والقاف كلمةٌ تدلُّ على تسويةٍ وتهذيب. والنخل إذا كان غِرَاسُه على استواءٍ منبَّق([19]). وقد نَبَّقه صاحبُه. وكذلك كلُّ شيءٍ مستوٍ مهذَّب. قال:

وحدِّثْ بأنْ زالت بلَيلٍ حُمولُهمْ *** كنخلٍ من الأعراض غير منبَّقِ([20])

ولعل النَّبق([21])، وهو حَمْلُ السِّدْر من هذا. ويقال –وهو شاذٌّ عن هذا:

أنبَقَ الرّجُلُ، إذا حَصَمَ([22]) بها غيرَ شديدةٍ.

(نبك)  النون والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ وهبوطٍ في الأرض. يقال نَبَكَةٌ، والجمع نِبَاكٌ.

(نبل)  النون والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على فَضْل وكِبَر، ثم يستعار منه الحِذْق في العمل، فيقال للفَضْل في الإنسان نُبْل. والنَّبَل: عِظام المَدَر([23]) والحِجارة. ويقال: نَبَلٌ ونُبَلٌ. وفي الحديث: "أعِدُّوا النَّبَل". ويقولون: إنَّ النَّبَل هاهنا الصِّغار، وإنَّها من الأضداد، ونبِّلْني أحجاراً للاستنجاء: أعْطِنِيها. ونبِّلْنِي عَرْقاً: أعطِنِيه. وحُجَّة أنَّها الصِّغار قول القائل([24]):

أفَرْحُ أن أُرزَأَ الكِرامَ وأن *** أُورَثَ ذَوداً شَصَائصا نَبَلا

وإذا كانت من الأضداد كان الوجه الأقلُّ خارجاً عن القياس.

والمعنى في الحِذْق قولُهم إنَّ النّابِل: الحاذقُ بالأمر، والفِعل النَّبَالة. وفلان أنْبَلُ النَّاسِ بالإبل، أي أعلمهم بما يُصلحها. قال:

تَدَلَّى عليها بالحِبالِ مُوَثِقَّاً *** شديدَُ الوَصاةِ نابلٌ وابنُ نابلِ([25])

وفي الباب قياسٌ آخر يدلُّ على رَمْيِ الشّيءِ ونَبْذِه وخِفّةِ أمره. منه النَّبْل: السِّهام العربية. والنَّابل: صاحب النَّبْل*، والنَّبَّال: الذي يعملُه. ونبلْتُهُ: رمَيْتُه بالنَّبْل. ومن هذا القياس: تَنَبَّل البعيرُ: مات: والنَّبِيلة: الجِيفة، وسمِّيت بها لأنَّها ترمَى.

ومن القياس الذي يقارب هذا: نَبَلَ الإبلَ يَنْبُلُها: ساقَها سوقاً شديداً. قال:

* لا تأويَا للعِيسِ وانبُلاها([26]) *

(نبه)  النون والباء والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاع وسمُوّ. ومنه النُّبْه والانتباه، وهو اليَقَظة والارتفاع من النَّوم. ونَبَّهْتَه وأنْبهته. ومنه رجلٌ نَبِيه، أي شَرِيف. وقولهم: إنَّ النَّبَه من الأضداد، يقال للضَّائع نَبَهٌ وللموجود نَبَه، فهو عندنا صحيحٌ؛ لأنَّه إذا ضاع انتُبِه له وإذا وُجِد انتُبِه له([27]). قال أهلُ اللُّغة: النَّبَه: الضَّالَّة تُوجَد عن غفلة. تقول: وجدتُ هذا الشَّيءَ نَبَهاً وأضلَلْتُه نَبَها، إذا([28]) لم يعلم متى ضلّ. والقياس في الباب ما ذكرناه. قال:

كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضَّةٍ نَبَه *** في مَلْعَبٍ من عَذَارَى الحيِّ مفصومُ([29])

(نبو)  النون والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في الشيء عن غَيره أو تَنحٍّ عنه. [نبا بصرُه عن الشيء([30])] ينبو. ونبا السيف عن الضّريبة: تجافَى ولم يَمضِ فيها. ونبا به مَنزِلُه: لم يوافِقْه، وكذا فِراشه. ويقال نَبَا جنْبُه عن الفِراش. قال:

إنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لنَابِ *** كتَجافِي الأسَرِّ فوقَ الظِّرابِ([31])

ويقال إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اسمُه من النَّبْوة، وهو الارتفاع، كأنَّه مفضّل على سائر الناس برَفْع منزلته. ويقولون النَّبيّ: الطريق. قال:

لأصْبَحَ رتماً دُقاقَ الحَصَى *** مكانَ النَّبِيِّ من الكاثِبِ([32])

(نبأ)  النون والباء والهمزة قياسه الإتيانُ من مكانٍ إلى مكان. يقال للذي يَنْبأ من أرض إلى أرضٍ نابئ. وسيلٌ نابئ: أتَى من بلدٍ إلى بلد ورجل نابئ مثله. قال:

ولكن قَذَاها كلُّ أشعَثَ نابئٍ *** أتَتْنا به الأقدار من حيث لا ندرِي([33])

ومن هذا القياس النَّبَأ: الخبر، لأنَّه يأتي من مكانٍ إلى مكان. والمُنبئ: المُخْبِر. وأنبأته ونَبّأته. ورَمَى الرّامي فأنبَأَ، إذا لم يَشْرِمْ([34])، كأنَّ سَهَمه عَدَل عن الخَدْشِ وسَقَط مكاناً آخَرَ. والنَّبْأة: الصَّوت. وهذا هو القياس، لأنَّ الصوتَ يجيءُ من مكانٍ إلى مكان. قال ذو الرمة:

وقد توحَّس رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ  *** بنبْأةِ الصوتِ ما في سمعِهِ كذبُ([35])

ومن هَمَز النبيَّ فلأنه أنبأ عن الله تعالى. والله أعلم بالصواب.

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة في المجمل.

([2])  التكملة من المجمل. وفي اللسان: "الشديد الصوت".

([3])  اللسان (قصر، شنج، نبح، شعب) والحيوان (1: 349/ 5: 214). وقد سبق في (شعب).

([4])  نفخ، بكسر الفاء، بمعنى انتفخ، وفي المجمل واللسان: "نفط".

([5])  في الأصل: "بمثلي"، صوابه في المجمل واللسان.

([6]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. ديوان الهذليين (1: 202) واللسان (نبخ، رزم). والحادر، كذا وردت هنا بالحاء المهملة كما في اللسان. وفي المجمل والديوان: "الخادر" بالخاء المعجمة، وقد سبق بهذه الرواية في (رزم) ولكل وجه. فالخادر: الغليظ، أراد به الفيل. والحادر: الأسد في خدره، أي عرينه.

([7]) في المجمل: "فصيح بليغ".

([8]) الرجز في اللسان (ذرب، نبر، بدن) مع نسبته إلى شبيب بن البرصاء. وأنشده في (وقر) بدون نسبة وكذا في إصلاح المنطق 18.

([9]) في الأصل: "نيشة"، تحريف.

([10]) القطاع: جمع قطع بالكسر، وهو القطعة.

([11])  في الأصل: "من"، صوابه في المجمل على أنه يقال أنبض القوس، وأنبض بالوتر.

([12])  في القاموس "نبض" بالفتح والتحريك، وككتف وهذا الوصف مما فات صاحب اللسان.

([13])  للمسيب بن علس في المفضليات (1: 60).

([14])  يقال بتثليث الباء.

([15]) ورد في القاموس، ولم يرد في اللسان.

([16])مضارعه مثلث الباء.

([17]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "إذا لم يكن في إرثه الشعر".

([18]) أي النابغة، انظر المزهر (2: 346) واللسان (نبغ)، وصواب ما في اللسان: "سمي به زياد بن معاوية لقوله". وفي الأصل هنا: "النابغة قال الشاعر".

([19]) يقال بفتح المشددة وكسرها.

([20]) لامرئ القيس في ديوانه برواية الطوسي (مخطوطة دار الكتب) واللسان (نبق).

([21]) بفتح النون وكسرها، وككتف، وبالتحريك، أربع لغات.

([22]) حصم، أي ضرط. وفي الأصل: "خصم"، صوابه في المجمل.

([23]) في الأصل: "المطر"، صوابه في المجمل واللسان.

([24]) هو حضرمي بن عامر. البيان (3: 315) وأمالي القالي (1: 67) واللسان (جزأ، شصص، نبل). وانظر الأضداد لابن الأنباري 78.

([25]) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 142) واللسان (نبل). وضبطت في اللسان بفتح ثاء "موثقاً"، وفي الديوان بكسرها، وفي شرح الديوان: "موثق: قد أوثق حبله بأعلى شيء مرتفع" و "شديد" في الديوان بالنصب، وفي اللسان مرة بالنصب وأخرى بالرفع.

([26])  لزفر بن الخيار المحاربي في اللسان (نبل).

([27])  في الأصل: "انتبه له وإذا وجد انبة له".

([28])  كذا على الصواب في المجمل. وفي الأصل: "أي".

([29])  لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (نبه، فصم). وقد سبق في (فصم).

([30])  التكملة من المجمل.

([31])  لمعد يكرب المعروف بغلفاء. اللسان (سرر، ظرب).

([32])  لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (رتم، نبا، كثب). وسبق في (كثب).

([33])  للأخطل في اللسان (قذا، نبأ)، وروايته في الموضع الأول: "ولكن قذاها زائر لا نحبه".

([34])  في المجمل: "إذا لم يخدش". وفي اللسان: "أي لم يشرم ولم يخدش".

([35])  ديوان ذي الرمة 21 واللسان (نبأ).

 


ـ (باب النون والتاء وما يثلثهما)

(نتج)  النون والتاء والجيم كلمةٌ واحدة، هي النّتاج([1]). ونُتِجت النّاقةُ؛ ونَتَجها أهلُها. وفرسٌ نَتُوجٌ: استبانَ نتاجُها.

(نتح)  النون والتاء والحاء. نَتَحَ العَرَقُ: رشَح. ومنَاتح العَرَق: مخارجه. ونَتَح النِّحْيُ: رشَح أيضاً.

(نتخ)  النون والتاء والخاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج الشَّيء من الشيء. ونتخ الشَّوكَةَ مِنَ الرِّجل بالمِنْتاخ، أي المنقاش. ونَتَخ البازِي اللحمَ بِمنْسَرِه، ونَتَخ ضِرسَه: انتزعَه. قال زُهير:

تَتركُ أفلاءَها في كلِّ مَنزِلةٍ *** تَنْتَخُ أعْيُنَها العِقبانُ والرَّخَمُ([2])

ويقولون: المتنَتِّخُ([3]): المتفلِّي. والبِساط المنتوخ بالذَّهب: المنسوج به. والنَّتْخ: النَّسْج، عن ابن الأعرابيّ.

(نتر)  النون والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على جَذْب شيءٍ. والنَّتْر: جَذْبٌ فيه جَفْوة. والطَّعْنُ النَّتْر، مثل الخَلْس. والنَّواتِر: القِسِيّ. وقولهم: إنَّ النَّتَر: الفَساد والضَّياع، وإنشادهم:

* أمْرَكَ هذا فاحتفِظْ فيه النَّتَرْ([4]) *

فالأصل فيه ما ذكرناه، كأنّه أمرٌ جُذِبَ عن الصِّحَّة.

(نتغ)  النون والتاء والغين ليس بشيءٍ غير حكاية. يقولون: أنتَغَ الرّجُل، إذا ضَحِكَ* ضَحِكَ المستهزئ. ويقالَ: نَتغْتُه، إذا عبتَه وذكَرْتَه بما ليس فيه. قال أبو بكر: رجل مِنْتَغٌ فَعّالٌ لذلك([5]).

(نتف)  النون والتاء والفاء: أصلٌ يدلُّ على مَرْطِ شَيء. ونَتَفَ الشَّعَْر وغيرَه يَنْتِفُه. والمِنْتاف: المِنْقاش. والنُّتَافَة: ما سَقَط من الشَّيء إذا نُتِف. والنُّتْفَة: ما نتَفْتَه بأصابِعك من نبتٍ أو غيرِه. ورجلٌ نُتَفَةٌ: ينتِف من العلم شيئاً ولا يستقصيه.

(نتق)  النون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيءٍ وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله. تقول العرب: نتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر: جَذَبْتُه. والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسترخِي. وامرأةٌ ناتقٌ: كثُرَ أولادُها. وهذا قياس الباب، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقاً. قال([6]):

لم يُحرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ *** دَحَقَتْ عليك بناتِقٍ مذكارِ([7])

وفي الحديث: "علَيكم بالأبكار فإنَّهنَّ أنْتَقُ أرحاماً". وزَنْدٌ ناتقٌ: وارٍ؛ وهو القياس.

([نتك)  النون والتاء والكاف. النَّتْك([8])]، هي من يمانيَّات أبي بكر([9]). قال: وهي شَبِيهٌ بالنَّتْف.

(نتل)  النون والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تقدُّم وسَبْق. يقال استَنْتَل الرّجلُ: تقدَّمَ أصحابَه. وسمِّي الرَّجلُ به ناتلا. ونَتَلته: جذبْتُه إلى قُدُم. وتَنَاتَلَ النّبتُ: لم يستقِمْ نباتُه وكان بعضُه أطوَلَ مِن بعض، كأنَّ الأطولَ تقدَّمَ ما هو أقصَرُ منه فسَبَق. وقولهم: النَّتَلُ العَبْد الضَّخم، تفسيره أنَّه يقوى من التقدُّم [على] ما يعجِزُ عنه غيرُه. ألا ترى إلى قول الرّاجز([10]):

* يَطُفْنَ حولَ نَتَلٍ وَزْوازِ *

فوصَفَه بوَزْوازٍ، وهو الخفيف.

(نتأ)  النون والتاء والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ عن موضعه من غير بَينُونة. يقولون: نتأ الشَّيء، إذا خَرَجَ عن موضِعِه من غير أن يَبِين، يَنْتأ. ونتَأَت الجِلْدة([11]). ويتوسَّعون في هذا حتَّى يقولوا: نتأْت على القَومِ: طلَعْتُ عليهم. ونَتَأت الجاريةُ: بَلَغَتْ. وذكر بعضهم نَتَأ([12]) لي فلانٌ بالشرِّ، إذا استعدّ. وهو ذلك القياس، كأنَّه نهض من مَقرِّه. وفي أمثالهم: "تحْقِرُه ويَنْتأ لك"، أي تزدريه لسكونه وهو ينهَضُ إليك مجاذباً([13]).

(نتب)  النون والتاء والباء ليس بشيء، لأنَّ الباء فيه زائدة. يقولون: نَتَب الشَّيءُ، مثل نَهَد. قال:

أشرَفَ ثدياها على التَّريب([14]) *** لم يَعْدُوَا التَّفليكَ في النُّتوبِ

إنّما أراد النتُوَّ فزاد القافية. والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1]) هو بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم لما يوضع.

([2]) ديوان زهير 154 واللسان (نتخ، فلا) والحيوان (6: 341) والرواية فيما عدا المقاييس: "تنبذ أفلاءها"، وفي إحدى روايتي الديوان: "تنقر أعينها"، وفي اللسان: "تبقر أعينها".

([3]) وردت في القاموس، ولم ترد في اللسان.

([4]) للعجاج في ديوانه 19 بالرواية نفسها. وفي المجمل: "فاحتفظ منه"، وفي اللسان: "فاجتنب منه". وقبله:

فاعلم بأن ذا الجلال قد قدر *** في الكتب الأولى التي كان سطر

([5]) في الجمهرة (2: 23): "إذا كان فعالاً لذلك". وفي الأصل هنا: "فقال لذلك".

([6]) في الأصل: "كأنهم نتقوا منها قال نتقا".

([7]) للنابغة في ديوانه 37 واللسان (دحق، نتق). وفي الديوان والموضع الثاني من اللسان: "طفحت عليك".

([8]) تكملة يقتضيها الكلام. ولم ترد هذه المادة في المجمل.

([9]) أي من لغة أهل اليمن. الجمهرة (2: 28).

([10]) هو أبو النجم، كما في المجمل واللسان (نتل).

([11]) بدله في المجمل: "ونتأت الفرحة: ورمت".

([12]) في الأصل: "إنتاء"، صوابه في المجمل.

([13]) في المجمل: "وهو يجاذبك".

([14]) الرجز للأغلب العجلي، كما في اللسان (ترب)، وأنشده في (نتب) بدون نسبة. في الأصل: "الترتيب"، صوابه في المجمل واللسان.

 

ـ (باب النون والثاء وما يثلثهما)

(نثر) النون والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إلقاء شيءٍ متفرِّق. ونَثَر الدّراهِمَ وغيرَها. ونَثَرت الشّاةُ: طرحت من أنْفِها(1) الأذَى. وسمِّي الأنْف النَّثْرةَ من هذا، لأنه يَنْثُر ما فيه من الأذى. وجاء في الحديث: "إذا توضَّأْت فانْتَثِرْ" أو "فانْثِرْ(2)"، معناه اجعَل الماءَ في نَثْرتك. [و] النَّثْرة: نجمٌ يقال إنَّه أنف الأسَد يَنْزِلُه القَمر. وطَعَنه فأنْثَرَه: ألقاه على خَيْشُومِه. وهذا هو القياس. قال:‏

إنَّ عليها فارساً كعَشَرهْ  *** إذا رأى فارِسَ قومٍ أنْثَرَه(3)‏

[ويقال: أنثَره(4)]: أرْعَفَه الدَّم. والنَّثْرة: الدِّرع، وهذا ممكنٌ أن يكون شاذَّاً من الأصل الذي ذكرنا.‏

(نثل) النون والثاء واللام أصلٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ من شيء أو خروجه منه. منه نثَلْتُ كِنانَتي: أخرَجْتُ ما فيها من نَبْلٍ نَثْلا. ونثلَتُ البِئر: استخرجت تُرابَها. والنَّثِيل: الرَّوْث. والنَّثيلة: تُراب البِئر، والقياس واحد.‏

(نثا) النون والثاء والحرف المعتل كلمةٌ. يقال نَثَا الكلام يَنثُو: أظهَرَه. والنَّثا* يقولون: أنْ يُذكَر الإنسانُ بغير جميل.‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "في أنفها"، صوابه في المجمل.‏

(2) ويروى أيضاً: "فأنثر" بقطع الهمزة، والثاء فيهما مكسورة لا غير.‏

(3) الرجز في اللسان (نثر) والأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 278).‏

(4) التكملة من المجمل بعد الإنشاد المتقدم.‏

 

ـ (باب النون والجيم وما يثلثهما)

(نجح)  النون والجيم والحاء أصلٌ يدلُّ على ظَفَرٍ وصِدْق وخيرٍ. منه النَّجاح في الحوائج: الظَّفَر بها. وسَيْرٌ نَجِيحٌ: وشيك. ورأيٌ نجيح: صواب. وتناجَحَتْ أحلامهم: تتابَعتْ بصدق. وأنجَحَ الله طَلِبَتَك: أسعَفَك بإدراكها.

(نجخ)  النون والجيم والخاء كلمةٌ تدل على حكايةِ صوت. يقال: سمعت نَجِيخَ الماء وناجِخَتَه: صَوْتَه. والنُّجَاخ([1]): صوت السَّاعل. ومنْجِخ([2]): موضع.

(نجد)  النون والجيم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اعتلاءٍ وقوّة وإشراف. منه النَّجْد: الرجُل الشُّجاع. ونَجُدَ الرَّجُل يَنْجُد نَجْدَةً، إذا صار شُجاعاً. وهو نَجْد ونَجُدٌ وَنجِدٌ ونَجيد. والشَّجاعة نَجدةٌ. والمُناجِد: المُقاتِل. ولاقَى فلانٌ نَجدةً، أي شدَّة، أمراً عاكه([3]). قال طَرَفة:

تَحسَبُ الطّرفَ عليها نَجدةً *** يالقومِي للشَّبابِ المسبكِرّْ([4])

أن ينظر النّاظرُ إليها فتلحقُها لذلك شِدّة، كأنَّه أراد نَعْمةَ جِسمها ورِقّته.

ومن الباب النَّجَد: العرق. ونَجِد نَجَداً: عَرِقَ من عملٍ أو كرب. قال:

يَظلُّ مِن خَوفِهِ الملاّحُ معتصِماً *** بالخيزُرانةِ بعد الأينِ والنَّجَدِ([5])

وربَّما قالوا في هذا: نُجِدَ فهو منجودٌ. قال:

صادياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ *** ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ([6])

ويقال: استنجَدْتُه فأنْجَدَني، أي استغثْتُه فأغاثني. وفي ذلك الباب استعلاءٌ على الخَصم.

ومن الباب النَّجود: المشْرِفة([7]) من حمر الوَحش. واستنجد فلانٌ: قوِيَ بعدَ ضَعْف. ونَجَدْتُ الرّجُل أنْجُدُه: غلبته. حكاه ابنُ السكِّيت. والنَّجْد: ما عَلاَ من الأرض. وأنْجَدَ: علا من غَورٍ إلى نجد.

ومن الباب: هو نَجدٌ([8]) في الحاجة، أي خفيفٌ فيها. والنِّجَاد: حمائل السَّيف لأنه يعلو العاتِق. والنَّجْد: ما نُجِّد به البيتُ من متاع. والتَّنجيد: التزيين والنَّجْد: الطريقُ العالي. والمنَجَّد: الذي نَجَّده الدّهر إذا عَرَف وجَرَّب، كأنَّه شجَّعه وقوّاه. وقياس كلّ واحد.

(نجذ)  النون والجيم والذال كلمةٌ واحدة. النّاجِذ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس. ثم يستعار فيقال للرّجُل: المنجَّذ، وهو المجرَّب. وبدت نواجِذُه في ضحكه. ويقولون: إنَّ الأضراس كلَّها نواجذ. وهذا عندنا هو الصَّحيح، لقول الشَّماخ:

* نواجِذُهنَّ كالحِدَأ الوَقيعِ([9]) *

ولأنَّهم يقولون: ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا، لأنَّ ذاك بادٍ من أدنى ضَحِك.

(نجر)  النون والجيم والراء أصلان: أحدهما تسويةُ الشّيء وإصلاحُ قَدرِه، والآخر جِنسٌ من الأدواء.

الأوّل نَجْر الخشبِ، ونَجَره نَجْراً، وفاعله النَّجَّار، وهو منه، كأنه شيء سُوِّي([10]). نَجَره نجراً. وكذا النَّجْر: الطَّبْع. ويقولون – وما أدري كيف صِحّته-: إنَّ نَجْران البابِ: الخشَبة الذي يدور فيها.

والأصل الآخر النَّجَر: قالوا: نَجِرَت الإبلُ: عَطِشَت، ويقال مَجرت([11])، هو أن تَشرَب فلا تَرْوَى، وذلك يكون من أكلِ الحِبَّة. وحكى الخليلُ النّجْران: العَطشان. قالوا: وشهرُ ناجرٍ من هذا، لأنَّ الإبل تَنْجَر فيه. قال ابنُ السِّكِّيت: النَّجَر: أن يشرَبَ الإنسانُ اللَّبَنَ الحامِضَ فلا يَرْوَى من الماء.

(نجز)  النون والجيم والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كمالِ شيءٍ في عَجلةٍ من غير بُطْء. يقال: نَجَزَ الوعدُ يَنْجُز([12]). وأنجزْتُه أنا: أعجلتُه. وأعطيته ما عِندي حتَّى نَجَزَ آخِرُه، أي وصل إليه آخرُه. وبِعْهُ ناجزاً بناجز، كقولهم يداً بيد: تعجيلاً بتعجيل. والمناجَزَة في الحرب: أن يتبارَزَ الفارسان، أي يُعجِّلانِ القتالَ لا يتوقفان([13]).

(نجس)  النون والجيم والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الطّهارة. وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ: قذِر. والنَّجَس: القَذَر. وليس ببعيد أن يكون منه * قولهم: النَّاجس: الداء لا دَواءَ له. قال ساعدةُ الهذليّ:

والشيب داءٌ نَجِيسٌ لا دواءَ له *** للمرءِ كان صحيحاً صائبَ القُحَمِ([14])

كأنَّه إذا طال بالإنسان نَجِسَه [أو نَجَّسَه([15])]، أي قَذِره أو قذَّره. أمَّا التَّنجيس فشيء كانت العرب تفعله، كانوا يعلِّقون على الصبِيِّ شيئاً يعوِّذونه من الجنّ، ولعلَّ ذلك عَظْمٌ أو ما أشبَهَه، فلذلك سُمِّي تنجيساً. قال:

* وعلقَ أنجاساً عليَّ المنجِّسُ([16]) *

(نجش)  النون والجيم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إثارة شيء. منه النَّجْش: أن تُزايِد في المبيع بثمنٍ كثير لينظر إليك الناظرُ فيقعَ فيه، وهو الذي جاء في الحديث: "لا تَناجَشُوا"، كأنَّ النَّاجشَ استَثارَ تلك الزيادة. والناجش: الذي يُثِير([17]) الصَّيد. ونجَشْتُ الصَّيد: استثرته. وكذا نَجَشَ الإبلَ ينجُشها: جمعها بعد تَفرُّق. قال:

* غيرَ السُّرى والسَّائِق النَّجَّاشِ([18]) *

ومن الباب النِّجَاشة: سُرعة المشي. ومرَّ يَنْجُشُ نجيشاً([19]). وكأنّه يراد به يُثِير التُّراب في مَشيِه. ويقال إنّ اسمَ النَّجاشِيِّ مشتقٌّ منه.

(نجع)  النون والجيم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعةِ طعامٍ أو دواءٍ في الجِسم، ثمّ يُتوسَّع فيه فيقاس عليه. ونَجَع الطّعامُ: هَنَأَ آكِلَه. وماءٌ نَجوعٌ كنميرٍ، وهو النامي في الجِسم. قال ابن السِّكِّيت: نجَع فيه الدّواء، ونَجَع في الدابة العَلف، ولا يقال أنْجَعَ.

وممَّا قيسَ على هذا النُّجْعة: طلبُ الكلأ، لأنّه مَطلبُ ما يَنْجَع. وانتَجَعَه: طلب خَيره. ومنه النَّجِيع: الخَبَطُ يُضرَب بالدَّقيق والماءِ يُوجَر الجمل([20]). ونَجَعَ في فلانٍ قولُك: أخَذَ فيه.

ومما شذّ عن الباب: النَّجيع: دمُ الجَوفِ يَضرِب إلى السَّواد.

(نجف)  النون والجيم والفاء أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على تبسُّطٍ في شَيءٍ مكانٍ أو غيره، والآخَر يدلُّ على استخراج شيء.

فالأوَّل النَّجَف: مكانٌ مستطيل منقادٌ ولا يعلوه الماءُ، والجمع نِجَاف. ويقال هي بطونٌ من الأرض في أسافِلِها سُهولةٌ تنقاد في الأرض، لها أوديةٌ تنصبُّ إلى لينٍ من الأرض. ويقال لإبِطِ الكثيب: نَجَفَةُ الكَثِيب.

ومن الباب النَّجِيف [من([21])] السِّهام: العَرِيض. ونَجَفْتُ السَّهمَ: برَيْتُه كذلك وأصلحتُه، وسهمٌ منجوفٌ ونَجيف. وغارٌ منجوفٌ: واسع.

والثاني: تيسٌ منجوف، وهو أن يُعَصَّبَ قضيبُه ولا يقدِرَ على السِّفاد، وكأنَّه قد قُطِع عنه ماءٌ واستُخْرِج. والانتجاف: استخراجُ ما في الضَّرعِ من اللبن. والمَنجوف: المْنقَطع عن النِّكاح. وانتَجَفَت الرِّيحُ السَّحَابَ: مَرتْه واستَفرغَتْه.

(نجل)  النون والجيم واللام أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على رَمْيِ الشيء، والآخَر على سعةٍ في الشَّيء.

فالأوَّل النَّجْل: رمْيُك الشَّيء. يقال: نَجَل نَجْلا. والناقة تَنْجُل الحصى بِمنَاسِمها نَجْلاً، أي ترْمِي به. ومنه نَجَلْتُ الرّجُلَ نَجْلَةً، إذا ضربته بمقدَّمِ رِجلكَ فتَدحْرَجَ. وقولهم: "مَنْ نَجَلَ النَّاسَ نَجَلُوه"، أي مَن شارَّهم شارُّوه، ومن رَماهم رمَوْه. ومن الباب النَّجْل، وهو النَّسل، لأنَّ الوالدةَ كأنَّها تَرْمِي به. وفحلٌ ناجِلٌ، كريم النَّجْل. ويقولون: قَبَح اللهُ ناجِلَيه، أي والديه. ومنه النَّجْل: النّزُّ، كأنَّه ندىً تَقْلِسُهُ الأرض وترمِي به.

والأصل الآخر النَّجَل: سَعَةُ العين في حُسْن؛ والنَّجْل: جمع أنْجَل. والأسَدَ أنْجَلُ. وطعنةٌ نَجْلاَء: واسعة. ورُمْحٌ مِنْجَلٌ: واسع الطَّعْن. ونَجَلْتُ الإهاب: شقَقْتُه عن عُرقوبيهِ جميعاً، كما تُسلَخ الجُلود. وإهابٌ مَنْجُولٌ. ويقال: الإنجيلُ عربيٌّ مشتقٌّ من نَجَلت الشيءَ: استخرجْتُه، كأنَّه أمرٌ أبرِزَ وأُظهِرَ بما فيه.

ومما شذَّ عن هذين البابين النّجِيل: ضربٌ من وَرَق الشَّجَر من الحَمْض([22]). وأنْجَلَت الأرضُ: اخضرَّتْ.

(نجم)  النون والجيم والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على طُلُوعٍ وظهور.*ونَجَمَ النَّجمُ: طَلَعَ. ونَجَمَ السِّنُّ والقَرْنُ: طَلَعَا. والنّجم: الثُّرَيَّا، اسمٌ لها.

وإذا قالوا: طَلَعَ النَّجْم، فإنَّهم يريدونها. وليس لهذا الحديثِ نَجْمٌ، أي أصلٌ ومَطْلِع. والنَّجم من النَّبات: ما لم يكن له ساقٌ، مِن نَجَمَ، إذا طَلَعَ. والمِنْجَم في المِيزان: الحديدة المعترِضة التي فيها اللِّسان؛ وهو ذلك القياس.

(نجه)  النون والجيم والهاء. كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ في شيء. يقال: نَجَهْتُه، إذا استقبَلْتَه بما يكرهُه ويَقْدَعُه عنك. ورجلٌ ناجِهٌ، إذا دَخَلَ البلدَ فاسْتَنْكَرَه وكَرِهَه.

(نجو)  النون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ، يدلُّ أحدُهما على كَشْطٍ وكشف، والآخَر على سَترٍ وإخفاء.

فالأوَّل: نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه –والجلد نَجاً- إذا كشَطْتَه. وقال:

فقلتُ انجُوَا عنها نَجَا الجِلْدِ إنَّه *** سيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغاربُه([23])

ويقولون: هو في أرضٍ نَجَاةٍ: يُسْتَنْجَى من شجرها العِصِيُّ. يقال للغُصُون النَّجَا. الواحدة نَجَاة، وأنْجِنِي عَصاً([24]). ونَجَا الإنسانُ ينجو نَجاةً، ونَجاءً في السُّرعة([25])؛ وهو معنى الذَّهاب والانكشاف من المكان. وناقةٌ ناجِية ونَجَاةٌ: سريعة. ومن الباب وهو محمولٌ على ما ذكرناه من النّجاء: النَّجاة والنَّجْوة من الأرض، وهي التي لا يَعْلُوها سَيْل. قال:

فَمَنْ بِنَجوتِهِ كمن بعَقْوَتِه *** والمستكنُّ كمَنْ يمشي بِقرْواحِ([26])

وإنّما قُلنا إنّه محمولٌ عليه لأنَّه كأنَّه لمَّا نَجَا من السَّيل فكأنَّه الشيء الذي يَنجو من شيء بذَهابٍ عنه، فهذا معنى المحمول.

وقولهم: بيني وبينهم نَجَاوَةٌ([27]) من الأرض، أي سعة، من الباب؛ لأنَّه مكان يُسرَعُ فيه ويُنْجَى. وفي الحديث: "إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا"، يريد لا تُبطِئُوا في السير، ولكن انكَشِفُوا ومُرُّوا.

ومن الباب النَّجْو: السَّحاب، والجمع النِّجاء؛ وهو من انكشافِه لأنَّه لا يثبت. قال ابن السكّيت: أنْجَت السّحابةُ: ولّتْ. وقولهم: استَنْجَى فلانٌ، قالوا هو من النَّجْوَة، كأنَّ الإنسانَ إذا ارادَ قضاءَ حاجته أتى نَجوةً من الأرض تستره، فقيل لمن أرادَ ذلك استنجى، كما قالوا: تغوَّطَ، أي أتى غائطاً.

ومن الباب نَجَوْتُ فلاناً: استَنْكَهْتُه، كأنَّكَ أردتَ استكشافَ حالِ فيه. قال:

نجَوْتُ مُجَالِداً فوجدت فيه *** كريح الكَلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ([28])

والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى: السِّرُّ بين اثنين. وناجَيْتُه، وتناجَوْا، وانتَجَوْا. وهو نَجِيُّ فلانٍ، والجمع أنْجِيَة. قال:

* إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَهْ([29]) *

يقول: نامَ القومُ وحَلُمُوا في نَومهم فكأَنَّهُم يناجُون أهلِيهم في النَّوْمِ ونَجَوْتُه: ناجَيْتُه. وانتجَيْتُه: اختصصته بمناجاتي. قال:

فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تكلِّفُنِي *** ما لا يُهمُّ بِهِ الجَثّامَةُ الوَرَعُ([30])

(نجب)  النون والجيم والباء أصلانِ: أحدهما يدلُّ على خُلوص شيءٍ وكَرم، والآخر على ضَعف.

الأوَل النَّجَابة: مصدر الرّجُل النجيب، أي الكريم. وانْتَجَب فلاناً: استخلَصَه واصطفاه. ورجل مُنْجِبٌ: له ولد نجيبٌ. وامرأةٌ مُنْجِبةٌ ومِنجابُ. ورجلٌ نَجْبٌ([31]): سخِيٌّ كريم.

والآخر المِنْجاب: الرّجُل الضّعيف، والجمع مَناجيب. قال:

* إذْ آثَرَ النّومَ والدِّفءَ المَنَاجِيبُ([32]) *

ومن الباب المِنْجَاب: النَّصْل يُبْرَى ولم يُرَش. والنَّجَبُ ما فوق اللِّحاء من قِشرة الشّجرة، والنَّجْبُ أخْذُه.

(نجث)  النون والجيم والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على إبراز شيءٍ وسَوءَةٍ([33]). منه النَّجيثة: ما أُخرِجَ من تُراب البِئر. ويقال: بَدَا نَجِيثُ القَوم، أي ما كانوا يخفونه من سَوءة. والنَّجيث: الهَدَف. قال الخليل: سمِّي نجيثاً لانتصابه. وهو يَنْجُثُ بني فلان، إذا استعْواهم مستغيثاً بهم، ومعناه أنّه يسألهم البُروزَ لنُصْرته. والاستنجاث: التَّصدِّي للشَّيء، والقياس في كلِّه واحد، والله أعلم.

ـــــــــــــــ

([1])  وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.

([2]) بضم الميم وكسرها مع كسر الجيم فيهما، كما في اللسان، وذكر أنه جبل من جبال الدهناء. وضبطه في معجم البلدان بوزن اسم المفعول. وأورد ياقوت قبله "منجح" بالحاء المهملة في آخره بوزن اسم الفاعل، وذكر أنه من جبال الدهناء.

([3])  كذا وردت في الأصل. ولعلها: "في أمر عالجه".

([4])  ديوان طرفة 64 واللسان (نجد). وقد سبق في (رسل).

([5])  النابغة في ديوانه 26 واللسان (نجد، خزر). وقد سبق في (عصم).

([6])  لأبي زبيد الطائي، كما أسلفت في حواشي (عصر).

([7])  في الأصل: "المترفة"، صوابه في المجمل.

([8])  يقال باللغات الأربع التي سبقت.

([9])  صدره كما في ديوان الشماخ 56، واللسان (حدأ، نجذ، قنع، وقع):

* يبادرن العضاه بمقنعات *

([10])  في الأصل: "سمى".

([11])  في الأصل: "نجرت". انظر اللسان (نجر 47).

([12])  يقال أيضاً من باب (فرح).

([13])  في الأصل: "لا يتوقعان".

([14]) ديوان الهذليين (1: 191) والمجمل (نجس).

([15]) تكملة يقتضيها التفسير بعده. و "نجيس" من الأول بمعنى الفاعل، ومن الثاني بمعنى المفعول.

([16]) وكذا أنشد هذا العجز في اللسان (نجس). وصدره كما في تاج العروس:

* وكان لدي كاهنان وحارث *

([17]) في الأصل: "ينثر".

([18]) في المجمل واللسان (نجش، نفش) والمخصص (7: 111): "وسائق نجاش". وفي الأصل هنا: "بعد السرى"، صوابه في المراجع المذكورة.

([19]) لم ترد في المجمل. وفي اللسان والقاموس "النجش" بدون ياء.

([20])  في المجمل: "يوجره الجمل".

([21])  التكملة من المجمل.

([22]) في اللسان، "ما تكسر من ورق الهرم، وهو من ضرب الحمض"، وفي عبارة أخرى: "ضرب من دق الحمض".

([23]) البيت لأبي الغمر الكلابي كما في الخزانة (2: 227) والعيني (3: 373). ونسب في الخزانة أيضاً إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وهو في المجمل واللسان (نجا) وإصلاح المنطق 107 والمخصص  (7: 175/ 15: 81، 143) بدون نسبة.

([24]) في اللسان: "أنجني غصناً من هذه الشجرة".

([25]) في المجمل: "ونجا الإنسان ينجو نجاة، ومن السرعة نجاء".

([26]) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 86 واللسان (نجا) ومختارات ابن الشجري 101. ويروى أيضاً لأوس بن حجر في ديوانه 4 والأغاني (10: 6).

([27]) وردت في المجمل والقاموس، ولم ترد في اللسان.

([28]) للحكم بن عبدل الأسدي، كما في الحيوان (1: 251). وقصيدة البيت في معجم الأدباء (10: 232) وورد بدون نسبة في اللسان (جلد، نكه، نجا) والمخصص (11: 209). ويروى: "نكهت مجالداً".

([29]) لسحيم بن وثيل اليربوعي في اللسان (نجا). وتمام إنشاده: "إني إذا". على أنه روي أيضاً في اللسان (نحا): "أنحيه" بالحاء المهملة، وفسره بقوله: "أي انتحوا عن عمل يعملونه".

([30]) أنشده في اللسان (نجا).

([31]) ورد في المجمل والقاموس، ولم يرد في اللسان. وضبط في المجمل بضم أوله.

([32]) لأبي خراش الهذلي. ديوان الهذليين (2: 160). وفي اللسان (نجب) أنه لعروة بن مرة الهذلي، وليس بصحيح. وليس لعروة بن مرة إلا قصيدتان إحداهما دالية وتنسب أيضاً إلى أبي ذؤيب، والأخرى رائية وتنسب أيضاً إلى أبي خراش. انظر شرح أشعار الهذليين للسكري 291-292. وصدره:

* بعثته في سواد الليل يرقيني *

([33]) في الأصل: "وسموه".

 

ـ (باب النون والحاء وما يثلثهما)

(*نحر)  النون والحاء والراء. كلمة واحدة يتفرّعُ منها كلماتُ الباب. هي النَّحْر للإنسانِ وغيره، والجمع نُحور. والنَّحْر: البَزْل([1]) في النَّحْر. ونَحَرتُ البعيرَ نَحْراً. والنَّاحِران: عِرْقان في صَدر الفَرَس. ودائرة النَّاحر تكون في الجران إلى أسفَلَ من ذلك. وانتَحَروا على الشَّيء: تشاحُّوا عليه حِرصاً، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يريد نَحرَ صاحبِه. ويقال: النَّحيرة: آخرُ يومٍ من الشَّهر، لأنّه ينحر الذي يدخل([2])، وأظن معنى يَنحره يَلِي نَحْرَه. والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً، كقولك: قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْماً.

(نحز)  النون والحاء والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على معنى النَّخس والدّقّ، والآخر على امتدادٍ في شيء.

فالأول النَّحْز: النَّخْس. ونَحَزَه نَحْزاً. والراكب يَنْحَزُ بصدره واسِطةَ الرَّحْل. ونَحزْتُ النّاقةَ برِجلي: ركلتُها. والنَّاحز: أن يصيب المِرفَقُ كركرةَ البعير، يقال به ناحِز. والنُّحَاز: داءٌ يأخذ الإبل في رِئاتها. والقياس فيهما واحد.

ومن الباب نَحَز الشَّيءَ: دقَّه. والمِنحاز: شيء يُدَقُّ فيه الأشياء.

والأصل الآخر: النَّحِيزة: طِبَّةٌ تكونُ في الأرض ممتدة كالفَرسَخ. والنّحائز: نَسَائِجُ كالحُزُم والشُّقَق العريضة، تكون للرِّحال. ويقولون: النَّحيزة: طبيعة الإنسان. والذي نقوله([3]) أنَّ النَّحيزة على معنى التَّشبيه، وإنَّما يُراد بها الحال التي كأنَّه نُسِجَ عليها، فيقولون: هو ضعيفُ النَّحيزة، أي هذه الحالُ منه ضعيفة.

(نحس)  النون والحاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خِلاف السَّعد. ونُحِسَ هو فهو مَنحوس. والنُّحَاس: الدُّخَان لا لَهَبَ فيه. قال:

* شياطين يُرمَى بالنُّحاسِ رَجيمُها *

والنُّحَاس من هذه الجواهرِ كأنه لمَّا خالف الجواهرَ الشَّريفَةَ كالذَّهب والفِضّة سُمِّي نُحَاساً. هذا على وجه الاحتمال. ويقال: يومٌ نَحْسٌ ويومٌ نَحِسٌ. وقرئ: {في أيَّامٍ نَحِسَاتٍ. [فصلت 16]. و نَحْسَاتٍ([4]).

ويحتمل أنَّ النُّحاس: الأصل، على ما ذكره بعضهم، ولمَّا كان أصلاً لكثيرٍ من الجواهر قيل لمبلغ أصلِ الشَّيء نُحاس.

(نحص)  النون والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، هي النَّحُوص: الأتَان الحائل في شعر امرئ القيس. قال:

أرَنَّ عليه قارباً وانتحَتْ لهُ *** طُوَالةُ أرساغِ اليدينِ نَحوصُ([5])

 (نحض)  النون والحاء والضاد كلمةٌ واحدة، وهي اللَّحْم. يقال لِلَّحْم نَحْض. وامرأةٌ نَحِيضة: كثيرة اللَّحم، فإذا ذَهَب لحمها فَمنحوضَة، من قولهم: نحضْتُ العَظْم: أخذتُ ما عليه من لَحم. ويقولون: نَحَضْت السِّنانَ: رقّقته، كأنَّك لما رقَّقته أخذت عنه نَحضَه.

 (نحط)  النون والحاء والطاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. من ذلك النَّحِيط كالزَّفير. والنَّحَّاط: الرّجل المتكبِّر ينحطُ من الغَيظ. والنَّحْطة: داءٌ يأخذ الإبل في صَدرها تَنحَطُ منه فلا تكاد تَسلم معَه.

(نحف)  النون والحاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على دِقّة وذُبول. نحو([6]) نَحُف الرّجُل نحافةً فهو نحيف، إذا قلَّ لحمُه وهُزِل. وهُم نِحافٌ.

(نحل)  النون والحاء واللام كلماتٌ ثلاث: الأولى تدلُّ على دِقّةٍ وهُزال، والأخرى على عطاء، والثالثة على ادِّعاء.

فالأولى نَحَل جِسُمه نُحولاً فهو ناحل، إذا دقَّ، وأنْحلَه الهمُّ. والنَّواحل: السُّيوف التي رَقَّت ظُباتُها من كثرة الضَّرْب بها.

والثانية: نَحلْتُه كذا، أي أعطيتُه. والاسم النُّحْل. قال أبو بكر([7]): سمِّي الشَّي المُعطَى النُّحْلان. ويقولون: النُّحْل: أن تُعطِيَ شيئاً بلا استِعْواض. ونَحَلْتُ المرأةَ مَهْرَها* نِحلةً، أي عن طِيب نَفْسٍ من غير مطالَبة. كذا قال المفسِّرون في قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء 4].

والثالثة قولهم: انْتحَلَ كذا، إذا تعاطاه وادَّعاء. وقال قوم: انتحلَه، إذا ادّعاه مُحِقّاً؛ وتَنَحَّله، إذا ادَّعاه مُبطِلاً. وليس هذا عندنا بشيء. ومعنى انتحل وتَنَحَّل عندنا سواء. والدليل على ذلك قولُ الأعشى:

فكيف أنا وانتحالِي القوَا *** فِ بعدَ المشيبِ كفى ذاك عارا([8])

(نحو)  النون والحاء والواو كلمةٌ تدلُّ على قصد. ونحوْتُ نَحْوَه. ولذلك سمِّي نَحْوُ الكلام، لأنه يَقصِد أصول الكلام فيتكلمُ على حَسَب ما كان العرب تتكلَّم به. ويقال إنَّ بني نَحْوٍ: قومٌ من العرب([9]). وأمّا [أهل([10])] المَنْحَاةِ فقد قيل: القوم البُعَداء غيرُ الأقارب.

ومن الباب: انتحَى فلانٌ لفلانٍ: قصَدَه وعَرَض له.

(نحي)  النون والحاء والياء كلمةٌ واحدة، هي النِّحْي: سِقاء السَّمْن.

(نحب)  النون والحاء والباء أصلانِ: أحدهما يدلُّ على نَذْرٍ وما أشبَهَه من خَطَر أو إخطار شيء، والآخر على صوتٍ من الأصوات.

فالأوّل: النَّحْب: النَّذْر. وسار فلانٌ على نَحْبٍ، إذا جهد، فكأنَّه خاطَرَ على شيءٍ فَجدَّ. قال:

* كما سار عن إحدى يديه المُنَحِّبُ([11]) *

أي المُخاطِر. وقد كان التَّنْحِيب([12]) في العرب، وهو كالمخاطَرة، تقول: إن كان كذا فلك عليَّ كذا وإلاَّ فلي عليك. وجاء الإسلامُ بالنَّهي عنه. ومنه ناحَبْتُه إلى فلانٍ، إذا حاكمتَه. والقياسُ فيهما واحد. وكذا النَّحْب: الموت، كأنَّه نذْرٌ ينذُِرُهُ الإنسان يَلزَمُه الوفاءُ به، ولا بُدَّ له منه.

والأصل الآخر النَّحيب: [نحيبُ] الباكِي، وهو بكاؤُه مع صوتٍ وإعوال. ومنه النُّحَاب: سُعال الإبل. ونَحَب البعيرُ يَنْحَب.

(نحت)  النون والحاء والتاء كلمة تدل على نَجْرِ شيءٍ وتسويتهِ بحديدة. ونَحَتَ النَّجَّار الخشبةَ ينحَتُها نحتاً. والنَّحيتة: الطَّبيعة، يريدون الحالةَ التي نُحِت عليها الإنسان، كالغريزة التي غُرِز عليها الإنسان. وما سقط من المنحوت نُحاتَةٌ.

ـــــــــــــــ

([1]) البزل: الشق. وفي الأصل: "النزل".

([2]) في اللسان: "لأنها تنحر الذي يدخل بعدها أي، تصير في نحره فهي ناحرة".

([3])  في الأصل: "يقوله".

([4]) من الآية 16 في سورة فصلت. وقراءة "نحسات" بفتح فسكون هي قراءة الحرميين وأبي عمرو والنخعي وعيسى والأعرج. تفسير أبي حيان (7: 490). والحرميان هما نافع وابن كثير. غيث النفع للصفاقسي 18.

([5])  ديوان امرئ القيس برواية الطوسي (مخطوطة دار الكتب)، وفيه: "أرن عليها".

([6])  كذا وردت هذه الكلمة، وأراها مقحمة.

([7]) الجمهرة (2: 192).

([8]) ديوان الأعشى 41 واللسان (نحل). والقواف، هي القوافي، مثل ما جاء في قول الله: {وجفان كالجواب} [سبأ 13]، أي كالجوابي. وفي الديوان: "فما أنا أم ما انتحالي القواف".

([9]) في اللسان: "بطن من الأزد". وهم في الاشتقاق 300 بنو نحو بن شمس.

([10]) التكملة من المجمل واللسان.

([11])  للكميت، كما في اللسان (نحب) وروايته فيه: "كما صار". وصدره:

* يخدن بنا عرض الفلاة وطولها *

([12])  في الأصل: "النحيب".

 

ـ (باب النون والخاء وما يثلثهما)

(نخر) النون والخاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات ثم يفرَّع منه. النخير: صوتٌ يخرج من المَنْخِرين، وسمِّي المَنخِران من جهة النَّخير الخارجِ منهما. وفُرِّع منه فقيل لخَرقَي الأنف النُّخرتان. والنَّخُور: الناقة لا تدُِرُّ حتَّى تُدخِل الإصبع في مَنْخِرها. ويقولون: النُّخْرة: الأنف نفسُه. ويقولون لهُبوب الرِّيح: نُخْرة. فأمَّا الشجرة النَّخِرةُ والعظم النَّخر فمن هذا أيضاً؛ لأن ذلك يتجوَّف فتدخلُه الرِّيح، ويكون لها عند ذلك نُخْرةٌ، أي صوت. ويقولون: النَّخِر: البالي. والناخر: الذي تدخل فيه الريح وتخرج منه ولها نَخِير. والقياس في كلِّه واحدٌ عندنا. وما بها ناخِرٌ، أي أحد، يراد بها مصوِّت.‏

وممَّا يقارب هذا: النَّخْوَريّ: الواسع الإحليل، وذلك كأنَّه شيء يدخله الرِّيحُ بنُخْرة.‏

(نخس) النون والخاء والسين كلمةٌ تدلُّ على بَزْل(1) شيءٍ بشيءٍ حادٍّ. ونَخَسَه بعُودٍ أو حديدةٍ نَخْساً. ومنه النَّخَّاس. والنَّاخِس: جَرَبٌ يكون عند ذَنَب البعير أو صدرِه، كأنَّه نُخِس به وبعيرٌ منخوس.‏

ومما شَذَّ عنه النخيسة(2).‏

(نخش) النون والخاء والشين. يقولون: نُخِشَ فهو منخوشٌ، أي هُزِلَ.‏

(نخط) النون والخاء والطاء يقولون: انتخَطَ من أنْفه رَمى به، وكأنّه من الإبدال والأصل الميم. قال:‏

* نخَطْن بذِبَّان المَصِيف الأزارِقِ(3) *‏

ومَا أدري أيُّ النّخْط هو(4)، منه، أي أيّ من انتَخَط.‏

(نخع) النون والخاء والعين أصلٌ يدلُّ على خالِصِ الشَّيءِ ولُبِّه. منه النُّخاع: عِرقٌ أبيض ضخمٌ مستبطِنٌ فَقارَ العُنُق. ثم يفرَّع منه فيقال: نَخَعه، إذا جاز بالذَّبح إلى النُّخاع*. ودابّةً منخوعة. وفي الحديث: "إنّ أنخَعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرّجُلُ باسمِ مَلِك الأملاك"، أي أقْتَلُها لصاحبه. والمَنْخَع: مفْصِل الفَهقةِ(5) بين العُنُق والرأسِ من باطن. وهو من النُّخاع أيضاً، لأنَّه يَجرِي فيه. وقولهم: النّاخع: العالم إن صحّ فهو منه أيضاً، كأنَّه وصل إلى الخالص الباطن من العلم وينشدون:‏

إنَّ الذي ربَّضَها أمرَهُ  *** سِرَّاً وقد بَيَّن للنَّاخِعِ(6)‏

ومنه أيضاً نَخِعَ العودُ(7): جَرَى فيه الماء، كأنَّه بلغ نُخاعَه. ونخَع النَّصيحةَ: أخلصها(8). والنُّخَاعة: النُّخامة. وقولهم: انْتَخَعَ الرّجُل عن أرضه تباعَدَ، هو عندنا منه، كأنَّه بلغ نُخاعَه في سفره، كما يبلغ النَّاخعُ للشاة الغايةَ في الذَّبْح.‏

وممَّا يَجرِي مَجرى الإبدال شيءٌ رواه ابنُ الأعرابيِّ: نَخعَ لي فلانٌ بحقِّي، مثل بَخَعَ(9)، إذا أقرَّ .‏

(نخف) النون والخاء والفاء كلمة. يقولون: نَخَفَتِ العَنْزُ بأنفها، مثل نَفَطت. ويقولون النَّخْف: النَّفَس العالي.‏

(نخل) النون والخاء واللام: كلمةٌ تدلُّ على انتقاء الشَّيء واختياره.وانتخلته: استقصيت حَتّى أخذتُ أفضلَه. وعندنا أنَّ النَّخلَ سمِّي به لأنَّه أشرف كلِّ شجرٍ ذي ساق، الواحدة نَخْلة. والنَّخْل: نَخلك الدَّقيق بالمُنْخُل، وما سقَطَ منه فهو نُخَالة(10). والنَّخْل: ضربٌ من الحَلْي على صورة النَّخْل. قال:‏

* قد اكتَسَتْ من أرنَبٍ ونَخْلِ(11) *‏

(نخم) النون والخاء والميم كلمة. يقولون: النُّخَامة: النُّخاعة. وتَنَخَّم، إذا نَخَع. قال ابنُ دُريد(12): وسمِعتُ نَخْمَةَ الرَّجُل، إذا سمِعتَ حِسَّه.‏

(نخب) النون والخاء والباء كلمةٌ تدلُّ على تَعظُّم(13) يقال أحدهما على خيار شيء، والآخَر على ثَقْبٍ وهَزْم في شيء.‏

فالأوَّل النُّخْبة: خيارُ الشَّيء ونُخبَتُه. وانتخبته، وهو مُنتَخَبٌ أي مختار. قال أبو زيد: النَّخبة(14): الشَّربة العظيمة.‏

والأصل الآخر النُّخبة: خَرق الثَّفْر(15). ومنه نَخَبها: باضَعَها. واستَنْخَبَت المرأةُ، إذا أرادت البِضاع. والرَّجلُ النَّخْب: الذي لا فؤادَ له. والنَّخِيب: الذاهب العقل. وهذا محتملٌ أن يكون من الأوَّل، كأنّه حُرِم النُّخبة، أي خيار ما في الإنسان.‏

(نخج) النون والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: النَّخْج: السَّيْل [ينخج(16)] في سَنَد الوادي حتَّى يَجرُف. ويُقاس على هذا فيقال: ناخَجَها، إذا جامَعَها.‏

ـــــــــــــــ

(1) في الأصل: "نزل".‏

(2) النخيسة: لبن المعز والضأن يخلط بينهما، وهي الزبدة أيضاً.‏

(3) لذي الرمة في ديوانه 407 واللسان (نخط). وصدره:‏

* وأجمال مي إذ يقربن بعد ما *‏

(4) بعده في المجمل: "بالضم والفتح".‏

(5) في الأصل: "الفقهة"، صوابه في المجمل واللسان.‏

(6) وكذا ورد مضبوطاً في المجمل.‏

(7) مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.‏

(8)وكذا في المجمل. واللفظ فيه: "ونخع فلان النصيحة: أخلصها". وفي اللسان: "ونخعته النصيحة والود: أخلصتهما".‏

(9) في الأصل: "نخع"، صوابه في المجمل واللسان.‏

(10) في الأصل: "نخال"، تحريف.‏

(11) الأرنب كذلك ضرب من الحلي. والرجز لرؤبة في ديوانه 130 واللسان (رنب).وروايتهما: "وعلقت من أرنب ونخل". وقبله:‏

لما اكتست من ضرب كل شكل ***  صفراً وخضراً كاخضرار البقل.‏

(12) الجمهرة (2: 243).‏

(13) كذا، والوجه: "النون والخاء والباء يدل على معنيين".‏

(14) لم ترد في اللسان. وجاءت في المجمل بضم النون. والذي في القاموس "النخب" بالفتح. وبدون هاء، وقال: "وهي بالفارسية: دوستكاني".‏

(15) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "خوق الثفر".‏

(16) التكملة من المجمل بهذا الضبط. وضبط في اللسان بكسر الخاء. وصنيع القاموس يقتضي ضم الخاء.‏

 

ـ (باب النون والدال وما يثلثهما)

(ندر)  النون والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط شيءٍ أو إسقاطه. ونَدَر الشّيءُ: سقط. قال الهُذَلي([1]):

وإذا الكُماةُ تَنادَرُوا طعنَ الكُلَى *** نَدْرَ البِكَارةِ في الجزاء المُضْعَفِ([2])

أي أُهدِرت دماؤُهم كما تُنْدَر البِكارة في الدِّية.

وأنا ألقى فلاناً في النَّدْرة والنَّدَرة([3])، إذا كنت تلقاه في الأيام، فكأنَّ تلك اللقاءة كانت ندرت، أي سقطتْ. وضَربَه على رأْسه فندَرَتْ عينُه، أي خَرجَتْ من موضِعها. وقولهم: الأندريّ، ما نُراه عربيَّاً، لكنَّهم يقولون: الأندْرَون: الفتيان يجتمعون من مَواضِعَ شتّى. ويُنشِدون قولَ عمرو:

* ولا تُبقِي خُمورَ الأندرينا([4]) *

وقال قوم: الأندِرين: قرية. ويقولون: الأندرِيّ: الحَبْل([5]).

وأنشد:

* كأنَّه أندريٌّ مسَّهُ بللُ *

والأندر: البَيدر، قاله الخليل.

(ندس)  النون والدال والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مِثل النَّزْك([6]) والطَّعن. يقولون: المُنادَسَة بالرماح: المطاعَنَة. والنَّدْس: الطَّعن. قال الكميت:

ونحنُ صبَحْنا آلَ نجران غارةً *** تميمَ بنَ مرٍّ والرِّماحَ النَّوادسا([7])

ومن الباب النَّدُس: الرّجل الفَطِن، وكذلك السَّريع السَّمْع للصوت الخفِيّ. والقياس في هذه الكلمات قريب. وكذلك نَدَسْتُ به الأرضَ، إذا صرعتَه. ونَدَسْتُ* الشيءَ عن الطريق: نحَّيتُه. وإلا وقد ضربته([8]).

(ندص)  النون والدال والصاد كلمةٌ إن صحّت. يقولون: نَدَصَتْ عَينُه: جَحَظت ونَدَرت.

(ندغ)  النون والدال والغين كلمةٌ إن صحّت فإنها تدلُّ على شِبْه الطَّعن والنَّخس. يقال: ندَغَه: طعنه. وندَغْتُ الصبيَّ: دغْدَغْته. ويقولون: النُّدْغَة: البياض في آخِر الظّفر، وكأنَّه شيءٌ أثَّر في شيء.

(ندف)  النون والدال والفاء كلمةٌ صحيحة، وهي شِبهُ النَّفْش للشَّيء بآلة. وندفتُ القُطنَ بالمِندف. ويُحمل عليها فيقال: ندفتِ الدّابَّةُ في سيرِها ندفاً، وهو سرعةُ رَجْعِ يديها. والنَّدْف في الحَلب: أن تفطُرَ([9]) الضَّرَّةَ بإِصبعك: ونَدَفَت السّماءُ بمطرٍ مثل نَطَفت. والنُّدفة: القليل من اللَّبَن، كأنَّه قُطنةٌ قد نُدِفَت.

(ندل)  النون والدال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على نَقْلٍ واضطراب. يقولون: نَدَلتُ الشيءَ ندلاً، إذا نَقلتَه. قالوا: واشتقاق المِنديل منه. ويقولون: النَّدْل: الاختلاس. قال:

* فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ ندلَ الثَّعالبِ([10]) *

والمُنَوْدِل: الشيخ الكبير، سمِّي بذلك لاضطرابه. ونَوْدَلَتْ خُصياه: استرخَتا.

ومما شذَّ عن الباب إن صحَّ: النَّدْل، يقال إنَّه الوسَخ: ولا يُبنَى منه فِعل.

(ندم)  النون والدال والميم كلمةٌ تدلُّ على تَفَكُّنٍ لشيءٍ قد كان([11]). يقال: ندِم عليه نَدَماً ونَدامةً. وشَرِيبُ الرّجلِ: مُنادِمُهُ ونديمُه([12]). وقال ناسٌ: المنادمة مقلوب المدامنة، وذلك إدمان الشَّراب. وفيه نظر. وناسٌ يقولون: كان الشَّرِيبانِ يكونُ من أحدهما بعضُ ما يُنْدَم عليه، فلذلك سمِّيا نديمين.

(نده)  النون والدال والهاء كلمةٌ تدلُّ على زَجْر ومنع. يقال: نَدَهْتُ البعيرَ عن الحوض، أي زجَرتُه. ونَدَهتُ الإبلَ: سُقْتُها مجتمعة. ويقولون للمطَلَّقة: اذهَبِي فلا أنْدَهُ سَرْبَكِ([13]).

وشذَّ عنه النُّدْهة([14]): كثرة المال. قال:

* ولا مالهُم ذو نَدْهَة فَيَدُونِي([15]) *

(ندي)  النون والدال والحرف المعتل يدلُّ على تجمُّع، وقد يدلُّ على بللٍ في الشَّيء.

الأوّل النَّادي والنّدِيّ: المجلس يَنْدُو القومُ حوالَيْه؛ وإذا تفرَّقوا فليس بَندِيّ. ومنه دار النَّدْوةِ بمكّة، لأنَّهم كانوا يَنْدُون فيها، أي يجتمعونَ ونادَيتُه: جالَستُه في الندِيّ. قال:

فتىً لو يُنادِي الشّمسَ ألقت قِناعَها *** أو القَمَر السَّارِي لألقَى المقالدا([16])

ونَدوة الإبل: أن تندُوَ من المشرب إلى المرعى القريبِ منه ثم تعودَ إلى الماء من يَومها أو غَدِها. وكذلك تَندُو من الحَمْضِ إلى الخَلَّة. وأندى إبلَه، من هذا.

والأصل الآخَر النَّدَى من البلل، معروف. يقال ندى وأنداء، وجاء أندِيةٌ، وهي شاذَّة. وربَّما عبَّروا عن الشَّحم بالنَّدَى. وهو أنْدَى من فلانٍ، أي أكثر خيراً منه. وما نَدِيَتْ كفِّي لفلانٍ بشيءٍ يكرهه. قال النَّابغة:

ما إن نَدِيتُ بشيء أنت تكرهُه *** إذنْ فلا رفَعتْ سوطِي إليَّ يدِي([17])

وهو يتندَّى على أصحابه، أي يتَسخَّى([18]).

ومن الباب نَدَى الصَّوتِ: بُعْدُ مذهبِه. وهو أندى صوتاً منه، أي أبعد. قال:

فقلت ادعِي وأدْعُ فإنَّ أندَى *** لصوتٍ أن ينادِيَ داعيانِ([19])

إذا هُمِز تغيَّر إلى شيءٍ يدلُّ على طرائقَ وآثار. والنُّدْأة: طريقةٌ من الشَّحم مخالفةٌ لِلَوْن اللَّحم. والنُّدْأة: قوس قُزَح، والحمرة التي تكون في الغَيم نحو الشَّفَق. ونَدَأْت اللَّحمَ في المَلَّة: دفنتُه حتَّى يَنضَج. قال أبو بكر([20]): وهو النَّدِئ مثل الطَّبيخ.

(ندب)  النون والدال والباء ثلاثُ كلماتٍ: أحداها الأثَر، والثانية الْخَطَر، والثالثة تدلُّ على خفّة*ٍ في شيء.

فالأوَّل النَّدَب: أثَر الجُرْح، والجمع أنداب، وذلك إذا لم يرتفع عن الجلد.

والثاني: النَّدَب: الخَطَر. وأنْدَبَ نَفْسَه: خاطَرَ بها. قال:

............... ولم أقُمْ *** على نَدَبٍ يوماً ولي نفس مُخْطِرِ([21])

والأصل الثالث رجلٌ نَدْبٌ: خفيف. والنَّدْب: الفَرَس الماضي. وعندنا أنّ النَّدْبَ في الأمر قريبٌ من هذا؛ لأنَّ الفقهاء يقولون: إنَّ النَّدْب ما ليس بفرض. وإن كان هذا صحيحاً فلأن الحال فيه خفيفة.

ومما ليس من هذا الباب نَدْبُ النّادِبَةِ الميتَ بحُسْن الثَّناء عليه. والنَّدْبُ: أن تدعُوَ القومَ إلى الأمر، فانتدَبوا هم.

(ندح)  النون والدال والحاء كلمةٌ تدلُّ على سَعَةٍ في الشَّيء. من ذلك النَّدْح: الأرض الواسعة، والجمع أنداح. ومنها قولهم: لك عنه مندوحةٌ، أي سَعَة وفُسْحة. قال الخليل: وأرض مندوحة: بعيدةٌ واسعة. وإنَّه لفي نَُدْحَةٍ([22]) من الأرض، أي سَعَة وفُسْحَة. والله أعلم بالصواب.

 

ـ (باب النون والذال وما يثلثهما)

(نذر)  النون والذال والراء كلمةٌ تدل على تخويف أو تخوُّف. منه الإنذار: الإبلاغ؛ ولا يكاد يكون إلاَّ في التَّخويف. وتناذَرُوا: خَوَّفَ بعضُهم بعضاً. ومنه النَّذْر، وهو أنّه يَخافُ إذا أخلَفَ. قال ثعلب: نَذِرْتُ بهم فاستعدَدت لهم وحَذِرتُ منهم. والنّذِير: المُنْذِر، والجمع النُّذُر. والنَّذْر([23]) أيضاً: ما يجب، كأنَّه نُذِر، أي أُوجِب. ونَذْر المُوضِحة في الحديث منه([24]).

(نذل)  النون والذال واللام كلمةٌ تدلُّ على خَساسةٍ في الشيء. يقال نَذْلٌ.

ـــــــــــــــ

([1]) هو أبو كبير الهذلي. ديوان الهذليين (2: 108) واللسان (ندر).

([2]) في الديوان: "تعاوروا".

([3]) وكذا في المجمل واللسان. واقتصر القاموس على لغة الفتح.

([4]) أول بيت في معلقة عمرو بن كلثوم. وصدره:

* ألا هبّي بصحنك فاصبحينا *

([5]) في الأصل: "الخبل"، وفي المجمل "الجبل"، صوابهما ما أثبت من اللسان والقاموس. وفيهما: "الأندري: الحبل الغليظ. وأنشد صاحب اللسان للبيد:

* ممر ككر الأندري شتيم *

([6]) النَّـزك: الطعن بالنيزك، وهو الرمح الصغير.

([7]) أنشده في المجمل واللسان (ندس).

([8]) كذا. وفي المجمل: "وندست به الأرض، إذا صرعته".

([9]) يقال فطر الناقة يفطرها: حلبها بالسبابة والإبهام. في الأصل: "تنظر". وفي المجمل: "تقطر"، صوابهما من القاموس. ولم يرد الندف بهذا المعنى في اللسان.

([10])  البيت لأعشى همدان، وقيل لجرير. العيني (2: 46). وصدره:

* على حين ألهى الناس جل أمورهم *

([11])  التفكن: التندم والتأسف.

([12])  في الأصل: "وشربت الرجل منادمه ونديمة"، تحريف.

([13])  لا أنده سربك، أي لا أحفظ عليك مالك ولا أرد إبلك عن مذهبها.

([14])  بفتح النون وضمها.

([15])  البيت لجميل في اللسان (نده). وصدره:

* فكيف ولا توفي دماؤهم دمي *

([16]) للأعشى في ديوانه 49 واللسان (ندى).

([17]) ديوان النابغة 25 واللسان (ندى). ورواية الديوان:

* ما قلت من سيء مما أتيت به *

([18]) في الأصل: "ينتحى"، صوابه في المجمل واللسان.

([19]) البيت لدثار بن شيبان النمري كما في اللسان (ندى) وتنبيه البكري 100. وجاء اسمه محرفاً في اللسان "مدثار". ونسبه القالي في (2: 90) إلى الفرزدق، وهو خطأ. ونسب أيضاً إلى الحطيئة وليس في ديوانه. ونسب في المفصل 248 لربيعة بن جشم، والصواب أنه لدثار. وانظر مجالس ثعلب 524.

([20]) الجمهرة (3: 290).

([21]) وكذا ورد الاستشهاد بهذا القدر في المجمل. وتمامه "أيهلك معتم وزيد". والبيت لعروة ابن الورد في ديوانه 93 واللسان (ندب). ومعتم وزيد: بطنان من بطونهم.

([22])  بضم النون وفتحها.

([23])  في الأصل: "والنذير".

([24])  هو حديث ابن المسيب "أن عمر وعثمان رضي الله عنهما قضيا في الملطاة بنصف نذر الموضحة".

 

ـ (باب النون والراء وما يثلثهما)

(نرب) النون والراء والباء لا يأتلفان، وقد يكون بينهما دخيل. فمن ذلك النَّيرَب: النَّميمة، وهو نَيرَبٌ أي نَمَّام، كأنَّه ذو نَيرب. والله أعلم بالصواب.‏

 

ـ (باب النون والزاء وما يثلثهما)

(نزع)  النون والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قَلْع شيء. ونَزَعْت الشيءَ من مكانِه نَزْعاً. والمِنْزَع: الشَّديد النَّزْع. والمِنْزعة كالمِلعقة يكون مع مُشْتارِ العَسل. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً: تركَه. وشرابٌ طيِّبُ المَنْزَعة، أي طيِّب مَقْطَع الشُّرب. والنَّزَعة: الموضع من رأس الأنزع، وهو الذي انحسر شَعَْره عن جانبَيْ جَبْهته، وهما النَّزَعتان. ولا يقال امرأة نَزْعاء ولكن زَعْراء([1]). وبئرٌ نَزُوعٌ: قريبة القَعْر يُنْزَع منها باليد. وعادَ الأمرُ إلى النَّزَعة، أي رجَعَ إلى الحقّ؛ وأراد بالنَّزَعة جمع نازع، وهو الذي يَنزِع في القَوْس: يَجذِبُ وتَرَه بالسَّهم([2]). وفلانٌ قريب المَنْزَعة، أي قريب الهِمَّة. ومَنْزَعة الرّجل: رأيُه. ونازَعَت النَّفْسُ إلى الأمرِ نِزاعاً، ونَزَعَت إليه، إذا اشتَهتْه. ونَزَع إلى أبيه في الشَّبَه. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً، إذا تركَه. وبعيرٌ نازعٌ، إذا حَنَّ إلى مرعاه أو وطنِه. قال:

فقلتُ لهم لا تَعذُلونيَ وانظُرُوا *** إلى النازع المقصور كيف يكون([3])

وأنزَعُوا، أي نَزَعَت إبلُهم إلى أوطانها. والنَّزَائع من الخيل: التي نَزَعَت إلى أعراق، ويقال: بل هي التي انتُزِعَتْ من قومٍ آخَرين. والنَّزوع: الجمل الذي يُنزَع عليه الماءُ وحدَه. والنَّزائع من النساء: اللَّواتي يُزَوَّجْن في غير عشائرهن؛ وكلُّ غريبٍ نَزيع.

(نزغ)  النون والزاء والغين كلمةٌ تدلُّ على إفسادٍ بين اثنين. ونَزَغَ بينَ القوم: أفسَدَ ذاتَ بَيْنِهم.

(نزف)  النون والزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على نَفاد شيءٍ وانقطاع. ونُزِفَ دمُه: خَرَج كلُّه. والسَّكرانُ*  نَزِيفٌ، أي نُزِفَ عَقلُه. قال:

وإذ هي تمشِي كمشيِ النَّزيـ *** ـفِ يَصْرعهُ بالكَثيب البَهَرْ([4])

والنَّزْف: نزحُ الماء من البئر شيئاً بعد شيء. وأنْزَفُوا: ذهَبَ ماءُ بئرهم. وأنْزَفُوا: انقطَعَ شرابُهم. قال الله سبحانه: {لاَ يُصَدَّعُونَ عنْهَا وَلاَ يُنْزِفُون([5])} [الواقعة 19]. والنُّزْفة: الغُرفة. وهو بحرٌ لا يُنزَف. ونُزِف الرجلُ في الخُصومة: انقطعت حجته.

(نزق)  النون والزاء والقاف كلمةٌ تدلُّ على عَجَلة. من ذلك النَّزَق: الخِفّة والعَجَل. ونَزَّقْت الفَرَس فنَزِق. ويقولون: أنْزَقَ فلانٌ بالضّحِك.

(نزك)  النون الزاء والكاف أصيلٌ يدل على طَعن أو شبيه به. منه النّزْك: الطَّعْن بالنَّيزك، وهو الرُّمح القصير. والنَّزك: سُوء الفِعْلِ والقول في الإنسان، والطَّعنُ عليه. وفي الحديث: "إنّ شهراً نَزَكُوهُ" أي طعَنوا عليه، يراد شَهْرُ بنُ حَوْشَب. ومما يشبَّه بهذا قولُهم لذكر الضَّبِّ: نِزْك. قال:

سِبَحْلٌ لَهُ نِزْكانِ كانا فضيلةً *** على كلِّ حافٍ في البلاد وناعلِ([6])

 (نزل)  النون والزاء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على هُبوط شيء ووقُوعه. ونَزَل عن دابَّتِه نُزُولاً. ونَزَلَ المطرُ من السَّماءِ نزولاً. والنَّازلة: الشَّديدة من شدائد الدهر تَنزِل. والنِّزال في الحرب: أن يتنازل الفَريقان. ونَزَالِ: كلمةٌ تَوضَعُ موضِعَ انزِلْ. ومكان نَزِلٌ: يُنْزَل فيه كثيراً. ووجدت القومَ على نَزَلاتهم، أي منازلهم. قاله ابنُ الأعرابيّ. والنُّزُْل: ما يُهيَّأ للنَّزيل. وطعام ذو نُزْل ونَزَل، أي ذو فضل. ويعبِّرون عن الحجِّ بالنُّزُول. ونَزَل، إذا حجّ. قال:

أنازلةٌ أسماءُ أم غير نازلَهْ *** أبِينِي لنا يا أسْمَ ما أنتِ فاعلَهْ([7])

وقال:

ولما نزلنا قَرّت العينُ وانتهَتْ *** أمانيُّ كانت قبلُ في الدَّهرِ تُسأَلُ([8])

قال: نَزَلْنا: أتينا مِنَى. والنُّزَالة: ماء الرَّجُل. والنَّزيل: الضيف. قال:

نزِيل القومِ أعظمُهم حقوقاً *** وحقُّ الله في حقِّ النّزيلِ([9])

والتنْزيل: ترتيب الشَّيء ووضعُه منْزِلَه.

(نزه)  النون والزاء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بُعدٍ في مكانٍ وغيرِه. ورجلٌ نَزِيه الخُلُق: بعيدٌ عن المطامع الدّنيّة. قال ابن دريد([10]): ونَزِهُ النَّفس ونازِهُ النَّفس: ظلِفُها عن المدَانِس. قال ابن السكِّيت: خرجنا نتنَزَّه، إذا تباعَدُوا عن الماء والرِّيف. ومكان نَزِيهٌ: خلاء ليس به أحد.

(نزو)  النون والزاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يرجع إلى معنى واحد، هو الوَثَبانُ والارتفاع والسُموّ. من ذلك النَّزْو. نَزَا ينْزُو: وثَبَ. ونُزَاءُ الذكرِ على أنثاه. وهو يَنْزو إلى كذا، إذا نازَعَ إلَيْه، كأنّه سَمَا لـه. والتَّنَزِّي مثل النَّزو.

ومن المهموز: نزَأْت بينَهم: حرَّشْتُ بينهم. قال ابنُ الأعرابي: يقال ما نَزأَك على كذا: ما حملك عليه. ورجلٌ منزوءٌ بكذا: مولَع.

(نزب)  النون والزاء والباء كلمةٌ. يقال: نَزَبَ الظَّبْيُ نَزِيباً، وهو صوتُه عند السِّفاد.

(نزح)  النون والزاء والحاء كلمةٌ تدلُّ على بُعد. ونَزَحت الدّار نُزُوحاً: بَعُدت. وبلدٌ نازح. ومنه نَزْحُ الماء، كأنَّه يُباعَد به عن قَعر البئر.يقال: نَزَحتُ البِئر: استَقيتُ ماءَها كلَّه. وبئر نَزُوحٌ: قليلةُ الماء. وآبارٌ نُزُح.

(نزر)  النون والزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على قِلَّةٍ في الشيءِ. ونَزُرَ الشيء نَزارةً. وشيء نَزْرٌ: قليل. وعَطاءٌ منْزور: مقلَّل. وامرأةٌ نَزورٌ: قليلة الولَد. قال:

بَُِغاثُ الطّيرِ أكثرها فِراخاً *** وأمُّ الصَّقرِ مقلاتٌ نَزور([11])

وقولهم: نَزَرْتُ الرّجلَ: ألححت عليه، وقولهم: لا يُعطِي حتَّى يُنْزَر، أي يلحَّ عليه، فهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه، وله قياسٌ آخر.

ـــــــــــــــ

([1])  في اللسان: "وامرأة نزعاء. وقيل لا يقال امرأة نزعاء ولكن يقال زعراء".

([2])  القوس يذكر ويؤنث.

([3])  البيت لجميل، في اللسان (نزع).

([4]) لامرئ القيس في ديوانه 8.

([5]) هذه قراءة ابن أبي إسحاق، وعبد الله، والسلمي، والجحدري، والأعمش، وطلحة، وعيسى. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضاً: "ينزفون" بفتح الياء وكسر الزاي. وقرأ الجمهور: "ينزفون" بضم الياء وفتح الزاي. تفسير أبي حيان (8: 206).

([6])  البيت لأبي الحجاج، أو لحمران بن ذي الغصة.

([7])  البيت لعامر بن الطفيل، ملحقات ديوانه 158 والخزانة (3: 44) والنقائض 284.

([8])  أنشده في المجمل أيضاً.

([9])  أنشده في المجمل واللسان (نزل).

([10])  الجمهرة (3: 22).

([11]) للعباس بن مرداس، كما في الحماسة (2: 21) واللسان (بغث)، ويروى لكثير، كما في اللسان (قلت، نزر).

 

ـ (باب النون والسين وما يثلثهما)

*(نسع)  النون والسين والعين كلمةٌ تدلُّ على جَدْل الشَّيء. فالنِّسْع: سَير مضفورٌ كهيئة أعِنَّة البِغال. ويقال للعُنق الطَّويلِ ناسِعٌ، كأنَّه طُوِّلِ وجُدِلَ جَدْلاً. والمِنسعة: الأرض السريعة النَّبتِ بطُول نَبْتِها وبَقْلها.

(نسغ)  النون والسين والغين أصلٌ يدلُّ على غَرْزِ شيءٍ بشيءٍ. ونَسغَ الخُبْزةَ: غرزَها بريش الطّائر: وهي المِنْسَغة. ونَسغَت الواشمةُ: غرزَتِ اليدَ بالإبرة. ثم يقولون: نسَغْت الدّابّةَ برِجلي ليثُور. ويتوسَّعون فيه فيقولون: نسَغْتُ اللَّبَن بالماء: مَذَقْتُه. ونسَغَه بالعصا: ضَرَبه.

(نسف)  النون والسين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْف شيء. وانتسَفَت الرِّيحُ الشَّيءَ مثلَ التُّراب والعَصْف، كأنَّها كشفَتْه عن وجه الأرض وسلبته. ونَسْفُ البِناءِ: استِئْصالُه قَطعاً. ويقال للرُّغوة: النُّسَافة([1])، لأنَّها تُنْتَسَف عن وجه اللَّبَن. وقولهم انتُسِفَ لونُه من ذلك. وبَعيرٌ نَسوفٌ: يقلع النَّباتَ عن الأرض بمقدَّم فيه: وحكى ناسٌ: هما يتناسفان، أي يتسارَّان. والقياس واحد. كأنَّ هذا يَنْسِف ما عند ذاك. وذاك ما عندَ هذا.

(نسق)  النون والسين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تتابُعٍ في الشَّيء. وكلامٌ نَسَقٌ: جاءَ على نظامٍ واحد قد عُطِف بعضُه على بعض. وأصله قولهم: ثَغْرٌ نَسَق، إذا كانت الأسنانُ متناسقةً متساوية. وخَرَزٌ نَسَق: منظَّم. قال أبو زُبَيد:

بجيدِ رَِيمٍ كريمٍ زانَهُ نَسَقٌ *** يكادُ يُلهِبُه الياقوتُ إلهابا([2])

(نسك)  النون والسين والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على عِبادةٍ وتقرُّب إلى الله تعالى. ورجلٌ ناسك. والذَّبيحة التي تَتقرَّب بها إلى الله نَسِيكة. والمَنْسَِك: الموضع يذبَح فيه النَّسائِك، ولا يكون ذلك إلاَّ في القُرْبان. وزعم ناسٌ أنَّ المَنسَِك([3]): المكان يألفه. وفيه نظر.

(نسل)  النون والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على سَلِّ شيءٍ وانسلاله. والنَّسْل: الولَد. لأنَّه يُنْسل من والدته. وتناسَلُوا: ولد بعضُهم من بعض([4]). ومنه النَّسَلان: مِشية الذِّئب إذا أعْنَقَ وأسْرَع. والماشي يَنْسِلُ، إذا أسرع. قال الله عزّ وعلا: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون. [الأنبياء 96]. والنُّسَالة: شَعر الدَّابّة إذا سقطَ عن جَسدِهِ قِطَعاً. ونُسَال الطَّير: ما تحاتَّ من أرياشها. قال:

* وتجلو سَبِيخَ جُفالِ النُّسَالِ([5]) *

وقد أنسَلتِ الإبلُ: حانَ لها أن تُنسِلَ وبَرَها. ونَسلَ الثَّوبُ عن الرّجل: سَقَط. ويقولون: النّسيل: العسلُ إذا ذابَ، كأنَّه نَسلَ عن شَمَعِه وفارَقَه. وأنسلْتُ القَوم: تقدَّمتُهم.

(نسم)  النون والسين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج نَفَس، أو ريحٍ غير شديدةِ الهبوب. ونَفَس الإنسان نَسيم. وكذا الرَّيح الليِّنة الهُبوب. ويقولون: من أين مَنْسِمُكَ، أي من [أين] وِجْهتُك. والقياس واحدٌ، لأنَّه إذا أقبلَ أقبلَ نَسِيمُه. ولذلك سمِّيت النَّفْسُ نَسَمة.

وشذّ عنه المَنْسم: خُفّ البعير، ويمكن أنّه محمولٌ على الباب، لأنّ خُفّه هو ما يحمل نَسَمتَه.

(نسي)  النون والسين والياء أصلانِ صحيحان: يدلُّ أحدهما على إغفال الشيء، والثاني على تَرْك شيء.

فالأوّل نسِيتُ الشَّيءَ، إذا لم تذكُره، نِسياناً. وممكنٌ أن يكونَ النِّسْيُ منه. والنِّسْيُ: ما سَقَط من منازل المرتحلين، من رُذَال أمتعتهم، فيقولون: تتبَّعوا أنساءَكم. قال الشَّنْفرى:

كأنَّ لها في الأرض نِسياً تقُصُّه *** على أمِّها وإنْ تكلِّمْك تَبْلَِتِ([6])

وعلى ذلك يفسَّر قولُه تعالى: {نَسُوا اللهَ فنَسِيَهُمْ} [التوبة 67]، وكذلك قولـه سبحانه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه 115]، أراد والله أعلمُ: فتركَ العَهد.

ومما شذَّ عن الأصلين النَّسَا: عِرقٌ، والجمع أنساء، والاثنان* نَسَيَانِ ويقولون: هو النَّسَا، وهو عِرقُ النَّسا، كلُّ ذلك يقال. قال:

فأحذَيْتُهُ لما أتاني بقربة *** كعرق النَّسَا لم يُعط بطناً ولا ظَهْراً([7])

وقال بعضهم: الأصل في الباب النِّسيان، وهو عزُوب الشّيء عن النَّفْس بعد حضوره لها. والنَّسَا: عِرق في الفَخِذ، لأنَّه متأخِّر عن أعالي البدن إلى الفخِذ، مشبَّه بالمنسيِّ الذي أُخِّر وتُرِك.

وإذا هُمِز تغيَّر المعنى إلى تأخير الشَّيء. ونُسِئت المرأةُ: تأخَّر حيضُها([8]) عن وقته فرُجِيَ أنَّها حُبْلَى. والنَّسِيئة: بيعُك الشَّيءَ نَسَاءً، وهو التَّأخير. تقول: أنسأتُ. ونَسأَ الله في أجلِك وأنسأ أجلَك: أخَّره وأبعده. وانتسؤوا([9])، تأخّروا وتباعَدُوا. ونَسأْتُهم أنا: أخَّرتهم. ونَسأْتُ ناقتي، قال قوم: رفَقت بها في السَّير. ونَسأْتها: ضربتها بالمِنسأة: العَصَا. وهذا أَقْيَسُ، لأنَّ العصا كأنَّه يُبعَد بها الشَّيءُ ويُدفَع. والنَّسء: ما نَبَت من وَبَر النّاقةِ بعد تساقُطِ وَبرِها. والقياس واحد. كأنَّ هذا الثاني تأخّر. قال أبو زيد: نَسَأْتُ الإبلَ في ظِمْئِها، إذا زدتها في ظمئِها يوماً أو يومين. وَالنَّسيء في كتاب الله: التَّأخِير، كانُوا إذا صَدَروا عن مِنىً([10]) يقوم رجلٌ من كنانة فيقول: أنا الذي لا يُرَدُّ لي قضاء. فيقولون: أنسِئْنَا([11]) شهراً، أي أخر عَنَّا حُرمةَ المحرَّم([12]) فاجعَلْها في صَفَر. وذلك أنَّهم كانوا يكرهون أن يتوالَى عليهم ثلاثةُ أشهرٍ لا يُغيرون فيها، لأنَّ معاشهم كان من الإغارة، فأُحِلَّ لهم المحرَّم. فقال الله تعالى: {إنَّما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ في الكُفْرِ} [التوبة 37].

ومما شذَّ عن الباب النَّسْءُ: بَدء السِّمَنِ في الدّوابِّ. قال أبو ذؤيب:

بها أبَلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كِلَيهما *** فقَدْ مارَ فيها نَسؤُها واقترارُها([13])

والنَّسِيء: الحليب يُصبُّ عليه الماء. تقول منه: نَسَأْتُ، وهو النَّسْءُ أيضاً في شعر عروة:

سَقَوني النَّسْءَ ثم تكنَّفُوني *** عُداةُ الله من كَذِبٍ وزُورِ([14])

(نسب)  النون والسين والباء كلمةٌ واحدة قياسُها اتِّصال شيءٍ بشيء. منه النّسَب، سمِّي لاتِّصاله وللاتِّصالِ به. تقول: نَسَبْتُ أنْسُِبُ. وهو نَسِيبُ فلانٍ. ومنه النَّسيبُ في الشِّعر إلى المرأة، كأنَّه ذِكْرٌ يتَّصِل بها؛ ولا يكون

إلاَّ في النِّساءِ. تقول منه: نَسَبْتُ أنْسُِبُ. والنّسيبُ: الطريق [المستقيم([15])]، لاتِّصال بعضِه من بعض.

(نسج)  النون والسين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على وَصلِ شيءٍ بشيء في أدنى عرض. ونَسَج الثَّوب يَنْسُِجه. وضربت الرِّيح الماءَ فانتسجت له الطرائِق([16]). والشاعر ينسُِج الشِّعر. وقال قوم: بل قياس الباب الاضطراب دون ما ذكرناه. والنَّاقة النّسُوج: [التي([17])] يضطرب حِمْلُها عليها. وكذلك اشتُقّ مَِنسج الفرس([18])، لأنه يتحرَّك أبداً. والمَِنسج: كاثِبة الفَرَس.

ومن الباب: هو نسيجُ وحدِه، لانفراده بخصاله. قال ابن قتيبة: وذلك أنّ الثّوب الرفيع النفيسَ لا يُنسَج على مِنْواله غيرُه، وإذا لم يكن رفيعاً عُمِل على منواله سَدَى عِدّةِ أثواب.

(نسخ)  النون والسين والخاء أصلٌ واحد، إلاّ أنّه مختلفٌ في قياسِه. قال قوم: قياسُه رفْعُ شيءٍ وإثباتُ غيرِهِ مكانَه. وقال آخرون: قياسُه تحويلُ شيءٍ إلى شيءٍ. قالوا: النَّسْخ: نَسْخ الكِتاب. والنَّسْخ: أمرٌ كان يُعمَل به من قبلُ ثم يُنسَخ بحادثٍ غيرهِ، كالآية ينزل فيها أمرٌ ثم تُنسَخ بآيةٍ أخرى. وكلُّ شيءٍ خلَفَ شيئاً فقد انتَسخَه. وانتسخت الشَّمسُ الظِّلّ، والشّيبُ الشبابَ. وتناسُخُ الورَثةِ: أن يموتَ ورثةٌ بعد ورثةٍ وأصلُ الإرث قائم لم يُقَسَّم. ومنه تناسُخُ الأزمنة والقُرون. قال السجستانيّ([19]) النَّسْخ: أن تحوّل ما في الخليَّة من العَسَل والنَّحْل في أُخرى. قال: ومنه نَسْخُ الكتاب.

(نسر)  النون والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاسٍ* واستلاب. منه النَّسْر: تناوُلُ شيءٍ من طعام. ونَسَرَهُ، كأنَّه شيءٌ يسيرٌ استلَبَه. ومنه النَّسْر، كأنَّه ينسُرُ الشَّيء. والمِنْسَر([20]): خيل ما بين المائة إلى المائتين وهو القياس، كأنَّه إنما جاء لينسُِرَ شيئاً، أي يختطفَه ويَستلبَه. ويقال: بَلِ المِنْسَر لا يمرُّ بشيءٍ إلا قَلَعه.

ومن التَّشبيه النَّسْر: كواكبُ في السماء: النَّسْر الطائر، والنَّسْر الواقعِ. ومنه نَسْر الحافِر: ما في بطنه كأنَّهُ النَّوَى والحصى.

ـــــــــــــــ

([1])  ذكرت بهذا المعنى في القاموس، ولم تذكر في اللسان.

([2]) أنشده في المجمل واللسان. و "ريم" بفتح الراء في اللسان، وكسرها في المجمل. وهو بفتح الراء في مادة (ريم) ياؤه أصلية، وبكسر الراء تخفيف "الرئم" بكسر الراء.

([3]) في الأصل: "النسك".

([4]) في الأصل: "بعد بعض"، صوابه من اللسان. وفي المجمل: "وقد تناسلوا، إذا توالدوا". وفي القاموس: "تناسلوا: أنسل بعضهم بعضا".

([5])  لأمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 182). وصدره:

* تجيل الحباب بأنفاسها *

([6])  المفضليات (1: 107) واللسان (بلت، نسي)؛ ومجالس ثعلب 421. وسبق عجزه في (بلت).

([7])  بقربة، كذا وردت في الأصل.

([8])  في الأصل: "تأخرت حملها"، صوابه في المجمل واللسان.

([9])  في الأصل: "وتنساءوا". وفي المجمل: "وانتسأ القوم".

([10])  في الأصل: "عن شيء"، صوابه في المجمل واللسان.

([11])  في الأًصل: "أنسئها"، صوابه في المجمل واللسان.

([12])  في الأصل: "عنها محرمة المحرم"، صوابه في المجمل واللسان.

([13])  ديوان الهذليين (1: 23) واللسان (أبل، نسأ، قرر). وانظر مجالس ثعلب 417.

([14])  ديوان عروة بن الورد 90 واللسان (نسأ). وتروى قصيدته للنمر بن تولب.

([15])  التكملة من المجمل. وفي اللسان: "الطريق المستقيم الواضح".

([16])  في الأصل: "الطريق". وفي المجمل واللسان: "طرائق".

([17])  التكملة من المجمل.

([18])  يقال بوزن منزل ومنبر.

([19]) بدله في المجمل: "قال أبو حاتم"، وهي كنيته.

([20]) يقال كمنبر وكمجلس أيضاً.

 

ـ (باب النون والشين وما يثلثهما)

(نشص)  النون والشين والصاد: أصلٌ يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء وسموّ. ونَشَصَ السحابُ: ارتفَع. والسَّحابة المرتفِعة البيضاء: النَّشَاصَة([1])، وجمعها نَشَاص([2]). قال امرؤ القيس:

أصَدَّ نَشَاصَ ذي القرنين حَتَّى *** تَوَلّى عَارِضُ الملِكِ الهمامِ([3])

ونَشَص الوبرُ: ارتفَع. ونَشَصْنا من بلدٍ إلى بلدٍ: ارتفَعْنا. ونَشَصت المرأةُ مثل نَشَزَت. ونَشَصت ثَنِيَّتُه: تحرَّكت وارتفعتْ من موضعها.

(نشط)  النون والشين والطاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على اهتزازٍ وحركة. منه النّشاط معروفٌ وهو لما فيه من الحركة والاهتزاز والتَّفتُّح. يقال نَشِطَ ينشَط. وأنْشَطَ القومُ: كانت دوابُّهُم نَشِيطة. والثَّور ناشط، لأنَّهُ يَنْشِطُ من بلدٍ إلى بلد. قال ذو الرُّمَّة:

أذاكَ أم نَمِشٌ بالوَشْي أكرُعُه *** مسفَّعُ الخَدِّ هادٍ ناشِطٌ شَبَبُ([4])

ونَشَطْتُ الشَّيءَ: قشرتُه، كأنَّهُ لما قُشِرَ أُخرِجَ من جِلده. وطريقٌ ناشط: يَنْشِطُ في الطَّريق الأعظم يَمنةً [ويَسْرَة([5])]. ونَشَطت([6]) النّاقةُ في سيرها، إذا شَدَّت. والأُنْشُوطة: العُقدة مثل عُقدة السَّراويل ونَشَطْتُه بأُنشوطة. وأنْشَطتُ العِقال: مَدَدْت أُنشوطتَه فانحلَّت. وقال قوم: الإنشاط: الحَلُّ، والتَّنشيط: العَقْد. وبئر أنشاط: قَريبة القَعر يَخرج دلوُها بجَذْبَةٍ. ونَشَطْتُ الدَّلْوَ من البئرِ بغير قامة. والنَّشيطة من الإبل: أن تُوجَد فتُسَاقَ([7]) من غير أنْ يُعْمَدَ لها. وقال قوم: هو الذي يصيبه القومُ قبل أن يَصِلوا إلى الحيِّ الذي يريدون الإغارة عليه، فيَنْشِطُه الرّئيسُ من بين أيديهم. قال:

لك المِرباعُ منها والصَّفايا *** وحُكمُك والنَّشِيطةُ والفُضُولُ([8])

 (نشع)  النون والشين والعين كلمةٌ واحدة. نشَعتُ الصبيَّ الوَجُورَ نشعاً فانتشَعَه، أي جَرَِعه. والمصدر النُّشوع. قال:

* نُشِعْتُ المجد في أنفي نُشُوعَا([9]) *

(نشغ)  النون والشين والغين ثلاثُ كلماتٍ متباينةٍ، ليس قياسها واحداً.

الأولى النَّشْغ: كالشَّهيق عند الشَّوق.

الثانية الناشغ: الذي يَحيا بعد جَهْد.

الثالثة النَّواشِغ: أعالي الوادي، الواحدة ناشغة.

(نشف)  النون والشين والفاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على ولوج ندىً في شيء يأخذه. منه النَّشْف: دخولُ الماءِ في الثّوب والأرضِ حتى ينتَشِفاهُ. والنَِّشْفة: حجرٌ، سمِّيت لانتشافها الوسَخ عن مواضعه([10]). والجمع النِّشَف. [ويقال: إنَّ النَّشْف([11])] في الحياض كالنَّزْح في الرّكايا. والنّاقةُ تُدِرُّ قبل نِتاجها ثم تذهب دِرّتُها: مِنْشَافٌ ونَشُوف.

(نشق)  النون والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على نُشوب شيء. ونَشِقَ الظَّبْيُ في الحِبالةِ: عَلِق فيها والنَّشقة: حبلٌ يُجعَل في أعناق البَهْم، ويقال هي النُّشْقة([12]). ورجل نَشِقٌ، إذا وقَعَ في أمرٍ لا يكاد يخلُص منه.

ومن الباب: أنشَقْتُ الصبِيَّ الدَّوَاءَ: صببتُه في أنْفِه. والنَّشُوق: اسمٌ لكلِّ دواءٍ يُنْشَق. ومنه استنشقت الرِّيح: تشمَّمتُها. وهذه ريحٌ مكروهة النَّشَق، أي الشَّمّ. والمتوضِّئ يستنشق الماء، عند استنثاره.

(نشل)  النون والشين واللام كلمةٌ تدلُّ على رفْعِ بَِضْعةٍ من قدْرٍ. ونَشَلَ اللَّحْمَ من القِدْرِ بالمِنْشَل، وهو النَّشِيل([13]). وفخذٌ ناشلة: قليلةُ اللَّحم؛ والمِنْشَل والمِنْشال: ما يُنْشَلُ به*. ويقولون: وما أدري كيف صحّته: المَنْشَلة: موضع الخاتَم من الخِنصَر.

(نشم)  النون والشين والميم يدلُّ على نُشُوبِ شيءٍ. ونَشَّمُوا في الأمر: أخَذُوا فيه. ويقال لا يكون ذلك إلاَّ في الشَّرّ. وفي الحديث: "لما نَشَّمَ النّاسُ في أمر عثمان"، أي أخَذُوا فيه ونالوا منه. ونَشَّمَ اللَّحمُ([14]) تنشيماً، أي ابتدأت فيه رائحة.

وشذَّ عنه النَّشَم: شجرٌ يُتَّخَذ منه القِسِيّ.

(نشأ)  النون والشين والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء وسموّ. ونَشَأَ السَّحابُ: ارتفع. وأنْشَأَه الله: رفَعه. ومنه: {إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل 6]، يراد بها والله أعلمُ القيامُ والانتصابُ للصَّلاة.

ومن الباب: النَّشْءُ والنَّشَأ([15]): أحداث النّاس. ونشأَ فلانٌ في بني فلانٍ. والنَّاشئ: الشَّابُّ الذي نشأ وارتفَعَ وعلا. وأنشأ فلانٌ حديثاً، وأنشأَ ينشِد ويقول، كلُّ هذا قياسُه واحد.

ومن الباب: استنشأْت الريح: تشمَّمتها، وذلك لأنَّكَ كأنَّك ترفعُها إلى أنفِك.

(نشج)  النون والشين والجيم كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوتٍ. ونَشَج الباكي: غَصَّ بالبُكاءِ في حَلْقهِ من غير انتحاب. ونَشَجَ الحمار بصَوته نَشْجاً. ويقال للطَّعنة إذا خرج منها الدَّمُ فسُمِع له حِسٌّ: قد نشَجَت. وكذا القِدر تَنْشِجُ عند الغَلَيَان. ويحتمل أن يكون الأَنْشَاجُ من هذا، وهي مَجَاري الماء، الواحد نَشَج، كأنها سمِّيَت بها لقَسِيب الماء.

(نشح)  النون والشين والحاء: أصلٌ صحيحٌ، إلاَّ أنَّه مختلَفٌ في تفسيره على التَّضادّ، فقال قوم: نَشَحَ الشَّاربُ، إذا شرِب حتَّى امتلأ. وسِقَاءٌ نَشَّاحٌ: ممتلِئ. وقال آخرون: النُّشوحُ: شربٌ دون الرِّيّ.

(نشد)  النون والشين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ذِكر شيء وتنويهٍ. ونَشَدَ فلانٌ فلاناً قال: نَشَدْتُك اللهَ، أي سألتك بالله. وتلخيصه: ذكَّرتك الله تعالى. ومنه إنشاد الشَّاعر وهو ذِكرهُ والتَّنويه به. فأمَّا أنشَدْتُ الضَّالَّة فمعناه عرَّفتها؛ وهو ذلك القياس. وفي الحديث: "لا تَحِلُّ لُقْطَتُها إلاّ لِمُنْشِدٍ"، أي معرِّف. وأما نَشَدْتُ الضَّالَّة، يعني طلبتها، فلرَفْع صوتهِ.

(نشر)  النون والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتْحِ شيء وتشعُّبِه. ونَشَرت الخشبةَ بالمنشار نَشْراً. والنَّشْر: الرِّيح الطيِّبة. واكتَسَى البازِي ريشاً نَشَراً. أي منتشِراً واسعاً طويلاً. ومنه نَشَرتُ الكِتاب. خِلاف طويتُهُ. ونَشَر الله الموتَى فَنَشَروا. وأنْشَرَ الله الموتَى أيضاً. قال تعالى: {ثُمَّ إذا شَاءَ أَنْشَرَه} [عبس 22]، ثم قال الأعشَى:

حَتَّى يقولُ الناسُ لمَّا رأوا *** يا عَجَباً للميِّت الناشرِ([16])

ونَشَرت الأرضُ: أصابها الرَّبيعُ فأنبتت، وهي ناشرة، وذلك النَّباتُ النَّشْر، ويقال إنَّه للرَّاعيةِ رديّ ويقال: بل النَّشْر: الكلأَ يَيْبَس ثم يصيبُه المطرُ فيخرجُ منه شيءٌ كهيئة الحَلَم، وهو داءٌ. وعروقُ باطنِ الذِّراع: النَّواشر، سمِّيت لانتشارها. والانتشار: انتفاخ عَصَب الدّابّةِ من تَعَب. والنّشَر: أنْ تنتشر الغنمُ باللّيل فتَرعَى، ولذلك يقال لمن جمع أمرَه: "قد ضَّمَ نَشَرَه".

(نشز)  النون والشين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ وعُلوّ. والنّشَز: المكان العالي المرتفِع. والنّشْز والنُّشُوز: الارتفاع، ثم استعير فقيل نَشَزَت المرأةُ: استَصعَبتْ على بَعلِها، وكذلك نَشَزَ بعلُها: جفاها وضرَبَهَا.

(نشس)  النون والشين والسين كلمةٌ من الإبدال، يقال نَشَسَت، مثل نَشَزَت.

ـــــــــــــــ

([1]) وكذا في المجمل. وذكر في اللسان: "النشاص" فقط بفتح النون، فهو اسم جنس جمعي للنشاصة. وذكر في القاموس "النشاص" فقط أيضاً، ولكن ضبطه بفتح النون وكسرها.

([2]) في الأصل: "أنشاص"، والوجه ما أثبت. وفي التنبيه السابق أنه يقال بفتح النون وكسرها. ويجمع النشاصي على "نشص" بضمتين، كما في اللسان.

([3]) ديوان امرئ القيس 168. ونبه الوزير أبو بكر إلى أنه يروى أيضاً "أشذ".

([4]) ديوان ذي الرمة 17 واللسان (نمش، نشط). وقد سبق في (شب).

([5]) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.

([6]) في المجمل: "تنشطت"، وكلاهما يقال.

([7]) في المجمل: "الإبل يجدها الجيش فتساق".

([8]) لعبد الله بن عنمة الضبي، كما في اللسان (ربع، صفا، نشط، فضل). ومقطوعته في الحماسة (1: 420). وقد سبق في (ربع، صفو).

([9]) البيت للمرار، كما في إصلاح المنطق 368 واللسان (نشع). وصدره:

* إليكم يا لئام الناس إني *

([10]) في اللسان: "والنشفة، والنشفة: الحجر الذي يتدلك به، سمي بذلك لانتشافه الوسخ في الحمامات".

([11]) التكملة من المجمل.

([12]) ذكر في المجمل لغة فتح النون. وفي اللسان والقاموس لغة الضم.

([13]) وهو النشيل، وردت في الأصل بعد كلمة "اللحم" التالية، ورددتها إلى موضعها الطبيعي.

([14]) في الأصل: "ومن اللحم".

([15]) في الأصل: "والنشوء"، تحريف.

([16])  ديوان الأعشى 105 واللسان (نشر). والرواية: "مما رأوا".

 

ـ (باب النون والصاد وما يثلثهما)

(نصع)  النون والصاد والعين أصلٌ يدلُّ على خلوصٍ ولينٍ في الشَّيء. منه النَّاصع: الحَسَن اللَّون الشَّديد* البَياض. والنِّصْع: ضربٌ من الثِّياب شديد البَيَاض. ونَصَع الحقُّ: وضَح.

ومن بابِ السُّهولة واللِّين، وهو القياس الذي ذكرناه، أنْصَعَت النَّاقةُ للفَحل: أقرَّتْ له. ويقال: قَبَحَ اللهُ أُمَّاً نَصَعَتْ [به([1])]، أي ولدَتْه، حكاه ابنُ السِّكِّيت. والمَنَاصِع: المجالس: سمِّيت بها لأنَّها في أسهل المواضع وأمْكَنِها.

وشذَّ عن هذا قولُهم: أنْصَعَ: اقشعرَّ. قال:

* حتَّى اقشعَرَّ جِلْدُه وأنْصَعا([2]) *

(نصف)  النون والصاد والفاء أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على شَطْر الشَّيء، والأخرى على جنسٍ من الخِدمة والاستعمال.

فالأوَّل نِصْفُ الشيء ونَصِيفُه: شَطْرُه. وفي الحديث: "ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه([3])"، وذلك كثُمن وثَمِين. قال:

لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ *** ولا تُمَيراتٌ ولا تعجيفُ([4])

ويقال: إناء نَصْفانُ: بَلَغ الماءُ نِصْفَه. والنَّصَف: بين المُسِنَّة والحَدَثة، أي بلَغتْ نِصَف عُمرها. والإنصافُ في المعاملة، كأنَّه الرِّضا بالنِّصف. والنِّصْف: الإنصاف أيضاً. ونَصَفَ النهارُ يَنْصُفُ: انتصَفَ. قال:

نَصَفَ النَّهارُ الماءُ غامِرُه *** ورفيقُه بالغَيبِ لا يدري([5])

ونصَفَ الإزارُ ساقَه: بلَغَ نِصْفَها يَنْصُفُها. قال:

ترى سيفَه لا يَنْصُف السَّاقَ نَعْلُه *** أجَلْ لا وإن كانت طِوالاً مَحامِلُه([6])

(نصل)  النون والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُروز الشَّيء من كِنّ وسترٍ أو مَركَب.

ونَصَلَ الحافرُ: خرَجَ من موضِعِه. ونَصَل الخِضابُ. ومنه تَنَصَّلَ من ذَنْبه: تبرَّأ، كأنَّه خَرَج منه. والنَّصْل: نَصْل السَّيف والسَّهم، سمِّي به لبُروزه وصفائه وجَلائه. يقال في تصريف هذه الكلمة: أنْصَلْتُ الرُّمحَ: نََزَعتُ نَصْله. ونَصلتُه: جَعلت له نصلاً. والمُنْصَُل: السَّيف. قال في أنْصَلْتُ([7]):

تَدارَكَهُ في مُنْصِل الأَلِّ بعدما *** مَضَى غَيرَ دَأداءٍ وقد كادَ يعطَبُ([8])

أراد: رجَب، كانَ يسمَّى مُنْصِلَ الأَسِنَّة، لأنَّهم كانوا لا يحاربون فيه. وقال في المُنْصَُل:

إنِّي امرؤٌ من خير عَبسٍ مَنْصِباً *** شَطْرِي وأحمي سائِرِي بالمُنصَُلِ([9])

ومما حُمِل على التَّشبيه: النَّصِيل: ما بين العُنُق والرّأسِ من باطنٍ تحتَ اللَّحيين.

(نصا)  النون والصاد والحرف المعتلّ –وهذا المعتلّ أكثرُه واو- أصلٌ صحيح يدلُّ على تَخَيُّرٍ وخَطَر في الشَّيء وعُلوّ. ومنه النَّصِيَّة من القَوم ومن كلِّ شيءٍ: الخيار. ويقال انتصَيْتُ الشَّيءَ: اخترتُه. وهذه نَصِيَّتي: خِيرَتي. ومنه النَّاصية: سمِّيت لارتفاع مَنْبتها. والناصيةُ: قُصَاص الشَّعْر.

وفي تصريف هذه الكلمة: نَصَوْت فلاناً: قبَضْتُ على ناصِيَته. وناصَيْتُهُ: أخَذَ كلٌّ منا بناصيةِ صاحبه. وَمفازةٌ تُناصِي أخرى، من هذا، كأنَّها تتَّصل بها كالقابضةِ([10]) على ناصيتها. وهو تشبيه. وانتْتَصَى الشّعرُ: طال. وقول عائشة:

"ما لكم تَنْصُون ميّتكم" فإنَّها أرادت تمدُّون ناصيتَه، كأنَّها كَرِهَتْ تسريح رأسِ الميّت.

(نصب)  النون والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على إقامةِ شيءٍ وإهدافٍ([11]) في استواء. يقال: نصَبتُ الرُّمحَ وغيرَه أنصِبهُ نصباً. وتيسٌ أنْصَبُ، وعنْزٌ نصباءُ، إذا انتصب قرناها وناقَةٌ نَصْباء: مرتفعة الصَّدر. والنَّصْب: حجرٌ كانَ يُنصَب فيُعبَد، ويقال هو النُّصُب، وهو حجرٌ يُنصَب بين يدي الصَّنَم تصبُّ عليه دماءُ الذّبائح للأصنام. والنَّصائب: حجارةٌ تنصَبُ حوالَيْ شَفِير البئر فتجعلُ عضائد.

ومن الباب النَّصَبُ: العَناء، ومعناه أنَّ الإنسان لا يزال منتصباً حَتَّى يُعييَ. وغبارٌ منتصب: مرتفع. والنَّصيب: الحوض يُنصَب من الحجارة. فأمَّا نِصاب الشَّيء فهو أصلُه؛ وسمِّي نِصاباً لأنَّ نصله إليه يُرفَع، وفيه يُنصَب ويركّب، كنصاب* السِّكِّينِ وغيره. والنَّصيب: الحظُّ من الشَّيء، يقال: هذا نَصِيبـي، أي حظِّي. وهو من هذا، كأنَّه الشيءُ الذي رُفِعَ لك وأهْدَف. والنَّصْب: جنسٌ من الغِناء، ولعلَّه مما يُنصَب، أي يعلَّى به الصَّوت. وبَلغَ المالُ النِّصاب الذي تجِب فيه الزَّكاة، كأنَّه بلغَ ذلك المبلغَ وارتفعَ إليه. ويقول أهلُ العربيّة في الفتح هو النَّصْب، كأنَّ الكلمة تنتصِب في الفم انتصاباً.

(نصت)  النون والصاد والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على السُّكوت. وأنصَتَ لاستماعِ الحديث، ونَصَتَ يَنْصِت. وفي كتاب الله تعالى:{وَأَنْصِتُوا} [الأعراف 204].

(نصح)  النون والصاد والحاء أصلٌ يدلُّ على ملاءمةٍ بين شيئين وإصلاح لهما. أصلُ ذلك النَّاصح: الخَيّاط. والنِّصاح: الخَيطُ يُخاط به، والجمع نِصاحات، وبها شبِّهت الجلود التي تُمدُّ في الدِّباغ على الأرض. قال:

فتَرَى القومَ نَشاوَى كلُّهُمْ *** مِثلمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ([12])

ومنه النُّصح والنَّصيحة: خِلاف الغِشّ. ونَصَحْتُه أنْصَحُه. وهو ناصح الجيْب لمثَلٍ، إذا وُصِف بخُلوص العمل والتَّوبة النَّصُوح منه، كأنَّها صحيحةٌ ليس فيها خَرْقٌ ولا ثُلْمَة ويقال: أنْصَحْتُ الإبلَ، إذا أرويتَها فنَصَحَت، أي رَوِِيت. وهو من القياس الذي ذكرناه. وناصِحُ العَسَل: ماذِيُّه، كأنَّه الخالص الذي لا يتخلَّله ما يشوبُه. ونصحت له ونَصَحْتُهُ بمعنىً. وقميصٌ مَنصوح: مَخِيط.

(نصر)  النون والصاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إتيان خَيرٍ وإيتائه. ونَصَر اللهُ المسلمين: آتاهمُ الظّفرَ على عدوِّهم، ينصرهم نَصْراً. وانتصر: انتقم، وهو منه. وأمَّا الإتيانُ فالعرب تقول: نصرت بَلَدَ كذا، إذا أتيتَه. قال الشَّاعر([13]):

إذا دخَلَ الشّهر الحرامُ فودِّعِي *** بلادَ تميم وانصرِي أرض عامرِ

ولذلك يسمَّى المطرُ نَصْراً. ونُصِرت الأرضُ، فهي منصورة. والنَّصْر: العَطاء. قال:

إنِّي وأسطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا *** لَقَائلٌ يا نصرُ نَصْراً نَصْرا([14])

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل واللسان.

([2]) لرؤبة في ديوانه 90 واللسان (نصع). ورواية الديوان: "وأزمعا".

([3]) في اللسان: "وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق ما في الأرض جميعاً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".

([4]) الرجز لسلمة بن الأكوع، كما سبق في حواشي (نصف). وأنشده في اللسان (عجف، نصف، خرف، قرص، صرف).

([5]) للمسيب بن علس في اللسان (نصف). ونسب في الخزانة (1: 544) إلى الأعشى. وذكر العلامة الميمني أنها في نسخة رامبور من ديوان الأعشى.

([6]) لابن ميادة، كما في اللسان (نصف).

([7])  في الأصل: "في الصلب"، تحريف.

([8])  للأعشى في ديوانه 138 واللسان (نصل، ألل، دأدأ).

([9])  البيت لعنترة في ديوانه 178.

([10])  في الأصل: "بها في كالقابضة".

([11])  الإهداف: الانتصاب: وفي الأصل: "وإهدام". وانظر ما سيأتي في س 13.

([12]) للأعشى في ديوانه 163 واللسان (نصح، ربح). وقد سبق في (ربح).

([13]) هو الراعي يخاطب خيلاً، كما في اللسان (نصر).

([14])لرؤبة بن العجاج في ملحقات ديوانه 174 واللسان والصحاح (نصر) وسيبويه (1: 304) والخزانة (1: 325). وقال صاحبا العباب والقاموس: صواب روايته: "يانضر" بالضاد المعجمة، وهو حاجب نصر بن سيار.

 

ـ (باب النون والضاد وما يثلثهما)

(نضل)  النون والضاد واللام: أصَيلٌ يدلُّ على رمْيٍ ومُراماة. ونَضَلَ فلاناً: راماه بالنِّضال فغَلَبه في ذلك. وهو يُناضِل عن فلانٍ: يتكلَّم عنه بعُذرِه، كأنَّه يُرامي دونَه. وانتضَلْتُ سهماً من الكنانة. ويقال استعارةً: انتضَلْتُ رجلاً من القَوم: اخترتُ منهم. وانتضال الإبل: رَمْيُها بأيديها في السَّير. وانتضلوا وتَناضَلوا: رمَوا بالسَّبق. وانتضَلْنا بالكلام والأحاديث، استعارةٌ من نِضال السَّهم. قال لبيد:

فانتضلنا وابنُ سَلْمَى قاعدٌ *** كَعتِيق الطير يُغضِي ويُجَلّ([1])

(نضا)  النون والضاد والحرف المعتلّ وأكثره الواو: أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْيِ الشَّيء([2]) وتدقِيقه وتجريده. منه نَضَا السَّيفَ من غِمْده. ونَضَا السّهمُ: مضى. ونَضَا الفرسُ الخيلَ: سَبقَها، كأنَّه انجرد ممَّا بينها. ونضا الحِنَّاءُ عن اليد: ذهب. ونَضَوْتُ ثوبِي: ألقيتُه عَنِّي. قال امرؤ القيس:

فجِئتُ وقد نَضَتْ لنومٍ ثيابَها *** لدى السِّتْر إلاَّ لِبْسَةَ المتفضِّلِ

والنِّضْو من الإبل: الذي أنضَتْه الأسفار: كأنَّه برَتْه وجرَّدَتْه من اللحم. وأنْضَى الرّجُل: أصبَحَ بعيرُه نِضْواً. ومنه أنْضَيتُ الشَّيء: أخلَقْته. ونِضْوُ اللِّجام: حدائده بلا سُيور. ونَضِيُّ السَّهم: قِدْحُه، وهو ما جاوز الرِّيشَ إلى النَّصْل، وذلك لأنَّه بُرِيَ حتَّى صار نِضْواً. ونَضِيُّ الرُّمح: ما فوق المَقْبِض من صدره. والنَّضِيُّ: مُنْتَصَب العُنُق، وهو على معنى التَّشبيه، والجمع أنضِيَة. قال:

* وطُولِ أنْضِيَة الأعناقِ واللِّمَمِ([3]) *

(نضب)  النون والضاد والباء كلمةٌ تدلُّ على انكشاف شيءٍ وذهابه. ونضب  الماءُ: بَعُدَ، نضوباً. ونَضَبت المفازةُ، كأنَّها انجردت. وخَرْقٌ ناضب: بعيد.

وشذَّ عنه التَّنْضَب: شَجَر.

(نضج)  النون والضاد والجيم أصلٌ يدلُّ على بلوغ النهاية في طَبخِ الشَّيء، ثم يستعار في كلِّ شيء بَلَغَ مدى الإحكام. ونَضِجَ التَّمْر واللَّحمُ نُضجاً، وأنضَجْتُه أنا. وأنضَجَتْه الشَّمسُ إنضاجاً. ويستعار هذا فيقال: هو نَضِيج الرَّأْي: مُحكَمُه. والنَّاقة إذا جاوزَتْ وقتَ وِلادِها ولم تَلِد نَضّجَت، وهي مُنَضّجٌ، وهنّ مُنَضِّجات. قال:

هو ابنُ مُنَضِّجاتٍ كُنَّ قِدْماً *** يَزِدْنَ على العديد قُرابَ شَهْرِ([4])

(نضح)  النون والضاد والحاء أصلٌ يدلُّ على شيءٍ يُندَّى، وماء يُرشّ. فالنَّضْح: رشُّ الماء. ونَضَحتُه. قال أهلُ اللُّغة: يقال لكلِّ ما رقَّ: نَضْحٌ وهذا هو القياس الذي ذكرناه، لأنَّ الرَّشَّ رقيق. يقال: نَضَحت البيتَ بالماء. ونَضَح جِلدُه بالعَرَق. والسَّانية ناضحٌ. ونَضَحوهم بالنَّبْل، وهذا على جهة التَّشبيه. ونَضَح عن نفسه، كأنَّه رامَى عنها بالحُجّة. وفي الحديث: "انْضَحُوا عَنَّا الخَيل لا نُؤْتَى مِن خَلْفِنا"، أي ارمُوهم بالنُّشّاب. والنَّضيح والنَّضَح: الحوض، لأنَّه يُنضَح بالماء. ونَضَح الغضا: تَفَطَّر، وكأنَّ سقوطَ نَورِه يشبَّه بنَضْح الماء. قال أبو طالب:

بُورِك الميِّت الغريب كما بو *** رِكَ نَضْحُ الرُّمّانِ والزَّيتونُ([5])

قال ابنُ الأعرابيِّ: سمِّي الحوضُ نضيحاً لأن يَنضَح عطَشَ الإبل، أي يبُلُّه. قال الخليل: والرّجُل يُقرَف بأمرٍ فيَنْتَضحُ منه، إذا أظهَرَ البراءةَ وبرَّأَ نفسَه منه جَهْدَه.

(نضخ)  النون والضاد والخاء قريبٌ من الذي قبله، إلاَّ أنّه أكثر منه([6]). يقولون: النَّضْخ كاللّطْخ من الشّيء يبقى له أثَر. ونَضَخ ثوبَه بالطِّيب. وغَيثٌ نضّاخٌ: غزير. وعينٌ نضّاخة: كثيرة الماء.

(نضد)  النون والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَمّ شيءٍ إلى شيءٍ في اتِّساقٍ وجمعٍ، منتصباً أو عريضاً. ونَضَدْتُ الشيءَ بعضَه إلى بعضٍ متَّسقاً أو مِن فَوق. والنَّضَد: المنضود من الثِّياب. قال النابغة:

خَلَّتْ سبيلَ أتِيٍّ كان يحبسُه *** ورفَّعْته إلى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ([7])

والنَّضَد: السَّرِيرُ يُنضَد عليه المتاع. وأنْضاد الجِبال: جنادلُ بعضُها فوق بعض. والنَّضَد من السَّحاب كالصَّبير، يكون بعضُه إلى بعض، والجمع أنضاد. وأنضادُ القوم: جماعاتهم وعَدَدُهم. ونَضَدُ الرَّجُلِ: أعمامُه وأخوالُه الذين يتجمَّعون لنُصرته. والنَّضَد: الشَّرَف. ونَضائد الدِّيباج: جمع نَضِيدة، وهي الوِسادةُ وما حُشِيَ من المَتَاع. قال ابن دريد([8]): وما نُضِد بعضُه على بعضٍ فهو نَضِيد.

(نضر)  النون والضاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسنٍ وجمالٍ وخُلوص. منه النَّضْرة: حُسْن اللَّون، ونَضَُِرَ يَنْضَُر. ونَضَّر اللهُ وجهَه: حسَّنَه ونوَّره. وفي الحديث: "نضَّر الله امرأً سمِعَ مقالتي فوعاها". وأخْضَرُ ناضرٌ. ويقال هذا في [كُلِّ] مشرقٍ حَسَن. قال الله تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة} [القيامة 22]. والنَّضير: الذَّهب، لحُسنه وخلوصه. قال:

إذا جُرِّدَت يوماً حسِبْتَ خَمِيصةً *** عليها وجِريالَ النَّضير الدُّلامِصا([9])

وقَدَحٌ نُضَارٌ: اتُّخِذ من أثْلٍ يكون بالغَوْر، ولعلَّه أن يكون حَسَناً.

ـــــــــــــــ

([1])  ديوان لبيد ص 16 طبع 1881 والبيان (1: 266).

([2])  السرى: الكشف، يقال سرى عنه الثوب سرياً: كشفه، والواو أعلى.

([3]) لليلى الأخيلية، ويروى للشمردل بن شريك اليربوعي. اللسان (نضى) والحيوان (3: 91) والكامل 35 وأمالي القالي (1: 238) والعقد (6: 228). وصدره: * يشبهون ملوكاً في تجلتهم *

([4]) للراعي كما في اللسان (نضج)، وأنشده في المجمل.

([5]) ديوان أبي طالب 7 مخطوطة الشنقيطي واللسان (نضح). وروي القصيدة مرفوع، وضبط في اللسان بالكسر خطأ.

([6]) في الأصل: "من الذي".

([7])  ديوان النابغة 17 واللسان (نضد).

([8])  الجمهرة (2: 277).

([9])  للأعشى في ديوانه 108 واللسان (نضر).

 


ـ (باب النون والطاء وما يثلثهما)

(نطع)  النون والطاء والعين أصلٌ يدلُّ على بَسطٍ في شيء ومَلاَسَة. منه النِّطْع، ويقال له النَّطْع([1])، وهو مبسوطٌ أملس. والنَِّطع([2]): ما ظهر من غار الفَمِ الأعلى. وهو كذلك. والتنطُّع في الكلام: التعمُّق، وهو قياسُه لأنَّه يتبسَّط فيه. ويُستعار فيقال: تنَطَّع الصانعُ في صنعته، أظهَرَ حِذْقَه.

(نطف)  النون والطاء والفاء أصلان* أحدهما جنسٌ من الحَلْي، والآخَر نُدُوَّة وبَلَل، ثم يستعار ويُتوسَّع فيه.

فالأوَّل: النَّطَف. يقال هو اللُّؤلؤ، الواحدة نَطَفة([3]). ويقال: بل النَّطَفَ: القِرَطَة.

والأصل الآخر النُّطْفة: الماء الصافي. وليلةٌ نَطوفٌ: مَطَرَتْ حتَّى الصَّباح. والنِّطَاف: العرَق. ثم يستعار هذا فيقال النَّطَف: التّلطُّخ. ولا يكاد يُقال إلا في القبيح والعَيب. ويقال نَطِفٌ، أي مَعِيب. ونَطِفَ الشَّيء: فَسَد.

(نطق)  النون والطاء والقاف أصلانِ صحيحان: أحدهما كلام أو ما أشبهه، والآخَر جنسٌ من اللِّباس.

الأوَّل المَنْطِق، ونَطَق يَنطِق نُطْقَاً. ويكون هذا لما لا نفهمه نحن. قال الله تعالى في قِصّة سليمان: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر} [النمل 16].

والآخَر النِّطاق: إزارٌ فيه تِكَّة. وتسمَّى الخاصرة: الناطقة، لأنَّها بموضع النِّطاق. ويقال للشَّاة التي يُعْلَمُ عليها في موضِع النِّطاق بحُمْرَة: منَطَّقة. وذات النِّطاق: أكَمَةٌ لهم. والمِنْطَق: كلُّ ما شَدَدتَ به وَسَطك. والمِنْطَقة: اسمٌ لشيء بعينه. وجاء فلانٌ منتطِقاً فرسَه، إذا جانَبَه ولم يركبْه، كأنَّه عِندَ النِّطاق منه، إذْ كان بجَنْبه. فأمَّا قولُه:

أبْرَحُ ما أدَامَ اللهُ قَومي *** على الأعداءِ منتطقاً مُجِيدا([4])

فقد قال قومٌ: أراد به هذا، وأنَّه لا يزال يَجنُبُ فرساً جواداً. ويقال هو من الباب الأوَّل، أي منتطقٌ قائلٌ مَنْطِقاً في الثَّناء على قومي.

ويقولون - وهو من الثَّاني- "منْ يَطُلْ ذَيلُ أبيه ينتطِقْ به([5])"، وهو مثلٌ، أي من كَثُر بنو أبيه أعانُوه.

(نطل)  النون والطاء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون: النَّاطِل: مكيالٌ من مَكاييل الخمر. ويقال: بل النَّاطِل: الفَضْلةُ تَبقَى في الإناء من الشَّراب. وهو أشْبَهُ بقوله:

ولو أنَّ ما عندَ ابن بُجْرَةَ عندها *** من الخمر لم تَبْلُلْ لَهَاتِي بناطلِ([6])

ويقولون إن كان صحيحاً: إن النَّيْطَل: الدَّلو، والدَّاهية.

(نطي)  النون والطاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على تباعُدٍ في الشَّيء وتطاوُل. وأرضٌ نَطِيَّةٌ: بعيدة. قال امرؤ القيس:

تَرَوَّحَ من أرضٍ لأرضٍ نَطيّة *** لذكرةِ قَيض حولَ بيض مُفَلَّقِ([7])

وأنْطَاه، إذا أعطاه. ومَن أعطى أحداً شيئاً فقد جَعَل الشّيءَ عن نفسه بعيداً. ويحتمل أنَّه من باب الإبدال، من الإعطاء.

وممّا حُمِل على هذا: لا تُنَاطِ الرِّجَال، أي لا تُمَرَّسْ بهم وتطاوِلْهُم العداوَةَ.

(نطح)  النون والطاء والحاء أصلٌ واحد. وهو نَطَح. يقال: نَطَح الكبش يَنْطِحُ. ويحمَل عليه فيقال للوحشيِّ إذا أتاكَ مستقبلاً لك: نطيحٌ وناطِح. ويقولون: إنَّه لا يُتَبرَّك به، ولذلك يقال للمشؤوم: نَطِيح. وفرسٌ نَطيحٌ: يأخذُ فودَيْ رأسِه بياض.

ومن الباب نَوَاطِحُ الدَّهر، أي شدائده، وأصابَهُ ناطحٌ: أمر شديد. وقياس كلّ واحد. ويقال للشَّرَطَينِ: النَّطْحُ والنّاطح. وقولهم:

* الليلُ داجٍ والكباشُ تَنْتطِحْ([8]) *

أي يَنطَِح بعضُها بعضاً. وهذا عبارةٌ عن اقتتال الأبطال، واصطِدام الكُماة. وتناطَحت الأمواج والسُّيولُ والرِّجالُ في الحرب.

(نطس)  النون والطاء والسين كلمتانِ متباينتان لا يرجعانِ إلى قياسٍ واحد. التَّنطُّس، وهو التقذُّر والتقزُّز.

والكلمةُ الأخرى النَّطِيس([9]) والنِّطاسيّ: العالم. وتَنَطَّسْتُ الأخبار: تجَسَّستُها.

(نطش)  النون والطاء والشين أصلٌ يدلُّ على حركةٍ وقُوّة. يقولون: النَّطْش: شِدَّة الجَبْلَة. وما به نَطِيشٌ، أي قُوّة. قال ابنُ دريد([10]): قولهم: عَطْشانُ نَطْشان، من قولهم: ما به نَطِيش، أي حَرَكة.

ـــــــــــــــ

([1]) كذا ضبطت الكلمتان في الأصل والمجمل. لكن فيها أربع لغات، يضاف إلى هاتين اللغتين: النطع، بالتحريك، والنطع كعنب، كما في اللسان والقاموس.

([2]) وهذا أيضاً فيه لغات سابقة.

([3]) ويقال أيضاً، "نطفة" كهمزة، ويجمع هذا على نطف كغرف.

([4])كذا ورد البيت بالخرم في الأصل، وأنشده تاماً في المجمل: "وأبرح". وهو لخداش بن زهير، كما سبق في حواشي (برح).

([5]) وكذا ورد بهذه الكناية في المجمل. وفي اللسان: "أير أبيه"، مع نسبة المثل إلى علي بن أبي طالب. وعند الميداني: "هن أبيه". وروى الميداني أيضاً: "من يطل ذيله ينتطق به".

([6]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 144)، واللسان (نطل). وأنشدها في المجمل كذلك.

([7]) ديوان امرئ القيس برواية الطوسي وخرابنداذ، نسختي دار الكتب.

([8]) أنشده في اللسان (نطح).

([9])  ويقال نطيس كسكيت أيضاً.

([10])  الجمهرة (3: 429) في (باب جمهرة من الإتباع).

 

ـ (باب النون والظاء وما يثلثهما)

(نظف) النون والظاء والفاء كلمة واحدة، وهي قولهم: شيءٌ نظيف: نقيٌّ، بيِّن النظافة. وقد* نَظُف ينظُف. واستنظَفْتُ ما عند فلانٍ: استوفيتُه وأخذتُه كلَّه. ونظَّفتُه: نقّيته، تنظيفاً.‏

(نظم) النون والظاء والميم: أصلٌ يدلُّ على تأليف شيءٍ وتأليفه(1). ونَظَمْتُ الخرَزَ نَظْماً، ونَظَمْتُ الشِّعْرَ وغيرَه. والنِّظام: الخَيط يَجمَع الخَرَز. والنِّظامانِ من الضَّبِّ: كُشْيَتَانِ من جَنبيه، منظومانِ من أصل الذَّنَب إلى الأُذُن.‏

وأنْظَمَتِ الدّجاجةُ: صار في جَوفها بَيض. ويقال لكواكب الجوزاء: نَظمٌ. وجاءنا نَظْمٌ من جَرادٍ: أي كَثير.‏

(نظر) النون والظاء والراء أصلٌ صحيح يرجع فروعُه إلى معنىً واحد وهو تأمُّلُ الشّيءِ ومعاينتُه، ثم يُستعار ويُتَّسَع فيه. فيقال: نظرت إلى الشّيءِ أنظُر إليه، إذا عاينْتَه. وحَيٌّ حِلاَلٌ نَظَرٌ: متجاوِرون ينظرُ بعضُهم إلى بعض. ويقولون: نَظَرتُه، أي انتظرته. وهو ذلك القياس، كأنَّه ينظر إلى الوقت الذي يأتي فيه. قال:‏

فإنّكُما إن تَنْظُرَانِيَ ليلةً *** من الدَّهر ينفَعْني لدى أمِّ جُندَبِ(2)‏

ومن باب المجاز والاتِّساع قولُهم: نظَرَتِ الأرضُ: أرَتْ نَباتَها(3). وهذا هو [القياس. و] يقولون: نَظَرَت بعَينٍ. ومنه نَظَرَ الدهرُ إلى بني فلانٍ فأهلكَهم. [و] هذا نظيرُ هذا، من هذا القياس؛ أي إنَّه إذا نُظِرَ إليه وإلى نَظِيرِهِ كانا سواءً. وبه نَظْرَةٌ، أي شُحوب، كأنَّه شيءٌ نُظِرَ إليه فشَحَب لونُه. والله أعلمُ بالصَّواب.‏

ـــــــــــــــ

(1) كذا وردت هذه الكلمة، ولعلها "وتكثيفه".‏

(2) لامرئ القيس في ديوانه 73، ويروى: "ساعة من الدهر تنفعني". و "ينفعني" أي ينفعني الانتظار.‏

(3) في المجمل: "إذا أرت العين نباتها".‏

 

ـ (باب النون والعين وما يثلثهما)

(نعف)  النون والعين والفاء كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ في شيءٍ. منه النَّعْف: مكانٌ مرتفع في اعتراض. والنَّعْفة: ذُؤابة الرَّحْل، سمِّيت لأنها سامية. وانتَعَفَ الرَّجُل الشيءَ، إذا تركهُ إلى غيرِه، كأنَّه سَمَا بنفسه عنه.

ومن الكلمة الأولى ناعَفْتُ([1]) الرّجُل: عارضتُه. وتَنَعَّفَ([2]) الرّجُلُ: ارتقَى نَعْفاً.

(نعق)  النون والعين والقاف كلمةٌ تدلُّ على صَوت. ونعَق الراعي بالغَنَم يَنْعَق ويَنْعِق، إذا صاح بهِ زجراً، نعيقاً.

(نعل)  النون والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على اطمئنانٍ في الشيء وتسفُّل. منه النَّعْل المعروفة، لأنها في أسفل القَدَم. ورجلٌ ناعل ذو نعل، ومُنْتَعِلٌ أيضاً. وأنْعَلْتُ الدّابّة. ولا يقال نَعَلْتُ. وحِمار الوحشِ ناعلٌ لصَلابةِ حافرِه. والنَّعْلُ للسَّيفِ: ما يكون أسفَلَ قِرَابِهِ([3])من حديدٍ، أو فِضّة. [قال]:

ترى سَيفَه لا يَنصُفُ السّاقَ نعلُهُ *** أجَلْ [لا] وإنْ كانت طِوالاً مَحامِلُه([4])

وفرسٌ مُنْعَلٌ: بياضُه في أسفل رُسْغِه على الأشْعَر لا يَعدُوه. والنَّعْل: عَقَبٌ يُلْبَسُ ظَهْرَ السِّيَةِ من القوس. والنَّعل من الأرض: موضعٌ، يقال هي الحَرَّة، ويقال إنَّه لا يُنبِتُ شيئاً. قال الخليل: والنَّعل: الذّليل من الرِّجال الذي يُوطَأ كما يُوطَأ النَّعل.

(نعم)  النون والعين والميم فروعُه كثيرة، وعندنا أنَّها على كثرتها راجعةٌ إلى أصلٍ واحدٍ يدلُّ على ترفُّهٍ وطِيب عيش وصلاح. منه النِّعمة: ما يُنعِم الله تعالى على عبدِه به من مالٍ وعيش. يقال: للهِ تعالى عليه نِعمة. والنِّعمة: المِنَّة، وكذا النَّعْماء. والنَّعْمة: التنعُّمُ وطيبُ العيش. قال الله تعالى:{وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهينَ} [الدخان 27]. والنُّعَامَى: الرِّيح اللَّيِّنة. والنَّعَم: الإبل، لما فيه من الخَيْر والنِّعمة. قال الفرّاء: النَّعم ذَكَرٌ لا يؤنَّثُ فيقولون: هذا نَعَمٌ وارِدٌ؛ وتُجمَع أنعاماً. والأنعام: البهائم، وهو ذلك القياس. والنَّعامة معروفة. لنَعْمةِ رِيشِها. وعلى معنى التَّشبيه النَّعامة، وهي كالظُّلَّة تُجعَل على رؤوس الجبل، يستظلُّ بها. قال:

لا شَيءَ في رَيدِها إلاَّ نَعامَتُها *** منها هزيمٌ ومنها قائِمٌ باقِ([5])

ويقولون: نَعَمْ ونُعْمَى عَينٍ، ونُعْمَةَ عين([6])، أي قُرّةَ عين. ونَعِم الشَّيءُ من  النَّعْمَة*. وقد نَعَّم فلانٌ أولادَه: تَرَّفهم. ويقولون: ابنُ النَّعامة: صَدْرُ القَدَم. قال:

فَيكونُ مَركبَُكَ القَعودَ ورَحْلََُه *** وابن النَّعامةِ يوم ذلكِ مَركِبي([7])

وسمِّي به لأنَّه مكانٌ ليِّن ناعم. وتنعَّمَ الرّجلُ: مشَى حافياً. ويعبَّر عن الجماعة بالنَّعامة فيقال: شَالَتْ نعامتُهم، إذا تفرقوا([8]). وهذا على معنى التَّشبيه، أي كما تطير النَّعامةُ فقد تفرَّقوا هؤلاء. ويقولون: أتيتُ أرضَ بني فُلانٍ فتَنعَّمَتْنِي إذا وافَقَتْهُ. ونِعْمَ: ضدُّ بئْسَ. ويقولون: إنْ فعلت ذاكَ فَبِها ونِعْمَتْ، أي نِعْمَت الخَصْلة هي.

ومن الباب قولهم: نَعَمْ، جواب الواجب، ضدُّ لا، وهي أيضاً من النّعمة.

وعلى معنى التَّشبيه النَّعائم: كوكب. والنَّعائم، خَشَبات يُنصَبْنَ على الرَّكِيّ تُعلَّق إليهنَّ القَامةُ، إذا لم تكنْ للرَّكِيِّ زَرَانيق. ويقال: إنَّ شقائق النُّعمان حماه ابنُ المنذِر فنُسِبَ إليه. ويقال: بل النعمان ها هنا: الدَّم. والأوَّلُ أشبه. قال ابن دريد([9]): "تنعَّمْتُ زيداً: طلبتُه"، كأنّه أراد: أعْمَلَ إليه نَعَامَتَه، وهي باطن قدمِهِ. ويقولون: نَعِمَ اللهُ بك عيناً، [ونَعِمَكَ عيناً([10])]، بمعنى.

(نعي)  النون والعين والحرف المعتلّ: أصلٌ صحيح يدلُّ على إشاعةِ شيء. منه النَّعِيُّ: خبَرُ الموت([11])، وكذا الآتي بخَبرِ المَوْت يقال له نَعِيٌّ أيضاً.

ويقال: نَعَاءِ فلاناً، أي انْعَه. قال:

نَعَاءِ جُذاماً غير موتٍ ولا قَتْلِ *** ولكنْ فراقاً للدَّعائمِ والأصلِ([12])

ومن الباب: هو ينْعَى على فلانٍ، إذا وبَّخَه، كأنَّه يُشِيعُ عليه ذنوبَه. وهو يستَنْعي الظِّباء: يدعوها، يتقدَّمُها فتَتْبعهُ. واستنعَيتُ القوم، إذا تقدّمتَهم ليتْبَعوك، وهذا على إشاعة الصَّوت بالدُّعاء. ويقال: شاعَ ذِكرُ فلانٍ واستَنْعَى بمعنىً. قال الأصمعيّ: استَنْعَى بفلانٍ الشَّرّ، أي تتابَعَ به الشّرّ. واستَنْعَى به [حُبُّ] الخَمْر([13]): تمادَى به. ومعنى هذا أنَّ الخمر كأنَّها دَعتْه وصوَّتَتْ به فتبِعَها.

(نعب)  النون والعين والباء: أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على صوتٍ، والآخرُ على حركةٍ من الحركات.

فالأوَّل نَعَبَ الغراب: صَوَّتَ، نَعْباً ونَعيباً ونَعَبَاناً.

والآخر فَرسٌ مِنْعَبٌ: جواد. وناقة نَعّابة: سريعة. ويقال: النَّعْب: أن تحرِّكَ رأسَها في مَشيها إلى قُدّامِها. وهي ناقَةٌ نَعُوب.

(نعت)  النون والعين والتاء: كلمةٌ واحدة، وهي النَّعْت، وهو وَصْفُك الشيءَ بما فيه من حُسْن. كذا قاله الخليل، إلاَّ أن يتكلَّفَ متكلِّف فيقول: ذا نَعْتُ سُوءٍ. قال: وكلُّ شيءٍ جيِّدٍ بالغٍ نعتٌ. وناعِتُونَ: مكانٌ([14]).

(نعج)  النون والعين والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ من الألوان. منه النَّعَج: البياضُ الخالص. وجَملٌ ناعج؛ حسنُ اللَّون كريم. ومنه النَّعْجة من الضَّأن، ويكون من بَقَر الوحش ومِن شاءِ الجَبَل. يقال لإناثِ هذه الأجناس نِعَاج. ونعاجُ الرّمْلِ: البَقَر. ونَعِجَ الرَّجُل: أكل لحمَ نعجةٍ فأُتْخِمَ عنه. قال:

كأنَّ القَوْمَ عُشّوا لحمَ ضانٍ *** فهُمْ نَعِجُون قد مالت طُلاهمْ([15])

وأنعَجُوا: سمِنَت نِعاجُهم. أمَّا نَوَاعج الإبل، فيقال هي السِّراع. وعندنا أنَّها الكرائم، لما ذكرناه من القياس. وامرأةٌ ناعجة: حسنة اللَّون. والنَّاعجة من الأرض: السَّهلة المستوِية، وهي مَكْرُمَة للنَّبات، تُنبِت الرِّمث وأطَايبَ العُشْب.

(نعر)  النون والعين والراء: أصلانِ مُتقارِبان: أحدهما صوتٌ من الأصوات، والآخر حركةٌ من الحركات.

فالأوَّل نَعَرَ الرّجُل، وهو صَوتٌ من الخيشوم. وجُرْحٌ نَعَّارٌ ونَعور، إذا صَوَّتَ دمُه عِند خُروجِه منه. والنَّاعور: ضربٌ من الدِّلاء يُستقَى به، سمِّي لصوته.

والثاني نَعَرَ في الفِتنة: سعَى وجاءَ وذهبَ. وهو نَعَّارٌ في الفِتَن: سَعَّاء. ونَعَرَ في البلاد: ذهب. وهو نَعِير الهَمِّ: بَعيدُه. وإنَّ في رأسه نُعْرَةً([16])، أي نَخوةً وتكبُّراً، ورُكوبَ رأسٍ، يمضي به على جَهله. والنُّعَرة: ذبابٌ يقعُ* في أنوف  البَعير والخيل ويمكن أنَّها سمِّيت لنَعيرِها، أي صوتِها. ونَعِرَ الحمارُ، وهو نَعِرٌ. وأمّا قولُه:

* والشَّدَنيّات يُساقِطْن النُّعَرْ([17]) *

فإنَّه شبَّه أجِنَّتَها في أرحامها بذلك الذُّباب. وأنْعَرَ الأراكُ: أثْمر، وكأنَّ ثمرَه شُبِّه بالنُّعَر. ويمكن أنَّ الأصلَ في جميعها الأوّل. والنَّعَّار في الفِتَن يسعَى فيها ويُصوِّت بالنَّاس.

(نعس)  النون والعين والسين أُصَيلٌ يدلُّ على وَسَن. ونَعَس يَنْعَُس([18]) نُعاساً. وناقةٌ نَعُوسٌ، تُوصَف بالسَّماحة بالدّرّ، لأنَّها إذا دَرَّت نَعَست. قال:

نَعوسٌ إذا درّت جَروزٌ إذا شَتَتْ *** بُويزلُ عامٍ أو سديسٌ كبازِلِ([19])

(نعش)  النون والعين والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاع. قال الخليل: النَّعْش: سَرير الميّت، كذا تعرفه العرب. وميِّتٌ منعوشٌ: محمولٌ على النَّعش. وانتَعَش الطّائر: نهض عن عَثرته. يقال: نَعَشَه اللهُ وأنعَشَه. قال ابن السِّكِّيت: لا يقال أنْعَشَه. وبناتُ نعشٍ: كواكب. وهذا تشبيه. قال: أبو بكر([20]): النَّعش شبه مِحَفَّةٍ يُحمَل عليه المَلِك إذا مَرِض، ليس بنَعْشِ الميّت. وأنشد:

ألَمْ ترَ خيرَ النّاسِ أصبَحَ نعشُه *** على فِتيةٍ قد جاوَزَ الحيَّ سائرا([21])

 ثمَّ يقول:

* ونحن لديه نسألُ اللهَ خُلْدَه([22]) *

فهذا يدلُّ على أنَّه ليس بميِّت.

(نعض)  النون والعين والضاد. يقولون: النُّعْض: نبت([23]).

(نعط)  النون والعين والطاء. يقولون: ناعِط: حيٌّ من هَمْدان.

(نعظ)  النون والعين والظاء. يقولون: نَعَظَ الرّجلُ يَنْعَظُ نَعْظاً ونُعوظاً([24]): تحرَّك ما عِندَه.

ـــــــــــــــ

([1])  في الأصل: "اعفته"، صوابه في المجمل.

([2])  الذي في اللسان والقاموس: "انتعف".

([3])  في الأصل: "أسفل أو قرابه"، تحريف.

([4])  روي لابن ميادة في اللسان (نصف)، ولذي الرمة في ديوانه 475 واللسان (نعل). بمدح المهاجر بن عبد الله الكلابي والي اليمامة. وقد سبق في (نصف).

([5])  وكذا ورد في اللسان (نعم) بدون نسبة. والبيت لتأبط شراً في المفضليات (1: 28).

([6])  فيه لغات أخرى كثيرة ذكرت في اللسان والقاموس.

([7])  لعنترة في ديوانه واللسان (نعم).

([8])  في الأصل: "إذا مروا"، صوابه من المجمل ومما سيأتي بعد.

([9])  الجمهرة (3: 454) في (باب من النوادر).

([10])  التكملة من المجمل.

([11])  ويقال فيه النعي أيضاً بسكون العين.

([12])  للكميت في إصلاح المنطق 201 واللسان (نعا). وفي إصلاح المنطق: "غير هلك".

([13]) في الأصل: "الخير"، وتصحيحه والتكملة قبله من المجمل.

([14]) منه قول عوف بن الخرع:

بحمران أو بقفا ناعتين *** أو المستوى إذ علون الستارا

([15]) في الأصل: "عجوا نعج" تحريف. والبيت لذي الرمة كما في اللسان (نعج). وانظر الحيوان (4: 301/ 5: 479) والمخصص (5: 80) وفقه اللغة 139.

([16]) ويقال: "نعرة" أيضاً بالتحريك.

([17])  للعجاج في ديوانه 17 واللسان (نعر) وإصلاح المنطق 431 والمخصص (1: 20، 55، 102).

([18]) من باب قتل، كما في المصباح، والبصائر لصاحب القاموس، ومن باب منع كما في القاموس، وضبط في اللسان بضم عين المضارع.

([19]) في الأصل: "جزور"، تحريف. صوابه في المجمل واللسان والبيت للراعي كما في اللسان (نعس).

([20]) في الجمهرة (2: 62)

([21]) للنابغة الذبياني. ديوانه 39 واللسان والجمهرة (نعش).

([22])  عجزه في المراجع المتقدمة: * يرد لنا ملكاً وللأرض عامرا *

([23])  زاد في المجمل: "ينبت بالحجاز"، ونحوه في اللسان.

([24])  ومثله أنعظ إنعاظاً. وقد اقتصر على هذا الأخير في المجمل.

 

ـ (باب النون والغين وما يثلثهما)

(نغق)  النون والغين والقاف. ليس فيه إلاَّ نَغَقَ الغُرابُ نَغِيقاً. وحكى بعضُهم: ناقةٌ نَغِيقٌ، وهي التي تَبْغَُِمُ بُعَيداتِ بَينٍ، أي مَرَّةً بعد مرّة.

(نغل)  النون والغين واللام كلمةٌ تدلُّ على فسادٍ وإفساد. النَّغِل: الأديم الفاسد. يقولون: "وقد يُرْقَع النَّغِل". يقال إن النَّغَل([1]): الإفساد بين القوم والنَّميمةُ.

(نغم)  النون والغين والميم ليس إلاَّ النَّغْمة: جَرْس الكلام وحُسْن الصَّوت بالقِراءةِ وغيرها. وهو النَّغْم([2]). وتَنَغّم الإنسانُ بالغِناء ونحوِه.

(نغي)  النون والغين والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على كلامٍ طيّب. يقولون: هو يَناغِي الصَّبِيَّ: يكلِّمهُ بما يسرُّه ويُجْذِلُه من الكلام. ومنه: كلَّمته فَمَا نَغَى بحرف. وسمِعْت نَغْية. قال:

* لما أتانِي نَغْيةٌ كالشُّهدِ([3]) *

ومنه جبلٌ يناغِي السَّماء، كأنَّه داناها فهو يكلِّمها. والمُناغاة المُغازَلة.

(نغب)  النون والغين والباء كلمةٌ واحدة، هي النُّغْبة: الجُرْعة. ونَغَبت، إذا جَرَعْتَ، والجمع نُغَب. قال ذو الرّمّة يصف حميراً وردت ماءً فلم تَرْوَ:

حَتَّى إذا زَلَجَتْ عن كلِّ حنجرةٍ *** إلى الغَليل ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ([4])

 (نغر)  النون والغين والراء أصلٌ يدلُّ على غَلَيانٍ واغتياظ. ونَغِرَت القدرُ([5]): غَلَتْ. ونَغِر الرّجلُ: اغتاظ. ومنه قول المرأة في حديث عليّ عليه السلام: "رُدُّوني إلى أهلي غَيْرَ نَغِرة". ونَغَرت النّاقةُ: ضَمَّت مُؤَخَّرها ومضَتْ، كأنَّها اغتاظت من شيء فمضَتْ لوجهها. وهو يتنغَّر علينا، أي يتنكَّر([6]). وهو من الأوّل. وفِراخُ العصافير يقال لها النغَر ولعلَّ ذلك لصوتها المتدارِك، الواحدة نُغرة، والذّكَر نُغَر، والجمع نُغْران. قال:

يَحْمِلنَ أوعيةَ المُدامِ كأنما *** يحمِلْنَها بأكارع النّغْرانِ([7])

يصف عناقيدَ العِنب.

(نغش)  النون والغين والشين كلمةٌ تدلُّ على اضطرابٍ وحركة. منه النَّغَشان: الاضطراب. ويقال: دارٌ تَنْتَغِش، لكثرة مَن فيها. ويقال النُّغاشِيُّ([8]): الرّجلُ القَصير.

(نغص)  النون والغين والصاد كلمةٌ تدل على القطع عن المُرادِ. ونَغِصَ الرجل: لم يتمَّ لـه مراده، ونُغِّص عليه. والنَّغَْص يقولون: هو أن تورد إبلَكَ الحوض فإذا شربَتْ صرفْتَها وأورَدْتَ مكانها غيرها. وعندنا أنَّ النَّغَْص ألا تُتْرَكَ* تتمِّم الشُّرب.

(نغض)  النون والغين والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على هَزٍّ وتحريك. من ذلك النَّغَضان: تحرُّك الأسنان. والإنغاض: تحريك الإنسان [رأسه([9])] نحو صاحبه كالمتعجّب([10]) منه. قال الله سبحانه: {فَسَيُنْغِضُونَ إلَيكَ رُؤوسَهُمْ} [الإسراء 51].

والنَّغِض: الظليمُ؛ لاضطراب رأسِه عند مَشْيِه. قال:

* والنَّغِْضُ مثل الأجرب المدجَّلِ([11]) *

والنَّاغض والنَُّغْض: غرضوف([12]) الكَتِف. سمِّي لاضطرابه، ويكون للأُذُن أيضاً. والنَّغُوض: النّاقة العظيمة السَّنام، وإذا عَظُم اضطرَبَ. ونَغَضَ الغَيمُ: سار.

ـــــــــــــــ

([1])  بفتح الغين، كما في المجمل واللسان.

([2]) ويقال النغم أيضاً بالتحريك.

([3]) لأبي نخيلة، كما في المجمل واللسان (نغى) وإصلاح المنطق 644 برواية "لما أتتني". في جميعها. وفي اللسان: "يعني ولاية بعض ولد عبد الملك بن مروان. قال ابن سيده: أظنه هشاماً".

([4]) ديوان ذي الرمة 16 واللسان (نغب).

([5]) بابه فرح، وضرب، ومنع، في جميع معانيه.

([6]) في القاموس: "تنكر أو تذمر"، وفي اللسان: "يتذمر". والتذمر: التنكر. لكن في المجمل: "تتنغر علينا، أي تتكبر".

([7]) في اللسان: "أزقاق المدام"، و "بأظافر النقران".

([8]) والنغاش أيضاً، كغراب.

([9]) التكملة من المجمل.

([10])  في الأصل: "كالمتحرك"، صوابه من المجمل.

([11])  لأبي النجم العجلي في أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1347.

([12])  كذا في الأصل، والقاموس وفي المجمل: "غضروف"، وهما لغتان.

 

ـ (باب النون والفاء وما يثلثهما)

(نفق)  النون والفاء والقاف أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على انقطاعِ شيءٍ وذَهابه، والآخر على إخفاءِ شيءٍ وإغماضِه. ومَتَى حُصِّل الكلامُ فيهما تقارَبا.

فالأوَّل: نَفَقَت الدّابةُ نُفوقاً: ماتت، ونَفَق السِّعر نَفَاقاً، وذلك أنَّه يمضي فلا يَكْسُد ولا يَقِف. وأنْفَقوا: نَفَقت سُوقُهم. والنَّفَقة لأنَّها تمضي لوجهها. ونفَق الشيءُ: فني يقال قد نَفِقَتْ نفقةُ القوم. وأنْفَق الرّجُل: افتَقَر، أي ذهب ما عِندَه. قال ابنُ الأعرابي: ومنه قوله تعالى: {إذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ} [الإسراء 100].وفرسٌ نَفِقُ الجرْيِ، أي سريعُ انقطاع الجري.

والأصل الآخر النَّفَق: سَرَبٌ في الأرض لـه مَخْلَصٌ إلى مكان. والنَّافقاء: موضِعٌ يرقِّقه اليَربوعُ من جُحْرِه فإذا أُتِيَ من قِبَل القاصعاء ضَرَب النَّافقاءَ برأسه فانتفَقَ، أي خرج. ومنه اشتقاق النِّفاق، لأن صاحبَه يكتُم خلافَ ما يُظهِر، فكأن الإيمان يَخرُج منه، أو يخرج هو من الإيمانِ في خفاء. ويمكن أنَّ الأصلَ في الباب واحد، وهو الخُرُوجُ. والنَّفَق: المَسلك النَّافذ الذي يُمكن الخروجُ منه.

أمَّا نَيْفَق السَّراويل فقد قال أبو بكر([1]): هو فارسيٌّ معرَّب.

(نفل)  النون والفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطاء وإعطاء. منه النَّافلة: عَطِيَّة الطَّوْعِ من حيثُ لا تَجِب. ومنه نافلة الصَّلاة. والنَّوْفل: الرّجُل الكثيرُ العطاء. قال:

* يأبَى الظُّلامةَ منه النَّوفلُ الزُّفَر([2]) *

ومن الباب النفَل: الغُنْم. والجمع أنفال، وذلك أن الإمام ينفِّل المحارِبينَ، أي يُعطِيهم ماغَنِموه. يقال: نفَّلتُك: أعطيتُك نَفَلا. وقولهم: انتَفَلَ من الشَّيء انتفى منه، فمن الإبدال، واللام بدل من الياء. قال المتلمِّس:

أَمنْتفِلاً من نَصْر بُهْثة خِلْتَني *** ألاَ إنَّني منهم وإن كنتُ أيْنَما([3])

 (نفه)  النون والفاء والهاء أصلٌ واحد يدلُّ على إعياءٍ وضعف. منه نَفِهت النَّفسُ: أعْيَتْ وكَلَّت. وهو نافِهٌ ونُفَّهٌ. قال:

* بنا حَرَاجِيجُ المَهَارِي النُّفَّهِ([4]) *

وهو مُنَفَّهٌ ومَنْفُوهٌ: ضعيفٌ جَبان.

(نفي)  النون والفاء والحرف المعتلّ أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِية([5]) شيء من شيءٍ وإبعاده منه. ونَفَيتُ الشّيءَ أنفيه نفياً، وانتفى هو انتفاء. والنُّفَاية: الرَّدِيُّ يُنفَى. ونَفِيُّ الرِّيحِ: ما تَنفيه من التُّرابِ حتى يصيرَ في أصولِ الحِيطان. ونَفِيُّ المطر: ما تنفيه الرِّيحُ أو ترُشُّه. ونَفِيُّ الماء: ما تطاير من الرِّشاءِ على ظهر المائح. قال:

* على تِلك الجِفَارِ من النّفيِّ *

والمهموز منه كلمةٌ واحدة، هي النُّفأُ: قطعٌ من الكلأ متفرّقة من([6]) عُظْم الكلأ، الواحدة نُفَأة. قال:

جَادَتْ سوارِيه وآزَرَ نَبتَهُ *** نُفَأٌ من الصَّفراءِِ والزُّبَّادِ([7])

(نفت)  النون والفاء والتاء. يقولون: نَفَتَت القِدرُ: غَلَتْ ويَبِسَ مَرَقُها عليها. قال:

وصاحبٍ لِصدرِهِ كَتِيتُ *** عليَّ مثلَ المِرْجَلِ النَّفُوتِ

ونفت صَدْرُه بالعَداوة: غَلاَ.

(نفث)  النون والفاء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيء من فمٍ أو غيره بأدنَى جَرْس. منه نَفَثَ الرّاقِي رِيقَه، وهو أقلُّ من التَّفْل. والساحرة* تَنْفُِثُ السمّ. و "لابدَّ للمصدور أن يَنْفُث([8])" مثَل. و "لو سألني نُفَاثَةَ سِوَاكٍ ما أعطيته"، وهو ما بقي في أسنانه فنفَثَه. ودمٌ نفيثٌ: نَفَثَهُ الجُرحُ، أي أظهَرَه.

(نفج)  النون والفاء والجيم: أصلٌ يدلُّ على ثُؤُورِ شيءٍ وارتفاعِه. ونفجَ اليَربوعُ: ثار. وأنْفَجَه صائدُه. ونَفَجَت الفَرُّوجة من بَيضها: خرجَتْ. وانتَفَجَ جَنْبَا البعيرِ: ارتفعا. والنَّوَافج: مؤخَّرات الضُّلوع، واحدتها نافجة([9]). والنَّفّاج: المفتخر بما ليس عنده. ونَفَجَتِ الرِّيح: جاءت بقُوَّة. والنَّفِيجة: الشّطبية من النَّبْع تُتَّخذ قوساً، كأنَّها تنتفج على الشّجرة.

(نفح)  النون والفاء والحاء: أصلٌ يدلُّ على اندفاعِ الشَّيء أو رَفْعِه. ونَفَحتْ رائحةُ الطِّيب نَفحاً: انتشرَتْ واندفعت. ولهذا الطِّيب نَفحةٌ طيِّبة. ثم قيس عليه فقيل: نَفَح بالمال نَفحاً، كأنَّه أرسله من يده إرسالاً. ولا تزالُ لفلانٍ نَفَحاتٌ من معروف. ونَفَحت الرِّيح. هبَّت. وقوسٌ نَفُوحٌ: بعيدة الدَّفع للسَّهم. ونَفَحت الدّابّةُ: رمَتْ بحافرها فضربَتْ به. وكذلك نَفَحَه بالسَّيف: تناوَله به. والنَّفوح من ا لنُّوق: ما يخرُج لبنُها من أحاليلها من غير حَلْب.

(نفخ)  النون والفاء والخاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على انتفاخٍ وعلوّ. منه انتفَخَ الشّيءُ انتفاخاً. ويقال انتَفَخَ النَّهار: علا. ونَفْخَة الرَّبيع: إعْشابه([10])؛ لأنَّ الأرضَ تربو فيه وتنتفِخ. والمْنفُوخُ: الرَّجل السَّمين. والنَّفْخاء من الأرض مثلُ النَّبْخاء؛ وقد مَضَى.

(نفد)  النون والفاء والدال: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انقطاعِ شيء وفَنائِه. ونفِدَ الشّيءُ يَنفَد نَفاداً. وأنفَدُوا: فَنِيَ زادُهم. ويقال للخَصْم مُنافِدٌ، وذلك أن يَتخاصمَ الرَّجُلانِ يريد كلٌّ منهما إنفادَ حجَّةِ صاحِبه. وفي الحديث: "إنْ نافَدْتَهم نافَدُوك"، أي إنْ قلتَ لهم قالوا لك.

(نفذ)  النون والفاء والذال: أصلٌ صحيح يدلُّ على مَضاءٍ في أمْرٍ وغيرِه. ونَفذ السَّهمُ الرمية نَفاذاً([11]). وأنْفذْتُه أنا. وهو نافذٌ: ماضٍ في أمره.

(نفر)  النون والفاء والراء: أصلٌ صحيح يدلُّ على تجافٍ وتباعد. منه نَفَر الدّابّةُ وغيرُه نِفاراً، وذلك تَجافِيهِ وتباعُدُه عن مكانِه ومَقرِّه. ونَفَر جلدُه: وَرِمَ. وفي الحديث: "أنَّ رجلاً تخلَّلَ بالقَصَب فنَفَرَ فَمُه"، أي وَرِم. قال أبو عبيد: وإنَّما هو من نِفَار الشَّيءِ عن الشَّيءِ وتَجافِيهِ عنه؛ لأنَّ الجلد يَنفِر عن اللَّحم للدَّاء الحادثِ بينهما. ويوم النَّفْر: يومَ يَنفِر النّاسُ عن مِنىً. ويقولون: لقيته قبل صَيحٍ ونَفْر، أي قبلَ كلِّ صائح ونافر. والمنافرة: المحاكمة إلى القاضي بين اثنَين، قالوا: معناه أنَّ المُبتغَى تفضيلُ نَفَر على نفر([12]). وأنفرت أحدَهما على الآخر. والنَّفَر أيضاً من قياس الباب لأنَّهم يَنفِرون للنُّصْرة. والنَّفير: النَّفَر، وكذا النَّفْر والنَّفْرة: كلُّ ذلك قياسُه واحد. وأنشَدَ الفرّاء في النَّفْرة:

حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ إنَّ نَفْرَتَنا *** اليومَ كلّهُمُ يا عُرْوَ مشتَغِلُ([13])

وتقول العرب: نَفَّرْتُ عن الصَّبيِّ، أي لقَّبتُه لَقَباً، كأنَّه عِندهم تنفيرٌ للجِنّ عنه وللعَيْن. قال أعرابيّ: قيل لأبي لما وُلِدْت: نَفِّرْ عن ابنك! فسمَّاني قُنفُذاً، وكَنَّاني أبا العَدّاء.

(نفز)  النون والفاء والزاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الوُثوب وشِبْه الوُثوب. ونَفَزَ الظَّبي: وَثَبَ في عَدْوِه. والمرأة تنفِّز ولدها: ترقِّصه. وأنْفَزتُ السَّهمَ على ظهر يدي: أدَرْتُه. قال:

يَخُرْنَ إذا أُنْفزْن في ساقِط النَّدَى *** وإن كانَ يوماً ذا أهاضيبَ مُخْضِلا([14])

(نفس)  النون والفاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خُروج النَّسيم كيف كان، من ريح أو غيرها، وإليه يرجعُ فروعه. منه التَّنَفُّس: خُروج النَّسِيم من الجوف. ونَفَّسَ الله كُربَته، وذلك أنَّ في خُروج النَّسيم رَوْحاً وراحةً*. والنَّفَس: كلُّ شيءٍ يفرَّجُ به عن مكروب. وفي الحديث: "لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنَّها من نَفَس الرَّحمن" يعني أنَّها رَوحٌ يتنفَّس به عن المكروبين. وجاء في ذكر الأنصار: "أجِدُ نَفَس رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَن"، يراد أن بالأنصار نُفِّسَ عن الذين كانوا يؤذَوْن من المؤمنين بمكَّة([15]). ويقال للعَيْن نَفَسٌ. وأصابت فلاناً نَفْسٌ. والنَّفْس: الدَّم، وهو صحيح، وذلك أنَّه إذا فُقِد الدّمُ من بَدَنِ الإنسان فَقَدَ نَفْسَه. والحائض تسمَّى النُّفَساءَ([16]) لخرُوج دَمِها. والنِّفاس: وِلادُ المرأة، فإذا وَضَعت فهي نُفَساء. ويقال: ورِثْتُ هذا قبل أن يُنْفَسَ فلانٌ، أي يولَد. والولدُ منفوس. والنِّفاس أيضاً: جمع نُفَساء. ويقال: كرَعَ في الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْن. ويقال: للماء نَفَسٌ، وهذا على تسميته الشَّيء باسم غيرِه، ولأنَّ قِوام النَّفس به. والنَّفسُ قِوامُها بالنَّفَس. قال:

تَبِيت الثَّلاثُ السُّودُ وهي مناخةٌ ***على نَفَسٍ من [ماءِ] ماوِيّةَ العَذْبِ([17])

ومن الاستعارة: تَنفّسَت القَوسُ: انشقَّت. وشيءٌ نفيس، أي ذو نفس وخَطَر يُتنافَسُ به. والتّنافُس: أن يُبرِزَ كلُّ واحد من المتبارزَين قوَّةَ نَفْسه. وقولُهم في الدِّباغ نَفس([18])، هذا هو القياس، أي يَسير منه، قَدرُ ما يُدبَغ به الإهاب مَرَّة، شبّهه في قلَّته بنَفَسٍ يُتَنفَّس. وقياس الباب في هذا وفيما معناه واحد([19]).

(نفش)  النون والفاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشار. من ذلك نَفْش الصُّوف، وهو أن يُطْرَق حَتَّى يتنفّش. ونَفَش الطّائرُ جناحَيه. ونَفَشَت الإبلُ: تردَّدَتْ وانتشرَتْ بلا راع. وفِعلُها النَّفْش؛ وإبلٌ نُفّاشٌ ونَوافش.

(نفص)  النون والفاء والصاد كلماتٌ يتقارب قِياسُها، وهي تدلُّ على إخْراج شيءٍ من البدن أو إلقائِهِ بقُوّة. منه أنفَصَ فلانٌ في ضَحِكه: استغْربَ.

وأنفصَ ببَولِه مثل أوْزَعَ. ويقال إنَّ النُّفَص: أنضاحُ الدّم، الواحدة نُفْصَة. قال:

* تَرَى الدِّماءَ على أكتافها نُفَصا([20]) *

قال ابن دريد([21]): والنُّفَاص: داءٌ يصيب الغَنَم فيبول حتى يموت.

(نفض)  النون والفاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُ على تحريكِ شيءٍ لتنظيفه من غبارٍ أو نحوه، ثم يُستَعار. ونَفَضت الثّوبَ وغيرَه نَفْضاً. والنَّفَض: ما نفضَتْه الشَّجرةُ من ثَمَرِها. وامرأةٌ نَفوضٌ: نَفَضَتْ بطنَها عن وَلدها. والنَّافض: الحُمَّى ذات الرِّعْدة، لأنَّها تَنفُض البَدن نَفْضاً. وأنْفَضوا: فَنِيَ زادُهم، أي لمَّا نفِدَ زادُهم وَفَنِيَ نَفَضُوا أوعيتَهم. وتقول العربُ مثلاً: "النُّفاض([22]) يُقطِّرُ الجَلَب"، إذا أنْفَضُوا وقلَّ ما عِندهم جَلَبوا إبلَهم للبيْع.

ويُستعار من الباب قولهم: نَفَضْتُ الأرضَ، إذا بَعَثْتَ مَن ينظر أبِها عدوٌّ أم لا. ونَفَضْتُ اللَّيلَ، إذا عَسَسْتَ لتنفُض عن أهل الرِّيبة. والنَّفِيضة والنَّفَضَة: القومُ يفعلون ذلك. قال:

يَرِدُ المياهَ حضيرَةً ونَفِيضةً *** وِرْدَ القطاةِ إذا اسْمَألَّ التُّبَّعُ([23])

وتقول العرب: "إذا تكلَّمتَ ليلاً فاخفِضْ، وإذا تكلَّمت النّهارَ فانْفُض". تقول: انظر حَوالَيْك، فلعلَّ ثَمَّ مَنْ لا يَصلُح أن يَسمَع كلامَك. والنِّفاض: إزار الصِّبْيان. ويمكن أن يكون من الباب. قال:

* جارية بيضاء في نِفَاضِ([24]) *

(نفط)  النون والفاء والطاء: ثلاثُ كلماتٍ: النِّفط معروف، مكسور النون. والنَّفَط: قَرْحٌ يخرج في اليَدِ من العمل. ونَفَطَ الصَّبِيُّ نَفِيطاً: صَوّت. وماله عافطَةٌ ولا نافطة. فالنَّافطة: الشاة تَنْفِط من أنْفها.

(نفع)  النون والفاء والعين: كلمة تدلُّ على خلاف الضَّرّ. ونَفَعَه ينفَعُه نَفْعاً ومَنفَعة. وانتفَعَ بكذا. والله أعلَمُ بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) الجمهرة (3، 155)، ونصها: "ونئفق القميص مهموز مكسور الفاء فارسي معرب".

([2]) لأعشى باهلة في اللسان (زفر) من قصيدة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي. انظر الأصمعيات 89 طبع المعارف وجمهرة أشعار العرب 135 ومختارات ابن الشجري 10 وأمالي المرتضى

(3: 105-113) والخزانة (1: 79-97). وقد سبق في (زفر). وصدره:

* أخو رغائب يعطيها ويسألها *

([3])  ديوان المتلمس الورقة 1 ومخطوطة الشنقيطي، واللسان (نفل).

([4])  لرؤبة في ديوانه 167 واللسان (نفه). وقبله:

* به تمطت غول كل ميله *

([5])  في الأصل: "تغرية".

([6])  في الأصل: "عن"، صوابه في المجمل واللسان.

([7])  للأسود بن يعفر في المفضليات (2: 19) واللسان (نفأ).

([8])  انظر البيان (2: 97/ 4: 46). وأنشد في المختار من شعر بشار وحواشيه 146:

لا بد للمصدور أن ينفثا *** وللذي في الصدر أن يبعثا

([9])  ونافج أيضاً.

([10])  بدله في المجمل واللسان: "حين أعشب".

([11])  يقال: نفذ السهم الرمية، ونفذ فيها أيضاً.

([12])  في الأصل: "عن نفر". وفي المجمل: "كأن معناها تفضيل أحد الرجلين على الآخر".

([13])  في الأصل: "ياعز"، صوابه في اللسان (نفر).

([14]) لأوس بن حجر في ديوانه 22 والمجمل (نفز) واللسان (نفز، خور). وفي الأصل: "وإن كان ما بوذا أهاديب"، صوابه في المراجع السابقة. وبعده:

خوار المطافيل الملمعة الشوى *** وأطلائها صادفن عرنان مبقلا

([15]) والأنصار يمانون، لأنهم من الأزد. اللسان (نفس).

([16]) في اللسان: "ثعلب: النفساء: الوالدة، والحامل، والحائض".

([17]) أنشده في المجمل، وكذا أنشده ياقوت في معجم البلدان (رسم ماوية).

([18]) كذا ضبط في الأصل والمجمل، وهو ما يقتضيه التعليل بعده. لكن ضبط في اللسان والقاموس بسكون الفاء. وأنشد في اللسان:

أتجعل النفس التي تدير *** في جلد شاة ثم لا تسير

([19]) كذا وردت هذه العبارة.

([20]) أنشده في المجمل واللسان (نفص).

([21])  في الجمهرة (3: 83).

([22])  يقال بضم النون وفتحها.

([23])  لسعدى بنت الشمردل الجهنية، من قصيدة في الأصمعيات 41-43. وسبق إنشاده في (تبع).

([24])  بعده في اللسان (نفض): * تنهض فيه أيما انتهاض *

 

ـ (باب النون والقاف وما يثلثهما)

(*نقل)  النون والقاف واللام: أصلٌ صحيح يدلُّ على تحويل شيءٍ من مكانٍ إلى مكان، ثم يفرَّع ذلك. يقال: نقَلْتُه أنْقُله نَقْلاً. ونقَلَ الفرس قوائِمَه نَقْلاً. [وفرسٌ([1])] مِنْقَل: سريعُ نَقْل القَوائم. والمُنقِّلَة من الشِّجاج: التي يُنقَل منها فَرَاش العِظام. والنُّقْل: ما يَأكلُه الشّارب على شرابه. وكان ابنُ دريد يقول([2]): هو بالفتح ولا يُضَمّ، والنّاس يقولونه بالضّم. والنَّقَل بفتح القاف: ما بقي من صِغار الحجارة إذا قلِعَت، لأنَّها تنقَل. والنَّقيل: الطَّريق، لأنَّه لا يسلُكه إلاَّ مُنتقِل. والمَنْقَلة: المَرْحلة. وضَربٌ من السَّير يقال لـه نَقِيل، وهو ذلك القياس، وكَأنَّه([3]) المداومةُ على السَّيْر. والمُنَقَّل: الخُفُّ الخَلَق، لأنَّ عليه ينتقل الماشي حَتَّى ينخرق. وكذلك النَّقَل في البَعير: داءٌ يصيب خُفَّه فينخرق. والرِّقاع التي يُرقع بها خُفُّه: النَّقائِل.

ومن الباب المُناقَلَة: مُراجَعة الحديث أو الإنشاد، كأنَّك نقلتَ حديثَك إليه ونَقَلَ حديثَه إليك. والنِّقَال: أن تشرب الإبل ثم تَترك ثم تعود إلى الماء فتشربَ، ولا يُفعَل ذلك بها بل تفعله هي. ويقولون: إن النَّقْلةَ: القَناة. وينشدون:

يُقَلْقِلُ نَقْلةً جَرْدَاء فيها *** نَقيع السُّمِّ أو قَرنٌ مَحِيقُ([4])

والمشهور: "يُقلقل صَعْدة([5])".

(نقم)  النون والقاف والميم أُصَيلٌ يدلُّ على إنكارِ شيءٍ وعَيبه. ونَقَمْتُ عليه أَنْقِمُ: أنكرتُ عليه فِعلَه. والنِّقْمة من العذاب والانتقام، كأنَّه أنْكَر عليه فعاقَبَه. وقولهم للنَّفس نقيمة، وهو ميمون النَّقيمة، إنما هي من الإبدال، والأصل نَقِيبَة.

(نقه)  النون والقاف والهاء كلمةٌ تدلُّ على البُرْء من المرض، ثم يستعار. ونَقَهَ من المَرَض نُقُوهاً: أفاق، فهو نَاقِهٌ. ويقولون: نَقِهَ الحديثَ مثل فهم، بكسر القاف، فرقاً بينه وبين الأوّل. والقياس واحد، لأنَّه إذا نَقِهَه فقد برِئَ من الشّكِّ فيه. قال اللِّحياني: يقال: أنْقِهْ لي سَمْعكَ، أي أرْعِنِيهِ، كأنَّه يقول: حتّى تفْهمَ ما أقول. وبَلَغنا أنَّ أهل المدينة يسمُّون الاستفهام: الاستِنْقاه.

(نقي)  النون والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على نظافةٍ وخلوص. منه نَقَّيْتُ الشّيءَ: خلّصتُه ممّا يشوبُه تنقيةً. وكذلك يقال: انتقَيت الشّيءَ كأنَّك أخَذتَ أفضلَه وأخلَصَه. والنُّقَاوة: أفضَلُ ما انتقَيْت من شيء. والنَّقَاة: الرّديُّ فيما يقال، كأنَّه الذي انتُقِيَ فطُرِح وقال بعضهم: نَقاة كلِّ شيء: ردِيُّه إلا التَّمْر، فإنَّ نَقَاتَه خِيارُه.

وفي الباب النِّقْيُ: مُخُّ العظام، سمِّيَ لخُلوصه ونظافته. ويقال لشَحْمة العَين من الشَّاة السَّمينة وغيرِها: النِّقْي. وناقةٌ لا تُنقِي. قال:

حاموا على أضيافهم فشوَوْا لهم *** من لحم مُنْقيةٍ ومن أكبادِ

وأمَّا الفرّاء فزعَم أنّ الأنقاء: كلُّ عظمٍ ذي مُخّ. وهذا إنْ صحَّ فهو على تسمية العرب الشَّيءَ باسم غيرِه إذا كان مُجاوراً له.

(نقب)  النون والقاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتح في شيء. ونقَب الحائطَ ينقُبه نَقْباً. والبَيطارُ ينقُبُ سُرَّةَ الدّابّة ليخرج منها ماء. وتلك الحديدة مِنْقب. وكلبٌ نقيبٌ: نُقِبَتْ([6]) غَلْصَمتُه ليضعُفَ صوته، يَفعلُه اللِّئامُ لئلاّ يسمَعَ صوتَه الضَّيْف([7]). والنَّاقِبة: قَرْحةٌ تخرج بالجَنْب تهجم على الجَوف([8]). ونَقِبَ خُفُّ البعير: تخَرَّق نَقَباً. والنُّقْبة: أوّل الجَرَب يبدو. والجمع نُقَب. قال:

مُتَبَذِّلاً تبدو محاسِنُه *** يَضَع الهِناءَ مواضع النُّقْبِ([9])

وقياسُه صحيح، لأنَّه شيءٌ يثقب الجِلْد. ومن الباب: النِّقاب: العالم بالأمور، كأنَّه نَقَّب عليها فاستَنْبَطَها، أو العالم بها المُنقِّب عنها. قال:

مليحٌ نجيحٌ أخو مأْقِطٍ *** نِقابٌ* يحدِّث بالغائبِ([10])

 والنَّقب والمَنْقَبة: الطَّريق في الجَبَل، والكلُّ قياسٌ واحد. ونقَّبوا في البِلاد: سارُوا. وأصله السَّير في النُّقوب: الطُّرق. والنَّقيب: نقيب القَوم: شاهِدُهم وضَمِينُهم([11]). ومعناه ومعنى النِّقاب العالِم واحد، لأنَّه ينقِّب عن أمورهم، أو ينقب كما ينقُب عن الأسرار. والمَنْقَبَة: الفَعْلة الكريمة، وقياسُها صحيح، لأنَّها شَيءٌ حسن قد شُهِر، كأنَّه نُقِّب عنه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل نِقاب المرأة. وناقَبْتُ فلاناً: لقيتُه فَجْأة. والنُّقْبة: ثوبٌ كالإزار فيه تِكّة، وليس بالنِّطاق.

أمَّا اللَّوْن فيقال له النُّقْبة([12])، وهو حسن النُّقْبة، أي اللَّوْن. وممكن أن يكون من الأوّل، كأنَّه شيءٌ نقب عنه شيء ظَهَر.

(نقث)  النون والقاف والثاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على خَلْطِ شيءٍ بشيء ونَقْلِه. ونَقَثَ ما في منزلي أجْمَع: نقَلَه كلَّه. ونَقّثوا حديثَهم: خلَطوه، كما ينقّث الطَّعام. وخرج ينقِّث: يُسرع في نقل قوائمه. ونَقَثت العظمَ أنْقُثُه: استخرجتُ ما فيه من المُخّ.

(نقح)  النون والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَنحِيَتِك شيئاً عن شيء. ونَقَّحت العصا([13]): شَذَّبتُ عنها أُبَنَهَا. ومنه شِعرٌ مُنَقَّحٌ، أي مفتَّشٌ مُلقىً عنه ما لا يصلُح فيه. ونَقَحت([14]) العَظم: استخرجتُ مُخَّه.

(نقخ)  النون والقاف والخاء كلمةٌ تدلُّ على قَرْع شيء. وماءٌ نُقَاخٌ: بارد عذب، كأنَّه ينقَخ العطشَ ببَردهِ، أي يقرَعُه. والنَّقْخ: نَقْب الرَّأْس عن الدِّماغ.

(نقد)  النون والقاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إبراز شيءٍ وبُروزه. من ذلك: النَّقَد في الحافر، وهو تقشُّرُهُ. حافرٌ نَقِدٌ: متقشِّر. والنَّقَد في الضِّرس: تكسُّره، وذلك يكون بتكشُّف لِيطِه عنه.

ومن الباب: نَقْد الدِّرهم، وذلك أن يُكشَف عن حالِهِ في جَودته أو غير ذلك. ودرهمٌ نَقْدٌ: وازِنٌ جيّد، كأنَّه قد كُشِف عن حاله فعُلم. ويقال للقُنفُذ الأنْقد. يقولون: "باتَ فلانٌ بلَيْلَةِ أنْقد"، إذا باتَ يسرِي [لَيلَه([15])] كلَّه. وهو ذلك القياس. لأنَّه كأنَّه يَسرِي حَتَّى يَسْرُوَ عنه الظَّلامَ. ويقولون: إنَّ الشَّيْهَمَ لا يرقُد اللَّيلَ كلَّه. وتقول العرب: ما زالَ فلانٌ يَنْقُد الشَّيء، إذا لم يزَلْ ينظُر إليه.

ومما شذَّ عن الباب: النَّقَد: صِغار الغَنَم، وبها يشبَّه الصبيُّ القمِيُّ الذي لا يكاد يَشِبّ.

(نقذ)  النون والقاف والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على استخلاصِ شيءٍ. وأنقذتُه منه: خَلَّصته. وفرسٌ نقيذٌ: أُخِذ من قومٍ آخَرين، وأفراسٌ نقائذ. وكلُّ ما أنقَذْتَه فهو نَقَذٌ.

(نقر)  النون والقاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَرعِ شيءٍ حَتَّى تُهْزَم فيه هَزْمَةٌ، ثم يتوسَّع فيه.

[منه] منقار الطَّائر، لأنه يَنقُر به الشَّيء حتّى يؤثِّر فيه. ونَقَرت الرَّحَى بالمنقار، وهي تلك الحديدة.

ومن الباب نقَّرتُ عن الأمر حَتَّى علِمتُه، وذلك بَحْثُك عنه، كأنَّ عِلمَك به نَقْرٌ فيه. ونقرت الرّجلَ: عِبْتُه([16])، كأنَّك قرعتَ بشيءٍ فأثّرتَ فيه. وقالت امرأةٌ لبعلِها: "مُرَّ بي على بَنِي نَظَرَى ولا تمرَّ بي على بَنَاتِ نَقَرَى"، أي مُرَّ بي على الرِّجال الذين ينظُرونني، ولا تمرَّ بي على النِّساء اللواتي يغتَبْنَنِي. والنُّقرة: موضعٌ يبقَى فيه ماءُ السَّيل، كأنَّه قد نُقِر نَقْراً فهُزِم. وواحِد المناقِرَ منْقر([17])، وهي آبارٌ صغار ضيّقة الرؤوس، كأنَّها قد نُقِرت في الأرض نَقْراً. ونُقْرة القَفَا: الوَقْبة فيه. والنَّقير: نُكتة في ظَهر النَّواة. والنَّقير: أصلُ شجرةٍ يُنقَر ويُنْبَذُ فيه. وهو الذي جاءَ النَّهْيُ فيه. وفلانٌ كريم النَّقِير، أي الأصل، كأنَّه المكانُ الذي نُقِر عنه حَتَّى خَرَج منه. وقولهم: دَعَاهُم النَّقَرَى: أن يَدعُوَ جماعة ويدعَ آخَرين من لُؤمِه. وهو قياسٌ صحيح، لأنَّه لا يُنادِيهِمْ أجمع، لكنْ يأتي* المَحفِلَ فيُوحِي  إلى واحدٍ كأنَّه ينقُره، أو ينقُره بيده ليقومَ معه. والنَّاقور: الصُّور الذي يَنفُخ فيه المَلَكُ يومَ القيامة، وهو يَنقُر العالَمِينَ بقَرْعِهِ.

ومن الباب: نقَّرت عن الأمر، إذا بحثْتَ عنه.

ومما شذَّ عن الأصل قولهم: أنْقَرَ عن الشَّيء إنقاراً: أقْلَعَ. وفي الحديث: "ما كان الله لِيُنْقِرَ عن قاتِلِ المؤمن"، كأنَّه لا يُقلِع عن تعذيبه. قال:

* وما أنا عن أعداءِ قومي بمُنْقِرِ([18]) *

(نقز)  النون والقاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على دقة([19]) وخفّة وصِغَر. منه النَّقْز: الوَثْب. ونواقز الظَّبْي: قوائِمُه. ونَقَزُ النّاسِ: أرذالُهم. والنَّقَز: الرَّجُل الرَّدِيّ والنُّقَاز: داءٌ يأخذ الغنم فيَقْلَقُ عنه ولا يستقِرّ. والنَُّقَّاز: صِغار العَصافِير.

(نقس)  النون والقاف والسين أصَيلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء غير حَسَن. ونَقَسته: عِبْته، كأنَّك لطَخْتَه بشيءٍ قبيح. وأصلُه نِقْس المِداد، والجمع أنقاس.

(نقش)  النون والقاف والشين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ واستيعابِه حَتَّى لا يُتركَ منه شيء؛ ثم يقاس ما يقاربه. منه نَقْش الشَّعَْر بالمِنقاش وهو نَتْفُه. ومنه المناقَشة: الاستقصاء في الحساب حَتَّى لا يُتركَ منه شيء. وفي الحديث: "مَن نُوقِشَ في الحساب عُذِّبَ". ويقال: شَجَّةٌ منقوشةٌ: تُنقَشُ منها العظام، أي تُستَخرَج. ويقال: نقَشْتُ مَرْبِضَ الغَنَم: نقَّيتُه من الشَّوْك. والنَّقيش: المتاع المتفرِّق، كأنَّه انتُقِشَ بعضُه من بعض، أي فارق بعضُه بعضاً. ومن الباب: نقْشُ الشَّيء: تحسينه، كأنَّه ينقُشُه، أي يَنفِي عنه معايِبَه ويحسِّنُه.ثم يستعار هذا فيقال: نقشت العِذْق([20]). وهو أنْ تَضرِبَه بالشَّوك حتى يُرْطِبَ. ويقولون: جادَ ما انتقَشْتَ هذا، أي ما اختَرْتَه. وهذا نَقِيشُ هذا، أي مثلُه. وما للهِ([21]) ضِدٌّ ولا نَقِيش، أي ما له مَن يماثِلُه في صورتِه ونَقْشِه.

(نقص)  النون والقاف والصاد كلمةٌ واحدة، هي النَّقْص: خِلاف الزيادة. ونَقَصَ الشيءُ، ونَقَصْتُه أنا، وهو مَنْقوص. والنَّقيصَة: العَيب؛ يقال ما به [نقيصةٌ، أي] شيء ينقُص. ومَرجِعُ البابِ كلِّه إلى هذا.

(نقض)  النون والقاف والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على نَكْثِ شَيء، وربما دلَّ على معنىً من المعاني على جنسٍ من الصَّوت. ونَقَضْتُ الحبلَ والبِناءَ. والنَّقيض: المنقوض، ولذلك يقال للبعير المهزول نِقْضٌ، كأنَّ الأسفارَ نَقَضَتْه؛ وجمعه أنقاض. والمُنَاقَضَة في الشِّعر من هذا، كَأنَّه يريد أن ينقُضَ ما أَرَّبَهُ صاحبهُ. ونَقْضُ العَهدِ منه أيضاً. والنِّقْض: مُنْتَقَضُ الكمأة من الأرض([22]) إذا أردتَ أن تُخرِجَها. نَقضْتُها نقضاً. وانتقضت القَرْحة، كأنَّها كانت تلاءمت ثم انتقَضَت.

أمَّا الصَّوت فيقال لصوتِ المَفاصل نَقِيضها؛ وهو قريبٌ من الأوّل، لأنَّها كأنّها تَنْتَقِض فيسمع لها صوتٌ عند ذلك. وأنقَضَت الدَّجاجة: صوَّتت. والإنقاض: زجر القَعود. قال:

ربَّ عجوزٍ من أُناسٍ شَهْبَرَهْ([23]) *** عَلَّمْتُها الإنقاضَ بَعْدَ القَرْقَرَهْ([24])

يقول: سَرَقتُ بعيرَها التي كانت تُقرقِر به وتركتُ لها بَكْراً تُنْقِضُ به.

(نقط)  النون والقاف والطاء أُصيلٌ يدلُّ على نُكتةٍ لطيفةٍ في الشيء. يقال للقطعة من النَّخْل: نُقْطة. ويقال: إنَّه تشبيهٌ في القِلَّة بالنُّقطة.

(نقع)  النون والقاف والعين أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على استقرارِ شيءٍ كالمائعِ في قراره، والآخر على صوتٍ من الأصوات.

فالأوّل نَقَع الماء في مَنْقعه: استقرّ. واستَنْقع الشيءُ في الماء. والنَّقُوع: ما نُقِع في الماء، كدواءٍ([25]) أو نبيذ. والمِنْقَع ذلك الإناء. والمِنْقَع([26]) كالقُدَيرة للصَّبيّ يُطرح فيه اللَّبن ويُطعَمه. ويقال له مِنْقَع البُرَم، ويكون من حجارة. والنَّقيع: شراب* يتَّخَذ من زَبيب، كأنَّ الزَّبيب يُنقَع لـه. والنَّقِيع: الحَوْض يُنقَع فيه التَّمر. والنَّقِيع والنَّقْع: الماء الناقع. وماءٌ ناقعٌ كالنَّاجع، كأنَّه استقرَّ قرارَه فكَسَر الغُلَّة. وكذلك النَّقُوع. والنَّقيع: البئر الكثيرة الماء. ونَقْع البئر الذي جاء في الحديث: ماؤها، كأنها قرارٌ له. والأنقوعة: وَقْبَةُ الثَّرِيد. وقولهم: "هو شَرَّابٌ بِأَنْقُعٍ"، أي مُعاوِدٌ للأمر مرَّةً بعد مرة. كذا يقولون، ووجهه عندنا أنَّ الطَّائر الحَذِر لا يَرِدُ المَشارِعَ حذَراً على نَفْسه، لكنَّه يأتي المناقع يَشْرَبُ ليَسْلَم؛ وكذلك الرّجُل الكيِّس الحَذِر، لا يتقحَّمُ إلاَّ مواضعَ السَّلامةِ في أُموره. والنَّقيعة: المحض من اللَّبن. فأمَّا النقيعة فقال قومٌ: ما يُحْرَزُ من النَّهْب قبل القَسْم. قال الشاعر:

إنَّا لنضرِبُ بالسُّيوف رؤوسَهُمْ *** ضَرْبُ القُدَارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ([27])

ويقال: بل النَّقيعة: الطَّعام يُتَّخَذ للقادم من السفر، كأنّه إذا أُعِدّ لـه فقد نقع أي أُقِرّ. وهذان الوجهان أحسَنُ ما قيل في ذلك، لأنَّهما أقْيَس. ويقولون: النَّقيعة: الجَزُور تُنقَع عَن عدّة إبل، كالفَرَعةِ تُذبَح عن غَنَم.

وأمَّا الأصل الآخر فالنَّقيع: الصُّرَاخ، وهو النَّقْع أيضاً. ونقَعَ الصوتُ: ارتفَعَ. قال:

فمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صادقٌ  *** يَحلِبُوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ([28])

ويقال: النَّقع: صوت النّعامة. والنّقَّاع: الرَّجُل يَتكثَّر بما ليس عنده، كأنه يَصيح به.

وأمَّا قولهم: انتُقعَ لونُه، فهو من الإبدال، والأصل امْتُقعَ، وقد  ذَكَر [نا] هُ.

ـــــــــــــــ

([1])  التكملة من المجمل.

([2])  في الجمهرة (3: 164).

([3])  في الأصل: "وكأن".

([4]) البيت للمفضل النكري، كما في اللسان (محق) الأصمعيات 54، وهو في المجمل (محق، نقل) بدون نسبة. وقد سبق في (محق).

([5]) فيما سبق: "يقلب صعدة".

([6]) في الأصل: "ونقيب"، صوابها من المجمل.

([7]) في الأصل: "الضعيف"، تحريف. وفي المجمل: "يفعله اللئام لئلا يدل عليهم الأضياف بصوته".

([8]) في الأصل: "الخوف"، صوابه في المجمل واللسان. وزاد في اللسان: "ورأسها من داخل".

([9]) لدريد بن الصمة، في اللسان (نقب) وأمالي القالي (2: 161) والبيان (1: 107) والأغاني

(13: 130).

([10]) لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (نقب، أقط).

([11]) في الأصل: "ومعينهم"، صوابه في المجمل واللسان.

([12])  في الأصل: "النقب".

([13])  في الأصل: "نقحت عن العصا".

([14])  في الأصل: "وتنقح"، تحريف، وأثبت ما في المجمل.

([15])  التكملة من المجمل.

([16])  في المجمل: "اغتبته وعبته".

([17])  منقر، كمنبر، ومنقر أيضاً بضم الميم والقاف.

([18]) لذؤيب بن زنيم الطهوي، في اللسان (نقر) وإصلاح المنطق 259، 480 ونوادر أبي زيد 119. وصدره:

* لعمرك ما ونيت في ود طيء *

ورواية النوادر: "عن شيء عناني".

([19]) في الأصل: "رق".

([20])  في الأصل: "الغدق".

([21])  في الأصل: "ما له"، صوابه من المجمل.

([22]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "منتقض الأرض من الكمأة".

([23]) في الأصل: "الأنقاض والقرقرة"، صوابه في المجمل واللسان.

([24]) الرجز لشظاظ الضبي اللص، كما في اللسان (نقض). ورواية اللسان: "عجوز من نمير"، ورواية الأصل تطابق رواية المجمل.

([25])  في الأصل: "لدواء"، وأثبت ما في المجمل.

([26])  ويقال منقعة أيضاً، كما في المجمل واللسان.

([27])  لمهلهل في اللسان (قدر، نقع، قدم)، كما سبق في حواشي (قدم) حيث أنشد البيت من قبل.

([28]) للبيد في ديوانه 15 طبع 1881 واللسان (نقع).

 

ـ (باب النون والكاف وما يثلثهما)

(نكل)  النون والكاف واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مَنعٍ وامتناع، وإليه يرجع فروعه. ونَكَل عنه نُكولاً يَنكِل. وأصل ذلك النِّكْل: القَيْد، وجمعه أنكال، لأنَّه يَنْكُل: أي يَمنَع. والنِّكْل: حديدة اللِّجام. وهو ناكلٌ عن الأمور: ضعيفٌ عنها. وقال ابن دُريد: رماه [اللهُ بنُكْلِهِ وبِنُكلَةٍ، أي رماه بما([1])] ينكِّله.

ومن الباب نَكَّلت به تنكيلاً، ونَكَّلت به نَكالاً، وهو ذلك القياس، ومعناه أنّه فَعَل به ما يمنَعُه من المعاودة ويمنع غيرَه من إتيانِ مثلِ صَنيعِه. وهذا أجْوَدُ الوجهين. ويقال: المَنْكَل: الشَّيء الذي ينكِّل بالإنسان. قال:

* وارْمِ عَلَى أقفائِهِمْ بمَنْكَلِ([2]) *

فأمَّا الحديث: "إنّ الله تعالى يحبُّ النَّكَلَ على النَّكَل"، فإنَّ تفسيره في الحديث أنَّه الرّجل القويُّ المجرَّب، على الفرس القويّ المجرَّب. وهذا للتَّفسير الذي جاء فيه، وليس هو من الأصل الذي ذكرناه.

(نكه)  النون والكاف والهاء كلمةٌ واحدة، وهي نَكْهةُ الإنسان. واستَنكَهْتُه: تشمَّمْتُ رِيحَ فمِه. ويقولون وما أدري كيف هو: إنَّ النُّكَّهَ من الإبل: التي ذهَبَتْ أصواتها من الضَّعف. قال:

* بعد اهتضامِ الراغِياتِ النُّكَّهِ([3]) *

(نكب)  النون والكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيْل أو مَيَلٍ في الشَّيء. ونَكَب عن الشَّيء يَنكُبُ. قال الله تعالى: {عَن الصِّراطِ لَناكِبُون([4])} [المؤمنون 74]. والنَّكباء: كلُّ ريح عَدلَتْ عن مَهبِّ الرِّياح الأربع. قال:

لا تَعدِلَنّ أَتَاوِيِّين تَضربُهُمْ *** نَكباءُ صِرٌّ بأصحاب المُحِلاّتِ([5])

والأنكَب: الذي كأنَّه يمشي في شِقّ. والمَنْكِبُ: مُجتَمَع ما بين العَضُد والكَتِف، وهما مَنكِبان، لأنَّهما في الجانبين. والنَّكَبُ: داءٌ يأخذ الإبلَ في مناكبها فتَظلَعُ منه. والمَنْكِب: عَون العَرِيف، مشبَّه بمنكب الإنسان، كأنَّه يقوِّي أمرَ العَرِيف كما يتقوَّى بمَنكِبِه الإنسان.

(نكت)  النون والكاف والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على تأثيرٍ يسيرٍ في  الشيء* كالنُّكتة ونحوِها ونكت في الأرض بقَضِيبهِ ينكُت، إذا أثَّر فيها. وكلُّ نُقطةٍ نُكْتَة.

ومن الباب رُطَبةٌ منَكِّتة: بدأ الإرطاب فيها، كأنَّ ذلك كالنُّقَط. والنّاكِت بالبَعير: شِبه الحازِّ، وهو أنْ ينكُت مِرْفَقُه حرفَ كِركِرته.

ومما يقاس على هذا قولهم: نكَتُّه، إذا ألقيتَه على رأسه فانتكَتَ، ولعل ذاك من أثرٍ يؤثِّره في الأرض.

(نكث)  النون والكاف والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نقض شيء. ونكثَ العهد ينكُثُه نَكْثاً. وانتَكَثَ الشّيءُ: انتَقَض. وقال قولاً لا نَكِيثَةَ فيه، أي لا خُلْف. ومنه: طَلَب حاجةً ثم انتكثَ لأُخْرَى. كأنه نقض عَزْمَه الأوّل. والنِّكْث: أن تُنقَضَ أخلاقُ الأكسية وتُغْزَلَ ثانية، وبها سمِّي الرَّجلُ نِكْثاً. والنَّكيثَةُ: خُطَّةٌ صَعبة يَنكُثُ فيها القَومُ. قال طرفة:

* مَتَى يَكُ أمرٌ للنَّكيثةِ أَشْهَدِ([6]) *

(نكح)  النون والكاف والحاء أصلٌ واحد، وهو البِضاع. ونَكَحَ يَنْكِحُ. وامرأةٌ ناكِحٌ في بني فلان، أي ذات زَوجٍ منهم. والنِّكاح يكون العَقدَ دونَ الوطء. يقال نَكَحْتُ: تَزَوّجْتُ. وأنكَحْتُ غَيرِي.

(نكد)  النون والكاف والدال أُصَيل يدلُّ على خُروجِ الشَّيء إلى طالِبِه بِشدّة. وهذا مَطلَبٌ نَكِدٌ. ورجلٌ نَكِدٌ ونَكَدٌ([7]). ويقال: نَكَدَ الغُراب([8]):  استَقْصَى في شَحِيجِه، كأنَّه يَقِيء. وناقةٌ نَكْدَاءُ: لا لبَنَ فيها.

(نكر)  النون والكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف المعرفة التي يَسكُن إليها القَلب. ونَكِرَ الشَّيءَ وأنكَره: لم يَقْبَلْه قلبُه ولم يعترِفْ به لسانُه. قال:

وأنكرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْ *** مِنَ الحوادثِ إلاَّ الشَّيبَ والصَّلَعا([9])

والباب كلُّه راجعٌ إلى هذا. فالنُّكْر: الدَّهْي. والنَّكْراء: الأمر الصعب الشَّديد. ونَكُرَ الأمرُ نَكَارةً. والإنكار: خِلاف الاعتراف. والتنكُّر: التَّنقُّل من حالٍ تَسُرُّ([10]) إلى أخرى تُكْرَه. ويقولون لما يخرج من الحُِوَلاءِ([11]) [من([12])] دمٍ وما أشبهه: نَكِرَة.

(نكز)  النون والكاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على غَرْزِ شيء ممدَّد في شيء. يقال: نكَزْتُه بالحديد أنكُزُه، وذلك كالغَرْز. ونَكَزَت الحيّةُ بأنْفِها. ومنه: نكزَ الماءُ: غاضَ، كأنَّه كالشَّيء يدخُل في الأرض. وبئرٌ ناكزٌ: غارَ ماؤُها. وأنكَزَها أصحابُها. وهذا على المعنى، كأنَّهم لمّا استقَوْا ماءها ظُنَّ بها أنَّ ماءها غارَ ونكَزَ في الأرض. قال ذو الرُّمّة:

على حِمْيَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها *** ذِمام الرَّكايا أنكزَتْها المواتحُ([13])

(نكس)  النون والكاف والسين أصلٌ يدلُّ على قَلْب الشّيء. منه النَّكْس: قَلبُك شيئاً على رأسه. والوِلاد المنكوس: أن يَخرُج رجلاهُ قَبْلَ رأسِه. والنِّكْسُ: السَّهم الذي ينكسر فُوقُه، فيُجعلُ أعلاه أسفلَه. ويقال للمائق: إنَّه لنِكْسٌ، تشبيهاً بذلك. والمُنَكِّس من الخيل: الذي إذا جرى لم يَسْمُ برأسهِ ولا هادِيهِ من ضَعفه.

(نكش)  النون والكاف والشين كلمةٌ تدلُّ على الأتْيِ على الشَّيء. يقال: أتَوا على عُشب فنكَشُوه. ويقولون: هو بحرٌ لا يُنكَش، كما يقولون: لا يُنْزَف.

(نكص)  النون والكاف والصاد كلمةٌ. يقال: نَكَصَ على عَقبَيه، إذا أحجَمَ عن الشَّيءِ خوفاً وجُبناً. قال ابن دريد([14]): نكَصَ على عَقِبيه: رجَع عمَّا كان عليه من خَير؛ لا يقال ذلك إلاَّ في الرُّجوع عن الخَير.

(نكظ)  النون والكاف والظاء كلمة واحدة. يقال النَّكظ: الدَّفع والعَجَلة. قال:

[قد] تجاوزتُها على نَكَظِ المَيْـ *** ـطِ إذا خَبَّ لامعاتُ الآلِ([15])

قال ابن دريد: أنكَظته([16]) إنكاظاً، ونَكَظْتُه نكظاً، إذا أعجلتَه.

(نكع)  النون والكاف والعين أصلانِ: أحدهما يدلُّ على لونٍ من الألوان، والآخر على* حَبْسٍ وردّ.

فالأوّل: الأنكع: الأحمر المتقشِّر الأنف. يقال منه نَكِع. ونَكَعَة الطُّرْثُوت من أعلاه إلى قدر إصبع، عليه قِشرة حمراء. وشَفَة([17]) نَكِعة، شديدة الحمرة.

ومن الأصل الآخر: نكعَهُ حَقَّه، إذا حَبَسه([18]) عنه. ونكَعه عنه: دَفَعه. ونكعتُه بالسَّيف وغيرِه: دفعتُه. ونكَعْتُه عن حاجته رددتُه عنها. ومنه نكعته الشيء مثل نَقَصْتُه، كأنَّك دفعتَه عن إكماله أكلاً وشُرْباً.

ومن الباب النَّكُوع: المرأة القصيرة، والجمع نُكُع، كأنَّها حُبِست عن أن تطول. ورجلٌ هُكَعة نُكَعة: يثبت مكانَه لا يبرح، وهو من الحَبْس أيضاً.

(نكف)  النون والكاف والفاء أصلان: أحدُهما يدلُّ على قطع شيء وتنحيته، والآخر على عضوٍ من الأعضاء، ثم يقاس عليه.

فالأوّل النَّكْف: تنحِيتُك الدُّموعَ عن خدِّكَ بإصبعك. ويقولون: رأينا غيثاً ما نكَفَه أحدٌ سار يوماً ولا يومين. يقول: ما قَطَعه. وبَحرٌ لا يُنْكَف، مثل لا يُنْزَح، والانتكاف، خُروجٌ من أرضٍ إلى ارض، أو أمرٍ إلى أمر. تقول: أراد هذا وانتكَفَ فأراد هذا، كأنَّه قطع عزْمَه الأوّل. وانتكف الأثرَ: وجَدَه.

والأصل الآخر النَّكَف: جمع نَكفَة، وهي غُدّةٌ في أصل اللَّحْي. يقال: إبلٌ مُنكِّفة: ظهرت نَكَفاتُها.

ثم قِيسَ على هذا فقيل: نَكِف من الأمر([19]) واستنكف، إذا أنِفَ منه. معنى القِياس في هذا أنَّه لما أنِفَ أعْرَضَ عنه وأراهُ أصل لَحْيِه، كما يقال أعْرضَ إذا ولاَّه عارِضَه وتركَ مواجَهَتَه. والأَنِفُ من هذا، كأنَّه شَمَخَ بأنْفِه دُونَه. والقياس في جميع هذا واحد. والله أعلم بالصَّواب.

ـــــــــــــــ

([1]) التكملة من المجمل. والذي في الجمهرة (3: 170): "والنكلة، من قولهم نكل به نكلة قبيحة، كأنه رماه بما ينكله".

([2]) الرجز لرياح الهذلي، كما في بقية أشعار الهذليين 71 وحواشي الجمهرة (3: 170).

وأنشده في المجمل واللسان (نكل) بدون نسبة. وصواب روايته: "فارم" كما في البقية واللسان لأن قبله:

* يا رب أشقاني بنو مؤمل *

وبعده:             * بصخرة أو عرض جيش جحفل *

([3]) لرؤبة في ديوانه 166 والمجمل واللسان (نكه).

([4]) في الأصل: "وهم عن الصراط لناكبون"، تحريف وهي الآية 74 من سورة المؤمنين، وهي: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط  لناكبون.

([5]) سبق إنشاده في (أتي). وانظر الحيوان (5: 97) والبيان (3: 43) واللسان (حلل، أتو).

([6])  من معلقة طرفة. وصدره:

* وقربت بالقربى وجدك إنه *

([7]) ويقال نكد أيضاً، بالفتح، وأنكد.

([8]) ذكر في القاموس، ولم يذكر في اللسان.

([9]) للأعشى في ديوانه 72 واللسان (نكر).

([10]) في الأصل: "تستر".

([11]) الحولاء، بضم الحاء وكسرها مع فتح الواو، هي من الناقة كالمشيمة للمرأة، وهي جلدة ماؤها أخضر تخرج مع الولد. وفي الأصل: "من الجولا"، صوابه في المجمل واللسان.

([12]) التكملة من المجمل واللسان.

([13]) ديوان ذي الرمة 103 واللسان (نكز، ذمم).

([14]) الجمهرة (3: 86).

([15])  للأعشى في ديوانه 6 والمجمل واللسان (نكظ). والتكملة في أول البيت من هذه المراجع.

([16])  في الأصل: "أنكظه"، صوابه من الجمهرة (3: 124).

([17])  في الأصل: وشفعة"، صوابه في المجمل واللسان.

([18])  في الأصل: "تحبسه"، صوابه في المجمل.

([19])  يقال نكف من الأمر، وعن الأمر أيضاً.

 

ـ (باب النون والميم وما يثلثهما)

(نمي)  النون والميم والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاع وزِيادة.

ونمَى المالُ ينمِي: زاد. ونَمَى الخِضَابُ يَنْمِي ويَنُمو، إذا زاد حمرةً وسواداً. وتنمَّى([1]) الشَّيء: ارتفعَ من مكانٍ إلى مكان. قال:

يا حُبَّ ليلَى لا تغيَّرْ وازدَدِ *** وانمِ كما يَنْمِي الخضابُ في اليَدِ([2])

وانتمَى فلانٌ إلى حَسبِهِ: انتسَب. ونَمَّيْتُ الحديثَ: أشعتُه، ونَمَيْتُه بالتخفيف، والقياس فيهما واحد. والنَّاميَة: الخَلْق، لأنَّهم يَنْمُون، أي يزيدون: وفي الحديث: "لا تَمْثُلُوا بنامِيَةِ الله". ويقال: نمَّيتُ النار. إذا ألقيتَ عليها شَيُوعاً. ويقال: نَمَتِ الرّمِيّةُ، إذا ارتفعَتْ وغابت ثم ماتت، وأنْماها صاحِبُها. قال:

فهي لا تَنْمِي رمِيَّتُه *** ما لَه لا عُدَّ من نَفرِهْ([3])

وفي الحديث: "كل ما أصْمَيْتَ ودع ما أنميت".

(نمر)  النون والميم والراء أصلانِ: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر يدلُّ على نُجوعِ شراب.

فالأوَّل النَّمِر، معروف، من اختلاط السَّواد والبياض في لونِه، غير أنَّ البياضَ أكثر. ومن النَّمر اشتُقَّ لون السَّحاب النُّمْر، وكذلك النَّعَم النُّمْر فيها سواد وبياض. وكذلك النَّمِرَة، إنما هي كساءٌ ملوَّن مخطَّط. وتنمَّر لي فلانٌ: تهدَّدني. وتحقيقُه لَبِس لي جلد النَّمِر.

والأصل الآخر النَّمير، وهو الماء العَذْبُ النّامِي في الجسدِ الناجعُ. ثم يستعار فيقال [حَسَبٌ([4])] نَمِيرٌ، أي زاكٍ.

(نمس)  النون والميم والسين ثلاثُ كلمات: إحداها تدلُّ على سَتْرِ شيء، والأخرى على لونٍ من الألوان، والثالثة على فسادِ شيءٍ من الأشياء. فالأولى النَّاموس: وهو صاحب سِرِّ الإنسان. ونَمَسَ: قالَ حديثاً في سِرّ وستر. والنَّاموس: قُتْرَة الصَّائد. وفي مُصَنَّف الغريب: النَّاموس جَبْرَئِيل عليه السلام. والأصل كلُّه واحد. ونامَسْتُ فلاناً منامسةً: سارَرْته وجعلتُه موضعاً لِسرِّي. قال ابن دُرَيد: وكلُّ شيءٍ سترتَ به([5]) شيئاً فهو ناموسٌ له.

والثالثة* النَّمَس: الكَدَر([6]) في اللَّون. يقال القطا النُّمْس، لأنَّ في لونها كُدْرة. والنَّمَس: فسادُ السَّمْنِ والغالية وكلِّ طِيب. والنِّمْس: دُوَيْبَّة، سمِّيت للونها. فأمَّا قول حميد([7]):

* كتَواهُقِ النِّمْسِ *

فيقال: إنّه أراد هذه الدّوابّ. ورواه أبو سَعِيد: "النُّمْس"، قال: وهي القَطا جمع أنْمَس.

(نمش)  النون والميم والشين أصلٌ يدلُّ على تخطيطٍ في شيء. منه النَّمَش، وهي خُطوط النُّقوش، والنَّعت نَمِشٌ. ومن الباب النَّمْش كما يفعله العابثُ([8]) إذا التقط شيئاً وخَطَّط بأصابعه. قال:

* قلتُ لها وأُولِعَتْ بالنَّمْشِ([9]) *

ونَمَشَ الجرادُ الأرضَ: جَرَدَها.

(نمص)  النون والميم والصاد أُصَيلٌ يدلُّ على رِقّة شَعَْرٍ أو نتف لـه. فالنَّمَص: رِقَّة الشَّعر. والمِنْماص: المِنْقاش. وشعرٌ نميصٌ، ونبتٌ نميصٌ: نتفَتْه الماشيةُ بأفواهها.

(نمط)  النون والميم والطاء كلمةٌ تدلُّ على اجتماع. والنَّمَط: جماعةٌ من الناس. وفي الحديث([10]): "خير هذه الأمَّة النَّمَط الأوسط، يَلْحَقُ بهم([11]) التَّالي ويرجع إليهم الغالي".

(نمغ)  النون والميم والغين كلمةٌ تدلُّ على أعلى شيء. ونَمغَة الجبل: أعلاه. والنَّمَغة: ما تحرَّكَ من يافوخ الصَّبِيّ أوّلَ ما يُولَد.

(نمق)  النون والميم والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على تحسينِ شيء وتجويده. ونَمَقْتُ الكتاب ونَمَّقْتُه: نقَشتُه وصَوَّرْتُه. قال:

كأنَّ مَجَرَّ الرّامساتِ ذيولَها *** عليه قَضيمٌ نمَّقته الصَّوَانِعُ([12])

(نمل)  النون والميم واللام كلماتُه تدلُّ على تجمُّعٍ في شيء وصِغَرٍ وخِفَّة. منه النَّمل: جمع نَمْلة. وطعامٌ منمولٌ: أصابه النَّمل. وفرسٌ نَمِلُ القَوائِمِ: خفيفُها، كأنَّها شُبِّهَتْ بالنَّمْل. والنَّمْلة: قَرْحَةٌ تخرُج في الجَنْبِ، كأنَّها سمِّيَت بها لتفشِّيها وانتشارها، شبِّهت بالنَّملةِ ودَبِيبِها. والأَنْمُلَة: واحدة الأنامل، وهي أطراف الأصابع.

ويقولون وليس من هذا: إنَّ النَّمْلَة: شَقٌّ يكون في حافر الفرس من الأشْعَر إلى المَقَطّ.

ومما شذّ عن الباب النُّمْلة بالضم في النون والسكون في الميم([13]) هي النَّميمة. ويقال: نَمَل، إذا نَمَّ.

ـــــــــــــــ

([1])  في الأصل: "تمنى"، صوابه في المجمل واللسان. وشاهده قول القطامي:

فأصبح سيل ذلك قد تنمى  *** إلى من كان منزله يفاعا

([2])  هذه هي الرواية المشهورة كما نص ابن سيده. انظر اللسان. ويروى: "وانم كما ينمو".

([3])  لامرئ القيس في ديوانه 153 واللسان (نمى)، والرواية فيهما: "فهو لا تنمى".

([4])  التكملة من المجمل واللسان.

([5])  في الجمهرة (3: 52): "فيه".

([6])  في الأصل: "والكدر".

([7])  في المجمل: "جميل".

([8])  في الأصل: "العائب"، صوابه في المجمل.

([9])  وكذا ورد إنشاده في المجمل. وفي اللسان: "قال لها".

([10])  هو من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما في اللسان.

([11])  في الأصل: "بها"، وأثبت نص المجمل واللسان.

([12])  للنابغة الذبياني في ديوانه 50 واللسان (نمق، قضم) وقد سبق في (قضم).

([13])  هي مثلثة النون، ويقال في لغة رابعة "النميلة" كالنميمة وزناً ومعنىً.

 

ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون)

من ذلك (النّهْشَل): الذِّئب، ويقال الصَّقْر. وهو منحوتٌ من كلمتين: نَشَل ونَهَش، كأنَّه ينشل اللَّحم ويَنْهَشه، وقد فُسِّرا جميعاً.‏

ومن ذلك (النَّهابرِ): المَهَالِك. وهو منحوت من نَهَبَ ونَهَر. والنَّهْبُ من الانتهاب. ونَهَرَ من نهر الفَتْق، كأنَّه شيءٌ نهبَ ونَهَر وضَيَّع. وقد فسّرناه.‏

و (نَهْبَر) الرَّجل في كلامه: أتَى به على غير جهته، وهو من نهب، كأنَّه ينتهب الكلامَ، ومن نَهَرَ، كأنَّه يتوسَّع فيه.‏

ومنه (النَّهْبلَة) النَّاقة الضخمة. والنَّهْبَلة: العجوز. والنَّهبَل: الشَّيخ. وهذه مما زيدت فيه النون، والأصل هاء وباء ولام. يقولون للشَّيخ هِبِلّ، وللعجوز هِبِلَّة.‏

ومنه (النَّقرشة(1)): الحِسُّ الخفِيّ، كحِسِّ الفارة واليَربوع. قال:‏

* يا أيُّها ذَا الجُرَذُ المُنَقْرِشُ(2) *‏

وهي منحوتة من نقر وقرش ونَقَش، لأنَّه كأنه ينقُر شيئاً، ويَقْرُِشُه: يجمعه، وينقُشه كما يُنقَش الشَّيء بالمِنقاش.‏

ومنه (النِّقْرِس): الدَّاهية من الأدِلاَّء. ودليلٌ نِقرِس، وطبيب نِقْرِس ونِقريسٌ: حاذق. وهذا ممّا زيدت فيه السين، وأصله من النَّقْر، كأنه ينقر عن الأشياء، أي يبحث عنها.‏

ومنه (النَّقثَلة): مِشْيَةٌ يُثير فيها الرَّجُلُ التُّرابَ إذا مَشَى. قال:‏

* وتارةً أنبُثُ نَبْثَ النَّقْثَلَه(3) *‏

وهو منحوتٌ من كلمتين: نَقَثَ من النَّقْث: الإسراع في المَشْي، ومن نَقَل، مِن نَقْل القوائم. وقد فسَّرناهما فيما مضى.‏

ومنه (النُِّمْرُِقَة): الوِسادة. وهذا مما زيدت فيه القاف، إنَّما هي من النَّمِرَة وهي الكساء المخطَّط، وقد فسَّرناها، والله أعلم بالصواب.‏

(* تم كتاب النون)‏

ـــــــــــــــ

(1) وكذا في المجمل. ولم أجد مادة هذه الكلمة في المعاجم المتداولة.‏

(2) وكذا أنشده في المجمل، ولم أعثر له على مرجع آخر.‏

(3) لصخر بن عمير، كما في اللسان (نقثل)، وأنشده في المجمل بدون نسبة أيضاً. وقبله:‏

* قاربت أمشي القعولى والفنجله *‏

 

 

مراجع التحقيق والضبط

يضاف إلى المراجع المثبتة في نهايات الأجزاء السابقة:‏

أراجيز العرب، للبكري. طبع سنة 1313 القاهرة.‏

إعجاز القرآن، للباقلاني. طبع السلفية 1349 القاهرة.‏

بلوغ الأرب، للآلوسي. طبع الرحمانية 1343 القاهرة.‏

حياة الحيوان، للدميري. طبع صبيح القاهرة.‏

ديوان امرئ القيس. برواية الطوسي (مخطوط دار الكتب المصرية).‏

ديوان امرئ القيس. برواية خرابنداذ ( مخطوطة دار الكتب المصرية).‏

ديوان الزفيان. ملحق بديوان العجاج. طبع ليبسك 1903م.‏

ديوان أبي طالب. مخطوط الشنقيطي بدار الكتب المصرية.‏ 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق